الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث في وجه لزوم النتيجة من المقدمتين
إن كل مفردين جمعتهما القوة المفكرة، ونسبت إحداهما إلى
الآخر، إما بإثبات مثل:" النبيذ حرام " أو " النبيذ مسكر "، وإما
بنفي مثل: " النبيذ ليس بمسكر "، وعرضت ذلك على العقل لم
يخل العقل فيه من أحد أمرين: إما أن يصدِّق به، أو يمتنع عن
التصديق.
فإن صدَّق العقل فهو الأوَّلي والضروري المعلوم بغير واسطة،
- ويقال لذلك: إنه معلوم بغير نظر ودليل وطلب.
وإن لم يُصدِّق فلا بدَّ من واسطة للتصديق، وتلك الواسطة هي
التي تنسب إلى الحكم فيكون خبراً عنها وحكما لها، وتنسب إلى
المحكوم عليه فتجعل خبراً عنه، فيُصدِّق، فيلزم من ذلك بالضرورة
التصديق بنسبة الحكم إلى المحكوم عليه، بيان ذلك:
لو أنا قلنا للعقل: احكم على النبيذ بالحرام، فإنه يقول: لا
أدري ولا يصدق به، فعلمنا من ذلك: أنه لا يلتقي في الذهن طرفا
هذه القضية وهما: " الحرام " و " النبيذ "، فلا بد من طلب واسطة
ربما صدَّق العقل بوجودها في " النبيذ "، وصدَّق بوجود وصف
الحرام لتلك الواسطة فيلزمه التصديق بالمطلوب.
فيقال للعقل: هل النبيذ مسكر؛ فيقول: نعم، وقال: نعم؛ كونه مسكراً ثبت عن طريق التجربة.
ثم يقال له: هل المسكر حرام؛ فيقول: نعم، وقال: نعم؟
لأنه علم كون المسكر حراماً عن طريق السمع.
فإذا صدَّق العقل بهاتين المقدمتين: لزم التصديق بالثالث ضرورة
وهو: أن النبيذ حرام، فيلزم العقل التصديق بذلك ويذعن للتصديق