الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - فضل زينب رضي الله عنها
وهي زينب بنت سيد ولد آدم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم القرشية الهاشمية، وأمها خديجة بنت خويلد، وكانت أكبر بناته صلى الله عليه وسلم وأول من تزوج منهن رضي الله عنهن، وقد ولدت قبل البعثة بمدة قيل إنها عشر سنين وتزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع العبشمي، وأمه هاله بنت خويلد خالة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وولدت زينب لأبي العاص علياً وأمامة فتوفي علي وهو صغير، وبقيت أمامة فتزوجها علي بن أبي طالب بعد موت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت زينب رضي الله عنها من المهاجرات السيدات (1).
وقد وردت جملة من الأحاديث في مناقبها رضي الله عنها:
1 -
فقد روى ابن سعد والحاكم بإسناديهما إلى عائشة رضي الله عنها: ((أن أبا العاص بن الربيع كان فيمن شهد بدراً مع المشركين فأسره عبد الله بن جبير بن النعمان الأنصاري. فلما بعث أهل مكة في فداء أسراهم قدم في فداء أبي العاص أخوه عمر بن الربيع وبعثت معه زينب بنت رسول الله، وهي يومئذ بمكة، بقلادة لها كانت لخديجة بنت خويلد من جزع ظفار، وظفار جبل باليمن وكانت خديجة بنت خويلد أدخلتها بتلك القلادة على أبي العاص بن الربيع حين بنى بها، فبعثت بها في فداء زوجها أبي العاص، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، القلادة عرفها ورق لها وذكر خديجة وترحم عليها وقال: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا إليها متاعها فعلتم. قالوا: نعم يا رسول الله فأطلقوا أبا العاص بن الربيع وردوا على زينب قلادتها وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم على أبي العاص أن يخلي سبيلها إليه فوعده ذلك ففعل)) (2).
2 -
وروى الحاكم بإسناده عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (أن رسول الله لما قدم المدينة خرجت ابنته زينب من مكة مع كنانة أو ابن كنانة فخرجوا في إثرها فأدركها هبار بن الأسود فلم يزل يطعن بعيرها برمحه حتى صرعها وألقت ما في بطنها وأهرقت دماً فحملت فاشتجر فيها بنو هاشم وبنو أميه فقال: بنو أمية نحن أحق بها وكانت تحت ابن عمهم أبي العاص، فصارت عند هند بنت عتبة بن ربيعة وكانت تقول لها هند: هذا بسبب أبيك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة: ألا تنطلق فتجيئني بزينب قال: بلى يا رسول الله قال: فخذ خاتمي فأعطها إياه فانطلق زيد وترك بعيره فلم يزل يتلطف حتى لقي راعياً فقال: لمن ترعى قال: لأبي العاص قال: فلمن هذه الغنم قال: لزينب بنت محمد فسار معه شيئاً ثم قال له: هل لك أن أعطيك شيئاً تعطيها إياه ولا تذكره لأحد قال: نعم فأعطاه الخاتم فانطلق الراعي فأدخل غنمه وأعطاها الخاتم فعرفته فقالت: من أعطاك هذا؟ قال رجل قالت: وأين تركته؟ قال: بمكان كذا وكذا قال: فسكتت حتى إذا جاء الليل خرجت إليه فلما جاءته قال لها: اركبي قالت: لا ولكن اركب أنت بين يدي فركب وركبت وراءه حتى أتت فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هي أفضل بناتي أصيبت في)(3)
(1) انظر: ((الإصابة)) (7/ 665).
(2)
رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (8/ 31)، والحاكم (3/ 366). وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(3)
رواه الحاكم (2/ 219). وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
3 -
وروى البزار بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وكنت فيهم، فقال: إن لقيتم هبار بن الأسود، ونافع بن عبد عمرو فأحرقوهما، وكانا نخسا بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجت، فلم تزل ضبنة حتى ماتت، ثم قال: إن لقيتموهما، فاقتلوهما، فإنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله)) (1).
وجاء عند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال: إن وجدتم فلاناً وفلاناً فأحرقوهما بالنار ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: إني أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وأن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما)) (2).
والمعني بفلان وفلان هبار بن الأسود ورفيقه كما تقدم في الحديث السابق، قال ابن حجر رحمه الله:(والقصة مشهورة عند ابن إسحاق وغيره .. )(3)(وقد أسلم هبار هذا، ففي رواية أبي نجيح فلم تصبه السرية وأصابه الإسلام فهاجر)(4).
4 -
وروى الحاكم بإسناده إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ((أن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إليها أبو العاص بن الربيع أن خذي لي أماناً من أبيك، فخرجت فأطلعت رأسها من باب حجرتها والنبي صلى الله عليه وسلم في الصبح يصلي بالناس فقالت: أيها الناس: إني زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني أجرت أبا العاص، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال: أيها الناس إنه لا علم لي بهذا حتى سمعتموه ألا وإنه يجير المسلمين أدناهم)) (5).
(ففي هذا الحديث منقبة ظاهرة لزينب رضي الله عنها حيث قبل جوارها لزوجها وصار ذلك سنة للمسلمين إلى يوم القيامة، وهو أنه يجير على المسلمين أدناهم ولو كان امرأة)(6).
5 -
وروى مسلم بإسناده إلى أم عطية قالت: ((لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إغسلنها وتراً ثلاثاً أو خمساً واجعلن في الخامسة كافوراً أو شيئاً من كافور فإذا غَسَلْتُنَّهَا فأعلمنني قالت: فأعلمناها فأعطانا حقوه وقال .... أشعرنها إياه)) (7).
ففي هذه الأحاديث بيان لمناقب وفضائل زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لها من منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كانت ممن تقدم إسلامهم، وممن حظيت بالهجرة حتى أوذيت في الله وصبرت وتحملت من الأذى ما كان سبباً في وفاتها، وقد انتقلت إلى الرفيق الأعلى في أول السنة الثامنة من الهجرة (8) رضي الله عنها.
(1) لم أقف على رواية أبي هريرة ولكن رواه البزار (3/ 242) من حديث عائشة رضي الله عنها. قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (9/ 215): رجاله رجال الصحيح، وقال الشوكاني في ((در السحابة)) (ص: 218): إسناده رجاله رجال الصحيح.
(2)
رواه البخاري (3016).
(3)
انظر: ((سيرة ابن هشام)) (1/ 654)، و ((المستدرك)) (4/ 42 - 43).
(4)
((فتح الباري)) (6/ 150).
(5)
رواه الحاكم (4/ 49)، ورواه الطبراني (22/ 425) (18899). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/ 333): رواه الطبراني في ((الأوسط)) و ((الكبير)) باختصار، وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات، وصححه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (6/ 770).
(6)
((عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم) لناصر بن علي عايض حسن آل شيخ (ص: 422 - 423).
(7)
رواه مسلم (939).
(8)
((الطبقات)) لابن سعد (8/ 32) و ((السير)) للذهبي (2/ 250) و ((الإصابة)) (4/ 306).