المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌19 - باب النائب عن الفاعل - المساعد على تسهيل الفوائد - جـ ١

[ابن عقيل]

فهرس الكتاب

- ‌1 - باب شرح الكلمة والكلام وما يتعلق به

- ‌2 - باب إعراب الصحيح الآخر

- ‌3 - باب إعراب المعتل الآخر

- ‌4 - باب إعراب المثنى والمجموع على حده

- ‌5 - باب كيفية التثنية وجمعي التصحيح

- ‌6 - باب المعرفة والنكرة

- ‌7 - باب المضمر

- ‌8 - باب الاسم العلم

- ‌9 - باب الموصول

- ‌10 - باب اسم الإشارة

- ‌11 - باب المعرف بالأداة

- ‌12 - باب المبتدأ

- ‌13 - باب الأفعال الرافعة الاسم الناصبة الخبر

- ‌14 - بابُ أفعال المقاربة

- ‌15 - باب الأحرف الناصبة الاسم الرافعة الخبر

- ‌16 - باب لا العاملة عمل إنَّ

- ‌17 - باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر

- ‌18 - باب الفاعل

- ‌19 - باب النائب عن الفاعل

- ‌20 - باب اشتغال العامل عن الاسم السابق بضميره أو بملابسه

- ‌21 - باب تعدي الفعل ولزومه

- ‌22 - باب تنازع العاملين فصاعداً معمولاً واحداً

- ‌23 - باب الواقع مفعولاً مطلقاً من مصدر وما يجري مجراه

- ‌24 - باب المفعول له

- ‌25 - باب المفعول المسمى ظرفاً ومفعولاً فيه

- ‌26 - باب المفعول معه

- ‌27 - باب المستثنى

الفصل: ‌19 - باب النائب عن الفاعل

‌19 - باب النائب عن الفاعل

(قد يُتْركُ الفاعلُ لغرضٍ لفظي) - وذلك كالإيجاز، نحو قوله تعالى:"ذلك ومَنْ عاقب بمثل ما عُوقبَ به ثم بُغيَ عليه".

(أو معنوي) - وذلك نحو كون الفاعل معلوماً نحو: "وخُلِقَ الإنسانُ ضعيفاً".

(جوازاً) - كما إذا لم يكن ذلك في مثل ولا كلام جارٍ مجراه.

(أو وجوباً) - كأن يكون في أحدهما.

(فينوب عنه جارياً مجراه في كل ما له) - أي من الرفع، ووجوب التأخر عن الرافع، والتنزل منزلة الجزء منه، وعدم الاستغناء عنه.

(مفعول به) - نحو: ضرب زيدٌ.

(أو جار ومجرور) - نحو: غُضِبَ عليه.

(أو مصدر لغير مجرد التوكيد) - فإن كان لمجرد التوكيد لم يقم مقام الفاعل، فلا يقال في: ضل زيدٌ ضلالاً، ضُل ضلالً، لعدم الفائدة، بخلاف: قام زيدٌ في الدار قياماً طويلا، أو قومةً أو قومتين، لوجود الفائدة.

(ملفوظٌ به) - فتقول: قِيمَ في الدار قيامٌ طويلٌ، أو قومةً أو قومتان.

ص: 397

(أو مدلولٌ عليه بغير العامل) - نحو: بلى سير، لمن قال: ما سِيرَ سَيْرٌ شديدٌ. فلو دُل عليه بالعامل لم ينُبْ، إذ الفعل إنما يدل على الذي لمجرد التوكيد وهو لا ينوب ملفوظاً به، فكيف ينوب منوياً؟

(أو ظرفٌ مختص) - نحو: سير وقت طيبٌ، وجُلِسَ مكان حسنٌ، وخرج غيرُ المختص فلا يقال: سير وقتٌ، ولا جُلِسَ مكانٌ.

(متصرفٌ) - كما مُثل. وخرج ما لا يتصرف كسحر مُعيناً وثم، فلا يقال في: أتَيْتُ سحَر، وجلستُ ثم، أتى سحر، وجُلس ثمَّ.

(وفي نيابته غير متصرف أو غير ملفوظ به خلاف) - فأجاز الأخفش نيابة الظرف الذي لا يتصرف نحو: جُلِسَ عندك، وأجاز ابن السراج نيابة الظرف المنوي.

(ولا تُمنَع نيابةُ المنصوب لسقوط الجار مع وجود المنصوب بنفس الفعل) - فيجوز على هذا أن تقول في: اخترتُ زيداً الرجال، أي من الرجال: اختير الرجال زيداً، برفع الرجال ونصب زيد وبالعكس، وهذا مذهب الفراء، ومذهب الجمهور يُعينُ رفع زيد ونصب الرجال، ولم يتعرض المصنف في شرحه لهذه المسألة.

(ولا نيابةُ غير المفعول به) - أي من المصدر والظرف والجار والمجرور.

(وهو موجودٌ) - فيجوز: ضُرب بسوطٍ زيداً، وضُرب ضربٌ شديدٌ زيداً، وضُرب يوم الجمعة زيداً.

(وفاقاً للأخفش والكوفيين) - فمن ذلك قراءة أبي جعفر: "ليُجْزَى

ص: 398

قوماً بما كانوا يكسبون". وقال الأخفش في المسائل: تقول: ضُرب الضربُ الشديدُ زيداً، وضُرب اليومان زيداً، وضُرب مكانك زيداً. ونقل بعض النحويين أن الأخفش إنما يجيز نيابة غير المفعول به عند تقدمه على المفعول به، وهذه المثل المذكورة عنه كذلك، وعلى هذا لا يكون الأخفش كالكوفيين، وتكون المذاهب في المسألة ثلاثة: المنعُ مطلقاً، وهو قول جمهور البصريين، والجوازُ مطلقاً، وهو قول الكوفيين، والتفصيلُ بين أن يتقدم غيرُ المفعول به فيجوزُ إقامته، أو يتأخر فيتعين المفعول به، وهو مذهبُ الأخفش.

(ولا تُمنع نيابةُ غير الأول من المفعولات مطلقاً) - أي سواء كان من باب أعطى أو ظن أو أعلم فتقول: أعطي زيداً درهمٌ، وظُن زيداً قائمٌ، وأعْلِم زيداً عمراً قائمٌ، وأُعْلِمَ زيداً كبشُك سميناً، وأما الأول فتجوز إقامته مطلقاً.

(إن أمِنَ اللبسُ) - وذلك كما مثل، فإن خِيفَ لبْسٌ تعين إقامةُ الأول نحو: أعطيَ زيدٌ عمراً، وكذا الباقي.

(ولم يكن جملة أو شبهها) - فإن كان تعين الأول نحو: ظن زيدٌ أبوه منطلقٌ.

(خلافاً لمن أطلق المنع في باب ظن وأعلم) - فقال ابن هشام الخضراوي وابن عصفور والأبدي: لا يجوز في باب أعلم إلا إقامة الأول. وزعم ابن هشام وابن أبي الربيع أنه لا تجوز إقامةُ الثالث في باب أعلم اتفاقاً.

ص: 399

وقال الجزولي وغيره: لا يجوز في باب ظن إلا إقامةُ الأول، واختيارُ المصنف الجوازُ في ظن وأعلم كما سبق. وهو مذهبُ قوم، ووجهُهث القياسُ على جواز: أعطي درهمٌ زيداً، فإنه لا خلاف كما زعم المصنفُ في جوازه.

(ولا ينوبُ خبرُ كان المفردُ، خلافاً للفراء) - فأجاز في: كان زيدٌ أخاك: كِينَ أخُوك، وليس هذا من كلام العرب، وهو فاسدٌ لعدم الفئدة ولاستلزامه وجود خبر عن غير مذكرو ولا مُقدرٍ.

(ولا مُميز، خلافاً للكسائي) - فأجاز في: امتلأت الدارُ رجالاً: امتليء رجالٌ، وحكى: خذه مطيُوبهُ به نفس، ومنع ذلك البصريون والفراء.

(ولا يجوز: كين يُقامُ، ولا جُعلَ يُفعلُ، خلافاً له وللفراء) - أي للكسائي، فيجوزُ عندهما في: كان زيد يقوم: كين يقام، ببناء كل من الفعلين، وكذلك: في: جَعل زيدٌ يفعلُ، جُعل يُفعل، ببنائهما، ثم قيل في كل من الفعلين ضمير مجهول، وقيل لا تقدير فيهما، بل ترك من الأول فلزم تركه من الثاني، لأنهما فعلان لاسم واحد، وجعل هذه من أفعال المقاربة فلها حكم كان لأنها من أخواتها، ولا يجوز شيء من ذلك عند البصريين.

(فصل): (يُضم مطلقاً) - أي سواء كان الفعل ماضياً أو مضارعاً.

(أول فعل النائب) - فتقول: ضُرب ويُضربُ.

(ومع ثانيه إن كان ماضياً مزيداً في أوله تاء) - فتقول: تُعجب وتجوهر وتُشوطن وتُضورب، بضم الأول والثاني، وقُلبت الياء في تُشيْطن،

ص: 400

والألف في تضارب واواً، كما قلبتا في بيطر وضارب حين تقول: بُوطر وضُورب.

(ومع ثالثه إن افتتح بهمزة وصل) -فتقول: انطلق بضم الأول والثالث.

(ويحرك ما قبل الآخر لفظاً إن سلم من إعلال وإدغام) - وذلك كالأمثلة السابقة جميعها.

(وإلا فتقديراً) - فتقول: قِيمَ ورُد ويُقام ويُرد، بسكون ما قبل الآخر لفظاً وهو محرك تقديراً.

(بكسر إن كان الفعل ماضياً، وبفتح إن كان مضارعاً) - أي حرك ما قبل الآخر لفظاً أو تقديراً بالكسر في الماضي، والفتح في المضارع، وذلك كما سبق تمثيله.

(وإن اعتلت عينُ الماضي ثلاثياً) - نحو: قال وباع، وخرج بقوله: اعتلت: عور وصيد ونحوهما مما العين فيه حرف علة ولم تعتل بل صحتْ، فحكم هذا كحكم الصحيح، فتقول: عُورَ في المكان، وصُيد فيه، وكذلك اعتور في المكان.

(أو على انفعل) - نحو: انقاد.

(أو افتعل) - نحو: اختار.

(كُسر ما قبله بإخلاص) -فتقول: قيل وبيع وانقيد واختير، بكسر ما قبل العين كسرة خالصة من إشمام الضم. وأصل قيل قول فنقلت كسرةُ

ص: 401

الواو لاستثقالها عليها إلى القاف بعد تقدير حذف حركتها، فانقلبت الواوُ ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، كما فُعل في ميزان، وأصل بيع بُيع فنقلت كسرة الياء لاستثقالها عليها إلى الياء بعد تقدير حذف حركتها، وأصل انقيد انقُود ففُعِلَ فيه ما فُعل في قيل، وأصلُ اختير اختير ففعل فيه ما فعل في بيع.

(أو إشْمام ضَمِّ) - فيكسر ما قبل العين بإشمام الضم، وقُرئ في السبعة بهذا الوجه والذي قبله نحو:"وقيل يا أرضُ ابلعي ماءك"، "وغيض الماء". وليس المراد بالإشمام هنا ما يراد به في الوقف من ضم الشفتين من غير صوت، لأن هذا غير ممكن في الوصل، وإنما المراد به هنا شوْبُ الكسرة شيئاً من صوت الضمة، ولهذا قيل إنه ينبغي أن يسمى هذا روْماً. لكن عبارة المتقدمين أنه إشمام، وهذا التفسير الذي ذكرته هنا هو معنى ما فسر به ابن خروف الإشمام هنا في عبارة سيبويه، ويدل عليه قول سيبويه في بعض أبواب الجر: وسمعنا من العرب من يُشمُّ الضم.

(وربما اخلص ضماً) - فيقال: قول وبوع، فتسلم العين التي هي واو لسكونها بعد مجانسها، وتُقلب التي هي ياء واواً لسكونها بعد ضمة، وهي لغة فقعس ودُبير وهما من فصحاء بني أسد، وهي موجودة في لغة هذيل.

ومقتضى كلام المصنف جوازُ هذه اللغات الثلاث في انقاذ واختار

ص: 402

ونحوهما، وهو موافق لما نقله ابن عصفور والأبدي، وزعم بعض المتأخرين من المغاربة أنه لا يجوز في الزائد على ثلاثة إلا النقل نحو: اختير وانقيد، وهي اللغة الأولى.

(ويُمنع الإخلاص عند خوف اللبس) - فإذا قلت في بيع العبدُ بعت، يعني العبد، بإخلاص الكسر، وفي عُوق الطالب عقت، يعني الطالب بإخلاص الضم، لم يعلم كون المخاطب مفعولاً، بل المتبادر إلى الفهم كونه فاعلاً، والمراد كونه مفعولاً. قال المصنف: ولا يفهم ذلك إلا بإشمام، فوجب التزامه في مثل هذا، وفي تعيينه الإشمام لإزالة اللبس المذكور نظر من جهة أن اللبس كما يزول في مثل هذا بالإشمام يزول أيضاً بإخلاص الضم فيما عينه ياء، والكسر فيما عينه واو، وعبارته في الألفية تعطي ما ذكرناه، إذ قال:

وإن بشكل خيفَ لبسٌ يجتنب

وكلامه في الأصل لا يأباه، على أن ما ذكره من اعتبار إزالة اللبس لم يتعرض له سيبويه رحمه الله بل أجاز في هذا النوع مسنداً إلى ضمير المتكلم والمخاطب ونون الإناث الأوجه الثلاثة السابقة.

(وكسرُ فاء فُعل ساكن العين لتخفيفِ أو إدغامٍ لغة) - فإذا قلت في عُلِمَ عُلْمَ بسكون العين للتخفيف فقد حكى عن قطرب إجازة كسر الفاء فتقول علم، وجعله المصنف من النقل بعد التخفيف، وكأنه لما سكنت العين نُقلت حركتها إلى الفاء، ومذهبُ الجمهور أنه لا يجوز كسرُ الفاء إذا سكنت العينُ

ص: 403

تخفيفاً، وأما كسر الفاء إذا سكنت العينُ لإدغام فأجازه بعض الكوفيين، وقال الجمهور: لا يجوز إلا الضم، والصحيح الأول، وهي لغة بعض بني ضبة وبعض تميم ومن جاورهم، وقد قرأ علقمة:"رِدَّت إلينا"، "ولو ردوا" بكسر الراء.

(وقد تشم فاء المدغم) - قال الهاباذي: من أشم في قيل وبيع أشم في رُد.

(وشذ في تفوعل تفيعل) - نحو: تغيفل في تغوفل.

(وما تعلق بالفعل غير فاعل أو مشبه به) - وهو اسم كان وأخواتها.

(أو نائب عنه) - وهو المفعول الذي لم يُسم فاعله.

(منصوب لفظاً) - كالمصدر والظرفين والمفعول به وله ومعه والحال والتمييز والمستثنى بشرط جواز نصبه.

(أو محلاً) - كالمجرور بزائد نحو: ما ضربتُ من أحدٍ، أو بغير زائد نحو: مررت بزيدٍ.

(وربما رُفع مفعولٌ به ونُصب فاعلٌ لأمن اللبس) - نحو: خرق

ص: 404

الثوبُ المسمار، وكسر الزجاج الحجر، ومنه قول النابغة:

(458)

على حين عاتبتُ المشيب على الصبا

أي عاتبني المشيبُ، وظاهر كلام المصنف أن ذلك جائز في الكلام على قلة عند أمن اللبس، وهو ظاهر كلام ابن العلج في البسيط، والذي صححه المغاربة أن قلب الإعراب لفهم المعنى إنما يجوز في الشعر حال الاضطرار.

(فصل): (يجبُ وصلُ الفعل بمرفوعه) - وهو الفاعل ونائبه واسم كان وأخواتها.

(إن خيف التباسُه بالمنصوب) - كأن يكونا مقصورين أو اسمي إشارة أو نحوهما، مما لا يظهر فيه إعرابٌ ولا دليل على تعيين الفاعل، فإذا قلت: ضرب موسى عيسى، أو ضرب هذا هذا، أو ضرب غلامي صاحبي، تعين كون الأول فاعلاً والثاني مفعولاً، كذا قال ابن السراج والجزولي ومتأخرو المغاربة، ويزول اللبس بقرينة معنوية كأكل موسى الكمثرى، أو لفظية كضربت سُعدى موسى، فيجوز تقديمُ المفعول.

(أو كان ضميراً غير محصور) - نحو: لقيتُ زيداً وأكرمتُه. واحترز بغير محصور من المحصور فإنه لا يجوز وصله، فتقولك إنما ضرب زيداً أنا.

(وكذا الحكم عند غير الكسائي وابن الأنباري في نحو: ما ضرب عمروٌ

ص: 405

إلا زيداً). فإذا حصر المفعول وجب وصل الفعل بمرفوعه وتأخير المفعول، وهذا مذهب قوم منهم الجزولي والشلوبين، وذهب البصريون والفراء والكسائي وابن الأنباري إلى جواز تقديم المفعول المحصور بإلا وحرف النفي فتقول: ما ضرب إلا زيداً عمرو، ومنه:

(459)

تزودت من ليلى بتكليم ساعة

فما زاد إلا ضعف ما بي كلامُها

(فإن كان المرفوعُ ظاهراً، والمنصوب ضميراً لم يسبق الفعل ولم يُحصر فبالعكس) - فيجب حينئذ وصل الفعل بالمفعول وتأخيرُ المرفوع فتقول: أكرمك زيدٌ، والدرهم أعطانيه عمرو، واحترز بظاهر من أن يكون المرفوع مضمراً، وقد سبق حكمه، وبضمير من أن يكون المنصوب ظاهراً فإنه لا يجب وصل الفعل به، فتقول: ضرب عمراً زيدٌ، وضرب زيدٌ عمراً، وبقوله: لم يسبق الفعل من نحو: إياك يكرمُ زيدٌ، والدرهم إياه أعطى زيدٌ عمراً، وبقوله: ولم يحصر من نحو: إنما يكرم زيدٌ إياكن وما يكرم زيدٌ إلا إياك، فإن الوصل المذكور ممتنع في ذلك كله.

(وكذا الحكم عند غير الكسائي في نحو: ما ضرب عمراً إلا زيدٌ) - فيجب عند غير الكسائي، وهم البصريون والكوفيون وقوم منهم ابن

ص: 406

الأنباري والجزولي والشلوبين، وصلُ الفعل بالمفعول، وتأخيرُ المرفوع إذا حُصر المرفوع بحرف النفي وإلا، ويجوز عنده تقديم المرفوع المحصور على الوجه المذكور، ومما استدل به قوله:

(460)

ما عاب إلا لئيم فعل ذي كرم

ولا هجا قط إلا جُبأ بطلا

وإذا جمعت بين المسألتين اللتين ذكرهما المصنف، أعني مسألة حصر المنصوب ومسألة حصر المرفوع على الوجه المذكور، خرج في جواز تقديم المحصور بحرف النفي وإلا ثلاثةُ مذاهب: الجوازُ مطلقاً وهو مذهبُ الكسائي، والمنعُ مطلقاً وهو مذهب قوم منهم الجزولي، والتفصيل بين كون الحصر في الفاعل فيجب تأخيره، وكونه في المفعول فيجوز تقديهم، وهو مذهب البصريين والفراء وابن الأنباري، وأما المحصور بإنما فيجب تأخيره مطلقاً، وحكى ابن النحاس الإجماع على ذلك، وفرق الكسائي بينه وبين المحصور بإلا بأن تقديم المحصور بإنما يوجب اللبس. والجُبأ بضم الجيم الجبان.

(وعند الأكثرين في نحو: ضرب غلامُه زيداً) - فيجب عندهم وصل

ص: 407

الفعل بالمفعول، وتأخير الفاعل إذا عاد على المفعول ضمير اتصل بالفاعل، فتقول على هذا: ضرب زيداً غلامه، ولا يجوز: ضرب غلامه زيداً، لئلا يعود الضمير على متأخر لفظاً ورتبةً.

(والصحيح جوازه على قلةٍ) - وعليه قوله:

(461)

كسا حلمُهُ ذا الحلم أثواب سؤدد

ورقى نداه ذا الندى في ذرا المجد

وقد تقدمت هذه المسألة في أوائل الفصل الرابع من باب المضمر.

ص: 408