المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: يُسَنُ الإِيصَاءُ ــ قال في (المهمات):الصواب: أن للأول ثلاثة أرباعه وللثاني الربع؛ - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٦

[الدميري]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: يُسَنُ الإِيصَاءُ ــ قال في (المهمات):الصواب: أن للأول ثلاثة أرباعه وللثاني الربع؛

‌فَصْلٌ:

يُسَنُ الإِيصَاءُ

ــ

قال في (المهمات):الصواب: أن للأول ثلاثة أرباعه وللثاني الربع؛ فإن النصف للأول، وشركته مع الثاني في النصف الآخر يكون بينهما نصفين. اهـ

وهذه طريقة التداعي، وهي ضعيفة لم يفرع الرافعي ولا المصنف عليها شيئا في هذا الباب.

والصواب المعتمد المنقول في المذهب: أن للأول ثلثين وللثاني ثلثا؛ عملا بطريقة العول التي نص عليها في (الأم)،واختارها ابن الحداد، وتقريرها: أن يقال: معنا مال ونصف مال، فتضع النصف على الكل، فتكون الجملة ثلاثة، تقسم على النسبة، فيكون لصاحب المال ثلثاه، ولصاحب النصف الثلث، وقد ذكرها الرافعي والمصنف في القسم الثاني في حساب الوصايا، ويستأنس لها القرآن؛ فإن الله تعالى جعل لابن إذا انفرد جميع المال،، وللبنت عند الانفراد النصف، فإذا اجتمعا أخذ الابن قدرها مرتين، فلذلك قلنا: يعطي الموصى له بالجميع الثلثين، والموصى له بالنصف الثلث، هذا هو الصواب، والذي في (المهمات) سهو.

قال: (فصل:

يسن الإيصاء)،هذا باب مستقل انعقد الإجماع عليه، وقد أوصى أبو بكر عمر رضي الله عنهما بالخلافة، وكتب ابن مسعود: إن وصيتي إلى الله تعالى ثم إلى الزبير وابنه، وإنهما في حل وبل مما وليا وقضيا، ولا تزوج امرأة من بنات عبدالله إلا بإذنها.

وروى سفيان بن عيينة: أن الزبير كان وصيا لسبعين من الصحابة، منهم عثمان والمقداد وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود، وكان ينفق على أيتامهم من ماله، ويحفظ عليهم أموالهم.

ص: 321

بِقَضَاءِ الد?يْنِ،

ــ

وخرج سعيد بن منصور عن أنس: أنهم كانوا يكتبون في صدور وصاياهم: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به فلان: أن يشهد أن لا إله إلا الله

وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما وصى به إبراهيم بنيه ويعقوب يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

وكتب أبو بكرة في وصيته: هذا ما وصى به نفيع الحبشي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يشهد أن الله ربه، وأن محمدا نبيه، وأن الإسلام دينه، وأن الكعبة قبلته، وأن يرجو من الله ما يرجوه المعترفون بتوحيده، المقرون بربوبيته، الموقنون بوعده ووعيده، الخائفون من عذابه، المشفقون من عقابه، المؤملون لرحمته، إنه أرحم الراحمين.

وعبر (المحرر) بالوصاية، فعدل المصنف عنه إلى الإيصاء؛ لأن المبتدئ لايفهم الفرق بين الوصية والوصاية، والإيصاء يعمها لغة، والتفرقة من اصطلاح الفقهاء.

قال: (بقضاء الدين)؛لأن ذمة الميت مرتهنة به حتى يقضي عنه، والمراد: الدين الذي لا يعجز عنه في الحال، أما الذي يعجز عنه .. فالوصية به واجبة كما صرح به في (الروضة)،قال: وكذا الإيصاء برد المظالم.

قال الإمام: وتجهيز الميت بمثابة الدين ثم مؤنة رد التركة، وسبيلها سبيل الديون.

قال الإمام: لا يظهر للوصاية بقضاء أثر؛ إذ للورثة القضاء من أموالهم.

فرع:

قال القاضي: يجوز الإيصاء بتقاضي الديون وإن لم يعين المتقاضي منه، حتى لو

ص: 322

وَتَنْفِيذِ الوَصَايَا، وَالنَظَرِ فِي أَمْرِ الأَطْفَالِ

ــ

قال: استوفوا ديوني، وكان وارثه غائبا .. أقام القاضي من يستوفيها ويحفظها إلى حضوره، وإن لم يوص به .. لم يكن للقاضي ذلك.

قال: (وتنفيذ الوصايا)؛استباقا للخيرات، وذكرت طائفة منهم الإمام: أن الوصاية لا تجري في رد المغصوب والودائع، ولا في الوصية بعين لمعين؛ لأنها مستحقة بأعيانها فيأخذها أصحابها، وإنما يوصى فيما يحتاج إلى نظر واجتهاد كالوصية للفقراء.

قال الرافعي: وهو موضع توقف معنى ونقلا، وأما المعنى .. فخوف خيانة الوارث، والنقل .. ما سيأتي في آخر الباب، وفي (باب الوديعة) حيث قالوا: إن أوصى لفاسق .. ضمن.

قال ابن الرفعة: وفائدتهما في الأعيان: في غيبة الموصى لهم، وفي حال تعذر القبول، فتكون تحت يد الوصي، ولولا الوصاية .. كانت عند الحاكم.

وأما العواري والودائع والغصوب .. ففائدتها: مطالبة الوصي؛ ليبرأ الميت منها.

قال: (والنظر في أمر الأطفال)؛ خشية الضياع، وما ذكره من التقييد بـ (الأطفال) هنا في (المحرر) و (الشرح) و (الروضة) يقتضي: أن المجانين والسفهاء لا تصح الوصاية عليهم، وليس كذلك؛ فقد صرح القاضي أبو الطيب وغيره بصحتها على المجنون، وصرح مجلي في (الذخائر) بصحتها على الذي بلغ سفيها؛ قياسا على الصبي.

أما من ترك الإيصاء عليهم اتكالا على الله تعالى .. فقال الشيخ: لا أرى أن يكون بذلك مخالفا للسنة، وليس في السنة أمر به، ولذلك كان تعبير (المحرر) بالاستحباب أحسن من تعبير المصنف بـ (السنة)،لكن قد تجب الوصية، وذلك إذا علم استيلاء الخونة من أمناء الحكم وغيرهم على ماله.

ص: 323

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما الوصية على الحمل .. فتجوز بطريق التبع، وفي إفرادها توقف؛ لأن الأب لم تثبت له الولاية عليه، فكيف ينقلها إلى الوصي؟! لكن في (تعليق الشيخ أبي حامد) ما يقتضي الجواز، وهو الذي يشعر به كلام الروياني وغيره في (كتاب الشفعة).

فرع: من علم من نفسه الأمانة والقدرة .. استحب له قبول الوصية، فإن لم يعلم من نفسه ذلك .. فيختار له أن لا يقبل.

وفي (مناقب الشافعي) للبيهقي: قال الربيع: قال الشافعي رضي الله عنه: لا يدخل في الوصية إلا أحمق أو لص، فإن علم في نفسه الضعف .. فالظاهر: أنه يحرم القبول؛ لما روى مسلم عن أبي ذر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تتأمرن على اثنين، ولا تلين مال يتيم).

فإذا لم يوص أحدا .. نصب القاضي من يقوم بهذه الأمور.

فائدة:

قال الشيخ: لم يتعرض ابن الرفعة ولا غيره لاستئذان أرباب الديون في البيع، والتركة مرهونة بحقهم، قال: وينبغي أن لا يمكن الوصي ولا الوارث من البيع حتى يحضر أرباب الديون ويوافقوا، فإن امتنع أحد منهم .. أجبره القاضي، قال: بل أقول: لأرباب الديون أن لا يرضوا بالوصي ولا بيد الورثة البالغين من الانفراد

ص: 324

وَشَرْطُ الْوَصِي?: تَكْلِيفٌ، وَحُر?يةٌ، وَعَدَالَةٌ

ــ

بوضع اليد عليها بحق الديون، فمتى كان في التركة دين ولو درهم .. لا ينفرد الوصي ولا الورثة باليد، بل يجب على القاضي وضع يده عليها حتى يوفى الدين منها وتنفذ الوصايا، بل للقاضي النظر في جميع التركات لأجل الديون والوصايا.

قال: (وشرط الوصي: تكليف)،فلا تصح الوصاية إلى الصبي والجنون ولو قل جنونه؛ لأنها أمانة وولاية وليسا من أهلها، ولأنهما مولي عليهما فلا يليان أمر غيرهما، فإن وصى إليه وهو ناقص فصار عند الموت كاملا .. صح على الأصح.

ومحل ما ذكره المصنف: إذا لم يعلقه على طروء التكليف، فإن قال: أوصيت لفلان حتى يبلغ ولدي فإذا بلغ فهو وصيي .. جاز كما سيأتي.

قال الجوهري: الوصي من الأضداد يطلق على الذي يوصي والذي يوصى إليه، ومراد المصنف الثاني.

قال: (وحرية)؛لأن الرقيق لا يتفرغ لذلك لشغله بخدمة السيد، والخلاف فيه مع مالك وأبي حنيفة.

قال ابن الرفعة: ومن هذه المسألة يفهم منع الإيصاء لمن أجر نفسه في عمل مدة لا يمكنه فيها التصرف بالوصاية، ولم نر من قاله.

والمبعض والكاتب والمدبر وأم الولد ومعلق العتق بصفة كالقن، وفي مدبره وأم ولده خلاف مبني على وقت اعتبار الصفات، والأصح: أنها معتبرة بحالة الموت، وقيل: بحالة الإيصاء، قال الشيخ: وكلام الشافعي والأكثرين دال عليه، وسيأتي الكلام عليها في أم الأطفال.

قال: (وعدالة)،فالفاسق ممنوع منها بالإجماع، والمراد: العدالة الظاهرة كما قاله الهروي في (أدب القضاء)،وقد تقدم في (الوقف):أن الناظر على الجهات العامة والأشخاص المعينين إذا لم يكن فيهم طفل قيل فيه: إن العدالة لا تشترط فيه؛ لأنه إن خان حملوه على الصواب والسداد، فيظهر جريانه في الوصي من باب أولى إذا

ص: 325

وَهِدَايَةٌ إِلىَ الْتَصَرُفِ الْمُوصَى بِهِ، وَإِسْلَامٌ، لَكِنِ الأَصَح?: جَوَازُ وَصَيةِ ذِمِي? إِلىَ ذِمِي?

ــ

كان على تفرقة شيء معين ولا طفل هناك، ولذلك قال في (المعاياة):إذا أوصى إلى فاسق بتفرقة ثلثه .. لم يصح، فإن فرقه، فإن كانت الوصية لمعينين .. لم يضمن، لأنهم أخذوه، وإن كانت لغير معينين كالفقراء .. ضمن.

قال: (وهداية إلى التصرف الموصى به) فالعاجز عنها لسفه أو مرض أو هرم أو تغفل لا تصح الوصية إليه؛ لنقصه وإن كان عدلا.

وقال الماوردي: إذا أوصى إلى ضعيف ضم الحاكم إليه أمينا، وهو موافق لما سيأتي إذا طرأ الضعف؛ فإنه إذا ضعف نظر الوصي واختلت كفاءته وعجز عن ضبط الحساب أو ساء تدبيره لكبر أو مرض .. نصب القاضي معه من يقوم بذلك ويسد الخلل ولا ينعزل بذلك، بخلاف ما إذا تغير حاله بالفسق، وبخلاف ما إذا نصب الحاكم قيما وطرأ عليه ذلك؛ فإن له عزله وإقامة غيره.

قال: (وإسلام)،فلا تجوز وصاية المسلم إلى الذمي؛ لقوله تعالى:} لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء {.

أما لو كان المسلم وصيا على ذمي وفوض إليه أن يوصي عليه .. فيظهر جواز إسناد الوصية إلى ذمي.

وأما وصية الذمي إلى المسلم .. فجائزة بالاتفاق.

قال: (لكن الأصح: جواز وصية ذمي إلى ذمي)،كما يجوز أن يكون وليا على أولاده بشرط أن يكون الأولاد محكوما بكفرهم وأن يكون عدلا في دينه.

ص: 326

وَلَا يَضُرُ الْعَمَى فِي الأَصَح?، وَلَا تُشْتَرَطُ الذُكُورَةُ، وَأُمْ الأَطْفَالِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا

ــ

والثاني: لا تجوز وصية الذمي إلى ذمي كما لا تجوز شهادة الكافر، فعلى هذا: إذا تصرف برد الودائع ونحوها .. لم يضمن لوصوله إلى مستحقه.

والمعاهد والمستأمن في جميع ما ذكر كالذمي، فلو عبر بالكافر .. كان أعم.

وتجوز وصية النصراني إلى اليهودي وعكسه، أما أموال أيتامهم إذا كانت بأيديهم ولم يترفعوا إلينا .. فقال ابن الصلاح والماوردي والروياني: ليس للحاكم التعرض لهم ما لم يتعلق بها حق مسلم.

قال: (ولا يضر العمى في الأصح)؛لأن الأعمى متمكن من التوكيل فيما لا يمكن منه.

والثاني: يضر؛ لأنه ممتنع من المباشرة للعقود بنفسه، وصححه القاضي، وهما كالوجهين في ولاية النكاح، لكن الخلاف في العمى الطارئ أضعف منه في العمى المقارن.

وشرط الروياني وآخرون: أن لا يكون عدوا للطفل، فقالوا: شرطه أن تجوز شهادته عليه، وهو منقوض بالذمي؛ فإنه يوصي إلى الذمي فلا تجوز شهادته عليه.

قال: (ولا تشترط الذكورة)،حكى ابن المنذر فيه الإجماع.

وفي (سنن أبي داوود):أن عمر رضي الله عنه أوصى إلى حفصة رضي الله عنها، وقال عليه الصلاة والسلام:(خذي ما يكفيك وولدك).

وذكر الحناطي وجها: أنه لا تجوز الوصاية إلى الأم.

قال الرافعي: وحقه الطرد في جميع النساء.

قال: (وأم الأطفال أولى من غيرها) أي: اجتمعت الشروط فيها .. فهي أولى من غيرها من النساء ومن الرجال إذا كان فيها ما فيهم؛ لوفور شفقتها، وخروجا من

ص: 327

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خلاف الإصطخري؛ فإنه يرى أنها تلي بعد الأب والجد.

هذا بالنسبة إلى الزوجة، وأما أم الولد .. فالمنصوص: أنها لا تجوز الوصية إليها؛ اعتبارا بحالة الوصية.

وعند الرافعي والشيخ: الأظهر: الجواز؛ اعتبار لحالة الموت.

فرع:

الأب والجد ليس للحاكم أن يكشف عنهما حتى يثبت عنده ما يوجب زوال نظرهما، من فسق أوخيانة، فيعزلهما حينئذ ويولي غيرهما، وكذا أمين الحاكم.

وأما الوصي .. ففي جواز الاستكشاف عنه وجهان:

أحدهما: لا، كالأب.

والأصح: أن على الحاكم استكشاف حاله، وهذا إنما قالوه في ابتداء ولاية القاضي، فلو أراد في دوام ولايته ذلك .. فلم يتعرضوا له، ولا يبعد جوازه عند طول العهد كما سيأتي في استزكاء الشهود.

قال الشيخ: أما عند الريبة فلا يرتاب في ذلك، وقد كان يفعل ذلك في زمن شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين القشيري، فقيل له: هل أنتم أشفق على الأخ من أخيه؟ فقال: أما شفقة الدين فنحن أشفق من إخوتهم عليهم، ونحن أغير على دين الله تعالى أن نسلم المال إلى من لا نثق بدينه، ولا يخفى كم رأينا من والد وأخ أخذ مال ابنه وأخيه وأتلفه، وسببه أن حظ نفسه عنده أقوى من حظ أخيه.

وذكر الشيخ في (باب المساقاة):أنه يجوز للقاضي أن يضم إلى الوصي غيره بمجرد الريبة من غير ثبوت خلل، قال: وهذا عين قول الأصحاب: إن القاضي إذا وجد الوصي ضعيفا عضده بمعين.

ص: 328

وَيَنْعَزِلُ الْوَصِي? بِالْفِسْقِ، وَكَذَا الَقاضِيِ فِي الأَصَح?، لَا الإِمَامُ الأَعْظَمُ

ــ

قال: (وينعزل الوصي بالفسق) لزوال الشرط وفي معنى الوصي قيم الحاكم.

والمراد بـ (الفسق):التعدي في المال أو غيره بعد موت الموصي، أما قبله .. فينبني على وقت اعتبار الشروط.

ومثله لو جن أو أغمى عليه، فإذا تاب أو أفاق .. لم تعد ولايته كالقاضي إذا فسق، وإذا فسق الأب أو الجد .. انتزع الحاكم مال الطفل، فإن تابا أو أفاقا .. عادت ولايتهما؛ لوفور شفقتهما.

قال: (وكذا القاضي في الأصح)؛لزوال أهليته.

والثاني: لا، كالإمام الأعظم، إلا أن يعزله الإمام.

والمسألة كررها المصنف في (القضاء)،لكنه فرضها في عدم نفوذ حكمه لا في انعزاله كما ههنا.

قال: (لا الإمام الأعظم)؛لتعلق المصالح الكلية بولايته، ونقل القاضي عياض الإجماع على ذلك، بل تجوز ولاية الفاسق ابتداء إذا دعت ضرورة إلى ذلك.

وقيل: ينعزل، وإلا .. تفسد الرعية، وصوبه في (المطلب)،وبه جزم القاضي أبو الطيب والماوردي في (الأحكام).

وفي ثالث: ينعزل إذا لم تحصل بعزله فتنة، وإلا .. فلا؛ لأن الفتنة أضر من ولايته.

إذا كان الوصي أتلف مالا .. لم يبرأ من ضمانه حتى يدفعه إلى الحاكم ثم يرده الحاكم عليه إن ولاه، وفي مثله للأب أن يقبض من نفسه لولده.

وليس من التعدي أكل الأب والوصي مال الطفل للضرورة، ولكن إذا وجب الضمان .. فطريق البراءة ما ذكرنا، كذا قاله الرافعي، ونازعه فيه الشيخ.

ص: 329

وَتَصِحُ الوَصِيَةُ بِقَضَاءِ الد?يْنِ. وَتُنَفُذُ الْوَصِيِةُ مِنْ كُل? حُر? مُكَلَف?، وَيُشْتَرَطُ فِي أَمْرِ الاطْفَالِ مَعَ هَذَا: أَنْ تَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ. وَلَيْسَ لِوَصِي? إِيْصَاءٌ،

ــ

قال: (وتصح الوصية بقضاء الدين. وتنفذ الوصية من كل حر مكلف) كذا في نسخة المصنف، عمل بعد الدين دائرة تدل على الفصل، وضم فاء (تنفذ) والذال بعدها، فصار مسألتين:

إحداهما: صحة الوصية في قضاء الدين، وهذه تقدمت.

والثانية: نفوذ الوصية من كل حر مكلف.

والمراد: أنه يشترط في الموصي إذا كانت الوصية بقضاء الدين أو تنفيذ الوصايا أن يكون حرا مكلفا، وهكذا عبارة الرافعي، ويرد عليهما: أن السفيه حر مكلف، وتقدم: أن وصيته بالمال صحيحة على المذهب.

وقال ابن الفركاح: ينبغي أن يقرأ (تنفيذ) بزيادة (ياء) بين (الفاء) و (الذال)،كما هو في (المحرر) و (الشرح) و (الروضة).

قال: (ويشترط) أي: في الوصي (في أمر الأطفال مع هذا: أن تكون له ولاية عليهم) أي: ولاية مبتدأة من الشرع لا بتفويض.

واحترز به عن وصية الوصي كما سيأتي.

قال الشيخ: ومقتضى هذا: أن الأب السفيه ليس له أن يوصي؛ لأنه لا ولاية له على ولده، وهذا لاشك فيه، وليس خاصا بالطفل، بل المجنون كذلك، وكذلك السفيه حيث كانت الولاية عليه للأب.

قال: (وليس لوصي إيصاء)،هذا في الوصية المطلقة التي لم يأذن فيها بأن يوصي؛ لأن الموصي لم يرض بالثاني، وبهذا قال أحمد.

وخالف مالك وأبو حنيفة والثوري. وقالوا: له أن يوصي.

لنا: القياس على الوكيل

ص: 330

فَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِيهِ .. جَازَ فِي الأَظْهَرِ. وَلَوْ قَالَ: أَوصَيْتُ إِليْكَ إِلى بُلوغِ ابْنِي أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ فَهُوَ الوَصِي? .. جَازَ

ــ

قال: (فإن أذن له فيه .. جاز في الأظهر) كالوكيل يوكل بالإذن بل أولى؛ لقوة نظر الموصي.

والثاني: لا؛ لبطلان إذنه بالموت، هذا إذا لم يعين بأن قال: أوص إلى من شئت، فإن قال: أوص إلى فلان .. فالمذهب كذلك.

وقيل: يصح قطعا، ورجحه الماوردي.

وموضع القولين: إذا أذن له أن يوصي عن نفسه أو أطلق، فإن أذن له أن يوصي عن الموصي .. صح قطعا، صرح به ابن الصباغ والقاضي أبو الطيب والروياني.

فإن قلنا: يصح، فمات الموصي من غير وصية إلى فلان .. فهل على الحاكم نصبه أو له نصب غيره؟ فيه وجهان.

قال: (ولو قال: أصيت إليك إلى بلوغ ابني أو قدوم زيد فإذا بلغ أو قدم فهو الوصي .. جاز) وكذا لو قال: أوصيت إليك فإذا مت ففلان وصيي أو فقد أوصيت إليه، أو أوصيت إليك سنة فإذا مضت فوصيي فلان؛ لأن الموصي هو الذي أوصى إليه وجعل الوصاية إلى الثاني مشروطة بشرط، والوصية كما تحتمل التعليق تحتمل الأخطار، ولأن الوصاية قريبة من التأمير، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم زيدا وقال:(إن أصيب زيد .. فجعفر، وإن أصيب جعفر .. فعبدالله بن رواحة).

وروي: أن فاطمة أوصت إلى علي، فإن حدث بها حادث .. فإلى بنيها رضي الله عنهم.

وقيل: فيه الخلاف في تعليق الوكالة.

ص: 331

وَلَا يَجُوزُ نَصْبُ وَصِي? وَالجَد? حَي? بِصِفَةِ الوِلَايَةِ، وَلَا الإِيصَاءُ بِتَزْوِيجِ طِفْلٍ وَبِنْتِ

ــ

قال الرافعي: وبالمنع أجاب الروياني، فمنع: إذا مت .. فقد أوصيت إليك، وجوز: أوصيت إليك إذا مت.

قال: (ولا يجوز نصب وصي والجد حي بصفة الولاية)؛لأن ولايته ثابتة بالشرع كولاية التزويج.

وقيل: يجوز؛ لأنه أولى من الجد فكذا نائبه.

ويستثني من ذلك: المشكل إذا استلحق ولدا ولم يصرح ببنوة الظهر ولا البطن، فإذا بلغ هذا الولد وحدث له أولاد فأوصى عليهم أجنبيا مع وجود الجد المستلحق .. صحت وصيته جزما؛ لاحتمال أن يكون امرأة فلا ولاية لها عليهم، صرح به القاضي أبو الفتوح، وهو ظاهر.

تتمة:

مراد المصنف: الوصاية في أمر الأطفال، فأما في الديون والوصايا .. فلا خلاف في جواز نصبه مع الجد، فإن لم ينصب .. فأبواه أولى بقضاء الديون، والحاكم بتنفيذ الوصايا، واستثنى الشيخ من ذلك ما إذا كان الجد غائبا .. فله أن يوصي إلى حضوره؛ لأن الضرورة تدعو إلى ذلك.

قال: (ولا الإيصاء بتزويج طفل وبنت)،خلافا لمالك وأبي حنيفة؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:(السلطان ولي من لا ولي له)،ولأن الوصي لا يتعير بدخول الدناءة في نسبهم، واللائق تفويض أمر التزويج إلى من يعتني بالنسب أو يختص بقوة النظر والاجتهاد كالقاضي، وأيضا فلأنهم لو كانوا بالغين .. لم تجز

ص: 332

وَلَفْظُهُ: أَوْصَيْتُ لَكَ، أَوْ فَو?ضْتُ، وَنَحْوُهُمَا .. وَيَجُوزُ فِيهِ التَوْقِيتُ وَالتَعْلِيقُ. وَيُشْتَرَطُ: بَيانُ مَا يُوصِي? فِيهِ- فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى: أَوْصَيْتُ إِلَيْكَ .. لَغَا-

ــ

الوصاية في حقهم وإن كانوا صغارا، فغير الأب والجد لا يزوج الصغير والصغيرة، وإذا علم أن الوصي لا يزوج بالوصاية .. فبدونها أولى.

قال: (ولفظه) أي: لفظ الإيصاء (أوصيت لك) بكذا (أو فوضت ونحوهما) مثل: أقمتك مكاني، أو نزلتك منزلي في أمر أولادي بعد موتي، وتكفي إشارة الأخرس المفهمة وكتابته.

قال: (ويجوز فيه التوقيت والتعليق)؛ لأنها تحتمل الجهالات والأخطار.

قال: (ويشترط: بيان ما يوصي فيه)؛ليكون على بصيرة مما يدخل فيه، فيقول: في قضاء ديوني وتنفيذ وصيتي والتصرف في مال أطفالي والقيام بمصالحهم، ومتى خصص أو عمم .. اتبع.

قال: (فإن اقتصر على: أوصيت إليك .. لغا) كما لو قال: وكلتك، ولم يبين ما فيه التوكيل، ولأنه لا عرف يحمل عليه.

وصرح الرافعي ينفي الخلاف عن ذلك.

وقال في (شرح التعجيز) بالإجماع.

قال الشيخ: لكن العرف إذا قالوا: فلان أوصى إلى فلان .. شمول جميع التصرفات، ويشهد له قول علماء البيان: إذ حذف المعمول يؤذن بالتعميم، لا جرم جزم الزبيلي في (أدب القضاء) بالصحة، وبه أفتى القفال.

فرع:

قال: أوصيت لك في أمر أطفالي، أو أقمتك مقامي في أمر أطفالي ولم يذكر التصرف .. فوجهان:

أصحهما- في (الحاوي الصغير) –: ليس له إلا حفظ أموالهم؛ تنزيلا على الأقل.

ص: 333

وَالقَبُولُ، وَلَا يَصِح? فِي حَيَاةِ المُوَصِي? فِي الأَصَح?. وَلَوْ وَصَى اثْنَيْنِ .. لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا

ــ

والثاني: له الحفظ والتصرف؛ اعتمادا على العرف، واختاره الشيخ.

وفي وجه ثالث: أن الوصاية لا تصح حتى يبين ما فوضه إليه، فاجتمع في المسألة ثلاثة أوجه.

قال: (والقبول) فلا تتم الوصاية إلا به كالوكالة، وظاهر عبارته: اشتراط ذلك لفظا؛ لأن الوصاية هي العقد المشتمل على الإيجاب والقبول، والإيصاء هو الإيجاب وحده، والقبول ركن، ولذلك قال فيه (التنبيه):ولا تتم الوصية إلا بالقبول.

والقبول يطلق بمعنيين:

أحدهما: اللفظ الدال عليه وقد علم ما فيه.

والثاني: الرضا بما فوضه إليه، وهذا لابد منه، حتى لو رد وقال: لا أقبل .. فإنها تبطل كالوكالة.

والقبول على التراخي ما لم يتعين تنفيذ الوصايا، ويلتحق به ما لو عرضها الحاكم عليه عند ثبوتها عنده، قاله الماوردي في نظيرها من الوكالة.

قال: (ولا يصح في حياة الموصي في الأصح)؛لأنه لم يدخل وقت التصرف.

والثاني: يصح كالوكالة، وبهذا جزم العراقيون.

والرد في حياة الموصي على هذا الخلاف، فإن رد بعد الموت .. لغت قطعا.

قال: (ولو وصى اثنين .. لم ينفرد أحدهما)؛لأنه أناط الأيدي بالاجتماع، وقد يكون أحدهما أوثق والآخر أحذق، وسواء صرح باجتماعهما أو أطلق؛ تنزيلا على الأخذ بالأقل والأحوط، ولم يحكوا في حالة الإطلاق خلاف الوكالة.

وقيل: ما يدخله الاجتهاد ليس لأحدهما التفرد به، وما لا يدخله، فما للموصى له أن ينفرد بتناوله .. جاز لأحدهما أن ينفرد به، كرد الودائع والغصوب والعواري،

ص: 334

إِلَا إِنْ صَرحَ بِهِ

ــ

وتنفيذ وصية معينة، وقضاء دين في التركة جنسه.

وهذا في الحقيقة قيد لإطلاق المسألة؛ لأن لصاحبه الاستقلال به.

قال الرافعي: وهذا واضح في وقوع المدفوع موقعه وعدم نقصه، وأما جواز الإقدام على الانفراد به .. فليس واضحا؛ فإنهما لم يتصرفا إلا بالوصية فلتكن بحسبها، لكن يرد على المصنف: ما لو اختلفا في الحفظ؛ فإنه يقسم بينهما على الأصح.

قال الإمام: وليس المراد من الاجتماع: أن يتلفظا بالعقد معا، وإنما صدوره عن رأيهما، وأن يباشره أحدهما أو غيرهما برأيهما، فلو مات واحد أو فسق أو جن أو غاب أو لم يقبل، فإن شرط الاستقلال .. انفراد الآخر، أو الاجتماع .. نصب الحاكم بدله، وليس له إثبات الاستقلال للباقي على الأصح، وكذا لو ماتا .. ليس له نصب واحد فقط على الأصح، وليس لأحد الوصيين أن يبيع من الآخر.

قال: (إلا إن صرح به)،فحينئذ يجوز الانفراد عملا بالإذن كالوكالة، فلو خرج أحدهما عن الأهلية لم ينصب بدله.

فروع:

الأول: يجوز أن يوصى إلاى زيد ويجعل عمرا ناظرا عليه، فإن أراد الوصي أن ينفرد بالعقد من غير مطالعة الناظر .. لم يجز، وإن أراد الناظر أن يتولى العقد .. لم يجز.

وقال أبو حنيفة: الناظر وصي يفعل ما يفعل الوصي.

ودليلنا: أنه لم يجعل للناظر مباشرة عقد أو تنفيذ أمر، بل جعله ناظرا على الوصي في العقد والتنفيذ.

الثاني: أوصى إلى الله وإلى زيد، أو لله ولزيد، أو لله ثم زيد .. فالصواب: أن الوصاية إلى زيد في الأحوال كلها، وذكر الله تعالى للتبرك؛ لأنه المستعان في كل شيء.

ص: 335

وَلِلمُوصِي وَالوَصِي? الَعَزْلُ مَتَى شَاءَ

ــ

الثالث: قال: أوصيت إلى زيد، ثم قال: أوصيت إلى عمرو .. لم يكن عزلا للأول، فإن قبلا .. فهما شريكان على الاجتماع لا ينفرد أحدهما بالتصرف عند الرافعي.

وقال البغوي: لأحدهما الانفراد، وجعله الشيخ الأظهر.

وإن قبل أحدهما دون الآخر .. انفرد بالتصرف.

الرابع: في (زيادات العبادي):لو قال الموصي: اعمل برأي فلان، أو بعلم فلان، أو بحضرته .. جاز أن يخالفه فيعمل دون أمره، فإن قال: لا تفعل إلا بأمر فلان، أو إلا بعلم فلان، أو إلا بحضرته .. لم يكن له الانفراد؛ لأنهما وصيان.

قال: (وللموصي والوصي العزل متى شاء)؛لأنه تصرف بالإذن، فأشبه الوكالة.

وفي زوائد (الروضة):إنما يجوز العجز إذا لن تتعين عليه، ولم يغلب على ظنه تلف المال باستيلاء ظالم من قاض أو غيره، وإلا .. حرم عليه عزل نفسه، وبذلك قال ابن الصلاح وابن عبد السلام.

وقال الماوردي: إن كانت بلا عوض .. جاز، وإلا .. كانت لازمة كعقد الإجارة.

وقال أبو حنيفة: ليس للموصى عزل نفسه بعد موت الموصي ولا في حياته إلا بحضوره.

وفي إطلاق العزل بالنسبة إلى الموصي نظر؛ فإن العزل فرع الولاية ولا ولاية قبل موت الموصي، فكان الأليق التعبير بالرجوع كما عبر به في (الروضة) و (الشرح).

وتسميته عزلا؛ إنما تكون على اعتبار حال الوصية وأن القبول لا يشترط، وإلا .. لم تصح تسميته بذلك.

ص: 336

وَإِذَا بَلَغَ الطِفْلُ وَنَازَعَهُ فِي الإِنْفَاقِ عَلَيْهِ .. صُد?قَ الوَصِي?

ــ

فإن قيل: إذا كان حفظ مال اليتيم فرض كفاية، والشروع في فرض الكفاية يوجب الإتمام على الأصح، فينبغي أن يحرم على الوصي عزل نفسه مطلقا .. فالجواب: أن قطع فرض الكفاية إن لزم فيه بطلان ما مضى كصلاة الجنازة .. حرم، وإلا، فإن لم تفت بقطعه مصلحة مقصودة للشارع بل حصلت بتمامها كما إذا شرع في إنقاذ غريق .. جاز قطعه، وإن حصل المقصود ولكن لا على التمام .. فالأصح: أن له القطع أيضا، كما إذا شرع في طلب العلم والوصية .. فله قطعهما؛ لأن غيره يقوم مقامه في ذلك.

مهمة:

أطلق الشيخان: أنه لا يلزم الوصي الإشهاد على بيع مال الطفل على الأصح، ومحله: إذا كان البيع حالا، فإن كان مؤجلا .. وجب الإشهاد، فإن تركه .. ففي بطلان البيع وجهان، كما ذكره في زوائد (الروضة) في الباب الأول من أبواب (الرهن)،وتقدمت الإشارة إلى ذلك في (باب الحجر).

قال: (وإذا بلغ الطفل ونازعه في الإنفاق عليه .. صدق الوصي) إذا كان ذلك نفقة مثله؛ لعسر إقامة البينة على ذلك وهو أمين، ولابد مع ذلك من اليمين، فإن ادعى الوصي زيادة على النفقة بالمعروف .. لم يقبل؛ لأنه إما كاذب أو مفرط، وإن ادعى عليه البيع بلا مصلحة .. فالمصدق الولد على الأصح كما تقدم في آخر (الحجر)؛فإن البينة لا تتعذر على ذلك، وإذا عينا قدرا .. فالمصدق من اقتضى الحال تصديقه، وهذه تستثنى من إطلاق المصنف.

فإن تنازعا في تاريخ موت الأب مع التوافق على الإنفاق .. فالأصح: تصديق الولد، خلافا للإصطخري، وليس هذا خاصا بالطفل بل المجنون بعد إفاقته والسفيه.

ص: 337

أَوْ فِي دَفْعٍ إِلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ .. صُد?قَ الْوَلَدُ.

ــ

بعد رشده كذلك، ولا يختص بالوصي بل الأب والجد كذلك، وإنما تركه المصنف؛ لأنه يعلم من طريق أولى.

وحكم القاضي كالوصي، قاله الجرجاني، وينبغي تخصيص الخلاف فيه بحالة عزله، أما في ولايته .. فيصدق قطعا.

قال: (أو في دفع إليه بعد البلوغ .. صدق الولد) أي: بيمينه لتيسر إقامة البينة على ذلك؛ ولأن الله تعالى أمره بالإشهاد بقوله:} فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم {.

وقيل: يصدق الوصي؛ لأن أمين كالمودع، وبه قال أبو حنيفة وأحمد.

وقول الوصي في التلف بالغصب والسرقة مقبول، وهذه المسألة قيل مكررة في آخر (الوكالة).

والجواب: أن تلك القيم المنصوبة من جهة القاضي، وهذه في الوصي وليس مساويا له، ولهذا قال هناك:(وقيم اليتيم إذا ادعى دفع المال إليه بعد البلوغ يحتاج إلى بينة على الصحيح)،لكن حكاية الخلاف في القيم وجزمه في الوصي ليس بجيد، ولو عكس .. لكان أولى؛ لأن القبول في الوصي أقوى منه في القيم.

تتمة:

إذا كان الناظر في أمر الطفل أبا أو جدا أو أما بحكم الوصية وكان فقيرا .. فنفقته على الطفل، وله أن ينفق على نفسه بالمعروف، ولا يحتاج في هذا القبض إلى إذن الحاكم كما أفتى به ابن الصلاح.

فإن كان أجنبيا فقيرا .. فله أن يأخذ من مال الطفل قدر أجرة عمله، فإن كان قدر أجرته لا يكفيه .. فله أخذ قدر كفايته بشرط الضمان؛ لقول عمر رضي الله عنه: (إني أنزل نفسي في مال الله منزلة ولي اليتيم؛ إن احتجت إليه .. أخذت منه، وإن

ص: 338

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أيسرت .. رددته، وإن استغنيت .. استعففت).

وأما إخراج زكاته .. فتقدم في (باب الحجر).

******

خاتمة

إن خاف الوصي أن يستولي غاصب على المال .. فله أن يؤدي في تخليصه شيئا منه، والله يعلم المفسد من المصلح.

قال الشيخ عزالدين: ويجوز تعييب مال اليتيم والسفيه والمجنون لحفظ ما خيف عليه الغصب؛ لقصة الخضر عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

وفي (فتاوى القفال):ليس للوصي خلط حنطته بحنطة الصبي، ودراهمه بدراهمه، وقوله تعالى:} وإن تخالطوهم {محمول على ما لابد منه للإنفاق، وهو خلط الدقيق بالدقيق، واللحم باللحم للطبخ، ونحو ذلك، وقيده صاحب (البيان) بما إذا كان في ذلك رفق بالصبي.

******

ص: 339