الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ إِنَاث إِلَى ذُكُورٍ .. تَرِثُ، وَمَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ .. فَلَا.
فَصْلٌ:
الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ لأَبَوَيْنِ إِذَا انْفَرَدُوا .. وَرِثُوا كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ،
ــ
قال: (أو إناث إلى ذكور .. ترث) كأم أم أب وإن علت أو أم أب أب.
قال: (ومن أدلت بذكر بين أنثيين .. فلا) وهي أم أب الأم وإن علت؛ لأنها من ذوي الأرحام، وشرط إرث العدد منهن التحاذي كأم أم أم وأم أم أب وأم أم أب أب وأم أب أب أب فالأربع وارثات، وإلا .. فالقربى تسقط البعدى على ما تقدم من وفاق وخلاف.
وحاصله: أنه لا ترث من جهة الأم إلا واحدة، ولا من جهة الأب إلا واحدة، وأما الجد .. فعلى القديم: لا ترث من جهته جدة، وعلى الجديد: ترث.
وعلى هذا: فالجد قد يعلو، فعند أحمد: لا ترث إلا الجدة التي من جهة الجد الأدنى، فلذلك لا يجتمع عنده إلا ثلاث، وعندنا: كل جد وارث ترث من جهته جدة واحدة فتجتمع جدات كثيرة بعدد الأجداد، وتسقط المدلية بجد لا يرث، والوارث من الجدات في كل درجة من درج الآباء بعدد تلك الدرجة، ففي الثانية بنتان، وفي الثالثة ثلاث، والرابعة أربع
…
وهكذا أبدًا كما تقدمت.
تتمة:
إذا سئلت عن جدتين وارثتين وأطلق السائل .. فقل: هما إما من درجة واحدة من جهة الأب، وإما من درجتين إحداهما من جهة الأم والأخرى من جهة الأب.
وإذا سئلت عن ثلاث من درجتين .. فقل: واحدة من جهة الأم وثنتان من جهة الأب، وجهة الأب، والجد كلتاهما جهة واحدة.
وإذا سئلت عن ثلاث من درجة واحدة .. فهي واحدة من جهة الأم وثنتان متحاذيتان من جهة الأب، ولا يمكن أن تكون فيهما قربى وبعدى.
قال: (فصل:
الإخوة والأخوات لأبوين إذا انفردوا .. ورثوا كأولاد الصلب) فيكون للذكر مثل
وَكَذَا إِنْ كَانُوا لأَبٍ إِلَاّ فِي الْمُشَرَّكَةِ، وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَوَلَدًا أُم وَأَخٌ لأَبَوَيْنِ، فَيُشَارِكُ الأَخُ وَلَدَيِ الأُمُ فِي الثُّلُثِ
…
ــ
حظ الأنثيين، وللأخت النصف، وللأنثيين فصاعدًا الثلثان، قال تعالى:{وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} .
قال: (وكذا إن كانوا لأب)؛ لإطلاق الآية والإجماع.
قال: (إلا في المُشَرَّكة)، وهي بفتح الراء المشددة كما ضبطها المصنف؛ أي: المشترك فيها، أو مسألة الإخوة المشركة، وفي (الوافي) و (شرح التعجيز) لمصنفه بكسرها بمعنى الفاعلة، وتسمى: الحمارية والحجرية؛ لقولهم: هب أن أبانا كان حجرًا أو حمارًا، وتسمى: المنبرية؛ لأن عمر سئل عنها وهو على المنبر فأجاب، ووافقه على ذلك عثمان وزيد.
قال: (وهي زوج وأم وولدا أم وأخ لأبوين، فيشارك الأخ ولدي الأم في الثلث) أي: بأخوة الأم فينزلون منزلتهم ويجعلون كأنهم ليسوا مدلين بالأب؛ لأنها فريضة جمعت الإخوة من الأبوين والإخوة من الأم فورثوا جميعًا كما لو انفردوا، وبالقياس على ما لو كان فيهم ابن عم .. فإنه يشارك بقرابة الأم، هذا هو المشهور عن زيد رضي الله عنه والشافعي، وبه قال مالك وشريح وابن المسيب ومسروق وطاووس وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز.
وكان عمر قضى فيها فلم يشرك، ثم قضى في العام الثاني بالتشريك، فقيل له: إنك أسقطتهم في العام الماضي، فقال: ذلك على ما قضينا وهذا على ما نقضي، هكذا رواه البيهقي وابن عبد البر، وهو الصواب.
ووقع في أقضية (الوسيط): أنه قضى بالتشريك ثم قضى في العام الثاني بإسقاط الإخوة، وغلطه المصنف في ذلك، وهو في ذلك متابع لشيخه الإمام، ووقع في (البحر) نظير ذلك.
وقال أبو حنيفة وأحمد: يسقط الشقيق، وحكاه أبو بكر بن لال قولاً للشافعي، ويكون له في المسألة قولان بحسب اختلاف الرواية عن زيد، واختاره أبو خلف
وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الأَخِ أَخٌ لأَبٍ .. سَقَطَ
ــ
الطبري والأستاذ أبو منصور، واستدلوا له بأنه لو أوصى لولد أمه بمئة ولولد أبيه وأمه بباقي الثلث وكان باقي ماله مئة .. استحقها ولد الأم بلا مشاركة.
قال: (ولو كان بدل الأخ) أي: الشقيق (أخ لأب .. سقط) بالإجماع؛ لأن سهام الفريضة تكملت: للزوج النصف وللأم السدس ولولديها الثلث فلم يبق شيء لإخوة الأب، ولعظم أمر هذه المسألة أفرد لها المزني بابًا، وفي معناها ما إذا كان بدل الأم جدة.
تنبيهات:
أحدها للتشريك أربعة أركان:
أحدها: أن يكون فيها زوج.
ثانيها: أن يكون في المسألة من له سدس من أم أو جدة.
ثالثها: أن يكون فيها اثنان من ولد الأم فصاعدًا.
رابعها: أن يكون فيها ذكر من ولد الأب والأم، إما وحده وإما مع ذكور أو إناث أو كليهما، فلو كان الشقيق أختًا فقط .. فرض لها النصف، أو أختين .. فالثلثان وتعال المسألة، فلو كان معهن أخ لأب .. صيرهن عصبة ويسقطن معه وهو الأخ المشؤوم، ولو كان ولد الأم واحدًا .. أخذ السدس والباقي للعاصب.
الثاني: إذا اشتركا في الثلث .. استوى فيه الذكر والأنثى؛ لأنهم أخذوه بالفرضية لا بالعصوبة، قال الرافعي: وكان يجوز أن يقال: إذا تقاسموا في الثلث بالسوية .. أخذ ما يخص الأشقاء فيجعل بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، كما أن في الأكدرية إذا خرج نصيب الجد .. اقتسموا الباقي بينهم كما يقتسمونه إذا انفردوا.
الثالث: قول المصنف: (وأخ لأبوين) أجود من قول غيره: أخوين؛ لأنه يوهم اشتراطهما.
فإن قيل: أراد الصورة الواقعة في زمن الصحابة رضي الله عنهم .. فالجواب أن المراد من المختصرات: بيان الأحكام لا بيان أصولها وأدلتها، ثم الذي يأخذه أولاد
وَلَوِ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ .. فَكَاجْتِمَاعِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَأَوْلَادِ ابْنِهِ إِلَاّ أَنَّ بَنَاتِ الاِبْنِ يُعَصِّبُهُنَّ مَنْ فِي دَرَجَتِهِنَّ أَوْ أَسْفَلَّ، وَالأُخْتُ لَا يُعَصُبُهَا إِلَاّ أَخُوهَا. وَلِلْوَاحِدِ مِنَ الإِخْوَةِ أَوِ الأَخَوَاتِ لأُمٍّ: السُّدُسُ، وَلاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا: الثُّلُثُ؛ يَسْتَويْ فِي ذَلِكَ ذُكُورُهُمْ وإِنَاثُهُمْ. وَالأَخَوَاتُ لأَبَوَيْنِ أَوْ لأَبٍ مَعَ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الاِبْنِ عَصَبَةٌ كَالإِخْوةِ؛
ــ
الأبوين يأخذونه بالفرض لا بالتعصيب.
الرابع: لو كان بدل الأخ خنثى .. فالمسألة من ثمانية عشر: للزوج ستة وللأم سهمان ولولدي الأم أربعة وللخنثى سهمان وتوقف أربعة، إن ظهرت ذكورته .. رد على الزوج ثلاثة وعلى الأم واحد، وإن ظهرت أنوثته .. أخذها.
قال: (ولو اجمتع الصنفان .. فكاجتماع أولاد الصلب وأولاد ابنه إلا أن بنات الابن يعصبهن من في درجتهن أو أسفل، والأخت لا يعصبها إلا أخوها)؛ لأن ابن الأخ لا يعصب من في درجته، لأنها غير وارثة فلا يعصب من فوقه، ولأن ابن الابن يسمى ابنًا وابن الأخ لا يسمى أخًا، فإذا خلف أختين لأبوين وأختًا لأب وابن أخ لأب .. فللأختين الثلثان والباقي لابن الأخ وتسقط الأخت.
قال: (وللواحد من الإخوة أو الأخوات لأم: السدس، ولاثنين فصاعدًا: الثلث؛ يستوي في ذلك ذكورهم وإناثهم)، فأولاد الأم يخالفون غيرهم في ستة أشياء: لواحدهم السدس، ولعددهم الثلث، ولا يفضل ذكرهم على أنثاهم، ويسقطون بستة، ويرثون مع من يدلون به، ويحجبونه حجب نقصان.
قال: (والأخوات لأبوين أو لأب مع البنات وبنات الابن عصبة كالإخوة)؛ لأن ابن مسعود قال في بنت وبنت ابن وأخت: (أقضي فيها بما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: للبنت النصف ولبنت الابن السدس وللأخت الباقي) رواه البخاري، وهو مجمع عليه إلا ما روي عن ابن عباس أنه قال: (لا ترث أخت مع
فَتُسْقِطُ أُخْتٌ لأَبَوَيْنِ مَعَ الْبِنْتِ الأَخَوَاتِ لأَبٍ. وبَنُو الإِخْوَةِ لأَبَوَيْنِ أَوْ لأَبٍ كُلًّ مِنْهُمْ كَأَبِيهِ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا، لكِنُ يُخَالِفُونَهُمْ فِي أَنهُمْ لَا يَرُدُّونَ الأُمَّ إِلَى السُّدُسِ
ــ
بنت، بل الباقي للعصبة من أخ أو عم).
وكان ابن الزبير يقول بقول ابن عباس في هذه المسألة، حتى أخبره الأسود بن يزيد أن معاذًا قضى باليمن في بنت وأخت فجعل المال بينهما نصفين ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي .. فرجع ابن الزبير عن قوله إلى قول معاذ، وحديث معاذ رواه ابن أبي شيبة من طرق، وهو من أثبت الأحاديث.
ومراد المصنف بـ (الأخوات والبنات): الجنس لا الجمع؛ فإن الأخت الواحدة مع البنت الواحدة عصبة، ففي بنت وأخت للبنت النصف وللأخت الباقي، أو بنتين فصاعدًا أو أختين فصاعدًا .. فللبنات الثلثان والباقي للأخت، أو الأخوات أو بنت وبنت ابن فأكثر .. وأخت فأكثر فالباقي بعد الثلثين للأخت فصاعدًا، وتقاس بنت ابن فأكثر وأخت على ما ذكرناه، وفي بنتين وزوج وأخت الباقي بعد الثلثين والربع للأخت، ثم فسر المصنف ذلك فقال:
(فتسقط أخت لأبوين مع البنت الأخوات لأب) فأتى بـ (الفاء)؛ لينبه على أن هذا من فائدة كونها عصبة، ففي بنت وشقيقة وأخ لأب لا شيء لولد الأب كما يسقط بالشقيق، وفي بنت وأخ وأخت شقيقين الباقي لهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
قال: (وبنو الإخوة لأبوين أو لأب كل منهم كأبيه اجتماعًا وانفرادًا) فيستغرق الواحد منهم والجماعة المال عند الانفراد وما فضل عن أصحاب الفروض، وعند الاجتماع يسقط ابن الأخ من الأب كما يسقط الأخ من الأب مع الأخ الشقيق، لكنهم يخالفونهم في سبعة أشياء ذكر المصنف منها أربعة حيث قال:
(لكن يخالفونهم في أنهم لا يردون الأم إلى السدس)؛ فإن الله تعالى أعطاها الثلث إذا لم يكن ولد ولا إخوة، وهم لا يسمون إخوة بخلاف ولد الولد.
وَلَا يَرِثُونَ مَعَ الْجَدْ. ولَا يُعَصَّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ. ويَسْقُطُونَ فِي الْمُشَرَّكَةِ. وَالْعَمُّ لأَبَوَيْنِ أَوْ لأَبٍ كالأَخِ مِنَ الْجِهَتَيْنِ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا، وَكَذَا قِيَاسُ بَنِي الْعَمِّ وَسَائِرِ عَصَبَةِ النَّسَبِ
ــ
قال: (ولا يرثون مع الجد)؛ بل يسقطون به؛ لأن الجد كالأخ والأخ يسقطهم، وادعى الماوردي الإجماع عليه إلا رواية شاذة عن علي، وروي أنه رجع عنها.
وحكى الإمام وجهًا: أن ابن الأخ يقاسم جد الأب كما يقاسم الأخ الجد، وهو ضعيف.
قال: (ولا يعصبون أخواتهم)؛ لأنهن من ذوي الأرحام.
قال: (ويسقطون في المشركة)؛ لأن مأخذ التشريك قرابة الأم، وابن ولد الأم لا ميراث له.
وأما الثلاثة التي أهملها وزادها في (الروضة) .. فهي: أن الأشقاء يحجبون الإخوة لأب وأولادهم لا يحجبونهم، والأخ للأب يحجب بني الأخ الشقيق ولا يحجبهم ابنه، وبنو الإخوة لا يرثون مع الأخوات إذا كن عصبات مع البنات.
قال: (والعم لأبوين أو لأب كالأخ من الجهتين اجتماعًا وانفرادًا) فمن انفرد منهما .. استغرق المال ويأخذ الباقي بعد الفرض، وإن اجتمعا .. سقط عم الأب، وهذا عند عدم بني الإخوة؛ فإنهم يحجبونهم لتأخر رتبتهم عنهم.
قال: (وكذا قياس بني العم)؛ فهم عند بني العم كبني الإخوة عند عدم الإخوة.
قال: (وسائر عصبة النسب) أي: كل ابن من العصبة كأبيه، وإلا .. فليس بعد بني الأعمام من عصبات النسب أحد.
قال الشيخ: وقد يورد عليه بنو الأحداث اللواتي هن عصبة مع البنات، وليس بنوهن مثلهن وهن من عصبة النسب.
وجوابه: أن الكلام في العصبة بنفسه لا في مطلق العصبة.
وَالْعَصَبَةُ: مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ مِنْ المْجُمَعِ عَلَى تَوْرِيثهِمْ، فَيرِثُ الْمَالَ أَوْ مَا فَضَلَ بَعْدَ الفُرُوضِ
ــ
قال: (والعصبة: من ليس له سهم مقدر من المجمع على توريثهم) المراد: من ليس له سهم مقدر حال تعصيبه من جهة التعصيب؛ ليدخل الأب والجد والأخوات مع البنات، لأن لهم في حالة أخرى سهمًا مقدرًا.
واحترز بـ (المجمع على توريثهم) عن ذوي الأرحام؛ فإن من ورثهم لا يسميهم عصبات، لكن لا يأتي هذا على مذهب أهل التنزيل وهو المصحح كما تقدم؛ فإنهم ينزلون كلاً منزلة من يدلي به، وهم ينقسمون إلى ذوي فرض وعصبات.
واستدل لهذا الحكم بما روى البخاري عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي .. فهو لأولى رجل ذكر) وأورده الإمام والغزالي بلفظ: (فهو لأولى عصبة ذكر) وهو لا يعرف في رواية وإن ادعى الرافعي شهرتها، بل قال ابن الجوزي: لا يحفظ، والجمع بين رجل وذكر تأكيد، وقال السهيلي: إنه تابع لأولى لا لرجل.
والعصبة جمع عاصب، والعين والصاد والباء تدل على القوة والإحاطة من الجوانب، وعصبة الميراث من ذلك؛ لأنهم محيطون به ويتقوى بهم، لكن أطلق المصنف العصبة على الواحد وأنكره ابن الصلاح وغيره، وكل من ذكرنا من الرجال عصبة إلا الزوج، وكل من ذكرنا من النساء ذات فرض إلا المعتقة.
قال: (فيرث المال أو ما فضل بعد الفروض) ليس هذا من تتمة الحد كما اقتضاه كلام (الوسيط)، بل هو بيان لحكم العصبة بنفسه، أما الأخوات مع البنات .. فإن لهن في حالة أخرى سهمًا مقدرًا، ولكن مع البنات لا سهم لهن.
تتمة:
العصبة على ثلاثة أقسام: