المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا أحقية عمر بالخلافه - الموسوعة العقدية - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني: إنكار الوعد أو الوعيد أو الاستهزاء به

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تنوع المعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثاني: حكم الجهل بالمعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثالث: إنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة

- ‌أولاً: تعريف النفاق

- ‌ثانياً: أنواع النفاق

- ‌المطلب الثاني: مظاهرة المشركين على المسلمين

- ‌المطلب الأول: سب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الثاني: الاستهزاء بالعلماء والصالحين

- ‌المطلب الأول: ترك الصلاة تهاونا وكسلا

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً: تعريف السحر لغةً وشرعاً

- ‌ثانياً: حكم السحر

- ‌ثالثاً: أسباب الخلاف في حكم السحر

- ‌المطلب الثالث: ما يلحق بالسحر كالعيافة، والطرق، والطيرة

- ‌أولاً: التنجيم

- ‌ثانياً: ادعاء علم الغيب

- ‌المطلب الخامس: الكهانة

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: مفهوم التلازم

- ‌المطلب الثاني: أدلة التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌المطلب الثالث: المرجئة وإنكارهم للتلازم

- ‌المبحث الثاني: إجماع أهل السنة على أن العمل جزء لا يصح الإيمان إلا به

- ‌المبحث الثالث: إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة

- ‌الفصل الثاني: نقول عن أهل العلم في بيان منزلة عمل الجوارح وحكم تاركه

- ‌المطلب الأول: التعريف اللغوي

- ‌المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي

- ‌المبحث الثاني: طرق إثبات الصحبة

- ‌النوع الأول: القرآن الكريم

- ‌النوع الثاني: الخبر المتواتر

- ‌النوع الثالث: الخبر المشهور

- ‌النوع الرابع: الخبر الآحاد: ويدخل تحته أربع طرق

- ‌المطلب الثاني: إثبات الصحبة عن طريق أحد العلامات

- ‌أولا: الأدلة على فضل الصحابة من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة على فضل الصحابة من السنة

- ‌ثالثا: أقوال العلماء في فضل الصحابة

- ‌الفرع الثاني: تفضيل الصحابة على سائر الأمة

- ‌الفرع الثالث: تفضيل الصحابة على سائر البشر بعد الأنبياء

- ‌الفرع الأول: الأدلة على وقوع التفاضل بين الصحابة

- ‌الفرع الثاني: أوجه التفاضل بين الصحابة

- ‌أولا: المفاضلة بين الخلفاء الراشدين

- ‌ثانيا: المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما

- ‌الفرع الرابع: المفاضلة بين جماعات الصحابة

- ‌الفرع الخامس: المفاضلة بين الصحابيات

- ‌الفرع الأول: فضل أبي بكر الصديق

- ‌الفرع الثاني فضل: عمر بن الخطاب

- ‌الفرع الثالث: فضل عثمان بن عفان

- ‌الفرع الرابع: فضل علي بن أبي طالب

- ‌الفرع الخامس: فضائل باقي العشرة المبشرين بالجنة

- ‌أولا: فضل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌ثانيا: فضل الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌ثالثا: فضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

- ‌رابعا: فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌خامسا: فضل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌سادسا: فضل سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: وجوب محبتهم

- ‌أولاً: معنى العدالة في اللغة

- ‌ثانياً: تعريف العدالة في الاصطلاح

- ‌تمهيد

- ‌أولا: أدلة أهل السنة والجماعة على عدالة الصحابة من القرآن الكريم

- ‌ثانيا: أدلة أهل السنة على عدالة الصحابة من السنة النبوية

- ‌ثالثا: الأدلة العقلية على عدالة الصحابة

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الأدلة على تحريم سبهم من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة من السنة على تحريم سب الصحابة

- ‌ثالثا: الأدلة من كلام السلف على تحريم سب الصحابة

- ‌رابعا: حكم سب الصحابة

- ‌1 - من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم

- ‌2 - من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم

- ‌3 - من سب صحابياً لم يتواتر النقل بفضله سبا يطعن في الدين

- ‌4 - من سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم

- ‌خامسا: لوازم السب

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الأول: متى بدأ التشاجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثاني دوافع التشاجر بين الصحابة

- ‌المطلب الخامس: الدعاء والاستغفار لهم

- ‌المطلب السادس: الشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم

- ‌تمهيد

- ‌أولا: طريقة مبايعة أبي بكر

- ‌ثانيا: النصوص المشيرة إلى خلافته

- ‌ثالثا: هل خلافة أبي بكر ثبتت بالنص أم بالإشارة

- ‌رابعاً: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة تولي عمر الخلافة

- ‌ثانيا أحقية عمر بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: كيفية توليه الخلافة رضي الله عنه

- ‌ثانيا: أحقية عثمان بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة توليه الخلافة

- ‌ثانيا: أحقية علي بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌الفرع الخامس: خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: التعريف بآل البيت لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف آل البيت شرعا

- ‌المطلب الثالث دخول أزواج النبي في آل البيت

- ‌المطلب الأول: فضائل أهل البيت في الكتاب

- ‌المطلب الثاني فضائل أهل البيت في السنة

- ‌الفرع الأول: فضائل أزواج النبي إجمالا

- ‌أولاً: فضل خديجة رضي الله عنها

- ‌ثانياً: فضل سودة رضي الله عنها

- ‌ثالثاً: فضل عائشة رضي الله عنها

- ‌رابعاً: فضل حفصة رضي الله عنها

- ‌خامساً: فضل أم سلمة رضي الله عنها

- ‌سادساً: فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها

- ‌سابعاً: فضل جويرية بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌ثامناً: فضل أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها

- ‌تاسعاً: فضل صفية بنت حيي رضي الله عنها

- ‌عاشراً: فضل ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌حادي عشر: فضل زينب بنت خزيمة

- ‌1 - فضل زينب رضي الله عنها

- ‌2 - فضل رقية رضي الله عنها

- ‌3 - فضل أم كلثوم رضي الله عنها

- ‌4 - فضل فاطمة رضي الله عنها

- ‌أولا: حمزة سيد الشهداء

- ‌ثانيا: شهادة عبد الرحمن بن عوف – أحد العشرة – لحمزة بأنه خير منه

- ‌ثالثا: حمزة أسد الله

- ‌رابعا: حمزة المبارز يوم بدر

- ‌خامسا: قصة قتل حمزة ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌سادسا: بعد حمزة من النار

- ‌أولا: جعفر الطيار ذو الجناحين

- ‌ثانيا: شهادة أبي هريرة لجعفر

- ‌ثالثا: حزن الرسول صلى الله عليه وسلم على جعفر وبشارته له

- ‌رابعا: شجاعة جعفر رضي الله عنه

- ‌خامسا: جعفر أبو المساكين

- ‌سادسا: خلق جعفر وخلقه

- ‌سابعا: هجرة جعفر للحبشة وموقفه القوي مع النجاشي وشجاعته في الحق رضي الله عنه

- ‌الفرع الثالث: فضل إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع: فضل الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌أولا: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس بالعلم والحكمة والفقه في الدين

- ‌ثانيا: حرص ابن عباس على طلب العلم

- ‌ثالثا: تقديم عمر لعبد الله بن عباس رضي الله عنهم

- ‌رابعا: ثناء ابن مسعود على ابن عباس رضي الله عنهم

- ‌خامسا: بعض من ثناء التابعين على ابن عباس رضي الله عنهما

- ‌الفرع السادس: فضل العباس بن عبد المطلب

- ‌المطلب السادس: هل القول بتفضيل بني هاشم يعد تفضيلاً مطلقاً لهم على جميع الأشخاص وفي كل الأحوال

- ‌المبحث الثالث: مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة في آل البيت

- ‌المطلب الأول: الدفاع عنهم

- ‌المطلب الثاني: الصلاة عليهم

- ‌المطلب الثالث: حقهم في الخمس

- ‌المطلب الرابع: تحريم الصدقة عليهم

- ‌الفصل الثالث: موقف أهل السنة من العلماء

- ‌1 - أنه لصبرهم وتقواهم كانت لهم الإمامة في الدين:

- ‌2 - أن طاعتهم من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌3 - أن الرد إليهم عند نزول النوازل لما خصهم الله به من القدرة على الاستنباط

- ‌4 - ومن فضلهم: أنه قرنت شهادتهم بشهادة الله تعالى والملائكة

- ‌5 - ومن فضلهم: أن اتباعهم يهدي إلى الصراط السوي

الفصل: ‌ثانيا أحقية عمر بالخلافه

‌ثانيا أحقية عمر بالخلافه

إن حقية خلافة الفاروق رضي الله عنه مما لا يشك فيها مسلم لما هو معلوم عند كل ذي عقل وفهم أنه يلزم من حقية خلافة أبي بكر حقية خلافة عمر وقد قدمنا في الفصل الثاني من هذا الباب أن نصوص الكتاب والسنة والإجماع كلها دلت على حقية خلافة أبي بكر، وما دل على حقية خلافة الصديق رضي الله عنه دل على حقية خلافة الفاروق رضي الله عنه لأن الفرع يثبت له من حيث كونه فرعاً ما ثبت للأصل فحينئذ لا مطمع لأحد من الشيعة الرافضة في النزاع في حقية خلافة عمر لما قدمناه من الأدلة الواضحة القطعية على حقية خلافة مستخلفه، ولما سنذكره هنا من بعض النصوص التي فيها الإشارة إلى حقية خلافة الفاروق رضي الله عنه، وإذا ثبت حقية خلافة الصديق رضي الله عنه قطعاً صار النزاع في حقية خلافة الفاروق عناداً وجهلاً وغباوة وإنكاراً لما هو معلوم في الدين بالضرورة ومن اعتقد عدم حقية خلافة الفاروق رضي الله عنه كالشيعة الرافضة إنما يعد من الجهلة الحمقى حقيق أن يعرض عنه وعن أكاذيبه وأباطيله، ولا يلتفت إليه ولا يعول في شيء من الأمور عليه، فخلافة الفاروق رضي الله عنه حق بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهذا معتقد الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة وقد وردت الإشارة إلى حقية خلافته في طائفة من النصوص القطعية الصحيحة منها:-

(1)

في نص القرآن دليل على صحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وعلى وجوب الطاعة لهم وهو أن الله –تعالى- قال مخاطباً لنبيه صلى الله عليه وسلم في الأعراب فَإِن رَّجَعَكَ اللهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا [التوبة: 83] وكان نزول براءة التي فيها هذا الحكم بعد غزوة تبوك بلا شك (1) التي تخلف فيها الثلاثة المعذرون الذين تاب الله عليهم في (سورة براءة) ولم يغز- عليه الصلاة والسلام – بعد غزوة تبوك إلى أن مات صلى الله عليه وسلم وقال تعالى أيضاً: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ [الفتح: 15] فبين أن العرب لا يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تبوك لهذا، ثم عطف – سبحانه وتعالى – عليهم أثر منعه إياهم من الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الفتح: 16] فأخبر –تعالى- أنهم سيدعوهم غير النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوم يقاتلونهم أو يسلمون ووعدهم على طاعة من دعاهم إلى ذلك بجزيل الأجر العظيم وتوعدهم على عصيان الداعي لهم إلى ذلك العذاب الأليم.

(1) انظر: ((الدر المنثور في التفسير بالمأثور)) (4/ 119، 122).

ص: 372

قال أبو محمد بن حزم: (وما دعا أولئك الأعراب أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قوم يقاتلونهم أو يسلمون إلا أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فإن أبا بكر رضي الله عنه دعاهم إلى قتال مرتدي العرب بني حنيفة وأصحاب الأسود وسجاح وطليحة والروم والفرس وغيرهم، ودعاهم عمر إلى قتال الروم والفرس وعثمان دعاهم إلى قتال الروم والفرس والترك (1) فوجب طاعة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم بنص القرآن الذي لا يحتمل تأويلاً وإذ قد وجبت طاعتهم فقد صحت إمامتهم وخلافتهم رضي الله عنهم (2).

(2)

ما رواه الشيخان في (صحيحيهما) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة علي قليب فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربلاً فلم أر عبقرياً يفري فريه حتى روى الناس وضربوا بعطن)) (3).

هذا الحديث تضمن الإشارة إلى خلافة الشيخين رضي الله عنهما، كما تضمن الإشارة إلى حقية خلافة الفاروق رضي الله عنه، وإلى كثرة الفتوح وظهور الإسلام في زمنه فهذا المنام النبوي مثال واضح لما حصل لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في خلافتهما وحسن سيرتهما وظهور آثارهما وانتفاع الناس بهما وكل ذلك مأخوذ عن المصطفى صلى الله عليه وسلم وآثار صحبته فقد كان عليه الصلاة والسلام هو صاحب الأمر فقام به أكمل قيام حيث قرر قواعد الدين ومهد أموره وأوضح أصوله وفروعه ودخل الناس في دين الله أفواجاً وأنزل الله تعالى عليه قوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا [المائدة: 3].

ولما التحق صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى خلفه أبو بكر رضي الله عنه على الأمة سنتين وأشهراً وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: ((ذنوباً أو ذنوبين)) - وهذا شك من الراوي والمراد ذنوبان كما جاء التصريح بذلك في رواية أخرى (4) وقد حصل في خلافته رضي الله عنه قتال المرتدين وقطع دابرهم واتساع رقعة الإسلام ولما توفي الصديق رضي الله عنه خلفه عمر رضي الله عنه فانتشر الإسلام في زمنه أكثر وتقرر لهم من أحكامه ما لم يقع مثله لطول ولايته واتساع بلاد الإسلام وكثرة الأموال من الغنائم وغيرها فالحديث اشتمل على حقية خلافة عمر رضي الله عنه وصحتها وبيان صفتها وانتفاع المسلمين بها.

(3)

روى الإمام أحمد وغيره بإسناده إلى حذيفة رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم جلوساً فقال: ((إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر وتمسكوا بعهد عمار وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه)) (5).

(1) انظر: ((الاعتقاد للبيهقي)) (ص: 173).

(2)

((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (4/ 109 - 110).

(3)

رواه البخاري (3682)، ومسلم (2393).

(4)

انظر: ((صحيح مسلم)) (4/ 1861).

(5)

رواه أحمد (5/ 385)(23324)، ورواه الترمذي (3799)، وابن ماجه (97)، وابن حبان (15/ 327)(6902). قال الترمذي، وابن عبدالبر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (2/ 1165)، وابن الملقن في ((شرح صحيح البخاري)) (9/ 578): حسن، وقال ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/ 143): مثله حسن، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).

ص: 373

دل هذا الحديث دلالة صريحة على حقية خلافة عمر رضي الله عنه فقوله صلى الله عليه وسلم: ((اقتدوا باللذين)) بفتح الذال – أي الخليفتين اللذين يقومان من بعدي أبو بكر وعمر، فأمره صلى الله عليه وسلم بطاعتهما يتضمن الثناء عليهما لكونهما أهلاً لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه المؤذن بحسن سيرتهما وصدق سريرتهما وإيماء لكونهما الخليفتين بعده وسبب الحث على الاقتداء بالسابقين الأولين ما فطروا عليه من الأخلاق المرضية والطبيعة القابلة للخير ولذلك كانوا أفضل الناس بعد الأنبياء وصار أفضل الخلق بعدهم من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين (1).

(4)

روى الشيخان في (صحيحيهما) بإسناديهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((بينا أنا نائم إذ رأيت قدحاً أتيت به فيه لبن فشربت منه حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله قال: العلم)) (2).

ففي هذا الحديث إشارة إلى حقية خلافة عمر رضي الله عنه (والمراد بالعلم هنا العلم بسياسة الناس بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واختص عمر بذلك لطول مدته بالنسبة إلى أبي بكر – وباتفاق الناس على طاعته بالنسبة إلى عثمان فإن مدة أبي بكر كانت قصيرة فلم يكثر فيها الفتوح التي هي أعظم الأسباب في الاختلاف ومع ذلك فساس عمر فيها – مع طول مدته – الناس بحيث لم يخالفه أحد ثم ازدادت اتساعاً في خلافة عثمان فانتشرت الأقوال واختلفت الآراء، ولم يتفق له ما اتفق لعمر من طواعية الخلق له فنشأت من ثم الفتن إلى أن أفضى الأمر إلى قتله – واستخلف علي فما ازداد الأمر إلا اختلافاً، والفتن إلا انتشاراً)(3) فالحديث فيه إشارة واضحة إلى حقية خلافة الفاروق رضي الله عنه.

(4)

روى أبو داود وغيره من حديث الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: ((من رأى منكم رؤيا؟ فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزاناً نزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ووزن عمر وأبو بكر فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان فرجح عمر، ثم رفع الميزان فرأينا الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم)(4).

في هذا الحديث إشارة إلى ترتيب الثلاثة في الفضل فأفضلهم أبو بكر ثم عمر، ثم عثمان رضي الله عنهم جميعاً كما أن الحديث تضمن الإشارة إلى حقية خلافة عمر رضي الله عنه وأنه يلي الخلافة بعد الصديق رضي الله عنه وقوله له في الحديث:((فرأينا الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم) وذلك لما علم صلى الله عليه وسلم من أن تأويل رفع الميزان انحطاط رتبة الأمور وظهور الفتن بعد خلافة عمر (5).

(1) انظر: ((فيض القدير)) للمناوي (2/ 56).

(2)

رواه البخاري (82)، ومسلم (2391). من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.

(3)

((فتح الباري)) (7/ 46).

(4)

رواه أبو داود (4634)، والترمذي (2287)، وأحمد (5/ 44)(20463)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (5/ 43)(8136)، والحاكم (3/ 74). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (5/ 115): ثابت، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (4/ 306) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).

(5)

انظر: ((عون المعبود شرح سنن أبي داود)) (13/ 387).

ص: 374

(6)

وروى الشيخان في (صحيحيهما) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما كان يحدث ((أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الليلة في المنام ظلة تنطف السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون منها: فالمستكثر والمستقل وإذا سبب واصل من الأرض إلى السماء فأراك أخذت به فعلوت، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع ثم وصل. فقال أبو بكر: يا رسول الله بأبي أنت والله لتدعني فأعبرها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اعبرها قال: أما الظلة فالإسلام، وأما الذي ينطف من العسل والسمن فالقرآن حلاوته تنطف فالمستكثر من القرآن والمستقل، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله ثم يأخذ به رجل فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به ثم يأخذ به رجل فينقطع به، ثم يوصل له فيعلو به، فأخبرني يا رسول الله – بأبي أنت – أصبت أم أخطأت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً قال: فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت. قال: لا تقسم)) (1).

تضمن هذا الحديث الإشارة إلى حقية خلافة عمر رضي الله عنه وأرضاه. ووجه ذلك أن قوله في الحديث: ((ثم أخذ به رجل آخر فعلا به)) هو أبو بكر رضي الله عنه وقوله ثانياً: ((ثم أخذ به رجل آخر فانقطع)) إشارة إلى خلافة الفاروق رضي الله عنه.

(7)

روى أبو داود بإسناد إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه كان يحدث أن – رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما تنوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم)(2).

دل هذا الحديث بالإشارة الواضحة إلى ترتيب الثلاثة في الخلافة وإلى حقية خلافتهم رضي الله عنهم وهذا ما فهمه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الرؤيا ولذلك عبروا تنوط بعضهم ببعض بولاية الأمر بعده عليه الصلاة والسلام.

(8)

روى أبو عبد الله الحاكم بإسناده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((بعثني بنو المصطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من ندفع صدقاتنا بعدك قال: فأتيته فسألته فقال: إلى أبي بكر فأتيتهم فأخبرتهم فقالوا: ارجع إليه فسله فإن حدث بأبي بكر حدث فإلى من؟ فأتيته فسألته فقال: إلى عمر فأتيتهم فأخبرتهم

)) (3) الحديث.

اشتمل هذا الحديث على الإشارة إلى حقية خلافة عمر رضي الله عنه وأنه يلي أمر المسلمين بعد وفاة الصديق رضي الله عنه.

(1) رواه البخاري (7046)، ومسلم (2269).

(2)

رواه أبو داود (4636)، وأحمد (3/ 355)(14863)، وابن حبان (15/ 343)(6913)، والحاكم (3/ 75). وقال: ولعاقبة هذا الحديث إسناد صحيح عن أبي هريرة ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وضعفه الألباني في ((ضعيف سنن أبي داود)).

(3)

رواه الحاكم (3/ 82). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) (13/ 416): ورجاله ثقات، غير نصر بن منصور المروزي

فهو مقبول الحديث إن شاء الله تعالى.

ص: 375

(9)

روى البزار والطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) عن ابن عمر رضي الله عنه قال: (كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان يعني في الخلافة)(1) وهذا أيضا: من الآثار التي إشارتها واضحة إلى حقية خلافة الفاروق رضي الله عنه.

(10)

وروى مسلم في (صحيحه) بإسناده إلى ابن أبي مليكة قال: وسمعت عائشة وسئلت: ((من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفاً لو استخلفه قالت: أبو بكر فقيل لها: ثم من بعد أبي بكر قالت: عمر، ثم قيل لها: من بعد عمر قالت: أبو عبيدة بن الجراح ثم انتهت إلى هذا)) (2) يعني وقفت على أبي عبيدة وهذا الحديث من أدلة أهل السنة والجماعة على تقديم أبي بكر ثم عمر للخلافة مع إجماع الصحابة (3).

(11)

وروى الشيخان في (صحيحيهما) عن ابن أبي مليكة قال: سمعت ابن عباس يقول: ((وضع عمر بن الخطاب على سريره فتكنفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه قبل أن يرفع وأنا فيهم قال: فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي فالتفت إليه فإذا هو علي فترحم على عمر وقال: ما خلفت أحداً أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وذاك أني كنت أكثر أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: جئت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر فإن كنت لأرجو أو لأظن أن يجعلك الله معهما)) (4).

(12)

ومما دل على حقية خلافته رضي الله عنه اجتماع الصحابة على أنهم لا يقدمون إلا أفضلهم وأخيرهم مع قول أبي بكر وعلي رضي الله عنهما فيه.

فأما قول أبي بكر رضي الله عنه فيه فهو قوله: (اللهم أمرت عليهم خير أهلك)(5) وأما قول علي رضي الله عنه فيه فهو ما رواه البخاري عن محمد بن الحنفية وهو ابن علي بن أبي طالب قال: (قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو بكر قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر وخشيت أن يقول: عثمان قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين)(6). فهذه الأحاديث التي أوردناها في هذا المبحث كلها فيها الدلالة الواضحة على حقية خلافة عمر رضي الله عنه وأرضاه.

قال السفاريني رحمه الله تعالى: (اعلم أن خلافة سيدنا عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه مرتبة ولازمة لحقية خلافة الصديق الأعظم أبي بكر رضي الله عنه وقد قام الإجماع وإشارات الكتاب والسنة على حقية خلافته فما ثبت للأصل الذي هو الصديق من حقية الخلافة يثبت لفرعه الذي هو عمر بن الخطاب فيها فلا مطمع لأحد من فروق الضلال في الطعن والنزاع في حقية الخلافة وقد علم أهل العلم علماً باتاً ضرورياً أن الصحابة الكرام أجمعوا على تولية الصديق الخلافة ومن شذ لا يقدح في ذلك من غير مرية)(7). عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم – لناصر بن علي عائض –2/ 633

(1) رواه البزار في ((المسند)) (2/ 260)(6083)، والطبراني (12/ 302) (13215). قال ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (7/ 216): إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/ 323): رواه البزار والطبراني، ورجال البزار رجال الصحيح. وقال الألباني في ((تخريج كتاب السنة)) (1140): إسناده صحيح على شرط مسلم.

(2)

رواه مسلم (2385).

(3)

انظر: ((شرح النووي على مسلم)) (15/ 154).

(4)

رواه البخاري (3685)، ومسلم (2389).

(5)

رواه ابن أبي شيبة (12/ 35)، وهناد في ((الزهد)) (1/ 284)(496)، وأبي نعيم في ((الإمامة والرد على الرافضة)) (ص: 276). من حديث زبيد اليامي. ورواه عبدالرزاق (5/ 449)(9764). من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها. قال ابن حجر في ((المطالب العالية)) (4/ 229): رجاله ثقات.

(6)

رواه البخاري (3671).

(7)

((لوامع الأنوار البهية)) (2/ 326).

ص: 376