المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتاب اللُّقَطَة ــ كتاب اللقطة هي بفتح القاف على المشهور عند اللغويين الشيء - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٦

[الدميري]

الفصل: ‌ ‌كِتاب اللُّقَطَة ــ كتاب اللقطة هي بفتح القاف على المشهور عند اللغويين الشيء

‌كِتاب اللُّقَطَة

ــ

كتاب اللقطة

هي بفتح القاف على المشهور عند اللغويين الشيء الملتقط، وادعى الأزهري: أنه الذي سُمع من العرب وأجمع عليه أهل اللغة ورواة الأخبار، وقال الخليل هي بفتح القاف: الرجل الملتقِط، وبإسكانها: الشيء الملتقَط؛ لأن فُعَلَة - مثل ضُحكة ولحفة (للفاعل)، وفُعلَة للمفعول، وسوى ابن سيده بين اللغتين، ويقال لها أيضًا: لقاطة ولقط بفتح اللام والقاف بلا هاء.

قال الأزهري: وهي مخصوصة بغير الحيوان؛ فإنه يسمى: ضالة.

وافتتح الباب في (التلخيص) بقوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} .

والالتقاط: أخذ شيء ضائع ليحفظه أو ليختص به بعد التعريف، واعترضه في (المهمات) بأن اللقطة قد لا تكون شيئًا ضائعًا كولد اللقطة والركاز الإسلامي.

وجزم في (شرح المهذب) في (زكاة المعدن) بأن الثوب لقطة، ويرد عليهما: أن اللقطة قد لا تكون شيئًا ضائعًا كولد اللقطة، وكذلك الركاز الذي هو دفين الإسلام، ثم إن التقييد بالملك يرد عليه لقطة الكلب والخمرة غير المحترمة .. فالأصح: صحة التقاطهما، وكذلك الهدي الأظهر: صحة التقاطه.

وفائدته: جواز التصرف فيه بالنحو بعد التعريف، وكذلك الموقوف يجوز التقاطه لتملك منافعه.

قال القاضي: الالتقاط أمانة مشوبة بولاية، أو ولاية مشوبة بأمانة، وهل المغلب عليهما حكم الامانة أو الاكتساب؟ فيه قولان.

ص: 7

يُسْتَحَبُّ الاِلْتِقَاطُ لِوَاثِقٍ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ

ــ

والفرق بين اللقطة والمال الضائع: أن اللقطة الشيء الضائع من مالكه بسقوط أو غفلة ونحوهما وليس بمحرز، فإن كان محرزًا كما إذا ألقت الريح ثوبًا في حجره، أو ألقى إليه هارب كيسًا ولم يعرف من هو، أو مات مورثه عن ودائع وهو لا يعرف ملاكها .. فهو ضائع يحفظ ولا يتملك.

والأصل في اللقطة: ما رواه الأئمة الستة وغيرهم عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن اللقطة فقال: (اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة

) الحديث.

وأجمع المسلمون عليها في الجملة.

وعن مالك وأحمد أنهما كرها الالتقاط لحديث: «لا يؤوي الضالة إلا ضال» وروي أيضًا: (ضالة المؤمن حرق النار).

والجواب: أن الضالة الحيوان يضل بنفسه، واللقطة ما سواه من الأموال كالدراهم والدنانير ونحوها، وقد تطلق اللقطة على الضالة مجازًا، والفرق بين اللقطة والمال الضائع سيأتي.

قال: (يستحب الالتقاط لواثق بأمانة نفسه). لأنه معاونة على البر والتقوى، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.

والالتقاط: أن يعثر على الشيء من غير قصد وطلب ليعرفه من يأخذه، ثم يتملكه إن لم يظهر مالكه، وفي وجه: أنه لا يستحب في هذه الحالة، حكاه الرافعي وغيره، وعلى الأصح: يكره تركها؛ لئلا تقع في يد خائن، ولا يجب عليه ذلك كما

ص: 8

- وَقِيلَ: يَجِبُ - وَلَا يُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ وَاثِقٍ، وَيَجُوزُ فِي الأَصَحِّ، وَيُكْرَهُ لِفَاسِقٍ

ــ

لا يجب قبول الوديعة، وهذا القول ظاهر نص (المختصر).

قال: (وقيل: يجب)؛ لأن حرمة مال المسلم كحرمة دمه، وهذا منصوص (الأم)، وحمل ابن سريج وأبو إسحاق النصين على حالين: إن كان في موضع يغلب على الظن ضياعها .. وجب، وإلا .. لم يجب؛ لأن غيره يأخذها فيحفظها أو يجدها صاحبها، قال الشيخ: وأنا أختار هذه الطريقة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في ضالة الغنم: (خذها)، وللنهي عن إضاعة المال.

وقال في (الإحياء): الحق أن يقال: إن كانت اللقطة في موضع لو تركها فيه لم تضع كرباط لا يدخله إلا أمناء .. لم يجب، وإن كانت في موضع مخوف، فإن كان عليه تعب في حفظها كالدابة .. لم يلزمه، وإن لم يكن كذهب وثوب .. فهو محل الخلاف.

هذا في لقطة دار الإسلام، أما لقطة المسلم في دار الحرب .. فالأصح: أنها تخمس إن دخلها بلا أمان، فإن دخل بأمان .. فهي كلقطة دار الإسلام في الأحكام.

قال: (ولا يستحب لغير واثق)؛ لما يخاف من الخيانة.

قال: (ويجوز في الأصح)؛ لأن خيانته لم تتحقق.

وصورة المسألة: أن يكون أمينًا في الحال ولكنه يخشى على نفسه بعد ذلك الخيانة.

والثاني: المنع خشية استهلاكها، وسواء قلنا بوجوب الالتقاط أو باستحبابه، وحيث قلنا بالوجوب فتركه حتى تلفت العين .. أثم ولا ضمان عليه كمن معه طعام وآخر يموت جوعًا فلم يطعمه حتى مات، وكمن رأى مال شخص يغرق أو يحترق وقدر على خلاصه .. وجب عليه، فإن لم يفعل حتى تلف .. أثم ولم يضمن.

قال: (ويكره لفاسق)؛ لأنه قد تدعوه نفسه إلى كتمانها، قال الرافعي: هذا الذي قطع به الجمهور، وما وقع في كلام الغزالي من التحريم شاذ أو مؤول، والذي

ص: 9

وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الإِشْهَادُ عَلَى الاِلْتِقَاطِ،

ــ

أنكره الرافعي على الغزالي هو ظاهر الكلام كثير من العراقيين، وفي (تهذيب نصر المقدسي): ليس له الأخذ، فإن أخذ .. لم يضمن.

قال: (والمذهب: أنه لا يجب الإشهاد على الالتقاط)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به في حديث زيد بن خالد، ولا في حديث أبي بن كعب، وبهذا قال مالك وأحمد.

والقول الثاني: يجب الإشهاد؛ لحديث عياض بن حمار: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من التقط لقطة .. فليشهد ذوى عدل أو ذا عدل، فإن وجد صاحبها .. فليردها إليه، وإلا .. فهو مال الله يؤتيه من يشاء) رواه أبو داوود والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح، وأجاب الأول عنه بحمله على الندب جمعًا بين الأحاديث، ولهذا خير بين العدل والعدلين.

والطريق الثاني: القطع بالاستحباب.

قال المصنف في (نكت التنبيه): وللإشهاد فائدتان:

إحداهما: أنه ربما طمع فيها بعد ذلك، فإذا أشهد .. لم يقدر على ذلك.

والثانية: أنه قد يموت قبل مجيء صاحبها فيأخذها الوارث، فإذا أشهد .. أمن.

قال: هذا إذا لم يكن سلطان البلد ظالمًا بحيث يعلم أو يغلب على ظنه أنه إذا عرفها .. أخذها، وإلا .. امتنع عليه الإشهاد.

وفي كيفية الإشهاد أوجه:

أحدها: يشهد على أصلها دون صفاتها فيقول: وجدت لقطة؛ لئلا يتوصل الكاذب إليها.

والثاني: يشهد عليها وعلى صفاتها، حتى إنه إذا مات لا يتملكها القريب.

وأشار الإمام إلى توسط بين الوجهين صححه في زوائد (الروضة) وهو: أنه

ص: 10

وَأَنَّهُ يَصِحُّ الْتِقَاطُ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ وَالذِّمِّيِّ فِي دَارِ الإِسْلَامِ

ــ

لا يستوعب الأوصاف، بل يذكر بعضها، ولم يبين ذلك البعض.

وقال صاحب (الوافي): يشهد على الذي يذكره في التعريف، وهو الذي نقله القاضي حسين عن الأكثرين.

قال: ولا تجب الكتابة عليها بلا خوف، وفي (شرح الكفاية) للصيمري الجزم بوجوبها.

قال الإمام: وما ذكرناه من المنع من ذكر تمام الأوصاف لا نراه ينتهي إلى التحريم، وإذا ترك الإشهاد وقلنا: إنه مستحب .. لم يضمن، وإن قلنا: إنه واجب .. ضمن، قاله القاضي وغيره، وقال ابن داوود: لا يضمن، بل يقتصر على الإثم.

قال: (وأنه يصح التقاط الفاسق والصبي والذمي في دار الإسلام) كاحتطابهم واصطيادهم.

والطريق الثاني: تخريج ذلك على أن المغلب في اللقطة الأمانة والولاية فلا يصح، أو الاكتساب فيصح، فإذا اجتمع في شخص أربع صفات: الإسلام والحرية والأمانة والتكليف .. فله أن يلتقط ويعرف ويتملك، وإلا .. فيتخرج على الخلاف.

والمراد بـ (الفاسق): الذي لا يوجب فسقه حجرًا عليه في ماله، فإن قيل: هذه مكررة؛ فإنه قال قبل هذا: (ويكره لفاسق) .. فالجواب: أن المراد بالصحة هنا: ترتيب أحكام اللقطة وإن منعناه الالتقاط.

والمجنون كالصبي، نص عليه في (المختصر)، وكذلك السفيه، بل هو أولى منهما بالصحة.

قال الرافعي: وربما شرط في جواز التقاط الذمي في دار الإسلام كونه عدلاً في دينه، فإن قلنا: ليس له الالتقاط فالتقط .. أخذه الإمام منه وحفظه إلى ظهور مالكه، فإن جوزناه .. قال البغوي: فهو كالتقاط الفاسق.

قال: والمرتد إن قلنا: بزوال ملكه .. انتزعت اللقطة منه، كما لو احتطب ينزع

ص: 11

ثُمَّ الأَظْهَرُ: أَنَّهُ يُنْزَعُ مِنَ الْفَاسِقِ، وَيُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ، وَأَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ تَعْرِيفُهُ، بَلْ يُضَمُّ إِلَيْهِ رَقِيبٌ. وَيَنْزِعُ الْوَلِيُّ لُقَطَةَ الصَّبِيِّ وَيُعَرِّفُ وَيَتَمَلَّكُهَا لِلصَّبِيِّ إِنْ رَأَى ذَلِكَ حَيْثُ يَجُوزُ الاِقْتِرَاضُ لَهُ،

ــ

من يده، وإن قلنا: لا يزول .. فكالفاسق يلتقط، وقال المتولي: هو بالذمي أشبه منه بالفاسق.

قال: (ثم الأظهر: أنه ينزع من الفاسق، ويوضع عند عدل)؛ لأن مال ولده لا يقر في يده، فمال الأجنبي أولى.

والثاني: يقر لحق الملك، وعلى هذا: الأصح: أنه يضم إليه مشرف، وهما جاريان في الذمي، أما إذا قلنا: لا يلتقط فالتقط .. فإنه غاصب.

قال: (وأنه لا يعتمد تعريفه، بل يضم إليه رقيب)؛ لأنه ربما يخون فيه.

والثاني: يكتفى بتعريفه؛ لأن له حق الملك وهو خاص حقه، والظاهر: أن هذا في لقطة التملك، أما في لقطة الحفظ .. فإنها تقر عند المسلم الأمين، فلو كان الملم الملتقط أمينًا لكنه يضعف عن القيام بها .. لم تنزع منه، بل يعضده الحاكم بأمين.

قال: (وينزع الولي لقطة الصبي) وكذلك لقطة المجنون والسفيه كما ينزع منهم أموالهم، وهذا النزع واجب عليه؛ صونًا لها عن الضياع، وتكون يد الولي نائبة عنهم.

قال: (ويعرف) أي: الولي؛ لأن تعريف الصبي والمجنون لا اعتبار به، فإن احتاج التعريف إلى مؤنة .. لم يعطها من مالهما، بل يراجع الحاكم ليبيع جزءًا منه.

قال: (ويتملكها للصبي إن رأى ذلك حيث يجوز الاقتراض له)؛ لأن تملك

ص: 12

وَيَضْمَنُ الْوَلِيُّ فِي قَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهِ حَتَّى تَلِفَ فِي يَدِ الصَّبِيِّ. وَالأَظْهَرُ: بُطْلَانُ الْتِقَاطِ الْعَبْدِ،

ــ

اللقطة كالاستقراض، قال ابن الصباغ: وعندي يجوز تملك اللقطة لهما وإن لم يجز الاقتراض؛ لأنه اكتساب وضعف، هذا في (الروضة)، وجعله شاذًا، وقواه ابن الرفعة وأيده بإطلاق كثير من الأصحاب ذلك من غير تقييد.

قال: (ويضمن الولي إن قصر في انتزاعه حتى تلف في يد الصبي) كما لو ترك شيئًا من ماله في يده حتى تلف أو أتلف، فإن تلف قبل انتزاعه بغير تفريط .. فلا ضمان عليه بذلك، ولو لم يعلم بها الولي حتى بلغ الصبي فاستأذن الحاكم فأقرها في يده .. أقرت، وكان حكمها كما لو وجدها بعد زوال الحجر.

قال: (والأظهر: بطلان التقاط العبد)؛ لأن مقصود اللقطة حفظها لمالكها في مدة التعريف وجعلها في ذمة مرضية، وليس العبد صالحًا لذلك؛ لاشتغاله بخدمة السيد، وذمته غير مرضية؛ لأن مطالبته تتأخر إلى بعد العتق.

والثاني: يصح التقاطه، وبه قال أبو حنيفة وأحمد؛ لأن يده يد سيده، فكأن سيده هو الملتقط، وصححه الغزالي وغيره، وهما راجعان إلى القولين المتقدمين في أن المغلب على اللقطة الولاية والأمانة أو الاكتساب.

وعن ابن سريج مفرعان على أن العبد يملك، فإن قلنا: لا يملك .. لم يكن له الالتقاط، واستشكله الرافعي.

ومحل الخلاف إذا لم يأمره السيد ولم ينهه، فإن أمره .. صح قطعًا.

وقيل: هما إذا نوى نفسه، فإن نوى الأخذ للسيد .. صح قطعًا. وقيل: عكسه.

وإن نهاه السيد عنها .. قطع الإصطخري بالمنع، وقواه المصنف، وطرد الجمهور القولين غير أنه تستثنى صحة التقاطه نثار الوليمة، ويملكه سيده كما صرح به في (الروضة) في آخر بابها، وكذلك يلتقط الشيء الحقير كالتمرة والزبيبة؛ لأن ذلك لا يعرف.

ص: 13

وَلَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيِفِهِ، فَلَوْ أَخَذَهُ سَيِّدُهُ مِنْهُ .. كَانَ الْتِقَاطًا

ــ

قال: (ولا يعتد بتعريفه)؛ لأنه غير ملتقط، فإن صححنا التقاطه .. صح تعريفه ولو بغير إذن السيد في الأصح، ويملكه السيد.

والمدبر ومعلق العتق وأم الولد كالقن، لكن الضمان يتعلق بذمة السيد دون رقبتها، سواء علم السيد أم لا.

وفي «الأم» إن علم .. ضمن، وإلا .. ففي ذمتها، وغلطوا ناقله، وقوم أولوه على ما إذا أذن سيدها.

قال: (فلو أخذه سيده منه .. كان التقاطًا) فيعرفه السيد ويتملكه؛ لأن يد العبد إذا لم تكن للالتقاط .. كان الحاصل في يده ضائعًا، كذا قاله معظم الأصحاب.

وقيل: لا يكون أخذ السيد التقاطًا، ورجحه الإمام؛ لأن العبد ضامن بالأخذ، ولو كان أخذ السيد التقاطًا .. لسقط الضمان عنه فيتضرر به المالك.

وفي معنى الأخذ إقرارها بيده إن كان أمينًا؛ لأن السيد لا يجب عليه انتزاعها من العبد الأمين، وقياس كلامهم: سقوط الضمان في هذه الحالة.

ولو أخذها أجنبي من العبد .. فجواب الأكثرين: أنه كأخذ السيد، فيكون التقاطًا على المذهب، وإن أهمل السيد أمره وأعرض عنه وهي في يده .. فالأظهر: تعلق الضمان بالعبد.

وإن أقره السيد في يد العبد واستحفظه عليه ليعرفه، فإن لم يكن العبد أمينًا .. فالسيد متعد وكأنه أخذه منه ورده إليه، وإن كان أمينًا .. جاز كما لو استعان به في تعريف اللقطة بنفسه.

وإذا التقط العبد ثم أعتقه السيد، فإن صححنا التقاطه .. فهي كسب عبده يأخذها السيد ويعرفها ويتملكها، فإن كان العبد عرف .. اعتد به.

ص: 14

قُلْتُ: الْمَذْهَبُ: صِحَّةُ الْتِقَاطِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً وَمَنْ بَعْضُهُ حُرُّ، وَهِيَ لَهُ وَلِسَيِّدِهِ، فَإِنْ كَانَتُ مُهَايَأَةً .. فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ فِي الأَظْهَرِ،

ــ

قال: (قلت: المذهب: صحة التقاط المكاتب كتابة صحيحة)؛ لأنه يملك ما بيده ويصح تصرفه فيه، وله ذمة صحيحة، والالتقاط اكتساب يستعين به على أداء النجوم.

والقول الثاني: لا يصح؛ لأنه يحتاج إلى التعريف وإلى مؤنته، وذلك تبرع ناجز، وتملكها موهوم، وعلى هذا: لا يأخذها السيد؛ لأنه لا ولاية له عليه، بل يأخذها الحاكم ويحفظها.

والطريقة الثانية: القطع بالصحة كالحر.

والثالثة: القطع بالبطلان كالعبد، وأما المكاتب كتابة فاسدة .. فكالقن، وقيل: تطرد الطرق.

قال: (ومن بعضه حر) أي: يصح التقاطه على المذهب؛ لأنه كالحر في الملك والتصرف والذمة، فيعرف البعض من اللقطة بنسبة ما فيه من الحرية ويتملكه، وقيل: كالقن؛ لأن التقاطه ببعضه الحر محال.

وقيل: يصح التقاطه بقدر الحرية قطعًا، وفي الباقي الطريقان.

قال: (وهي له ولسيده) فيعرفان ويتملكان بحسب الرق والحرية كحرين التقطا مالاً، وقيل: يختص بها السيد كلقطة القن تغليبًا للولاية.

قال: (فإن كانت مهايأة .. فلصاحب النوبة في الأظهر)؛ بناء على دخول الأكساب النادرة فيها.

والثاني: تكون بينهما؛ بناء على عدم دخولها، والاعتبار بوقت الالتقاط، وقيل: بوقت التملك، والخلاف شبيه بالخلاف في أن العبرة بوقت التعليق أو بوجود الصفة في كون العتق محسوبًا من الثلث أو من رأس المال.

و (المهايأة) بالهمز: المناوبة.

وإذا تنازعا فقال السيد: وجدتها في يومي، وقال العبد: في يومي ..

ص: 15

وَكَذَا حُكْمُ سَائِرِ النَّادِرِ مِنَ الأَكْسَابِ وَالْمُؤَنِ إِلَاّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ

ــ

فالمنصوص: أن القول قول العبد؛ لأنها في يده.

قال: (وكذا حكم سائر النادر من الأكساب) كالهبة والوصية والصدقة والصيد، وكذا صدقة الفطر في الأصح؛ لأن الشيء الذي لا يكون في السنة إلا مرة نادر.

وجه الدخول: أن مقصود الدخول: التفاضل، وأن يختص كل واحد بما يقع في نوبته.

ووجه المنع - واختاره ابن أبي عصرون -: أن النوادر مجهولة وربما لا تخطر بالبال عند التهايؤ، ولا ضرورة إلى إدخالها، ويشبه بناؤه على الخلاف الأصولي في دخول الصور النادرة في العموم، والراجح: طرد الخلاف مطلقًا ولو صرحا بإدخال النادر في المهايأة.

قال: (والمؤن) أي: النادر منها كذلك كأجرة الطبيب والحجام إلحاقًا للغنم بالغرم.

قال: (إلا أرش الجناية والله أعلم» فإنه لا يدخل في المهايأة فلو جنى المبعض في نوبة أحدهما لم يختص بوجوب الأرش؛ لأنه لا يتعلق بالرقبة وهي مشتركة، وادعى الإمام في (باب صدقة الفطر) اتفاق العلماء عليه.

هذا إذا جنى المبعض على غيره، فإن جني عليه .. فالظاهر: أن حكم أرشه كذلك للعلة السابقة، فينزل كلام المصنف على الصورتين.

تتمة:

قال المتولي وغيره: المدبر ومعلق العتق بصفة كالقن، وأما أم الولد .. فكالقن إلا في شيء واحد وهو: إذا تلف المال في يدها وقلنا في القن: يتعلق برقبته .. ففي أم الولد يتعلق بذمة السيد، سواء علم التقاطها أم لا؛ لأن جنايتها على السيد، وعن نص (الأم): أنه إن علم .. فالضمان في ذمته، وإلا .. ففي ذمتها، ولم يثبته

ص: 16