الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقف سنان باشا «1» ، وذلك أنه أهدى لي علبة حلوى سكرية، والبيتان «2» :
أهدى لنا حلوى حلاوتها زكت
…
فكأنما عجن الدقيق بريقه
وهذا السيد عيسى من طلبة العلم له حسن باهر، ومحيا زاهر، لتسلسل عذاره المسكي، وقيد القلوب بسلاسله وقال: هذا فتكي!.
[العلى]
وتليها مرحلة العلى بضم العين مقصورا، وهو بلد بناحية وادي القرى «3» سميت بذلك لكون الجبلين اللذين يكتنفانها عاليين مرتفعين «4» ، والآن هي قرية صغيرة وقلعة «5» ، وفيها حدائق من النخيل نحو عشرة الاف نخلة، وتمرها جيد، وفيها الليمون الحلو الكبار. وفيها عينا ماء تسقى منها (173 أ) الحدائق وسائر الأشجار، إلا أن ماءها وهواءها رديّان. وفيها أيضا آبار يخرج ماؤها بالسواقي فيسقي الزروع، والمسافة ثمانية عشر فرسخا ونصف إلا أنا قطعناها بنحو عشرين ساعة.
[الحجر: ديار ثمود]
ومررنا بطريقنا ليلا على الحجر ديار ثمود «6» وتسميها العامة ديار صالح، لكن في الإياب مررنا عليها نهارا، وهي أرض موحشة غضب الله ظاهر عليها، وفيها بيوت ذوات
أبواب، على سطح كل باب هيئة الدرجين المعكوسين، تظن العامة أنها مقلوبة، وليس كذلك كما هو ظاهر لمن تأمل البناء «1» وعقد الأبواب والأواوين وأكثر البيوت علا عليها الرمل، نعوذ بالله من غضبه وعقابه. ومررنا على الجبل الذي غاب فيه سيدنا صالح النبي، وتسميه العامة مبرك الناقة، تزعم بأن الجمال إذا سمعت رغاء الفصيل تبرك فلا تثور، وهذا إذا وصلوا إلى ثغر الجبل أكثروا من الصياح ورفع الأصوات وضرب البنادق لكي لا تسمع الجمال رغاء الفصيل فتبرك، وهذا أمر مشهود فيما بينهم، والظاهر أنه لا أصل له، وإنما أصله القديم أنه لما كان رمل ذلك الموضع كثيرا متراكما، والغالب يكون الفيء والظل عليه، فإذا وطئت (173 ب) الجمال ذلك الرمل تبرك كما هو عادتها في غيره، احتالوا لها بذلك والله أعلم.
وأقمنا في هذه المرحلة يوما، ودعانا يوم الإقامة الحاج عبود كبير جمالة حلب، وقدم لنا أطعمة فاخرة من أنواع الحلويات السكرية والكاهي «2» والخروف المحشو والمصارين المحشوة والأكارع والرءوس المطبوخة أحسن طبخ وعليها ماء الليمون، والبلاو «3» المزعفر وعليه قطع اللحم السمينة، والحريرة المطبوخة مع ماء الليمون، والمخلل المعمول من الزيتون والقرع وغير ذلك، ثم شربنا قهوة البن التي كأنها جناح الطاووس، ورش علينا ماء الورد الذي تفوق رائحته «4» المسك وتبخّرنا بالعود الطيب، جزاه الله عنا خيرا، وكان معنا في هذه الدعوة