المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشبهة الرابعة: (ترك الاحتساب خشية الوقوع في الفتنة) - الموسوعة العقدية - جـ ٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌6 - ومن فضلهم: أنهم ورثة الأنبياء

- ‌7 - أنهم ممن أراد الله عز وجل بهم الخير

- ‌8 - أن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين يصلون على معلم الناس الخير

- ‌9 - أن العالم لا ينقطع عمله ما بقي علمه ينتفع به الناس

- ‌10 - العلماء هم الدعاة إلى الله عز وجل

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التحذير من زلة العالم

- ‌المطلب الثاني: أصناف الناس تجاه زلة العالم

- ‌أولاً: اعتقاد عدم عصمة العالم وأن الخطأ لا يستلزم الإثم

- ‌ثانيا: أن نثبت له الأجر ولا نقلده على خطئه

- ‌ثالثا: عدم الاعتماد عليها وترك العمل بها

- ‌رابعا: أن يلتمس العذر للعالم، ويحسن الظن به، ويقيله عثرته

- ‌خامسا: أن يحفظ للعالم قدره، ولا يجحد محاسنه

- ‌سادسا: إسداء النصح له

- ‌المبحث الثالث: خطر الطعن على العلماء، وشؤم الحط من أقدارهم

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف الإمامة لغةً

- ‌المبحث الثاني: تعريف الإمامة اصطلاحاً

- ‌المبحث الثالث: لفظ (الإمام) في الكتاب والسنة

- ‌المبحث الرابع: الترادف بين ألفاظ: الإمام والخليفة وأمير المؤمنين

- ‌المبحث الخامس: استعمالات لفظي الخلافة والإمامة

- ‌تمهيد

- ‌مبحث: الأدلة على وجوب الإمامة

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة

- ‌المطلب الثالث: الإجماع

- ‌المطلب الرابع: القاعدة الشرعية (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)

- ‌المطلب الخامس: دفع أضرار الفوضى

- ‌المطلب السادس: الإمامة من الأمور التي تقتضيها الفطرة وعادات الناس

- ‌المبحث الأول: الإسلام

- ‌المبحث الثاني: البلوغ

- ‌المبحث الثالث: الحرية

- ‌المبحث الرابع: أن يكون ذكرًا

- ‌المبحث الخامس: العلم

- ‌المبحث السادس: العدالة

- ‌المبحث السابع: الكفاءة النفسية

- ‌المبحث الثامن: الكفاءة الجسمية

- ‌المبحث التاسع: عدم الحرص عليها

- ‌المبحث العاشر: القرشية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الواجبات الأساسية

- ‌المقصد الأول: إقامة الدين

- ‌المقصد الثاني: سياسة الدنيا بهذا الدين

- ‌المبحث الثاني: واجبات فرعية

- ‌المبحث الأول: حق الطاعة

- ‌المبحث الثاني: النصرة والتقدير

- ‌المبحث الثالث: المناصحة

- ‌المبحث الرابع: حق المال

- ‌المبحث الخامس: مدة صلاحية الحاكم للإمامة

- ‌المطلب الأول: أداء الصلاة خلف كل بر وفاجر

- ‌المطلب الثاني: الجهاد معه

- ‌المطلب الثالث: الحج معه

- ‌المبحث الأول: مسببات العزل

- ‌المبحث الثاني: حكم الخروج على الأئمة

- ‌تمهيد

- ‌مبحث: حكم تعدد الأئمة

- ‌المبحث الأول: معنى المعروف والمنكر لغة

- ‌المبحث الثاني: معنى المعروف والمنكر شرعاً

- ‌المبحث الثالث: المراد بالمعروف والمنكر عند اجتماعهما، وانفراد أحدهما

- ‌المبحث الأول: فوائد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المبحث الثاني: فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المطلب الأول: الأدلة على فضله من القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة على فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المبحث الثالث: الآثار المترتبة على تركه

- ‌المطلب الأول: الحكم العام للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الفرع الأول: حالة كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبا

- ‌الفرع الثاني: حالة كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مستحبا

- ‌الفرع الثالث: حالة كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محرما

- ‌المطلب الثاني: ذكر الشروط غير المعتبرة

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الثاني: ذكر ضوابط المصلحة الشرعية

- ‌الفرع الخامس: العمل عند تزاحم المصالح

- ‌الفرع السادس: العمل عند تزاحم المفاسد

- ‌المطلب الثاني: تقليل العلائق مع الناس إن كانت المصلحة في ذلك

- ‌المطلب الثالث: الإسرار بالنصح

- ‌المطلب الرابع: قصد النصح لجميع الأمة

- ‌المطلب الخامس: قصد رحمة الخلق والشفقة عليهم

- ‌المطلب السادس: ستر العورات والعيوب

- ‌المطلب السابع: الاغتمام بمعصية المسلم والتأسف لتعرضه لغضب الله

- ‌المطلب الثامن: الغيرة على المسلمين

- ‌المطلب التاسع: تواضع الآمر الناهي في أمره ونهيه

- ‌المطلب الأول: كونه منكراً

- ‌المطلب الثاني: أن يكون موجوداً في الحال

- ‌المطلب الثالث: أن يكون المنكر ظاهراً من غير تجسس

- ‌المطلب الرابع: ألا يكون المنكر من المسائل المختلف فيها

- ‌المطلب الأول: القدرة والاستطاعة

- ‌المطلب الثاني: ضابط الاستطاعة

- ‌المطلب الأول: تغيير المنكر باليد وأدلته

- ‌الفرع الأول: المنكرات التي يجوز إتلافها باليد

- ‌الفرع الثاني: هل يضمن المنكر ما أتلفه

- ‌المطلب الثالث: شروط تغيير المنكر باليد وضوابطه

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: النهي بالوعظ والنصح والتخويف من الله تعالى

- ‌المطلب الثالث: الغلظة بالقول

- ‌المطلب الرابع: التهديد والتخويف

- ‌المطلب الأول: أهمية التغيير بالقلب

- ‌المطلب الثالث: فوائد الإنكار بالقلب وثمراته

- ‌المطلب الأول: تعريف الهجر لغةً وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: أنواع الهجر

- ‌المطلب الثالث: أقسام الناس بالنسبة للهجر

- ‌المطلب الرابع: الهجر المحرم

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أدلة الإنكار على السلطان

- ‌المطلب الثاني: كيفية الإنكار على السلطان

- ‌المبحث السابع: تغيير الابن على والده

- ‌المطلب الأول: إنكار الوالد على أولاده

- ‌المطلب الثاني: إنكار الأم على أولادها

- ‌المبحث التاسع: تغيير الزوجة على زوجها

- ‌الشبهة الأولى: وجوب ترك الاحتساب بحجة تعارضه مع الحرية الشخصية

- ‌الشبهة الثانية: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث لا يضرنا ضلال الضالين

- ‌الشبهة الثالثة: (ترك الحسبة بسبب التقصير والنقص)

- ‌الشبهة الرابعة: (ترك الاحتساب خشية الوقوع في الفتنة)

- ‌الشبهة الخامسة: (ترك الاحتساب بسبب عدم استجابة الناس)

- ‌المطلب الأول: تعريف الولاية والولي لغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الولاية والولي اصطلاحا

- ‌المطلب الثالث: اجتماع الولاية والعداوة

- ‌المبحث الثاني: شروط الولي

- ‌المطلب الأول: أقسام الأولياء

- ‌تمهيد

- ‌مسألة: من أفضل الأولياء

- ‌المبحث الرابع: الشهادة لمعين بالولاية

- ‌المطلب الأول: تعريف الكرامة لغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكرامة اصطلاحا

- ‌المطلب الأول: ما جاء في الكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: ما جاء في كرامات الصحابة والتابعين

- ‌المطلب الأول: أنواع الخوارق من ناحية القدرة والتأثير

- ‌المطلب الثاني: أنواع الخوارق من ناحية كونها نعمة أو نقمة

- ‌المطلب الثالث: أنواع الخوارق من ناحية المدح أو الذم أو الإباحة

- ‌المطلب الرابع: أنواع الخوارق من ناحية كونها كمالا أو نقصا

- ‌المبحث الرابع: الفرق بين الكرامة والأحوال الشيطانية

- ‌المبحث الخامس: الفرق بين المعجزة والكرامة

- ‌الفصل الأول: المسح على الخفين

- ‌الفصل الثاني: مسائل فقهية أخرى

- ‌المبحث الأول: تعريف الجن في اللغة

- ‌المبحث الثاني: تعريف الجن اصطلاحا

- ‌المبحث الأول: الأدلة السمعية على وجود الجن

- ‌المبحث الثاني: الأدلة العقلية

- ‌المبحث الثالث: عقائد الناس في الجن

- ‌المبحث الأول: المادة التي خلق منها الجن

- ‌أولا: قدرتهم على التشكل

- ‌ثانيا: مدى إمكانية رؤيتهم

- ‌المطلب الثاني: الجن يتناكحون ويتناسلون

- ‌المطلب الثالث: الجن يأكلون ويشربون

- ‌المطلب الرابع: يتميزون بسرعة الحركة والقدرة على الأعمال الشاقة

- ‌المطلب الخامس: الجن يموتون ويبعثون بعد الموت

- ‌المطلب السادس: ما تعجز عنه الجن

- ‌المبحث الثالث: الأماكن التي يسكنها الجن

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أصناف الجن من حيث أصل خلقتهم، وقوتهم

- ‌المطلب الثاني: أصناف الجن من حيث إنتسابهم إلى قبائل وأماكن

- ‌المطلب الثالث: أصناف الجن من حيث الإيمان والكفر، والصلاح والفساد

- ‌المطلب الأول: تعريف إبليس والشيطان لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: أوصاف إبليس

- ‌1 - الرجيم:

- ‌2 - المارد:

- ‌3 - الوسواس الخناس:

- ‌المطلب الثالث: الجنس الذي منه إبليس

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن على تكليف الجن

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة

- ‌المبحث الثاني: جنس الرسل المبعوثة إلى الجن

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: جزاء كافرهم في الآخرة

- ‌المطلب الثاني: جزاء مؤمنهم في الآخرة

- ‌المبحث الأول: أهداف الشيطان

- ‌المبحث الثاني: أساليب الشياطين في إغواء الناس

- ‌المبحث الثالث: مدى سلطان الشيطان على الإنسان

- ‌المبحث الأول: استراق الجن لأخبار السماء

- ‌المبحث الثاني: ما تلقيه الجن إلى الإنس

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: علاقة الجن بتحضير الأرواح

- ‌المبحث الثاني: حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح

- ‌الفصل الثامن: دخول الجني في الإنسي

- ‌المطلب الأول: الأدلة من الكتاب على لزوم الجماعة

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة في الحث على الجماعة والأمر بلزومها

- ‌الفرع الأول الأدلة من الكتاب على ذم التفرق والتحذير منه

- ‌الفرع الثاني: الأدلة من السنة على ذم التفرق والتحذير منه

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الأدلة من القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: الأدلة من السنة النبوية

- ‌المبحث الثالث: الأدلة من أقوال السلف الصالح

- ‌المطلب الأول: البدعة لغة

- ‌المطلب الثاني: البدعة اصطلاحاً

- ‌المطلب الأول: الأدلة من النظر على ذمِّ البدع

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من النقل على ذم البدع

- ‌المبحث الثالث: خطورة البدعة وآثارها السيئة

- ‌المبحث الرابع: أنواع البدع

- ‌المطلب الأول: تقسيم البدعة إلى حقيقية وإضافية

- ‌المطلب الثاني: انقسام البدعة إلى فعلية وتركية

- ‌المطلب الثالث: انقسام البدعة إلى اعتقادية وعملية

- ‌المطلب الرابع: تقسيم البدعة إلى كلية وجزئية

- ‌المطلب الخامس: تقسيم البدعة إلى بسيطة ومركبة

- ‌المطلب السادس: تقسيم البدعة إلى صغيرة وكبيرة

- ‌المطلب السابع: انقسام البدعة إلى عبادية وعادية

- ‌المبحث الخامس: حكم البدعة

الفصل: ‌الشبهة الرابعة: (ترك الاحتساب خشية الوقوع في الفتنة)

‌الشبهة الرابعة: (ترك الاحتساب خشية الوقوع في الفتنة)

يقول بعض الناس: (لا نقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأننا نخشى الوقوع في الفتنة بسبب ذلك).

كشف حقيقة هذه الشبهة:

1 -

ترك الاحتساب هو الذي يعرض العبد للفتنة.

2 -

مشابهة هذا القول بتعليل المنافق الجد بن قيس للتخلف عن الغزوة.

3 -

تعارض هذا القول مع وصية النبي صلى الله عليه وسلم.

4 -

منافاة هذا القول لسيرة الأنبياء والصالحين.

5 -

تنبيه.

أولا: ترك الاحتساب هو الذي يعرض العبد للفتنة:

لنا أن نسأل أصحاب هذا القول: هل سلمتم من الفتنة بترككم الاحتساب أم أنكم وقعتم فيها؟

تؤكد نصوص الكتاب والسنة أن ترك الاحتساب يعرض العبد للفتنة. ومن تلك النصوص قوله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ [الأنفال: 25].

يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية: (أمر الله عز وجل المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بعذاب يصيب الظالم وغير الظالم)(1).

ومنها ما رواه الإمام الطبراني عن العرس بن عميرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تعمل الخاصة بعمل تقدر العامة أن تغيره، ولا تغيره، فذاك حين يأذن الله في هلاك العامة والخاصة)) (2).

ومنها ما روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك أنت ظالم، فقد تودع منهم)) (3).

يقول القاضي عياض في شرح الحديث: (أصله من التوديع، وهو الترك، وحاصله أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمارة الخذلان وغضب الرب).

ولا يمكن الوقاية من هذه الفتنة إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. يقول الشيخ جلال الدين المحلي في تفسير الآية: وَاتَّقُوا فِتْنَةً

الآية. (واتقاؤها بإنكار موجبها من المنكر)(4).

ثانياً: مشابهة هذا القول بتعليل المنافق الجد بن قيس للتخلف عن الغزوة:

مما يؤكد شناعة هذا التعليل لترك الاحتساب أنه عين التعليل الذي علل به الجد بن قيس عند تخلفه عن غزوة تبوك، فكشف العليم الخبير حقيقة تعليله وذمه في آيات تتلى إلى الأبد. فقد ذكر الإمام الطبري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذات يوم وهو في جهازه، للجد بن قيس أخي بني سلمة: ((هل لك يا جد العام في جلاد بني الأصفر؟

فقال: يا رسول الله! أو تأذن لي ولا تفتني، فوالله! لقد عرف قومي ما رجل أشد عجباً بالنساء مني. وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر عنهن.

فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد أذنت لك)) (5).

(1)((تفسير البغوي)) المطبوع على هامش تفسير الخازن (3/ 23)، وانظر أيضاً ((تفسير الطبري)) (13/ 474).

(2)

رواه الطبراني (17/ 138)(14031). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/ 271): رجاله ثقات.

(3)

رواه أحمد (2/ 190)(6784)، والبزار (6/ 363)(2375)، والحاكم (4/ 108) والبيهقي (6/ 95 رقم 11296). قال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبى، وقال الهيثمى (7/ 265): رواه أحمد، والبزار بإسنادين، ورجال أحد إسنادى البزار رجال الصحيح، وكذلك رجال أحمد، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (10/ 30).

(4)

((تفسير الجلالين)) (1/ 151).

(5)

رواه الطبري في تفسيره (14/ 287)، وابن أبي حاتم في تفسيره (ص: 1809)، والطبراني في المعجم الأوسط (5604) والبيهقي في دلائل النبوة 5/ 225 وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/ 33): فيه يحيى الحماني وهو ضعيف. وقال الألباني: في ((فقه السيرة)) (ص406): ضعيف.

ص: 266

ففي الجد بن قيس نزلت هذه الآية: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالكَافِرِينَ [التوبة: 49].

ثم يقول الإمام الطبري في تفسير الآية: (أي: إن كان إنما يخشى الفتنة من نساء بني الأصفر وليس ذلك به، فما سقط فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والرغبة بنفسه عن نفسه، أعظم)(1).

وهكذا من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة طلب السلامة من فتنة لم تقع بعد، قد وقع في فتنة كبرى، ألا وهي ترك ما أوجبه الله تعالى عليه من الاحتساب.

ثالثاً: تعارض هذا القول مع وصية النبي الكريم صلى الله عليه وسلم:

يتنافى هذا القول مع ما أوصى به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أصحابه من قول الحق، وأن لا يخافوا في الله لومة لائم، وأن لا يمنعهم خوف على النفس، أو الرزق من القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومن تلك الأحاديث – على سبيل المثال – ما روى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا يمنعن رجلاً منكم مخافة الناس أن يتكلم بالحق إذا رآه وعلمه)) (2).

وفي رواية أخرى: ((فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو يذكر بعظيم)) (3).

فأين أصحاب هذه الشبهة من هذا الحديث الشريف ومن الأحاديث الأخرى مثلها؟

رابعاً: منافاة هذا القول لسيرة الأنبياء والصالحين:

أين أصحاب هذه الشبهة من سيرة الأنبياء والمرسلين والصالحين الذين عذبوا، وأخرجوا من ديارهم، وقوتلوا، وقتلوا بسبب قيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ أين هم من رجال هذه الأمة الذين تحققت فيهم – بفضل الله تعالى – بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم:((سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب –رضي الله عنه ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله؟)) (4).

تنبيه:

لا يفهم مما كتبنا أنه لا ينظر إلى ما يترتب على القيام بالاحتساب ولا يعبأ به، بل إن هذا سيحسب له حسابه. فإن كانت المفسدة المترتبة عليه أعظم من المصلحة المتوقعة لا يقوم المرء بالاحتساب آنذاك، وإن كانت المصلحة المرجوة أعظم من المفسدة يجب عليه أن يقوم بالاحتساب إذاً. وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:(وإذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات أو المستحبات لابد أن تكون المصلحة فيها راجحة على المفسدة، فحيث كانت مفسدة الأمر والنهي أعظم من مصلحته، لم يكن مما أمر الله به، وإن كانت قد ترك واجب وفعل محرم)(5).

لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد ليس بهوى الناس بل – كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – (هو بميزان الشريعة)(6).

ولا يعني كلامنا أيضاً أن نفرط بأنفسنا في الاحتساب، وأن نلقي بأيدينا إلى التهلكة. إن الذي نقصده أن لا يكون الخوف على النفس أو الرزق مانعاً من الاحتساب، ولكن أخذ الحيطة والحذر أمر مطلوب مثل ما هو الحال في الجهاد بالسيف. وفي هذا يقول الشيخ محمد رشيد رضا:(ولا نترك الدعوة إلى الخير ولا الجهاد دونه خوفاً على أنفسنا حرصاً على الحياة الدنيا، ولا نفرط بأنفسنا في أثناء دعوتنا وجهادنا فيما لا تتوقف الدعوة ولا حمايتها عليه. وقد يكون أكثر ما يصيب الداعي إلى الخير من الأذى ناشئاً عن طريقة الدعوة وكيفية سوقها إلى المدعو، لاسيما إذا كان مسلماً، وكانت الدعوة مؤيدة بالكتاب والسنة)(7).

والله أعلم بالصواب. شبهات حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لفضل إلهي -بتصرف– ص: 25

(1)((تفسير الطبري)) (14/ 287).

(2)

رواه أحمد (3/ 44)(11421)، وأبو يعلى (2/ 419)(1212)، وابن حبان (1/ 509)(275)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (3/ 99). والحديث صحح إسناده ابن حجر على شرط مسلم في ((الأمالي المطلقة)) (163).

(3)

رواه أبو يعلى (2/ 536)(1411)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3/ 162) (2804). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (2/ 268): رواه الطبراني في ((الأوسط)) ورجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني، وقال في (7/ 275): رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح، وقال ابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (165): رجاله رجال مسلم لكن في سماع الحسن من أبي سعيد نظر.

(4)

رواه الحاكم في ((المستدرك)) (3/ 215)، والخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد) (6/ 376). من حديث جابر رضي الله عنه. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الشوكاني في ((در السحابة)) (ص: 263): في إسناده حكيم بن زيد قال الأزدي: فيه نظر، وبقية رجاله ثقات، والحديث صححه الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (ص: 374).

(5)

كتاب ((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) (ص: 17) باختصار.

(6)

كتاب ((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) (ص: 21).

(7)

((تفسير المنار)) (4/ 32 - 33).

ص: 267