الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني في إطلاق الحكم الشرعي بين الأصوليين والفقهاء
لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن الحكم الشرعي هو: خطاب اللَّه - تعالى -
المتعلق بفعل المكلف اقتضاء أو تخييراً أو وضعاً.
وهذا مذهب الأصوليين - كما سبق بيانه -.
والأصوليون وإن اختلفوا في تعريفاتهم، فإنهم يجتمعون على
شيء واحد وهو: كون الحكم عَلَماً على نفس خطاب الشارع الذي
يطلب من المكلف فعل شيء، أو كفه عنه، أو يخيره بينهما،
ويجعل الشيء سبباً، أو شرطاً، أو مانعاً، أو صحة، أو فاسداً،
ونحو ذلك مما يدخل تحت خطاب الوضع.
فالإيجاب هو نفس قوله: " افعل " مثل قوله تعالى:
(أقم الصلاة لدلوك الشمس)، والتحريم هو نفس قوله:" لا تفعل "
مثل قوله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق) .
فالأصوليون نظروا إلى ذات الحكم، وهو خطاب الشرع
بالتحريم، أو الإيجاب، أو الندب، أو الكراهة، أو الإباحة.
المذهب الثاني: أن الحكم الشرعي هو: ما ثبت بالخطاب
الشرعي، أي: أثره المترتب عليه، لا نفس النص الشرعي، وهو
مذهب الفقهاء.
فالحكم عند هؤلاء هو: أثر خطاب اللَّه المتعلق بفعل المكلف
اقتضاء، أو تخييراً، أو وضعاً.
فالفقهاء نظروا إليه من ناحية تعلقه بفعل المكلف.
فمثلاً: وجوب الصلاة أثر لخطاب الشارع، وهو قوله تعالى:
(أقيموا الصلاة)، وحرمة الزنا أثر ترتب على قوله تعالى:
(ولا تقربوا الزنا) .
فالوجوب والحرمة ونحوهما هو: الحكم عند الفقهاء، وهو: ما
ثبت بالخطاب واقتضاء النص.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف بين الأصوليين والفقهاء خلاف لفظي، حيث إنه راجع
إلى تفسير وبيان المراد من الحكم الشرعي والنظر إليه.
فمن نظر إلى الحكم الشرعي على أنه له مصدر يصدر عنه، وهو
الله تعالى: عرَّفه بأنه خطاب اللَّه تعالى المتعلق بأفعال المكلفين
بالاقتضاء، أو التخيير، أو الوضع، وهو مذهب الأصوليين.
ومن نظر إلى الحكم الشرعي على أن له محلاً يتعلق به، وهي
الأفعال التي تصدر من المكلفين، ويكون الحكم وصفاً شرعياً عرَّفه
بأنه: ما ثبت بالخطاب الشرعي، أو الصفة التي هي أثر ذلك
الخطاب من الشارع، وهو مذهب الفقهاء.
فالخطاب وما ترتب عليه متلازمان.