الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - باب الموصول
(وهو من الأسماء) -بين أن مراده الآن حد الموصول الاسمي، وسيأتي حد الموصول الحرفي.
(ما افتقر) -جنس يشمل كل مفتقر من موصول وغيره مما يأتي إخراجه.
(ابدًا) -أخرج النكرة الموصوفة بجملة نحو: مررت برجلٍ يكرم عمرًا، فإنها حال وصفها بها، مفتقرة إلى ما سيذكر، لكن الموضع لحق الأصالة لمفرد تؤول الجملة به، فالافتقار إلى المفرد لا إلى الجملة، وإن صدق في الظاهر أنها مفتقرة إلى الجملة لم يصدق أنها تفتقر إليها أبدًا.
(إلى عائد) -احترز من حيث وإذ وإذا فإنها أسماء تفتقر أبدًا إلى جملة لكنها لا تفتقر إلى عائد.
(أو خلفه) -أتى به ليشمل ما وقع الربط بخلف العائد وهو الظاهر الذي هو الموصول في المعنى نحو: أبو سعيد الذي رويت عن الخدرى، أي عنه.
(وجملةٍ صريحةٍ) -نحو: جاء الذي قام أبوه، أو أبوه قائم.
(أو مؤولةٍ) -نحو: جاء الذي عندك، أو في الدار، أي: الذي استقر، وكذا: مررت بالضارب، أي بالذي يضرب أو ضرب.
(إير طلبية ولا إنشائية) -وذلك كما مثل، ولا يجوز الوصل بهاتين -فلا يقال جاء الذي اضربه، أو لا تضربه، خلافًا للكسائي، ولا جاء الذي ليته صديقي، خلافًا لهشام.
(ومن الحروف) -أي والموصول من الحروف.
(ما أول مع ما يليه بمصدر) -يشمل قوله ما أول بمصدر "صه" ونحوه من أسماء الأفعال، فإنه مؤول بمصدر معرفة إن لم ينون ونكرة وإن نون، ويشمل الفعل المضاف إليه نحو: قمت حين قمت، أي حين قيامك، ويشمل أيضًا "هو" من قوله تعالى:"هو أقرب للتقوى" وأخرج هذه الثلاثة بقوله: مع ما يليه، فإن هذه مؤولة بمصدر وحدها لا مع ما يليها، بخلاف الحروف الموصولة فإنها تؤول بمصادر مع ما يليها من صلاتها نحو: أريد أن أضرب زيدًا، أي: ضربه.
(ولم يحتج إلى عائدٍ) -احترز من "الذي" الموصوف به مصدر محذوف نحو: قمت الذي قمت، أي القيام الذي قمت، فهذا لا بد له من تقدير عائد، أي: الذي قمته.
(فمن الأسماء، الذي والتي للواحد والواحدة) -فالذي للواحد المذكر، سواء أكان من ذوي العلم أم من غيرهم، والتي للواحدة المؤنثة، سواء كانت من ذوي العلم أو من غيرهن.
(وقد تشدد ياءاهما مسكورتين أو مضموتين) -كقوله:
(110)
وليس المال فاعلمه بمالٍ
…
وإن أرضاك إلا للذي
ينال به العلاء ويصطفيه
…
لأقرب أقربيه وللقصي
وقوله:
(111)
اغفر ما استطعت فالكريم الذي
…
يألف الحلم إن جفاه بذي
وظاهر كلام المصنف أن كسر الياء المشددة وضمها للبناء، وذكر بعضهم أن في "الذي" إذا شددت البناء على الكسر، والجري بوجوه الإعراب.
(أو تحذفان) -أي ياء الذي وياء التي.
(ساكنًا ما قبلهما) -كقوله:
(112)
فلم أر بيتًا كان أحسن بهجة
…
من اللذ به من آل عزة عامر
ونحوه:
(113)
أرضنا اللت آوت ذوي الفقر والذل
…
فآضوا ذوي غنى واعتزاز
يقال: آويته إيواء وأويته أيضًا إذا أنزلته بك، فعلت وأفعلت بمعنى عن أبي زيد.
(أو مكسورًا) -كقوله:
(114)
لا تعذر الذ لا ينفعك مكتسبًا
…
حمدًا وإن كان لا يبقى ولا يذر
وكقوله:
(115)
شغفت بك الت تيمتك فمثل ما
…
بك ما بها من لوعةٍ وغرام
وما ذكره من قوله: وقد تشدد ياءاهما
…
إلى هنا لغات في الذي والتي، كذا نقله أئمة العربية، وليس مختصًا بالشعر، خلافًا لبعضهم.
قال الجوهري في شعف بالعين المهملة: شعفه الحب أي أحرق قلبه، وقال أبو زيد: أمرضه، وقد شعف بكذا فهو مشعوف، وقرأ الحسن:"قد شعفها حبًا"، وقال في شعف بالغين المعجمة، يقال: شغفه الحب أي بلغ شغافه، والشغاف غلاف القلب، وهو جلدة دونه كالحجاب، وقرأ ابن عباس:"قد شغفها حبًا" قال: دخل حبه تحت الشغاف.
(ويخلفهما) -أي يخلف ياء الذي وياء التي.
(في التثنية علامتها) -أي الألف رفعًا نحو: جاء اللذان قاما، واللتان قامتا، والياء جرًا ونصبًا نحو: رأيت اللذين قاما، واللتين قامتا، ومررت باللذين قاما، وباللتين قامتا.
(مجوزًا شد نونها) -أي نون التثنية، وهي لغة قيس وتميم، والتخفيف لغة الحجازيين وبني أسد، ومن التشديد مع الألف، "واللذان
يأتيانها منكم" ومع الياء، ومنعه البصريون، وأجازه الكوفيون: قرأ بعضهم: "أرنا اللذين أضلانا".
(وحذفها) -وهي لغة بني الحارث بن كعب وبعض بني ربيعة ومنها قوله:
(118)
أبني كليب إن عمى اللذا
…
قتلا الملوك وفككا الأغلالا
وقوله:
(119)
هما اللتان لو ولدت تميم
…
لقيل: فخر لهم صميم
(وإن عني بالذي من يعلم أو شبهه) -المراد بشبه من يعلم الأصنام التي عبدت من دون الله تعالى، لأنهم نزلوها منزلة من يعلم حين عبدوها.
(فجمعه الذين مطلقًا) -أي فيكون بالياء رفعًا ونصبًا وجرًا، نحو: جاء الذين فعلوا، ورأيت الذين فعلوا، ومررت بالذين فعلوا، ومن إطلاقها على من يعلم قوله تعالى:"الذين هم في صلاتهم خاشعون". ومن
إطلاقها على شبه من يعلم قوله تعالى: "إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم".
(ويغنى عنه الذي) -أي عن الذين.
(في غير تخصيص كثيرًا) -نحو قوله تعالى: "والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون" أي من جاء بالصدق، ولو لم يكن المراد بالذي جمعًا لم يخبر عنه بجمع ولا عاد عليه ضمير جمع.
(وفيه) -أي في التخصيص.
(للضرورة قليلاً) -كقول الأشهب بن رميلة.
(120)
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم
…
هم القوم كل القوم يا أم خالد
(وربما قيل الذون رفعًا) -أي يكون بالواو رفعًا، وبالياء جرًا ونصبًا، وهذا مشهور في لغة طيئ فيقولون: نصر الذون آمنوا على الذين كفروا، وهي لغة هذيل وعقيل أيضًا.
(وقد يقال، لذي ولذان ولذين ولتي ولاتي) -سبق في الذي
خمس لغات، وذكر ههنا اللغة السادسة وهي حذف الألف واللام وتخفيف الياء ساكنة، وبهذه اللغة قرأ بعض الأعراب، قال أبو عمرو بن العلاء، سمعت أعرابيًا يقرأ بتخفيف اللام، يعني في "صراط الذين" فقرأ:"صراط لذين".
(وبمعنى الذين الألى) -هي وزن العلى، والمشهور أنها للعقلاء كالذين قال:
(121)
رأيت بني عمي الالى يخذلونني
…
على حدثان الدهر إذ يتقلب
وقال ابن عصفور: أنها تقع على العاقل وغيره.
(والالاء) -كقول كثير:
(122)
أبى الله للشم الالاء كأنهم
…
سيوف أجاد القين يومًا صقالها
(واللاء) -نحو ما أنشد الفراء لرجل من بني سليم:
(123)
فما آباؤنا بأمن منه
…
علينا اللاء قد مهدوا الحجورا
(واللائين مطلقًا) -أي يكون كالذين بالياء رفعًا ونصبًا وجرًا. وهي لغة هذيل.
(أو جرًا ونصبًا، واللاءون رفعًا) -هي أيضًا لبعض هذيل فيقولون: جاء اللاءون فعلوا، ورأيت اللائين فعلوا، ومررت باللائين فعلوا، ومنها قوله:
(124)
هم اللاءون فكوا الغل عني
…
بمرو الشاهجان وهم جناحي
(وجمع التي اللاتي واللائي واللواتي، وبلا ياءات) -فهذه ستة ألفاظ، وإثبات الياءات هو الأصل، وحذفها للتخفيف.
(واللا) -كقوله:
(125)
وكانت من اللا لا يعيرها ابنها
…
إذا ما الغلام الأحمق الام عيرا
والأصل اللاتي فحذفوا التاء والياء تخفيفًا.
(واللوا) -كقوله:
(126)
جمعتها من أينق عكار
…
من اللوا شربن بالصرار
والأصل اللواتي فحذفو التاء والياء تخفيفًا.
(واللواء) -يحوز أن يكون أصله اللواتي فحذفوا التاء ثم قلبوا الياء همزة لوقوعها طرفًا بعد ألف.
(واللاءات مكسورًا) -أي مبنيًا على الكسر رفعًا ونصبًا وجرًا نحو: جاءت اللاءات فعلن، ورأيت اللاءات فعلن، ومررت باللاءات فعلن.
(أو معربًا إعراب ألات) -فيرفع بالضمة وينصب ويجر بالكسرة.
(والألى) -سبق أنه يكون لجمع المذكر، وذكر هنا أنه يكون لجمع المؤنث، وقد اجتمعا في قوله:
(127)
وتبلي الألى يستلئمون على الألى
…
تراهن يوم الروع كالحدإ القبل
فقال: يستلئمون، ثم قال: تراهن.
(وقد ترادف التي واللاتي ذات وذوات مضمومتين مطلقًا) -أي مبنيتين على الضم رفعًا ونصبًا وجرًا، بخلاف ذات بمعنى صاحبة فإنها معربة بالضمة والكسرة والفتحة، وبخلاف ذوات جمعًا فإنها تعرب كهندات، واستعمال ذات كالتي وذوات كاللاتي لغة طيئ ومنها: بالفضل ذو فضلكم الله به، وبالكرامة ذات أكرمكم الله بها، وقوله:
(129)
جمعتها من أينقٍ سوابق
…
ذوات ينهضن بغير سائق
(وبمعنى الذي وفروعه من وما) -فيكونان هما وما عطف عليهما بعد ذلك بلفظ واحد للمذكر والمؤنث مفردًا كان أو مثنى أو مجموعًا.
(وذا غير ملغى) -وذلك إذا كان يجعل جزء اسم الاستفهام نحو: من ذا عندك؟ أي: أي شخص عندك؟
(ولا مشار به) -نحو: من ذا؟ أي: أي شخص هذا؟
(بعد استفهام بما) -نحو: ماذا صنعته؟
(أو من) -نحو: من ذا أكرمته؟ ومنهم من منع موصوليتها بعد من.
(وذو الطائية) -لا يستعمل "ذو" بمعنى الذي إلا طيئ أو من تشبه بهم من المولدين كأبي نواس وحبيب، ولذلك قال: الطائية.
(مبنية) -نحو: جاءني ذو قام، ورأيت ذو قام، ومررت بذو قام.
ومن كلام بعض الطائيين، لا، وذو في السماء بيته.
(غالبًا) -إنما قال هذا لأن بعض الطائيين أعربها، ومنه:
فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا
(وأي) -خالف أحمد بن يحيى الجمهور فمنع كون "أي" تكون موصولة، ولا تكون عنده إلا استفهامًا أو شرطًا، والحجة عليه قولهم:
(131)
إذا ما لقيت بني مالك
…
فسلم على أيهم أفضل
(مضافًا إلى معرفة لفظًا) -نحو: يعجبني أي الرجال عندك، وأيهم قائم.
(أو نية) -نحو: يعجبني أي عندك، وقد يضاف إلى نكرة نحو: يعجبني أي رجل أو رجلين أو رجال أو امرأة أو امرأتين أو نساء عندك.
(ولا يلزم استقبال عامله) -أي بل يجوز مضيه نحو: أعجبني أيهم قام، وهذا خلاف مذهب الجمهور، وأجازه الأخفش على قلة.
(ولا تقديمه) -فيجوز: أيهم قرأ أحب.
(خلافًا للكوفيين) -استند إلى ما ورد على وفق ما قالوه كقوله تعالى: "ثم لننزعن من كل شيعةٍ أيهم أشد".
(وقد يؤنث بالتاء موافقًا للتي) -يعجبني أيتهن عندك، وهي لغة ضعيفة، وهؤلاء يثنونها أيضًا ويجمعونها نحو: أياهما وأيتاهن وأيوهم وأياتهن.
(وبمعنى الذي وفروعه) -أي من المؤنث والمثنى والمجموع.
(الألف واللام) -فيكون بلفظ واحد في الجميع نحو: جاء القائم والقائمة والقائمان والقائمتان والقائمون والقائمات.
(خلافًا للمازني ومن وافقه في حرفيتها) -فهي اسم موصول، خلافًا لهم، وذلك لعود الضمير عليها نحو: جاء الضاربها زيد -وهذا مذهب ابن السراج والفارسي وأكثر النحويين، والقائلون بحرفيتها قال بعضهم إنها حرف تعريف وليست موصولة، وهو محكي عن الأخفش، وقال بعضهم إنها حرف موصول، وهو محكي عن المازني، وحكى المصنف عنه أنها حرف تعريف.
(وتوصل بصفةٍ محضة) -والمراد بها اسم الفاعل كالضارب، واسم المفعول كالمضروب، والصفة المشهبة كالحسن، واحترز مما يوصف به وليس بصفة محضة كالأسد، فأل فيه حرف تعريف لا موصولة.
(وقد توصل بمضارع اختيارًا) -كقوله:
(133)
ما أنت بالحكم الترضى حكومته
ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
ولا يختص هذا عنده بالشعر، وخالف في ذلك النحويين، وإنما جعله اختيارًا لأن الشاعر عنده غير مضطر، إذ يمكنه أن يقول: ما أنت بالحكم المرضى.
(وبمبتدأ وخبر أو ظرف اضطرارًا) -فالأول كقوله:
(134)
من القوم الرسول الله منهم
…
لهم دانت رقاب بني معد
والثاني كقوله:
(135)
من لا يزال شاكرًا على المعه
…
فهو حر بعيشة ذات سعه
(ويجوز حذف عائد غير الألف واللام) -وأما عائد الألف واللام فسيأتي حكمه.
(إن كان متصلاً) -احترز من المنفصل، فإنه لا يحذف نحو: جاء الذي إياه أكرمت.
(منصوبًا) -احترز من المرفوع والمجرور، وسيأتي الكلام عليهما.
(بفعل أو وصفٍ) -نحو: جاء الذي ضربته، ونحو: الذي أنا معطيكه درهم، فيجوز حذف الهاء فيهما، ومن الأول:"أهذا الذي بعث الله رسولاً" -أي بعثه، وهو كثير، ومن الثاني وهو قليل جدًا.
(136)
ما الله موليك فضل فاحمدنه به
…
فما لدى غيره نفع ولا ضرر
أي موليكه، وخرج ما كان منصوبًا بحرف نحو: جاء الذي إنه قائم فلا يجوز حذفه.
(أو مجرورًا بإضافة صفةٍ ناصبةٍ له تقديرًا) -نحو: جاء الذي أنا ضاربه الآن أو غدًا، فيجوز حذف الهاء، ومنه قوله تعالى:"فاقض ما أنت قاضٍ" أي قاضيه، فلو جر بإضافة غير صفة نحو: جاء الذي وجهه حسن، أو بإضافة صفة غير ناصبة له تقديرًا نحو: جاء الذي أنا ضاربه أمس، لم يحذف.
(أو بحرفٍ جر بمثله معنى ومتعلقًا الموصول أو موصوف به) -نحو:
مررت بالذي مررت به، أو أنت مار به، ونحو: مررت بالرجل الذي مررت به، أو أنت مار به، فيجوز حذف به، ومنه قوله تعالى:"ويشرب مما تشربون" أي منه، وقوله:
(137)
وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة
…
فبح لان منها بالذي أنت بائح
أي بائح به. وخرج نحو: جاء الذي مررت به، وجاء غلام الذي ركب غلامه، ومررت بالذي غضبت عليه، ومررت بالذي مررت به على زيد، وحللت بالذي حللت به، فلا يجوز حذف الضمير في شيء من هذا.
(وقد يحذف منصوب صلة الألف واللام) -كقوله:
(1389 ما المستفز الهوى محمود عاقبةٍ
…
ولو أتيح له صفو بلا كدر
أي: ما المستفزه، وحذفه قليل، ولهذا قال: وقد يحذف، والجمهور على منع حذفه.
(والمجرور بحرفٍ وإن لم يكمل شرط الحذف) -أي وقد يحذف
المجرور بحرف كقول حاتم:
(139)
ومن حسدس يجور علي قومي
…
وأي الدهر ذو لم يحسدوني؟
أي يحسدوني فيه -ونحو:
(140)
فأصبح من أسماء قيس كقابضٍ
…
على الماء لا يدري بما هو قابض
أي قابض عليه.
(ولا يحذف المرفوع إلا مبتدأ) -أخرج الفاعل نحو: جاء اللذان قاما، ونائبه نحو: جاء اللذان ضربا، والخبر نحو: جاء الذي الفاضل هو، فلا يحذف المرفوع في هذا ونحوه.
(ليس خبره جملة) -تحرز من نحو: جاء الذي هو أبوه قائم، أو: هو أكرمته.
(ولا ظرفًا) -تحرز من نحو: جاء الذي هو عندك، أو: في الدار.
(بلا شرط آخر عند الكوفيين) -فيجوز عندهم الحذف في نحو: جاء الذي هو منطلق. في فصيح الكلام.
(وعند البصريين بشرط الاستطالة في صلة غير أي غالبًا) -كقول العرب: ما أنا بالذي قائل لك سوءًا، أي هو قائل، فإن لم تطل الصلة امتنع الحذف، واستظهر بقوله: غالبًا على قراءة من قرأ "تمامًا على الذي أحسن" برفع أحسن، أي هو أحسن.
(وبلا شرطٍ في صلتها) -أي في صلة أي، فيجوز عند البصريين الحذف فيها طالت الصلة نحو: يعجبني أيهم قائم في الدار، أم لم تطل نحو: يعجبني أيهم قائم.
(وهي) -يعني أيًا.
(حينئذ) -اي حين إذ حذف صدر صلتها.
(على موصوليتها مبنية على الضم) -نحو: يعجبني أيهم قائم، وضربت أيهم قائم، ومررت بأيهم قائم. وهذا مذهب سيبويه والجمهور.
(غالبًا) -استظهر به على ما ورد من إعرابها حينئذ قليلاً، كقراءة بعضهم "ثم لننزعن من كل شيعةٍ أيهم أشد" بنصب أي.
(خلافًا للخليل ويونس) -فإنهما لا يريان البناء، فإن ورد ما ظاهره ذلك كقوله تعالى:"ثم لتنزعن من كل شيعة أيهم أشد"، في القراءة المشهورة وهي برفع أي خرجه الخليل على أن أيًا استفهامية محكية هي وما
بعدها بقول محذوف، فالتقدير عنده في الآية الكريمة: الجنس الذي يقال فيه: "أيهم أشد". وخرجه يونس على أنها استفهامية أيضًا. لكنها مع ما بعدها في موضع مفعول للفعل الذي قبلها وهو معلق عنها، لأن التعليق عنده لا يختص بأفعال القلوب فهي عندهما مرفوعة على الابتداء لا مبنية، والحجة عليهما قوله:
(141)
إذا ما لقيت بني مالك
…
فسلم على أيهم أفضل
بضم "أيهم"، ولا يضمر القول بين حرف الجر ومجروره، ولا تعلق حروف الجر عن العمل، فتعين البناء، وفهم من كلامه أنها إذا لم يحذف صدر صلتها تكون معربة، نحو: يعجبني أيهم هو قائم.
(وإن حذف ما تضاف إليه أعربت مطلقًا) -أي سواء أحذف مصدر صلتها نحو: يعجبني أي قائم، أم لم يحذف نحو: يعجبني أي هو قائم.
(وإن أنثت بالتاء حينئذٍ) -أي حين إذ حذف ما يضاف إليه.
(لم تمنع الصرف) -لأنه ليس فيها إلا التأنيث بالتاء، وهو لا يمنع وحده، فتقول: يعجبني أية قامت، بالتنوين.
(خلافًا لأبي عمرو) -وشبهته أن فيها التعريف والتأنيث، لأن التعريف بالإضافة المنوية شبيه بتعريف العلمية، ولهذا منع "جمع" المؤكد به من الصرف، لأنه فيه من العدل التعريف بالإضافة المنوية، وجوابها أن "جمع" أشد شبها بالعلم من أية، لأن "جمع" لا يستعمل مع ما يضاف إليه، بخلاف "أية" نحو: يعجبني أيتهن قامت.
(ويجوز الحضور) -وهذا يشمل حضور المتكلم وحضور الخطاب.
(أو الغيبة في ضمير المخبر به) -أي الموصول المخبر به، وإنما يكون ذلك في الذي والتي وفروعهما، فتقول: أنا الذي فعلت كذا أو فعل كذا، ومنه:
(142)
أنا الذي فررت يوم الحره
…
والشيخ لا يفر إلا مره
وقوله:
(143)
نحن اللذون صبحوا الصباحا
…
يوم النمير غارةً ملحاحا
وتقول: أنت الذي فعلت كذا أو فعل كذا، ومنه:
(144)
وأنت الذي إن شئت نعمت عيشتي
…
وإن شئت -بعد الله- أنعمت باليا
وقوله:
(145)
وأنت الذي أمست نزار تعده
…
لدفع الأعادي والأمور الشدائد
(أو بموصوف) -أي: أو في ضمير الوصف المخبر بموصوفه، نحو: أنت الرجل الذي فعلت أو فعل، وأنت رجل تفعل كذا أو يفعل كذا، وكذا يفعل بعد أنا ونحوه، فيأتي بالضمير حاضرًا أو غائبًا.
(عن حاضر) -يشمل المتكلم والمخاطب، وخرج الغائب فتتعين فيه الغيبة نحو: هو الرجل الذي فعل كذا.
(مقدم) -كما سبق تمثيله، فإن تأخر الحاضر تعينت الغيبة، نحو: الذي أكرم زيدًا أنا، والذي أكرم خالدًا أنت.
(ما لم يقصد تشبيهه بالمخبر به فتتعين الغيبة) -نحو: أنت الرجل في الشجاعة الذي قتل مرحبًا، أي أنت مثل الذي قتل مرحبًا، وكذا لو قلت: أنا ونحوه. والذي قتل مرحبًا اليهودي هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(ودون التشبيه يجوز الأمران) -أي الحضور والغيبة.
(إن وجد ضميران) -نحو: أنا الذي قام وأكرمت زيدًا، أو قمت
وأكرم زيدًا، وأنت الذي قام وأكرم زيدًا، أو قمت وأكرم زيدًا، ومنه قول بعض الأنصار رضي الله عنه:
(146)
نحن الذين بايعوا محمدًا
…
على الجهاد ما بقينا أبدا
وقول الآخر:
(147)
أأنت الهلالي الذي كنت مرة
…
سمعنا به والأرحبي المهلب؟
(ويغني عن الجملة الموصول بها ظرف) -نحو: جاء الذي عندك.
(أو جاء ومجرور) -نحو: جاء الذي في الدار.
(منوي معه استقر أو شبهه) -فالتقدير: أنت الذي استقر عندك أو في الدار أو كان أو ثبت أو نحوه، ولا خلاف أن المقدر في الصلة يجب أن يكون فعلاً بخلاف الخبر كما سيأتي في باب المبتدأ.
(وفاعل هو العائد) -أي على الموصوف، ففي استقر وشبهه ضمير مستتر مرفوع به.
(أو ملابس له) -نحو: جاء الذي عندك أو في الدار أبوه.
(ولا يفعل ذلك) -أي نية الفعل وهو الحذف.
(بذي حدث خاص) -أي بفعل صاحب حدث خاص كضحك وأكل ونحوهما من الأفعال الدالة على كون خاص، فلا يقال: جاء الذي عندك أو في الدار، مرادًا به: ضحك عندك أو في الدار، إذ لا دلالة على ذلك.
(ما لم يعمل مثله في الموصول أو الموصوف به) -فإن عمل وكان الظرف قريبًا حذف نحو: نزلنا الذي البارحة أو أمس أو آنفًا، ونزلنا المنزل الذي البارحة، أي: نزلناه، فإن كان الظرف بعيدًا من زمن الإخبار لم يحذف العامل، فلا تقول: نزلنا المنزل الذي يوم الخميس، قاله الكسائي.
(وقد يغنى عن عائد الجملة ظاهر) -نحو ما روى عن الكسائي، أبو سعيد الذي رويت عن الخدري، والحجاج الذي رأيت ابن يوسف، أي: رويت عنه، ورأيته، وهذا في الصلة نارد.
(فصل): (من وما في اللفظ مفردان مذكران) -سواء أكانا موصولين أم شرطيين أم استفهاميين.
(فإن عنى بهما غير ذلك) -أي غير الإفراد والتذكير من تثنية أو جمع أو تأنيث.
(فمراعاة اللفظ فيما اتصل بهما) -وهو صلتهما إن كانا موصولين، وفعل شرط إن كانا شرطيين، واستفهام إن كانا استفهاميين.
(وبما أشبههما) نحو: ذا الموصولة وال وكم وكأي، ونحو أي في الأفصح وذو وذات في الأفصح.
(أولى) -كقوله تعلى: "أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله" وقوله: "لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم" وهو أكثر كلام العرب، ومن اعتبار المعنى قوله تعالى:"ومنهم من يستمعون إليك" وقوله: "ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون".
(ما لم يعضد المعنى سابق فيختار مراعاته) -كقوله تعالى: "ومن يفنت منكن الله ورسوله وتعمل صالحًا" فقيل: "وتعمل" بالتاء المثناة من فوق، حملاً على المعنى لسبق قوله:"منكن".
(أو يلزم بمراعاة اللفظ لبس) -نحو: أعط من سألتك، لا من سألك.
(أو قبح) -نحو: من هي حمراء أمتك.
(فيجب مراعاة المعنى) -ولا يجوز مراعاة اللفظ في المثالين، فلا
تقول أعط من سألك لا من سألتك، ولا: من هو حمراء أمتك، للبس في الأول ولقبح الإخبار بمذكر عن مؤنث في الثاني.
(مطلقًا) -أي سواء كان الوصف مثل أحمر أو مثل محسن أو غيرهما كقائم.
(خلافًا لابن السراج في نحو: من هي محسنة أمك) -فيجوز عنده: من هي محسن أمك، لشبه محسن بمرضع ونحوه من الصفات الجارية على المؤنث بلا علامة، بخلاف أحمر فإن إجراء مثله على مؤنث لم يقع، وهو مردود، فإن ما في هذا من القبح قريب مما في: من هي أحمر أمتك، وهو موافق على منعه فوجب اجتناب هذا أيضًا.
(فإن حذف "هي" سهل التذكير) -فتقول: من محسن أمك، وفاقًا لابن السراج، إذ ليس فيها من القبح ما هو فيما قبلها.
(ويعتبر المعنى بعد اعتبار اللفظ كثيرًا) -كقوله تعالى: "ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني، ألا في الفتنة سقطوا"، وقوله تعالى: "ومنهم
من عاهد الله
…
ثم قال: "فلما آتاهم".
(وقد يعتبر اللفظ بعد ذلك) -أي يعتبر اللفظ، ثم يعتبر المعنى، ثم يعتبر اللفظ بعد ذلك، كقوله تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا، أولئك لهم عذاب مهين، وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا
…
الآية. وقول الشاعر:
(148)
لست ممن يكع أو يستكينو
…
ن إذا كافحته خيل الأعادي
(وتقع من وما شرطيتين) -كقوله تعالى: "من يعمل سوءًا يجز به": وقوله: "ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها".
(واستفهاميتين) -كقوله تعالى: "من إله غير الله"؟ وقوله تعالى: "قال فرعون: وما رب العالمين"؟
(ونكرتين موصوفتين) -كقول الشاعر:
(149)
ألا رب من تغتشه لك ناصح
…
ومؤتمن بالغيب غير أمين
فوصف من بناصح، وقول أمية:
(150)
رب ما تكره النفوس من الأمـ
…
ـر له فرجة كحل العقال
فتكره صفة لـ "ما"، والعائد محذوف، أي: رب شيء تكرهه النفوس.
(ويوصف بما على رأي) -من كلامهم: لأمرٍ ما جدع قصير أنفه، قال قوم: ما اسم صفة لأمر، والمشهور أنها زائدة منبهة على وصفٍ مراد لائقٍ بالمحل، وهو أولى، لثبوت زيادة ما عوضًا نحو: أما أنت منطلقًا انطلقت.
(ولا تزاد من) -هذا مذهب البصريين والفراء.
(خلافًا للكسائي) -استدل بقول عنترة.
(152)
يا شاة من قنصٍ لمن حلت له
…
حرمت علي وليتها لم تحرم
التقدير عنده: يا شاة قنصٍ، وتأوله المانعون على أن من نكرة موصوفة بقنص، أي: يا شاة شخصٍ قنصٍ أي مقتنصٍ.
(ولا يقع على ما لا يعقل إلا منزلاً منزلته) -أي منزلة العاقل، كقوله تعالى:"ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة" أوقع من على الأصنام لما نزلوها منزلة العاقل.
(أو مجامعًا له شمول) -كقوله تعالى: "ومنهم من يمشي على رجلين".
(أو اقتران) -كقوله تعالى: "ومنهم من يمشي على أربع"، أوقع من على غير العاقل لاقترانه بالعاقل في المفصل بمن، وهو كل دابة.
(خلافًا لقطرب) -في زعمه هو ومن قال بقوله أن من تقع على ما لا يعقل، دون اشتراط ما ذكر، استدل بقوله تعالى: "أفمن يخلق كمن لا
يخلق"، قال: يعني بذلك الأصنام، ولا حجة فيه لاشتراك العاقل وغيره في "من لا يخلق".
(وما الغالب لما لا يعقل وحده) -نحو: أعجبني ما ركبت، واحترز بالغالب من نحو قوله تعالى:"ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي"؟ وقوله: "ولا أنتم عابدون ما أعبد".
(وله) -أي لما لا يعقل.
(مع من يعقل) -كقوله تعالى: "ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة".
(ولصفات من يعقل) -نحو: "والسماء وما بناها" أي وبانيها ونحو: "فانكحوا ما طالب لكم من النساء" أي الطيب، وهذه عبارة الفارسي.
(وللمبهم أمره) -وهذا مذهب السهيلي، وذلك كأن يرى شبحًا يقدر إنسانيته وعدم إنسانيته فيقول: أخبرني ما هناك، وكذا لو علمت إنسانيته ولم يدر أذكر هو أم أثنى. ومنه:"إني نذرت لك ما في بطني محررًا".
(وأفردت) -أي: "ما" فخلت من صلةٍ وصفةٍ ومن تضمن معنى شرط أو استفهامٍ.
(نكرة) -نحو "ما" في التعجب، نحو: ما أحسن زيدًا. على مذهب سيبويه.
(وقد تساويها من) -أي في إفرادها نكرة.
(عند أبي علي) -وهو مما انفرد به، واحتج بقوله:
(153)
وكيف أرهب أمرًا أو أراع له .... وقد زكات إلى بشر بن مروان
فنعم مزكا من ضاقت مذاهبه
…
ونعم من هو في سر وإعلان
فمن عنده في موضع نصب، وفاعل نعم ضمير مفسر بمن كما فسر بما في "فنعما" وهو مبتدأ خبره الجملة التي قبله، وفي سر وإعلان متعلق بنعم. ويقال: زكأت إليه أي لجأت، حكاه في العباب عن ابي زيد، ولم يذكره الجوهري.
(وقد تقع الذي مصدرية) -حكي هذا عن يونس، وجعل منه قوله تعالى:"ذلك الذي يبشر الله عباده" وقوله: "وخضتم كالذي خاضوا"
أي كخوضهم، ومنه ما حكى الفراء: أبوك بالجارية التي تكفل، وبالجارية ما تكفل، أي بالجارية كفالته.
(وموصوفة بمعرفة أو شبهها في امتناع لحاق ال) -فالأولى نحو: مررت بالذي أخيك، والثانية: مررت بالذي مثلك، حكاهما الفراء عن بعض العرب، وحكى عنهم أنهم لا يقولون: مررت بالذي قائم، وحصل من كلامه أن الذي تكون موصولة وموصوفة مستغنية بالصفة، ومصدرية محكومًا بحرفيتها، قال المصنف: وهو حاصل كلام أبي علي، وهو مذهب الفراء، وهو صحيح وبه أقول.
(فصل): (وتقع أي شرطية) -كقوله تعالى: "أيًا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى".
(واستفهامية) -كقوله تعالى: "فأي الفريقين أحق بالأمن"؟
(وصفة لنكرةٍ مذكورةٍ غالبًا) -نحو: مررت برجلٍ أي رجل، أي كاملٍ في الرجولية، ومنه قوله:
(154)
دعوات امرأ أي امرئ فأجابني
…
فكنت وإياه ملاذا وموئلا
واحترز بقوله "غالبًا" من حذف الموصوف في قول الفرزدق:
(155)
إذا حارب الحجاج أي منافق
…
علاه بسيف كلما هز يقطع
أي منافقًا أي منافق، وهو قليل.
(وحالاً لمعرفةٍ) -كقوله:
(156)
فأومأت إيماءً خفيا لحبتر
…
فلله عينا حبتر أيما فتى
بنصب أيما على الحال.
(ويلزمها في هذين الوجهين) -وهما استعمالها صفة واستعمالها حالاً.
(الإضافة لفظًا ومعنى إلى ما يماثل الموصوف لفظًا ومعنى) -نحو: مررت برجل أي رجل.
(أو معنى لا لفظًا) -نحو: مررت برجل أي فتى، وفهم من كلامه جواز: مررت برجل أي عالم.
(وقد يستغنى في الشرط والاستفهام بمعنى الإضافة إن علم المضاف إليه) -فهي فيهما لازمة للإضافة معنى لا لفظًا كما سبق في الموصول، ومثال استعمالها في الشرط:"أيًا ما تدعوا" وفي الاستفهام ما ورد في
الحديث: "من أي يا رسول الله؟ قال: أمك، قال: ثم أي؟ قال: أمك.
(وأي فيهما) -أي الشرط والاستفهمام.
(بمنزلة كل مع النكرة) -ولذلك تقول: أي رجل تضرب أضربه، وأي رجلين تضرب أضربهما، وأي رجال تضرب أضربهم، فيطابق الضمير ما أضيف إليه أي، وتقول: أي رجل أخوك؟ وأي رجلين أخواك؟ وأي رجال إخوتك؟ فيطابق الخبر بما أضيف إليه أي.
(وبمنزلة بعضٍ مع المعرفة) -ولذلك تقول: أي الرجال تضرب أضربه، وأي الرجلين تضرب أضربه، وتقول: أي الرجال أحسن؟ وأي الرجلين أخوك؟ وأي الرجال أخوك؟
(ولا تقع نكرة موصوفة، خلافًا للأخفش) -في إجازته، مررت بأي معجب لك، وليس له سماع، والقياس على من وما ضعيف.
(وقد يحدف ثالثها في الاستفهام) -كقوله:
(157)
تنظرت نسرًا والسماكين أيهما
…
علي من الغيث استهلت مواطره
(وتضاف فيه) -أي في الاستفهام.
(إلى النكرة بلا شرط) -فتقول: أي رجل أو رجلين أو رجال
عندك؟
(وإلى المعرفة بشرط إفهام تنثيةٍ) -نحو: أي الرجلين عندك؟ وأيهما أفضل؟
(أو جمع) -نحو: أي الرجال عندك؟ وأيهم أفضل؟
(أو قصد أجزاء) -نحو: أي زيد أحسن؟ أعينه أم أنفه؟
(أو تكريرها عطفًا بالواو) -كقوله:
(158)
فلئن لقيتك خاليين لتعلمن
…
أيي وأيك فارس الأحزاب
(فصل): (من الموصولات الحرفية أن الناصبة مضارعًا) -أخرج أن الزائدة، كقوله تعالى:"فلما أن جاء البشير"، وأن التفسيرية كقوله تعالى:"وناديناه أن يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا". وأخرج أيضًا أن المخففة من أن كقوله تعالى: "علم أن سيكون منكم مرضى" وستأتي.
(وتوصل بفعل متصرف) -أخرج الجامد كعسى وليس وتهيط وتعلم بمعنى اعلم. فأما قوله تعالى: "وأن عسى أن يكون" وقوله: "وأن ليس للإنسان" فأن فيه مخففة من الثقيلة.
(مطلقًا) -أي سواء كان مضارعًا كقوله تعالى: "أن تقول نفس"، أم ماضيًا كقوله تعالى:"أن جاءه الأعمى" أم أمرًا نحو ما حكى سيبويه، كتبت إليه بأ، قم، وجعله بعضهم قليلاً، ومعنى تهيط تصيح، قال ابن طريف: ولا ماضي لتهيط.
(ومنها أن وتوصل بمعموليها) -نحو: عجبت من أنك منطلق، أي من انطلاقك، وفي البسيط أن قولك: عجبت من انطلاقك لا دليل فيه على الوقوع والتحقق وعجبت من أنك منطلق يدل على الوقوع والتحقق.
(ومنها كي، وتوصل بمضارع مقرونة بلام التعليل لفظًا) -نحو: جئت لكي أقرأ، ويتعين حينئذ كونها مصدرية، إذ لا يدخل حرف جر على حرف جر.
(أو تقديرًا) -نحو: جئت كي أقرأ، ويحتمل حينئذ أن تكون حرف جر، والنصب بأن مقدرة. ولا تستعمل كي وصلتها مبتدأ ولا فاعلاً ولا مفعولاً ولا مجرورًا بالإضافة ولا بحرفٍ غير لام التعليل، بخلاف أن.
(ومنها "ما" وتوصل بفعلٍ متصرفٍ) -أخرج الجامد كنعم وبئس، وسمع:
(159)
"بما لستما أهل الخيانة والغدر"
(غير أمر) -يشمل الماضي كقوله تعالى: "ضاقت عليهم الأرض بما رحبت"، والمضارع كقوله تعالى:"ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب" ولا توصل بأمر، فلا يقال: عجبت مما قم:
(وتختص بنيابتها عن ظرف زمان) -وتسمى هذه ما المصدرية الظرفية، ولا يشارك "ما" في ذلك غيرها من الموصولات الحرفية، خلافًا للزمخشري في أن، وجعل منه قوله تعالى:"أن آتاه الله الملك" أي: وقت أن آتاه الله، ولا حجة فيه إذ يحتمل أن يكون التقدير: لأن آتاه الله الملك.
(موصولة في الغالب بفعل ماضي اللفظ مثبت) -كقوله تعالى: "خالدين فيها ما دامت السموات والأرض"، أي مدة دوام السموات والأرض. وقال في الغالب تنبيهًا على أنها قد توصل بالمضارع المثبت كقوله:
(160)
نطوف ما نطوف ثم يأوي
…
ذوو الأموال منا والعديم
(أو منفي بلم) -أي: أو مضارع منفي بلم، كقوله:
(161)
ولن يلبث الجهال أن يتهضموا
…
أخا الحلم ما لم يستعن بجهول
يقال: تهضمه أي ظلمه.
(وليست) -أي ما المصدرية.
(اسمًا فتفتقر إلى ضمير) -وهذا مذهب سيبويه والجمهور، فإذا قلت: أعجبني ما قمت، فيقدرونه: قيامك.
(خلافًا لأبي الحسن وابن السراج) -في أنها اسم. وبه قال جماعة من الكوفيين أيضًا. فإذا قلت: أعجبني ما قمت، فالتقدير: القيام الذي قمته. وحذف الضمير الذي في الصلة، ورد هذا بقوله:
(159)
بما لستما أهل الخيانة والغدر
إذ لا يمكن هذا التقدير فيه.
(وتوصل بجملةٍ اسميةٍ على رأي) -هو مذهب طائفة منهم الأعلم الشنتمري، وأحد رأيي ابن عصفور، وجعلوا منه قوله:
(162)
أحلامكم لسقام الجهل شافية
…
كما دماؤكم تشفي من الكلب
ومذهب سيبويه أنها لا توصل إلا بما سبق، والبيت متأول على أن ما كافة.
(ومنها لو) -أي من الحروف المصدرية، وهو مذهب الفراء والفارسي، ومنعه الجمهور.
(التالية غالبًا مفهم تمن) -كود وأحب وتمنى واختار، والمسموع
(ود) كقوله تعالى: "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة" أي التعمير، وقوله: ودوا لو تدهن". واحترز بغالبًا من قول قتيلة:
(163)
ما كان ضرك لو مننت وربما
…
من الفتى وهو المغيظ المحنق
فاستعملت "لو" مصدرية دون مفهم تمن.
(وصلتها كصلة ما) -فتوصل بفعل متصرف غير أمر، نحو: وددت لو تقوم، أو: لو قمت.
(في غير نيابة) -فلا تنوب لو المصدرية عن ظرف زمان كما نابت عنه ما.
(وتغني عن التمني فينصب بعدها الفعل مقرونًا بالفاء) -كقوله:
(164)
سرينا إليهم في جموع كأنها
…
جبال شرورى لو تعان فتنهدا
الأصل: وددنا لو تعان، فحذف الفعل لدلالة لو عليه فأشبهت لو ليت في الإشعار بمعنى التمني، فنصب جوابها كما ينصب جواب ليت.
وشرورى قال الجوهري: اسم جبل، وهو فعوعل، وقال في العباب:
شرورى جبل لبني سليم، وأنشد:
(165)
سقوني وقالوا: لا تغن ولو سقوا
…
جبال شرورى ما سقوني لغنت
وذكره في ش ر ر، وقال الأخفش: والأصوب أن يذكر في شرى، وهو عندي فعوعل وسأذكره فيه، ولم يذكر في مجمع البحرين إلا ما في الصحاح، وذكراه في شرى، ونهد إلى العدو ينهد بالفتح نهودا أي نهض.
(فصل): (الموصول والصلة كجزءي اسم) -أشبه الأسماء بهما المركب تركيب مزج كبعلبك، لمباينة المفرد لهما بالإفراد، والمضاف والجملة بتأثير الصدر في العجز.
(فلهما ما لهما- أي فللموصول وصلته ما لجزءي الاسم.
(من ترتيب) -فيقدم الموصول وتؤخر صلته.
(ومنع فصل بأجنبي) -وأما غير الأجنبي فيجوز الفصل به، كجملة الاعتراض، كقوله:
(166)
ذاك الذي -وأبيك- يعرف مالكًا
…
والحق يدفع ترهات الباطل
وقوله:
(167)
ماذا -ولا عتب في المقدور- رمت أما
…
يكفيك بالنجح أم خسر وتضليل
(إلا ما شذَّ) -كقوله:
(168)
وأبغض من وضعت إلي فيه
…
لساني معشر عنهم أذود
فإليَّ متعلق بأبغض، وفصل به بين وضعت ومعموله، وهو أجنبي من وضعت، والأصل: وأبغض من وضعت فيه لساني إليَّ.
(فلا يتبع الموصول) -أي بنعتٍ ولا عطف بيانٍ ولا بدلٍ ولا توكيدٍ ولا عطف نسقٍ.
(ولا يخبر عنه ولا يستثنى منه قبل تمام الصلة) - فلا يقال: جاء الذي الظريف أكرمتُه، بل يؤخر الظريف عن أكرمته، وكذا بقية التوابع، وكذلك لا يجوز: الذي زيد أكرمته، بل: الذي أكرمته زيد، وكذا لا يجوز: جاء الذين إلا زيدًا أكرمتهم، بل: جاء الذين أكرمتهم إلا زيدًا.
(أو تقدير تمامها) -كقوله:
(169)
ليست كمن جعلت إيادٍ دارها
…
تكريتَ تمنع حبَّها أن يحصدا
وتقريره أن ظاهره أن دارها منصوب بجعلت صلة من، وإياد بدل من قوله: من في: كمَنْ، فيلزم الإبدال من الموصول قبل تمام الصلة وقد سبق منعه، فيؤول البيت على أن الصلة قد تمت عند قوله، جعلت، وأبدل بعد تمام الصلة تقديرًا، وينتصب دارها بمحذوف دلت عليه الصلة أي جعلت دارها.
(وقد تَرِدُ صلةٌ بعد موصولين أو أكثر مشتركًا فيها) - مثال الأول قوله:
(170)
صل الذي والتي متا بآصرةٍ
…
وإن نأت عن مدى مرماهما الرحم
فمتا صلة اشترك فيها الذي والتي، وكان قياسه: اللذين، بترك العطف وتغليب المذكر، لكنه أفرد ليوضح المذكر والمؤنث، ومثال الثاني: جاء الذي والتي واللذان أكرموا زيدًا. ويحتمل أن يكون منه قوله:
(171)
من اللواتي والتي واللاتي
…
يزعمن أني كبرت لداتي
(أو مدلولاً بها على ما حذف) - مثاله بعد موصولين: جاء الذي والتي أكرمتك، أي: الذي أكرمك والتي أكرمتك، ومنه قوله:
(172)
وعند الذي واللات عدنك إحنة
…
عليك فلا يغررك كيد العوائد
ومثاله بعد أكثر: جاء الذي والتي واللذان أكرماك، أي الذي أكرمك والتي أكرمتك
…
ويحتمل أن يكون منه قوله:
من اللواتي والتي واللاتي
(وقد يحذف ما علم من موصول) -أي اسمي كقوله تعالى:
"وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم" أي والذي أنزل إليكم، فيكون كقوله: "والكتاب الذي نزل على رسوله
…
" الآية. وكقول حسان رضي الله عنه:
(173)
أمن يهجو رسول الله منكم
…
ويمدحه وينصره سواء؟
أي: ومن يمدحه. وهذا مذهب الكوفيين والبغداديين والأخفش، ومذهب البصريين المنع، وما ورد مخصوص بالشعر، والآية ظاهرة التأويل.
(غير الألف واللام) -كما سبق تمثيله، وأما الألف واللام فلا يجوز حذفهما فلا يجوز: جاء الضارب زيدًا ومكرم خالدًا، تريد والمكرم.
(ومن صلة غيرهما) -أي غير الألف واللام، كقوله:
(174)
نحن الألى فاجمع جمو
…
عك ثم وجههم إلينا
أي نحن الألي عرفت عدم مبالاتهم بأعدائهم، وفهمت هذه الصلة من قوله: فاجمع إلى آخر البيت.
(ولا تحذف صلة حرفٍ إلا ومعمولها باقٍ) -كقولهم: لا أفعل ذلك ما أن حراء مكانه، وما أن في السماء نجمًا، أي ما ثبت أن
…
فحذف ثبت وأبقى معموله وهو أن وصلتها.
(ولا موصول حرفي إلا أن): وإذا حذفت فتارة يبطل عملها وهو الكثير، ومنه قوله تعالى:"ومن آياته يريكم البرق" وتارة يبقى ومنه:
(175)
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى
…
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
في رواية من نصب أحضر.
(وقد يلي معمول الصلة الموصول إن لم يكن حرفًا) -نحو: جاء الذي زيدًا ضرب. فإن كان حرفًا لم يجز، وينبغي أن يقيد بما إذا كان الحرف عاملاً، فلا يجوز أريد أن زيدًا أضرب، فإن كان غير عامل جاز نحو: عجبت مما زيدًا تضرب.
(أو الألف واللام) -فلا يجوز، الزيدا ضارب؟ آلزيد أضرب؟
(ويجوز تعليق حرف جر قبل الألف واللام بمحذوفٍ دل عليه صلتها) -كقوله تعالى: "وكانوا فيه من الزاهدين""قال إني لعملكم من القالين"، "إني لكما لمن الناصحين" فالجار فيها كلها متعلق باسم محذوف يدل عليه صلة ال، لا بصلتها، إذ لا يتقدم معمول الصلة على الموصول، والتقدير: زاهدين فيه من الزاهدين، وقال لعملكم من القالين، وناصح لكما من الناصحين، وهذا تخريج المبرد وابن السراج وابن جنى.
(ويندر ذلك) -أي تعليق حرف جر قبل الموصول بمحذوف يدل عليه صلته.
(في الشعر مع غيرها) -أي مع غير ال من الموصولات.
(مطلقًا) -أي سواء جر الموصول بمن أم لم يجر بها، فالأول كقوله:
(176)
لا تظلموا مسورًا فإنه لكم
…
من الذين وفوا في السر والعلن
الأصل: فإنه وافٍ لكم من الذين وفوا، والثاني كقوله:
(177)
وأهجو من هجاني من سواهم
…
وأعرض منهم عمن هجاني
الأصل: وأعرض عمن هجاني منهم عمن هجاني، على سبيل التوكيد، ثم حذف منهم من المؤكد، وحذف ما سواها من المؤكد.
(ومعها) -أي مع ال.
(غير مجرورة بمن) -كقوله:
(178)
تقول وصكت صدرها بيمينها
…
أبعلي هذا بالرحا المتقاعس؟
فبالرحا متعلق بمحذوف يدل عليه متقاعس صلة ال، والتقدير: تقاعس بالرحا