المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: إِذَا عَرَّفَ سَنَةً .. لَمْ يَمْلِكْهَا حَتَّى يَخْتَارَهُ ــ تتمة: قال المتولي: جرت - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٦

[الدميري]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: إِذَا عَرَّفَ سَنَةً .. لَمْ يَمْلِكْهَا حَتَّى يَخْتَارَهُ ــ تتمة: قال المتولي: جرت

‌فَصْلٌ:

إِذَا عَرَّفَ سَنَةً .. لَمْ يَمْلِكْهَا حَتَّى يَخْتَارَهُ

ــ

تتمة:

قال المتولي: جرت العادة بالتقاط ما يقع من أيدي الحصادين من السنابل، فإن كان المالك أذن فيه .. فهو حلال، وإن لم يكن أذن فيه صريحًا إلا أن المالك لا يلتقطه في العادة ولا يشق عليه التقاط الناس .. فإنه يحل ووقع في عبارة (الروضة) فيه بعض تحريف.

وروى البيهقي عن أم الدرداء قال: (قال لي أبو الدرداء: لا تسألي أحدًا شيئًا، قلت: فإن احتجت؟ قال: تتبعي الحصادين فانظري ما يسقط منهم، فخذيه واطحنيه ثم اعجنيه وكليه ولا تسألي أحدًا شيئًا) وقال الأوزاعي: ما أخطأت يد الحاصد أو جنت يد القاطف فليس لصاحب الزرع عليه سبيل، إنما هو للمارة وأبناء السبيل.

قال: (فصل:

إذا عرف سنة .. لم يمكلها حتى يختاره)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث زيد بن خالد: (فإن جاء صاحبها وإلا .. فشأنك بها) فوض الأمر إلى خيرته، وشمل إطلاق المصنف أنه لا فرق بين أن يكون الملتقط غنيًا أو فقيرًا، ولا خلاف عندنا في ذلك.

وعند أبي حنيفة: من لا تحل له الصدقة لا يجوز له التملك والارتفاق باللقطة، ولكنه إن شاء .. حفظها للمالك، وإن شاء .. تصدق بها ومن تحل له الصدقة إن شاء .. تملكها، وإن شاء .. تصدق بها على غيره، ثم إذا جاء المالك .. فهو بالخيار، إن شاء .. أجاز الصدقة، وإن شاء .. غرمه، ويكون ثواب الصدقة للملتقط.

وعن مالك: أن الغني تجوز له اللقطة ولا تجوز للفقير؛ لأنها تضيع عنده.

ص: 37

بِلَفْظٍ كَتَمَلَّكْتُ، وَقِيلَ: تَكْفِي النّيةُ، وَقِيلَ: يَمْلِكُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ

ــ

واستدل الشافعي بلقطة أبي بن كعب وهو من مياسير الصحابة، وعلي بن أبي طالب وكان هاشميًا لا تحل له الصدقة.

قال: (بلفظ كتملكت)؛ لأنه تملك مال ببدل فافتقر إلى اللفظ بالتملك كالشراء والشفعة، هذا فيما يملك، أما غيره كالكلب والخمر المحترمة .. فيظهر كما تقدم عن ابن الرفعة أنه لابد من اختياره نقل الاختصاص الذي كان لغيره لنفسه.

وإشارة الأخرس في ذلك كعبارته، وقيل: يشترط مع اللفظ التصرف كما قيل بمثله في القرض، ويأتي فيه الخلاف في أي تصرف هو، وأثر الخلاف يظهر في الزوائد والزكاة.

قال: (وقيل: تكفي النية) فإذا قصد التملك بعد الحول كفى ولا حاجة إلى اللفظ؛ لأنه إنما يعتبر حيث يكون هناك إيجاب وقبول، وهذا قول أبي إسحاق المروزي.

قال: (وقيل: يملك بمضي السنة) وهو قول أبي حفص بن الوكيل، وهو ظاهر نص (الأم) و (المختصر)، ويدل له ما في (الصحيحين) من قوله صلى الله عليه وسلم:(فإن جاء صاحبها، وإلا .. فهي لك) وهذا الوجه محله: إذا قصد بالأخذ في الابتداء التملك بعد المدة، فإن أخذ لا على قصد التملك واستمر حتى انقضت المدة .. لم يملك به قطعًا.

هذا فيما يملك، فأما غيره كالكلب والخمرة المحترمة .. فيظهر كما تقدم عن ابن الرفعة: أنه لابد من اختياره نقل الاختصاص الذي كان لغيره لنفسه.

وتستثنى صور يمتنع فيها التملك:

منها: لقطة مكة كما سيأتي، والجارية التي تحل له كما تقدم.

ومنها: إذا أخذ للخيانة .. فإنه لا يتملك على الصحيح كالغاصب.

ص: 38

فَإِنْ تَمَلَّكَ فَظَهَرَ الْمَالِكُ وَاتَّفَقَا عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا .. فَذَاكَ، فَإِنْ أَرَادَهَا الْمَالِكُ وَأَرَادَ الْمُلْتَقِطُ الْعُدُولَ إِلَى بَدَلِهَا .. أُجِيبَ الْمَالِكُ فِي الأَصَحِّ،

ــ

ومنها: إذا سلمها للحاكم ثم ندم وأراد أخذها وتعريفها ويتملك .. فالمختار في زوائد (الروضة) أنه ليس له ذلك كما سيأتي في تتمة الباب.

ولو تملكها ثم نوى إسقاط التملك وأنه يحفظها على صاحبها .. لم يسقط الضمان عنه بذلك، وفي زوال ملكه عنها وجهان كالوجهين فيما لو اصطاد صيدًا ثم أرسله هل يزول ملكه عنه؟

تذنيب:

ولد اللقطة يملك بعد السنة بتعريف الأم، ولو مات الملتقط قبل التملك وله وارث صغير أو لا وارث له إلا بيت المال .. انتقل حق التملك إليهم كحق التحجر، هكذا كان الشيخ يقول ذلك بحثًا وهو صحيح.

قال: (فإن تملك فظهر المالك واتفقا على رد عينها .. فذاك)؛ إذ ألحق لهما لا يعدوهما، ويجب على الملتقط ردها إليه قبل الطلب على الأصح، قاله الرافعي في (الوديعة).

والمراد هنا بـ (الرد): التخلية، ومؤنة الرد بعد التملك على الملتقط؛ لأنه قبض العين لغرض نفسه، وقبله على المالك.

قال: (فإن أرادها المالك وأراد الملتقط العدول إلى بدلها .. أجيب المالك في الأصح) كالقرض بل أولى؛ لأن المالك هنا سلطنة شرعية ليست للمقترض لأنه لم يرض بتملكها عليه.

والثاني: المجاب الملتقط؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (فإن جاء صاحبها يومًا من الدهر .. فأدها إليه) ولا خلاف أن الملتقط لو ردها .. وجب على المالك

ص: 39

فَإِنْ تَلِفَتْ .. غَرِمَ مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّمَلُّكِ

ــ

القبول، وبمجرد ظهور المالك لا يرتفع ملك الملتقط عنها حتى يردها بخلاف الشاة المعجلة، والفرق أن في الشاة يتبين فساد سبب الملك، وهنا لم يتبين فساده، ولابد من اشتراط أن لا يتعلق بالعين حق رهن ولا كتابة ولا جناية كما في القرض؛ فإنها تمنع رجوع المالك، وقياسه هنا كذلك.

قال: (فإن التفت) أي: بعد التملك (.. غرم مثلها) أي: إن كانت مثلية (أو قيمتها) أي: إن كانت متقومة؛ لأنه ملك تعلق به العوض فأشبه البيع، وجاء في رواية في (سنن أبي داوود):(ثم كلها، فإن جاء صاحبها .. فأدها إليه) ولم يجعلوه كالقرض حتى يرد المثل الصوري.

قال ابن الرفعة: وقضية قولهم: (إن ملك اللقطة كملك القرض) أنه يكون كذلك.

هذا في عين اللقطة، فلو عزل الملتقط البدل عند إباحة إتلاف اللقطة فتلف .. فحكى الرافعي في الكلام على الطعام عن الأصحاب أنهم نصوا على سقوط حقه بهلاك القيمة للضرورة.

وصورة المسألة: إذا تلفت بعد التملك، فإن تلفت قبله من غير تفريط .. لم يضمنها الملتقط كالمودع.

قال: (يوم التملك)؛ لأنه وقت انتقالها إليه ودخولها في ضمانه، وقيل: يوم المطالبة بها، والأصح: ثبوت الضمان في ذمته من حين التلف.

وعن الشيخ أبي إسحاق إنما يثبت البدل عند مطالبة المالك، واختاره الشيخ، وله شبه بمن يقول: إن شطر الصداق لا يرجع بمجرد الطلاق، بل يتوقف على اختيار الزوج.

وأغرب الكرابيسي فقال: لا يطالب بالقيمة، ولا يرد العين عند بقائها؛ لأنه ملكها.

ص: 40

وَإِنْ نَقَصَتْ بِعَيْبٍ .. فَلَهُ أَخْذُهَا مَعَ الأَرْشِ فِي الأَصَحُ. وَإِذَا ادَّعَاهَا رَجُلٌ وَلَمْ يَصِفْهَا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ .. لَمْ تُدْفَعْ إِلَيْهِ، .....

ــ

وأشار بقوله: (يوم التملك) إلى أن الكلب إذا جوزنا التقاطه وظهر صاحبه وقد هلك .. لا يضمن؛ إذ لا يملك، وهل يضمن قيمة منفعته بعد الحول؟ فيه في (البيان) وجهان بناء على جواز إجارته.

قال: (وإن نقصت بعيب) أي: طرأ بعد التملك (.. فله أخذها مع الأرش في الأصح)؛ لأن ما ضمن كله ضمن بعضه، إلا الشاة المعجلة في الزكاة كما تقدم فإنها تضمن بالتلف، فلو نقصت .. لم يجب أرشها.

والثاني: يقنع بها بلا أرش؛ لأن النقصان حصل في ملكه فلا يضمنه كالشاة المعجلة.

ولو أراد المالك الرجوع إلى بدلها سليمة، وقال الملتقط: أضم الأرش إليها وأردها .. فالأصح: أن على المالك القبول؛ لأن العين الناقصة مع الأرش كغير الناقصة فصار كالغاصب.

واحترز بـ (النقصان) عما إذا وجدها زائدة، فإن كان ذلك قبل التملك .. أخذها بالزيادتين، وإن كان بعده .. أخذها بالمتصلة فقط.

وكسب الرقيق .. جزم الرافعي بأنه ينفق عليه منه ويحفظ باقيه معه، والذي في (التتمة) أنه لقطة كالأصل.

قال: (وإذا ادعاها رجل ولم يصفها ولا بينة له .. لم تدفع إليه)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لو يعطى الناس بداعواهم

) الحديث، اللهم إلا أن يعلم الملتقط أنها له .. فيلزمه الدفع إليه.

والبينة هنا: ما يثبت به المال، واختار الغزالي الاكتفاء بالرجل الواحد، وكأنه سلك به مسلك الإخبار، فإن حلف مع الشاهد .. اكتفي به.

ص: 41

وَإِنْ وَصَفهَا وَظُنَّ صِدْقُهُ .. جَازَ الدَّفْعُ إِلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ دَفَعَ فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِهَا .. حُوِّلَتْ إِلَيْهِ، .....

ــ

قال: (وإن وصفها وظن صدقه .. جاز الدفع إليه)؛ عملاً بظنه، وهذا لا خلاف فيه لكنه يضمنها، أما إذا لم يغلب على الظن صدقه .. فلا خلاف أنه لا يجب الدفع إليه، والمشهور: أنه لا يجوز أيضًا.

والتعبير بـ (الظن) ظاهر في الظرف الراجح، فلو تساوى الأمران عنده .. لم يجز الدفع، ونقل الإمام فيه ترددًا، وفي (الحاوي): أنه يسعه إذا لم يقع في قلبه كذبه.

وتعبيره بـ (الجواز) يقتضي: أنه لا يستحب، ونص الشافعي على استحبابه.

قال: (ولا يجب على المذهب)؛ لأنه مدع فيحتاج إلى بينة كغيره، وقياسًا على ما لو وصف واصف الوديعة التي لا يعرف لها صاحب، وبهذا قال أبو حنيفة، ولأنا أجمعنا على أنها لا تسلم لجماعة إذا وصفوها.

والثاني - وهو قول مالك وأحمد وداوود وابن المنذر -: يجب؛ لأن إقامة البينة عليها قد تعسر، (و) لما روى أبو داوود من حديث زيد بن خالد:(فإن جاء صاحبها فعرف الصفة .. فأعطه إياها)، لكن قال أبو داوود: إن هذه الزيادة زادها حماد بن سلمة وليست بمحفوظة، ووافقه على ذلك البيهقي، وأنكر ابن حزم قول أبي داوود، ووافق أصحابه الظاهرية على وجوب الدفع بالوصف.

أما إذا لم يغلب على الظن صدقه .. فلا خلاف أنه لا يجب الدفع إليه، والمشهور: أنه لا يجوز أيضًا.

وتعبيره بـ (المذهب) راجع إلى الثانية، ولم يحكيا في الأولى خلافًا.

هذا إذا وصفها له واحد، فإن وصفها جماعة .. قال القاضي أبو الطيب: لا تسلم لهم اتفاقًا، وبه جزم الصيمري.

ولو تلفت اللقطة فشهدت البينة على وصفها .. قبلت ودفع إليه بدلها، حكاه ابن كَج عن النص.

قال: (فإن دفع) أي: بالوصف (فأقام آخر بينة بها .. حولت إليه)؛ لأن البينة

ص: 42

فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ .. فَلِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ وَالْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ، وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: لَا تَحِلُّ لُقَطَةُ الْحَرَمِ لِلتَّمَلُّكِ عَلَى الصَّحِيحِ،

ــ

حجة توجب الدفع فقدمت على الوصف المجرد، أما إذا دفعها أولاً ببينة ثم جاءت بينة أخرى .. فتأتي أقوال التعارض.

قال: (فإن تلفت عنده) أي: عند الواصف (.. فلصاحب البينة تضمين الملتقط)؛ لأنه سلمه ما لم يكن له تسليمه.

قال: (والمدفوع إليه)؛ لأنه أخذ ما لم يكن له أخذه.

قال: (والقرار عليه) أي: على المدفوع إليه، ومعناه: أنه إن غرم الملتقط .. رجع عليه، وإن غرمه .. لا يرجع؛ لحصول التلف عنده، ولأنه يزعم أن صاحب البينة ظالم فلا يرجع على غير من ظلمه.

هذا إذا دفع بنفسه، فإن ألزمه القاضي الدفع .. فليس لصاحب اللقطة تضمينه على الصحيح؛ لعدم تقصيره بالدفع.

ويرد عليه ما لو كانت اللقطة قد أتلفها الملتقط بعد التمكن ومضى الحول، ثم ادعاها رجل ووصفها فسلم إليه القيمة، ثم جاء آخر فأقام بينة بها .. لم يكن له أن يطالب المدفوع إليه؛ لأن الذي حصل في يده مال الملتقط لا مال المدعي، ثم إنما يكون قرار الضمان على المدفوع إليه إذا لم يقر المدفوع له بالملك، فإن أقر .. فلا رجوع عليه مؤاخذة له بقوله.

قال: (قلت: لا تحل لقطة الحرم للتملك على الصحيح) بل للحفظ أبدًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض

) الحديث، وفيه:(ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها) متفق عليه، وفي رواية:(لا تحل لقطته إلا لمنشد) قال الشافعي: المنشد: المعرف، والناشد: المالك؛ أي: لا تحل إلا لمعرف يعرفها ولا يتملكها.

وإنما عبر المصنف بـ (الحرم) وإن كان في الحديث مكة ليعلم أن حكم الحرم كله حكم مكة؛ لأنه فضل بذلك على سائر البلاد، والسر في ذلك أن الله تعالى جعله مثابة للناس يعودون إليه، فربما يعود الذي أضلها أو يبعث في طلبها.

ص: 43

وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا قَطْعًا، وَاللهُ أَعْلَمُ

ــ

والثاني: أنها كسائر البقاع تحل لقطتها، وبه قال الأئمة الثلاثة، وحملوا الحديث على تأكد التعريف بها لئلا يظن الاكتفاء بتعريفها في الموسم، وصححه جماعة منهم القفال، لأنها نوع كسب فاستوى فيها الحرم وغيره، والخلاف قولان، فكان الصواب التعبير بـ (الأظهر).

قال: (ويجب تعريفها قطعًا والله أعلم)؛ للحديث، ولا يأتي فيه الخلاف المتقدم فيمن أخذ للحفظ أبدًا، بل يجزم بوجوبه.

تتمة في مسائل تتعلق بالباب:

وجد رجلان لقطة يعرفانها ويتملكانها، وليس لأحدهما نقل حقه إلى صاحبه، كما لا يجوز للملتقط نقل حقه إلى غيره، ولو تنازعا فأقام كل منهما بينة أنه الملتقط، فإن تعرضت بينة لسبق .. حكم بها، وإلا .. فعلى الخلاف في تعارض البينتين.

ولو ضاعت من يد الملتقط فأخذها آخر .. فالأول أحق بها على الأصح، وقيل: الثاني.

ولو كانا يتماشيان فرأى أحدهما اللقطة وأخبر بها الآخر .. فالآخذ أولى، فلو أراه اللقطة وقال: هاتها فأخذها لنفسه .. فهي للآخذ، وإن أخذها للآمر أو له ولنفسه .. فعلى القولين في جواز التوكيل في الاصطياد ونحوه.

ولو تلفت اللقطة فشهدت البينة على وصفها .. قبلت ودفع إليه بدلها، حكاه ابن كج عن النص.

ص: 44

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولو ادعاها رجل وأقام شاهدًا واحدًا وحلف معه .. حكم له به، صرح به الشيخ نصر في (تهذيبه).

ولو رأى شيئًا مطروحًا على الأرض فدفعه برجله ليعرف جنسه أو قدره ولم يأخذه حتى ضاع .. لم يضمنه؛ لأنه لم يحصل في يده، قاله المتولي، قال في (الجواهر): ونظيره ما لو وجد سجادة مبسوطة في المسجد أرسلها صاحبها .. يدفعها برجله ويصلي في مكانها حتى لا تدخل في ضمانه.

ولو دفع اللقطة إلى الحاكم وترك التعريف والتملك ثم ندم وأراد أن يعرف ويتملك .. ففي تمكينه وجهان: المختار منهما في زوائد (الروضة): المنع؛ لأنه أسقط حقه، وقد تقدمت هذه عند قول المصنف:(وقيل: يملك بمضي السنة).

* * *

خاتمة

في لقطة عرفة ومصلى إبراهيم صلى الله عليه وسلم وجهان في (الحاوي)؛ لأنه مجمع الحاج.

وأصحهما: أنها ليست كلقطة الحرم، وتلزم الملتقط الإقامة لها للتعريف، أو دفعها إلى الحاكم الأمين، ويكون التعريف بمكة وشعابها وبعرفات وبطرقها والمزدلفة وحواليها ومنى والجمرات في الأوقات التي ينثاب الناس فيها مكة، فإن لم يجد الحاكم من يتطوع بذلك .. صرف له من سهم المصالح، فإن لم يكن .. استأجر عليه منها.

وأما لقطة حرم المدينة .. فقال الدارمي: كغيرها لا تلحق بلقطة مكة في ذلك، وإطلاق الأصحاب يقتضيه إلا صاحب (الإنتصار)؛ فإنه قال: إنهما سواء، ويشهد

ص: 45

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

له ما في (سنن أبي داوود) عن عبد الله بن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يختلى خلاها ولا تلتقط لقطتها) فسوى بينهما في ذلك.

ص: 46