المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: النصرة والتقدير - الموسوعة العقدية - جـ ٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌6 - ومن فضلهم: أنهم ورثة الأنبياء

- ‌7 - أنهم ممن أراد الله عز وجل بهم الخير

- ‌8 - أن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين يصلون على معلم الناس الخير

- ‌9 - أن العالم لا ينقطع عمله ما بقي علمه ينتفع به الناس

- ‌10 - العلماء هم الدعاة إلى الله عز وجل

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التحذير من زلة العالم

- ‌المطلب الثاني: أصناف الناس تجاه زلة العالم

- ‌أولاً: اعتقاد عدم عصمة العالم وأن الخطأ لا يستلزم الإثم

- ‌ثانيا: أن نثبت له الأجر ولا نقلده على خطئه

- ‌ثالثا: عدم الاعتماد عليها وترك العمل بها

- ‌رابعا: أن يلتمس العذر للعالم، ويحسن الظن به، ويقيله عثرته

- ‌خامسا: أن يحفظ للعالم قدره، ولا يجحد محاسنه

- ‌سادسا: إسداء النصح له

- ‌المبحث الثالث: خطر الطعن على العلماء، وشؤم الحط من أقدارهم

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف الإمامة لغةً

- ‌المبحث الثاني: تعريف الإمامة اصطلاحاً

- ‌المبحث الثالث: لفظ (الإمام) في الكتاب والسنة

- ‌المبحث الرابع: الترادف بين ألفاظ: الإمام والخليفة وأمير المؤمنين

- ‌المبحث الخامس: استعمالات لفظي الخلافة والإمامة

- ‌تمهيد

- ‌مبحث: الأدلة على وجوب الإمامة

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة

- ‌المطلب الثالث: الإجماع

- ‌المطلب الرابع: القاعدة الشرعية (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)

- ‌المطلب الخامس: دفع أضرار الفوضى

- ‌المطلب السادس: الإمامة من الأمور التي تقتضيها الفطرة وعادات الناس

- ‌المبحث الأول: الإسلام

- ‌المبحث الثاني: البلوغ

- ‌المبحث الثالث: الحرية

- ‌المبحث الرابع: أن يكون ذكرًا

- ‌المبحث الخامس: العلم

- ‌المبحث السادس: العدالة

- ‌المبحث السابع: الكفاءة النفسية

- ‌المبحث الثامن: الكفاءة الجسمية

- ‌المبحث التاسع: عدم الحرص عليها

- ‌المبحث العاشر: القرشية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الواجبات الأساسية

- ‌المقصد الأول: إقامة الدين

- ‌المقصد الثاني: سياسة الدنيا بهذا الدين

- ‌المبحث الثاني: واجبات فرعية

- ‌المبحث الأول: حق الطاعة

- ‌المبحث الثاني: النصرة والتقدير

- ‌المبحث الثالث: المناصحة

- ‌المبحث الرابع: حق المال

- ‌المبحث الخامس: مدة صلاحية الحاكم للإمامة

- ‌المطلب الأول: أداء الصلاة خلف كل بر وفاجر

- ‌المطلب الثاني: الجهاد معه

- ‌المطلب الثالث: الحج معه

- ‌المبحث الأول: مسببات العزل

- ‌المبحث الثاني: حكم الخروج على الأئمة

- ‌تمهيد

- ‌مبحث: حكم تعدد الأئمة

- ‌المبحث الأول: معنى المعروف والمنكر لغة

- ‌المبحث الثاني: معنى المعروف والمنكر شرعاً

- ‌المبحث الثالث: المراد بالمعروف والمنكر عند اجتماعهما، وانفراد أحدهما

- ‌المبحث الأول: فوائد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المبحث الثاني: فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المطلب الأول: الأدلة على فضله من القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة على فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المبحث الثالث: الآثار المترتبة على تركه

- ‌المطلب الأول: الحكم العام للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الفرع الأول: حالة كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبا

- ‌الفرع الثاني: حالة كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مستحبا

- ‌الفرع الثالث: حالة كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محرما

- ‌المطلب الثاني: ذكر الشروط غير المعتبرة

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الثاني: ذكر ضوابط المصلحة الشرعية

- ‌الفرع الخامس: العمل عند تزاحم المصالح

- ‌الفرع السادس: العمل عند تزاحم المفاسد

- ‌المطلب الثاني: تقليل العلائق مع الناس إن كانت المصلحة في ذلك

- ‌المطلب الثالث: الإسرار بالنصح

- ‌المطلب الرابع: قصد النصح لجميع الأمة

- ‌المطلب الخامس: قصد رحمة الخلق والشفقة عليهم

- ‌المطلب السادس: ستر العورات والعيوب

- ‌المطلب السابع: الاغتمام بمعصية المسلم والتأسف لتعرضه لغضب الله

- ‌المطلب الثامن: الغيرة على المسلمين

- ‌المطلب التاسع: تواضع الآمر الناهي في أمره ونهيه

- ‌المطلب الأول: كونه منكراً

- ‌المطلب الثاني: أن يكون موجوداً في الحال

- ‌المطلب الثالث: أن يكون المنكر ظاهراً من غير تجسس

- ‌المطلب الرابع: ألا يكون المنكر من المسائل المختلف فيها

- ‌المطلب الأول: القدرة والاستطاعة

- ‌المطلب الثاني: ضابط الاستطاعة

- ‌المطلب الأول: تغيير المنكر باليد وأدلته

- ‌الفرع الأول: المنكرات التي يجوز إتلافها باليد

- ‌الفرع الثاني: هل يضمن المنكر ما أتلفه

- ‌المطلب الثالث: شروط تغيير المنكر باليد وضوابطه

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: النهي بالوعظ والنصح والتخويف من الله تعالى

- ‌المطلب الثالث: الغلظة بالقول

- ‌المطلب الرابع: التهديد والتخويف

- ‌المطلب الأول: أهمية التغيير بالقلب

- ‌المطلب الثالث: فوائد الإنكار بالقلب وثمراته

- ‌المطلب الأول: تعريف الهجر لغةً وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: أنواع الهجر

- ‌المطلب الثالث: أقسام الناس بالنسبة للهجر

- ‌المطلب الرابع: الهجر المحرم

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أدلة الإنكار على السلطان

- ‌المطلب الثاني: كيفية الإنكار على السلطان

- ‌المبحث السابع: تغيير الابن على والده

- ‌المطلب الأول: إنكار الوالد على أولاده

- ‌المطلب الثاني: إنكار الأم على أولادها

- ‌المبحث التاسع: تغيير الزوجة على زوجها

- ‌الشبهة الأولى: وجوب ترك الاحتساب بحجة تعارضه مع الحرية الشخصية

- ‌الشبهة الثانية: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث لا يضرنا ضلال الضالين

- ‌الشبهة الثالثة: (ترك الحسبة بسبب التقصير والنقص)

- ‌الشبهة الرابعة: (ترك الاحتساب خشية الوقوع في الفتنة)

- ‌الشبهة الخامسة: (ترك الاحتساب بسبب عدم استجابة الناس)

- ‌المطلب الأول: تعريف الولاية والولي لغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الولاية والولي اصطلاحا

- ‌المطلب الثالث: اجتماع الولاية والعداوة

- ‌المبحث الثاني: شروط الولي

- ‌المطلب الأول: أقسام الأولياء

- ‌تمهيد

- ‌مسألة: من أفضل الأولياء

- ‌المبحث الرابع: الشهادة لمعين بالولاية

- ‌المطلب الأول: تعريف الكرامة لغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكرامة اصطلاحا

- ‌المطلب الأول: ما جاء في الكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: ما جاء في كرامات الصحابة والتابعين

- ‌المطلب الأول: أنواع الخوارق من ناحية القدرة والتأثير

- ‌المطلب الثاني: أنواع الخوارق من ناحية كونها نعمة أو نقمة

- ‌المطلب الثالث: أنواع الخوارق من ناحية المدح أو الذم أو الإباحة

- ‌المطلب الرابع: أنواع الخوارق من ناحية كونها كمالا أو نقصا

- ‌المبحث الرابع: الفرق بين الكرامة والأحوال الشيطانية

- ‌المبحث الخامس: الفرق بين المعجزة والكرامة

- ‌الفصل الأول: المسح على الخفين

- ‌الفصل الثاني: مسائل فقهية أخرى

- ‌المبحث الأول: تعريف الجن في اللغة

- ‌المبحث الثاني: تعريف الجن اصطلاحا

- ‌المبحث الأول: الأدلة السمعية على وجود الجن

- ‌المبحث الثاني: الأدلة العقلية

- ‌المبحث الثالث: عقائد الناس في الجن

- ‌المبحث الأول: المادة التي خلق منها الجن

- ‌أولا: قدرتهم على التشكل

- ‌ثانيا: مدى إمكانية رؤيتهم

- ‌المطلب الثاني: الجن يتناكحون ويتناسلون

- ‌المطلب الثالث: الجن يأكلون ويشربون

- ‌المطلب الرابع: يتميزون بسرعة الحركة والقدرة على الأعمال الشاقة

- ‌المطلب الخامس: الجن يموتون ويبعثون بعد الموت

- ‌المطلب السادس: ما تعجز عنه الجن

- ‌المبحث الثالث: الأماكن التي يسكنها الجن

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أصناف الجن من حيث أصل خلقتهم، وقوتهم

- ‌المطلب الثاني: أصناف الجن من حيث إنتسابهم إلى قبائل وأماكن

- ‌المطلب الثالث: أصناف الجن من حيث الإيمان والكفر، والصلاح والفساد

- ‌المطلب الأول: تعريف إبليس والشيطان لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: أوصاف إبليس

- ‌1 - الرجيم:

- ‌2 - المارد:

- ‌3 - الوسواس الخناس:

- ‌المطلب الثالث: الجنس الذي منه إبليس

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن على تكليف الجن

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة

- ‌المبحث الثاني: جنس الرسل المبعوثة إلى الجن

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: جزاء كافرهم في الآخرة

- ‌المطلب الثاني: جزاء مؤمنهم في الآخرة

- ‌المبحث الأول: أهداف الشيطان

- ‌المبحث الثاني: أساليب الشياطين في إغواء الناس

- ‌المبحث الثالث: مدى سلطان الشيطان على الإنسان

- ‌المبحث الأول: استراق الجن لأخبار السماء

- ‌المبحث الثاني: ما تلقيه الجن إلى الإنس

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: علاقة الجن بتحضير الأرواح

- ‌المبحث الثاني: حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح

- ‌الفصل الثامن: دخول الجني في الإنسي

- ‌المطلب الأول: الأدلة من الكتاب على لزوم الجماعة

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة في الحث على الجماعة والأمر بلزومها

- ‌الفرع الأول الأدلة من الكتاب على ذم التفرق والتحذير منه

- ‌الفرع الثاني: الأدلة من السنة على ذم التفرق والتحذير منه

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الأدلة من القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: الأدلة من السنة النبوية

- ‌المبحث الثالث: الأدلة من أقوال السلف الصالح

- ‌المطلب الأول: البدعة لغة

- ‌المطلب الثاني: البدعة اصطلاحاً

- ‌المطلب الأول: الأدلة من النظر على ذمِّ البدع

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من النقل على ذم البدع

- ‌المبحث الثالث: خطورة البدعة وآثارها السيئة

- ‌المبحث الرابع: أنواع البدع

- ‌المطلب الأول: تقسيم البدعة إلى حقيقية وإضافية

- ‌المطلب الثاني: انقسام البدعة إلى فعلية وتركية

- ‌المطلب الثالث: انقسام البدعة إلى اعتقادية وعملية

- ‌المطلب الرابع: تقسيم البدعة إلى كلية وجزئية

- ‌المطلب الخامس: تقسيم البدعة إلى بسيطة ومركبة

- ‌المطلب السادس: تقسيم البدعة إلى صغيرة وكبيرة

- ‌المطلب السابع: انقسام البدعة إلى عبادية وعادية

- ‌المبحث الخامس: حكم البدعة

الفصل: ‌المبحث الثاني: النصرة والتقدير

‌المبحث الثاني: النصرة والتقدير

اتضح لنا عند ذكر واجبات الإمام عظم المسئولية الملقاة على عاتقه، ومنها محاربته للفساد والمفسدين، وهذه تجعله في خطر منهم، لذلك فعلى الأمة أن تقوم بجانبه وتساعده على نوائب الحق، ولا تُسْلِمُه لأعدائه المفسدين سواء كانوا داخل الدولة الإسلامية أو خارجها، يدل على ذلك ما يلي:

1 -

قول الله عز وجل: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ

[المائدة: 2] ولا شك أن معاضدة الإمام الحق ومناصرته من البر الذي يترتب عليه نصرة الإسلام والمسلمين.

2 -

يدل على ذلك أيضًا ما رواه عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا رقبة الآخر

)) الحديث (1).

قال أبو يعلى: (وإذا قام الإمام بحقوق الأمة وجب له عليهم حقان الطاعة والنصرة ما لم يوجد من جهته ما يخرج به عن الإمامة)(2)

ولذلك شرع قتال أهل البغي إذا بدؤوا بقتال الإمام العادل بدون تأويل سائغ، كما شرع حد الحرابة في قوله تعالى: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ

[المائدة: 33].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إذا طلبهم - أي المحاربين - السلطان أو نوابه لإقامة الحد بلا عدوان فامتنعوا عليه، فإنه يجب على المسلمين قتالهم باتفاق العلماء حتى يقدر عليهم كلهم)(3).

وللموضوع تفصيلات كثيرة مذكورة في كتب الفقه ليس هذا مقام تفصيلها

كما أن على المسلمين احترام الإمام العادل وتقديره والدعاء له وعدم إهانته حتى يكون له مهابة عند ضعاف النفوس، فيرتدعون عما تمليه عليهم عواطفهم وشهواتهم يدل على ذلك ما يلي:

1 -

ما روي عن زياد بن كسيب العدوي قال: ((كنت مع أبي بكرة رضي الله عنه تحت منبر ابن عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق، فقال أبو بلال: انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق، فقال أبو بكرة: اسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله)) (4).

2 -

وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط)) (5).

وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (ما مشى قوم إلى سلطان الله في الأرض ليذلوه إلا أذلهم الله قبل أن يموتوا)(6).

(1)[13255])) رواه مسلم (1844).

(2)

[13256])) ((الأحكام السلطانية)) لأبي يعلى (ص: 28).

(3)

[13257])) ((السياسة الشرعية)) (ص: 85).

(4)

[13258])) رواه الترمذي (2224)، وأحمد (5/ 42)(20450)، والبيهقي (8/ 163) (17102). قال الترمذي: حسن غريب، وقال البغوي في ((شرح السنة)) (5/ 306): مرفوع بإسناد غريب، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/ 218): رجال أحمد ثقات.

(5)

[13259])) رواه أبو داود (4843)، والبيهقي (8/ 163)(16435). والحديث سكت عنه أبو داود، وصحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (497) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وقال النووي في ((الترخيص بالقيام)) (56): إسناده كلهم عدول معروفون إلا أبا كنانة وهو مشهور، ولا نعلم أحداً تكلم فيه، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (4/ 426) كما قال ذلك في المقدمة.

(6)

[13260])) ((شرح السنة)) للبغوي (10/ 54).

ص: 88

وقال الفضيل بن عياض: (لو أن لي دعوة مستجابة لجعلتها للإمام لأن به صلاح الرعية، فإذا صلح أمنت العباد والبلاد)(1).

وقال سهل بن عبد الله رحمه الله: (لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفوا بهذين أفسدوا دنياهم وأخراهم)(2).

هذا بشرط أن يكون الإمام من أئمة العدل، أما أئمة الجور والفسق فلا يعانون على فسقهم وظلمهم، وقد قال مالك رحمه الله فيما رواه عنه ابن القاسم أنه قال:(إن كان الإمام مثل عمر بن عبد العزيز وجب على الناس الذب عنه والقتال معه، وأما غيره فلا، دعه وما يراد منه ينتقم الله من الظالم بظالم، ثم ينتقم من كليهما)(3).

بل إذا رأى المسلم أنه لا فائدة من الدخول عليهم ومناصحتهم أو خاف على نفسه فتنتهم فعليه اعتزالهم، وترك الدخول عليهم، والحذر من موافقتهم على باطل، يدل على ذلك ما يلي:

1 -

حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني، ولست منه، وليس بوارد عليَّ الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم، فهو مني وأنا منه، وهو وارد عليَّ الحوض)) (4).

قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: (ليت شعري من الذي يدخل إليهم اليوم فلا يصدقهم على كذبهم، ومن الذي يتكلم بالعدل إذا شهد مجالسهم، ومن الذي ينصح ومن الذي ينتصح منهم؟ إن أسلم لك يا أخي في هذا الزمان وأحوط لدينك أن تقل من مخالطتهم وغشيان أبوابهم ونسأل الله الغنى عنهم والتوفيق لهم)(5).

وهذا في القرن الرابع الهجري فما بالك بالخامس عشر!!!

2 -

ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد عبد من السلطان قربًا إلا ازداد من الله بعدًا)) (6).

3 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((

وإن أبغض القراء إلى الله الذي يزورون الأمراء)) (7).

4 -

وروي عن حذيفة رضي الله عنه قال: (إياكم ومواطن الفتن، قيل: وما هي؟ قال: أبواب الأمراء يدخل أحدكم على الأمير، فيصدقه بالكذب ويقول ما ليس فيه)(8).

وقال خالد بن زيد: سمعت محمد بن علي - الباقر - يقول: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إذا رأيتم القارئ يحب الأغنياء فهو صاحب دنيا وإذا رأيتموه يلزم السلطان فهو لص)(9).

(1)[13261])) ((البداية والنهاية)) (10/ 199).

(2)

[13262])) ((تفسير القرطبي)) (5/ 260).

(3)

[13263])) ((شرح الخرشي على مختصر خليل)) (8/ 60)، وانظر:((أحكام القرآن)) لابن العربي (4/ 1721).

(4)

[13264])) رواه الترمذي (2259)، والنسائي (7/ 160)، وابن حبان (1/ 512)(279)، والحاكم (1/ 151). قال الترمذي: صحيح غريب، وصحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (495) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).

(5)

[13265])) ((العزلة للخطابي)) (ص: 92).

(6)

[13266])) رواه أحمد (2/ 371)(8823)، والبيهقي (10/ 101) (20752). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (5/ 249): أحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح خلا الحسن بن الحكم النخعي وهو ثقة، وصح إسناده العجلوني في ((كشف الخفاء)) (2/ 309).

(7)

[13267])) رواه الترمذي (2383)، وابن ماجه (50)، الطبراني في ((الأوسط)) (3/ 261)(3090)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (5/ 339). قال الترمذي: حسن غريب.

(8)

[13268])) رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/ 277).

(9)

[13269])) ((البداية والنهاية)) (9/ 310).

ص: 89

وقال أبو ذر لسلمة: (يا سلمة لا تغش أبواب السلاطين، فإنك لا تصيب من دنياهم شيئًا إلا أصابوا من دينك أفضل منه)(1).

وقال سعيد بن المسيب: (لا تملئوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بالإنكار بقلوبكم لكي لا تحبط أعمالكم الصالحة)(2).

وروى الإمام أحمد عن معمر بن سليمان الرقي عن فرات بن سليمان عن ميمون بن مهران قال: (ثلاث لا تبلون نفسك بهن، لا تدخل على سلطان وإن قلت آمره بطاعة الله، ولا تدخل على امرأة وإن قلت أعلمها كتاب الله، ولا تصغين بسمعك إلى ذي هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك من هواه)(3).

والمراد من كل ما سبق هم سلاطين الجور والظلم، والنهي عن مخالطتهم وإتيانهم بقصد التقرب إليهم وحصول شيء من دنياهم.

وإعانتهم على ظلمهم قد تكون بمجالستهم ومؤازرتهم، وقد تكون بتبرير أخطائهم، بل قد تكون بالسكوت عنهم وعدم إنكار المنكر عليهم، وتكون بالدعاء لهم كما قيل:(من دعا لظالم بالبقاء، فقد أحب أن يعصى الله في أرضه)(4).

قال ابن تيمية: (وقد قال غير واحد من السلف: أعوان الظلمة من أعانهم ولو أنه لاق لهم دواة أو برى لهم قلمًا. ومنهم من كان يقول: بل من يغسل ثيابهم من أعوانهم، وأعوانهم هم أزواجهم المذكورون في الآية)(5).

يقصد قوله تعالى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ

[الصافات: 22].

أما الدخول عليهم على سبيل النصح لهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر فهذا باب آخر

كما أن خلفاء المسلمين العدول تجب مناصحتهم ومؤازرتهم ومشاركتهم في الرأي، وقد كان القراء هم أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته (6).

وقد عقد الغزالي في (إحياء علوم الدين) بابًا فيما يحل من مخالطة السلاطين الظلمة وما يحرم، وحكم غشيان مجالسهم والدخول عليهم والإكرام لهم. فقال:(اعلم أن لك مع الأمراء والعمال الظلمة ثلاثة أحوال (الحالة الأولى) وهي: شرها أن تدخل عليهم. (والثانية) وهي: دونها أن يدخلوا عليك. (والثالثة) وهي: الأسلم أن تعتزل عنهم فلا تراهم ولا يرونك

) (7).

قال: (ولا يجوز الدخول إلا بعذرين:

أحدهما: أن يكون من جهتهم أمر إلزام لا أمر إكرام، وعلم أنه لو امتنع أُوذِي أو (فسد)(8). عليهم طاعة الرعية واضطرب عليهم أمر السياسة، فيجب عليه الإجابة لا طاعة لهم بل مراعاة لمصلحة الخلق حتى لا تضطرب الولاية.

والثاني: أن يدخل عليهم في دفع ظلم عن مسلم سواه أو عن نفسه، إما بطريق الحسبة، أو بطريق التظلم فذلك رخصة بشرط ألا يكذب ولا يثني ولا يدع نصيحة يتوقع لها قبولاً، فهذا حكم الدخول) (9).

ويضاف إلى ما سبق أمر آخر وهو:

الثالث: الدخول عليهم بقصد مناصحتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، كما دل عليه الحديث:((أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)) (10)

(1)[13270])) ((إحياء علوم الدين)) (2/ 142).

(2)

[13271])) رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (8/ 57).

(3)

[13272])) رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (4/ 85).

(4)

[13273])) رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/ 46) عن الثوري.

(5)

[13274])) ((الإيمان)) لابن تيمية (ص: 61).

(6)

[13275])) رواه البخاري (7286).

(7)

[13276])) ((إحياء علوم الدين)) (2/ 142).

(8)

[13277])) كذا ولعلها (فسدت).

(9)

[13278])) ((إحياء علوم الدين)) (2/ 145).

(10)

رواه أبو داود (4344)، والترمذي (2174)، وابن ماجه (3256)، وأحمد (3/ 19)(11159). من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وحسن إسناده ابن الملقن في ((شرح صحيح البخاري)) (19/ 180)، والعيني في ((عمدة القاري)) (15/ 228)، وقال ابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (169): حسن، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).

ص: 90

وقد كان من شدة ورع بعض السلف رضوان الله عليهم أن نهوا عن الدخول عليهم ولو للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله: (وقد كان كثير من السلف ينهون عن الدخول على الملوك لمن أراد أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر أيضًا. وممن نهى عن ذلك عمر بن عبد العزيز، وابن المبارك، والثوري وغيرهم من الأئمة. وقال ابن المبارك: ليس الآمر الناهي من اعتزلهم، وسبب هذا ما يخشى من فتنة الدخول عليهم فإن النفس قد تخيل للإنسان إذا كان بعيدًا عنهم أنه يأمرهم وينهاهم ويغلظ عليهم، فإذا شاهدهم قريبًا مالت النفس إليهم، لأن محبة الشرف كامنة في النفس له ولذلك يداهنهم ويلاطفهم وربما مال إليهم وأحبهم ولا سيما إن لاطفوه وأكرموه وقبل ذلك منهم)(1).

قال: (وقد جرى ذلك لعبد الله بن طاوس مع بعض الأمراء بحضرة أبيه طاوس فوبَّخَهُ على فعله ذلك، وكتب سفيان الثوري إلى عبَّاد بن عبَّاد وكان في كتابه: (إياك والأمراء أن تدنو منهم أو تخالطهم في شيء من الأشياء، وإياك أن تخدع ويقال لك: لتشفع وتدرأ عن مظلوم أو ترد مظلمة، فإن ذلك خديعة إبليس، وإنما اتخذها فجار القراء سلمًا، وما كفيت عن المسألة والفتيا فاغتنم ذلك ولا تنافسهم، وإياك أن تكون ممن يحب أن يعمل بقوله، أو ينشر قوله أو يسمع قوله، فإذا ترك ذلك منه عرف فيه، وإياك وحب الرياسة، فإن الرجل يكون حب الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة، وهو: باب غامض لا يبصره إلا البصير من العلماء السماسرة فتفقد بقلب واعمل بنية، واعلم أنه قد دنا من الناس أمر يشتهي الرجل أن يموت والسلام)(2). الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة لعبدالله بن عمر الدميجي - بتصرف – ص: 397

(1)[13280])) من رسالة شرح حديث: ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم

إلخ لابن رجب (ص: 13) ضمن مجموعة الرسائل المنيرية المجلد الثاني: الجزء الثالث. الرسالة الأولى.

(2)

[13281])) رسالة شرح حديث: ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم

إلخ لابن رجب (ص: 13) ضمن مجموعة الرسائل المنيرية المجلد الثاني: الجزء الثالث. الرسالة الأولى.

ص: 91