المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع الرابع: المفاضلة بين جماعات الصحابة - الموسوعة العقدية - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني: إنكار الوعد أو الوعيد أو الاستهزاء به

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تنوع المعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثاني: حكم الجهل بالمعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثالث: إنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة

- ‌أولاً: تعريف النفاق

- ‌ثانياً: أنواع النفاق

- ‌المطلب الثاني: مظاهرة المشركين على المسلمين

- ‌المطلب الأول: سب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الثاني: الاستهزاء بالعلماء والصالحين

- ‌المطلب الأول: ترك الصلاة تهاونا وكسلا

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً: تعريف السحر لغةً وشرعاً

- ‌ثانياً: حكم السحر

- ‌ثالثاً: أسباب الخلاف في حكم السحر

- ‌المطلب الثالث: ما يلحق بالسحر كالعيافة، والطرق، والطيرة

- ‌أولاً: التنجيم

- ‌ثانياً: ادعاء علم الغيب

- ‌المطلب الخامس: الكهانة

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: مفهوم التلازم

- ‌المطلب الثاني: أدلة التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌المطلب الثالث: المرجئة وإنكارهم للتلازم

- ‌المبحث الثاني: إجماع أهل السنة على أن العمل جزء لا يصح الإيمان إلا به

- ‌المبحث الثالث: إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة

- ‌الفصل الثاني: نقول عن أهل العلم في بيان منزلة عمل الجوارح وحكم تاركه

- ‌المطلب الأول: التعريف اللغوي

- ‌المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي

- ‌المبحث الثاني: طرق إثبات الصحبة

- ‌النوع الأول: القرآن الكريم

- ‌النوع الثاني: الخبر المتواتر

- ‌النوع الثالث: الخبر المشهور

- ‌النوع الرابع: الخبر الآحاد: ويدخل تحته أربع طرق

- ‌المطلب الثاني: إثبات الصحبة عن طريق أحد العلامات

- ‌أولا: الأدلة على فضل الصحابة من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة على فضل الصحابة من السنة

- ‌ثالثا: أقوال العلماء في فضل الصحابة

- ‌الفرع الثاني: تفضيل الصحابة على سائر الأمة

- ‌الفرع الثالث: تفضيل الصحابة على سائر البشر بعد الأنبياء

- ‌الفرع الأول: الأدلة على وقوع التفاضل بين الصحابة

- ‌الفرع الثاني: أوجه التفاضل بين الصحابة

- ‌أولا: المفاضلة بين الخلفاء الراشدين

- ‌ثانيا: المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما

- ‌الفرع الرابع: المفاضلة بين جماعات الصحابة

- ‌الفرع الخامس: المفاضلة بين الصحابيات

- ‌الفرع الأول: فضل أبي بكر الصديق

- ‌الفرع الثاني فضل: عمر بن الخطاب

- ‌الفرع الثالث: فضل عثمان بن عفان

- ‌الفرع الرابع: فضل علي بن أبي طالب

- ‌الفرع الخامس: فضائل باقي العشرة المبشرين بالجنة

- ‌أولا: فضل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌ثانيا: فضل الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌ثالثا: فضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

- ‌رابعا: فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌خامسا: فضل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌سادسا: فضل سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: وجوب محبتهم

- ‌أولاً: معنى العدالة في اللغة

- ‌ثانياً: تعريف العدالة في الاصطلاح

- ‌تمهيد

- ‌أولا: أدلة أهل السنة والجماعة على عدالة الصحابة من القرآن الكريم

- ‌ثانيا: أدلة أهل السنة على عدالة الصحابة من السنة النبوية

- ‌ثالثا: الأدلة العقلية على عدالة الصحابة

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الأدلة على تحريم سبهم من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة من السنة على تحريم سب الصحابة

- ‌ثالثا: الأدلة من كلام السلف على تحريم سب الصحابة

- ‌رابعا: حكم سب الصحابة

- ‌1 - من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم

- ‌2 - من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم

- ‌3 - من سب صحابياً لم يتواتر النقل بفضله سبا يطعن في الدين

- ‌4 - من سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم

- ‌خامسا: لوازم السب

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الأول: متى بدأ التشاجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثاني دوافع التشاجر بين الصحابة

- ‌المطلب الخامس: الدعاء والاستغفار لهم

- ‌المطلب السادس: الشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم

- ‌تمهيد

- ‌أولا: طريقة مبايعة أبي بكر

- ‌ثانيا: النصوص المشيرة إلى خلافته

- ‌ثالثا: هل خلافة أبي بكر ثبتت بالنص أم بالإشارة

- ‌رابعاً: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة تولي عمر الخلافة

- ‌ثانيا أحقية عمر بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: كيفية توليه الخلافة رضي الله عنه

- ‌ثانيا: أحقية عثمان بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة توليه الخلافة

- ‌ثانيا: أحقية علي بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌الفرع الخامس: خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: التعريف بآل البيت لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف آل البيت شرعا

- ‌المطلب الثالث دخول أزواج النبي في آل البيت

- ‌المطلب الأول: فضائل أهل البيت في الكتاب

- ‌المطلب الثاني فضائل أهل البيت في السنة

- ‌الفرع الأول: فضائل أزواج النبي إجمالا

- ‌أولاً: فضل خديجة رضي الله عنها

- ‌ثانياً: فضل سودة رضي الله عنها

- ‌ثالثاً: فضل عائشة رضي الله عنها

- ‌رابعاً: فضل حفصة رضي الله عنها

- ‌خامساً: فضل أم سلمة رضي الله عنها

- ‌سادساً: فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها

- ‌سابعاً: فضل جويرية بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌ثامناً: فضل أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها

- ‌تاسعاً: فضل صفية بنت حيي رضي الله عنها

- ‌عاشراً: فضل ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌حادي عشر: فضل زينب بنت خزيمة

- ‌1 - فضل زينب رضي الله عنها

- ‌2 - فضل رقية رضي الله عنها

- ‌3 - فضل أم كلثوم رضي الله عنها

- ‌4 - فضل فاطمة رضي الله عنها

- ‌أولا: حمزة سيد الشهداء

- ‌ثانيا: شهادة عبد الرحمن بن عوف – أحد العشرة – لحمزة بأنه خير منه

- ‌ثالثا: حمزة أسد الله

- ‌رابعا: حمزة المبارز يوم بدر

- ‌خامسا: قصة قتل حمزة ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌سادسا: بعد حمزة من النار

- ‌أولا: جعفر الطيار ذو الجناحين

- ‌ثانيا: شهادة أبي هريرة لجعفر

- ‌ثالثا: حزن الرسول صلى الله عليه وسلم على جعفر وبشارته له

- ‌رابعا: شجاعة جعفر رضي الله عنه

- ‌خامسا: جعفر أبو المساكين

- ‌سادسا: خلق جعفر وخلقه

- ‌سابعا: هجرة جعفر للحبشة وموقفه القوي مع النجاشي وشجاعته في الحق رضي الله عنه

- ‌الفرع الثالث: فضل إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع: فضل الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌أولا: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس بالعلم والحكمة والفقه في الدين

- ‌ثانيا: حرص ابن عباس على طلب العلم

- ‌ثالثا: تقديم عمر لعبد الله بن عباس رضي الله عنهم

- ‌رابعا: ثناء ابن مسعود على ابن عباس رضي الله عنهم

- ‌خامسا: بعض من ثناء التابعين على ابن عباس رضي الله عنهما

- ‌الفرع السادس: فضل العباس بن عبد المطلب

- ‌المطلب السادس: هل القول بتفضيل بني هاشم يعد تفضيلاً مطلقاً لهم على جميع الأشخاص وفي كل الأحوال

- ‌المبحث الثالث: مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة في آل البيت

- ‌المطلب الأول: الدفاع عنهم

- ‌المطلب الثاني: الصلاة عليهم

- ‌المطلب الثالث: حقهم في الخمس

- ‌المطلب الرابع: تحريم الصدقة عليهم

- ‌الفصل الثالث: موقف أهل السنة من العلماء

- ‌1 - أنه لصبرهم وتقواهم كانت لهم الإمامة في الدين:

- ‌2 - أن طاعتهم من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌3 - أن الرد إليهم عند نزول النوازل لما خصهم الله به من القدرة على الاستنباط

- ‌4 - ومن فضلهم: أنه قرنت شهادتهم بشهادة الله تعالى والملائكة

- ‌5 - ومن فضلهم: أن اتباعهم يهدي إلى الصراط السوي

الفصل: ‌الفرع الرابع: المفاضلة بين جماعات الصحابة

‌الفرع الرابع: المفاضلة بين جماعات الصحابة

لقد دل كتاب الله على تفاضل جماعات الصحابة، فالله عز وجل فضل الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا على الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، والمقصود بالفتح صلح الحديبية (1). قال سبحانه: لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [الحديد: 10]. وفضل الله السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار على من دونهم، فقال سبحانه: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ [التوبة: 100]. وهذا نص على تفضيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كما يقول القرطبي (2). وقد اختلف في تعيين السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار على أقوال (3):

أحدها: أنهم الذين صلوا إلى القبلتين.

الثاني: أنهم أهل بيعة الرضوان.

الثالث: أنهم أهل بدر.

الرابع: أنهم جميع الصحابة بلا استثناء وأن الذين اتبعوهم بإحسان هم تابعوهم من غير الصحابة.

هذه الأقوال المنقولة عن السلف من الصحابة والتابعين، وزاد المتأخرون قولين:

أحدهما: أنهم السابقون بالموت والشهادة، قال ابن الجوزي:(ذكره الماوردي)(4).

الثاني: أنهم الذين أسلموا قبل الهجرة، قال ابن الجوزي:(ذكره القاضي أبو يعلى)(5).

(1)((تفسير الطبري)) (23/ 175)، و ((تفسير ابن كثير)) (8/ 12).

(2)

((تفسير القرطبي)) (8/ 236).

(3)

((تفسير الطبري)) (11/ 6) و ((الاستيعاب – بهامش الإصابة -)) (1/ 2) و ((زاد المسير)) (3/ 490) و ((تفسير القرطبي)) (8/ 236) و ((الدر المنثور)) (3/ 269).

(4)

((زاد المسير)) (3/ 490).

(5)

((زاد المسير)) (3/ 491).

ص: 195

قال القرطبي: (واتفقوا على أن من هاجر قبل تحويل القبلة فهو من المهاجرين الأولين من غير خلاف بينهم)(1). والذي أرى في اللفظ دلالة عليه أن المراد بالسابقين الأولين الذين سبقوا إلى الإسلام والهجرة والنصرة، وابتدروا ذلك قبل تمكن الإسلام وتتابع الناس عليه، ولا شك أن أول من يدخل في هؤلاء أوائل من أسلم من المهاجرين كالخلفاء الأربعة ومن الأنصار الذين أسلموا ليلتي العقبة. ولعل جميع من أسلم حتى غزوة الحديبية من السابقين الأولين (2). ذلك أن صلح الحديبية كان فتحاً للمسلمين، فقد نزل قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا [الفتح: 1]. في منصرفه صلى الله عليه وسلم من الحديبية (3). ولم يكن الصحابة يعدون الفتح إلا الحديبية كما قال البراء رضي الله عنه: (تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحاً، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية)(4). وفي (مغازي الواقدي) عن أبي بكر وعمر أن كلاً منهما قال: (ما كان فتح في الإسلام أعظم من فتح الحديبية)(5). فكان يوم الحديبية فتحاً للإسلام والمسلمين تتابع الناس بعده على الإسلام لما ترتب على الصلح من وقوع الأمن ورفع الحرب وتمكن من يخشى الدخول في الإسلام والوصول إلى المدينة من ذلك كما وقع لخالد وعمرو وغيرهما، ولعله مما يقوي هذا الرأي تفسير جمع من أهل العلم الفتح بالحديبية في قوله: لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا فيستأنس بهذا التفضيل في الآية على أنه للسابقين الأولين، وتفسير العلماء للفتح بالحديبية على أن السابقين هم من أسلم قبل الحديبية. والله أعلم.

ودل كتاب الله على تفضيل المهاجرين على الأنصار فقد قدم الله ذكرهم على ذكر الأنصار في كتابه، قال سبحانه: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال: 74]. فقدم ذكر الذين هاجروا على الذين آووا ونصروا.

(1)((تفسير القرطبي)) (8/ 236).

(2)

((سير أعلام النبلاء)) (1/ 144).

(3)

((أسباب النزول)) للواحدي (ص: 256).

(4)

رواه البخاري (4150).

(5)

((المغازي)) (2/ 609).

ص: 196

وقال سبحانه: لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ [التوبة: 117]. فبدأ بذكر المهاجرين بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثم بذكر الأنصار، وقال سبحانه: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 8 - 9]. فبدأ بذكر المهاجرين ثم الأنصار، وأفرد سبحانه ذكر المهاجرين في مواضع من كتابه كقوله: فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ [آل عمران: 195]. وقال سبحانه: الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ [التوبة: 20].

وقال سبحانه: وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [النحل: 41 - 42].

قال ابن تيمية رحمه الله في بيان أصول أهل السنة: (ويفضلون من أنفق من قبل الفتح – وهو صلح الحديبية – وقاتل على من أنفق من بعده وقاتل، ويقدمون المهاجرين على الأنصار)(1).

وفي عقيدة الإمام أحمد أنه كان يقول: (أفضل الصحابة أهل بيعة الرضوان وخيرهم وأفضلهم أهل بدر، والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار وأعيانهم الأربعون أهل الدار، وخيرهم عشرة شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وهو عنهم راض، وأعيانهم أهل الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه للمسلمين، وأفضلهم الخلفاء الأربعة)(2).

وقد صنف العلماء الصحابة في طبقات اختلفوا في عددها، قال السيوطي في (شرح التقريب)(واختلف في عدد طبقاتهم – (يعني الصحابة) – باعتبار السبق إلى الإسلام، أو الهجرة، أو شهود المشاهد الفاضلة، فجعلهم ابن سعد خمس طبقات، وجعلهم الحاكم اثنتي عشرة طبقة) (3).

قال أحمد شاكر رحمه الله: (وزاد بعضهم أكثر من ذلك، والمشهور ما ذهب إليه الحاكم)(4).

والمراتب التي جعلها الحاكم للصحابة هي:

قوم أسلموا بمكة.

أصحاب دار الندوة.

المهاجرة إلى الحبشة.

أصحاب بيعة العقبة الأولى.

أصحاب بيعة العقبة الثانية.

أول المهاجرين الذين وصلوا والنبي في قباء قبل أن يدخلوا المدينة ويبنى المسجد.

أهل بدر.

المهاجرة الذين هاجروا بين بدر والحديبية.

أهل بيعة الرضوان.

المهاجرة بين الحديبية والفتح.

الذين أسلموا يوم الفتح.

صبيان وأطفال رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وفي حجة الوداع وغيرها وعدادهم في الصحابة (5).

ولعل المراتب السبع الأولى هي مراتب السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والله أعلم.

(1)((العقيدة الواسطية – ضمن المجموعة العلمية)) (ص: 85).

(2)

((طبقات الحنابلة)) (2/ 272).

(3)

((تدريب الراوي)) (2/ 221).

(4)

((الباعث الحثيث)) (ص: 156).

(5)

((معرفة علوم الحديث)) (ص: 23).

ص: 197

أما الطبقات الخمس التي جعلها ابن سعد في كتابه للصحابة فالأمر فيها ما قاله أحمد شاكر: (لو كان المطبوع كاملا لاستخرجناها منه وذكرناها)(1). وأظن أن الطبقات التي جعلها ابن سعد هي الطبقات التي صنف عليها ابن الجوزي في كتابه (صفة الصفوة) من ترجم له من الصحابة، فإنه قال:(بدأت بذكر العشرة ثم ذكرت من بعدهم على ترتيب طبقاتهم)(2) والطبقات التي ذكرها خمس هي:

الطبقة الأولى على السابقة في الإسلام ممن شهد بدراً من المهاجرين والأنصار، وحلفائهم ومواليهم (3).

من لم يشهد بدراً من المهاجرين والأنصار وله إسلام قديم (4).

من شهد الخندق وما بعده (5).

من أسلم عند الفتح وفيما بعد ذلك (6).

الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أحداث الأسنان (7).

وفي المطبوع من (طبقات ابن سعد) ذكر الطبقتين الأوليين على نفس الوصف الذي ذكره ابن الجوزي تماماً (8). والعلماء وإن أرادوا بهذا التقسيم معرفة الصحابة لا ذكر التفاضل إلا أنهم قد اعتبروا وجوه الفضل والتفاضل في التقسيم، والله أعلم. مباحث المفاضلة في العقيدة لمحمد الشظيفي –ص: 267

القسم الثاني: في ترتيب التفاضل بين جماعات الصحابة – رضي الله عنهم:

وقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب:

المذهب الأول: مذهب أهل السنة:

ويرى أن أفضل جماعات الصحابة رضي الله عنهم: الخلفاء الأربعة ثم الستة الباقون بعدهم إلى تمام العشرة المبشرين بالجنة.

ثم البدريون ثم أصحاب أحد ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية.

وممن ذكر ذلك أبو منصور البغدادي حيث قال في (أصول الدين):

(أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم: الخلفاء الأربعة، ثم الستة الباقون بعدهم إلى تمام العشرة وهم: طلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنهم.

ثم البدريون، ثم أصحاب أحد، ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية) (9).

كما ذكر ذلك ابن كثير وغيره (10). صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة – عيادة أيوب الكبيسي – ص: 251

جاء في عقيدة الإمام أحمد وعلي بن المديني اللتين رواهما اللالكائي بسنده عنهما أنه يلي الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان في الفضل بقية أصحاب الشورى الخمسة: علي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص (11) وهما لا يقدمان على علي أحداً بعد الثلاثة بل قالا هذا موافقة لحديث ابن عمر كما تقدم بيانه.

(1)((الباعث الحثيث)) (ص: 156).

(2)

((صفة الصفوة)) (1/ 234).

(3)

((صفة الصفوة)) (1/ 370).

(4)

((صفة الصفوة)) (1/ 506).

(5)

((صفة الصفوة)) (1/ 650).

(6)

((صفة الصفوة)) (1/ 725).

(7)

((صفة الصفوة)) (1/ 746).

(8)

((طبقات ابن سعد)) (3/ 6 و 4/ 5).

(9)

((أصول الدين)) (ص: 304).

(10)

انظر: ((الباعث الحثيث)) (ص: 183)، ((المختصر في علم رجال الأثر)) (ص: 32 - 33)

(11)

((شرح أصول الاعتقاد)) (1/ 159 و 167) و ((طبقات الحنابلة)) (1/ 243).

ص: 198

قال ابن تيمية رحمه الله: (ما في أهل السنة من يقول: إن طلحة والزبير وسعداً وعبد الرحمن بن عوف أفضل منه (يعني من علي) – بل غاية ما يقولون السكوت عن التفضيل بين أهل الشورى وهؤلاء أهل الشورى عندهم أفضل السابقين الأولين والسابقون الأولون أفضل من الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا) (1) والحاصل أن بقية أصحاب الشورى الذين جعل عمر رضي الله عنه فيهم الأمر من بعده يختارون أحدهم أفضل الصحابة بعد علي رضي الله عنه عند أهل السنة والجماعة، وقال الإمام أحمد:(ثم من بعد أصحاب الشورى: أهل بدر من المهاجرين ثم أهل بدر من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدر الهجرة والسابقة أولاً فأول)(2). وقد نقل جماعة من أهل العلم أن أفضل الصحابة بعد الأربعة بقية العشرة المبشرين بالجنة وهم أصحاب الشورى المذكورون، وسعيد بن زيد، بن عمرو بن نفيل، وأبو عبيدة بن الجراح (3). ثم من بعد العشرة أهل بدر الذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم:((لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) (4). وفي لفظ: ((فقد وجبت لكم الجنة)) (5). وجاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: من أفضل المسلمين – أو كلمة نحوها – قال: وكذلك من شهد بدراً من الملائكة)) (6). ثم أهل أحد ثم أهل بيعة الرضوان الذين قال الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [الفتح: 10]. وقال فيهم: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح: 18]. وقال فيهم صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل النار، إن شاء الله، من أصحاب الشجرة أحد، الذين بايعوا تحتها)) (7).

وقد كانوا أكثر من ألف وأربعمائة صحابي كما في الصحيح (8).

ذكر هذا الترتيب في الفضل بعد العشرة النووي (9). وابن الصلاح (10)، وابن كثير (11). وذكر السفاريني تقديم أهل بيعة الرضوان على أهل أحد بعد أهل بدر وقال:(هو الأصح)، وقال:(لأن الله تعالى قال في أهل بيعة الرضوان: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح: 18]. وقال في أهل غزوة أحد: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ [آل عمران: 155]. وفي الآية الأخرى: ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ [آل عمران: 152]. فوصفهم في الموضعين بالعفو، ووصف أهل البيعة بالرضى، وهو أعلى وأسنى وأفضل من العفو) قال: (وهذا ظاهر والله تعالى أعلم)(12). مباحث المفاضلة في العقيدة لمحمد الشظيفي – ص 265

قال بعض العلماء: أن أهل أحد مقدمون على أهل بيعة الرضوان، ومن المعلوم أن من الصحابة من كان من أهل بدر ومن العشرة ومن أهل بيعة الرضوان ومن أهل أحد يعني بعض الصحابة اجتمعت لهم الأوصاف الأربعة وبعضهم لا، إذا قلنا: إن أهل أحد مقدمون على أهل بيعة الرضوان، أيهم أكثر؟

أهل بيعة الرضوان لأن أهل بيعة الرضوان ألف وأربعمائة وأهل أحد نحو سبعمائة نفر لكن أصابهم من البلاء والتمحيص والقتل ما لم يكن في بيعة الرضوان، لهذا رجَّح بعض العلماء أهل أحد على أهل بيعة الرضوان، ولكن الذي يظهر القول الأول: أن أهل بيعة الرضوان أفضل شرح العقيدة السفارينية لابن عثيمين - ص:621

(1)((منهاج السنة)) (4/ 397).

(2)

((شرح أصول الاعتقاد)) (1/ 159).

(3)

((عقيدة الحافظ المقدسي، ضمن المجموعة العلمية السعودية)) (ص: 52) و ((الجامع من المقدمات)) (175) و ((مقدمة ابن الصلاح)) (ص: 149) و ((الباعث الحثيث)) (ص: 156) و ((تقريب النواوي وشرحه التدريب)) (2/ 223) و ((لوامع الأنوار البهية)) (2/ 357) و ((معارج القبول)) (2/ 584).

(4)

رواه البخاري (3007)، ومسلم (2494). من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

(5)

رواه البخاري (3983).

(6)

رواه البخاري (3992). من حديث رفاعة بن رافع رضي الله عنه.

(7)

رواه مسلم (2496). من حديث أم مبشر رضي الله عنها.

(8)

((صحيح البخاري مع الفتح)) (7/ 441).

(9)

((التقريب مع التدريب)) (2/ 223).

(10)

((المقدمة)) (ص: 149).

(11)

((اختصار علوم الحديث- مع الباعث الحثيث -)) (ص: 156).

(12)

((اللوامع)) (2/ 372).

ص: 199