الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع في تأليف مفردات المعاني
لما فرغنا من الكلام عن مجرد اللفظ، والكلام عن مجرد المعنى،
لا بد من الكلام عن تأليف مفردات المعاني على وجه يتطرق إليه
التصديق والتكذيب، كقولنا:" العالَم حادث "، و " زيد ليس
بكاتب "، فإن هذا راجع إلى تأليف القوة المفكرة المؤلَّفة بين معرفتين
لذاتين مفردتين بنسبة إحداهما إلى الأخرى بنفي أو إثبات.
فمثال نسبة المفرد إلى مفرد آخر في الإثبات: " العالَم حادث "،
و" زيد كاتب "، ومثال نسبة المفرد إلى مفرد آخر في النفي: "العالَم
ليس بقديم "، و " زيد ليس بكاتب ".
فعندنا جملة من جزأين، واختلف في تسميتهما على مذاهب:
المذهب الأول: أن اسم الأول - وهو زيد - مبتدأ، واسم الآخر
- وهو كاتب - خبر، وهذا مذهب النحويين.
المذهب الثاني: أن اسم الأول - وهو زيد -: محكوم عليه،
واسم الثاني - وهو كاتب -: حكم، وهذا مذهب الفقهاء؛ حيث
إن زيداً محكوم عليه بحكم، وهو كونه كاتبا.
المذهب الثالث: إن اسم الأول - وهو زيد - موصوف، واسم
الثاني - وهو كاتب - صفة، وهذا مذهب المتكلمين، حيث إن
زيداً موصوفاً بالكتابة.
المذهب الرابع: أن اسم الأول - وهو زيد - موضوع، واسم
الثاني - وهو كاتب - محمول، وهذا اصطلاح المناطقة؛ لأن
الأول وضع ليحكم عليه، والثاني سمي محمولاً لحمله على
الموضوع.
وسمى المجموع من الاسم الأول والثاني: قضية.
والقضية قسمان: " قضية شرطية "، و " قضية حملية ".
أما القضية الشرطية - وهو القسم الأول - فهي: أن ينحل
طرفاها إلى جملتين، لو أزيلت من بينهما أداة الربط في المتصلة،
وأداة المناداة في المنفصلة.
ويكون الحكم في الشرطية معلقاً نحو: إن كانت الشمس طالعة
كان النهار موجوداً.
أما القضية الحملية - وهو القسم الثاني - فهي: ما يحكم فيها
بثبوت شيء لشيء، أو نفيه عنه نحو:" زيد كاتب "، و " زيد
ليس بقائم ".
وضابطها: أن ينحل طرفاها إلى مفردين، أو ما في حكم
المفردين، ولا يكون الحكم فيها معلقاً على شيء.
وأجزاء الحملية ثلاثة:
الأول: المحكوم عليه والمسند إليه، ويسمى موضوعا اصطلاحاً؟
لأنه وضع ليحكم عليه.
الثاني: المحكوم به، والمسند، وسمّي المحمول اصطلاحاً لحمله
على الموضوع.
الثالث: النسبة الواقعة بين الموضوع والمحمول، ويسمى اللفظ
الدال عليها رابطة، لدلالته على النسبة الرابطة بين الطرفين، وهذه
الرابطة تحذف كثيراً عند العرب.
فإن قلت: ما الحمل؟
أقول: الحمل هو: اتحاد المتغايرين مفهوماً بحسب الوجود مثل:
" زيد كاتب "، فإن مفهوم " زيد " مغاير لمفهوم " كاتب "،
ولكنهما شيء واحد في الوجود.
والحمل نوعان:
1 -
حمل بالمواطأة، وهو ما كان بلا واسطة مثل:"زيد كاتب ".
2 -
حمل بالاشتقاق، وهو: ما كان بواسطة حروف وهي:
"في "، أو " اللام "، أو " ذو "، فتقول:" محمد في الدار "،
و" الكتاب محمد "، و " زيد ذو مال ".
أقسام القضية الحملية باعتبار الموضوع:
تنقسم القضية الحملية بهذا الاعتبار إلى أربع قضايا:
الأولى: قضية في عين وهي: المخصوصة، وهي: ما موضوعها
جزئي معين، وتسمى شخصية، لأن موضوعها شخصي معين مثل:
" زيد عالِم ".
الثانية: قضية مطلقة، وتسمى:" مطلقة خاصة "، وتسمى
جزئية محصورة، وهي: ما ليس موضوعها جزئياً معينا وبين جزئيته
مثل: " بعض الناس عالم ".
الثالثة: قضية عامة، وتسمى " قضية كلية "، وتسمى " مطلقة
عامة "، وهي: ما ليس موضوعها جزئياً وبيَّن كليته مثل: " كل
سواد لون ".
الرابعة: قضية مهملة وهي: ما كان الحكم فيها على الأفراد مع
إهمال بيان كمية الأفراد، مثل قوله تعالى:(إن الإنسان لفي خسر) .
وقد تكلمت عن سبب انحصار القضية الحملية في تلك القضايا
الأربع في كتابي " إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر " فارجع
إليه إن شئت.