المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌7 - باب المضمر - المساعد على تسهيل الفوائد - جـ ١

[ابن عقيل]

فهرس الكتاب

- ‌1 - باب شرح الكلمة والكلام وما يتعلق به

- ‌2 - باب إعراب الصحيح الآخر

- ‌3 - باب إعراب المعتل الآخر

- ‌4 - باب إعراب المثنى والمجموع على حده

- ‌5 - باب كيفية التثنية وجمعي التصحيح

- ‌6 - باب المعرفة والنكرة

- ‌7 - باب المضمر

- ‌8 - باب الاسم العلم

- ‌9 - باب الموصول

- ‌10 - باب اسم الإشارة

- ‌11 - باب المعرف بالأداة

- ‌12 - باب المبتدأ

- ‌13 - باب الأفعال الرافعة الاسم الناصبة الخبر

- ‌14 - بابُ أفعال المقاربة

- ‌15 - باب الأحرف الناصبة الاسم الرافعة الخبر

- ‌16 - باب لا العاملة عمل إنَّ

- ‌17 - باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر

- ‌18 - باب الفاعل

- ‌19 - باب النائب عن الفاعل

- ‌20 - باب اشتغال العامل عن الاسم السابق بضميره أو بملابسه

- ‌21 - باب تعدي الفعل ولزومه

- ‌22 - باب تنازع العاملين فصاعداً معمولاً واحداً

- ‌23 - باب الواقع مفعولاً مطلقاً من مصدر وما يجري مجراه

- ‌24 - باب المفعول له

- ‌25 - باب المفعول المسمى ظرفاً ومفعولاً فيه

- ‌26 - باب المفعول معه

- ‌27 - باب المستثنى

الفصل: ‌7 - باب المضمر

‌7 - باب المضمر

(وهو الموضوع) -أخرج المنادى نحو: يا رجل، والمضاف نحو: غلامي، وذا الأداة نحو: الغلام.

(لتعيين مسماه) -أخرج النكرة كرجل.

(مشعرا بتكلمه أو خطابه أو غيبته) -أخرج العلم والمشار به والموصول، لأن كل واحد من هذه صالح لكل حال من الثلاث على سبيل البدل، بخلاف المضمر فإنه يختص بواحدة منها، فأنا لا يصلح إلا للتكلم، وأنت لا يصلح إلا للخطاب، وهو لا يصلح إلا للغيبة.

(فمنه) -أي من المضمر.

(واجب الخفاء) -والمراد به ما لا يحل محله ظاهر كالمستتر في المواضع المذكورة.

(وهو المرفوع بالمضارع ذي الهمزة) -نحو: أقوم.

(أو النون) -نحو: نقوم.

(وبفعل أمر المخاطب) -نحو: اضرب.

(ومضارعه) -نحو: أنت تضرب.

ص: 81

(واسم فعل الأمر) -نحو: نزال.

(مطلقًا) -أي سواء أكان المراد به واحدًا مذكر أأم غيره، نحو: نزال يا زيد ويا هند ويا زيدان ويا هندان ويا زيدون ويا هندات.

(ومنه) -أي من المضمر.

(جائز الخفاء) -وهو الذي يجوز أن يحل محله ظاهر كالمستتر في المواضع المذكورة.

(وهو المرفوع بفعل الغائب) -نحو: زيد يقوم، وزيد ليقم، فهذا ونحوه جائز الخفاء، إذ يصح أن يقال: زيد يقوم أبوه، بخلاف ما سبق.

(والغائبة) -نحو: هند تقوم.

(أو معناه من اسم فعل) -نحو: هند هيهات.

(وصفة) -نحو: زيد ضارب وضروب.

(وظرف) -نحو: زيد عندك.

(وشبهه) -نحو: زيد في الدار.

(ومنه) -أي من المضمر.

(بارز متصل) -وهو الذي لا يحسن الابتداء به، ولا يقع بعد إلا في الاختيار كالكاف في: أكرمك.

ص: 82

(وهو إن عنى به المعني بنفعل) -وهو المتكلم المعظم نفسه أو المشارك.

(نا في الإعراب كله) -أي رفعا نحو: أكرمنا زيدًا، ونصبًا نحو: أكرمنا زيد، وجرًا نحو: مر بنا زيد.

(وإن رفع) -أي الضمير البارز المتصل.

(بفعل ماضٍ فتاء تضم للمتكلم) -نحو: ضربت.

(وتفتح للمخاطب) -نحو: ضربت.

(وتكسر للمخاطبة) -نحو: ضربت.

(وتوصل) -أي التاء.

(مضمومة) -أي في حال ضمها.

(بميم وألف للمخاطبين) -نحو: يا زيدان هل ضربتما؟

(والمخاطبين) -نحو: يا هندان هل ضربتما؟

(وبميم مضمومة ممدودة للمخاطبين) -نحو: ضربتمو.

(وبنون مشددة للمخاطبات) -نحو: ضربتن.

(وتسكين ميم الجمع إن لم يلها ضمير متصل أعرف) -فقولك:

ص: 83

يا زيدون هل ضربتم أعرف من: ضربتمو.

(وإن وليها) -أي الميم، ضمير متصل.

(لم يجز التسكين) -فتقول: ضربتموه، ولا يجوز: ضربتمه.

(خلافًا ليونس) -في تجويز التسكين قبل المضمر، وظاهر كلام سيبويه أن التسكين كثير معروف، قال سيبويه: وزعم يونس أنك تقول: أعطيتكمه كما تقول في الظهر، والأول أكثر وأعرف. انتهى. يعني بالأول ما قدمه في قوله: أعطيتكموه.

(وإن رفع) -أي الضمير البارز المتصل.

(بفعل غيره) -أي غير الماضي كالمضارع والأمر.

(فهو نون مفتوحة للمخاطبات) -نحو: يا هندات اضربن، وهل تضربن؟

(أو الغائبات) -نحو: الهندات يضربن.

(وألف لتثنية غير المتكلم) -وهو المخاطب نحو: افعلا، وهل تفعلان يا زيدان؟ والغائب نحو: الزيدان يفعلان.

(وواو للمخاطبين) -نحو: يا زيدون اضربوا، وهل تضربون؟

(أو الغائبين) -نحو: الزيدون يضربون.

(وياء للمخاطبة) -نحو: يا هند اضربي، وهل تضربين؟

ص: 84

(وللغائب مطلقًا مع الماضي ما له مع المضارع) -فتقول: زيد ضرب، وهند ضربت، والزيدان ضربا، والهندان ضربتا، والزيدون ضربوا، والهندات ضربن، كما تقول: زيد يضرب، وهند تضرب، والزيدان يضربان، والهندان تضربان، والزيدون يضربون، والهندات يضربن.

(وربما استغني معه) -أي مع الماضي.

(بالضمة عن الواو) -كقوله:

(54)

فلو أن الأطبا كان حولي

وكان مع الأطباء الأساة

(وليس الأربع) -أي النون والألف والواو والياء.

(علامات) -أي كتاء التأنيث، فالنون علامة للجمع المؤنث، والألف علامة للتثنية، والواو علامة للجمع المذكر، والياء علامة للمؤنثة.

(والفاعل مستكن) -كما استكن في: زيد فعل، وهند فعلت.

(خلافًا للمازني فيهن) -أي في الأربع بدليل التزامها، ولو كانت حروفًا ما التزمت، فكان يجوز: الزيدان قام، فثبت أنها أسماء مضمرة، وهذا مذهب الجمهور.

(وللأخفش في الياء) -فإنه زعم هو ومن وافقه أن الياء حرف

ص: 85

تأنيث. ويوافق على اسمية الواو والألف والنون، فيقول في افعلي وتفعلين إن الفاعل مستتر كما في هند تقوم، ومذهب الجمهور: سيبويه وغيره، أن الياء ضمير إذ لم يثبت كونها علامة تأنيث، وثبت كونها ضميرًا بالاتفاق في نحو: أكرمني.

(ويسكن آخر المسند إلى التاء) -نحو: ضربت وضربت وضربت.

(والنون) -نحو: الهندات ضربن ويضربن واضربن يا هندات.

(ونا) -نحو: ضربنا زيدًا، ولا يكون المسند إلى التاء ونا إلا ماضيًا.

(ويحذف ما قبله) -أي ما قبل آخر المسند إلى الثلاثة.

(من معتل) -وذلك لالتقاء الساكنين.

(وتنقل حركته) -أي حركة ذلك المعتل الذي يحذف.

(إلى فاء الماضي الثلاثي) -نحو: طلت وخفت، الأصل: طولت وخوفت، فنقلت الحركة التي كانت للمعتل قبل انقلابه آلفًا في طال وخاف إلى الفاء، وفهم منه أنه لا ينقل في المضارع والأمر، بل يحذف المعتل فقط نحو: خفن ولا تخفن.

(وإن كانت) -أي الحركة التي كانت للمعتل المحذوف قبل انقلابه ألفًا.

ص: 86

(فتحة أبدلت بمجانسة المحذوف) -فإن كان المحذوف واوًا أبدلت الحركة ضمة، وإن كان ياء أبدلت كسرة.

(ونقلت) -أي إلى فاء الكلمة، وذلك نحو: قام وباع أصلهما قوم وبيع، فإذا أسندتهما إلى التاء مثلا قلت، قمت وبعت، بضم القاف وكسر الباء.

(وربما نقل دون إسناد إلى أحد الثلاثة) -أي التاء والنون ونا.

(في زال) -كقولك، ما زيل زيد فاضلا.

(وكاد) -كقولك: كيد زيد يقول كذا.

(أختي كان وعسى) -احترز من زال التامة التي بمعنى ذهب، ومن كاد التامة التي بمعنى احتال.

(وحركة ما قبل الواو والياء مجانسة) -فيضم ما قبل الواو نحو، يضربون ويكسر ما قبل الياء نحو: تضربين.

(فإن ماثلها أو كان ألفًا حذف) -نحو: أنتم تدعون، وأنت ترمين، وأنتم تخشون، وأنت تخشين، والأصل: تدعوون وترميين وتخشاون وتخشاين.

(وولي ما قبله بحاله) -أي تبقى حركة العين في تدعون، والميم في

ص: 87

ترمين، والشين في تخشون وتخشين على حالها ولا تغير.

(وإن كان الضمير واوًا والآخر ياء) -نحو: ترميون.

(أو بالعكس) -نحو: تغزوين.

(حذف الآخر وجعلت الحركة المجانسة على ما قبله) -فتقول: ترمون وتغزين، وإنما حذفت الواو والياء لأنه لما استثقلت الضمة والكسرة حذفتا فالتقى ساكنان فحذف الآخر وحرك ما قبله بحركة تجانس الضمير.

(ويأتي ضمير الغائبين كضمير الغائبة كثيرًا لتأولهم بجماعة) -كقوله تعالى: "وإذا الرسل اقتت".

(وكضمير الغائب قليلاً لتأولهم بواحدٍ يفهم الجمع) -كقوله:

(55)

فإني رأيت الضامرين متاعهم

يموت ويفنى، فارضخي من وعائيا

أي يموتون، فأفرد الضمير كأنه قال: يموت من ذكره.

(أو لسد واحدٍ مسدهم) -هو أحسن الفتيان وأجمله، لأنه بمعنى أحسن فتى، فأفرد الضمير حملاً على المعنى.

(ويعامل بذلك ضمير الاثنين وضمير الإناث بعد أفعل التفضيل

ص: 88

كثيرًا) -مثاله في ضمير الاثنين قوله:

(56)

ومية أحسن الثقلين جيدًا

وسالفة وأحسنه قذالا

ومثاله في ضمير الإناث قول عليه الصلاة والسلام، "خير النساء صوالح نساء قريش، أحناه على ولد

" الحديث. أي أحنى هذا الصنف.

(ودونه قليلاً) -أي ودون أفعل التفضيل يأتي ضمير الاثنين كضمير الواحد قليلاً كقوله:

(57)

أخو الذئب يعوي والغراب ومن يكن

شريكيه يطمع نفسه كل مطمع

أراد: ومن يكونا شريكيه أي الذئب والغراب فأفرد كأنه قال: ومن يكن هذا النوع.

(ولجمع الغائب غير العاقل ما للغائبة) -كقوله تعالى: "وإذا النجوم انكدرت".

(أو الغائبات) -كقوله تعالى: "فأبين أن يحملنها".

(وفعلت ونحوه أولى من فعلن ونحوه بأكثر جمعه) -أي أولى بأكثر

ص: 89

جمع الغائب غير العاقل، فالجذوع انكسرت أولى من الجذوع انكسرن، وكذا إذا كان الضمير غير مرفوع، وهو مراده بنحوه، فالجذوع كسرتها أولى من كسرتهن.

(وأقله والعاقلات مطلقًا) -أي سواء كان جمعًا صحيحًا أم جمعًا مكسرًا لصيغة القلة أو غيرها.

(بالعكس) -فالنون وشبهها أولى من التاء وشبهها، فالأجذاع انكسرن أولى من انكسرت، وكسرتهن أولى من كسرتها. ومثال ذلك في العاقلات:"والمطلقات يتربصن" والهندات خرجت، "إذا طلقتم النساء فطلقوهن"، وقوله: النساء بأعجازها.

(وقد يوقع فعلن موقع فعلوا طلب التشاكل) -كما روى في بعض الأدعية: "اللهم رب السموات وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين ومن أضللن" أي ومن أضلوا، وهذا هو القياس، أو يعود كما يعود على الغائبة نحو: ومن أضلت، فقال: أضللن مشاكلة لأظللن وأقللن.

(كما قد يسوغ) -أي طلب التشاكل.

(لكلماتٍ غير ما لها من حكمٍ) -نحو: "لا دريت ولا تليت". وحقه: تلوت. فخرج من حكم التصحيح إلى حكم الإعلال لمشاكلة دريت.

ص: 90

(ووزنٍ) -كقولهم: أخذه، ما قدم وما حدث، ولا يقولون في الإفراد إلا حدث بفتح العين، فخرجوا من وزن الكلمة إلى غيره طلبًا للتشاكل.

(ومن البارز المتصل في الجر والنصب ياء للمتكلم) -نحو: أكرمني ومر بي.

(وكاف مفتوحة للمخاطب) -نحو: أكرمك ومر بك.

(ومكسورة للمخاطبة) -نحو: أكرمك ومر بك.

(وها للغائبة) -نحو: أكرمها ومر بها.

(وهاء مضمومة للغائب) -نحو: أكرمه ومر له.

(وإن وليت) -أي هاء الغائب.

(ياء ساكنة أو كسرة كسرها غير الحجازيين) -نحو: فيه وبه. ولغة الحجازيين ضم هاء الغائب مطلقًا فيقولون: ضربته ونظرت إليه ومررت به، ولغة غيرهم الكسر بعد الياء الساكنة أو الكسرة كما مثلن وذلك للإتباع.

(وتشبع حركتها بعد متحرك) -نحو: "له ما في السموات" وهو الأصل.

(ويختار الاختلاس بعد ساكنٍ مطلقًا) -أي سواء أكان الساكن حرف

ص: 91

علةٍ نحو: فيه ويرضوه، أم حرفًا صحيحًا نحو: منه وعنه وإكرمه.

(وفاقًا لأبي العباس) -هو المبرد- والذي رجحه سيبويه الإشباع إذا لم يكن الساكن حرف لينٍ، قال المنصفن ورد ذلك أبو العباس، ويعضده السماع.

(وقد تسكن أو تختلس الحركة بعد متحرك عند بني عقيل وبني كلاب اختيارًا) -قال الكسائي: سمعت أعراب عقيل وكلاب يقرؤون: "إن الإنسان لربه لكنود" بالجزم، و"لربه لكنود" بغير تمام.

(وعند غيرهم اضطرارًا) -كقوله:

(58)

وأشرب الماء ما بي نحوه ظمأ

إلا لأن عيونه سيل ودايها

وقوله:

(59)

عسى ذات يومٍ أن يعود بها النوى

على ذي هوى حيران قلبه طائر

(وإن فصل المتحرك في الأصل) -هذا الجار متعلق بفصل لا بالمتحرك.

(ساكن حذف جزمًا) -كقوله تعالى: "يؤده إليك" الأصل قبل دخول الجازم: يؤديه.

ص: 92

(أو وقفًا) -كقوله تعالى: (فألقه إليهم) الأصل: ألقيه.

(جازت الأوجه الثلاثة) -هي الإشباع والاختلاس والتسكين.

(ويلي الكاف والهاء في التثنية والجمع ما ولي التاء) -فتقول: ضربكما غلامكما، وضربكم غلامكم، وضربكن غلامكن، وضربهما غلامهما، وضربهم غلامهم، وضربهن غلامهن.

(وربما كسرت الكاف فيهما) -أي في التثنية والجمع.

(بعد ياء ساكنةٍ) -نحو: فيكما وفيكم وفيكن.

(أو كسرةٍ) -نحو: بكما وبكم وبكن، وهي لغة حكاها سيبويه والفراء، لكنها رديئة، كما قال سيبويه وأنشد:

(60)

وإن قال مولاهم على جل حادثٍ

من الدهر ردوا فضل أحلامكم ردوا

(كسر ميم الجمع بعد الهاء المكسورة) -احترز من الهاء المضمومة نحو: "تتوفاهم الملائكة" فإن الميم لا تكسر.

(باختلاس قبل ساكن) -نحو: "بهم الأسباب" وهو أقيس من الضم.

ص: 93

(وبإشباع دونه) -أي دون الساكن نحو: "ومن يولهم يومئذٍ دبره".

(أقيس) -أي من الضم والإسكان.

(وضمها قبل ساكن) -نحو: "بهم الأسباب".

(وإسكانها قبل متحرك) -نحو: "ومن يولهم يومئذٍ".

(أشهر) -فكذلك قرأ أكثر القراء بالضم قبل الساكن، وبالإسكان قبل المتحرك.

(وربما كسرت) -أي الميم.

(قبل ساكن مطلقًا) -أي وإن لم تل هاءً مكسورة، أنشد الفراء.

(61)

فهم بطانتهم وهم وزاؤهم

وهم القضاة ومنهم الحجاب

(فصل): (تلحق قبل ياء المتكلم إن نصب بغير صفةٍ) -يدخل في هذا الفعل نحو: أكرمني ويكرمني، واسم الفعل نحو: عليكني، وإن وأخواتها.

(أو جر بمن) -نحو: مني.

ص: 94

(أو عن) -نحو: عني.

(أو قد) -نحو: قدني.

(أو قط) -نحو: قطني. ومعناهما: حسب، والياء مجرورة كما في حسبي، هذا مذهب الخليل وسيبويه، وستذكر في أسماء الأفعال.

(أو بجل) -نحو: بجلني، ومعناها: حسبى، وستذكر في أسماء الأفعال.

(أو لدن) -نحو: من لدنى.

(نون مكسورة للوقاية) -لأنها تقي الفعل الكسر.

(وحذفها) -أي نون الوقاية.

(مع لدن وأخوات ليت جائز) -تقول: لدنى وإني وإني وكأني ولكني.

(وهو) -أي الحذف.

(مع بجل ولعل أعرف من الثبوت) -فبجلي أعرف من بجلني. ومنه:

(62)

ألا إنني شربت أسود حالكًا

ألا بجلي من الشراب ألا بجل

ص: 95

ولعلي أعرف من لعلني، ولم يرد في القرآن إلا لعلي، ومن لعلني قوله:

(63)

فقلت أعيراني القدوم لعلني

أخط بها قبرًا لأبيض ماجد

(ومع ليس وليت ومن وعن وقد وقط بالعكس) -فليتني أعرف من ليتى، وكذا عني ومني وليسنى وقدني وقطني، ومن الحذف قوله:

(64)

عددت قومي كعديد الطيس

إذ ذهب القوم الكرام ليسى

وقوله:

(65)

كمنية جابر إذ قال ليتي

أصادفه وأتلف جل مالي

وقوله:

(66)

أيها السائل عنهم وعني

لست من قيسٍ ولا قيس مني

ص: 96

وقوله:

(67)

قدني من نصر الخبيبين قدي

(وقد تلحق) -أي النون المذكورة.

(مع اسم الفاعل) -كقوله:

(68)

وليس الموافيني ليرفد خائبًا

فإن له أضعاف ما كان أملا

و(وأفعل التفضيل) -كقوله عليه الصلاة والسلام، "غير الدجال أخوفنى عليكم" والأصل: أخوف مخوفاتي، فحذف المضاف إلى الياء وأقيمت هي مقامه فاتصل أخوف بالياء معمودة بالنون.

(وهي) -أي نون الوقاية.

(الباقية في فليني) -أشار به إلى قوله:

(69)

تراه كالثغام يغل مسكًا

يسوء الفاليات إذا فليني

ص: 97

(لا الأولى) -وهي نون الإناث.

(وفاقًا لسيبويه) -فالمحذوف منه عند سيبويه ومن وافقه نون الإناث والباقية نون الوقاية كما بقيت في تأمروني، وذهب المبرد ومن وافقه إلى أن المحذوف نون الوقاية والباقية نون الإناث، وهو الموافق لما قرره البصريون من أن الفاعل لا يحذف، وقال في البسيط في فلينى، إنه لا خلاف أن نون الوقاية هي المحذوفة.

(فصل): (من المضمر منفصل في الرفع، منه للمتكلم أنا) -مذهب البصريين أن الضمير في أنا الهمزة والنون، والألف زائدة، ومذهب الكوفيين أن أنا كله هو الضمير.

(محذوف الألف في وصل عند غير تميم) -تقول في لغة غيرهم: أن فعلت بحذف الألف، وفي لغتهم بإثباتها، وبها قرأ نافع:"أنا أحيي".

(وقد يقال: هنا) -الهاء بدل من الهمزة كما قالوا في إياك: هياك.

(وأن) -قال الفراء: بعض العرب يقول: أن قلت ذلك، يطيل الألف الأولى، ويحذف الأخيرة، وأن قلت ذلك في قضاعة على وزن عان.

(وأن) -حكاه قطرب.

ص: 98

(ويتلوه) -أي ويتلو أن.

(في الخطاب تاء حرفية كالاسمية لفظًا وتصرفًا) -فتقول: أنت وأنت وأنتما وأنتم وأنتن، كما تقول: ضربت ضربت ضرتبم ضربتن، والضمير أن والتاء حرف خطاب، هذا مذهب البصريين وذهب الفراء إلى أن "أنت" بكماله هو الضمير، وذهب ابن كيسان إلى أن التاء هي الاسم كما في فعلت قال: وكثرت بأن.

(ولفاعل نفعل نحن) -فيقول المتكلم المعظم نفسه والمشارك، نحن فعلنا.

(وللغيبة هو) -أي للمذكر.

(وهي) -أي للمؤنث. ومذهب جمهور البصريين أن الضمير هو وهي، وذهب الكوفيون والزجاج وابن كيسان إلى أن الضمير الهاء، والواو والياء زائدتان.

(وهما) -أي للاثنين.

(وهم) -أي للجماعة الذكور، وميم هما وهم زائدة وحكى عن الفارسي أن المجموع هو الضمير. ولم يجعل الميم زائدة.

(وهن) -أي لجماعة الإناث، والنون الأولى في هن كالميم في هم والثانية كالواو في هو، ولم تحذف الثانية فيقال هن كما قيل هم لأنها غير مدة.

ص: 99

(ولميم الجمع في الانفصال ما لها في الاتصال) -فيثبت لميم أنتم ما يثبت لميم ضربتم من التسكين والإشباع واختلاس الحركة، لكن لا يجيء في ميم أنتم خلاف يونس في ضربتموه، إذ لا يتصل بها ضمير.

(وتسكين هاء هو وهي بعد الواو والفاء واللام وثم جائز) -فتقول: وهو، وفهو، ولهو، وثم هو بتسكين الهاء وضمها، وكذلك في هي، والتسكين فيها لغة أهل نجد، والتثقيل فيها لغة الحجاز، والتخفيف بعد الواو والفاء واللام أكثر في كلام العرب.

(وقد تسكن بعد همزة الاستفهام) -كقوله:

(70)

فقمت للطيف مرتاعًا فأرقني .... فقلت: أهي سرت أم دعاني حلم

(وكاف الجر) -كقوله:

(71)

وقد علموا ما هن كهي فكيف لي

سلو ولا أنفك صبا متيما

(وتحذف الواو والياء اضطرارًا) -كقوله:

(72)

بيناه في دار صدق قد أقام بها

حينًا يعللنا وما نعلله

ص: 100

وقوله:

(73)

سالمت من أجل سلمى قومها وهم

عدًا ولولاه كانوا في الفلا رمما

(وتسكنهما) -أي الواو والياء.

(قيس وأسد) -وعلى هذه اللغة قوله:

(74)

أدعوته بالله ثم قتلته

لو هو دعاك بذمةٍ لم يغدر

وقوله:

(75)

إن سلمى هي التي لو تراءت

حبذا هي من خلة لو تخال

(وتشددهما همدان) -ومن ذلك قوله:

(76)

وإن لساني شهدة يشتفى بها

وهو على من صبه الله علقم

وقوله:

(77)

فالنفس إن دعيت بالعنف آبية

وهي ما أمرت بالرفق تأتمر

(ومن المضمرات إيا) -وهذا مذهب سيبويه وعليه المحققون.

ص: 101

(خلافًا للزجاج) -في زعمه أنه ظاهر وما اتصل به ضمير في موضع خفض بالإضافة. إذ لو كان ظاهرًا لجاز تأخره عن عامله كسائر الظواهر فتقول: ضربت إياك كما تقول: ضربت زيدًا.

(وهو في النصب كأنا في الرفع) -فأنا ضمير رفع متصل، وإيا ضمير نصب منفصل.

(لكن يليه دليل على ما يراد من متكلم أو غيره اسمًا مضافًا إليه) -لأنه لما وضع بلفظٍ واحد افتقر إلى ما يبين المراد به، فأضيف إلى المضمر المبين فقيل: إياي وإيانا وإياك وإياكِ وإياكما وإياكم وإياكن وإياه وإياها وإياهما وإياهم وإياهن.

(وفاقًا للخليل والأخفش والمازني) -فإياي وأخواته عند هؤلاء ضميران أحدهما مضاف إلى الآخر، ودليل الخفض بالإضافة وقوع الظاهر المجرور بعد إيا فيما روى الخليل من قولهم: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب، ودليل الاسمية البقاء على ما ثبت قبل دخول إيا.

(لا حرفًا، خلافًا لسيبويه ومن وافقه) -فإيا عند سيبويه والفارسي قيل والأخفش، واختاره جماعة، ضمير والمتصل بها حرف يبين أحوال الضمير.

(ويقال: إياَّك وإيَاك وهيَّاك وهيَاك) -واللغة المشهورة إياك بكسر الهمزة وتشديد الياء، وقرأ الرقاشي "إياك" بفتح الهمزة وتخفيف الياء.

ص: 102

وقرأ أبو عمرو وابن فايد "إياك" بكسر الهمزة وتخفيف الياء، وقرئ "هيَّاك" بكسر الهاء المبدلة من الهمزة وتشديد الياء، وقرئ أيضًا "هيَاك" بفتح الهاء وتخفيف الياء.

(فصل): (يتعين انفصال الضمير إن حصر بإنما) -كقول الفرزدق:

(78)

أنا الفارس الحامي الذمار وإنما

يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي

(أو رفع بمصدر مضافٍ إلى المنصوب) -نحو: عجبت من ضربك هو. ومنه قوله:

(79)

بنصركم نحن كنتم ظافرين وقد

أغرى العدا بكم استسلامكم فشلا

(أو بصفةٍ جرت على غير صاحبها) -نحو: زيد هند ضاربها هو. ومنه:

(80)

غيلان مية مشغوف بها هو مذ

بدت له فحجاه بان أو كربا

(أو اضمر العامل) -كقوله:

(81)

فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب

لعلك تهديك القرون الأوائل

ص: 103

أي فإن ضللت لم ينفعك علمك، فأضمر الفعل لفهم المعنى فانفصل الضمير.

(أو أخر) -كقوله تعالى: (إياك نعبد).

(أو كان حرف نفي) -كقوله:

(82)

إن هو مستوليًا على أحدٍ

إلا على أضعف المجانين

(أو فصله متبوع) -نحو: جاء عبد الله وأنت ومنه قوله تعالى: "لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين"، وقوله تعالى:"يخرجون الرسول وإياكم".

(أو ولي واو المصاحبة) -كقوله:

(83)

فآليت لا أنفك أحذو قصيدةً

تكون وإياها بها مثلا بعدي

(أو إلا) -كقوله تعالى: "أمر ألا تعبدوا إلا إياه".

ص: 104

(أو إما) -نحو: ليقم إما أنا وإما أنت. ومنه قوله:

(84)

بك أو بي استعان، فليل إما

أنا أو أنت ما ابتغى المستيعن

(أو اللام الفارقة) -كقوله: إن ظننت زيدًا لإياك، ومنه:

(85)

إن وجدت الصديق حقا لإيا

ك فمرني فلن أزال مطيعا

(أو نصبه عامل في مضمر قبله غير مرفوع إن اتفقا رتبةً) -نحو: علمتني إياي، وعملتك إياك، وزيد علمته إياه.

واحترز بغير مرفوع من نحو: ظننتني، فإنه لا يجوز فصل الياء وبإن اتفقا من أن يختلفا رتبة نحو: الدرهم أعطيتكه، فسيأتي حكم هذا قريبًا.

(وربما اتصلا غائبين إن لم يشتبها لفظًا) -حكى الكسائي: هم أحسن الناس وجوهًا وأنضرهموها، وهو قليل، فإن اشتبها لفظًا امتنع، فلا يجوز: زيد الدرهم: أعطيتهموه.

(وإن اختلفا رتبة جاز الأمران) -أي الاتصال والانفصال في الذي لم يل الفعل نحو: الدرهم أعطيتكه، وأعطيتك إياه، وزيد ظننتكه، وظننتك إياه.

ص: 105

(ووجب في غير ندور تقديم الأسبق رتبة مع الاتصال) -فيقدم ضمير المخاطب على الغائب نحو: الدرهم أعطيتكه، وضمير المتكلم على المخاطب نحو: يا غلام أعطانيك زيد، واحترز بغير ندور من قول عثمان رضي الله عنه: أراهمني الباطل شيطانًا، وبقوله: مع الاتصال من الانفصال، فإنه يجوز تقديم كل منهما نحو: الدرهم أعطيتك إياه، وأعطيته إياك لكن بشرط أن لا يلبس، فإن ألبس وجب تقديم الفاعل في المعنى نحو: زيد أعطيتك إياه.

(خلافًا للمبرد ولكثير من القدماء) -فإنهم يجيزون تقديم غير الأسبق مع الاتصال، فيجيزون: الدرهم أعطيتكموه، لكن الانفصال عندهم أحسن.

(وشذ "إلاك" فلا يقاس عليه) -أي وقوع الضمير المتصل بعد إلا، وأشار بـ "إلاك" بكسر الكاف إلى قوله:

(86)

وما علينا إذا ما كنت جارتنا

أن لا يجاورنا إلاك ديار

وأكثر النحويين على أن اتصال الضمير بإلا ضرورة، وفي كلام بعضهم ما يقتضي أنه مقيس.

(ويختار اتصال هاء أعطيتكه) -وهو كل فعل تعدى إلى مفعولين

ص: 106

ثانيهما ليس خبرًا في الأصل، ومنه قوله تعالى:"أنلزمكموها". وقوله تعالى: "إذ يريكهم الله في منامك قليلاً، ولو أراكهم كثيرًا لفشلتم". وظاهر كلام سيبويه أن الاتصال فيه لازم، قال المصنف: ويدل على عدم لزومه قوله عليه الصلاة والسلام: "فإن الله ملككم إياهم، ولو شاء لملكهم إياكم".

(وانفصال الآخر من نحو: فراقيها) -وهو كل ما اشتمل على مضمر منصوب بمصدر مضاف إلى مضمر قبله هو فاعل نحو: زيد عجبت من ضربيه. فيجوز اتصال المضمر المنصوب وانفصاله، والانفصال أحسن، ومن الاتصال قوله:

(87)

تعزيت عنها كارهًا فتركتها

وكان فراقيها أمر من الصبر

(ومنعكها) -وهو ما اشتمل على مضمر منصوب بمصدر مضاف إلى مضمر قبله هو مفعول نحو: الدرهم عجبت من تمليككه زيد. فيجوز اتصال الهاء وانفصالها والانفصال هو المختار، ومن الاتصال قوله:

(88)

فلا تطمع -أبيت اللعن- فيها

ومنعكها بشيء يستطاع

ص: 107

(وخلتكه) -وهو كل فعل تعدى إلى مفعولين الثاني منهما خبر في الأصل، فعند المصنف أن انفصال الهاء ونحوها هو المختار، وكذا نص سبيويه على أن الانفصال هو الوجه، واختار المصنف في غير هذ االكتاب الاتصال.

(وكهاء أعطيتكه هاء نحو كنته) -فيكون اتصال الهاء في كنته هو المختار، وهذا اختيار الرماني وابن الطراوة، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام لعمر في ابن صياد:"إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله". والذي نص عليه سيبويه أن الانفصال هو المختار.

(وخلف ثاني مفعولي نحو: أعطيت زيدًا درهمًا في باب الإخبار) -فإذا قلت: الذي أعطيته زيدًا درهم، فالمختار اتصال الهاء، وهذا مذهب المازني، والمختار عند غيره الانفصال، فتقول: الذي أعطيت زيدًا إياه درهم، وهذا جارٍ على قاعدة الإخبار.

(ونحو: ضمنت إياهم الأرض، ويزيدهم حبًا إلى هم، من الضرورات) -المراد بضمنت إياهم قوله:

(89)

بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت

إياهم الأرض في دهر الدهارير

وبيزيدهم قوله:

(90)

وما أصاحب من قوم فأذكرهم

إلا يزيدهم حبا إلي هم

ص: 108

وإنما كانا من الضرورات لأنه فصل فيهما الضمير في غير موضع الفصل، ولولا الضرورة لقال: ضمنتهم، ويزيدونهم، والواو في يزيدونهم عائدة على قوله: قوم، وهم المتصل بيزيد عائد على المفارقين.

فصل: (الأصل تقديم مفسر ضمير الغائب) -وذلك ليعلم المعني بالضمير عند ذكره.

(ولا يكون) -أي مفسر ضمير الغائب.

(غير الأقرب إلا بدليل) -فإذا قلت: لقيت زيدًا وعمرًا يضحك، فالضمير في يضحك عائد على عمرو، ولا يعود على زيد إلا بدليل، ومنه قوله تعالى:(إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب). فالضمير في ذريته عائد على إبراهيم لا على إسحاق ولا على يعقوب، لأن المحدث عنه من أول القصة إلى آخرها إبراهيم.

(وهو) -أي المفسر.

(إما مصرح بلفظه) -نحو: زيد لقيته.

ص: 109

(أو مستغنى عنه بحضور مدلوله حسا) -كقوله تعالى: "قال: هي رادوتني عن نفسي"، وقوله:"يا أبت استأجره"، فاستغنى بحضور ما يعود عليه الضمير في قال هي، وهاء استأجره عن ذكره لفظًا.

(أو علمًا) -كقوله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر" أي القرآن، فالمفسر مستغنى عن ذكره بحضور مدلوله علمًا.

(أو بذكر ما هو له جزء) -كقوله:

(91)

أماوي ما يغني الثراء عن الفتى

إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصدر

فالضمير في حشرجت عائد على النفس، وذكر الفتى مغن عن ذكرها لأنها جزؤه.

(أو كل) -كقوله تعالى: "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله". فالذهب والفضة بعض المكنوزات، فأغنى ذكرهما عن ذكر الجميع، حتى كأنه قال: إن الذين يكنزون أصناف ما يكنز ولا ينفقونها.

(أو نظير) -نحو: عندي درهم ونصفه، أي ونصف درهم آخر، قيل

ص: 110

ومنه:

(92)

وكل أناسٍ قاربوا قيد فحلهم

ونحن خلعنا قيده فهو سارب

أي قيد فحلنا.

(أو مصاحب بوجهٍ ما) -وذلك كالاستغناء بمسلتزمٍ عن مستلزم كقوله تعالى: "فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان". فعفي يسلتزم عافيًا، فالضمير في إليه عائد عليه، ومنه قوله:

(93)

لكا لرجل الحادي وقد تلع الضحى

وطير المنايا فوقهن أواقع

فالحادي يستلزم إبلا محدوة، فضمير فوقهن عائد على الإبل، وتلع بمعنى ارتفع، يقال: تلع النهار ارتفع، ويروى: متع، يقال: متع النهار يمتع إذا ارتفع وطال.

(وقد يقدم الضمير المكمل معمول فعل أو شبهه على مفسرٍ صريحٍ كثيرًا

ص: 111

إن كان المعمول مؤخر الرتبة) - وذلك نحو: غلامه ضرب زيد، ومنه قولهم: في بيته يؤتى الحكم، ونحو: ضرب غلامه زيد، ومنه قوله تعالى:"فأوجس في نفسه خيفة موسى"، ونحو: غلام أخيه ضرب زيد، ومنه:

(94)

شر يوميها وأغواه لها

ركبت عنز بحدج جملا

شر يوميها ظرف لركبت، وهذا كله داخل تحت قوله: المكمل معمول فعل، وعنز في قوله: ركبت عنز امرأة من طسم، وطسم قبيلة من عاد كانوا وانقرضوا، ويقال: إن عنزًا أخذت سبية، فحملوها في حدج بالكسر، وهو مركب من مراكب النساء، وألطفوها بالقول والفعل، فقيل: هذه أكرم النساء فقالت: هذا شر يومي، أي حين صرت أكرم السباء. ومثال المكمل معمول شبه الفعل، أضارب غلامه أو غلام أخيه زيد؟

(وقليلاً إن كان مقدمها) -نحو:

(95)

كسا حلمة ذا الحلم أثواب سودد

ورقى نداه ذا الندى في ذرا المجد

والمصنف في إجازته هذه المسألة تابع لابن جنى، وأجازها قبلهما الأخفش

ص: 112

من البصريين، وأبو عبد الله الطوال من الكوفيين، وخص بعضهم جوازها بالشعر، وأجازها بعضهم مع عود الضمير على ما اتصل بالمفعول نحو: ضرب غلامها عبد هند، والمشهور فيها المنع مطلقًا، ومثالها مع شبه الفعل: أضارب غلامها هندًا؟ أو غلامها عبد هند؟

(وشاركه صاحب الضمير في عامله) -وذلك كالبيت والمثال المتقدم. واحترز من أن لا يشاركه صاحب الضمير في العامل، فإن المسألة تكون ممنوعة نحو: ضرب غلامها جار هند، فغلام مرفوع بضرب، وهند مخفوض بالإضافة، فلم يشترك ما اتصل به الضمير وما عاد عيه الضمير في العامل.

(ويتقدم أيضًا غير منوي التأخير إن جر برب) -كقوله:

(96)

واه رأيت وشيكًا صدع أعظمه

وربه عطبًا أنقذت من عطبه

ص: 113

(أو رفع بنعم) -كقوله:

(97)

نعم امرا هرم لم تعر نائبة

إلا وكان لمرتاع بها وزرا

(أو شبهها) -نحو: بئس رجلاً زيد، وظرف رجلاً زيد.

(أو بأول المتنازعين) -كقوله:

(98)

جفوني ولم أجف الأخلاء إنني

لغير جميل من خليلي مهمل

(أو أبدل منه المفسر) -نحو: ما حكى عن الكسائي: اللهم صل عليه الرءوف الرحيم، وهذه المسألة أجازها الأخفش، وهو الصحيح، ومنعها غيره.

(أو جعل خبره) -كقوله تعالى: "إن هي إلا حياتنا الدنيا" أي إن الحياة إلا حياتنا الدنيا، قيل ومنه: هي النفس تتحمل ما حملت، وهي العرب تقول ما شاءت.

(أو كان المسمى ضمير الشأن عند البصريين) -نحو: هو زيد قائم. ويسمونه ضمير الشأن إذا كان مذكرا كهذا المثال، وضمير القصة إذا كان مؤنثًا نحو: هي هند قائمة.

(وضمير المجهول عند الكوفيين) -وسموه مجهولاً لأنه لا يدرى عندهم

ص: 114

ما يعود عليه.

(ولا يفسر إلا بجملةٍ) -وهذا مذهب البصريين، فلا يفسر بمفردٍ، خلافًا لمن خالف كما سيأتي.

(خبرية) -فلا يفسر بجملة طلبية ولا إنشائية، فلا يقال: هو اضرب زيدًا، ولا: هو والله لأفعلن كذا، وفيه نظر.

(مصرح بجزءيها) -فلو حذف جزء منها امتنعت المسألة عند البصريين.

(خلافًا للكوفيين في نحو: ظننته قائمًا زيد) -ووافقهم أبو الحسن، فيجعلون الهاء ضمير الشأن، وقائما مفعولاً ثانيًا لظننت، ويرفعون زيدًا بقائم، ويفسرون بقائم ومرفوعه ضمير الشأن، ففسروا ضمير الشأن بمفرد، لأن اسم الفاعل مع فاعله مفرد وتفسير ضمير الشأن بمفرد ممنوع إذ لم يثبت، وأما هذه المسألة فإن سمع نظيرها خرج على أن زيدًا مبتدأ مؤخر، وظننته قائمًا خبره، والهاء مفعول ظننت عائدة على زيد، وهذا هو السابق إلى الفهم.

(وإنه ضرب أو قام) -أجازهما الكوفيون على حذف المسند إليه من غير أداة ولا إضمار، ومنعهما البصريون لما سبق أنه لا يخبر عن ضمير الشأن إلا بجملة مصرح بجزءيها، وعلته أن الكلام لما افتتح بضمير الشأن دل ذلك على الاعتناء بالمحدث عنه، والحذف منافٍ للاعتناء.

(وإفراده لازم) -وذلك لأن مفسره مضمون الجملة، وهو مفرد لأنه

ص: 115

نسبة الحكم لمحكوم عليه.

(وكذا تذكيره) -فتقول: إنه زيد قائم، ولا يجوز: إنها زيد قائم، والمنقول عن البصريين جواز ذلك لإرادة القصة، وعن الكوفيين المنع.

(ما لم يله مؤنث) -نحو: إنها جاريتاك ذاهبتان، وإنها نساؤك ذاهبات.

(أو مذكر شبيه به مؤنث) -نحو: إنها قمر جاريتك.

(أو فعل بعلامة تأنيث) -كقوله تعالى: "فإنها لا تعمي الأبصار".

(فيرجح تأنيثه باعتبار القصة على تذكيره باعتبار الشأن) -فيجوز في هذه المسائل الثلاث التذكير والتأنيث، لكن الراجح التأنيث، لأن فيه مشاكلة تحسن اللفظ ولا يختلف المعنى بذلك، إذ القصة والشأن بمعنى واحد.

ومن التذكير:

(99)

وإلا يكن لحكم غريض فإنه

تكب على أفواههن الغرائر

ص: 116

يقال: لحم غريض أي طري، يقال: غرض الشيء غرضًا مثل صغر صغرًا، فهو غريض أي طري.

(ويبرز) -أي ضمير الشأن.

(مبتدأ) -نحو: "قل هو الله أحد" في أظهر الاحتمالين فيه.

(واسم ما) -كقوله:

(100)

وما هو من يأسو الكلوم وتتقى

به نائبات الدهر كالدائم البخل

(ومنصوبًا في بابي إن ظن) -نحو قوله تعالى: "وأنه لما قام عبد الله يدعوه". ونحو:

(101)

علمته الحق لا يخفى على أحد

فكن محقا تنل ما شئت من ظفر

(ويستكن في بابي كان وكاد) -كقول الشاعر:

(102)

إذا مت كان الناس صنفان: شامت

وآخر مثن بالذي كنت أصنع

ص: 117

ونحو:

(103)

هي الشفاء لدائي لو ظفرت بها

وليس منها شفاء الداء مبذول

وكقراءة حمزة وحفص: "من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم" بالياء المثناة من تحت، ففي كاد ضمير الأمر، ويزيغ قلوب فعل وفاعل خبر كاد، ولا يجوز رفع قلوب بكاد ويكون يزيغ خبر كاد والنية به التأخير، لأنه كان يجب أن يكون بالتاء المثناة من فوق، إذ لا يجوز: القلوب يزيغ بالياء إلا في الشعر.

(وبني المضمر لشبهه بالحرف وضعًا) -وذلك كالتاء في ضربت، و "نا" في ضربنا، فبناء هذا النوع واجب لكونه مشبهًا بالحرف في وضعه على حرف واحد أو على حرفين، وحمل باقي المضمرات عليه ليجري الباب على سنن واحد.

(وافتقارًا) -لأن المضمر مفتقر إلى ما يفسره ويعين من عاد إليه بمشاهدة أو غيرها.

(وجمودًا) -والمراد بالجمود عدم التصرف في لفظه بوجهٍ ما حتى بالتصغير وبأن يوصف أو يوصف به كاسم الإشارة.

ص: 118

(أو للاستغناء باختلاف صيغه لاختلاف المعاني) -فللمتكلم في الرفع تاءً مضمومة، وفي غيره ياء، وللمخاطب تاء مفتوحة، وفي غيره كاف مفتوحة في التذكير ومكسورة في التأنيث، فأغنى ذلك عن إعراب الضمير لحصول الامتياز به.

(وأعلاها اختصاصًا ما للمتكلم، وأدناها ما للغائب) -فأنا ونحوه أخص من أنت ونحوه، وأنت ونحوه أخص من هو ونحوه، وذلك لقلة الاشتراك.

(ويغلب الأخص في الاجتماع) -فتقول: أنا وأنت فعلنا، ولا تقول: فعلتما، وأنت وهو فعلتما، ولا تقول، فعلا.

(فصل): (من المضمرات المسمى عند البصريين فصلاً) -وسموه بذلك، قيل: لأنه فصل به بين الخبر والنعت، وقيل لأنه فصل به بين المبتدأ والخبر، وقيل لأنه فصل به بين الخبر والتابع، فالإتيان به يوضح كون الثاني خبرًا تابعًا لما قبله.

(وعند الكوفيين عمادًا) -وسموه بذلك لأنه يعتمد عليه في الفائدة. إذ يتبين به أن الثاني ليس بتابع للأول، وإنما هو خبر، وبعض الكوفيين يسميه دعامة، لأنه يدعم به الكلام أي يقوى ويؤكد.

(ويقع بلفظ المرفوع المنفصل) -نحو: زيد هو القائم، ومذهب أكثر

ص: 119

النحويين وصححه ابن عصفور، أنه حرف، وصار هنا حرفًا كما أن الكاف في أكرمك تصير حرفًا مع "ذلك" وأخواته، وذهب الخليل وغيره، ونقل عن البصريين، إلى أنه اسم مضمر لدلالته على مسمى، وهو اختيار المصنف لعده إياه من المضمرات.

(مطابًا لمعرفة قبل) -نحو: ظننت زيدًا هو الفاضل، والزيدين هما الفاضلين، والزيدين هم الفاضلين، وهندًا هي الفاضل، والهندات هن الفضليات، وفهم منه أنه لا يجوز أن تكون قبله نكرة، فلا يجوز.

ما ظننت أحدًا هو القائم، وهذا مذهب البصريين، وأجازها الفراء وهشام.

(باقي الابتداء أو منسوخه) -باقي ومنسوخ صفتان لمعرفة في قوله: "لمعرفة قبل"، والأول نحو: زيد هو القائم، والثاني: ظننت زيدًا هو القائم، وإن زيدًا هو القائم، وكان زيد هو القائم.

(ذي خبر بعد) -صفة لمعرفة.

(معرفةٍ) -صفة لخبر كالقائم في المثل السابقة ونحو: إن كان زيد لهو أخاك.

ص: 120

(أو كمعرفة في امتناع دخول الألف واللام عليه) -نحو: خير منك أو مثلك فتقول: كان زيد لهو خيرًا منك أو مثلك، فيجوز كون "هو" فصلاً لأن هذه النكرة أشبهت المعرفة في أنها لا تقبل الألف واللام، فإن كانت النكرة تقبل الألف واللام امتنعت المسألة، فلا تقول: كان زيد هو منطلقًا، نص على ذلك سيبويه، وكأنها مجمع عليها، إلا أن الصفار حكى أن بعضهم أجاز الفصل في نحو: لا رجل هو منطلق، على حد: إن زيدًا هو القائم.

(وأجاز بعضهم وقوعه بين نكرتين كمعرفتين) -أي في امتناع لحاق "ال" بكل منهما، فتقول: ما أظن أحدًا هو خيرًا منك، وما أظن أحدًا هو مثلك. بنصب خير ومثل، حكاه سيبويه عن أهل المدينة، قال: وزعم يونس أن أبا عمرو جعله لحنًا.

(وربما وقع بين حال وصاحبها) -حكى الأخفش أن بعض العرب يقول: ضربت زيدًا هو ضاحكًا، وعلى هذه اللغة قرأ بعضهم:"هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) بنصب أطهر، وأجاز عيسى: هذا زيد هو خيرًا منك، وقرأ: "هن أطهر" بالنصب، وهذا لحن عند أبي عمرو والخليل وسيبويه.

ص: 121

(وربما وقع بلفظ الغيبة بعد حاضر قائم مقام مضاف) -كقوله:

(104)

وكائن بالأباطح من صديق

يراني لو أصبت هو المصابا

فالياء مفعول "يراني" الأول، والمصاب المفعول الثاني، "وهو" فصل، وحقه المطابقة لما قبله، ولم يطابق هنا لأنه غائب والتاء للمتكلم، فخرج على حذف مضاف، والتقدير: يرى مصابي هو المصاب، وحينئذ يكون مطابقًا، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فصار: يراني.

(ولا يتقدم مع الخبر المقدم، خلافًا للكسائي) -فلا تقول: هو القائم زيد، ولا: هو القائم كان زيد، ولا: هو القائم ظننت زيدًا، وحكى الفراء وغيره عن الكسائي إجازة ذلك، وحكى عنه هشام المنع، وهو قول الجمهور ومنهم هشام والفراء.

(ولا موضع له من الإعراب على الأصح) -أي هو اسم ولا موضع له من الإعراب، وهذا مذهب البصريين ومنهم الخليل، وذلك لأنه لو كان له موضع لطابق في الإعراب ما قبله أو ما بعده نحو: ظننت زيدًا إياه القائم.

وذهب الكسائي إلى أن موضعه كموضع ما بعده، ففي قولك: زيد هو القائم "هو" في موضع رفع، وفي قولك: كان زيد هو القائم "هو" في موضع نصب، وذهب الفراء إلى أن موضعه كموضع ما قبله، ففي قولك،

ص: 122

زيد هو القائم "هو" في موضع رفع، وفي: ظننت زيدًا هو القائم "هو" في موضع نصب.

(وإنما تتعين فصليته إذا وليه منصوب وقرن باللام) -نحو: إن كان زيد لهو القائم، فيتعين هنا كونه فصلاً، إذ لا يمكن جعله مبتدأ لنصب ما بعده، ولا بدلاً لدخول اللام عليه، فلو لم يله منصوب لم تتيعين الفصلية، بل يجوز كونه مبتدأ نحو: إن زيدًا لهو القائم، وزيد هو القائم، وكذا إذا وليه منصوب ولم يقرن باللام وكان ما قبله غير منصوب نحو: كان زيد هو القائم، لجواز كونه بدلاً.

(أو ولي ظاهرًا) -نحو: ظننت زيدًا هو القائم، فالفصلية هنا متعينة أيضًا، لامتناع الإبتدائية لنصب ما بعده، والبدلية لنصب ما قبله، يحتاج المصنف أن يقول: أو ولي ظاهرًا منصوبًا، لأنه إن لم يكن الظاهر الذي وليه منصوبًا كالذي بعده لم تتعين الفصلية نحو، كان زيد هو القائم، إذ يجوز كون "هو" بدلاً كما سبق. والحاصل أن الفصلية متعينة إذا وليه منصوب وقرن باللام نحو: إن كان زيد لهو القائم، وإذا وليه منصوب وولي ظاهرًا منصوبًا نحو: ظننت زيدًا هو القائم، وما عدا هذين لا يتعين فيه الفصلية، بل يحتمل مع الفصلية الإبتدائية في بعض نحو: إن زيدًا هو القائم، وهي والبدلية في بعض نحو: زيد هو القائم، والتأكيد في بعض نحو: ظننتك أنت الفاضل.

ص: 123

(وهو مبتدأ مخبر عنه بما بعده عند كثير من العرب) -يعني أن بعضهم يرفع هذا المضمر على الإبتدائية ويخبر عنه بما بعده، قال سبيويه: بلغنا أن رؤبة كان يقول: أظن زيدًا هو خير منك، برفع خير، وحكى الجرمي أن الرفع لغة تميم. وحكى أن أبي زيد أنه سمعهم يقرؤون، "تجدوه عند الله هو خير وأعظم أجرًا".

ص: 124