الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: أنواع الهجر
النوع الأول: الهجر كلية. ويكون ذلك للكفار فلا يجالسهم ولا يسلم عليهم ولا يؤاكلهم ولا يشاربهم فلا علاقة معهم مطلقاً.
يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: 51].
ويقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء [الممتحنة: 1].
ويقول تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة: 22] الآية.
وغير ذلك من النصوص التي تفيد وجوب هجر الكفار وتركهم وعدم محبتهم مهما كانوا، حتى ولو كانوا من الأقربين.
النوع الثاني: هجر كلي لمدة مؤقتة كشهر أو شهرين أو أقل أو أكثر حسب ما تقتضيه مصلحة صلاحه. كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته مع الثلاثة الذين خلفوا.
ولما ورد في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم على بعض ثم قال: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ [المائدة: 78 - 81] إلى قوله فاسقون)) (1).
فهؤلاء ذمهم الله تعالى رغم أنهم أمروهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر ولكن لما أصروا على فعلهم لم يهجروهم بل آكلوهم وشاربوهم ولذلك عاتبهم الله.
النوع الثالث: هجر جزئي كأن يهجره في بعض جوانب التعامل فقط.
مثل هجر الزوجة في المنام فقط لتأديبها.
يقول تعالى: وَاللَاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً [النساء: 34].
والهجر: أن يوليها ظهره فلا ينام معها في فراش أو تحت لحاف واحد (2).
وفي المسند عن حكيم بن معاوية عن أبيه في حديثه الطويل قلت:
((ما حق زوجة أحدنا عليه قال: تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت)) (3). الحديث. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثرهما في حفظ الأمة لعبد العزيز المسعود – ص 535
(1) رواه أبو داود (4336)، ورواه الترمذي (3047)، وابن ماجه (799)، وأحمد (1/ 391)(3731). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن غريب، وقال ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (1/ 194): إسناده ثقات، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه عندهم، وقال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (5/ 268): إسناده ضعيف، وضعفه الألباني في ((ضعيف سنن أبو داود)).
(2)
انظر: ((الكشاف)) الزمخشري م1 (1/ 244).
(3)
رواه أبو داود (2142)، وابن ماجه (1850)، وأحمد (4/ 447)(20027)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (5/ 373)(9171). والحديث سكت عنه أبو داود، وحسنه النووي في ((رياض الصالحين)) (149) وابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (3/ 301) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وصحح إسناده أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/ 277)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح.