المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: أحقية علي بالخلافه - الموسوعة العقدية - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني: إنكار الوعد أو الوعيد أو الاستهزاء به

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تنوع المعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثاني: حكم الجهل بالمعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثالث: إنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة

- ‌أولاً: تعريف النفاق

- ‌ثانياً: أنواع النفاق

- ‌المطلب الثاني: مظاهرة المشركين على المسلمين

- ‌المطلب الأول: سب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الثاني: الاستهزاء بالعلماء والصالحين

- ‌المطلب الأول: ترك الصلاة تهاونا وكسلا

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً: تعريف السحر لغةً وشرعاً

- ‌ثانياً: حكم السحر

- ‌ثالثاً: أسباب الخلاف في حكم السحر

- ‌المطلب الثالث: ما يلحق بالسحر كالعيافة، والطرق، والطيرة

- ‌أولاً: التنجيم

- ‌ثانياً: ادعاء علم الغيب

- ‌المطلب الخامس: الكهانة

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: مفهوم التلازم

- ‌المطلب الثاني: أدلة التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌المطلب الثالث: المرجئة وإنكارهم للتلازم

- ‌المبحث الثاني: إجماع أهل السنة على أن العمل جزء لا يصح الإيمان إلا به

- ‌المبحث الثالث: إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة

- ‌الفصل الثاني: نقول عن أهل العلم في بيان منزلة عمل الجوارح وحكم تاركه

- ‌المطلب الأول: التعريف اللغوي

- ‌المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي

- ‌المبحث الثاني: طرق إثبات الصحبة

- ‌النوع الأول: القرآن الكريم

- ‌النوع الثاني: الخبر المتواتر

- ‌النوع الثالث: الخبر المشهور

- ‌النوع الرابع: الخبر الآحاد: ويدخل تحته أربع طرق

- ‌المطلب الثاني: إثبات الصحبة عن طريق أحد العلامات

- ‌أولا: الأدلة على فضل الصحابة من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة على فضل الصحابة من السنة

- ‌ثالثا: أقوال العلماء في فضل الصحابة

- ‌الفرع الثاني: تفضيل الصحابة على سائر الأمة

- ‌الفرع الثالث: تفضيل الصحابة على سائر البشر بعد الأنبياء

- ‌الفرع الأول: الأدلة على وقوع التفاضل بين الصحابة

- ‌الفرع الثاني: أوجه التفاضل بين الصحابة

- ‌أولا: المفاضلة بين الخلفاء الراشدين

- ‌ثانيا: المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما

- ‌الفرع الرابع: المفاضلة بين جماعات الصحابة

- ‌الفرع الخامس: المفاضلة بين الصحابيات

- ‌الفرع الأول: فضل أبي بكر الصديق

- ‌الفرع الثاني فضل: عمر بن الخطاب

- ‌الفرع الثالث: فضل عثمان بن عفان

- ‌الفرع الرابع: فضل علي بن أبي طالب

- ‌الفرع الخامس: فضائل باقي العشرة المبشرين بالجنة

- ‌أولا: فضل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌ثانيا: فضل الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌ثالثا: فضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

- ‌رابعا: فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌خامسا: فضل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌سادسا: فضل سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: وجوب محبتهم

- ‌أولاً: معنى العدالة في اللغة

- ‌ثانياً: تعريف العدالة في الاصطلاح

- ‌تمهيد

- ‌أولا: أدلة أهل السنة والجماعة على عدالة الصحابة من القرآن الكريم

- ‌ثانيا: أدلة أهل السنة على عدالة الصحابة من السنة النبوية

- ‌ثالثا: الأدلة العقلية على عدالة الصحابة

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الأدلة على تحريم سبهم من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة من السنة على تحريم سب الصحابة

- ‌ثالثا: الأدلة من كلام السلف على تحريم سب الصحابة

- ‌رابعا: حكم سب الصحابة

- ‌1 - من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم

- ‌2 - من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم

- ‌3 - من سب صحابياً لم يتواتر النقل بفضله سبا يطعن في الدين

- ‌4 - من سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم

- ‌خامسا: لوازم السب

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الأول: متى بدأ التشاجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثاني دوافع التشاجر بين الصحابة

- ‌المطلب الخامس: الدعاء والاستغفار لهم

- ‌المطلب السادس: الشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم

- ‌تمهيد

- ‌أولا: طريقة مبايعة أبي بكر

- ‌ثانيا: النصوص المشيرة إلى خلافته

- ‌ثالثا: هل خلافة أبي بكر ثبتت بالنص أم بالإشارة

- ‌رابعاً: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة تولي عمر الخلافة

- ‌ثانيا أحقية عمر بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: كيفية توليه الخلافة رضي الله عنه

- ‌ثانيا: أحقية عثمان بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة توليه الخلافة

- ‌ثانيا: أحقية علي بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌الفرع الخامس: خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: التعريف بآل البيت لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف آل البيت شرعا

- ‌المطلب الثالث دخول أزواج النبي في آل البيت

- ‌المطلب الأول: فضائل أهل البيت في الكتاب

- ‌المطلب الثاني فضائل أهل البيت في السنة

- ‌الفرع الأول: فضائل أزواج النبي إجمالا

- ‌أولاً: فضل خديجة رضي الله عنها

- ‌ثانياً: فضل سودة رضي الله عنها

- ‌ثالثاً: فضل عائشة رضي الله عنها

- ‌رابعاً: فضل حفصة رضي الله عنها

- ‌خامساً: فضل أم سلمة رضي الله عنها

- ‌سادساً: فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها

- ‌سابعاً: فضل جويرية بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌ثامناً: فضل أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها

- ‌تاسعاً: فضل صفية بنت حيي رضي الله عنها

- ‌عاشراً: فضل ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌حادي عشر: فضل زينب بنت خزيمة

- ‌1 - فضل زينب رضي الله عنها

- ‌2 - فضل رقية رضي الله عنها

- ‌3 - فضل أم كلثوم رضي الله عنها

- ‌4 - فضل فاطمة رضي الله عنها

- ‌أولا: حمزة سيد الشهداء

- ‌ثانيا: شهادة عبد الرحمن بن عوف – أحد العشرة – لحمزة بأنه خير منه

- ‌ثالثا: حمزة أسد الله

- ‌رابعا: حمزة المبارز يوم بدر

- ‌خامسا: قصة قتل حمزة ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌سادسا: بعد حمزة من النار

- ‌أولا: جعفر الطيار ذو الجناحين

- ‌ثانيا: شهادة أبي هريرة لجعفر

- ‌ثالثا: حزن الرسول صلى الله عليه وسلم على جعفر وبشارته له

- ‌رابعا: شجاعة جعفر رضي الله عنه

- ‌خامسا: جعفر أبو المساكين

- ‌سادسا: خلق جعفر وخلقه

- ‌سابعا: هجرة جعفر للحبشة وموقفه القوي مع النجاشي وشجاعته في الحق رضي الله عنه

- ‌الفرع الثالث: فضل إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع: فضل الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌أولا: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس بالعلم والحكمة والفقه في الدين

- ‌ثانيا: حرص ابن عباس على طلب العلم

- ‌ثالثا: تقديم عمر لعبد الله بن عباس رضي الله عنهم

- ‌رابعا: ثناء ابن مسعود على ابن عباس رضي الله عنهم

- ‌خامسا: بعض من ثناء التابعين على ابن عباس رضي الله عنهما

- ‌الفرع السادس: فضل العباس بن عبد المطلب

- ‌المطلب السادس: هل القول بتفضيل بني هاشم يعد تفضيلاً مطلقاً لهم على جميع الأشخاص وفي كل الأحوال

- ‌المبحث الثالث: مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة في آل البيت

- ‌المطلب الأول: الدفاع عنهم

- ‌المطلب الثاني: الصلاة عليهم

- ‌المطلب الثالث: حقهم في الخمس

- ‌المطلب الرابع: تحريم الصدقة عليهم

- ‌الفصل الثالث: موقف أهل السنة من العلماء

- ‌1 - أنه لصبرهم وتقواهم كانت لهم الإمامة في الدين:

- ‌2 - أن طاعتهم من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌3 - أن الرد إليهم عند نزول النوازل لما خصهم الله به من القدرة على الاستنباط

- ‌4 - ومن فضلهم: أنه قرنت شهادتهم بشهادة الله تعالى والملائكة

- ‌5 - ومن فضلهم: أن اتباعهم يهدي إلى الصراط السوي

الفصل: ‌ثانيا: أحقية علي بالخلافه

‌ثانيا: أحقية علي بالخلافه

إن أحق الناس بالخلافة بعد الثلاثة المتقدمين أعني أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهذا معتقد الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة بل ومعتقد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاطبة وهذا هو ما يجب على المسلم اعتقاده والديانة لله به في شأن ترتيب الخلافة الراشدة، وقد ورد الإيماء إلى حقية خلافة علي رضي الله عنه في كثير من النصوص الشرعية منها:

(1)

قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم في الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا [النور: 55] الآية ووجه الاستدلال بها على حقية خلافة علي رضي الله عنه أنه أحد المستخلفين في الأرض الذين مكن الله لهم دينهم (1).

(2)

قوله عليه الصلاة والسلام: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ)) (2).

ووجه الدلالة في هذا الحديث على حقية خلافة علي رضي الله عنه أنه أحد الخلفاء الراشدين المهديين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وحافظوا على حدود الله وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وساروا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في العدل وإقامة الحق.

(3)

روى أبو عبد الله الحاكم وغيره بإسناده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانقطعت نعله فتخلف علي يخصفها فمشي قليلاً ثم قال: إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فاستشرف لها القوم وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما قال أبو بكر: أنا هو قال: لا. قال عمر أنا هو قال: لا. لكن خاصف النعل –يعني عليا فأتيناه فبشرناه فلم يرفع به رأسه كأنه قد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم)(3).

هذا الحديث فيه إيماء إلى ولايته حيث إنه رضي الله عنه قاتل في خلافته أهل التأويل الذين خرجوا عليه بالتأويل، ومنه أخذت أحكام قتال البغاة في أنه لا يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم ولا يغنم لهم مال ولا يسبى لهم ذرية وغير ذلك من أحكامهم وقاتل أيضاً الحرورية الذين تأولوا القرآن على غير تأويله وكفروا أهل الحق ومرقوا من الدين مروق السهم من الرمية.

(4)

روى مسلم في (صحيحه) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق)) (4).

(1) انظر: ((منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين)) لابن قدامة (ص: 74)(مخطوط) برقم (253) في مكتبة عارف حكمة بالمدينة.

(2)

رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (40)، وأحمد (4/ 126)(17184)، والدارمي (1/ 57)(95)، والحاكم (1/ 174). من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ليس له علة، ووافقه الذهبي، وقال ابن عبدالبر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (2/ 1164): ثابت صحيح.

(3)

رواه الحاكم (3/ 132)، ورواه أحمد (3/ 82) (11790). قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (9/ 136): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة، وقال الشوكاني في ((در السحابة)) (167): إسناده رجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (5/ 639): على شرط مسلم.

(4)

رواه مسلم (1064).

ص: 394

وفيه أيضاً: أنه قال: ((تكون في أمتي فرقتان فتخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولاهم بالحق)) (1).

وفي لفظ: قال: ((تمرق مارقة في فرقة من الناس فيلي قتلهم أولى الطائفتين بالحق)) (2).

وجاء أيضاً بلفظ ((يخرجون على فرقة مختلفة يقتلهم أقرب الطائفتين من الحق)) (3).

فقوله صلى الله عليه وسلم على حين فرقة –بضم الفاء- أي: في وقت افتراق الناس أي: افتراق يقع بين المسلمين وهو الافتراق الذي كان بين علي ومعاوية رضي الله عنهما (4).

والمراد بالفرقة المارقة هم (أهل النهروان كانوا في عسكر علي رضي الله عنه في حرب صفين فلما اتفق علي ومعاوية على تحكيم الحكمين خرجوا وقالوا: إن علياً ومعاوية استبقا إلى الكفر كفرسي رهان فكفر معاوية بقتال علي ثم كفر علي بتحكيم الحكمين وكفروا طلحة والزبير فقتلتهم الطائفة الذين كانوا مع علي وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم أن الطائفة التي تقتلهم أقرب إلى الحق وهذه شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي وأصحابه بالحق وهذا من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم لكونه أخبر بما يكون فكان على ما قال وفيه دلالة على صحة خلافة علي رضي الله عنه وخطأ من خالفه)(5).

(5)

وروى البخاري بإسناده إلى خالد الحذاء عن عكرمة قال لي ابن عباس ولابنه علي: انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه، فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه، فأخذ رداءه فاحتبى، ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد فقال:((كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فينفض التراب عنه ويقول: ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن)) (6).

(6)

عند مسلم عن أبي سعيد أيضاً: قال أخبرني من هو خير مني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار حين جعل يحفر الخندق وجعل يسمح رأسه ويقول: ((بؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية)) (7).

هذان الحديثان دلا على حقية خلافة علي رضي الله عنه وأنه الإمام الحق بعد عثمان رضي الله عنه وأن الذين قاتلوه مجتهدون مخطئون لا إثم عليهم ولا لوم فيما وقع بينهم من القتال.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: بعد ذكره لقوله صلى الله عليه وسلم: ((تقتل عماراً الفئة الباغية)) (8)(وهذا أيضاً يدل على صحة إمامة علي ووجوب طاعته وأن الداعي إلى طاعته داع إلى الجنة والداعي إلى مقاتلته داع إلى النار وإن كان متأولاً وهو دليل على أنه لم يمكن يجوز قتال علي وعلى هذا فمقاتله مخطئ وإن كان متأولاً، أو باغ بلا تأويل وهو أصح القولين لأصحابنا وهو الحكم بتخطئة من قاتل علياً وهو مذهب الأئمة الفقهاء الذين فرعوا على ذلك قتال البغاة المتأولين وكذلك أنكر يحيى بن معين على الشافعي استدلاله بسيرة علي في قتال البغاة المتأولين قال: أيجعل طلحة والزبير معاً بغاة؟ رد عليه الإمام أحمد فقال: ويحك وأي شيء يسعه أن يضع في هذا المقام يعني: إن لم يقتد بسيرة علي في ذلك لم يكن معه سنة من الخلفاء الراشدين في قتال البغاة – إلى أن قال – ولم يتردد أحمد ولا أحد من أئمة السنة في أنه ليس غير علي أولى بالحق منه)(9).

(1) رواه مسلم (1064).

(2)

رواه مسلم (1064).

(3)

رواه مسلم (1064).

(4)

((شرح النووي على صحيح مسلم)) (7/ 166).

(5)

((منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين)) لابن قدامة (ص: 75 - 76) مخطوط وانظر ((شرح النووي)) (7/ 166).

(6)

رواه البخاري (447).

(7)

رواه مسلم (2915).

(8)

رواه مسلم (2916).

(9)

((مجموع الفتاوى)) (4/ 437 - 438).

ص: 395

فلو قال قائل: إن قتل عمار كان بصفين (وهو مع علي والذين قتلوه مع معاوية وكان معه جماعة من الصحابة فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار، فالجواب أنهم كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة وهم مجتهدون لا لوم عليهم في اتباع ظنونهم فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة علي وهو الإمام الواجب الطاعة إذ ذاك وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم)(1).

قال الإمام النووي بعد قوله صلى الله عليه وسلم: ((بؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية)) (2)(قال العلماء: هذا الحديث حجة ظاهرة في أن علياً رضي الله عنه كان محقاً مصيباً والطائفة الأخرى بغاة لكنهم مجتهدون فلا إثم عليهم لذلك .. وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أوجه: منها: أن عماراً يموت قتيلاً وأنه يقتله مسلمون وأنهم بغاة، وأن الصحابة يقاتلون وأنهم يكونون فرقتين باغية وغيرها وكل هذا وقع مثل فلق الصبح صلى الله وسلم على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)(3).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بعد ذكره لقوله صلى الله عليه وسلم: ((تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين تقتلها أولى الطائفتين بالحق)) (4).

(وفي هذا وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ((تقتل عماراً الفئة الباغية)) (5) دلالة واضحة أن علياً ومن معه كانوا على الحق وأن من قاتلهم كانوا مخطئين في تأويلهم) (6).

(10)

وروى أبو داود بإسناده إلى سفينة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك أو ملكه من يشاء)) (7).

وعند الترمذي بلفظ: ((الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك)) (8) وفي هذا الحديث إشارة إلى حقية خلافة علي رضي الله عنه حيث إن خلافته كانت آخر الثلاثين من مدة النبوة التي حددها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وبموجب هذا قال أهل العلم.

قال أبو عمر: (قال أحمد بن حنبل: حديث سفينة في الخلافة صحيح وإليه أذهب في الخلفاء)(9).

وقد وصف الإمام أحمد رحمه الله تعالى قول من يقول بأن علياً رضي الله عنه ليس من الخلفاء بأنه سيء ورديء.

قال عبد الله بن أحمد رحمه الله تعالى: (قلت لأبي إن قوماً يقولون إنه ليس بخليفة قال: هذا قول سوء رديء فقال: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون له يا أمير المؤمنين أفنكذبهم وقد حج وقطع ورجم فيكون هذا إلا خليفة)(10).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في رسالة له في حديث سفينة: (وهو حديث مشهور من رواية حماد بن سلمة وعبد الوارث بن سعيد والعوام بن حوشب عن سعيد بن جهمان عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أهل السنن كأبي داود. وغيره واعتمد عليه الإمام أحمد وغيره في تقرير خلافة الخلفاء الراشدين الأربعة وثبته أحمد واستدل به على من توقف في خلافة علي من أجل افتراق الناس عليه حتى قال أحمد: من لم يربع بعلي في الخلافة فهو أضل من حمار أهله ونهى عن مناكحته)(11).

وقال شارح الطحاوية: (ونثبت الخلافة بعد عثمان لعلي رضي الله عنهما لما قتل عثمان وبايع الناس علياً صار إماماً حقاً واجب الطاعة وهو الخليفة في زمانه خلافة نبوة كما دل عليه حديث سفينة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله ملكه من يشاء)) (12).

فهذه النصوص المتقدم ذكرها كلها دالة على حقية خلافة علي رضي الله عنه وأنه رضي الله عنه أحق بالأمر وأولى بالحق من كل أحد بعد الثلاثة رضي الله عنهم جميعاً فيجب على كل مسلم أن يعتقد اعتقاداً جازماً أن علياً رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين وأحد الأئمة المهديين. عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم – لناصر بن علي عائض –2/ 681

(1)((فتح الباري)) (1/ 542).

(2)

رواه مسلم (2915).

(3)

((شرح النووي على صحيح مسلم)) (18/ 40 - 41).

(4)

رواه مسلم (1064).

(5)

رواه مسلم (2916).

(6)

((فتح الباري)) (6/ 619).

(7)

رواه أبو داود (4646)، والحاكم (3/ 156)، والطبراني (7/ 84)(6459). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح.

(8)

رواه الترمذي (2226)، وأحمد (5/ 221)(21978)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (5/ 47)(8155). قال الترمذي، وابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/ 141): حسن، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).

(9)

((جامع بيان العلم)) (2/ 352)، وانظر:((السنة)) لعبد الله بن أحمد (ص: 235).

(10)

((السنة)) لعبد الله بن الإمام أحمد (ص: 235).

(11)

قال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1/ 200): (هذه الرسالة بالمكتبة الظاهرية بخطه في مسودته في (81/ 2 - 84/ 2).اهـ.

(12)

رواه أبو داود (4646)، والحاكم (3/ 156)، والطبراني (7/ 84)(6459). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح.

ص: 396