الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 - باب اسم الإشارة
(وهو ما وضع لمسمى) -وهذا يمشل المعرفة والنكرة.
(وإشارة إليه) -أخرج بهذا ما عدا اسم الإشارة.
(وهو في القرب مفردًا مذكرًا ذا) وألف ذا عند البصريين منقلبة عن أصل، قيل هو ياء كاللام المحذوفة، وقيل هو واو، وزعم الكوفيون أنها زائدة، ووافقهم السهيلي.
(ثم ذاك) -أي في الرتبة الوسطى للمفرد المذكر.
(ثم ذلك وآلك) -أي في الرتبة البعدى له.
(وللمؤنثة تي وتا وته وذي وذه، وتكسر الهاءان باختلاس وإشباع، وذات) -فهذه عشرة ألفاظ للمفردة المؤنثة في حال القرب.
(ثم تيك وتيك وذيك) -أي في الرتبة الوسطى للمفردة المؤنثة، وقال أحمد بن يحيى: لا يقال: ذيك.
(ثم تِلك وتَلك وتيلك وتالك) -أي في الرتبة القصوى لها، وتلك بكسر التاء هي الأفصح.
(وتلي الذال والتاء في التثنية علامتها) -فتقول في تثنية ذا: ذان في
الرفع، وذين في الجر والنصب، وفي تثنية تا: تان في الرفع، وتين في الجر والنصب، بحذف ألف ذا وتا، ولم يثن من أسماء الإشارة غير هذين اللفظين.
(مجوزًا تشديد نونها) -فتقول: ذان وتان بتخفيف النون وتشديدها. وإطلاقه يقتضي جواز تشديدها مع الياء أيضًا فتقول: ذين وتين، وهو مذهب الكوفيين، ولم يجزه البصريون إلا مع الألف.
(وتليها) -أي تلي النون مخففة ومشددة.
(الكاف وحدها) -أي بلا لام.
(في غير القرب) -أي في الحالة الوسطى والحالة البعدى، فتقول: ذانك وذانك وذينك وذينك وتانك وتانك وتينك وتينك.
(وقد يقال ذانيك) -والأصل ذانك بتشديد النون، فأبدلوا إحدى النونين ياء فصار: ذانيك، وفعلوا ذلك أيضًا في تانك فقالوا: تانيك.
(وفي الجمع مطلقًا) -أي مذكرًا كان أو مؤنثًا.
(أولاء) -فتقول: أولاء خرجوا، وأولاء خرجن.
(وقد ينون) -فتقول: أولاء، وحكى قطرب تنوينه لغة.
(ثم أولئك) -أي للرتبة الوسطى.
(وقد يقصران) -أي أولاء وأولئك فيقال: أولا وأولاك، وحكى الفراء أن القصر فيهما لغة بني تميم، وأن املد فيهما لغة الحجاز.
(ثم أولالك) -أي للرتبة البعدى.
(على رأي) -أي على رأي من يجعل أولئك بالمد للرتبة الوسطى، فلا يكون للبعدى إلا لفظة واحدة وهي أولالك باللام.
(وعلي رأي) -وهو رأي من لا يجعل أولئك بالمد للوسطى.
(أولاء) -أي للقربى.
(ثم أولاك) -أي مقصورًا للوسطى.
(ثم أولئك وأولالك) -أي للبعدى. فلها على هذا الرأي لفظان: أولئك بالمد وأولالك باللام. والحاصل أن الخلاف وقع في أولئك بالمد، فعلى رأي هو للوسطى، وعلى رأي هو للبعدى.
(وقد يقال: هلاء) -والأصل ألاء، فأبدلت الهمزة هاء كقولهم في إياك: هياك، وفي أنا: هنا.
(وألاء) -بضم الهمزتين.
(وقد تشبع الضمة قبل اللام) -فيقال: أولاء وأولئك، بإشباع الضمتين، وهما لغتان غريبتان ذكرهما قطرب.
(وقد يقال: هولاء) -حكاها الشلوبين عن بعض العرب.
(وألاك) -أي بالقصر والتشديد، حكاها بعض اللغويين، وقال الشاعر:
(179)
من بين ألاك إلا ألاكا
وهي للرتبة الوسطى.
(ومن لم ير التوسط جعل المجرد للقرب وغيره للبعد) -المشهور أن لأسماء الإشارة ثلاث مراتب، قربى ووسطي وبعدي، فما تجرد عن الكاف واللام للقربى، وما صاحب الكاف وحدها للوسطى، وما صاحب الكاف واللام للبعدي، وذهب بعض النحويين إلى أنه ليس لها إلا مرتبتان: قربى وبعدى، فما تجرد عن كاف ولام للقربى، وما صحب الكاف بلا لام أو بلام للبعدى، وصححه المصنف في الشرح، قال: وهو الظاهر من كلام المتقدمين، ونسبة الصفار إلى سيبويه.
(وزعم الفراء أن ترك اللام لغة تميم) - وهذا مما يدل على أنه ليس لأسماء الإشارة إلا مرتبتان، وذلك لأن الفراء روى أن بني تميم يقولون، ذاك وتيك بلا لام، حيث يقول الحجازيون، ذلك وتلك باللام، وأن الحجازيين ليس من لغتهم استعمال الكاف بلا لام، وأن التميميين ليس من لغتهم استعمال الكاف مع اللام، فلزم من هذا أن اسم الإشارة على اللغتين ليس له إلا مرتبتان، إحداهما للقرب، والأخرى لأدنى البعد وأقصاه.
(وتصحب هاء التنبيه المجرد) -أي من كاف الخطاب.
(كثيرًا) -نحو: "هذا يوم ينفع الصادقين"، "هذا يوم لا
ينطقون"، "هذا كتابنا ينطق".
(والمقرون بالكاف دون اللام قليلاً) -كقوله:
(180)
رأيت بني غبراء لا ينكرونني
…
ولا أهل هذاك الطراف الممدد
وقوله:
(181)
قد احتملت مي فهاتيك دارها
وقوله:
(182)
ياما أميلح غزلانا شدن لنا
…
من هؤليائكن الضال والسمر
هوليائكن تصغير هؤلائكن، ومقتضى كلامه جواز هذانك وهاتانك مع تخفيف النون وتشديدها لكنه قال في الشرح: إن المقرون بالكاف في التثنية والجمع لا تصحبه هاء التنبيه، والسماع يرد عليه في الجمع وهو قوله: هؤليائكن الضال والسمر، فإن كان الاسم باللام لم تصحب هاء التنبيه، فلا يقال: هذلك ولا هتالك.
(وفصلها) -أي فصل هاء التنبيه.
(من المجرد) -أي من اسم الإشارة المجرد من الكاف.
(بأنا وأخواته) -من ضمائر الرفع المنفصلة كأنت ونحن.
(كثير) -نحو: قوله تعالى: "هأنتم أولاء" ونحو: ها أناذا يا رسول الله.
(وبغيرها) -أي بغير أنا وأخواته.
(قليل) -كقوله:
(183)
تعلمنها -لعمر الله- ذا قسمًا
…
فاقدر بذرعك وانظر أين تنسلك
ففصل بين هاء وذا بقوله: لعمر الله، وأنشد سيبويه:
(184)
ونحن اقتسمنا المال نصفين بيننا
…
فقلت لهم هذا لها هاوذا ليا
أي: وهذا ليا، ففصل بين ها وذا بالواو.
(وقد تعاد بعد الفصل توكيدًا) -كقوله تعالى: "هأنتم هؤلاء جادلتم عنهم".
(والكاف) -أي مع اسم الإشارة.
(حرف خطاب) -بلا خلاف بين النحويين.
(يبين أحوال المخاطب) -من إفراد وتذكير وغيرهما.
(بما بينها إذا كان اسمًا) -فتقول: ذلكَ ذلكِ ذلكما ذلكم ذلكن، كما تقول: أكرمكَ أكرمكِ أكرمكما أكرمكم أكرمكن.
(وقد يغني ذلك عن ذلكم) -كقوله تعالى: (فما جزاء من يفعل
ذلك منكم" وقوله: "ذلك خير لكم وأطهر" ولا يجوز هذا في الاسمية، فلا يقال: يا زيدون، أعرفك عمرو؟ أي: أعرفكم؟ والاستغناء بالكاف المفتوحة وحدها مع اسم الإشارة في خطاب غير المفرد المذكر مطلقًا لغة.
(وربما استغنى عن الميم بإشباع ضمة الكاف) -نحو ما أنشد بعض الكوفيين:
(185)
وإنما الهالك ثم التالك
…
ذو حيرة ضاقت به المسالك
كيف يكون النوك إلا ذلك
أي: ذلكم، فحذف الميم واستغنى بإشباع الضمة.
(وتتصل بأرأيت موافقة أخبرني هذه الكاف) -نحو: أرأيتك زيدًا ما صنع، أي أخبرني عن زيد ما صنع، فضمن أرأيت معنى أخبرني.
(مغنيًا لحاق علامات الفروع بها) -أي بالكاف.
(عن لحاقها بالتاء) -فتقول: أرأيتك يا هند زيدًا ما صنع، وأرأيتكما وأرأيتكم وأرأيتكن، فتبقى التاء مفتوحة دائمًا، ويتبين المراد بما يلحق الكاف.
(وليس الإسناد مزالا عن التاء) -بل التاء هي الفاعل، والكاف حرف متمحض للخطاب كما في ذلك وأخواته، وهذا مذهب البصريين.
(خلافًا للفراء) -في زعمه أن التاء حرف خطاب وأن الكاف هي الفاعل. ورد بأن التاء لا يستغنى عنها، بخلاف الكاف، وما لا يستغنى عنه هو الفاعل.
(وتتصل أيضًا) -أي الكاف.
(بحيهل والنجاء ورويد أسماء أفعال) -فتقول: حيهلك أي ائت، والنجاءك أي أسرع، ورويدك أي أمهل، واحترز بأسماء الأفعال من أن يكون النجاء ورويد مصدرين، وسيأتي ذلك في أسماء الأفعال إن شاء الله تعالى.
(وربما اتصلت) -أي الكاف.
(ببلى وأبصر وكلا وليس ونعم وبئس وحسبت) -نحو: بلاك وأبصرك زيدًا، أي أبصر زيدًا، وكلاك وليسك زيدًا قائمًا، ونعمك الرجل زيد، وحسبتك عمرًا منطلقًا، وكل هذا قليل جدًا.
(وقد ينوب ذو البعد عن ذي القرب لعظمة المثير) -كقوله تعالى: "وما تلك بيمينك يا موسى".
(أو المشار إليه) -كقوله تعالى: "قالت فذلكن الذي لمتنني فيه" بعد قوله: "وقلن حاش لله، ما هذا بشرًا، إن هذا إلا ملك كريم". والمجلس واحد، إلا أن مرأى يوسف عند امرأة العزيز كان أعظم من مرآه عند النسوة، فأشارت إليه بما يشار به للبعد إعظامًا وإجلالاً.
(وذو القرب عن ذي البعد لحكاية الحال) -كقوله تعالى: "كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك"، وقوله:"هذا من شيعته وهذا من عدوه".
(وقد يتعاقبان، مشارًا بهما إلى ما ولياه) -كقوله تعالى متصلاً بقصة عيسى على نبينا وعليه السلام: "ذلك نتلوه عليك من الآيات" ثم قال: "إن هذا لهو القصص الحق" فأشار بذلك إلى ما أشار إليه بهذا.
ومذهب الجرجاني وطائفة أن ذلك قد يكون للحاضر بمعنى هذا، وأنكر ذلك السهيلي.
(وقد يشار بما للواحد إلى الاثنين) -كقوله تعالى: "عوان بين ذلك" أي بين الفارض والبكر، وقول الشاعر:
(186)
إن للخير وللشر مدى
…
وكلا ذلك وجه وقبل
أي: وكلا ذينك.
(وإلى الجمع) -كقول لبيد:
(187)
ولقد سئمت من الحياة وطولها
…
وسؤال هذا الناس: كيف لبيد؟
(ويشار إلى المكان بهنا) -كقوله تعالى: "إنها ههنا قاعدون".
(لازم الظرفية) -فلا يكون فاعلاً ولا مفعولاً به ولا مبتدأ.
(أو شبهها) -أي شبه الظرفية، والمراد به أن يجيء مجرورًا ببعض الحروف نحو: مشيت من هنا إلى هنا.
(معطى ما لـ "ذا" من مصاحبةٍ وتجردٍ) -فتصاحبه هاء التنبيه وكاف الخطاب ويتجرد عنهما كما يفعل بذا فتقول: هنا وهناك وههنا وههناك، ولا تقول: ها هنالك كما لا تقول: هذالك.
(وكهنالك ثم) -ثهما ظرفان يشار بهما إلى المكان البعيد، ولا يخرجان عن الظرفية، إلا بجرهما بمن أو إلى.
(وهنا بفتح الهاء وكسرها) -أي وتشديد النون فيهما، وهما
ظرفان، وهي للبعيد كهنالك.
(وقد يقال: هنت موضع هنا) -كقوله:
(188)
وذكرها هنت ولات هنت
أراد هنا ولات هنا.
(وقد تصحبها) -أي هنا.
(الكاف) -فيقال: هناك وهناك.
(وقد يراد بهناك وهنالك وهنا الزمان) -وذلك كالقول الأفوه:
(189)
وإذا الأمور تعاظمت وتشابهت
…
فهناك يعترفون أين المفزع
أي ففي ذلك الزمان، وكقوله تعالى:"هنالك ابتلي المؤمنون" بعد قوله تعالى: "إذ جاءوكم من فوقكم" الآية. وكقول الشاعر:
(190)
حنت نوار ولات هنا حنت
…
وبدا الذي كانت نوار أجنت
والمعنى: ولات حنين في هذا الوقت.
(وبني اسم الإشارة لتضمن معناها) -وذلك أن الإشارة معنى من المعاني، فكان حقها أن يوضع لها حرف يدل عليها كغيرها من المعاني كالنفي والشرط والاستفهام، فبنيت أسماء الإشارة لتضمنها معنى الحرف الذي كان حقه أن يوضع فلم يوضع.
(أو لشبه الحرف وضعًا) -نحو: ذا وذه مما وضع منها على حرفين، وحملت البواقي عليها.
(وافتقارًا) -وذلك لأنه يحتاج في إبانة مسماه إلى مواجهة او ما يقوم مقامها مما يتنزل منه منزلة الصلة.