المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: فضل الزبير بن العوام رضي الله عنه - الموسوعة العقدية - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني: إنكار الوعد أو الوعيد أو الاستهزاء به

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تنوع المعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثاني: حكم الجهل بالمعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثالث: إنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة

- ‌أولاً: تعريف النفاق

- ‌ثانياً: أنواع النفاق

- ‌المطلب الثاني: مظاهرة المشركين على المسلمين

- ‌المطلب الأول: سب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الثاني: الاستهزاء بالعلماء والصالحين

- ‌المطلب الأول: ترك الصلاة تهاونا وكسلا

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً: تعريف السحر لغةً وشرعاً

- ‌ثانياً: حكم السحر

- ‌ثالثاً: أسباب الخلاف في حكم السحر

- ‌المطلب الثالث: ما يلحق بالسحر كالعيافة، والطرق، والطيرة

- ‌أولاً: التنجيم

- ‌ثانياً: ادعاء علم الغيب

- ‌المطلب الخامس: الكهانة

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: مفهوم التلازم

- ‌المطلب الثاني: أدلة التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌المطلب الثالث: المرجئة وإنكارهم للتلازم

- ‌المبحث الثاني: إجماع أهل السنة على أن العمل جزء لا يصح الإيمان إلا به

- ‌المبحث الثالث: إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة

- ‌الفصل الثاني: نقول عن أهل العلم في بيان منزلة عمل الجوارح وحكم تاركه

- ‌المطلب الأول: التعريف اللغوي

- ‌المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي

- ‌المبحث الثاني: طرق إثبات الصحبة

- ‌النوع الأول: القرآن الكريم

- ‌النوع الثاني: الخبر المتواتر

- ‌النوع الثالث: الخبر المشهور

- ‌النوع الرابع: الخبر الآحاد: ويدخل تحته أربع طرق

- ‌المطلب الثاني: إثبات الصحبة عن طريق أحد العلامات

- ‌أولا: الأدلة على فضل الصحابة من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة على فضل الصحابة من السنة

- ‌ثالثا: أقوال العلماء في فضل الصحابة

- ‌الفرع الثاني: تفضيل الصحابة على سائر الأمة

- ‌الفرع الثالث: تفضيل الصحابة على سائر البشر بعد الأنبياء

- ‌الفرع الأول: الأدلة على وقوع التفاضل بين الصحابة

- ‌الفرع الثاني: أوجه التفاضل بين الصحابة

- ‌أولا: المفاضلة بين الخلفاء الراشدين

- ‌ثانيا: المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما

- ‌الفرع الرابع: المفاضلة بين جماعات الصحابة

- ‌الفرع الخامس: المفاضلة بين الصحابيات

- ‌الفرع الأول: فضل أبي بكر الصديق

- ‌الفرع الثاني فضل: عمر بن الخطاب

- ‌الفرع الثالث: فضل عثمان بن عفان

- ‌الفرع الرابع: فضل علي بن أبي طالب

- ‌الفرع الخامس: فضائل باقي العشرة المبشرين بالجنة

- ‌أولا: فضل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌ثانيا: فضل الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌ثالثا: فضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

- ‌رابعا: فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌خامسا: فضل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌سادسا: فضل سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: وجوب محبتهم

- ‌أولاً: معنى العدالة في اللغة

- ‌ثانياً: تعريف العدالة في الاصطلاح

- ‌تمهيد

- ‌أولا: أدلة أهل السنة والجماعة على عدالة الصحابة من القرآن الكريم

- ‌ثانيا: أدلة أهل السنة على عدالة الصحابة من السنة النبوية

- ‌ثالثا: الأدلة العقلية على عدالة الصحابة

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الأدلة على تحريم سبهم من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة من السنة على تحريم سب الصحابة

- ‌ثالثا: الأدلة من كلام السلف على تحريم سب الصحابة

- ‌رابعا: حكم سب الصحابة

- ‌1 - من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم

- ‌2 - من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم

- ‌3 - من سب صحابياً لم يتواتر النقل بفضله سبا يطعن في الدين

- ‌4 - من سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم

- ‌خامسا: لوازم السب

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الأول: متى بدأ التشاجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثاني دوافع التشاجر بين الصحابة

- ‌المطلب الخامس: الدعاء والاستغفار لهم

- ‌المطلب السادس: الشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم

- ‌تمهيد

- ‌أولا: طريقة مبايعة أبي بكر

- ‌ثانيا: النصوص المشيرة إلى خلافته

- ‌ثالثا: هل خلافة أبي بكر ثبتت بالنص أم بالإشارة

- ‌رابعاً: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة تولي عمر الخلافة

- ‌ثانيا أحقية عمر بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: كيفية توليه الخلافة رضي الله عنه

- ‌ثانيا: أحقية عثمان بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة توليه الخلافة

- ‌ثانيا: أحقية علي بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌الفرع الخامس: خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: التعريف بآل البيت لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف آل البيت شرعا

- ‌المطلب الثالث دخول أزواج النبي في آل البيت

- ‌المطلب الأول: فضائل أهل البيت في الكتاب

- ‌المطلب الثاني فضائل أهل البيت في السنة

- ‌الفرع الأول: فضائل أزواج النبي إجمالا

- ‌أولاً: فضل خديجة رضي الله عنها

- ‌ثانياً: فضل سودة رضي الله عنها

- ‌ثالثاً: فضل عائشة رضي الله عنها

- ‌رابعاً: فضل حفصة رضي الله عنها

- ‌خامساً: فضل أم سلمة رضي الله عنها

- ‌سادساً: فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها

- ‌سابعاً: فضل جويرية بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌ثامناً: فضل أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها

- ‌تاسعاً: فضل صفية بنت حيي رضي الله عنها

- ‌عاشراً: فضل ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌حادي عشر: فضل زينب بنت خزيمة

- ‌1 - فضل زينب رضي الله عنها

- ‌2 - فضل رقية رضي الله عنها

- ‌3 - فضل أم كلثوم رضي الله عنها

- ‌4 - فضل فاطمة رضي الله عنها

- ‌أولا: حمزة سيد الشهداء

- ‌ثانيا: شهادة عبد الرحمن بن عوف – أحد العشرة – لحمزة بأنه خير منه

- ‌ثالثا: حمزة أسد الله

- ‌رابعا: حمزة المبارز يوم بدر

- ‌خامسا: قصة قتل حمزة ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌سادسا: بعد حمزة من النار

- ‌أولا: جعفر الطيار ذو الجناحين

- ‌ثانيا: شهادة أبي هريرة لجعفر

- ‌ثالثا: حزن الرسول صلى الله عليه وسلم على جعفر وبشارته له

- ‌رابعا: شجاعة جعفر رضي الله عنه

- ‌خامسا: جعفر أبو المساكين

- ‌سادسا: خلق جعفر وخلقه

- ‌سابعا: هجرة جعفر للحبشة وموقفه القوي مع النجاشي وشجاعته في الحق رضي الله عنه

- ‌الفرع الثالث: فضل إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع: فضل الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌أولا: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس بالعلم والحكمة والفقه في الدين

- ‌ثانيا: حرص ابن عباس على طلب العلم

- ‌ثالثا: تقديم عمر لعبد الله بن عباس رضي الله عنهم

- ‌رابعا: ثناء ابن مسعود على ابن عباس رضي الله عنهم

- ‌خامسا: بعض من ثناء التابعين على ابن عباس رضي الله عنهما

- ‌الفرع السادس: فضل العباس بن عبد المطلب

- ‌المطلب السادس: هل القول بتفضيل بني هاشم يعد تفضيلاً مطلقاً لهم على جميع الأشخاص وفي كل الأحوال

- ‌المبحث الثالث: مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة في آل البيت

- ‌المطلب الأول: الدفاع عنهم

- ‌المطلب الثاني: الصلاة عليهم

- ‌المطلب الثالث: حقهم في الخمس

- ‌المطلب الرابع: تحريم الصدقة عليهم

- ‌الفصل الثالث: موقف أهل السنة من العلماء

- ‌1 - أنه لصبرهم وتقواهم كانت لهم الإمامة في الدين:

- ‌2 - أن طاعتهم من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌3 - أن الرد إليهم عند نزول النوازل لما خصهم الله به من القدرة على الاستنباط

- ‌4 - ومن فضلهم: أنه قرنت شهادتهم بشهادة الله تعالى والملائكة

- ‌5 - ومن فضلهم: أن اتباعهم يهدي إلى الصراط السوي

الفصل: ‌ثانيا: فضل الزبير بن العوام رضي الله عنه

‌ثانيا: فضل الزبير بن العوام رضي الله عنه

هو أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي (1) يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصي وعدد ما بينهما من الآباء سواء (2) وهو حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته، أمه صفية بنت عبد المطلب، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى (3).

قال عروة بن الزبير: أسلم الزبير بن العوام وهو ابن ثمان سنين هاجر وهو ابن ثمان عشرة سنة وكان عم الزبير يعلق الزبير في حصير ويدخن عليه بالنار ويقول: ارجع إلى الكفر فيقول الزبير: لا أكفر أبداً.

وقال أيضاً: (أسلم الزبير وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين معاً ولم يتخلف عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).

فهو رضي الله عنه من السابقين الأولين إلى الإسلام، وشهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم وفضائله رضي الله عنه كثيرة مشهورة ومنها:

1 -

ما رواه البخاري بإسناده إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إن لكل نبي حوارياً، وإن حواري الزبير بن العوام)) (5). وعند مسلم بلفظ: ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم الخندق فانتدب الزبير، ثم ندبهم فانتدب الزبير فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((لكل نبي حواري وحواري الزبير)) (6).

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((وحواري الزبير)) أي: خاصتي من أصحابي وناصري ومنه الحواريون أصحاب عيسى عليه الصلاة والسلام أي: خلصائه وأنصاره، وأصله من التحوير: التبييض قيل: إنهم كانوا قصّارين يحورون الثياب أي: يبيضونها

قال الأزهري: الحواريون خلصان الأنبياء وتأويله الذين أخلصوا ونقوا من كل عيب (7).

فالحواري: هو الناصر المخلص، فالحديث اشتمل على هذه المنقبة العظيمة التي تميز بها الزبير رضي الله عنه ولذلك سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنه رجلا يقول: أنا ابن الحواري فقال: إن كنت من ولد الزبير وإلا فلا (8). وقال عبد الله بن عباس: هو حواري النبي صلى الله عليه وسلم وسمي الحواريون لبياض ثيابهم (9).

وجاء في ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) للعيني: (فإن قلت: الصحابة كلهم أنصار رسول الله عليه الصلاة والسلام خلصاء فما وجه التخصيص به، قلنا: هذا قاله حين قال يوم الأحزاب: من يأتيني بخبر القوم قال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتيني بخبر القوم فقال: أنا وهكذا مرة ثالثة، ولا شك أنه في ذلك الوقت نصر نصرة زائدة على غيره)(10).

(1)((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (3/ 100)، ((الاستيعاب لابن عبد البر على حاشية الإصابة)) (1/ 560)، ((الإصابة)) (1/ 526).

(2)

((فتح الباري)) (7/ 80).

(3)

انظر: ((الاستيعاب على حاشية الإصابة)) (1/ 560 - 565)، ((الإصابة)) (1/ 526 - 528).

(4)

((المستدرك للحاكم)) (3/ 360)، وانظر ((طبقات ابن سعد)) (3/ 102).

(5)

رواه البخاري (2847).

(6)

رواه مسلم (2415). والحديث رواه بلفظه البخاري (7261).

(7)

((النهاية)) لابن الأثير (1/ 457 - 458).

(8)

رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (3/ 106)، وذكره الحافظ في ((الإصابة)) (1/ 527).

(9)

رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث رقم (3512). ووصله ابن أبي حاتم في تفسيره (2/ 659)(3568)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (68/ 59)، بلفظ: إنما سمي الحواريون قال: كانوا صيادين لبياض ثيابهم. وانظر: ((تغليق التعليق)) (4/ 70).

(10)

((عمدة القاري)) (16/ 223)، وانظر ((تحفة الأحوذي بشرح الترمذي)) (10/ 547).

ص: 236

2 -

من مناقبه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم فداه بأبويه. روى البخاري بإسناده إلى عبد الله بن الزبير قال: ((كنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء فنظرت فإذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثاً فلما رجعت قلت: يا أبت رأيتك تختلف قال: وهل رأيتني يا بني؟ قلت: نعم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يأتي بني قريظة فيأتيني بخبرهم؟ فانطلقت فلما رجعت جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه فقال: فداك أبي وأمي)) (1).

وهذا الحديث فيه منقبة ظاهرة للزبير رضي الله عنه حيث فداه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبويه (وفي هذه التفدية تعظيم لقدره واعتداد بعمله واعتبار بأمره وذلك لأن الإنسان لا يفدي إلا من يعظمه فيبذل نفسه أو أعز أهله له)(2).

3 -

ومن مناقبه رضي الله عنه أنه كان ممن استجاب لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح يوم أحد. فقد روى الشيخان في (صحيحيهما) عن عائشة رضي الله عنها الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ [آل عمران: 172] قالت لعروة: يا ابن أختي كان أبوك منهم: الزبير وأبو بكر لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا قال: ((من يذهب في إثرهم؟)) فانتدب منهم سبعون رجلا قال: كان فيهم أبو بكر والزبير (3).

فلقد أثنى الله على الذين استجابوا لله والرسول وأخبر أن جزاء المحسنين المتقين منهم أجر عظيم، وكان الزبير بن العوام واحداً من هؤلاء رضي الله عنهم.

4 -

وروى ابن سعد بإسناد صحيح عن هشام عن أبيه قال كانت على الزبير عمامة صفراء معتجراً بها يوم بدر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الملائكة نزلت على سيماء الزبير)) (4).

وفي هذا الحديث منقبة ظاهرة للزبير رضي الله عنه دلت على عظيم قدره وعلو منزلته فكون الملائكة الذين أنزلهم الله لنصر المسلمين في موقعة بدر كانوا على صورته فإن ذلك دليل على أنه جليل القدر رفيع المنزلة رضي الله عنه وأرضاه.

5 -

وروى البخاري بإسناده إلى مروان بن الحكم قال: (أصاب عثمان بن عفان رعاف شديد سنة الرعاف حتى حبسه عن الحج وأوصى فدخل عليه رجل من قريش قال: استخلف قال: وقالوه؟ قال: نعم قال: ومن؟ فسكت فدخل عليه رجل آخر أحسبه الحارث فقال: استخلف فقال عثمان: وقالوا؟ فقال: نعم قال: ومن هو؟ فسكت فلعلهم قالوا: إنه الزبير؟ قال: نعم قال: والذي نفسي بيده إنه لخيرهم ما علمت، وإن كان لأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) وفي رواية أخرى قال: (أما والله إنكم لتعلمون أنه خيركم ثلاثا)(6).

ففي هاتين الروايتين منقبة عظيمة لحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث شهد له ثالث الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين عثمان بن عفان رضي الله عنه بالخيرية وأنه كان من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1) رواه البخاري (3720).

(2)

من ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) لملا علي القاري (5/ 578)، ((تحفة الأحوذي)) (10/ 246).

(3)

رواه البخاري (4077) واللفظ له، ومسلم (2418).

(4)

((الطبقات الكبرى)) (3/ 103). قال ابن حجر في ((الإصابة)) (1/ 545): إسناده صحيح، وقال الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (6477): هذا إسناد صحيح - كما قال الحافظ في ((الإصابة)) - ولكنه مرسل؛ لأن عروة -وهو: ابن الزبير- لم يدرك القصة.

(5)

رواه البخاري (3717).

(6)

رواها البخاري (3718).

ص: 237

قال الداودي: يحتمل أن يكون المراد من الخيرية في شيء مخصوص كحسن الخلق وإن حمل على ظاهره ففيه ما يبين أن قول ابن عمر: (ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم)(1) لم يرد به جميع الصحابة فإن بعضهم قد وقع منه تفضيل بعضهم على بعض وهو عثمان في حق الزبير وقد تعقب الحافظ رحمه الله هذا الاحتمال الذي قاله الداودي بقوله: (قلت: قول ابن عمر قيده بحياة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يعارض ما وقع منهم بعد ذلك)(2).

6 -

ومن مناقبه رضي الله عنه أنه كان شجاعاً مقداماً في ساحة القتال. فقد روى البخاري بإسناده إلى هشام بن عروة عن أبيه: (أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للزبير يوم وقعة اليرموك: ألا تشد فنشد معك؟ فحمل عليهم فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر قال عروة: فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير)(3).

وفي هذا بيان فضيلة للزبير رضي الله عنه تضمنها قول الصحابة له يوم اليرموك (ألا تشد فنشد معك

إلخ) فإنه كان شجاعاً مقداماً موفقاً في تسديد الضربات لجيوش الشرك. ولقد أبلى رضي الله عنه في يوم اليرموك وفي جميع الغزوات التي غزاها بلاء حسناً.

فقد روى الترمذي بإسناده إلى هشام بن عروة قال: (أوصى الزبير إلى ابنه عبد الله صبيحة الجمل فقال: ما مني عضو إلا وقد جرح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى ذَاكَ إلى فرجه)(4).

7 -

ومن أعظم مناقبه وأعلاها شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة. فقد روى الترمذي وغيره من حديث عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة

)) الحديث (5).

8 -

ومن مناقبه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له بأنه يموت شهيداً فقد روى الإمام مسلم في (صحيحه) بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد)) (6).

فلقد شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالشهادة وحصلت له كما أخبر بها المصطفى عليه الصلاة والسلام، فإنه لما كان يوم الجمل ذكره علي بما ذكره به فرجع عن القتال وكر راجعاً إلى المدينة فمر بقوم الأحنف بن قيس وكانوا قد انعزلوا عن الفريقين فقال قائل يقال له الأحنف: ما بال هذا جمع بين الناس حتى إذا التقوا كر راجعاً إلى بيته من رجل يكشف لنا خبره؟ فاتبعه عمرو بن جرموز في طائفة من غواة بني تميم

فأدركه عمرو بواد يقال له وادي السباع – قريب من البصرة – وهو نائم في القائلة فهجم عليه فقتله

ولما قتله اجتز رأسه وذهب بها إلى علي ورأى أن ذلك يحصل له به حظوة عنده فاستأذن فقال علي: لا تأذنوا له وبشروه بالنار وفي رواية: أن علياً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بشر قاتل ابن صفية بالنار)) ودخل ابن جرموز ومعه سيف الزبير فقال علي: إن هذا السيف طال من فرج الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال: إن عمرو بن جرموز لما سمع ذلك قتل نفسه وقيل: بل عاش إلى أن تأمر مصعب بن الزبير على العراق فاختفى منه فقيل لمصعب: إن عمرو بن جرموز هاهنا وهو مختف فهل لك فيه؟ فقال: مروه فليظهر فهو آمن والله ما كنت لأقيد للزبير منه فهو أحقر من أن أجعله عدلا للزبير (7)(وكان قتله رضي الله عنه يوم الخميس لعشر خلون من جمادي الآخرة سنة ست وثلاثين)(8) ذلك هو حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلك طائفة من مناقبه التي دلت على عظيم قدره وعلو شأنه رضي الله عنه وأرضاه. عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم لناصر بن علي عائض – 300/ 1

(1) رواه البخاري (3697).

(2)

((فتح الباري)) (7/ 81).

(3)

رواه البخاري (3721).

(4)

رواه الترمذي (3746). وقال: هذا حديث حسن غريب من حديث حماد بن زيد، وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): إسناده صحيح.

(5)

رواه الترمذي (3747)، وأحمد (1/ 193)(1675). وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (5/ 436) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وقال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (3/ 136): إسناده صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).

(6)

رواه مسلم (2417).

(7)

((البداية والنهاية)) (7/ 272 - 273).

(8)

انظر ((الطبقات)) لابن سعد (3/ 110 - 113)، ((الاستيعاب لابن عبد البر على الإصابة)) (1/ 564)، ((البداية والنهاية)) (7/ 273)، ((الإصابة)) (1/ 527).

ص: 238