المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه - الموسوعة العقدية - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني: إنكار الوعد أو الوعيد أو الاستهزاء به

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تنوع المعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثاني: حكم الجهل بالمعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثالث: إنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة

- ‌أولاً: تعريف النفاق

- ‌ثانياً: أنواع النفاق

- ‌المطلب الثاني: مظاهرة المشركين على المسلمين

- ‌المطلب الأول: سب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الثاني: الاستهزاء بالعلماء والصالحين

- ‌المطلب الأول: ترك الصلاة تهاونا وكسلا

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً: تعريف السحر لغةً وشرعاً

- ‌ثانياً: حكم السحر

- ‌ثالثاً: أسباب الخلاف في حكم السحر

- ‌المطلب الثالث: ما يلحق بالسحر كالعيافة، والطرق، والطيرة

- ‌أولاً: التنجيم

- ‌ثانياً: ادعاء علم الغيب

- ‌المطلب الخامس: الكهانة

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: مفهوم التلازم

- ‌المطلب الثاني: أدلة التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌المطلب الثالث: المرجئة وإنكارهم للتلازم

- ‌المبحث الثاني: إجماع أهل السنة على أن العمل جزء لا يصح الإيمان إلا به

- ‌المبحث الثالث: إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة

- ‌الفصل الثاني: نقول عن أهل العلم في بيان منزلة عمل الجوارح وحكم تاركه

- ‌المطلب الأول: التعريف اللغوي

- ‌المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي

- ‌المبحث الثاني: طرق إثبات الصحبة

- ‌النوع الأول: القرآن الكريم

- ‌النوع الثاني: الخبر المتواتر

- ‌النوع الثالث: الخبر المشهور

- ‌النوع الرابع: الخبر الآحاد: ويدخل تحته أربع طرق

- ‌المطلب الثاني: إثبات الصحبة عن طريق أحد العلامات

- ‌أولا: الأدلة على فضل الصحابة من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة على فضل الصحابة من السنة

- ‌ثالثا: أقوال العلماء في فضل الصحابة

- ‌الفرع الثاني: تفضيل الصحابة على سائر الأمة

- ‌الفرع الثالث: تفضيل الصحابة على سائر البشر بعد الأنبياء

- ‌الفرع الأول: الأدلة على وقوع التفاضل بين الصحابة

- ‌الفرع الثاني: أوجه التفاضل بين الصحابة

- ‌أولا: المفاضلة بين الخلفاء الراشدين

- ‌ثانيا: المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما

- ‌الفرع الرابع: المفاضلة بين جماعات الصحابة

- ‌الفرع الخامس: المفاضلة بين الصحابيات

- ‌الفرع الأول: فضل أبي بكر الصديق

- ‌الفرع الثاني فضل: عمر بن الخطاب

- ‌الفرع الثالث: فضل عثمان بن عفان

- ‌الفرع الرابع: فضل علي بن أبي طالب

- ‌الفرع الخامس: فضائل باقي العشرة المبشرين بالجنة

- ‌أولا: فضل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌ثانيا: فضل الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌ثالثا: فضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

- ‌رابعا: فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌خامسا: فضل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌سادسا: فضل سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: وجوب محبتهم

- ‌أولاً: معنى العدالة في اللغة

- ‌ثانياً: تعريف العدالة في الاصطلاح

- ‌تمهيد

- ‌أولا: أدلة أهل السنة والجماعة على عدالة الصحابة من القرآن الكريم

- ‌ثانيا: أدلة أهل السنة على عدالة الصحابة من السنة النبوية

- ‌ثالثا: الأدلة العقلية على عدالة الصحابة

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الأدلة على تحريم سبهم من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة من السنة على تحريم سب الصحابة

- ‌ثالثا: الأدلة من كلام السلف على تحريم سب الصحابة

- ‌رابعا: حكم سب الصحابة

- ‌1 - من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم

- ‌2 - من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم

- ‌3 - من سب صحابياً لم يتواتر النقل بفضله سبا يطعن في الدين

- ‌4 - من سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم

- ‌خامسا: لوازم السب

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الأول: متى بدأ التشاجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثاني دوافع التشاجر بين الصحابة

- ‌المطلب الخامس: الدعاء والاستغفار لهم

- ‌المطلب السادس: الشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم

- ‌تمهيد

- ‌أولا: طريقة مبايعة أبي بكر

- ‌ثانيا: النصوص المشيرة إلى خلافته

- ‌ثالثا: هل خلافة أبي بكر ثبتت بالنص أم بالإشارة

- ‌رابعاً: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة تولي عمر الخلافة

- ‌ثانيا أحقية عمر بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: كيفية توليه الخلافة رضي الله عنه

- ‌ثانيا: أحقية عثمان بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة توليه الخلافة

- ‌ثانيا: أحقية علي بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌الفرع الخامس: خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: التعريف بآل البيت لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف آل البيت شرعا

- ‌المطلب الثالث دخول أزواج النبي في آل البيت

- ‌المطلب الأول: فضائل أهل البيت في الكتاب

- ‌المطلب الثاني فضائل أهل البيت في السنة

- ‌الفرع الأول: فضائل أزواج النبي إجمالا

- ‌أولاً: فضل خديجة رضي الله عنها

- ‌ثانياً: فضل سودة رضي الله عنها

- ‌ثالثاً: فضل عائشة رضي الله عنها

- ‌رابعاً: فضل حفصة رضي الله عنها

- ‌خامساً: فضل أم سلمة رضي الله عنها

- ‌سادساً: فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها

- ‌سابعاً: فضل جويرية بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌ثامناً: فضل أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها

- ‌تاسعاً: فضل صفية بنت حيي رضي الله عنها

- ‌عاشراً: فضل ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌حادي عشر: فضل زينب بنت خزيمة

- ‌1 - فضل زينب رضي الله عنها

- ‌2 - فضل رقية رضي الله عنها

- ‌3 - فضل أم كلثوم رضي الله عنها

- ‌4 - فضل فاطمة رضي الله عنها

- ‌أولا: حمزة سيد الشهداء

- ‌ثانيا: شهادة عبد الرحمن بن عوف – أحد العشرة – لحمزة بأنه خير منه

- ‌ثالثا: حمزة أسد الله

- ‌رابعا: حمزة المبارز يوم بدر

- ‌خامسا: قصة قتل حمزة ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌سادسا: بعد حمزة من النار

- ‌أولا: جعفر الطيار ذو الجناحين

- ‌ثانيا: شهادة أبي هريرة لجعفر

- ‌ثالثا: حزن الرسول صلى الله عليه وسلم على جعفر وبشارته له

- ‌رابعا: شجاعة جعفر رضي الله عنه

- ‌خامسا: جعفر أبو المساكين

- ‌سادسا: خلق جعفر وخلقه

- ‌سابعا: هجرة جعفر للحبشة وموقفه القوي مع النجاشي وشجاعته في الحق رضي الله عنه

- ‌الفرع الثالث: فضل إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع: فضل الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌أولا: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس بالعلم والحكمة والفقه في الدين

- ‌ثانيا: حرص ابن عباس على طلب العلم

- ‌ثالثا: تقديم عمر لعبد الله بن عباس رضي الله عنهم

- ‌رابعا: ثناء ابن مسعود على ابن عباس رضي الله عنهم

- ‌خامسا: بعض من ثناء التابعين على ابن عباس رضي الله عنهما

- ‌الفرع السادس: فضل العباس بن عبد المطلب

- ‌المطلب السادس: هل القول بتفضيل بني هاشم يعد تفضيلاً مطلقاً لهم على جميع الأشخاص وفي كل الأحوال

- ‌المبحث الثالث: مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة في آل البيت

- ‌المطلب الأول: الدفاع عنهم

- ‌المطلب الثاني: الصلاة عليهم

- ‌المطلب الثالث: حقهم في الخمس

- ‌المطلب الرابع: تحريم الصدقة عليهم

- ‌الفصل الثالث: موقف أهل السنة من العلماء

- ‌1 - أنه لصبرهم وتقواهم كانت لهم الإمامة في الدين:

- ‌2 - أن طاعتهم من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌3 - أن الرد إليهم عند نزول النوازل لما خصهم الله به من القدرة على الاستنباط

- ‌4 - ومن فضلهم: أنه قرنت شهادتهم بشهادة الله تعالى والملائكة

- ‌5 - ومن فضلهم: أن اتباعهم يهدي إلى الصراط السوي

الفصل: ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

لقد انعقد إجماع الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة على أن علياً رضي الله عنه كان متعيناً للخلافة بعد عثمان رضي الله عنه لفضله على من بقي من الصحابة، وأنه أقدمهم إسلاماً، وأوفرهم علماً، وأقربهم بالنبي صلى الله عليه وسلم نسباً، وأشجعهم نفساً، وأحبهم إلى الله ورسوله وأكثرهم مناقب، وأفضلهم سوابق وأرفعهم درجة وأشرفهم منزلة، وأشبهم برسول الله صلى الله عليه وسلم هدياً وسمتاً فكان رضي الله عنه متعيناً للخلافة دون غيره، وقد قام من بقي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعقد البيعة له بالخلافة بالإجماع فكان حينئذ إماماً حقاً وجب على سائر الناس طاعته وحرم الخروج عليه ومخالفته وقد نقل الإجماع على خلافته كثير من أهل العلم: فقد نقل محمد بن سعد إجماع من له قدم صدق وسابقة في الدين ممن بقي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة على بيعة علي رضي الله عنه حيث قال: (وبويع لعلي بن أبي طالب رحمه الله بالمدينة الغد من يوم قتل عثمان بالخلافة بايعه طلحة والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعمار بن ياسر، وأسامة بن زيد، وسهل بن حنيف، وأبو أيوب الأنصاري ومحمد بن مسلمة وزيد بن ثابت، وخزيمة بن ثابت وجميع من كان بالمدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم)(1).

كما نقل إجماع الصحابة ومن جاء بعدهم من أهل السنة والجماعة على بيعة علي رضي الله عنه الإمام أحمد بن حنبل، وأبو الحسن الأشعري وأبو نعيم الأصبهاني وغيرهم من أهل العلم.

فقد روى الإمام أحمد بإسناده إلى محمد بن الحنفية قال: (كنت مع علي وعثمان محصور قال فأتاه رجل فقال: إن أمير المؤمنين مقتول، ثم جاء آخر فقال: إن أمير المؤمنين مقتول الساعة قال: فقام علي قال محمد: فأخذت بوسطه تخوفاً عليه فقال: خل لا أم لك قال فأتى علي الدار وقد قتل الرجل فأتى داره فدخلها وأغلق عليه بابه فأتاه الناس فضربوا عليه الباب فدخلوا عليه فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل ولابد للناس من خليفة ولا نعلم أحداً أحق بها منك فقال لهم علي: لا تريدوني فإني لكم وزير خير مني لكم أمير فقالوا: لا والله ما نعلم أحداً أحق بها منك قال: فإن أبيتم علي فإن بيعتي لا تكون سراً ولكن أخرج إلى المسجد فمن شاء أن يبايعني بايعني قال: فخرج إلى المسجد فبايعه الناس)(2).

وذكر ابن قدامة رحمه الله تعالى أن الإمام أحمد رحمه الله تعالى روى بإسناده عن عبد الرزاق عن محمد بن راشد عن عوف قال: (كنت عند الحسن فكأن رجلاً انتقص أبا موسى باتباعه علياً فغضب الحسن ثم قال: سبحان الله قتل أمير المؤمنين عثمان فاجتمع الناس على خيرهم فبايعوه أفيلام أبو موسى باتباعه)(3).

فقد نقل الإمام أحمد رحمه الله في هاتين الروايتين أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على بيعة علي رضي الله عنه وأن إجماعهم رضي الله عنهم كان على خيرهم وأفضلهم على الإطلاق وأحقهم بالخلافة بعد عثمان رضي الله عنه.

(1)((الطبقات الكبرى)) (3/ 31).

(2)

رواه أحمد في ((فضائل الصحابة)) (2/ 573).

(3)

((منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين)) (ص: 77 - 78). وانظر ((فضائل الصحابة)) للإمام أحمد (2/ 577).

ص: 397

وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى: (ونثبت إمامة علي بعد عثمان رضي الله عنه بعقد من عقد له من الصحابة من أهل الحل والعقد ولأنه لم يدع أحد من أهل الشورى غيره في وقته وقد اجتمع على فضله وعدله، وأن امتناعه عن دعوى الأمر لنفسه في وقت الخلفاء قبله كان حقاً لعلمه أن ذلك ليس بوقت قيامه فلما كان لنفسه في غير وقت الخلفاء قبله كان حقاً لعلمه أن ذلك وقت قيامه، ثم لما صار الأمر إليه أظهر وأعلن ولم يقصر حتى مضى على السداد والرشاد، كما مضى من قبله من الخلفاء وأئمة العدل على السداد والرشاد متبعين لكتاب ربهم وسنة نبيهم هؤلاء الأربعة المجمع على عدلهم وفضلهم رضي الله عنهم (1).

وقال أبو نعيم الأصبهاني مبيناً كيف تدارك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الموقف بعد استشهاد الخليفة الراشد عثمان بن عفان، ومبيناً المزايا العالية التي تميز بها علي رضي الله عنه على باقي الصحابة وجعلته أهلاً لأن يختاروه خليفة للمسلمين فقال:(فلما اختلفت الصحابة كان على الذين سبقوا إلى الهجرة والسابقة والنصرة والغيرة في الإسلام الذين اتفقت الأمة على تقديمهم لفضلهم في أمر دينهم ودنياهم لا يتنازعون فيهم ولا يختلفون فيمن أولى بالأمر من الجماعة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة في العشرة ممن توفي وهو عنهم راض فسلم من بقي من العشرة الأمر لعلي رضي الله عنه ولم ينكر أنه من أكمل الأمة ذكراً وأرفعهم قدراً لقديم سابقته وتقدمه في الفضل والعلم، وشهوده المشاهد الكريمة يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله ويحبه المؤمنون ويبغضه المنافقون لم يضع منه تقديم من تقدمه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ازداد به ارتفاعاً لمعرفته بفضل من قدمه على نفسه إذ كان ذلك موجوداً في الأنبياء والرسل عليهم السلام قال الله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ إلى قوله مَا يُرِيدُ [البقرة: 253] فلم يكن تفضيل بعضهم على بعض بالذي يضع ممن هو دونه فكل الرسل صفوة الله – عز وجل – وخيرته من خلقه، فتولى أمر المسلمين عادلاً زاهداً آخذاً في سيرته بمنهاج الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم حتى قبضه الله – عز وجل – شهيداً هادياً مهدياً سلك بهم السبيل المستبين والصراط المستقيم)(2).

وقال أبو منصور البغدادي: (أجمع أهل الحق والعدل على صحة إمامة علي رضي الله عنه وقت انتصابه لها بعد قتل عثمان رضي الله عنه (3).

وقال الزهري رحمه الله تعالى بعد ذكره لما قام به أبو الحسن من الوفاء بالعهد لإخوانه الثلاثة الخلفاء السابقين قبله قال: (وكان قد وفى بعهد عثمان حتى قتل وكان أفضل من بقي من الصحابة فلم يكن أحد أحق بالخلافة منه، ثم لم يستبد بها مع كونه أحق الناس بها حتى جرت له بيعة وبايعه مع سائر الناس من بقي من أصحاب الشورى)(4).

(1)((الإبانة عن أصول الديانة)) (ص: 78)، وانظر ((مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين)) (1/ 346).

(2)

((الإمامة والرد على الرافضة)) (ص: 360 - 361).

(3)

((أصول الدين)) (ص: 286 - 287).

(4)

((الاعتقاد)) (ص: 193).

ص: 398

وقال عبد الملك الجويني في صدد ذكره للطريق التي تمت بها خلافة عمر وعثمان وعلي وأنه لا يعبأ بقول من يقول: إن إمامة علي لم يحصل عليها إجماع فقال: (وأما عمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم فسبيل إثبات إمامتهم واستجماعهم لشرائط الإمامة كسبيل إثبات إمامة أبي بكر، ومرجع كل قاطع في الإمامة إلى الخبر المتواتر والإجماع

ولا اكتراث بقول من يقول: لم يحصل إجماع على إمامة علي رضي الله عنه فإن الإمامة لم تجحد له وإنما هاجت الفتن لأمور أخرى) (1).

وقال أبو عبد الله بن بطة رحمه الله تعالى حاكياً لثبوت الإجماع على خلافة أبي الحسن رضي الله عنه حيث قال: (كانت بيعة علي رحمه الله بيعة اجتماع ورحمة لم يدع إلى نفسه ولم يجبرهم على بيعته بسيفه ولم يغلبهم بعشيرته ولقد شرف الخلافة بنفسه وزانها بشرفه وكساها حلة البهاء بعدله ورفعها بعلو قدره ولقد أباها فأجبروه وتقاعس عنها فأكرهوه)(2).

فقد بين رحمه الله تعالى أن بيعة علي رضي الله عنه كانت بالإجماع وأن حصول الإجماع عليها من قبل أهل الحل والعقد كان رحمة من الله بالأمة المحمدية، وبين رحمه الله أن علياً رضي الله عنه زين الخلافة ولم تزينه، ورفعها ولم ترفعه وهكذا كان من تقدمه من الخلفاء رضي الله عنهم زينوا الخلافة وجملوا الأمة المحمدية، وأتموا الدين وأظهروه، وأسسوا الإسلام وأشهروه رضي الله عنهم أجمعين.

وقال الغزالي: (وقد أجمعوا على تقديم أبي بكر، ثم نص أبو بكر على عمر، ثم أجمعوا بعده على عثمان، ثم على علي رضي الله عنهم، وليس يظن منهم الخيانة في دين الله – تعالى- لغرض من الأغراض وكان إجماعهم على ذلك من أحسن ما يستدل به على مراتبهم في الفضل، ومن هذا اعتقد أهل السنة هذا الترتيب في الفضل، ثم بحثوا عن الأخبار فوجدوا فيها ما عرف مستند الصحابة وأهل الإجماع في هذا الترتيب)(3).

وقال أبو بكر بن العربي في معرض سياقه لحادثة قتل عثمان ظلماً وعدواناً على أيدي الخارجين عليه الظلمة المعتدين قال: (فلما قضى الله من أمره ما قضى ومضى في قدره ما مضى علم أن الحق لا يترك الناس سدى، وأن الخلق بعده مفتقرون إلى خليفة مفروض عليهم النظر فيه ولم يكن بعد الثلاثة كالرابع قدراً وعلماً وتقى وديناً فانعقدت له البيعة ولولا الإسراع بعقد البيعة لعلي لجرى على من بها من الأوباش ما لا يرقع خرقه ولكن عزم عليه المهاجرون والأنصار ورأى ذلك فرضاً عليه فانقاد إليه)(4).

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعوا على بيعة عثمان بعد عمر رضي الله عنهم جميعاً كما بين كذلك أن أهل السنة والجماعة أجمعوا عامة على تقديم الصديق، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم.

(1)((الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد)) (ص: 362 - 363).

(2)

ذكره عنه العلامة ابن قدامة في كتابه ((منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين)) (ص: 77)، وانظر:((لوامع الأنوار البهية)) للسفاريني (2/ 346).

(3)

((الاقتصاد في الاعتقاد)) (ص: 154).

(4)

((العواصم من القواصم)) (ص: 142).

ص: 399

فقد قال رحمه الله: (واتفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة عثمان بعد عمر وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة)) (1) فكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه آخر الخلفاء الراشدين المهديين، وقد اتفق عامة أهل السنة من العلماء والعباد والأمراء والأجناد على أن يقولوا: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي) (2).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: (وكانت بيعة علي بالخلافة عقب قتل عثمان في أوائل ذي الحجة سنة خمس وثلاثين فبايعه المهاجرون والأنصار وكل من حضر وكتب بيعته إلى الآفاق فأذعنوا كلهم إلا معاوية في أهل الشام فكان بينهم بعد ما كان)(3).

والذي نستفيده من هذه النقول المتقدمة للإجماع أن خلافة علي رضي الله عنه محل إجماع على حقيتها وصحتها في وقت زمنها وذلك بعد قتل عثمان رضي الله عنه حيث لم يبق على الأرض أحق بها منه رضي الله عنه فقد جاءته رضي الله عنه على قدر في وقتها ومحلها، وقد جاء في بعض هذه النقول للإجماع النص على مبايعة طلحة والزبير رضي الله عنهما لعلي رضي الله عنه وهذا فيه رد لبعض الروايات التي ذكرها بعض المؤرخين من أنهما بايعا مكرهين فقد جاء في بعض تلك الروايات أن طلحة رضي الله عنه قال:(بايعت واللج على قفي)(4).

وقد رد العلامة ابن العربي على هذا بقوله: (اخترع هذا الحديث من أراد أن يجعل في (القفا) لغة (قفي) كما يجعل في (الهوى): (هوي) وتلك لغة هذيل لا قريش فكانت كذبه لم تدبر) (5).

بل قد جاء في بعض الروايات أن طلحة رضي الله عنه كان أول من بايع علياً حتى قال حبيب بن ذؤيب: (بايع علياً يد شلاء لا يتم هذا الأمر)(6)(وأهل الكوفة يقولون: أول من بايعه الأشتر)(7).

وقد رد القاضي أبو بكر ابن العربي على قول القائل في طلحة (يد شلاء) بقوله: (أما قولهم: (يد شلاء) لو صح فلا متعلق لهم فيه فإن يداً شلت في وقاية رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم لها كل أمر ويتوقى بها من كل مكروه وقد تم الأمر على وجهه ونفذ القدر بعد ذلك على حكمه وجهل المبتدع ذلك فاخترع ما هو حجة عليه) (8).

(1) رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (40)، وأحمد (4/ 126)(17184)، والدارمي (1/ 57)(95)، والحاكم (1/ 174). من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ليس له علة، ووافقه الذهبي، وقال ابن عبدالبر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (2/ 1164): ثابت صحيح، وحسنه البغوي في ((شرح السنة)) (1/ 181)، وابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (4/ 119) وقال: إسناده لا بأس به، وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (9/ 582)، والعراقي في ((الباعث على الخلاص)) (1)، وابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/ 136) وقال: رجاله ثقات، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).

(2)

((الوصية الكبرى)) (ص: 33).

(3)

((فتح الباري)) (7/ 72).

(4)

((العواصم من القواصم)) لابن العربي (ص: 144)، وانظر:((تاريخ الأمم والملوك)) (4/ 431، 435) و ((الكامل في التاريخ)) لابن الأثير (3/ 193)، و ((البداية والنهاية)) (7/ 247).

(5)

((العواصم من القواصم)) (ص: 144).

(6)

((تاريخ الأمم والملوك)) (4/ 428)، ((الكامل)) لابن الأثير (3/ 191).

(7)

((تاريخ الأمم والملوك)) (4/ 433)، ((البداية والنهاية)) (7/ 247).

(8)

((العواصم من القواصم)) (ص: 144 - 145).

ص: 400

وهذا الرد من ابن العربي على ما قيل في يد طلحة رضي الله عنه يستحق أن يكتب بماء الذهب لأنه لو كانت يد طلحة هي الأولى في البيعة لكانت أكثر بركة ونفعاً لأنها يد ذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين يوم أحد، أما يد الأشتر اللئيم فإنها كانت لا تزال رطبة من دم الإمام الشهيد المبشر بالجنة عثمان رضي الله عنه، فدعوى أن طلحة والزبير بايعا مكرهين دعوى غير صحيحة بل الثابت أنه لما قتل عثمان رضي الله عنه طلب جمهور الصحابة رضي الله عنهم من علي أن يتولى أمر المسلمين فكان يفر منهم في حيطان المدينة (1) وأيضاً: لما توفي عمر رضي الله عنه جعل الأمر شورى في ستة منهم طلحة والزبير واتفقوا على أن الأمر دائر بين عثمان وعلي فاتفقوا على تقديم عثمان وبعد استشهاده رضي الله عنه كان صاحب الحق هو علي رضي الله عنه.

وقد اعترض بعض الناس على الإجماع على خلافة علي رضي الله عنه وجوه:

(1)

تخلف عنه من الصحابة جماعة منهم سعد بن أبي وقاص، ومحمد بن مسلمة وابن عمر وأسامة بن زيد وسواهم من نظرائهم (2).

(2)

إنما بايعوه على أن يقتل قتلة عثمان (3).

(3)

أن أهل الشام معاوية ومن معه لم يبايعوه بل قاتلوه.

وهذه الاعتراضات لا تأثير لها على الإجماع المذكور، ولا توجب معارضته وذلك أنها مردودة من وجوه:

الوجه الأول: (أن دعوى أن جماعة من الصحابة تخلفوا عن بيعته دعوى غير صحيحة إذ أن بيعته لم يتخلف عنها وأما نصرته فتخلف عنها قوم منهم من ذكر لأنها كانت مسألة اجتهادية فاجتهد كل واحد وأعمل نظره وأصاب قدره)(4).

الوجه الثاني: (أن عقد الخلافة ونصب إمام واجب لابد منه، ووقف ذلك على حضور جميع الأمة واتفاقهم مستحيل أو متعذر فلا يجوز اشتراطه لإفضاء ذلك إلى انتفاء الواجب ووقوع الفساد اللازم من انتفائه)(5).

الوجه الثالث: أن الإجماع حصل على بيعة أبي بكر بمبايعة الفاروق وأبي عبيدة ومن حضرهم من الأنصار مع غيبة علي وعثمان وغيرهما من الصحابة وكذلك حصل الإجماع على خلافة علي بمبايعة عمار ومن حضر من البدريين وغيرهم من الصحابة ولا يضر هذا الإجماع من غاب عن البيعة أو لم يبايعه من غيرهم رضي الله عنهم جميعاً.

قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: (والله ما كانت بيعة علي إلا كبيعة أبي بكر وعمر رضي الله عنهم (6).

الوجه الرابع: دعوى أنه إنما بويع على أن يقتل قتلة عثمان (هذا لا يصح في شرط البيعة. وإنما يبايعونه على الحكم بالحق وهو أن يحضر الطالب للدم، ويحضر المطلوب وتقع الدعوى ويكون الجواب وتقوم البينة ويقع الحكم)(7) بعد ذلك.

الوجه الخامس: أن معاوية رضي الله عنه لم يقاتل علياً على الخلافة ولم ينكر إمامته وإنما كان يقاتل من أجل إقامة الحد الشرعي على الذين اشتركوا في قتل عثمان مع ظنه أنه مصيب في اجتهاده ولكنه كان مخطئاً في اجتهاده ذلك فله أجر الاجتهاد فقط.

قال عبد الملك الجويني: (ومعاوية وإن قاتل علياً فإنه لا ينكر إمامته ولا يدعيها لنفسه وإنما كان يطلب قتله عثمان رضي الله عنه ظاناً أنه مصيب ولكنه كان مخطئاً)(8).

(1) انظر: ((تاريخ الأمم والملوك للطبري)) (4/ 432)، ((البداية والنهاية)) (7/ 246).

(2)

((العواصم من القواصم)) (ص: 146 - 147).

(3)

((العواصم من القواصم)) (ص: 145).

(4)

((العواصم من القواصم)) (ص: 147)، وانظر كتاب ((التمهيد)) للباقلاني (ص: 233 - 234).

(5)

((منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين)) (ص: 76 - 77).

(6)

((منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين)) (ص: 77).

(7)

((العواصم من القواصم)) (ص: 145 - 146).

(8)

((لمع الأدلة في عقيدة أهل السنة)) (ص: 115) مخطوط نقلاً عن كتاب ((أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ)) (ص: 115).

ص: 401

فخلافة علي رضي الله عنه ثابتة بالنص والإجماع ولا تأثير لأي اعتراض يورد على الإجماع فيجب على كل مسلم أن يعتقد اعتقاداً جازماً أن علياً رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين الذين أمرنا بالتمسك بسنتهم والاقتداء بهم وترتيبهم في الإمامة كترتيبهم في الفضل أولاً أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين وهذا معتقد الفرقة الناجية من أهل السنة والجماعة فقد روى البيهقي بإسناده إلى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال:(في الخلافة والتفضيل نبدأ بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم (1) وروى أيضاً بإسناده إلى الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه قيل له: (كأنك تذهب إلى حديث سفينة قال: أذهب إلى حديث سفينة وإلى شيء آخر رأيت علياً في زمن أبي بكر وعمر وعثمان لم يتسم بأمير المؤمنين ولم يقم الجمع والحدود ثم رأيته بعد قتل عثمان قد فعل ذلك فعلمت أنه قد وجب له في ذلك الوقت ما لم يكن له قبل ذلك)(2).

وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله تعالى: (خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاهم بالخلافة أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين ثم علي بن أبي طالب رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين)(3).

وقال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى: (ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً لأبي بكر الصديق رضي الله عنه تفضيلاً له وتقديماً على جميع الأمة ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم لعثمان رضي الله عنه، ثم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون)(4).

وقال أبو بكر الباقلاني رحمه الله تعالى موضحاً الدليل على ترتيب الخلافة الراشدة: (والدليل على إثبات الإمامة للخلفاء الأربعة رضي الله عنهم على الترتيب الذي بيناه: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أعلام الدين ومصابيح أهل اليقين شاهدوا التنزيل وعرفوا التأويل، وشهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم خير القرون فقال: ((خير القرون قرني)) (5). فلما قدموا هؤلاء الأربعة على غيرهم ورتبوهم على الترتيب المذكور علمنا أنهم رضي الله عنهم لم يقدموا أحداً تشهياً منهم، وإنما قدموا من قدموه لاعتقادهم كونه أفضل وأصلح للإمامة من غيره في وقت توليه. قال الشريف الأجل الإمام جمال الإسلام: ووقع لي أنا دليل من نص الكتاب في ترتيبهم على هذه الرتبة أنه لا يجوز أن يكون غير ذلك هو قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم في الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور: 55]. ووعده حق. وخبره صدق لا يقع بخلاف مخبره فلابد من أن يتم ما وعدهم به، وأخبر أن يكون لهم، ولا يصح إلا على هذا الترتيب لأنه لو قدم علي عليه السلام لم تصر الخلافة فيها إلى أحد من الثلاثة لأن علياً عليه السلام مات بعد الثلاثة وكذلك لو قدم عثمان رضي الله عنه لم تصر الخلافة إلى أبي بكر وعمر لأن عثمان مات بعد موتهما، ولو قدم عمر لم تصر الخلافة إلى أبي بكر لأن عمر مات بعده والله تعالى أخبر ووعد أنها تصير إليهم فلم يصح أن تقع إلا على الوجه الذي وقعت ولله الحمد على الهداية والتوفيق) (6).

فهذه الأقوال عن هؤلاء الأئمة كلها فيها البيان الشافي لعقيدة الفرقة الناجية في ترتيب الخلافة الراشدة كما علم مما تقدم في هذا المبحث من نقول للإجماع أن علياً رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين باتفاق أهل الحل والعقد وأنه قد اتفق على بيعته عامة من حضر المدينة من البدريين والأنصار كاجتماع أهل السقيفة على بيعة أبي بكر رضي الله عنه وبناء على ما تقدم فإن الذي لا يسعه في عقيدة ترتيب الخلافة ما وسع الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة فإنه رافضي مقيت. عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم – لناصر بن علي عائض –2/ 688

(1)((الاعتقاد)) (ص: 168 - 169).

(2)

((الاعتقاد)) (ص: 168 - 169).

(3)

((الاعتقاد)) (ص: 375).

(4)

((شرح العقيدة الطحاوية)) لابن أبي العز (ص: 310 - 322)

(5)

رواه البخاري (2652)، ومسلم (2533). من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.

(6)

((الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به)) (ص: 66 - 67).

ص: 402