المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلً: مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ بِنْسَبِ وَلَهُ مُعْتِقً .. فَمَالُهُ أَوِ - النجم الوهاج في شرح المنهاج - جـ ٦

[الدميري]

الفصل: ‌ ‌فَصْلً: مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ بِنْسَبِ وَلَهُ مُعْتِقً .. فَمَالُهُ أَوِ

‌فَصْلً:

مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ بِنْسَبِ وَلَهُ مُعْتِقً .. فَمَالُهُ أَوِ الْفَاضِلُ عَنِ الْفُرُوضِ لَهُ، رَجُلاً كَانَ أَوِ امْرَأَةً،

ــ

عصبة بنفسه وهم: أبو الإنسان وابنه والذكور المدلون بهم.

وعصبة بغيره وهم: البنت وبنت الابن والأخت لأبوين أو لأب مع إخوتهن.

وعصبة مع غيره وهم: الأخوات لأبوين أو لأب مع البنات وبنات الابن.

وفي (البخاري) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم: {النَبيُّ أَوْلَى بِالْمُؤمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، فأيما مؤمن مات وترك مالاً .. فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينًا أو ضياعًا .. فيأتني فأنا مولاه) فإما أن يكون أريد بالعصبة جميع الورثة، وإما أن يكون أريد حيث لا وارث له غيرهم.

قال: (فصل:

من لا عصبة له بنسب وله معتق .. فماله أو الفاضل عن الفروض له، رجلاً كان أو امرأة)؛ لحديث بريرة:(الولاء لمن أعتق) وإنما أعتقتها عائشة، وإنما تأخر الولاء عن النسب؛ لقوته.

ويدل له أيضًا: ما روى الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الميراث للعصبة، فإن لم تكن عصبة .. فللمولى) وهو مرسل جيد، رواه البيهقي وغيره، ونقل ابن المنذر وغيره فيه الإجماع، وهذا تقدم عند قول المصنف:(والمعتق يحجبه عصبات النسب).

فرع:

أعتق الحربي عبدًا له بدار الحرب، ثم أسر العبد فاشتراه مسلم وأعتقه .. ففي ولائه ثلاثة أوجه:

ص: 158

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ .. فَلِعَصَبَتِهِ بِنَسَبٍ الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ لَا لِبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ، وَتَرْتِيبُهُمْ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي النَّسَبِ،

ــ

أحدها: للسيد الأول؛ لأن ولاءه قد استقر له.

والثاني: للثاني؛ لأن عتقه إياه أقرب إلى الموت.

والثالث: أنه بينهما، واختاره في (الإشراف) ولم يرجح الشيخان شيئًا، لكن ابن اللبان نسب الثاني إلى الشافعي ومالك، وغلَّط الأول بأن الاسترقاق يبطل ولاء الأول، وعلى ترجيح الثاني جرى تلميذه ابن سراقة، وهو قياس قول الشافعي، والثالث منسوب إلى ابن سريج ومحمد بن نصر المروزي، وسيأتي في أول (باب الولاء) الإشارة إلى هذا الفرع.

قال: (فإن لم يكن .. فلعصبته بنسب المتعصبين بأنفسهم لا لبنته وأخته)؛ لأن البنت عصبة بغيرها والأخت عصبة مع غيرها فلا ميراث لهما بالولاء، ولا لغيرهما من النساء اللواتي من أقارب المعتق؛ وبهذا قال الأئمة الثلاثة في المشهور عنهم.

وروي عن أحمد: أن بنت المعتق ترث بالولاء، وإليه ذهب شريح وطاووس في الأخت أيضًا، سواء انفردت أو كان معها أخوها؛ فإنها ترث معه كالنسب، وحجتهم حديث رواه الدارقطني والنسائي:(أن مولى لحمزة توفي وترك بنته وبنت حمزة .. فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته النصف وابنة حمزة النص) قال الشيخ: وهو حديث مضطرب لا تقوم به الحجة، قال: والذي رواه النسائي: أنه كان عتيقها، وقال: إنه أصح.

ثم المعتبر أقرب عصباته يوم موت العتيق، فلو مات المعتق وخلف ابنين ثم مات أحدهما وخلف ابنًا ثم مات المعتق .. فولاءه لابن المعتق لا لابن ابنه.

قال: (وترتيبهم كترتيبهم في النسب) فيقدم الابن ثم ابنه وإن سفل، ثم أبوه ثم جده وإن علا، وقال أحمد: للأب أو الجد السدس والباقي للابن كما في النسب.

والجواب: أن الأب والجد إنما أخذا السدس هناك فرضًا لا تعصيبًا، وعصوبة

ص: 159

لَكِنِ الأَظُهَرُ: أَنَّ أَخَا الْمُعْتِقِ وَابْنَ أَخِيهِ يُقَدَّمَانِ عَلَى جَدِّهِ،

ــ

الأب ساقطة بالابن، ولا ميراث بالفرضية في الولاء.

فإن قيل: إذا اجتمع أبو المعتق ومعتق الأب أيهما يقدم؟ .. فالجواب: لا ولاء لمعتق الأب، لأن المباشرة تقدم على الانجرار، فلا معنى لمقابلة أحدهما بالآخر، وطلب الأولوية إنما هي مغالطة.

قال: (لكن الأظهر: أن أخا المعتق وابن أخيه يقدمان على جده) أما الأخ .. فلأن تعصيبه يشبه تعصيب الابن؛ لإدلائه بالبنوة وتعصيب الجد يشبه تعصيب الأب.

ولو اجتمع الأب والابن .. قدم الابن، وكان القياس تقديمه عليه في الميراث، لكن قام الإجماع على خلافه، فصرنا إليه في الولاء؛ إذ لا إجماع.

والقول الثاني - وبه قال أحمد -: يستويان كالنسب، وصححه البغوي، وعلى هذا: قيل: له الأصلح من المقاسمة وغيرها.

والأصح: أنه يقاسمه أبدًا؛ إذ لا يتصور الفرض في باب الولاء، وسواء كان الأخ شقيقًا أو لأب؛ فإنه يقدم على الجد، فلو اجتمعا معه .. فقيل: تعد عليه الإخوة للأب، والأصح: لا، بل يقسم مع الشقيق فقط، وقدم أبو حنيفة الجد على الأخ مطلقًا.

وأما ابن الأخ .. فلقوة النبوة، كما يقدم ابن الابن وإن سفل على الأب.

والثاني: يستوي مع الجد، وحكى في (الحاوي) بدل هذا القول: أن الجد أولى؛ لقرب درجته، واختاره ابن المنذر كالميراث، فاجتمع ثلاثة أقوال في كل من الصورتين.

تنبيه:

اقتصر المصنف على استثناء الصورتين، وزاد في (الروضة) ثالثة وهي: إذا كان للمعتق ابنا عم أحدهما أخ لأم .. فالأظهر تقديمه على ابن العم الذي ليس بأخ، بخلاف النسب؛ فإنهما سواء بعد إخراج الفرض على المنصوص.

ونص في (البويطي) على أن ابن العم الذي هو ابن الجد يقدم على الجد الذي هو

ص: 160