الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني في بيان سبب انحصار الحكم التكليفي
في أقسام خمسة عند الجمهور
السبب في ذلك أن خطاب الشرع التكليفي يتنوع إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: أن يكون خطاب الشرع قد اقتضى الفعل من المكلف
وطلبه منه.
النوع الثاني: أن يكون خطاب الشرع قد اقتضى الترك من المكلف
وطلبه منه.
النوع الثالث: أن يكون خطاب الشرع قد خيَّر المكلف بين الفعل
والترك.
أما النوع الأول: وهو اقتضاء الفعل - فهو ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ما أمر الشارع به واقترن بهذا الأمر ما يدل على
عدم العقاب إذا ترك المكلف فعل المأمور به، فهذا هو الندب،
كقوله تعالى: (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً) ، فهذا أمر بإعتاق
العبيد الذين فيهم خير للإسلام والمسلمين، وهو للندب، لا للوجوب؟
لأنه اقترن به ما يدل على عدم العقاب على ترك الإعتاق، حيث، إن
بعض الصحابة رضي الله عنهم لم يعتقوا ما عندهم من عبيد
وإن كان فيهم صلاح، ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فالقرينة الصارفة هي: السُّنَّة التقريرية.
القسم الثاني: ما أمر الشارع به، ولم يقترن بهذا الأمر ما يدل
على عدم العقاب إذا ترك المكلف فعل المأمور به، فهذا هو الإيجاب
كقوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) .
أما النوع الثاني - وهو اقتضاء الترك - فهو ينقسم إلى قسمين - أيضاً -:
القسم الأول: ما نهى عنه الشارع واقترن بهذا النهي ما يدل على
عدم العقاب إذا فعل المكلف ما نهي عنه، فهذا هو الكراهة مثل نهيه
صلى الله عليه وسلم عن تشبيك الأصابع بعد الوضوء للصلاة.
فهذا - النهي للكراهة؛ لأنه اقترن به ما يدل على عدم العقاب إذا
فعل المنهي عليه؛ حيث روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد شبَّك بين أصابعه وهو في انتظار الصلاة.
القسم الثاني: ما نهى عنه الشارع ولم يقترن بهذا النهي ما يدل
على عدم العقاب إذا فعل المكلف ما نهي عنه، فهذا هو " الحرام "
كقوله تعالى: (ولا تقربوا الزنا) .
أما النوع الثالث - وهو: ما خُيَر المكلف فيه بين الفعل والترك
- فهذا قسم واحد، وهو:" الإباحة "، مثل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال - حينما سئل عن الوضوء من لحوم الغنم -:" إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا تتوضأ ".