الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: أن يكون ذكرًا
من شروط الإمام أن يكون ذكرًا (ولا خلاف في ذلك بين العلماء)(1).
ويدل عليه ما ثبت في (صحيح البخاري) وغيره من حديث أبي بكرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن فارسًا ملَّكوا ابنة كسرى قال: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) (2). وقد ورد في القرآن الكريم كثير من الآيات الدالة على تقديم الرجال على النساء من ذلك قوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ
…
[النساء: 34] وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن ((النساء ناقصات عقل ودين)) (3).
والإمامة تحتاج إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة، لذلك لا تقبل شهادتها إلا إذا كان معها رجل، وقد نبَّه الله على ضلالهن ونسيانهن بقوله تعالى: أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى [البقرة: 282]
…
كما أن إمامة المسلمين تقتضي الدخول في المحافل ومخالطة الرجال وقيادة الجيوش ونحو ذلك، وهذا محظور على النساء شرعًا بقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب: 33] وغيرها.
يقول الغزالي: (الرابع الذكورية، فلا تنعقد الإمامة لامرأة، وإن اتصفت بجميع خلال الكمال وصفات الاستقلال، وكيف تترشح امرأة لمنصب الإمامة وليس لها منصب القضاء ولا منصب الشهادة في أكثر الحكومات)(4). وقال البغوي: (اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إمامًا ولا قاضيًا، لأن الإمام يحتاج إلى الخروج لإقامة أمر الجهاد والقيام بأمور المسلمين، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات، والمرأة عورة لا تصلح للبروز وتعجز لضعفها عن القيام بأكثر الأمور، ولأن المرأة ناقصة والإمامة والقضاء من كمال الولايات فلا يصلح لها إلا الكامل من الرجال)(5).
والواقع يشهد لذلك فالناس بتجاربهم يعرفون أنه لا يصلح للإمامة إلا الرجال وإن صار منهن في منصب رئاسة الدولة فإنما كان نادرًا ولظروف استثنائية. وكذلك طبيعة المرأة النفسية والجسمية لا تتلاءم أبدًا مع هذا المنصب، فكما هو معروف أن طبيعة المرأة يلاحظ عليها إرهاف العاطفة وسرعة الانفعال وشدة الحنان (وقد خلقت هذه الصفات في المرأة لتستطيع بها أن تؤدي وظيفتها الأولى وهي الأمومة والحضانة)(6) وإذا كانت هذه الصفات لازمة في مضمار الأمومة والحضانة فقد تكون ضارة في مضمار القيادة والرئاسة، أما الرجل فلا يندفع في الغالب - مع عواطفه ووجدانه - كما تندفع المرأة، بل يغلب عليه الإدراك والفكر والروي وهما قوام المسؤولية والقيادة.
لذلك فإن الله سبحانه وتعالى شرع للرجل ما يلائم بنيته الجسمية والنفسية كالجهاد والقيادة ونحو ذلك، وشرع للمرأة ما يلائم تكوينها أيضًا من تربية وحضانة وأعمال أخرى تلائمها.
هذا وقد حكى الإجماع على عدم جواز تولية المرأة الإمامة ابن حزم الظاهري حيث قال: (وجميع فرق أهل القبلة ليس منهم أحد يجيز إمامة المرأة)(7) وكذلك القرطبي (8). وخالف في ذلك الخوارج، فهناك فرقة منهم تقول بجواز ذلك وهي: الشبيبية (أتباع شبيب بن يزيد الشيباني) قال البغداي عنهم: (إنه من أتباعه أجازوا إمامة المرأة منهم إذا قامت بأمورهم وخرجت على مخالفيهم وزعموا أن غزالة أم شبيب كانت الإمام بعد قتل شبيب إلى أن قتلت)(9).
هذا عن الإمامة أما القضاء فلبعض العلماء فيه رأي، ولكن جمهورهم يمنع ذلك قال ابن التين فيما حكاه عنه ابن حجر:(احتج بحديث أبي بكرة - الآنف الذكر - من قال لا يجوز أن تولى المرأة القضاء. وهو قول الجمهور وخالف ابن جرير الطبري فقال: يجوز أن تقضي فيما تقبل شهادتها فيه، وأطلق بعض المالكية الجواز)(10) وروي ذلك عن أبي حنيفة: (أنها تلي الحكم فيما تجوز فيه شهادة النساء)(11). الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة لعبدالله بن عمر الدميجي – ص: 243
(1)[12964])) ((أضواء البيان)) (1/ 55)، وعدّه ابن حزم من المسائل المجمع عليها. انظر:((مراتب الإجماع له)) (ص: 125).
(2)
[12965])) رواه البخاري (4425).
(3)
رواه البخاري (304) واللفظ له، ومسلم (79، 80). من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(4)
[12967])) ((فضائح الباطنية)) (ص: 180).
(5)
[12968])) ((شرح السنة)) للبغوي (10/ 77).
(6)
[12969])) ((الإسلام)) لأحمد شلبي (ص: 226).
(7)
[12970])) ((الفصل)) (4/ 110).
(8)
[12971])) أحكام القرآن (1/ 271).
(9)
[12972])) ((الفرق بين الفرق)) (ص: 110). وعند الذهبي: (أنها امرأته استخلفها بعده، فدخلت الكوفة، وقامت خطيبة وصلَّت الصبح بهم في الجامع فقرأت في الركعة الأول بالبقرة وفي الثانية بآل عمران
…
). راجع: ((تاريخ الإسلام)) (3/ 160)، و ((الخطط)) (2/ 355)، و ((المعارف)) لابن قتيبة (ص: 180).
(10)
[12973])) ((فتح الباري)) (13/ 56).
(11)
[12974])) ((فتح الباري)) (8/ 128).