المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: الأدلة على فضله من القرآن الكريم - الموسوعة العقدية - جـ ٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌6 - ومن فضلهم: أنهم ورثة الأنبياء

- ‌7 - أنهم ممن أراد الله عز وجل بهم الخير

- ‌8 - أن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين يصلون على معلم الناس الخير

- ‌9 - أن العالم لا ينقطع عمله ما بقي علمه ينتفع به الناس

- ‌10 - العلماء هم الدعاة إلى الله عز وجل

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التحذير من زلة العالم

- ‌المطلب الثاني: أصناف الناس تجاه زلة العالم

- ‌أولاً: اعتقاد عدم عصمة العالم وأن الخطأ لا يستلزم الإثم

- ‌ثانيا: أن نثبت له الأجر ولا نقلده على خطئه

- ‌ثالثا: عدم الاعتماد عليها وترك العمل بها

- ‌رابعا: أن يلتمس العذر للعالم، ويحسن الظن به، ويقيله عثرته

- ‌خامسا: أن يحفظ للعالم قدره، ولا يجحد محاسنه

- ‌سادسا: إسداء النصح له

- ‌المبحث الثالث: خطر الطعن على العلماء، وشؤم الحط من أقدارهم

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف الإمامة لغةً

- ‌المبحث الثاني: تعريف الإمامة اصطلاحاً

- ‌المبحث الثالث: لفظ (الإمام) في الكتاب والسنة

- ‌المبحث الرابع: الترادف بين ألفاظ: الإمام والخليفة وأمير المؤمنين

- ‌المبحث الخامس: استعمالات لفظي الخلافة والإمامة

- ‌تمهيد

- ‌مبحث: الأدلة على وجوب الإمامة

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة

- ‌المطلب الثالث: الإجماع

- ‌المطلب الرابع: القاعدة الشرعية (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)

- ‌المطلب الخامس: دفع أضرار الفوضى

- ‌المطلب السادس: الإمامة من الأمور التي تقتضيها الفطرة وعادات الناس

- ‌المبحث الأول: الإسلام

- ‌المبحث الثاني: البلوغ

- ‌المبحث الثالث: الحرية

- ‌المبحث الرابع: أن يكون ذكرًا

- ‌المبحث الخامس: العلم

- ‌المبحث السادس: العدالة

- ‌المبحث السابع: الكفاءة النفسية

- ‌المبحث الثامن: الكفاءة الجسمية

- ‌المبحث التاسع: عدم الحرص عليها

- ‌المبحث العاشر: القرشية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الواجبات الأساسية

- ‌المقصد الأول: إقامة الدين

- ‌المقصد الثاني: سياسة الدنيا بهذا الدين

- ‌المبحث الثاني: واجبات فرعية

- ‌المبحث الأول: حق الطاعة

- ‌المبحث الثاني: النصرة والتقدير

- ‌المبحث الثالث: المناصحة

- ‌المبحث الرابع: حق المال

- ‌المبحث الخامس: مدة صلاحية الحاكم للإمامة

- ‌المطلب الأول: أداء الصلاة خلف كل بر وفاجر

- ‌المطلب الثاني: الجهاد معه

- ‌المطلب الثالث: الحج معه

- ‌المبحث الأول: مسببات العزل

- ‌المبحث الثاني: حكم الخروج على الأئمة

- ‌تمهيد

- ‌مبحث: حكم تعدد الأئمة

- ‌المبحث الأول: معنى المعروف والمنكر لغة

- ‌المبحث الثاني: معنى المعروف والمنكر شرعاً

- ‌المبحث الثالث: المراد بالمعروف والمنكر عند اجتماعهما، وانفراد أحدهما

- ‌المبحث الأول: فوائد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المبحث الثاني: فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المطلب الأول: الأدلة على فضله من القرآن الكريم

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة على فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المبحث الثالث: الآثار المترتبة على تركه

- ‌المطلب الأول: الحكم العام للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الفرع الأول: حالة كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبا

- ‌الفرع الثاني: حالة كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مستحبا

- ‌الفرع الثالث: حالة كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محرما

- ‌المطلب الثاني: ذكر الشروط غير المعتبرة

- ‌تمهيد

- ‌الفرع الثاني: ذكر ضوابط المصلحة الشرعية

- ‌الفرع الخامس: العمل عند تزاحم المصالح

- ‌الفرع السادس: العمل عند تزاحم المفاسد

- ‌المطلب الثاني: تقليل العلائق مع الناس إن كانت المصلحة في ذلك

- ‌المطلب الثالث: الإسرار بالنصح

- ‌المطلب الرابع: قصد النصح لجميع الأمة

- ‌المطلب الخامس: قصد رحمة الخلق والشفقة عليهم

- ‌المطلب السادس: ستر العورات والعيوب

- ‌المطلب السابع: الاغتمام بمعصية المسلم والتأسف لتعرضه لغضب الله

- ‌المطلب الثامن: الغيرة على المسلمين

- ‌المطلب التاسع: تواضع الآمر الناهي في أمره ونهيه

- ‌المطلب الأول: كونه منكراً

- ‌المطلب الثاني: أن يكون موجوداً في الحال

- ‌المطلب الثالث: أن يكون المنكر ظاهراً من غير تجسس

- ‌المطلب الرابع: ألا يكون المنكر من المسائل المختلف فيها

- ‌المطلب الأول: القدرة والاستطاعة

- ‌المطلب الثاني: ضابط الاستطاعة

- ‌المطلب الأول: تغيير المنكر باليد وأدلته

- ‌الفرع الأول: المنكرات التي يجوز إتلافها باليد

- ‌الفرع الثاني: هل يضمن المنكر ما أتلفه

- ‌المطلب الثالث: شروط تغيير المنكر باليد وضوابطه

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: النهي بالوعظ والنصح والتخويف من الله تعالى

- ‌المطلب الثالث: الغلظة بالقول

- ‌المطلب الرابع: التهديد والتخويف

- ‌المطلب الأول: أهمية التغيير بالقلب

- ‌المطلب الثالث: فوائد الإنكار بالقلب وثمراته

- ‌المطلب الأول: تعريف الهجر لغةً وشرعاً

- ‌المطلب الثاني: أنواع الهجر

- ‌المطلب الثالث: أقسام الناس بالنسبة للهجر

- ‌المطلب الرابع: الهجر المحرم

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أدلة الإنكار على السلطان

- ‌المطلب الثاني: كيفية الإنكار على السلطان

- ‌المبحث السابع: تغيير الابن على والده

- ‌المطلب الأول: إنكار الوالد على أولاده

- ‌المطلب الثاني: إنكار الأم على أولادها

- ‌المبحث التاسع: تغيير الزوجة على زوجها

- ‌الشبهة الأولى: وجوب ترك الاحتساب بحجة تعارضه مع الحرية الشخصية

- ‌الشبهة الثانية: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث لا يضرنا ضلال الضالين

- ‌الشبهة الثالثة: (ترك الحسبة بسبب التقصير والنقص)

- ‌الشبهة الرابعة: (ترك الاحتساب خشية الوقوع في الفتنة)

- ‌الشبهة الخامسة: (ترك الاحتساب بسبب عدم استجابة الناس)

- ‌المطلب الأول: تعريف الولاية والولي لغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الولاية والولي اصطلاحا

- ‌المطلب الثالث: اجتماع الولاية والعداوة

- ‌المبحث الثاني: شروط الولي

- ‌المطلب الأول: أقسام الأولياء

- ‌تمهيد

- ‌مسألة: من أفضل الأولياء

- ‌المبحث الرابع: الشهادة لمعين بالولاية

- ‌المطلب الأول: تعريف الكرامة لغة

- ‌المطلب الثاني: تعريف الكرامة اصطلاحا

- ‌المطلب الأول: ما جاء في الكتاب والسنة

- ‌المطلب الثاني: ما جاء في كرامات الصحابة والتابعين

- ‌المطلب الأول: أنواع الخوارق من ناحية القدرة والتأثير

- ‌المطلب الثاني: أنواع الخوارق من ناحية كونها نعمة أو نقمة

- ‌المطلب الثالث: أنواع الخوارق من ناحية المدح أو الذم أو الإباحة

- ‌المطلب الرابع: أنواع الخوارق من ناحية كونها كمالا أو نقصا

- ‌المبحث الرابع: الفرق بين الكرامة والأحوال الشيطانية

- ‌المبحث الخامس: الفرق بين المعجزة والكرامة

- ‌الفصل الأول: المسح على الخفين

- ‌الفصل الثاني: مسائل فقهية أخرى

- ‌المبحث الأول: تعريف الجن في اللغة

- ‌المبحث الثاني: تعريف الجن اصطلاحا

- ‌المبحث الأول: الأدلة السمعية على وجود الجن

- ‌المبحث الثاني: الأدلة العقلية

- ‌المبحث الثالث: عقائد الناس في الجن

- ‌المبحث الأول: المادة التي خلق منها الجن

- ‌أولا: قدرتهم على التشكل

- ‌ثانيا: مدى إمكانية رؤيتهم

- ‌المطلب الثاني: الجن يتناكحون ويتناسلون

- ‌المطلب الثالث: الجن يأكلون ويشربون

- ‌المطلب الرابع: يتميزون بسرعة الحركة والقدرة على الأعمال الشاقة

- ‌المطلب الخامس: الجن يموتون ويبعثون بعد الموت

- ‌المطلب السادس: ما تعجز عنه الجن

- ‌المبحث الثالث: الأماكن التي يسكنها الجن

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أصناف الجن من حيث أصل خلقتهم، وقوتهم

- ‌المطلب الثاني: أصناف الجن من حيث إنتسابهم إلى قبائل وأماكن

- ‌المطلب الثالث: أصناف الجن من حيث الإيمان والكفر، والصلاح والفساد

- ‌المطلب الأول: تعريف إبليس والشيطان لغة واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: أوصاف إبليس

- ‌1 - الرجيم:

- ‌2 - المارد:

- ‌3 - الوسواس الخناس:

- ‌المطلب الثالث: الجنس الذي منه إبليس

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن على تكليف الجن

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة

- ‌المبحث الثاني: جنس الرسل المبعوثة إلى الجن

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: جزاء كافرهم في الآخرة

- ‌المطلب الثاني: جزاء مؤمنهم في الآخرة

- ‌المبحث الأول: أهداف الشيطان

- ‌المبحث الثاني: أساليب الشياطين في إغواء الناس

- ‌المبحث الثالث: مدى سلطان الشيطان على الإنسان

- ‌المبحث الأول: استراق الجن لأخبار السماء

- ‌المبحث الثاني: ما تلقيه الجن إلى الإنس

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: علاقة الجن بتحضير الأرواح

- ‌المبحث الثاني: حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح

- ‌الفصل الثامن: دخول الجني في الإنسي

- ‌المطلب الأول: الأدلة من الكتاب على لزوم الجماعة

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من السنة في الحث على الجماعة والأمر بلزومها

- ‌الفرع الأول الأدلة من الكتاب على ذم التفرق والتحذير منه

- ‌الفرع الثاني: الأدلة من السنة على ذم التفرق والتحذير منه

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الأدلة من القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: الأدلة من السنة النبوية

- ‌المبحث الثالث: الأدلة من أقوال السلف الصالح

- ‌المطلب الأول: البدعة لغة

- ‌المطلب الثاني: البدعة اصطلاحاً

- ‌المطلب الأول: الأدلة من النظر على ذمِّ البدع

- ‌المطلب الثاني: الأدلة من النقل على ذم البدع

- ‌المبحث الثالث: خطورة البدعة وآثارها السيئة

- ‌المبحث الرابع: أنواع البدع

- ‌المطلب الأول: تقسيم البدعة إلى حقيقية وإضافية

- ‌المطلب الثاني: انقسام البدعة إلى فعلية وتركية

- ‌المطلب الثالث: انقسام البدعة إلى اعتقادية وعملية

- ‌المطلب الرابع: تقسيم البدعة إلى كلية وجزئية

- ‌المطلب الخامس: تقسيم البدعة إلى بسيطة ومركبة

- ‌المطلب السادس: تقسيم البدعة إلى صغيرة وكبيرة

- ‌المطلب السابع: انقسام البدعة إلى عبادية وعادية

- ‌المبحث الخامس: حكم البدعة

الفصل: ‌المطلب الأول: الأدلة على فضله من القرآن الكريم

‌المطلب الأول: الأدلة على فضله من القرآن الكريم

1 -

قوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [آل عمران: 110].

سبب نزولها: قال عكرمة ومقاتل: نزلت في ابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهم وذلك أن مالك بن الضيف ووهب بن يهوذا قالا: نحن أفضل منكم وديننا خير مما تدعونا إليه. فأنزل الله هذه الآية (1).

من المخاطب بهذه الآية؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما هم الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. وقال الضحاك: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة الرواة والدعاة الذين أمر الله بطاعتهم (2).

وقال الحسن البصري ومجاهد وجماعة: الخطاب لجميع الأمة (3).

وهذا القول هو الراجح -والله أعلم- فالخطاب يشمل جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم وذلك للمرجحات التالية:

أ- أن الآية عامة وليس فيها تخصيص صريح يقيدها بالصحابة أو بطائفة منهم.

ب- النصوص الواردة في الكتاب والسنة والتي تبين فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم، منها:

1 -

قوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة: 143].

قال القرطبي رحمه الله وكما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطاً، أي دون الأنبياء وفوق الأمم، والوسط العدل (4).

وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الوسطية بالعدل فقد.

2 -

ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة: 143].

قال (عدلاً)(5).

3 -

وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم فيقال لأمته: هل بلغكم فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، ويشهدون أنه قد بلغ ويكون الرسول عليكم شهيداً فذلك قوله جل ذكره وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (6).

4 -

وقوله صلى الله عليه وسلم ((نحن الآخرون السابقون)) (7).

5 -

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حين مرت جنازة فأثني عليها خيراً فقال: ((وجبت وجبت وجبت)) ثم مر عليه بأخرى فأثني عليها شراً فقال: ((وجبت وجبت وجبت)) فقال عمر: فدى لك أبي وأمي: مر عليك بجنازة فأثني عليها خيراً فقلت: ((وجبت وجبت وجبت)) ومر بجنازة فأثني عليها شراً. فقلت: ((وجبت وجبت وجبت)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((

من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض)) (8).

فهذه النصوص تفيد بمضمونها عموم الأمة، وأن الخطاب ليس مقصوراً على الصحابة ولا على جزء منهم.

(1)((أسباب النزول)) الواحدي (ص: 78).

(2)

رواه الطبري في تفسيره (7/ 102).

(3)

((تفسير البحر المحيط)) (3/ 28).

(4)

((الجامع لأحكام القرآن)) القرطبي (2/ 153)

(5)

رواه البخاري (7349).

(6)

رواه البخاري (4487).

(7)

رواه البخاري (876)، ومسلم (855). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(8)

رواه البخاري (1367)، ومسلم (949). من حديث أنس رضي الله عنه.

ص: 136

وقال القرطبي: قال علماؤنا أنبأنا ربنا تبارك وتعالى في كتابه بما أنعم علينا من تفضيله لنا باسم العدالة وتولية خطير الشهادة على جميع خلقه، فجعلنا أولاً مكاناً وإن كنا آخراً زماناً كما قال عليه السلام ((نحن الآخرون الأولون)).

وهذا دليل على أنه لا يشهد إلا العدول ولا ينفذ قول غير العدول على غيرهم إلا أن يكونوا عدولاً (1).

وهذا القول يزيد ترجيحنا قوة.

وقد اختلف في لفظة كان فقيل هي بمعنى الحدوث والوقوع، والمعنى وجدتم خير أمة وعلى هذا فكان فعل تام، وقيل كان ناقصة وهي عبارة عن وجود الشيء في زمان ماض ولا تدل على انقطاع طارئ بدليل قوله: إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا [سورة النساء: 23]. فعلى هذا التقدير يكون المعنى كنتم خير أمة، وقيل معناه كنتم مذكورين في الأمم الماضية فأنتم خير أمة، وقيل معناه كنتم في اللوح المحفوظ موصوفين بأنكم خير أمة (2).

وقال الرازي في تفسيره: المعنى أنكم (كنتم) في اللوح المحفوظ خير الأمم وأفضلها، فاللائق بهذا ألا تبطلوا على أنفسكم هذه الفضيلة وأن لا تزيلوا عن أنفسكم هذه الخصلة المحمودة وأن تكونوا منقادين مطيعين في كل ما يتوجه عليكم من التكاليف (3).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال في قوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110] قال: ((خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا الإسلام)) (4).

وقال قتادة: (هم أمة محمد- صلى الله عليه وسلم لم يؤمر نبي قبله بالقتال فهم يقاتلون الكفار فيدخلونهم في الإسلام فهم خير أمة أخرجت للناس)(5).

وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في قوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ قال ((إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله)) (6).

فالله سبحانه وتعالى يخبر في هذه الآية الكريمة بأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الأمم التي خلقت من قبل وذلك بسبب فضائل كثيرة منها أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وحري بكل مسلم يتلو هذه الآية أو يسمعها أن يطبق ما تدعو إليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل عليه أن يطبقه على نفسه أولاً ثم على إخوانه المسلمين وغيرهم ثانياً، فيفعل الخير ويأمر به ويتجنب الشر ويحذر منه وليعلم أنه متى ترك هذا الجانب المهم (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) فإنه يفقد الفضيلة التي وصف الله بها المؤمنين.

لذا ينبغي لكل مسلم ولا سيما الدعاة أن يجعلوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جزءاً من حياتهم.

2 -

ويقول تعالى: لَاّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: 114].

(1)((الجامع لأحكام القرآن)) القرطبي (2/ 156، 157).

(2)

((روح المعاني)) الألوسي (5/ 270هـ)

(3)

((التفسير الكبير ومفاتيح الغيب)) الفخر الرازي (4/ 173هـ)

(4)

رواه البخاري (4557).

(5)

((تفسير العلامة أبي السعود)) (1/ 533)

(6)

رواه الترمذي (3001)، وابن ماجه (3480)، وأحمد (5/ 3)(20041)، والحاكم (4/ 94)، والبيهقي (9/ 5) (18172). قال الترمذي: حسن، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (6/ 112)، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (8/ 73): حسن صحيح، وله شاهد مرسل رجاله ثقات.

ص: 137

النجوى السر بين الاثنين أو الجماعة، تقول ناجيت فلاناً ونجا، وهم يتناجون، ونجوت فلاناً أنجوه نجوى أي أناجيه، فنجوت مشتقة من نجوت الشيء أنجوه: أي أخلصته وأفردته، والنجوة من الأرض المرتفع لانفراده بارتفاعه عما حوله. فالنجوى المسارة (1).

وقال جماعة من المفسرين: إن النجوى كلام الجماعة المنفردة أو الاثنين سواء كان ذلك سراً أو جهراً (2).

وقيل النجوى: الإسرار في التدبير (3).

معنى الآية: لا خير فيما يتناجى فيه الناس ويخوضون فيه من الحديث إلا فيما كان من أعمال الخير (4).

وقال القشيري: أفضل الأعمال ما كانت بركاته تتعدى صاحبه إلى غيره، ففضيلة الصدقة يتعدى نفعها إلى من تصل إليه، والفتوة أن يكون سعيك لغيرك، وأما المعروف فكل حسن في الشرع معروف، ومن ذلك إنجاد المسلمين وإسعادهم فيما لهم فيه قربة إلى الله وزلفى عنده، وإعلاء التواصي بالطاعة، ومن تصدق بنفسه على طاعة ربه وتصدق بقلبه على الرضى بحكمه ولم يخرج بالانتقام لنفسه، وحث الناس على ما فيه نجاتهم بالهداية إلى ربهم وأصلح بين الناس بصدقه في حاله، فإن لسان فعله أبلغ في الوعظ من لسان نطقه (5).

فالله سبحانه وتعالى بين أنه لا خير فيما يتناجى فيه الناس إلا ما كان فيه الحث على الصدقة وفعل المعروف والإصلاح بين الناس.

3 -

قوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بالمعروف وينهون عن المنكر وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 71].

قال أبو السعود في قوله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض: بيان لحسن حال المؤمنين والمؤمنات حالاً ومالاً إثر بيان قبح حال أضدادهم عاجلاً وآجلاً (6).

وقيل: قلوبهم متحدة في التواد والتحاب والتعاطف (7).

وأما قوله: يَأْمُرُونَ بالمعروف وينهون عن المنكر [التوبة: 71] أي يأمرون بعبادة الله تعالى وتوحيده وكل ما أتبع ذلك، وينهون عن عبادة الأوثان وكل ما أتبع ذلك (8).

فالآية تفيد أن المؤمنين جميعاً من رجال ونساء ينطلقون من قاعدة واحدة، وهي أنهم يأمرون بالأمور الحسنة والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة وينهون عن كل ما خالف الشرع من العقائد الفاسدة والأعمال السيئة والأخلاق الرديئة، ومن هذا شأنه أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ [التوبة: 71] يدخلهم الله في رحمته ويشملهم بإحسانه (9).

وقال الزمخشري في تفسيره: السين مفيدة وجوب الرحمة لا محالة، فهي تؤكد الوعد والوعيد (10).

إذاً فمن هذه صفته يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فإن الله سبحانه وتعالى يدخله في رحمته، وذلك فضل منه وتكرم وإحسان وليس من باب الوجوب فالله سبحانه وتعالى لا يجب عليه شيء ولو عامل عباده بعدله لم ينج منهم أحد.

(1) انظر: ((الصحاح)) الجوهري (6/ 2501، 2503).

(2)

((فتح القدير)) الشوكاني (2/ 514، 515)

(3)

((تفسير البغوي)) (1/ 479).

(4)

((روح المعاني)) الألوسي (5/ 403).

(5)

((لطائف الإشارات)) القشيري (1/ 363، 364).

(6)

((تفسير أبي السعود)) (4/ 82).

(7)

((الجامع لأحكام القرآن)) القرطبي م3، 4 (4/ 203).

(8)

((الجامع لأحكام القرآن)) القرطبي م3، 4 (4/ 203).

(9)

((تيسير الكريم الرحمن)) عبد الرحمن السعدي (3/ 264)

(10)

((تفسير الكشاف)) م1، 2 (2/ 203).

ص: 138

4 -

وقوله تعالى: لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بالمعروف وينهون عن المنكر وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ [آل عمران: 113 - 114]

سبب نزولها:

قال الواحدي: قال ابن عباس ومقاتل: لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سَعْيَة وأسيد بن سَعْيَة وأسعد بن عبيد ومن أسلم من اليهود قالت أحبار اليهود: ما آمن لمحمد إلا شرارنا ولو كانوا من خيارنا لما تركوا دين آبائهم وقالوا لهم: لقد خنتم واستبدلتم بدينكم ديناً غيره فأنزل الله هذه الآية (1).

معنى الآية:

ليسوا سواء تفرقة بين هاتين الفرقتين من أهل الكتاب اليهود والنصارى وأنهم ليسوا سواء على وضع واحد في موقفهم من الإسلام والمسلمين، وإذا كانت الآية الكريمة قد فرقت بين الفرقتين فإنها لم تحدد أي الفريقين من أهل الكتاب هو المتجه إليه الحكم في قوله من أهل الكتاب.

أمة قائمة في إطلاق الحكم هكذا بحيث يدخل فيه الفريقان معاً حكم عظيمة تبين أنه في كلا الفريقين من أهل الكتاب اليهود والنصارى جماعات قائمة على الحق مؤمنة بالله واليوم الآخر تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر (2).

فمعنى الآية ليس أهل الكتاب على حد سواء، بل منهم المجرم ومنهم المسلم القائم على الحق المستقيم على الهدى التالي لآيات الله والساجد له والمؤمن بالبعث بعد الموت الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر. ومن كانت هذه حاله فهو من (الصالحين) أي من جملة من صلحت أحوالهم عند الله عز وجل واستحقوا رضاه وثناءه (3).

فالله سبحانه وتعالى أثنى عليهم لاتصافهم بالصفات المذكورة ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

5 -

وقوله تعالى: التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [التوبة: 112].

أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال من مات على هذه التسع فهو في سبيل الله التائبون العابدون (4) الآية.

التائبون الراجعون إلى طاعة الله تعالى عن الحالة المخالفة للطاعة.

وهل المراد التوبة من الشرك أو من كل معصية أو الأظهر أنه من كل معصية؟

قال في فتح البيان ( .. ثم قيل المراد بالتوبة عن الشرك والبراءة من النفاق وقيل من كل معصية)(5).

(العابدون) المؤدون لما أوجب الله عليهم من الطاعات القولية والفعلية (6).

(السائحون) الصائمون (7).

(الراكعون الساجدون) المكثرون من الركوع والسجود في صلاة الفرض والنفل (8).

(الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر).

أي الآمرون بجميع ما أمر الله ورسوله بفعله والناهون عن جميع ما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بتركه.

قال المراغي: أي الداعون إلى الإيمان وما تبعه من أعمال البر والخير والناهون عن الشرك وما بسبيله من المعاصي والسيئات (9).

(1)((أسباب النزول)) الواحدي (ص: 87).

(2)

((التفسير القرآني للقرآن)) عبد الكريم الخطيب (1/ 561).

(3)

انظر إلى: ((زاد المسير)) ابن الجوزي (1/ 442).

(4)

((الدر المنثور في التفسير المأثور)) السيوطي (3/ 281).

(5)

((فتح البيان في مقاصد القرآن)) صديق خان (4/ 205).

(6)

انظر ((تفسير التحرير والتنوير)) محمد عاشور (11/ 91).

(7)

((زاد المسير)) ابن الجوزي (3/ 506).

(8)

((زاد المسير)) ابن الجوزي (3/ 506).

(9)

((تفسير المراغي)) (4/ 34).

ص: 139

(والحافظون لحدود الله) أي الحافظون لشرائعه وأحكامه التي بين فيها ما يجب على المؤمنين اتباعه وما يحظر عليهم فعله منها، وكذا ما يجب على أئمة المسلمين وأولي الأمور منهم إقامته وتنفيذه بالعمل في أفراد المسلمين وجماعتهم إذا أخلوا بما يجب عليهم حفظه منها (1).

(وبشر المؤمنين) أي وبشر المؤمنين المتصفين بالصفات المذكورة في الآية الكريمة.

ففي هذه الآية دليل على فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الله أثنى عليهم وبشرهم.

وفي الآية إظهار في مقام الإضمار اعتناء بهم وتشريفاً لقدرهم وحذف المبشر به إشارة إلى أنه لا يدخل تحت الحصر بل لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (2).

6 -

وقوله تعالى: فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلَاّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ [هود: 116].

فهذا دليل على فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث إنه كان سبباً لنجاة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وهلاك الآخرين.

يقول الشيخ: عبد الرحمن السعدي:

(وهذا حث لهذه الأمة أن يكون فيهم بقايا مصلحون لما أفسد الناس قائمون بدين الله يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى ويبصرونهم من العمى، وفي هذه الحالة أعلى حالة يرغب فيها الراغبون وصاحبها يكون إماماً في الدين إذا جعل عمله خالصاً لرب العالمين)(3).

7 -

وقوله تعالى: واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ [الأعراف: 163 - 165].

فالله سبحانه وتعالى يخبر عن أهل هذه القرية أنهم صاروا إلى ثلاث فرق، فرقة ارتكبت المحذور واحتالوا على اصطياد السمك يوم السبت، وفرقة نهت عن ذلك واعتزلتهم، وفرقة سكتت فلم تفعل ولم تنه ولكنها قالت للمنكرة لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا أي لم تنهون هؤلاء وقد علمتم أنهم قد هلكوا واستحقوا العقوبة من الله فلا فائدة في نهيكم إياهم قالت لهم المنكرة: مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ أي نفعل ذلك مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ أي فيما أخذ علينا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ولعلهم بهذا الإنكار يتقون ما هم فيه ويتركونه ويرجعون إلى الله فإذا تابوا تاب الله عليهم ورحمهم فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أي فلما أبى الفاعلون قبول النصيحة أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ ارتكبوا المعصية بِعَذَابٍ بَئِيسٍ فنص على نجاة الناهين وهلاك الظالمين وسكت عن الساكتين لأن الجزاء من جنس العمل، فهم لا يستحقون مدحاً فيمدحون ولا ارتكبوا عظيماً فيذمون (4).

(1)((تفسير المراغي)) (4/ 34).

(2)

((الصاوي على الجلالين)) (2/ 146).

(3)

((تيسير الكريم الرحمن)) (3/ 468، 469).

(4)

انظر ((تفسير ابن كثير)) (2/ 257).

ص: 140

وقد اختلف المفسرون في الفرقة الساكتة هل نجت أم هلكت؟

فقال القرطبي رحمه الله:

إن الطائفة التي لم تنه ولم تعص هلكت مع العاصية عقوبة على ترك النهي قاله ابن عباس وقال أيضاً: ما أدري ما فعل الله بهم. وهو الظاهر من الآية. قال عكرمة: قلت لابن عباس لم قلت ما أدري ما فعل الله بهم؟! ألا ترى أنهم قد كرهوا ما هم عليه وخالفوهم فقالوا لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ فلم أزل به حتى عرفته أنهم نجوا فكساني حلة (1).

ورجح أيضاً أبو السعود أن الفرقة الساكتة نجت يقول في قوله تعالى: أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وهم الفريقان (2).

والآية الكريمة لم تذكر صراحة إلا الفريقين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والمهلكين.

والأولى - عندي -:

ترك الخوض في أمرهم ونكل علم ذلك إلى الله تعالى. وإن كنا نجزم أن درجتهم أقل من درجة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. ويكفي في نزول درجتهم سكوت الله تعالى عنهم والله تعالى أعلى وأعلم.

والمهم أن نعرف أن الله سبحانه وتعالى بين لنا في هذه الآية الكريمة أنه أنجى الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر من العذاب الذي أصاب القوم. وهذا دليل على فضله وعظمته حيث كان سبباً في نجاة أهله ..

8 -

قول الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90]

وقد اختلف المفسرون في معنى العدل والإحسان في الآية.

فقال ابن عباس رضي الله عنهما العدل: لا إله إلا الله. والإحسان أداء الفرائض.

وقيل العدل: الفرض، والإحسان: النافلة.

وقال سفيان بن عيينة: العدل ههنا استواء السريرة، والإحسان أن تكون السريرة أفضل من العلانية. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه العدل الإنصاف والإحسان التفضل (3).

وقيل: العدل هو القيام على طريق الحق في كل أمر، فمن أقام وجوده على العدل استقام على طريق مستقيم فلم ينحرف عنه أبداً ولم تتفرق به السبل. والإحسان إحسان مطلق يتناول كل قول يقوله الإنسان وكل عمل يعمله، بل الإحسان هو الإيمان بالله على أتم صورة وأكملها بحيث لا يبلغ درجة الإحسان إلا من عبد الله على هذا الوجه الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم ((أن تعبد الله كأنك تراه)) (4).

قلت: والعدل والإحسان يشمل كل ما ذكره المفسرون بل أوسع مما ذكروه بكثير والله أعلم.

وإيتاء ذي القربى يعني ويأمر بصلة الرحم وهم القرابة الأدنون والأبعدون منك فيستحب أن تصلهم من فضل ما رزقك الله فإن لم يكن لك فضل فدعاء حسن (5).

(وينهى عن الفحشاء والمنكر) الفحشاء ما قبح من القول والفعل فيدخل فيه الزنا وغيره من جميع الأقوال والأفعال، (والمنكر) ما لا يعرف في شريعة ولا سنة (والبغي) الكبر والظلم والتطاول على الغير (6).

يعظكم لعلكم تذكرون أي يعظكم بما يأمر وينهى طلباً لأن تتعظوا بذلك (7).

فبين سبحانه وتعالى في هذه الآية أنه ينهى عن الفحشاء والمنكر. فيكفي شرفاً للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر أنهم ينهون عما ينهى عنه الله سبحانه وتعالى فهم في حقيقة الأمر منفذون لأمر الله تعالى داعين إلى تنفيذه.

(1)((الجامع لأحكام القرآن)) القرطبي (7/ 307).

(2)

((تفسير أبي السعود)) (2/ 423).

(3)

ذكر ذلك كله القرطبي في ((الجامع لأحكام القرآن)) م5 (10/ 165).

(4)

جزء من حديث رواه البخاري (50)، ومسلم (9). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(5)

((تفسير الخازن)) (3/ 131).

(6)

((تفسير الخازن)) (3/ 131).

(7)

((تفسير أبي السعود)) (3/ 395).

ص: 141

9 -

وقوله تعالى: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج: 40 - 41].

يقول الفخر الرازي: ولولا دفاع الله أهل الشرك بالمؤمنين من حيث يأذن لهم في جهادهم وينصرهم على أعدائهم لاستولى أهل الشرك على أهل الأديان وعطلوا ما يبغونه من مواضع العبادة ولكنه دفع هؤلاء بأن أمر بقتال أعداء الدين ليتفرغ أهل العبادة وبناء البيوت لها. لهذا المعنى ذكر الصوامع والبيع والصلوات وإن كانت لغير أهل الإسلام (1).

وقيل لولا هذا الدفع لهدمت في زمن موسى الكنائس وفي زمن عيسى الصوامع والبيع وفي زمن محمد صلى الله عليه وسلم المساجد (2).

وقيل لولا دفع الله ظلم الظلمة بعدل الولاة، وقيل لولا دفع الله العذاب بدعاء الأخيار (3).

والصوامع: قيل إنها صوامع الرهبان. قاله ابن عباس وأبو العالية ومجاهد، وقيل إنها صوامع الصابئين. قاله قتادة.

وأما البيع فقيل: هي بيع النصارى. وأما الصلوات فقيل: إنها كنائس اليهود وقيل مساجد الصابئين.

وأما المساجد: فقيل مساجد المسلمين قاله ابن عباس (4).

وروي عن الحسن أنها بأسرها أسماء المساجد، أما الصوامع فلأن المسلمين قد يتخذون الصوامع، وأما البيع فأطلق هذا على المساجد على سبيل التشبيه، وأما الصلوات فالمعنى أنه لولا ذلك الدفع لانقطعت الصلوات ولخربت المساجد (5) ولا يخفى علي أوالقول من بعد. والذي حمله على ذلك هو أنه لا يمكن أن يدافع عن هذه الأماكن والعبادة فيها باطلة ولكن المعنى: أن هذه الأماكن مع أنها مخصصة للعبادة لا يشفع لها في نظر الباطل أن اسم الله يذكر فيها

(6).

وقوله وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ أي ينصر دينه وأولياءه فهو قوي على نصر أوليائه والانتقام من أعدائه.

وقوله: الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ هذا إخبار عما ستكون عليه سيرة المهاجرين إن مكنهم الله في الأرض وبسط لهم الدنيا كيف يقومون بأمر الدين. وفيه دليل على صحة أمر الخلفاء الراشدين لأن الله تعالى أعطاهم التمكين ونفاذ الأمر مع السيرة العادلة وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ أي مرجعها إلى تقديره وفيه تأكيد لما وعد من إظهار أوليائه وإعلاء كلمته (7).

وقال سيد قطب رحمه الله:

(1)((تفسير الفخر الرازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب) م12 (23/ 40، 41)

(2)

((فتح القدير)) الشوكاني (3/ 457).

(3)

((فتح القدير)) الشوكاني (3/ 457).

(4)

ذكر هذه الأقوال ابن الجوزي ((زاد المسير)) (5/ 436، 437).

(5)

((تفسير الفخر الرازي)) م11 (23/ 41).

(6)

انظر إلى ((الظلال)) سيد قطب (4/ 2425).

(7)

((تفسير القرآن الجليل)). المسمى ((بمدارك التنزيل وحقائق التأويل)) النسفي (3/ 279هـ).

ص: 142

الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ فحققنا لهم النصر وثبتنا لهم الأمر أَقَامُوا الصَّلَاةَ فعبدوا الله ووثقوا صلتهم به واتجهوا إليه طائعين خاضعين مستسلمين وآتوا الزكاة فأدوا حق المال وانتصروا على شح النفس، وتطهروا من الحرص، وغلبوا وسوسة الشيطان، وسدوا خلة الجماعة، وكفلوا الضعاف فيها والمحاويج، وحققوا لها صفة الجسم الحي، وأمروا بالمعروف فدعوا إلى الخير والصلاح ودفعوا إليه الناس، ونهوا عن المنكر فقاوموا الشر والفساد، وحققوا بهذا وذاك الأمة المسلمة التي لا تبقي على منكر وهي قادرة على تغييره، ولا تقعد عن معروف وهي قادرة على تحقيقه. هؤلاء هم الذين ينصرون الله إذ ينصرون نهجه الذي أراده للناس في الحياة معتزين بالله وحده دون سواه وهؤلاء هم الذين يعدهم الله بالنصر على وجه التحقيق واليقين (1).

فالله سبحانه وتعالى في آخر هذه الآيات وضع الأسس والقواعد للطائفة الحاكمة، وبين أن القيام بهذه القواعد سبب للتثبيت والنصر وأن الإخلال بها أو ببعضها سبب للهزيمة والإبعاد وربما يصحب ذلك عذاب. وهذه القواعد:

1 -

أن تقيم الصلاة في نفسها وفي مجتمعها وأن تؤدى كما يؤديها المصطفى صلى الله عليه وسلم كاملة الشروط والأركان والواجبات

2 -

وأن تؤدي الزكاة من نفسها أولاً ثم هي تأخذها من الأغنياء وتردها على الفقراء والمحتاجين ثانياً.

3 -

وأن تأتمر بالمعروف وتنتهي عن المنكر أولاً ثم هي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتناصر أهله وتحميهم وتعينهم على ذلك ثانياً.

فإذا حققت هذه الأسس كتب الله لها البقاء والنصر وإذا خالفت فلترتقب زوالها وخذلانها في أية ساعة من ليل أو نهار.

وهذا دليل واضح في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث إنه كان سبباً أساسياً في النصر إن أقيم أو الهزيمة إن ترك.

10 -

قول الله تعالى: لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [المائدة: 63].

قال في البحر المحيط: لولا تخصيص يتضمن توبيخ العلماء والعباد على سكوتهم عن النهي عن معاصي الله تعالى والأمر بالمعروف (2).

وقال الطبري رحمه الله: هلا ينهى هؤلاء الذين يسارعون في الإثم والعدوان وأكل الربا في الحكم من اليهود من بني إسرائيل ربانيوهم وهم أئمتهم المؤمنون وساستهم العلماء، وأحبارهم وهم علماؤهم وقوادهم عن قولهم الإثم يعني قول الكذب والزور وذلك أنهم كانوا يحكمون فيهم بغير ما أنزل الله. ثم يقولون هذا حكم الله وأكلهم السحت يعني الرشوة (3).

وقال أيضا رحمه الله: ما في القرآن أشد توبيخاً للعلماء من هذه الآية ولا أخوف عليهم منها (4).

فالآية فيها تخصيص يتضمن توبيخاً من جهة، ومن جهة أخرى فإذا كان الله تعالى ذم كبار القوم لعدم قيامهم بالأمر بالمعروف فإنه بالمقابل يحب الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

وإذا كان الله سبحانه وتعالى رغب في الأمر بالمعروف وبين فضله من خلال النصوص السابقة فإنه رهب الذين يتركونه ولعنهم فقال تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ [المائدة: 78، 79].

(1)((في ظلال القرآن)) سيد قطب (4/ 2427، 2428).

(2)

((البحر المحيط)) أبو حيان (3/ 522).

(3)

((تفسير الطبري)) (6/ 192، 193).

(4)

((تفسير الطبري)) (6/ 192، 193).

ص: 143

أي لعنهم الله جل وعلا في الإنجيل والزبور على لسان هذين النبيين عليهما السلام بأن أنزل الله سبحانه وتعالى: ملعون من يكفر من بني إسرائيل بالله أو بأحد من رسله عليهم السلام (1).

وقيل: لعن الأسلاف والأخلاف ممن كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم على لسان داود وعيسى بن مريم لأنهما أعلما أن محمداً صلى الله عليه وسلم نبي مبعوث فلعنا من يكفر به (2).

ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ أي لم يكن اللعن الشنيع الذي كان سبب المسخ إلا لأجل المعصية والاعتداء لا شيء آخر، ثم فسر المعصية بقوله: كانوا لا يتناهون لا ينهى بعضهم بعضاً عن منكر فعلوه للتعجب من سوء فعلهم مؤكداً لذلك بالقسم.

فيا حسرة على المسلمين في إعراضهم عن باب التناهي عن المناكير وقلة عبئهم به كأنه ليس من ملة الإسلام في شيء مع ما يتلون من كلام الله وما فيه من المبالغات في هذا الباب (3).

وقيل لا ينهى بعضهم بعضاً عن معاودة منكر فعلوه أو عن مثل منكر فعلوه أو عن منكر أرادوا فعله وتهيؤوا له ولا ينهون عنه (4).

فالله سبحانه وتعالى لعن بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام بسبب أمور منها: أنهم لا يتناهون عن المنكرات الموجودة لديهم. وفي ذلك تحذير لأمة محمد صلى الله عليه وسلم حتى لا يتهاونوا في هذا الباب.

وقد جاءت السنة النبوية المطهرة موضحة هذا الجانب ومحذرة من مشابهة بني إسرائيل في تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول له: اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إلى قوله فاسقون ثم قال: كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم أو لتأطرنه على الحق أطراً أو لتقصرنه على الحق قصراً)) (5) وفي رواية ((أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم)) (6).

فهذا الحديث يدل على الحث على القيام بالمعروف والنهي عن المنكر والحذر من تركهما. فقد يصيب الأمة ما أصاب بني إسرائيل من اللعن بسبب تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعبد العزيز بن أحمد المسعود - بتصرف - ص 109

(1)((روح المعاني)) الألوسي (6/ 211) بتصرف.

(2)

((الجامع لأحكام القرآن)) القرطبي (6/ 252).

(3)

((تفسير الكشاف)) الزمخشري (2/ 42).

(4)

((تفسير البيضاوي)) (ص: 159).

(5)

رواه أبو داود (4336)، ورواه الترمذي (3047)، وابن ماجه (799)، وأحمد (1/ 391)(3731). من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن غريب، وقال ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (1/ 194): إسناده ثقات، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه عندهم، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (4/ 489)، وقال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (5/ 268): إسناده ضعيف، وضعفه الألباني في ((ضعيف سنن أبو داود)).

(6)

رواها أبو داود (4337)، والبيهقي (10/ 93)(19983)، وأبو يعلى (9/ 27) (5094). من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. قال ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (1/ 194): إسناده ثقات، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه عندهم، قال الذهبي في ((تلخيص العلل المتناهية)) (281): فيه خالد بن عمرو كذاب، وضعف هذه الرواية الألباني في ((ضعيف الجامع الصغير)) (1822).

ص: 144