المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث العاشر: القرشية - الموسوعة العقدية - جـ ٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌6 - ومن فضلهم: أنهم ورثة الأنبياء

- ‌7 - أنهم ممن أراد الله عز وجل بهم الخير

- ‌8 - أن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين يصلون على معلم الناس الخير

- ‌9 - أن العالم لا ينقطع عمله ما بقي علمه ينتفع به الناس

- ‌10 - العلماء هم الدعاة إلى الله عز وجل

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التحذير من زلة العالم

- ‌المطلب الثاني: أصناف الناس تجاه زلة العالم

- ‌أولاً: اعتقاد عدم عصمة العالم وأن الخطأ لا يستلزم الإثم

- ‌ثانيا: أن نثبت له الأجر ولا نقلده على خطئه

- ‌ثالثا: عدم الاعتماد عليها وترك العمل بها

- ‌رابعا: أن يلتمس العذر للعالم، ويحسن الظن به، ويقيله عثرته

- ‌خامسا: أن يحفظ للعالم قدره، ولا يجحد محاسنه

- ‌سادسا: إسداء النصح له

- ‌المبحث الثالث: خطر الطعن على العلماء، وشؤم الحط من أقدارهم

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف الإمامة لغةً

- ‌المبحث الثاني: تعريف الإمامة اصطلاحاً

- ‌المبحث الثالث: لفظ (الإمام) في الكتاب والسنة

- ‌المبحث الرابع: الترادف بين ألفاظ: الإمام والخليفة وأمير المؤمنين

- ‌المبحث الخامس: استعمالات لفظي الخلافة والإمامة

- ‌تمهيد

- ‌مبحث: الأدلة على وجوب الإمامة

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة

- ‌المطلب الثالث: الإجماع

- ‌المطلب الرابع: القاعدة الشرعية (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)

- ‌المطلب الخامس: دفع أضرار الفوضى

- ‌المطلب السادس: الإمامة من الأمور التي تقتضيها الفطرة وعادات الناس

- ‌المبحث الأول: الإسلام

- ‌المبحث الثاني: البلوغ

- ‌المبحث الثالث: الحرية

- ‌المبحث الرابع: أن يكون ذكرًا

- ‌المبحث الخامس: العلم

- ‌المبحث السادس: العدالة

- ‌المبحث السابع: الكفاءة النفسية

- ‌المبحث الثامن: الكفاءة الجسمية

- ‌المبحث التاسع: عدم الحرص عليها

- ‌المبحث العاشر: القرشية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الواجبات الأساسية

- ‌المقصد الأول: إقامة الدين

- ‌المقصد الثاني: سياسة الدنيا بهذا الدين

- ‌المبحث الثاني: واجبات فرعية

- ‌المبحث الأول: حق الطاعة

- ‌المبحث الثاني: النصرة والتقدير

- ‌المبحث الثالث: المناصحة

- ‌المبحث الرابع: حق المال

- ‌المبحث الخامس: مدة صلاحية الحاكم للإمامة

- ‌المطلب الأول: أداء الصلاة خلف كل بر وفاجر

- ‌المطلب الثاني: الجهاد معه

- ‌المطلب الثالث: الحج معه

- ‌المبحث الأول: مسببات العزل

- ‌المبحث الثاني: حكم الخروج على الأئمة

- ‌تمهيد

- ‌مبحث: حكم تعدد الأئمة

- ‌المبحث الأول: معنى المعروف والمنكر لغة

- ‌المبحث الثاني: معنى المعروف والمنكر شرعاً

- ‌المبحث الثالث: المراد بالمعروف والمنكر عند اجتماعهما، وانفراد أحدهما

- ‌المبحث الأول: فوائد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المبحث الثاني: فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المطلب الأول: الأدلة على فضله من القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة على فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المبحث الثالث: الآثار المترتبة على تركه

- ‌المطلب الأول: الحكم العام للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الفرع الأول: حالة كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبا

- ‌الفرع الثاني: حالة كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مستحبا

- ‌الفرع الثالث: حالة كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محرما

- ‌المطلب الثاني: ذكر الشروط غير المعتبرة

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الثاني: ذكر ضوابط المصلحة الشرعية

- ‌الفرع الخامس: العمل عند تزاحم المصالح

- ‌الفرع السادس: العمل عند تزاحم المفاسد

- ‌المطلب الثاني: تقليل العلائق مع الناس إن كانت المصلحة في ذلك

- ‌المطلب الثالث: الإسرار بالنصح

- ‌المطلب الرابع: قصد النصح لجميع الأمة

- ‌المطلب الخامس: قصد رحمة الخلق والشفقة عليهم

- ‌المطلب السادس: ستر العورات والعيوب

- ‌المطلب السابع: الاغتمام بمعصية المسلم والتأسف لتعرضه لغضب الله

- ‌المطلب الثامن: الغيرة على المسلمين

- ‌المطلب التاسع: تواضع الآمر الناهي في أمره ونهيه

- ‌المطلب الأول: كونه منكراً

- ‌المطلب الثاني: أن يكون موجوداً في الحال

- ‌المطلب الثالث: أن يكون المنكر ظاهراً من غير تجسس

- ‌المطلب الرابع: ألا يكون المنكر من المسائل المختلف فيها

- ‌المطلب الأول: القدرة والاستطاعة

- ‌المطلب الثاني: ضابط الاستطاعة

- ‌المطلب الأول: تغيير المنكر باليد وأدلته

- ‌الفرع الأول: المنكرات التي يجوز إتلافها باليد

- ‌الفرع الثاني: هل يضمن المنكر ما أتلفه

- ‌المطلب الثالث: شروط تغيير المنكر باليد وضوابطه

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: النهي بالوعظ والنصح والتخويف من الله تعالى

- ‌المطلب الثالث: الغلظة بالقول

- ‌المطلب الرابع: التهديد والتخويف

- ‌المطلب الأول: أهمية التغيير بالقلب

- ‌المطلب الثالث: فوائد الإنكار بالقلب وثمراته

- ‌المطلب الأول: تعريف الهجر لغةً وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: أنواع الهجر

- ‌المطلب الثالث: أقسام الناس بالنسبة للهجر

- ‌المطلب الرابع: الهجر المحرم

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أدلة الإنكار على السلطان

- ‌المطلب الثاني: كيفية الإنكار على السلطان

- ‌المبحث السابع: تغيير الابن على والده

- ‌المطلب الأول: إنكار الوالد على أولاده

- ‌المطلب الثاني: إنكار الأم على أولادها

- ‌المبحث التاسع: تغيير الزوجة على زوجها

- ‌الشبهة الأولى: وجوب ترك الاحتساب بحجة تعارضه مع الحرية الشخصية

- ‌الشبهة الثانية: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث لا يضرنا ضلال الضالين

- ‌الشبهة الثالثة: (ترك الحسبة بسبب التقصير والنقص)

- ‌الشبهة الرابعة: (ترك الاحتساب خشية الوقوع في الفتنة)

- ‌الشبهة الخامسة: (ترك الاحتساب بسبب عدم استجابة الناس)

- ‌المطلب الأول: تعريف الولاية والولي لغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الولاية والولي اصطلاحا

- ‌المطلب الثالث: اجتماع الولاية والعداوة

- ‌المبحث الثاني: شروط الولي

- ‌المطلب الأول: أقسام الأولياء

- ‌تمهيد

- ‌مسألة: من أفضل الأولياء

- ‌المبحث الرابع: الشهادة لمعين بالولاية

- ‌المطلب الأول: تعريف الكرامة لغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكرامة اصطلاحا

- ‌المطلب الأول: ما جاء في الكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: ما جاء في كرامات الصحابة والتابعين

- ‌المطلب الأول: أنواع الخوارق من ناحية القدرة والتأثير

- ‌المطلب الثاني: أنواع الخوارق من ناحية كونها نعمة أو نقمة

- ‌المطلب الثالث: أنواع الخوارق من ناحية المدح أو الذم أو الإباحة

- ‌المطلب الرابع: أنواع الخوارق من ناحية كونها كمالا أو نقصا

- ‌المبحث الرابع: الفرق بين الكرامة والأحوال الشيطانية

- ‌المبحث الخامس: الفرق بين المعجزة والكرامة

- ‌الفصل الأول: المسح على الخفين

- ‌الفصل الثاني: مسائل فقهية أخرى

- ‌المبحث الأول: تعريف الجن في اللغة

- ‌المبحث الثاني: تعريف الجن اصطلاحا

- ‌المبحث الأول: الأدلة السمعية على وجود الجن

- ‌المبحث الثاني: الأدلة العقلية

- ‌المبحث الثالث: عقائد الناس في الجن

- ‌المبحث الأول: المادة التي خلق منها الجن

- ‌أولا: قدرتهم على التشكل

- ‌ثانيا: مدى إمكانية رؤيتهم

- ‌المطلب الثاني: الجن يتناكحون ويتناسلون

- ‌المطلب الثالث: الجن يأكلون ويشربون

- ‌المطلب الرابع: يتميزون بسرعة الحركة والقدرة على الأعمال الشاقة

- ‌المطلب الخامس: الجن يموتون ويبعثون بعد الموت

- ‌المطلب السادس: ما تعجز عنه الجن

- ‌المبحث الثالث: الأماكن التي يسكنها الجن

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أصناف الجن من حيث أصل خلقتهم، وقوتهم

- ‌المطلب الثاني: أصناف الجن من حيث إنتسابهم إلى قبائل وأماكن

- ‌المطلب الثالث: أصناف الجن من حيث الإيمان والكفر، والصلاح والفساد

- ‌المطلب الأول: تعريف إبليس والشيطان لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: أوصاف إبليس

- ‌1 - الرجيم:

- ‌2 - المارد:

- ‌3 - الوسواس الخناس:

- ‌المطلب الثالث: الجنس الذي منه إبليس

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن على تكليف الجن

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة

- ‌المبحث الثاني: جنس الرسل المبعوثة إلى الجن

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: جزاء كافرهم في الآخرة

- ‌المطلب الثاني: جزاء مؤمنهم في الآخرة

- ‌المبحث الأول: أهداف الشيطان

- ‌المبحث الثاني: أساليب الشياطين في إغواء الناس

- ‌المبحث الثالث: مدى سلطان الشيطان على الإنسان

- ‌المبحث الأول: استراق الجن لأخبار السماء

- ‌المبحث الثاني: ما تلقيه الجن إلى الإنس

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: علاقة الجن بتحضير الأرواح

- ‌المبحث الثاني: حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح

- ‌الفصل الثامن: دخول الجني في الإنسي

- ‌المطلب الأول: الأدلة من الكتاب على لزوم الجماعة

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة في الحث على الجماعة والأمر بلزومها

- ‌الفرع الأول الأدلة من الكتاب على ذم التفرق والتحذير منه

- ‌الفرع الثاني: الأدلة من السنة على ذم التفرق والتحذير منه

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الأدلة من القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: الأدلة من السنة النبوية

- ‌المبحث الثالث: الأدلة من أقوال السلف الصالح

- ‌المطلب الأول: البدعة لغة

- ‌المطلب الثاني: البدعة اصطلاحاً

- ‌المطلب الأول: الأدلة من النظر على ذمِّ البدع

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من النقل على ذم البدع

- ‌المبحث الثالث: خطورة البدعة وآثارها السيئة

- ‌المبحث الرابع: أنواع البدع

- ‌المطلب الأول: تقسيم البدعة إلى حقيقية وإضافية

- ‌المطلب الثاني: انقسام البدعة إلى فعلية وتركية

- ‌المطلب الثالث: انقسام البدعة إلى اعتقادية وعملية

- ‌المطلب الرابع: تقسيم البدعة إلى كلية وجزئية

- ‌المطلب الخامس: تقسيم البدعة إلى بسيطة ومركبة

- ‌المطلب السادس: تقسيم البدعة إلى صغيرة وكبيرة

- ‌المطلب السابع: انقسام البدعة إلى عبادية وعادية

- ‌المبحث الخامس: حكم البدعة

الفصل: ‌المبحث العاشر: القرشية

‌المبحث العاشر: القرشية

هذا الشرط من الشروط التي وردت النصوص عليه صريحة وانعقد إجماع الصحابة والتابعين عليه، وأطبق عليه جماهير علماء المسلمين، ولم يخالف في ذلك إلا النزر اليسير من أهل البدع كالخوارج وبعض المعتزلة وبعض الأشاعرة،

من هم قريش؟

قبيلة قريش هم أولاد قريش، واختلف النَّسَّابون في قريش هذا من هو؟ على عدة أقوال:

الأول: قيل هو: النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر. قال ابن هشام: (النضر قريش، فمن كان من ولده فهو: قرشي. ومن لم يكن من ولده فليس بقرشي)(1). وإلى هذا القول ذهب بعض الشافعية (2)، ويدل على ذلك ما ذكره ابن إسحاق وغيره في قصة وفد كنده:((أن الأشعث بن قيس قال: يا رسول الله، نحن بنو آكل المرار، وأنت ابن آكل المرار (3) فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبد المطلب، وربيعة بن الحارث

ثم قال لهم: لا. بل نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفوا أمنا (4) ولا ننتفي من أبينا، فقال الأشعث بن قيس: هل فرغتم يا معشر كندة؟ والله لا أسمع رجلاً يقولها إلا ضربته ثمانين)) (5). قال البغدادي: (وهذا اختيار أبي عبيدة معمر بن المثنى، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وبه قال الشافعي رضي الله عنه وأصحابه)(6) وهو قول ابن حزم (7) وابن منظور (8).

وقول الحافظ ابن حجر (9) وابن قيم الجوزية (10) رحمهم الله تعالى.

الثاني: أن قريشًا هو فهر بن مالك، قال الزبيري:(قالوا: اسم فهر بن مالك، قريش، ومن لم يلد فهر فليس من قريش)(11). وقال الزبيدي: (والصحيح عند أئمة النسب أن قريشًا هو: فهر بن مالك بن النضر، وهو: جماع قريش وهو: الجد الحادي عشر (12) لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل من لم يلده فليس بقرشي (13) قيل: اسمه فهر. ولقبه: قريش. وقيل: العكس، وقد روي عن نسابي العرب أنهم قالوا: من جاوز فهرًا فليس من قريش (14)، قال الزهري:(وهو الذي أدركت عليه من أدركت من نسابي العرب أن من جاوز فهرًا فليس من قريش)(15).

(1)[13022])) ((سيرة ابن هشام)) (1/ 93).

(2)

[13023])) انظر: ((حاشية الجمل)) (7/ 784).

(3)

[13024])) المرار شجر من شجر البوادي، وآكل المرار هو: الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن كندة، وللنبي صلى الله عليه وسلم جدة من كندة مذكورة وهي أم كلاب بن مرة وإياها أراد الأشعث. عن ((زاد المعاد)) (3/ 40).

(4)

[13025])) قفى أمه: أي رماها بالفجور، وانتفى من أبيه أي انتسب إلى غير أبيه.

(5)

[13026])) رواه ابن ماجه (2132)، وأحمد (5/ 211)(21888)، والطيالسي (2/ 222)(1145)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (1/ 23)، قال ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (2/ 186): إسناده جيد قوي، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).

(6)

[13027])) ((أصول الدين)) (ص: 276)، ((الحاوي)) للماوردي (8/ 466)، ((روضة الطالبين)) للنووي (5/ 321).

(7)

[13028])) ((جمهرة أنساب العرب)) (ص: 12).

(8)

[13029])) انظر: مادة (قرش) من لسان العرب لابن منظور (6/ 334).

(9)

[13030])) ((فتح الباري)) (6/ 534).

(10)

[13031])) ((زاد المعاد)) (3/ 40).

(11)

[13032])) ((نسب قريش)) لابن المصعب الزبيري (ص: 12).

(12)

[13033])) لأن نسبه صلى الله عليه وسلم كالتالي: هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر

إلخ. انظر: ((سيرة ابن هشام)) (1/ 1).

(13)

[13034])) ((إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين)) (2/ 30).

(14)

[13035])) ((شرح المواهب اللدنية)) للزرقاني (1/ 75).

(15)

[13036])) ((زاد المعاد)) لابن القيم (3/ 40).

ص: 53

قال الشنقيطي: (فالفهري قرشي بلا نزاع، ومن كان من أولاد مالك بن النضر، أو أولاد النضر بن كنانة ففيه خلاف، ومن كان من أولاد كنانة من غير النضر فليس بقرشي بلا نزاع)(1) ويدل على ذلك ما رواه واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بين هاشم)) (2).

وهناك أقوال أخرى ضعيفة .... وسميت قريش قريشًا من التقرش، والتقرش التجارة والاكتساب، وقال ابن إسحاق: يقال سميت قريش قريشًا لتجمعها من بعد تفرقها (3)، قال الزبيدي:(وقد حكى بعضهم في تسمية فهر بقريش عشرين قولاً أوردتها في شرحي على (القاموس)) (4) وقيل غير ذلك (5).

أدلة أهل السنة والجماعة على اشتراط القرشية

قلنا: إن جماهير علماء المسلمين قاطبة ذهبوا إلى اشتراط هذا الشرط وحكى الإجماع عليه من قبل الصحابة والتابعين، وبه قال الأئمة الأربعة، فقال الإمام أحمد في رواية الإصطخري:(الخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان، ليس لأحد من الناس أن ينازعهم فيها ولا يخرج عليهم، ولا نقر لغيرهم بها إلى قيام الساعة)(6)(وقد نص الشافعي رضي الله عنه على هذا في بعض كتبه (7)، وكذلك رواه زرقان عن أبي حنيفة) (8) وقال الإمام مالك:(ولا يكون - أي الإمام - إلا قرشيًا. وغيره لا حكم له إلا أن يدعوا إلى الإمام القرشي)(9) ولم يخالف في ذلك إلا النزر اليسير من الخوارج وبعض المعتزلة وبعض الأشاعرة، واستدل المثبتون بعدة أدلة صريحة صحيحة من السنة والإجماع فمن السنة ما يلي:

1 -

ما رواه البخاري في صحيحه عن معاوية رضي الله تعالى عنه حيث قال البخاري: (باب الأمراء من قريش، حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال: كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه بلغ معاوية - وهم عنده في وفد من قريش - أن عبد الله بن عمرو يحدث ((أنه سيكون ملك من قحطان فغضب فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإنه بلغني أن رجالاً منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولئك جهالكم فإياكم والأماني التي تضل أهلها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين)) (10).

2 -

ومنها الحديث المتفق على صحته عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان)) (11) قال الحافظ ابن حجر: (وليس المراد حقيقة العدد، وإنما المراد به انتفاء أن يكون الأمر في غير قريش)(12).

(1)[13037])) ((أضواء البيان)) (1/ 52).

(2)

رواه مسلم (2276).

(3)

[13039])) ((سيرة ابن هشام)) (1/ 93، 94). وانظر: ((لسان العرب)) (6/ 334) مادة (قرش).

(4)

[13040])) انظر: ((تاج العروس)) (4/ 337).

(5)

[13041])) من شاء الاستزادة فليراجع ((نسب قريش)) لابن المصعب الزبيري (ص: 12)، و ((لسان العرب)) مادة (قرش)(6/ 335)، و ((فتح الباري)) (6/ 534).

(6)

[13042])) ((طبقات الحنابلة)) لابن أبي يعلي (1/ 26).

(7)

[13043])) ((الأم)) (1/ 143).

(8)

[13044])) ((أصول الدين)) (ص: 275).

(9)

[13045])) ((أحكام القرآن)) لابن العربي (4/ 1721).

(10)

[13046])) رواه البخاري (3500).

(11)

[13047])) رواه البخاري (3501).

(12)

[13048])) فتح الباري (13/ 117).

ص: 54

3 -

ومنها ما رواه البخاري ومسلم في (صحيحيهما) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم)) (1).

4 -

وفي مسند الإمام أحمد: ((أن أبا بكر وعمر لما ذهبا إلى سقيفة بني ساعدة حين اجتمع الأنصار لاختيار خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تكلَّم أبو بكر ولم يترك شيئًا أنزل في الأنصار وذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأنهم إلا ذكره، وقال: ولقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار واديًا سلكت وادي الأنصار. ولقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد: قريش ولاة هذا الأمر فَبَرُّ الناس تبع لبرهم، وفاجرهم تبع لفاجرهم، فقال له سعد: صدقت نحن الوزراء وأنتم الأمراء)) (2).

وقد مرَّ معنا في الرواية الواردة في الصحيح

في مبايعة أبي بكر رضي الله تعالى عنه عند ذكره لهذا الحديث بمعناه لا بلفظه حيث قال: (ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش)(3).

(5)

ومنها ما رواه الإمام أحمد بسنده عن أنس بن مالك: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب البيت ونحن فيه فقال: الأئمة من قريش، إن لهم عليكم حقًا ولكم عليهم حقًا مثل ذلك، ما إن استرحموا رحموا، وإن عاهدوا وفوا، وإن حكموا عدلوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) (4). وقال ابن حزم: (وهذه رواية الأئمة من قريش. جاءت مجيء التواتر رواها أنس بن مالك، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، ومعاوية وروى جابر بن عبد الله، وجابر بن سمرة، وعبادة بن الصامت معناها)(5).

وأكثر من هذا ما ذكره الحافظ ابن حجر حيث قال: (قد جمعت طرقه عن نحو أربعين صحابيًا لما بلغني أن بعض فضلاء العصر ذكر أنه لم يرد إلا عن أبي بكر الصديق)(6). إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة في هذا الباب.

ثانيًا الإجماع:

أما الإجماع: فقد حكاه غير واحد من العلماء منهم: النووي حيث قال في شرحه لحديث: ((الناس تبع لقريش

)) إلخ. الحديث: (هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر على أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة والتابعين فمن بعدهم بالأحاديث الصحيحة)(7).

(1)[13049])) رواه البخاري (3495)، ومسلم (1818).

(2)

[13050])) رواه أحمد (1/ 5)(18). قال ابن تيمية في ((منهاج السنة)) (1/ 536): مرسل حسن، قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/ 194): رواه أحمد - وفي الصحيح طرف من أوله - ورجاله ثقات إلا أن حميد بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)): رجاله ثقات إلا أن حميد بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر وللحديث شاهد.

(3)

[13051])) جزء من حديث طويل رواه البخاري (6830). من حديث بن عباس رضي الله عنهما.

(4)

[13052])) رواه أحمد (3/ 129)(12329)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (3/ 467)(5942)، والطيالسي (ص: 284)، والطبراني (1/ 252)(725)، والبيهقي (8/ 134)(16318)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/ 186). وقال: إسناده جيد، والحديث صحح إسناده عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (483) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/ 195): رجال أحمد ثقات، وصححه العراقي في ((محجة القرب)) (189).

(5)

[13053])) ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (4/ 89).

(6)

[13054])) ((فتح الباري)) (7/ 32).

(7)

[13055])) ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (12/ 200).

ص: 55

ومنهم القاضي عياض. فقد نقل عنه النووي قوله: (اشتراط كونه – أي الإمام - قرشيًا هو: مذهب العلماء كافة. قال: وقد احتج به أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على الأنصار يوم السقيفة فلم ينكره أحد، قال القاضي: وقد عدها العلماء في مسائل الإجماع، ولم ينقل عن أحد من السلف فيها قول ولا فعل يخالف ما ذكرنا، وكذلك من بعدهم في جميع الأعصار قال: ولا اعتداد بقول النظام ومن وافقه من الخوارج وأهل البدع أنه: يجوز كونه من غير قريش، ولا سخافة ضرار بن عمرو في قوله: إن غير القرشي من النبط وغيرهم يقدم على القرشي لهوان خلعه إن عرض منه أمر وهذا الذي قاله من باطل القول وزخرفه مع ما هو عليه من مخالفة إجماع المسلمين والله أعلم)(1).

وممن حكى هذا الإجماع أيضًا الماوردي (2)، والإيجي في (المواقف)(3)، وابن خلدون في (المقدمة)(4)، والغزالي في (فضائح الباطنية)(5) وغيرهم.

ومن المحدثين الشيخ محمد رشيد رضا حيث قال: (أما الإجماع على اشتراط القرشية فقد ثبت بالنقل والفعل، رواه ثقات المحدثين، واستدل به المتكلمون وفقهاء مذاهب السنة كلهم، وجرى عليه العمل بتسليم الأنصار وإذعانهم لبني قريش، ثم إذعان السواد الأعظم من الأمة عدة قرون

) (6).

ولكن الحافظ ابن حجر يعترض على هذا الإجماع بقوله: (قلت: ويحتاج من نقل الإجماع إلى تأويل ما جاء عن عمر من ذلك، فقد أخرج أحمد عن عمر بسند رجاله ثقات أنه قال: (إن أدركني أجلي وقد مات أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل

الحديث). ومعاذ بن جبل أنصاري لا نسب له في قريش فيحتمل أن يقال: لعل الإجماع انعقد بعد عمر على اشتراط أن يكون الخليفة قرشيًا، أو تغير اجتهاد عمر في ذلك والله أعلم) (7).

القائلون بعدم اشتراط القرشية وأدلتهم

أول من قال بعدم اشتراط القرشية الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه (إذ جوزوا أن تكون الإمامة في غير قريش، وكل من نصبوه برأيهم وعاشر الناس على ما مثلوا له من العدل واجتناب الجور كان إمامًا)(8).

وزعم ضرار بن عمرو - من شيوخ المعتزلة - أيضًا أن الإمامة تصلح في غير قريش (حتى إذا اجتمع قرشي ونبطي قدمنا النبطي إذ هو أقل عددًا وأضعف وسيلة فيمكننا خلعه إذا خالف الشريعة)(9) قال الشهرستاني: (والمعتزلة - أي جمهورهم - وإن جوزوا الإمامة في غير قرشي، إلا أنهم لا يجيزون تقديم النبطي على القرشي (10) وزعم الكعبي أن القرشي أولى بها من الذي يصلح لها من غير قريش، فإن خافوا الفتنة جاز عقدها لغيره) (11).

(1)[13056])) ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (12/ 200).

(2)

[13057])) ((الأحكام السلطانية)) (ص: 6).

(3)

[13058])) ((المواقف)) (ص: 398).

(4)

[13059])) ((مقدمة ابن خلدون)) (ص: 194).

(5)

[13060])) ((فضائح الباطنية)) (ص: 180).

(6)

[13061])) ((الخلافة أو الإمامة العظمي)) لرشيد رضا (ص: 19).

(7)

[13062])) ((فتح الباري)) (13/ 119). والواقع أنه لا يرجع إلى التأويل إلا إذا صح الخبر في مخالفة عمر للإجماع، ولكن هذا الأثر ضعيف لانقطاعه.

(8)

[13063])) ((الملل والنحل)) (1/ 116).

(9)

[13064])) ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/ 91).

(10)

[13065])) ((الملل والنحل)) (1/ 91).

(11)

[13066])) ((أصول الدين)) (ص: 275).

ص: 56

ومن الأشاعرة إمام الحرمين الجويني حيث مال إلى عدم اشتراطه، وزعم أنه من أخبار الآحاد وهو على مذهبه الباطل لا يحتج به في مثل هذه المسائل حيث قال:(وهذا مسلك لا أوثره، فإن نقلة هذا الحديث معدودون لا يبلغون مبلغ عدد التواتر والذي يوضح الحق في ذلك: أنا لا نجد في أنفسنا ثلج الصدور واليقين المثبوت بصدد هذا من فلق (1). في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما لا نجد ذلك في سائر أخبار الآحاد، فإذًا لا يقتضي هذا الحديث العلم باشتراط النسب في الإمامة) (2) وقال في كتابه (الإرشاد):(وهذا مما يخالف فيه بعض الناس، وللاحتمال فيه عندي مجال، والله أعلم بالصواب)(3).

وقد اختلف قول أبي بكر الباقلاني، فاشترط القرشية في كتابه (الإنصاف) فقال:(ويجب أن يعلم أن الإمامة لا تصلح إلا لمن تجتمع فيه شرائط منها: أن يكون قرشيًا لقوله صلى الله عليه وسلم: ((الأئمة من قريش)) (4) ولم يشترطها في كتابه (التمهيد) حيث قال: (إن ظاهر الخبر لا يقضي بكونه قرشيًا، ولا العقل يوجبه)(5).

وإلى نفي اشتراط القرشية ذهب أكثر الكتاب المحدثين منهم: الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (تاريخ المذاهب الإسلامية) وذهب إلى أن الأحاديث الواردة مجرد أخبار لا تفيد حكمًا (6)، ومنهم العقاد (7)، ومنهم د. علي حسني الخربوطلي في كتابه (الإسلام والخلافة)(8) وتجرأ على رمي الأحاديث المذكورة بالوضع، ومنهم د. صلاح الدين دبوس في كتابه (الخليفة توليته وعزله) وذهب إلى أن هذه الأحاديث مجرد أخبار (9)، ومنهم الأستاذ محمد المبارك رحمه الله وعفا عنه واعتبرها من باب السياسة الشرعية المتغيرة بتغير العوامل (10).

واستدل من ذهب إلى نفي اشتراط القرشية بما يلي:

1 -

بقول الأنصار يوم السقيفة (منا أمير ومنكم أمير)(11) قالوا: فلو لم يكن الأنصار يعرفون أنه يجوز أن يتولى الإمامة غير قرشي لما قالوا ذلك.

2 -

ومن أدلتهم أيضًا ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسوا الله صلى الله عليه وسلم: ((اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة)) (12) فالحديث أوجب الطاعة لكل إمام وإن كان عبدًا، فدل على عدم اشتراط القرشية.

(1)[13067])) الفلق: بيان الحق بعد إشكاله.

(2)

[13068])) ((غياث الأمم)) للجويني (ص: 163).

(3)

[13069])) ((الإرشاد إلى قواعد الأدلة في أصول الاعتقاد)) لأبي المعالي الجويني (ص: 427).

(4)

[13070])) ((الإنصاف)) للباقلاني (ص: 69).

(5)

[13071])) نقلاً عن الأستاذ عبد الوهاب عبد اللطيف في تعليقه على ((الصواعق المحرقة)) للهيتمي (ص: 9) ولم أقف على هذا الكلام في كتاب ((التمهيد)) لأن النسخة الموجودة المتداولة الآن من تحقيق جماعة من المستشرقين، وقد حذفوا كتاب ((الإمامة)) كاملاً، وقد نسب هذا الكلام إلى الباقلاني ابن خلدون أيضًا. انظر:((المقدمة)) (ص: 194).

(6)

[13072])) ((تاريخ المذاهب الإسلامية)) (1/ 90).

(7)

[13073])) ((الديمقراطية في الإسلام)) (ص: 69).

(8)

[13074])) ((الإسلام والخلافة)) (ص: 42).

(9)

[13075])) ((الخليفة توليته وعزله)) (ص: 270).

(10)

[13076])) ((نظام الإسلام في الحكم والدولة)) (ص: 71).

(11)

رواه البخاري (3667، و3668). من حديث عائشة رضي الله عنها.

(12)

رواه البخاري (7142).

ص: 57

3 -

واستدلوا أيضًا بقول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: (إن أدركني أجلي وأبو عبيدة حيّ استخلفته

فإن أدركني أجلي وقد مات أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل) (1) والمعروف أن معاذ بن جبل أنصاري لا نسب له في قريش (2) فدل على الجواز. كما روي عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال: (لو أدركني أحد رجلين، ثم جعلت هذا الأمر إليه لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة، وأبو عبيدة بن الجراح)(3).

4 -

كما استنتجوا من قول أبي بكر رضي الله تعالى عنه: (إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش

) (4) أن هذا تعليل لطاعة العرب لهم فإذا تغير الحال تغير موضع الاختيار.

5 -

ومنهم من قال: إن هذه الأحاديث التي يستدل بها أهل السنة إنما هي على سبيل الإخبار، وليس فيها أمر يجب امتثاله، ذهب إلى ذلك بعض الكتاب المحدثين كالشيخ محمد أبي زهرة (5) ود. صلاح الدين دبوس (6). وغيرهم.

6 -

واستدلوا على ذلك أيضًا بقوله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13] فجعل الأفضلية والإكرام بالتقوى لا بالمعايير الأخرى كالنسب ونحوه، بل وردت أحاديث تحذر من التفاخر بالأنساب والأحساب، وتنهى عن العصبية الجاهلية منها:

أ- قوله صلى الله عليه وسلم: ((أربع من أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والنياحة، والاستسقاء بالنجوم)) (7).

ب- ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أذهب عنكم عُبِّيَّة (8) الجاهلية وفخرها بالآباء. الناس رجلان: مؤمن تقي، وفاجر شقي. أنتم بنو آدم، وآدم من تراب. ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن)) (9).

مناقشة هذه الأدلة

(1)[13079])) رواه أحمد (1/ 18)(108). قال ابن حجر في ((فتح الباري)) (13/ 127): رجاله ثقات.

(2)

[13080])) انظر: الإصابة لابن حجر (9/ 219).

(3)

[13081])) رواه أحمد (1/ 20)(129). من حديث أبي رافع رضي الله عنه. قال ابن كثير في ((مسند الفاروق)) (1/ 380): إسناده على شرط السنن وعلي بن زيد بن جدعان له غرائب وإفرادات ولكن له شاهد، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (4/ 223): رواه أحمد وفيه علي بن زيد وحديثه حسن وفيه ضعف، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (1/ 80).

(4)

[13082])) رواه البخاري (6830) بلفظ: ((ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش)). من حديث عائشة رضي الله عنها.

(5)

[13083])) ((تاريخ المذاهب الإسلامية)) (1/ 90).

(6)

[13084])) ((الخليفة توليته وعزله)) (ص: 270).

(7)

[13085])) رواه مسلم (934). من حديث أبو مالك الأشعري رضي الله عنه.

(8)

[13086])) عُبِّيَّة الجاهلية: بضم العين المهملة وكسر الموحدة المشددة وفتح المثناة التحتية المشددة: أي: فخرها وتكبرها. قال الخطابي: العبية الكبر والنخوة، يريد بهذا القول ما كان عليه أهل الجاهلية من التفاخر بالأنساب والتباهي بها، وأصله مهموز من العبء وهو: الثقل وفيه لغة أخرى وهي: العبية بالكسر. انظر: ((غريب الحديث)) للخطابي (1/ 190).

(9)

[13087])) رواه أبو داود (5116)، والترمذي (3955)، وأحمد (2/ 523)(10791)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4/ 62). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن غريب، وحسن إسناده المنذري، وقال ابن تيمية في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (1/ 247): صحيح.

ص: 58

1 -

أما استدلالهم بقول الأنصار: (منا أمير ومنكم أمير)(1) فواضح البطلان، وذلك لرجوعهم رضي الله عنهم عن هذا القول في تلك اللحظة بعد أن سمعوا النص الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو بكر رضي الله تعالى عنه في قوله:((ولقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد: قريش ولاة هذا الأمر، فبر الناس تبع لبرهم، وفاجرهم تبع لفاجرهم. فقال له سعد: صدقت. نحن الوزراء وأنتم الأمراء)) (2). فيحتمل أنهم قالوا هذا القول قبل أن يعرفوا النص الذي يثبت الخلافة في قريش ولهذا رجعوا إلى رشدهم لما عرفوا الحقيقة.

2 -

أما استدلالهم بأحاديث الأمر بالطاعة وإن كان عبدًا حبشيًا، فقد سبق الجواب عليها مفصلاً وأن المراد إما إمامة المتغلب أو الإمارة الصغرى على بعض الولايات، أو لأجل المبالغة في الأمر بالطاعة وضرَبَهُ مثلاً.

3 -

أما استدلالهم بقول عمر في إرادته استخلاف معاذ بن جبل الأنصاري رضي الله تعالى عنه فهذا لم يتم، وإنما رشح عمر ستة قرشيين اختارهم وقال:(ليختاروا أحدهم)، وأيضًا لو ثبت ذلك فإن النص مقدَّم على قول الصحابي وإن بلغ من الفضل ما بلغ، ولعله اجتهاد من عمر رضي الله تعالى عنه ثم تراجع عنه إلى النص، وقد أجاب الحافظ في (الفتح) (3) على هذا الاعتراض باحتمالين هما:

أ- إما أن يكون الإجماع انعقد بعد عمر على اشتراط أن يكون الخليفة قرشيًا.

ب- وإما أن يكون قد تغير اجتهاد عمر في ذلك.

وإما أن يريد من قوله ذلك الولاية الصغرى، أي: على أحد الأقاليم، وهذا لا يشترط فيه النسب اتفاقًا. هذا على افتراض صحة الحديث، وإلا فالحديث ضعيف لانقطاع سنده فلا يصلح للاحتجاج به.

أما الحديث الثاني والذي فيه ذكر سالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة فيحتمل إرادة التولية الصغرى أيضاً، أو أنه يعتبر قرشياً، لأن أبا حذيفة القرشي (4) قد تبناه وهو مولى له، ومولى القوم منهم، وقد أرضعته زوجه - وهو كبير - بعد تحريم التبني فأصبح ابنًا له، وقصة إرضاعه مشهورة وهي في صحيح مسلم وغيره، قال ابن عبد البر:(وهو يعد في قريش لما ذكرنا)(5) ويقصد قوله: (لأنه لما أعتقته مولاته زوج أبي حذيفة تولى أبا حذيفة وتبناه أبو حذيفة، ولذلك عُدَّ في المهاجرين)(6) أما أبو عبيدة فقرشي باتفاق (7).

4 -

أما استدلالهم بقول أبي بكر: (إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش

) وقولهم بأن هذا تعليل لطاعة العرب لهم، فإذا تغير الحال تغير موضع الاختيار، هكذا عللوه، وهو تعليل بعيد، لأنه ظاهر في أحقية قريش بالخلافة فهو بحق دليل على اشتراط القرشية لا على نفيها، والنصوص التي ذكرت استدلال أبي بكر مبينة لهذا الظاهر، وهذا ما فهمه الصحابة رضي الله تعالى عنهم، بدليل تسليمهم بالطاعة لأبي بكر رضي الله عنه حينما بين لهم هذا الدليل

والله أعلم.

(1) رواه البخاري (3667، و3668). من حديث عائشة رضي الله عنها.

(2)

[13089])) رواه أحمد (1/ 5)(18). قال ابن تيمية في ((منهاج السنة)) (1/ 536): مرسل حسن، قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/ 194): رواه أحمد - وفي الصحيح طرف من أوله - ورجاله ثقات إلا أن حميد بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)): رجاله ثقات إلا أن حميد بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر وللحديث شاهد.

(3)

[13090])) ((فتح الباري)) (13/ 119).

(4)

[13091])) ((الإصابة)) (11/ 81).

(5)

[13092])) ((الاستيعاب)) (2/ 567).

(6)

[13093])) ((الاستيعاب)) (2/ 567).

(7)

[13094])) ((الإصابة)) (5/ 285).

ص: 59

5 -

وأما من قال بأنها على سبيل الإخبار وليس فيها أمر فمردود، لأنها أمر في صيغة الخبر، وقد وردت بعض الأحاديث بالأمر الصريح كقوله صلى الله عليه وسلم:((قدموا قريشًا ولا تقدموها)) (1) فهذا أمر منه صلى الله عليه وسلم بذلك.

كما أنه لو كان إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم لتحقق الخبر، وهو: أنه لن يتولى الخلافة إلا قرشي، لأن خبر الصادق لابد أن يتحقق، لكن الواقع غير ذلك، فقد تولى الخلافة غير القرشيين، منهم من يدعي كذبًا أنه قرشي كالعبيديين الذي تسموا بالفاطميين (2)، ومنهم: من لم يدع ذلك كسلاطين الدولة العثمانية، قال ابن حزم:(هذان الخبران - يقصد حديث ابن عمر، ومعاوية السابق ذكرهما - وإن كانا بلفظ الخبر فهما أمر صحيح مؤكد إذ لو جاز أن يوجد الأمر في غير قريش لكان تكذيبًا لخبر النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كفر ممن أجازه)(3).

6 -

وأما ما قالوه من أن الإسلام نهى عن العصبية، وأن تسود طائفة معينة على سائر المسلمين وأنه جاء بالمساواة بين المسلمين جميعًا لا فرق بين عربي ولا عجمي إلا بالتقوى

إلخ.

إن الإسلام باشتراطه أن يكون الإمام قرشيًا لم يكن بذلك داعيًا إلى العصبية القبلية التي نهى عنها في أكثر من موضع، فإن الإمام في نظر الإسلام ليس له أي مزية على سائر أفراد الأمة ولا لأسرته أدنى حق زائد على غيرهم، فالإمام وغيره من أفراد المسلمين سواء في نظر الإسلام، بل هو متحمل من التبعات والمسؤوليات ما يجعله من أشدَّ الناس حملاً وأثقلهم حسابًا يوم القيامة.

وهذا وليس معنى أن الإسلام نهى عن العصبية أن الناس لا تفاضل بينهم، بل التفاضل بين الخلق في الدنيا من صميم الفطرة ووردت أدلة شرعية على ذلك. فجمهور العلماء (4) على أن جنس العرب خير من غيرهم، كما أن جنس قريش خير من غيرهم، قد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم – ((أنه سئل أي الناس أكرم؟ فقال: أتقاهم. فقالوا: ليس عن هذا نسألك، فقال: فيوسف نبي الله ابن يعقوب نبي الله، ابن إسحاق نبي الله، ابن إبراهيم خليل الله. قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: أفعن معادن العرب تسألوني؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا)) (5). وفي رواية: ((الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا)) (6). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ذهبت طائفة إلى عدم التفضيل بين الأجناس، وهذا قول طائفة من أهل الكلام: كالقاضي أبي بكر بن الطيب وغيره

وهذا القول يقال له مذهب الشعوبية وهو: قول ضعيف من أقوال أهل البدع) (7). وقال: (لكن تفضيل الجملة على الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد فإن في غير العرب خلق كثير خير من أكثر العرب، وفي غير قريش من المهاجرين والأنصار خير من أكثر قريش

).

(1) رواه البزار (2/ 119)، والطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (10/ 28). من حديث علي رضي الله عنه. وقال: روي من غير وجه وابن الفضل ليس بالحافظ، وأبو بكر بن أبي جهمة، وأبوه لا نعلمهما يحدثان إلا بهذا الحديث، وقال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه أبو معشر وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (4384).

(2)

[13096])) انظر لكشف كذبهم وتبين أصلهم: ((تاريخ السيوطي)) (ص: 4).

(3)

[13097])) ((المحلى)) لابن حزم (10/ 503).

(4)

[13098])) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (19/ 29).

(5)

[13099])) رواه البخاري (3353)، ومسلم (2378). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(6)

[13100])) رواه مسلم (2638). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(7)

[13101])) ((منهاج السنة)) (2/ 260).

ص: 60

قال: (والمقصود أنه أرسل صلى الله عليه وسلم إلى جميع الثقلين الإنس والجن فلم يخص العرب دون غيرهم من الأمم بأحكام شرعية، ولكن خص قريشًا بأن الإمامة فيهم، وخص بني هاشم بتحريم الزكاة عليهم، وذلك لأن جنس قريش لما كانوا أفضل، وجب أن تكون الإمامة في أفضل الأجناس مع الإمكان، وليست الإمامة أمرًا شاملاً وإنما يتولاها واحد من الناس)(1). وقال شيخ الإسلام: (وإذا فرضنا اثنين أحدهما: أبوه نبي. والآخر: أبوه كافر. وتساويا في التقوى والطاعة من كل وجه كانت درجتهما في الجنة سواء، ولكن أحكام الدنيا بخلاف ذلك في: الإمامة، والزوجية، والشرف، وتحريم الصدقة ونحو ذلك

) قال: والخير في الأشراف أكثر منه في الأطراف (2).

أما نفس ترتيب الثواب والعقاب على القرابة ومدح الله عز وجل للشخص المعين وكرامته عند الله وفضله فهذا لا يؤثر فيه النسب، وإنما المؤثر الوحيد هو التقوى والعمل الصالح، كما قال عز وجل: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13]

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في فضل قريش على سائر القبائل (3) منها قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم)) (4). فالحاصل أن هناك من ألغى فضيلة الأنساب مطلقًا، وهناك من يفضل الإنسان بنسبه على من هو أعظم منه في الإيمان والتقوى فضلاً عمن هو مثله. قال ابن تيمية:(فكلا القولين خطأ، وهما متقابلان، بل الفضيلة بالنسب فضيلة جملة، وفضيلة لأجل المظنة والسبب، والفضيلة بالإيمان والتقوى فضيلة تعيين وتحقيق وغاية، فالأول يفضل به لأنه سبب وعلامة، ولأن الجملة أفضل من جملة تساويها في العدد، والثاني يفضل به لأنه الحقيقة والغاية، ولأن كل من كان أتقى كان أكرم عند الله، والثواب من الله يقع على هذا، لأن الحقيقة قد وجدت فلم يعلق الحكم بالمظنة)(5).

فالمقصود أن اشتراط القرشية في الإمام ليس له علاقة بالعصبية القبلية التي نهى الإسلام عنها ألبتة. كما أن النسب في حد ذاته في أصل الشريعة لا قيمة له ذاتية وإنما هو صفة كمال.

هذا وأهل السنة لم يقصروها على نوع بعينه من قريش، وإنما كان من انتسب إلى قريش جازت له الإمامة إذا توفرت شروطها الأخرى، وهناك من المبتدعة من قصرها على فرع معين، فقصرها بعضهم على بني هاشم. الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة لعبدالله بن عمر الدميجي- بتصرف – ص: 265

(1)[13102])) ((مجموع الفتاوى)) (19/ 30).

(2)

[13103])) ((المنتقي من منهاج الاعتدال)) للذهبي (ص: 530).

(3)

[13104])) انظر: كتاب ((السنة)) لابن أبي عاصم (2/ 632).

(4)

رواه مسلم (2276) بلفظ: ((ولد)) بدلاً من ((بني)). من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه.

(5)

[13106])) ((منهاج السنة)) (2/ 261).

ص: 61