المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أولاً: التنجيم عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول - الموسوعة العقدية - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني: إنكار الوعد أو الوعيد أو الاستهزاء به

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تنوع المعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثاني: حكم الجهل بالمعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثالث: إنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة

- ‌أولاً: تعريف النفاق

- ‌ثانياً: أنواع النفاق

- ‌المطلب الثاني: مظاهرة المشركين على المسلمين

- ‌المطلب الأول: سب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الثاني: الاستهزاء بالعلماء والصالحين

- ‌المطلب الأول: ترك الصلاة تهاونا وكسلا

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً: تعريف السحر لغةً وشرعاً

- ‌ثانياً: حكم السحر

- ‌ثالثاً: أسباب الخلاف في حكم السحر

- ‌المطلب الثالث: ما يلحق بالسحر كالعيافة، والطرق، والطيرة

- ‌أولاً: التنجيم

- ‌ثانياً: ادعاء علم الغيب

- ‌المطلب الخامس: الكهانة

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: مفهوم التلازم

- ‌المطلب الثاني: أدلة التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌المطلب الثالث: المرجئة وإنكارهم للتلازم

- ‌المبحث الثاني: إجماع أهل السنة على أن العمل جزء لا يصح الإيمان إلا به

- ‌المبحث الثالث: إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة

- ‌الفصل الثاني: نقول عن أهل العلم في بيان منزلة عمل الجوارح وحكم تاركه

- ‌المطلب الأول: التعريف اللغوي

- ‌المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي

- ‌المبحث الثاني: طرق إثبات الصحبة

- ‌النوع الأول: القرآن الكريم

- ‌النوع الثاني: الخبر المتواتر

- ‌النوع الثالث: الخبر المشهور

- ‌النوع الرابع: الخبر الآحاد: ويدخل تحته أربع طرق

- ‌المطلب الثاني: إثبات الصحبة عن طريق أحد العلامات

- ‌أولا: الأدلة على فضل الصحابة من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة على فضل الصحابة من السنة

- ‌ثالثا: أقوال العلماء في فضل الصحابة

- ‌الفرع الثاني: تفضيل الصحابة على سائر الأمة

- ‌الفرع الثالث: تفضيل الصحابة على سائر البشر بعد الأنبياء

- ‌الفرع الأول: الأدلة على وقوع التفاضل بين الصحابة

- ‌الفرع الثاني: أوجه التفاضل بين الصحابة

- ‌أولا: المفاضلة بين الخلفاء الراشدين

- ‌ثانيا: المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما

- ‌الفرع الرابع: المفاضلة بين جماعات الصحابة

- ‌الفرع الخامس: المفاضلة بين الصحابيات

- ‌الفرع الأول: فضل أبي بكر الصديق

- ‌الفرع الثاني فضل: عمر بن الخطاب

- ‌الفرع الثالث: فضل عثمان بن عفان

- ‌الفرع الرابع: فضل علي بن أبي طالب

- ‌الفرع الخامس: فضائل باقي العشرة المبشرين بالجنة

- ‌أولا: فضل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌ثانيا: فضل الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌ثالثا: فضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

- ‌رابعا: فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌خامسا: فضل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌سادسا: فضل سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: وجوب محبتهم

- ‌أولاً: معنى العدالة في اللغة

- ‌ثانياً: تعريف العدالة في الاصطلاح

- ‌تمهيد

- ‌أولا: أدلة أهل السنة والجماعة على عدالة الصحابة من القرآن الكريم

- ‌ثانيا: أدلة أهل السنة على عدالة الصحابة من السنة النبوية

- ‌ثالثا: الأدلة العقلية على عدالة الصحابة

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الأدلة على تحريم سبهم من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة من السنة على تحريم سب الصحابة

- ‌ثالثا: الأدلة من كلام السلف على تحريم سب الصحابة

- ‌رابعا: حكم سب الصحابة

- ‌1 - من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم

- ‌2 - من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم

- ‌3 - من سب صحابياً لم يتواتر النقل بفضله سبا يطعن في الدين

- ‌4 - من سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم

- ‌خامسا: لوازم السب

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الأول: متى بدأ التشاجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثاني دوافع التشاجر بين الصحابة

- ‌المطلب الخامس: الدعاء والاستغفار لهم

- ‌المطلب السادس: الشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم

- ‌تمهيد

- ‌أولا: طريقة مبايعة أبي بكر

- ‌ثانيا: النصوص المشيرة إلى خلافته

- ‌ثالثا: هل خلافة أبي بكر ثبتت بالنص أم بالإشارة

- ‌رابعاً: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة تولي عمر الخلافة

- ‌ثانيا أحقية عمر بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: كيفية توليه الخلافة رضي الله عنه

- ‌ثانيا: أحقية عثمان بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة توليه الخلافة

- ‌ثانيا: أحقية علي بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌الفرع الخامس: خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: التعريف بآل البيت لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف آل البيت شرعا

- ‌المطلب الثالث دخول أزواج النبي في آل البيت

- ‌المطلب الأول: فضائل أهل البيت في الكتاب

- ‌المطلب الثاني فضائل أهل البيت في السنة

- ‌الفرع الأول: فضائل أزواج النبي إجمالا

- ‌أولاً: فضل خديجة رضي الله عنها

- ‌ثانياً: فضل سودة رضي الله عنها

- ‌ثالثاً: فضل عائشة رضي الله عنها

- ‌رابعاً: فضل حفصة رضي الله عنها

- ‌خامساً: فضل أم سلمة رضي الله عنها

- ‌سادساً: فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها

- ‌سابعاً: فضل جويرية بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌ثامناً: فضل أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها

- ‌تاسعاً: فضل صفية بنت حيي رضي الله عنها

- ‌عاشراً: فضل ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌حادي عشر: فضل زينب بنت خزيمة

- ‌1 - فضل زينب رضي الله عنها

- ‌2 - فضل رقية رضي الله عنها

- ‌3 - فضل أم كلثوم رضي الله عنها

- ‌4 - فضل فاطمة رضي الله عنها

- ‌أولا: حمزة سيد الشهداء

- ‌ثانيا: شهادة عبد الرحمن بن عوف – أحد العشرة – لحمزة بأنه خير منه

- ‌ثالثا: حمزة أسد الله

- ‌رابعا: حمزة المبارز يوم بدر

- ‌خامسا: قصة قتل حمزة ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌سادسا: بعد حمزة من النار

- ‌أولا: جعفر الطيار ذو الجناحين

- ‌ثانيا: شهادة أبي هريرة لجعفر

- ‌ثالثا: حزن الرسول صلى الله عليه وسلم على جعفر وبشارته له

- ‌رابعا: شجاعة جعفر رضي الله عنه

- ‌خامسا: جعفر أبو المساكين

- ‌سادسا: خلق جعفر وخلقه

- ‌سابعا: هجرة جعفر للحبشة وموقفه القوي مع النجاشي وشجاعته في الحق رضي الله عنه

- ‌الفرع الثالث: فضل إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع: فضل الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌أولا: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس بالعلم والحكمة والفقه في الدين

- ‌ثانيا: حرص ابن عباس على طلب العلم

- ‌ثالثا: تقديم عمر لعبد الله بن عباس رضي الله عنهم

- ‌رابعا: ثناء ابن مسعود على ابن عباس رضي الله عنهم

- ‌خامسا: بعض من ثناء التابعين على ابن عباس رضي الله عنهما

- ‌الفرع السادس: فضل العباس بن عبد المطلب

- ‌المطلب السادس: هل القول بتفضيل بني هاشم يعد تفضيلاً مطلقاً لهم على جميع الأشخاص وفي كل الأحوال

- ‌المبحث الثالث: مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة في آل البيت

- ‌المطلب الأول: الدفاع عنهم

- ‌المطلب الثاني: الصلاة عليهم

- ‌المطلب الثالث: حقهم في الخمس

- ‌المطلب الرابع: تحريم الصدقة عليهم

- ‌الفصل الثالث: موقف أهل السنة من العلماء

- ‌1 - أنه لصبرهم وتقواهم كانت لهم الإمامة في الدين:

- ‌2 - أن طاعتهم من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌3 - أن الرد إليهم عند نزول النوازل لما خصهم الله به من القدرة على الاستنباط

- ‌4 - ومن فضلهم: أنه قرنت شهادتهم بشهادة الله تعالى والملائكة

- ‌5 - ومن فضلهم: أن اتباعهم يهدي إلى الصراط السوي

الفصل: ‌ ‌أولاً: التنجيم عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول

‌أولاً: التنجيم

عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد)). رواه أبو داود، وإسناده صحيح (1).

قوله: (من). شرطية، وفعل الشرط:(اقتبس)، وجوابه:(فقد اقتبس).

قوله: (اقتبس). أي تعلم، لأن التعلم وهو أخذ الطالب من العالم شيئاً من علمه بمنزلة الرجل يقتبس من صاحب النار شعلة.

قوله: (شعبة). أي: طائفة، ومنه قوله تعالى: وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ [الحجرات: 13]، أي: طوائف وقبائل.

قوله: (من النجوم). المراد: علم النجوم، وليس المراد النجوم أنفسها، لأن النجوم لا يمكن أن تقتبس وتتعلم، والمراد به هنا علم النجوم الذي يستدل به على الحوادث الأرضية، فيستدل مثلاً باقتران النجم الفلاني بالنجم الفلاني على أنه سيحدث كذا وكذا.

ويستدل بولادة إنسان في هذا النجم على أنه سيكون سعيداً، وفي النجم الآخر على أنه سيكون شقياً، فيستدلون باختلاف أحوال النجوم على اختلاف الحوادث الأرضية، والحوادث الأرضية من عند الله، قد تكون أسبابها معلومة لنا، وقد تكون مجهولة، لكن ليس للنجوم بها علاقة، ولهذا جاء في حديث زيد بن خالد الجهني في غزوة الحديبية، قال: صلى بنا رسول الله ذات ليلة على إثر سماء من الليل، فقال:((قال الله تعالى: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فمن قال: مطرنا بنوء كذا وكذا ـ بنوء يعني: بنجم، والباء للسببية، يعني: هذا المطر من النجم ـ، فإنه كافر بي مؤمن بالكوكب، ومن قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب)) (2).

فالنجوم لا تأتي بالمطر ولا تأتي بالرياح أيضاً، ومنه نأخذ خطأ العوام الذين يقولون: إذا هبت الريح طلع النجم الفلاني، لأن النجوم لا تأثير لها بالرياح، صحيح أن بعض الأوقات والفصول يكون فيها ريح ومطر، فهي ظرف لهما، وليست سبباً للريح أو المطر.

وعلم النجوم ينقسم إلى قسمين:

(1)[10789])) رواه أبو داود (3905) ، وابن ماجه (3726) ، وأحمد (1/ 227)(2000) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (8/ 138) ، والطبراني (11/ 135)، كلهم رووه بلفظ:((من اقتبس علماً من النجوم)) بدلاً من ((من اقتبس شعبةً من النجوم)) ، والحديث سكت عنه ابو داود، وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (35/ 193) ، والنووي في ((رياض الصالحين)) (536) ، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (4/ 144)، وأحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (3/ 312): إسناده صحيح، وصححه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)).

(2)

[10790])) رواه البخاري (846) ، ومسلم (71).

ص: 94

الأول: علم التأثير، وهو أن يستدل بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية، فهذا محرم باطل لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر)) (1)، وقوله في حديث زيد بن خالد:((من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)) (2)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في الشمس والقمر:((إنهما آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)) (3) ، فالأحوال الفلكية لا علاقة بينها وبين الحوادث الأرضية.

الثاني: علم التسيير، وهو ما يستدل به على الجهات والأوقات، فهذا جائز، وقد يكون واجباً أحياناً، كما قال الفقهاء: إذا دخل وقت الصلاة يجب على الإنسان أن يتعلم علامات القبلة من النجوم والشمس والقمر، قال تعالى: وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [النحل: 15]، فلما ذكر الله العلامات الأرضية انتقل إلى العلامات السماوية، فقال تعالى: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل: 16]، فالاستدلال بهذه النجوم على الأزمات لا بأس به، مثل أن يقال: إذا طلع النجم الفلاني دخل وقت السيل ودخل وقت الربيع، وكذلك على الأماكن، كالقبلة، والشمال، والجنوب.

قوله: (فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد). المراد بالسحر هنا: ما هو أعم من السحر المعروف، لأن هذا من الاستدلال بالأمور الخفية التي لا حقيقة لها، كما أن السحر لا حقيقة له، فالسحر لا يقلب الأشياء، لكنه يموه، وهكذا اختلاف النجوم لا تتغير بها الأحوال.

قوله: (زاد ما زاد). أي: كلما زاد شعبة من تعلم النجوم ازداد شعبة من السحر.

ووجه ذلك: أن الشيء إذا كان من الشيء، فإنه يزداد بزيادته.

وجه مناسبة الحديث لترجمة المؤلف:

أن من أنواع السحر: تعلم النجوم ليستدل بها على الحوادث الأرضية، وهذا الحديث وإن كان ضعيف السند، لكن من حيث المعنى الصحيح تشهد له النصوص الأخرى

التنجيم: مصدر نجم بتشديد الجيم، أي: تعلم علم النجوم، أو اعتقد تأثير النجوم.

وعلم النجوم ينقسم إلى قسمين:

1 -

علم التأثير. 2 - علم التسيير.

فالأول: علم التأثير. وهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

أن يعتقد أن هذه النجوم مؤثرة فاعلة، بمعنى أنها هي التي تخلق الحوادث والشرور، فهذا شرك أكبر، لأن من ادعى أن مع الله خالقاً، فهو مشرك شركاً أكبر، فهذا جعل المخلوق المسخر خالقاً مسخراً.

(1)[10791])) رواه أبو داود (3905) ، وابن ماجه (3726) ، وأحمد (1/ 227)(2000) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (8/ 138) ، والطبراني (11/ 135)، كلهم رووه بلفظ:((من اقتبس علماً من النجوم)) بدلاً من ((من اقتبس شعبةً من النجوم)) ، والحديث سكت عنه ابو داود، وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (35/ 193) ، والنووي في ((رياض الصالحين)) (536) ، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (4/ 144)، وأحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (3/ 312): إسناده صحيح، وصححه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)).

(2)

[10792])) رواه البخاري (846) ، ومسلم (71).

(3)

[10793])) رواه البخاري (1060) ، ومسلم (915) ، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

ص: 95

أن يجعلها سبباً يدعي به علم الغيب، فيستدل بحركاتها وتنقلاتها وتغيراتها على أنه سيكون كذا وكذا، لأن النجم الفلاني صار كذا وكذا، مثل أن يقول: هذا الإنسان ستكون حياته شقاء، لأنه ولد في النجم الفلاني، وهذا حياته ستكون سعيدة لأنه ولد في النجم الفلاني. فهذا اتخذ تعلم النجوم وسيلة لادعاء علم الغيب، ودعوى علم الغيب كفر مخرج عن الملة، لأن الله يقول: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل: 65]، وهذا من أقوى أنواع الحصر، لأنه بالنفي والإثبات، فإذا ادعى أحد علم الغيب، فقد كذب القرآن.

أن يعتقدها سبباً لحدوث الخير والشر، أي أنه إذا وقع شيء نسبه إلى النجوم، ولا ينسب إلى النجوم شيئاً إلا بعد وقوعه، فهذا شرك أصغر.

فإن قيل: ينتقض هذا بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله في الكسوف: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده)) (1)، فمعنى ذلك أنهما علامة إنذار.

والجواب من وجهين:

الأول: أنه لا يسلم أن للكسوف تأثيراً في الحوادث والعقوبات من الجدب والقحط والحروب، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:((إنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)) (2)، لا في ما مضى ولا في المستقبل، وإنما يخوف الله بهما العباد لعلهم يرجعون، وهذا أقرب.

الثاني: أنه لو سلمنا أن لهما تأثيراً، فإن النص قد دل على ذلك، وما دل عليه النص يجب القول به، لكن يكون خاصاً به.

لكن الوجه الأول هو الأقرب: أننا لا نسلم أصلاً أن لهما تأثيراً في هذا، لأن الحديث لا يقتضيه، فالحديث ينص على التخويف، والمخوف هو الله تعالى، والمخوف عقوبته، ولا أثر للكسوف في ذلك، وإنما هو علامة فقط.

الثاني: علم التيسير. وهذا ينقسم إلى قسمين:

الأول: أن يستدل بسيرها على المصالح الدينية، فهذا مطلوب، وإذا كان يعين على مصالح دينية واجبة كان تعلمها واجباً، كما لو أراد أن يستدل بالنجوم على جهة القبلة، فالنجم الفلاني يكون ثلث الليل قبلة، والنجم الفلاني يكون ربع الليل قبلة، فهذا فيه فائدة عظيمة.

الثاني: أن يستدل بسيرها على المصالح الدنيوية، فهذا لا بأس به، وهو نوعان:

النوع الأول: أن يستدل بها على الجهات، كمعرفة أن القطب يقع شمالاً، والجدي وهو قريب منه يدور حوله شمالاً، وهكذا، فهذا جائز، قال تعالى: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل: 16].

النوع الثاني: أن يستدل بها على الفصول، وهو ما يعرف بتعلم منازل القمر، فهذا كرهه بعض السلف، وأباحه آخرون.

والذين كرهوه قالوا: يخشى إذا قيل: طلع النجم الفلاني، فهو وقت الشتاء أو الصيف: أن بعض العامة يعتقد أنه هو الذي يأتي بالبرد أو البحر أو بالرياح.

والصحيح عدم الكراهة.

قوله في أثر قتادة: (خلق الله هذه النجوم لثلاث). اللام للتعليل، أي: لبيان العلة والحكمة.

قوله: (لثلاث). ويجوز لثلاثة، لكن الثلاث أحسن، أي: لثلاث حكم، لهذا حذف تاء التأنيث من العدد.

والثلاث هي:

الأولى: زينة للسماء، قال تعالى: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ [الملك: 5]، لأن الإنسان إذا رأى السماء صافية في ليلة غير مقمرة وليس فيها كهرباء يجد لهذه النجوم من الجمال العظيم ما لا يعلمه إلا الله، فتكون كأنها غابة محلاة بأنواع من الفضة اللامعة، هذه نجمة مضيئة كبيرة تميل إلى الحمرة، وهذه تميل إلى الزرقة، وهذه خفيفة، وهذه متوسطة، وهذا شيء مشاهد.

(1)[10794])) رواه مسلم (911) ، من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه.

(2)

[10795])) رواه البخاري (1060) ، ومسلم (915) ، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

ص: 96

وهل نقول: إن ظاهر الآية الكريمة أن النجوم مرصعة في السماء، أو نقول: لا يلزم ذلك؟

الجواب: لا يلزم من ذلك أن تكون النجوم مرصعة في السماء، قال تعالى وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [الأنبياء: 33]، أي: يدورون، كل له فلك

إذاً هي أفلاك متفاوتة في الارتفاع والنزول، ولا يلزم أن تكون مرصعة في السماء.

فإن قيل: فما الجواب عن قوله تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا.

قلنا: إنها لا يلزم من تزيين الشيء بالشيء أن يكون ملاصقاً له، أرأيت لو أن رجلاً عمر قصراً وجعل حوله ثريات من الكهرباء كبيرة وجميلة، وليست على جدرانه، فالناظر إلى القصر من بعد يرى أنها زينة له، وإن لم تكن ملاصقة له.

الثانية: رجوماً للشياطين، أي: لشياطين الجن، وليسوا شياطين الإنس، لأن شياطين الإنس لم يصلوها، لكن شياطين الجن وصلوها، فهم أقدر من شياطين الإنس، ولهم قوة عظيمة نافذة، قال تعالى عن عملهم الدال على قدرتهم: وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ [ص: 37]، أي: سخرنا لسليمان: وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ [ص: 38]، وقال تعالى: قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل: 39]، أي: من سبأ إلى الشام، وهو عرش عظيم لملكة سبأ، فهذا يدل على قوتهم وسرعتهم ونفوذهم.

وقال تعالى: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا [الجن: 9]. والرجم: الرمي.

الثالثة: علامات يهتدى بها، تؤخذ من قوله تعالى: وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل: 16]، فذكر الله تعالى نوعين من العلامات التي يهتدى بها:

الأول: أرضية، وتشمل كل ما جعل الله في الأرض من علامة، كالجبال، والأنهار، والطرق، والأودية، ونحوها.

والثاني: أفقية في قوله تعالى: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ

والنجم: اسم جنس يشمل كل ما يهتدى به، ولا يختص بنجم معين، لأن لكل قوم طريقة في الاستدلال بهذه النجوم على الجهات، سواء جهات القبلة أو المكان، براً أو بحراً.

وهذا من نعمة الله أن جعل علامات علوية لا يحجب دونها شيء، وهي النجوم، لأنك في الليل لا تشاهد جبالاً ولا أودية، وهذا من تسخير الله، قال تعالى: وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ [الجاثية: 13].

وكره قتادة تعلم منازل القمر. ولم يرخص ابن عيينة فيه. ذكره حرب عنهما. ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق.

قوله: (وكره قتادة تعلم منازل القمر). أي: كراهة تحريم بناءً على أن الكراهة في كلام السلف يراد بها التحريم غالباً.

وقوله: (تعلم منازل القمر) يحتمل أمرين:

الأول: أن المراد به معرفة منزلة القمر، الليلة يكون في الشرطين، ويكون في الإكليل، فالمراد معرفة منازل القمر كل ليلة، لأن كل ليلة له منزلة حتى يتم ثمانياً وعشرين وفي تسع وعشرين وثلاثين لا يظهر في الغالب.

الثاني: أن المراد به تعلم منازل النجوم، أي: يخرج النجم الفلاني، في اليوم الفلاني وهذه النجوم جعلها الله أوقاتاً للفصول، لأنها (28) نجماً، منها (14) يمانية، و (14) شمالية، فإذا حلت الشمس في المنازل الشمالية صار الحر، وإذا حلت في الجنوبية صار البرد، ولذلك كان من علامة دنو البرد خروج سهيل، وهو من النجوم اليمانية.

ص: 97

قوله: (ولم يرخص فيه ابن عيينة). هو سفيان بن عيينة المعروف، وهذا يوافق قول قتادة بالكراهة.

قوله: (وذكره حرب). من أصحاب أحمد، روى عنه مسائل كثيرة.

قوله: (إسحاق). هو إسحاق بن راهويه.

والصحيح أنه لا بأس بتعلم منازل القمر، لأنه لا شرك فيها، إلا أن تعلمها ليضيف إليها نزول المطر وحصول البرد، وأنها هي الجالبة لذلك، فهذا نوع من الشرك، أما مجرد معرفة الوقت بها: هل هو الربيع، أو الخريف، أو الشتاء، فهذا لا بأس به.

وعن أبي موسى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر)) رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه"(1).

قوله: (ومصدق بالسحر). هذا هو شاهد الباب، ووجهه أن علم التنجيم نوع من السحر، فمن صدق به فقد صدق بنوع من السحر،

: ((أن من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر)) (2) ، والمصدق به هو المصدق بما يخبر به المنجمون، فإذا قال المنجم: سيحدث كذا وكذا، وصدق به، فإنه لا يدخل الجنة، لأنه صدق بعلم الغيب لغير الله، قال تعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل: 65].

فإن قيل: لماذا لا يجعل السحر هنا عاماً ليشمل التنجيم وغير التنجيم؟

أجيب: إن المصدق بما يخبره به السحر من علم الغيب يشمله الوعيد هنا، وأما المصدق بأن للسحر تأثيراً، فلا يلحقه هذا الوعيد، إذا لا شك أن للسحر تأثيراً، لكن تأثيره تخييل، مثل ما وقع من سحرة فرعون حيث سحروا أعين الناس حتى رأوا الحبال والعصي كأنها حيات تسعى، وإن كان لا حقيقة لذلك، وقد يسحر الساحر شخصاً فيجعله يُحِب فلاناً ويبغض فلاناً، فهو مؤثر، قال تعالى: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة: 102]، فالتصديق بأثر السحر على هذا الوجه لا يدخله الوعيد لأنه تصديق بأمر واقع.

أما من صدق بأن السحر يؤثر في قلب الأعيان بحيث يجعل الخشب ذهباً أو نحو ذلك، فلا شك في دخوله في الوعيد، لأن هذا لا يقدر عليه إلا الله عز وجل. القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين - بتصرف – 2/ 43

(1)[10796])) رواه أحمد (4/ 399)(19587) ، وابن حبان (13/ 507) ، وأبو يعلى (13/ 181)، قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/ 74): رجال أحمد وأبي يعلى ثقات، وضعفه الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (1463)، وقال شعيب الأرنؤوط في ((مسند أحمد)) (4/ 399) قوله منه:(ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر وقاطع رحم ومصدق بالسحر) حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي حريز.

(2)

[10797])) رواه أبو داود (3905) ، وابن ماجه (3726) ، وأحمد (1/ 227)(2000) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (8/ 138) ، والطبراني (11/ 135)، كلهم رووه بلفظ:((من اقتبس علماً من النجوم)) بدلاً من ((من اقتبس شعبةً من النجوم)) ، والحديث سكت عنه ابو داود، وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (35/ 193) ، والنووي في ((رياض الصالحين)) (536) ، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (4/ 144)، وأحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (3/ 312) كلهم قالوا: إسناده صحيح، وصححه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)).

ص: 98

ثم إن التنجيم، هو أحد أقسام الكهانة، ولذا يسمي بعضهم المنجم كاهناً (1)، والكاهن (هو الذي يدعي مطالعة علم الغيب ويخبر الناس عن الكوائن)(2).

يقول القاضي عياض – ذاكراً أنواع الكهانة –

(كانت الكهانة في العرب ثلاثة أضرب: - أحدها أن يكون للإنسان ولي من الجن يخبره بما يسترقه من السمع من السماء، وهذا القسم باطل من حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: - أنه يخبره بما يطرأ أو يكون في أقطار الأرض وما خفي عنه مما قرب أو بعد، وهذا لا يبعد وجوده.

الثالث: - المنجمون، وهذا الضرب يخلق الله تعالى فيه لبعض الناس قوة ما لكن الكذب فيه أغلب، ومن هذا الفن العرافة وصاحبها عراف، وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها بها، وقد يعتضد بعض هذا الفن ببعض في ذلك بالزجر والطرق والنجوم، وأسباب معتادة، وهذه الأضرب كلها تسمى كهانة وقد أكذبهم الشرع ونهى عن تصديقهم، وإتيانهم. والله أعلم) (3)

وهذا التنجيم إنما كان سحراً لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد)) (4).

يقول ابن تيمية: (فقد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن علم النجوم من السحر، وقد قال الله تعالى وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه: 69] وهكذا الواقع فإن الاستقراء يدل على أن أهل النجوم لا يفلحون، لا في الدنيا ولا في الآخرة)(5).

والتنجيم الذي يعد سحراً له أنواع منها: -

(أ) عبادة النجوم كما كان يفعل الصابئة، اعتقاداً منهم بأن الموجودات في العالم السفلي مركبة على تأثير تلك النجوم، ولذا بنوا هياكل لتلك النجوم، وعبدوها وعظموها، زاعمين أن روحانية تلك النجوم تتنزل عليهم فتخاطبهم وتقضي حوائجهم. (6) ولا شك أن هذا كفر بالإجماع. (7)

(1) انظر ((شرح السنة)) للبغوي (12/ 177)، و ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (35/ 172، 193).

(2)

((معالم السنن)) للخطابي (4/ 225)، وانظر ((النهاية لابن الأثير)) (4/ 214)، و ((شرح السنة)) للبغوي (12/ 182)، وفتح الباري 10/ 216، و ((مفردات الراغب)) (ص 665)، و ((شرح الفقه الأكبر)) لملا علي قاري (ص 221)، و ((مفتاح السعادة)) لطاش كبري (1/ 340)، و ((بلوغ الأرب)) للآلوسي (3/ 269)، و ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (1/ 393).

(3)

((صحيح مسلم بشرح النووي)) (14/ 223)، وانظر ((معالم السنن)) للخطابي (4/ 225)، و ((مفتاح دار السعادة)) لابن القيم (2/ 217)، و ((فتح الباري)) (10/ 217)، و ((فتاوى ابن باز)) (2/ 120)، و ((المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين)) (2/ 138).

(4)

[10801])) رواه أبو داود (3905) ، وابن ماجه (3726) ، وأحمد (1/ 227)(2000) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (8/ 138) ، والطبراني (11/ 135)، كلهم رووه بلفظ:((من اقتبس علماً من النجوم)) بدلاً من ((من اقتبس شعبةً من النجوم)) ، والحديث سكت عنه ابو داود، وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (35/ 193) ، والنووي في ((رياض الصالحين)) (536) ، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (4/ 144)، وأحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (3/ 312) قالوا: إسناده صحيح، وصححه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)).

(5)

((مجموع الفتاوى)) (35/ 193)

(6)

انظر ((الفتاوى)) لابن تيمية (35/ 177)، و ((شرح العقيدة الطحاوية)) (2/ 775)، و ((شرح الفقه الأكبر)) لملا علي قاري (ص: 223)، و ((وتيسير العزيز الحميد)) (ص: 441).

(7)

انظر ((الفتاوى)) لابن تيمية (35/ 177)، و ((شرح العقيدة الطحاوية)) (2/ 775)، و ((شرح الفقه الأكبر)) لملا علي قاري (ص: 223)، و ((وتيسير العزيز الحميد)) (ص: 441).

ص: 99

(ب) أن يستدل بحركات النجوم وتنقلاتها على ما يحدث في المستقبل من الحوادث والوقائع، فيعتقد أنه لكل نجم منها تأثيرات في كل حركاته منفرداً أو مقترناً بغيره (1).

وفي هذا النوع دعوى لعلم الغيب، ودعوى علم الغيب كفر مخرج من الملة؛ لأنهم بهذا يزعمون مشاركة الله في صفة من صفاته الخاصة وهي علم الغيب، ولأنه تكذيب لقوله تعالى قُل لَاّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَاّ اللَّهُ [النحل: 65] وهذا من أقوى أنواع الحصر؛ لأنه بالنفي والاستثناء.

كما أنه تكذيب لقوله سبحانه: - وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَاّ هُوَ [الأنعام: 59](2).

3 -

ومن أنواع هذا التنجيم: (ما يفعله من يكتب حروف أبي جاد، ويجعل لكل حرف منها قدراً من العدد معلوماً، ويجري على ذلك أسماء الآدميين والأزمنة والمكنة وغيرها، ويجمع جمعاً معروفاً عنده، ويطرح منه طرحاً خاصاً، ويثبت إثباتاً خاصاً، وينسبه إلى الأبراج الإثنى عشر المعروفة عند أهل الحساب، ثم يحكم على تلك القواعد بالسعود والنحوس وغيرها مما يوحيه إليه الشيطان)(3).

(قال بن عباس رضي الله عنهما في قوم يكتبون أباجاد، وينظرون في النجوم: (ما أدري من فعل ذلك له عند الله خلاق). (4)).

وهذا النوع أيضاً يتضمن دعوى مشاركة الله في علم الغيب الذي انفرد به سبحانه (5).

يقول السعدي في هذا المقام: (إن الله تعالى المنفرد بعلم الغيب، فمن ادعى مشاركة الله في شيء من ذلك بكهانة أو عرافة أو غيرها، أو صدق من ادعى ذلك، فقد جعل لله شريكاً فيما هو من خصائصه، وقد كذب الله ورسوله

) (6).

ويقول الشنقيطي: (لما جاء القرآن العظيم بأن الغيب لا يعلمه إلا الله، كان جميع الطرق التي يراد بها التوصل إلى شيء من علم الغيب غير الوحي من الضلال المبين

) (7).

إن هذه الأنواع من التنجيم وما شابهها كفر أكبر يناقض الإيمان .. فالنبي صلى الله عليه وسلم سمى التنجيم سحراً .. وقد سبق بيان وجه كون السحر كفراً.

إن هذا التنجيم يناقض الإيمان، لما فيه من اعتقاد أن تلك النجوم تنفع وتضر بغير إذن الله تعالى، ولما فيه من دعوى الغيب، ومنازعة الله تعالى فيما اختص به سبحانه من علم الغيب، كما قال سبحانه: - عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا [الجن: 26]، كما أن هذا السحر يحوي شركاً في العبادة، ودعاء لتلك النجوم وتعظيماً وتقربا لها.

(1) انظر ((معالم السنن)) للخطابي (4/ 226)، و ((الفتاوى)) لابن تيمية (35/ 171)، و ((وتيسير العزيز الحميد)) (ص 442)، و ((معارج القبول)) (1/ 524)، و ((المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين)) (2/ 143).

(2)

انظر ((وتيسير العزيز الحميد)) (ص442)، و ((القول السديد)) للسعدي (ص 77، 78، 84)، و ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/ 197)، و ((فتاوى ابن باز)) (2/ 120)، و ((المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين)) (1/ 143).

(3)

((معارج القبول)) (1/ 523)، وانظر تفصيل الحديث عن علم تلك الحروف في ((مقدمة ابن خلدون)) (3/ 1159 – 1196)، و ((أبجد العلوم)) لمحمد صديق حسن (2/ 236).

(4)

[10808])) رواه البيهقي في ((السنن الكبرى)) (8/ 139) ، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (11/ 26) ، وضعفه الألباني في ((ضعيف الجامع)) (3092).

(5)

ومما يحسن ذكره ها هنا أن ما يسمى بحساب الجمل، والذي يستفاد منه في تيسير حفظ أزمان الأحداث والوقائع

فهذا ليس ممنوعاً؛ لأنه لا يتضمن شيئاً مما نهى عنه الشارع

(6)

((القول السديد)) (ص 77، 78)

(7)

((أضواء البيان)) (2/ 197)، وانظر ((الموافقات)) للشاطبي (4/ 84).

ص: 100

إضافة إلى ذلك فإن التنجيم إذا كان نوعاً من الكهانة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: - ((من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم). (1).

وفي رواية: - ((من أتى كاهناً فصدقه بما يقول .... فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)(2).

فهذه الأحاديث دليل على كفر من سأل الكهان مصدقاً لهم، فإذا كان هذا حال السائل فكيف بالمسؤول؟

يقول ابن تيمية – ذاماً هؤلاء المنجمين -: (فإن هؤلاء الملاعين يقولون الإثم ويأكلون السحت بإجماع المسلمين، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم برواية الصديق عنه أنه قال: - ((إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه)) (3) ، وأي منكر أنكر من عمل هؤلاء الأخابث، سوس الملك، وأعداء الرسل، وأفراخ الصابئة عباد الكواكب؟!!

فهل كانت بعثة الخليل صلاة الله وسلامه عليه إمام الحنفاء إلا إلى سلف هؤلاء – فإن نمرود بن كنعان كان ملك هؤلاء، وعلماء الصابئة هم المنجمون ونحوهم – وهل عبدت الأوثان في غالب الأمر إلا عن رأي هذا الصنف الخبيث، الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله؟!!) (4) نواقض الإيمان القولية والعملية لعبد العزيز محمد العبد اللطيف – ص519

(1)[10812])) رواه أبو داود (3904) ، بلفظ (من أتى كاهنا) بدون (عرافا) وزاد (أو أتى امرأتا حائضا أو أتى امرأتا في دبرها فقد برئ) بدلا من (فقد كفر) والترمذي (135) ، وابن ماجه (639) ، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (5/ 323)(9017) بلفظ ((من أتى حائضا أو امرأة في دبرها) بدون (عرافا) ، ورواه الحاكم (1/ 49)، قال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرطهما جميعا من حديث ابن سيرين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال البيهقي في ((السنن الكبرى)) (7/ 198): له متابعة، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (10/ 227): له شاهد [وروي] بإسنادين جيدين ولفظهما (من أتى كاهنا) ، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) و ((صحيح ابن ماجه)).

(2)

[10813])) رواه أبو داود (3904) وأحمد (2/ 408)(9279) ، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (7/ 198) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث سكت عنه أبو داود، وقال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (3/ 17): لا يتابع عليه (حكيم الأثرم) ولا يعرف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة، وقال البيهقي في ((السنن الكبرى)) (7/ 198): له متابعة، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)).

(3)

[10814])) رواه أبو داود (4338) ، والترمذي (2168) ، وابن ماجه (4005) ، وأحمد (1/ 2)(1) ، قال أبو داود ورواه كما قال خالد أبو أسامة وجماعة قال شعبة فيه ((ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أكثر ممن يعمله)) ، وقال الترمذي حسن صحيح، وصححه ابن العربي في ((الناسخ والمنسوخ)) (2/ 204) ، وقال ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (1/ 193)، وأحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (1/ 36): إسناده صحيح، وصححه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)).

(4)

((مجموع الفتاوى)) (35/ 195)، وانظر ((شرح العقيدة الطحاوية)) (2/ 763).

ص: 101