المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه - الموسوعة العقدية - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني: إنكار الوعد أو الوعيد أو الاستهزاء به

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تنوع المعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثاني: حكم الجهل بالمعلوم من الدين بالضرورة

- ‌المطلب الثالث: إنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة

- ‌أولاً: تعريف النفاق

- ‌ثانياً: أنواع النفاق

- ‌المطلب الثاني: مظاهرة المشركين على المسلمين

- ‌المطلب الأول: سب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الثاني: الاستهزاء بالعلماء والصالحين

- ‌المطلب الأول: ترك الصلاة تهاونا وكسلا

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً: تعريف السحر لغةً وشرعاً

- ‌ثانياً: حكم السحر

- ‌ثالثاً: أسباب الخلاف في حكم السحر

- ‌المطلب الثالث: ما يلحق بالسحر كالعيافة، والطرق، والطيرة

- ‌أولاً: التنجيم

- ‌ثانياً: ادعاء علم الغيب

- ‌المطلب الخامس: الكهانة

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: مفهوم التلازم

- ‌المطلب الثاني: أدلة التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌المطلب الثالث: المرجئة وإنكارهم للتلازم

- ‌المبحث الثاني: إجماع أهل السنة على أن العمل جزء لا يصح الإيمان إلا به

- ‌المبحث الثالث: إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة

- ‌الفصل الثاني: نقول عن أهل العلم في بيان منزلة عمل الجوارح وحكم تاركه

- ‌المطلب الأول: التعريف اللغوي

- ‌المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي

- ‌المبحث الثاني: طرق إثبات الصحبة

- ‌النوع الأول: القرآن الكريم

- ‌النوع الثاني: الخبر المتواتر

- ‌النوع الثالث: الخبر المشهور

- ‌النوع الرابع: الخبر الآحاد: ويدخل تحته أربع طرق

- ‌المطلب الثاني: إثبات الصحبة عن طريق أحد العلامات

- ‌أولا: الأدلة على فضل الصحابة من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة على فضل الصحابة من السنة

- ‌ثالثا: أقوال العلماء في فضل الصحابة

- ‌الفرع الثاني: تفضيل الصحابة على سائر الأمة

- ‌الفرع الثالث: تفضيل الصحابة على سائر البشر بعد الأنبياء

- ‌الفرع الأول: الأدلة على وقوع التفاضل بين الصحابة

- ‌الفرع الثاني: أوجه التفاضل بين الصحابة

- ‌أولا: المفاضلة بين الخلفاء الراشدين

- ‌ثانيا: المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما

- ‌الفرع الرابع: المفاضلة بين جماعات الصحابة

- ‌الفرع الخامس: المفاضلة بين الصحابيات

- ‌الفرع الأول: فضل أبي بكر الصديق

- ‌الفرع الثاني فضل: عمر بن الخطاب

- ‌الفرع الثالث: فضل عثمان بن عفان

- ‌الفرع الرابع: فضل علي بن أبي طالب

- ‌الفرع الخامس: فضائل باقي العشرة المبشرين بالجنة

- ‌أولا: فضل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌ثانيا: فضل الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌ثالثا: فضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

- ‌رابعا: فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌خامسا: فضل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌سادسا: فضل سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: وجوب محبتهم

- ‌أولاً: معنى العدالة في اللغة

- ‌ثانياً: تعريف العدالة في الاصطلاح

- ‌تمهيد

- ‌أولا: أدلة أهل السنة والجماعة على عدالة الصحابة من القرآن الكريم

- ‌ثانيا: أدلة أهل السنة على عدالة الصحابة من السنة النبوية

- ‌ثالثا: الأدلة العقلية على عدالة الصحابة

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الأدلة على تحريم سبهم من القرآن

- ‌ثانيا: الأدلة من السنة على تحريم سب الصحابة

- ‌ثالثا: الأدلة من كلام السلف على تحريم سب الصحابة

- ‌رابعا: حكم سب الصحابة

- ‌1 - من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم

- ‌2 - من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم

- ‌3 - من سب صحابياً لم يتواتر النقل بفضله سبا يطعن في الدين

- ‌4 - من سب بعضهم سبا لا يطعن في دينهم وعدالتهم

- ‌خامسا: لوازم السب

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الأول: متى بدأ التشاجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثاني دوافع التشاجر بين الصحابة

- ‌المطلب الخامس: الدعاء والاستغفار لهم

- ‌المطلب السادس: الشهادة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة منهم

- ‌تمهيد

- ‌أولا: طريقة مبايعة أبي بكر

- ‌ثانيا: النصوص المشيرة إلى خلافته

- ‌ثالثا: هل خلافة أبي بكر ثبتت بالنص أم بالإشارة

- ‌رابعاً: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة تولي عمر الخلافة

- ‌ثانيا أحقية عمر بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: كيفية توليه الخلافة رضي الله عنه

- ‌ثانيا: أحقية عثمان بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌أولا: طريقة توليه الخلافة

- ‌ثانيا: أحقية علي بالخلافه

- ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

- ‌الفرع الخامس: خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: التعريف بآل البيت لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف آل البيت شرعا

- ‌المطلب الثالث دخول أزواج النبي في آل البيت

- ‌المطلب الأول: فضائل أهل البيت في الكتاب

- ‌المطلب الثاني فضائل أهل البيت في السنة

- ‌الفرع الأول: فضائل أزواج النبي إجمالا

- ‌أولاً: فضل خديجة رضي الله عنها

- ‌ثانياً: فضل سودة رضي الله عنها

- ‌ثالثاً: فضل عائشة رضي الله عنها

- ‌رابعاً: فضل حفصة رضي الله عنها

- ‌خامساً: فضل أم سلمة رضي الله عنها

- ‌سادساً: فضل زينب بنت جحش رضي الله عنها

- ‌سابعاً: فضل جويرية بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌ثامناً: فضل أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها

- ‌تاسعاً: فضل صفية بنت حيي رضي الله عنها

- ‌عاشراً: فضل ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌حادي عشر: فضل زينب بنت خزيمة

- ‌1 - فضل زينب رضي الله عنها

- ‌2 - فضل رقية رضي الله عنها

- ‌3 - فضل أم كلثوم رضي الله عنها

- ‌4 - فضل فاطمة رضي الله عنها

- ‌أولا: حمزة سيد الشهداء

- ‌ثانيا: شهادة عبد الرحمن بن عوف – أحد العشرة – لحمزة بأنه خير منه

- ‌ثالثا: حمزة أسد الله

- ‌رابعا: حمزة المبارز يوم بدر

- ‌خامسا: قصة قتل حمزة ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌سادسا: بعد حمزة من النار

- ‌أولا: جعفر الطيار ذو الجناحين

- ‌ثانيا: شهادة أبي هريرة لجعفر

- ‌ثالثا: حزن الرسول صلى الله عليه وسلم على جعفر وبشارته له

- ‌رابعا: شجاعة جعفر رضي الله عنه

- ‌خامسا: جعفر أبو المساكين

- ‌سادسا: خلق جعفر وخلقه

- ‌سابعا: هجرة جعفر للحبشة وموقفه القوي مع النجاشي وشجاعته في الحق رضي الله عنه

- ‌الفرع الثالث: فضل إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع: فضل الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌أولا: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس بالعلم والحكمة والفقه في الدين

- ‌ثانيا: حرص ابن عباس على طلب العلم

- ‌ثالثا: تقديم عمر لعبد الله بن عباس رضي الله عنهم

- ‌رابعا: ثناء ابن مسعود على ابن عباس رضي الله عنهم

- ‌خامسا: بعض من ثناء التابعين على ابن عباس رضي الله عنهما

- ‌الفرع السادس: فضل العباس بن عبد المطلب

- ‌المطلب السادس: هل القول بتفضيل بني هاشم يعد تفضيلاً مطلقاً لهم على جميع الأشخاص وفي كل الأحوال

- ‌المبحث الثالث: مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة في آل البيت

- ‌المطلب الأول: الدفاع عنهم

- ‌المطلب الثاني: الصلاة عليهم

- ‌المطلب الثالث: حقهم في الخمس

- ‌المطلب الرابع: تحريم الصدقة عليهم

- ‌الفصل الثالث: موقف أهل السنة من العلماء

- ‌1 - أنه لصبرهم وتقواهم كانت لهم الإمامة في الدين:

- ‌2 - أن طاعتهم من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌3 - أن الرد إليهم عند نزول النوازل لما خصهم الله به من القدرة على الاستنباط

- ‌4 - ومن فضلهم: أنه قرنت شهادتهم بشهادة الله تعالى والملائكة

- ‌5 - ومن فضلهم: أن اتباعهم يهدي إلى الصراط السوي

الفصل: ‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

‌ثالثا: انعقاد الإجماع على خلافته رضي الله عنه

لقد أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا من جاء بعدهم ممن سلك سبيلهم من أهل السنة والجماعة على أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أحق الناس بخلافة النبوة بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يخالف أو يعارض في هذا أحد بل الجميع سلم له ذلك لكونه أفضل خلق الله على الإطلاق بعد الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

وقد نقل الإجماع على أحقية عثمان رضي الله عنه بالخلافة بعد عمر رضي الله عنه طائفة من أهل العلم بالحديث وغيرهم ومن تلك النقول:

ما رواه ابن أبي شيبة بإسناده إلى حارثة بن مضرب قال: (حججت في إمارة عمر فلم يكونوا يشكون أن الخلافة من بعده لعثمان)(1).

وروى أبو نعيم الأصبهاني بإسناده إلى حذيفة –رضي الله عنه قال: (إني لواقف مع عمر تمس ركبتي ركبته فقال: من ترى قومك يؤمرون قال: إن الناس قد أسندوا أمرهم إلى ابن عفان)(2).

ونقل الحافظ الذهبي عن شريك بن عبد الله القاضي أنه قال: (قبض النبي صلى الله عليه وسلم فاستخلف المسلمون أبا بكر فلو علموا أن فيهم أحداً أفضل منه كانوا قد غشوا، ثم استخلف أبو بكر عمر فقام بما قام به من الحق والعدل، فلما احتضر جعل الأمر شورى بين ستة، فاجتمعوا على عثمان، فلو علموا أن فيهم أفضل منه كانوا قد غشونا)(3). وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وأخرج يعقوب بن شيبة في (مسنده) من طريق صحيح إلى حذيفة قال: (قال لي عمر من ترى قومك يؤمرون بعدي؟ قال: قلت: قد نظر الناس إلى عثمان وأشهروه لها)(4). وقال أيضاً: وأخرج البغوي في (معجمه) وخيثمة في (فضائل الصحابة) بسند صحيح عن حارثة بن مضرب قال: (حججت مع عمر فكان الحادي يحدو أن الأمير بعده عثمان بن عفان)(5).

وروى أبو نعيم الأصبهاني بإسناده إلى حارثة بن مضرب قال: (حججت مع عمر أول خلافة عمر فلم يشك أن الخليفة بعده عثمان بن عفان رضي الله عنه (6). فهذه النقول فيها بيان واضح في أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد اشتهر بينهم أولوية عثمان بالخلافة وما زال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حياً لما سبق من علمهم ببعض النصوص المشيرة إلى أن ترتيبه سيكون في خلافة النبوة بعد الفاروق رضي الله عنه ولعلمهم أنه أفضل الناس على الإطلاق بعد أبي بكر وعمر رضي الله عنهم جميعاً.

فقد روى ابن سعد بإسناده إلى النزال بن سبرة رضي الله عنه قال: (قال عبد الله بن مسعود حين استخلف عثمان: استخلفنا خير من بقي ولم نأله) وفي رواية أخرى قال: (أمرنا خير من بقي ولم نأل)(7) ولما استشهد الفاروق رضي الله عنه بايع المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون عثمان رضي الله عنه ليكون الخليفة للمسلمين بعد عمر رض الله عنه ولم يتأخر منهم أحد عن بيعته.

(1) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (14/ 588).

(2)

رواه أبو نعيم في ((الإمامة والرد على الرافضة)) (ص: 306).

(3)

((ميزان الاعتدال)) (2/ 273).

(4)

((فتح الباري)) (13/ 198).

(5)

((فتح الباري)) (13/ 198).

(6)

رواه أبو نعيم في ((الإمامة والرد على الرافضة)) (ص: 306).

(7)

((الطبقات الكبرى)) (3/ 63). رواه أحمد في ((فضائل الصحابة)) ()، والطبراني (9/ 170)(8861)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/ 244). وقال: مشهور من حديث مسعر، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (9/ 91):[روي] بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح.

ص: 387

فقد روى البخاري رحمه الله تعالى بإسناده إلى المسور بن مخرمة في قصة بيعة عثمان رضي الله عنه من حديث طويل وفيه: ((أن عبد الرحمن أرسل على من كان حاضراً من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد – وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر – فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمن ثم قال: أما بعد يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلاً فقال: أبايعك على سنة الله وسنة رسوله والخليفتين من بعده: فبايعه عبد الرحمن وبايعه الناس: المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون)) (1) وقال الحسن بن محمد الزعفراني سمعت الشافعي يقول: (أجمع الناس على خلافة أبي بكر واستخلف أبو بكر عمر، ثم جعل عمر الشورى إلى ستة على أن يولوها واحداً فولوها عثمان رضي الله عنهم أجمعين)(2).

وقد نقل أبو حامد محمد المقدسي كلاماً عزاه للإمام الشافعي أنه قال: (واعملوا أن الإمام الحق بعد عمر رضي الله عنه عثمان رضي الله تعالى عنه بجعل أهل الشورى اختيار الإمامة إلى عبد الرحمن بن عوف واختياره لعثمان رضي الله عنه وإجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم وصوبوا رأيه فيما فعله وأقام الناس على محجة الحق وبسط العدل إلى أن استشهد رضي الله عنه (3).

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه قال: (لم يجتمعوا على بيعة أحد ما اجتمعوا على بيعة عثمان)(4).

وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى: (وثبتت إمامة عثمان رضي الله عنه بعد عمر بعقد من عقد له الإمامة من أصحاب الشورى الذين نص عليهم عمر فاختاروه ورضوا بإمامته وأجمعوا على فضله وعدله)(5).

وقال أبو نعيم الأصبهاني رحمه الله تعالى في صدد ذكره للإجماع على خلافة عثمان: (فاجتمع أهل الشورى ونظروا فيما أمرهم الله به من التوفيق وأبدوا أحسن النظر والحياطة والنصيحة للمسلمين وهم البقية من العشرة المشهود لهم بالجنة واختاروا بعد التشاور والاجتهاد في نصيحة الأمة والحياطة لهم عثمان بن عفان رضي الله عنه لما خصه الله به من كمال الخصال الحميدة والسوابق الكريمة وما عرفوا من علمه الغزير وحلمه لم يختلف على ما اختاروه وتشاوروا فيه أحد، ولا طعن فيما اتفقوا عليه طاعن فأسرعوا إلى بيعته، ولم يتخلف عن بيعته من تخلف عن أبي بكر ولا تسخطها متسخط بل اجتمعوا عليه راضين به مجيبين له)(6).

وقال أبو عثمان الصابوني مبيناً عقيدة السلف وأصحاب الحديث في ترتيب الخلافة بعد أن ذكر أنهم يقولون أولاً بخلافة الصديق ثم عمر قال: (ثم خلافة عثمان رضي الله عنه بإجماع أهل الشورى وإجماع الأصحاب كافة ورضاهم به حتى جعل الأمر إليه)(7).

(1) رواه البخاري (7207).

(2)

((مناقب الشافعي)) للبيهقي (1/ 434 - 435).

(3)

((الرد على الرافضة)) (ص: 319 - 320).

(4)

((منهاج السنة)) (3/ 166).

(5)

((الإبانة عن أصول الديانة)) (ص: 68).

(6)

((الإمامة والرد على الرافضة)) (ص: 299 - 300).

(7)

((عقيدة السلف وأصحاب الحديث ضمن مجموعة الرسائل المنيرية)) (1/ 129).

ص: 388

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (وجميع المسلمين بايعوا عثمان بن عفان لم يتخلف عن بيعته أحد

فلما بايعه ذوو الشوكة والقدرة صار إماماً وإلا لو قدر أن عبد الرحمن بايعه ولم يبايعه علي ولا غيره من الصحابة أهل الشوكة لم يصر إماماً ولكن عمر لما جعله شورى في ستة عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف، ثم إنه خرج طلحة والزبير وسعد باختيارهم وبقي عثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف واتفق الثلاثة باختيارهم على أن عبد الرحمن بن عوف لا يتولى ويولي أحد الرجلين وأقام عبد الرحمن ثلاثاً حلف أنه لم يغتمض فيها بكبير نوم يشاور السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان يشاور أمراء الأجناد، وكانوا قد حجوا مع عمر ذلك العام، فأشار عليه المسلمون بولاية عثمان وذكر أنهم كلهم قدموا عثمان فبايعوه لا عن رغبة أعطاهم إياها ولا عن رهبة أخافهم بها، ولهذا قال غير واحد من السلف والأئمة كأيوب السختياني وأحمد بن حنبل والدارقطني وغيرهم من قدم علياً على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار وهذا من الأدلة الدالة على أن عثمان أفضل لأنهم قدموه باختيارهم واشتوارهم) (1).

(1)((منهاج السنة)) (1/ 143).

ص: 389

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى حاكياً لإجماع الصحابة على خلافة عثمان رضي الله عنه: (ويروى أن أهل الشورى جعلوا الأمر إلى عبد الرحمن ليجتهد للمسلمين في أفضلهم ليوليه فيذكر أنه سأل من يمكنه سؤاله من أهل الشورى، وغيرهم فلا يشير إلا بعثمان، وقال لعثمان: أرأيت إن لم أولك بمن تشير به؟ قال: بعلي بن أبي طالب والظاهر أن هذا كان قبل أن ينحصر الأمر في ثلاثة، وينخلع عبد الرحمن منها لينظر الأفضل، والله عليه والإسلام ليجتهدن في أفضل الرجلين فيوليه، ثم نهض عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يستشير الناس فيهما ويجمع رأي المسلمين برأي رؤوس الناس وأقيادهم جميعاً وأشتاتاً، مثنى وفرادى، ومجتمعين سراً وجهراً حتى خلص إلى النساء المخدرات في حجابهن، وحتى سأل الولدان في المكاتب، وحتى سأل من يرد من الركبان والأعراب إلى المدينة في مدة ثلاثة أيام بلياليها، فلم يجد اثنين يختلفان في تقديم عثمان بن عفان فسعى في ذلك عبد الرحمن ثلاثة أيام بلياليها لا يغتمض بكثير نوم إلا صلاة ودعاء واستخارة وسؤالاً من ذوي الرأي عنهم، فلم يجد أحداً يعدل بعثمان بن عفان رضي الله عنه فلما كانت الليلة يسفر صباحها عن اليوم الرابع من موت عمر بن الخطاب، جاء إلى منزل ابن أخته المسور بن مخرمة وأمره أن ينادي له علياً وعثمان رضي الله عنهما فناداهما فحضرا إلى عبد الرحمن فأخبرهما أنه سأل الناس فلم يجدا أحداً يعدل بهما أحداً ثم أخذ العهد على كل منهما أيضاً لئن ولاه ليعدلن، ولئن ولي عليه ليسمعن وليطعن، ثم خرج بهما إلى المسجد وقد لبس عبد الرحمن العمامة التي عممه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقلد سيفاً، وبعث إلى وجوه الناس من المهاجرين والأنصار، ونودي في الناس عامة الصلاة جامعة فامتلأ المسجد بالناس حتى غص بالناس، وتراص الناس وتراصوا حتى لم يبق لعثمان موضع يجلس فيه إلا في أخريات الناس – وكان رجلاً حيياً رضي الله عنه – ثم صعد عبد الرحمن بن عوف منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف وقوفاً طويلاً ودعا دعاء طويلاً لم يسمعه الناس ثم تكلم فقال: أيها الناس إني سألتكم سراً وجهراً عن إمامكم فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين إما علي، وإما عثمان فقم إلي يا علي، فقام إليه فوقف تحت المنبر فأخذ عبد الرحمن بيده فقال: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفعل أبي بكر وعمر؟ قال: اللهم لا. ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي قال: فأرسل يده وقال: قم إلي يا عثمان، فأخذ بيده وقال: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفعل أبي بكر وعمر؟ قال: اللهم نعم قال: فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان وقال: اللهم اسمع واشهد، اللهم اسمع واشهد، اللهم اسمع واشهد، اللهم إني قد جعلت ما في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان قال: وازدحم الناس يبايعون عثمان حتى غشوه تحت المنبر قال: فقعد عبد الرحمن مقعد النبي صلى الله عليه وسلم وأجلس عثمان تحته على الدرجة الثانية، وجاء إليه الناس يبايعونه، وبايعه علي بن أبي طالب أولاً، ويقال ثانياً)(1).

(1)((البداية والنهاية)) (7/ 159 - 161).

ص: 390

فهذه النقول المتقدم ذكرها للإجماع عن هؤلاء الأئمة كلها تفيد إفادة قطعية أن البيعة بالخلافة تمت لعثمان رضي الله عنه بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ولم يخالف أو يعارض في ذلك أحد، وما يذكره كثير من المؤرخين كابن جرير وغيره عن رجال لا يعرفون (1) (أن علياً تلكأ فقال: عبد الرحمن: فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [الفتح: 10] فرجع علي يشق الناس حتى بايع وهو يقول: خدعة وأيما خدعة) (2).

فهذا باطل من وجوه:

الوجه الأول: أن هذه القصة مخالفة لما ثبت في الحديث الصحيح وذلك أنه ثبت في (صحيح البخاري) في قصة البيعة والاتفاق على عثمان (أن علياً رضي الله عنه بايع عثمان بعد عبدالرحمن بن عوف مباشرة ثم بايع الناس بعده)(3) وما جاء مخالفاً لهذا فهو مردود على قائله وناقليه.

الوجه الثاني: أخرج ابن سعد بإسناده إلى مولى عمر بن الخطاب عن أبيه عن جده قال: (أنا رأيت علياً بايع عثمان أول الناس، ثم تتابع الناس فبايعوا)(4).

الوجه الثالث: أن المظنون بالصحابة خلاف ما يتوهم كثير من الرافضة وأغبياء القصاص الذين لا تمييز عندهم بين صحيح الأخبار وضعيفها ومستقيمها وسقيمها وميادها وقويمها (5).

فكل ما يذكر من أن علياً رضي الله عنه تلكأ عن بيعة عثمان أو تأخر عنها فهو مبني على خبر غير صحيح رجاله لا يعرفون قد يكون في الغالب من وضع الرافضة الذين أوبقوا أنفسهم ببغض الصحابة رضي الله عنهم. فبيعة عثمان تمت بإجماع المسلمين كافة ولا مطعن فيها لأحد من أهل الزيغ. عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم – ناصر بن علي عائض – 2/ 665

(1) انظر: ((البداية والنهاية)) (7/ 161).

(2)

((تاريخ الأمم والملوك)) (2/ 586).

(3)

الحديث رواه البخاري (3700).

(4)

رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (3/ 62).

(5)

((البداية والنهاية)) (7/ 161).

ص: 391