الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الديار أن هذه اللفظة معناها: يا أسود أقبل، باللغة الفارسية، وهي من قول سيدنا إبراهيم الخليل حين دعا الطيور التي قال الله تعالى ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً
«1» والله أعلم.
[باب الأربعين]
وكان خروجنا إلى زيارة هذا المقام من باب الأربعين المسمى بباب المقام لأنه يخرج إلى مقام سيدنا إبراهيم، وقد عد ابن الشحنة باب الأربعين «2» من أبواب حلب، وقال إنه خرج منه أربعون ألفا فلم يعودوا فسمي بذلك. ونقل عن ابن الخطيب أنه لم يعد إليه سوى رجل واحد، فرأته امرأته من طاق وهو داخل، فقالت له: دبيران جئت؟ فقال: دبيران من «3» لم يجيء. وقيل: إنه كان في المسجد الذي هو داخله «4» أربعون من العباد، وقيل: أربعون محدثا، وقيل: كان به أربعون شريفا، وإلى جانب أعلى المسجد (111 أ) للأشراف مقبرة، انتهى. قلت: وقد وقفت على هذا المسجد ناويا للاعتكاف زمنا قليلا.
واعلم- أيها الواقف على هذه الرحلة- أني كتبت وقائع حلب وأنا بدمشق الشام ولا لي نية بالعود إلى حلب، فكل ما سطرته في مدح أهاليها فهو والله الذي ظهر لي منهم ببادي الرأي، والغريب- كما قيل- أعمى ولو كان بصيرا، ثم لما من الله بالعود إليها رأيت الأمر انعكس عكسا كليا، ولولا الخشية مما قيل: من مدح أو ذم كذب مرتين لأطلقت عنان القلم في ما ظهر لي. وقد أخبرني بعض من أختبرهم من أهالي حلب حيث قال يا شيخ لا تغتر «5» بأهل حلب! فإن هذه لهم عادة قديمة، إنهم «6» يكرمون الغريب ويوقرونه ما دام جديدا، فإذا استمر عندهم مدة ولو قليلة قلوه وملوه لغير سبب، وقد صح عندي هذا بعد
رجعتي إلى حلب، فيا ليت أني لم أعد إليها لأبقى سالم الصدر، فإنا لله وإنا إليه راجعون- من ذا الذي ما ساء قط، من ذا الذي ترضى سجاياه كلها- على أني اختبرت أهل حلب بأن العالم متى ما تكبر عليهم ولم يسلم لهم استمروا على توقيره وتعظيمه (111 ب) .
ومتى ما سلك معهم المسالك المحمودة، وسلم لهم، أو استعمل لين الجانب ومكارم الأخلاق، وأخذ معهم بهدي السلف العلماء قلوه وملوه وقاطعوه وهجروه، فهم عكس أهل دمشق الشام، نعوذ بالله من ردي الأحوال في الأخلاق والأعمال، آمين. وخرجنا من حلب يوم السبت الثالث عشر من شعبان «1» بين الصلاتين.
وممن خرج لوداعنا من أهل حلب سيدي الشيخ محمد الطرابلسي، وسيدي الشيخ طه الجبريني، وسيدي حسين الديري، وسيدي الشيخ عبد القادر الديري، وسيدي عبد الكافي، والشيخ محمد العقاد، والسيد محمد الخاص السرميني، والشيخ حسن، والشيخ سليم.
وأما الشيخ عبد الكريم الشراباتي والشيخ عبد الغني المقدسي فقد وادعانا في دار الحاج محمد. واستجاز الشيخ عبد الغني رواية الحديث فأجزته. وممن وادعنا من أكابرها الحاج إسماعيل آغا ميرو زاده «2» وابن أخيه عبد الله آغا، وسيدي الحاج محمد وأولاده، وسيدي الكبير السيد طالب البصري الرفاعي «3» ، والسيد محمد الطرابلسي خرجوا لوداعنا مقدار فرسخ ونصف على ظهور الخيل. ولما فارقنا حلب المحروسة أذّن خلفنا السيد عبد الكافي.