المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المؤلف وكتابه ‌ ‌الفصل الأول سيرته ‌ ‌أسرته: منذ عهود غابرة لا يعلم مبتدأها، نشأت - النفحة المسكية فى الرحلة المكية

[السويدي]

فهرس الكتاب

- ‌المؤلف وكتابه

- ‌الفصل الأول سيرته

- ‌أسرته:

- ‌طفولته وصباه:

- ‌متاعب الدرس:

- ‌استقراره الاجتماعي:

- ‌دوره في الحياة العامة:

- ‌شهرته العلمية:

- ‌الفصل الثاني دوره في الحياة الفكرية

- ‌شيوخه وإجازاته العلمية:

- ‌مؤلفاته:

- ‌أولا- في علوم القرآن:

- ‌ثانيا: في الحديث الشريف:

- ‌ثالثا: في علم الكلام (العقائد) :

- ‌رابعا: في الأذكار والأخلاق الدينية:

- ‌خامسا: في الردود:

- ‌سادسا: في اللغة:

- ‌سابعا- في النحو:

- ‌ثامنا- في الأدب:

- ‌مقامة أدبية

- ‌تاسعا- في البلاغة:

- ‌عاشرا- في التاريخ:

- ‌حادي عشر- في الرحلات:

- ‌ثاني عشر- في الشعر:

- ‌ثالث عشر- في موضوعات أخرى:

- ‌شخصيته العلمية:

- ‌شعره:

- ‌الفصل الثالث رحلته

- ‌زمن تأليف النفحة المسكية

- ‌منهجه:

- ‌1- ضبطه لأسماء الأعلام الجغرافية:

- ‌2- بحثه في أسباب تسمية الأعلام الجغرافية:

- ‌3- عنايته بالجغرافية الطبيعية:

- ‌أ- الجبال والتلال:

- ‌ب- السهول:

- ‌ج- الأنهار ومصادر المياه:

- ‌د- المناخ:

- ‌4- عنايته بالجغرافية الاقتصادية:

- ‌ا- وصفه للنبات:

- ‌ب- وصفه لطرق المواصلات:

- ‌5- عنايته بجغرافية المدن:

- ‌ا- معاييره في تصنيف المدن:

- ‌ب- وصفه للمدن القديمة:

- ‌ج- وصفه المدن القائمة:

- ‌6- عنايته بالجغرافية البشرية:

- ‌7- اهتمامه بالجوانب الثقافية:

- ‌وصف النسخ المعتمدة

- ‌منهجنا في التحقيق:

- ‌[المقدمه]

- ‌في الترجمة

- ‌[الرحلة]

- ‌[تل كوش]

- ‌[نهر الحسيني]

- ‌[حمارات]

- ‌[الفرحاتية]

- ‌[المحادر]

- ‌[مهيجير]

- ‌[العاشق]

- ‌[مدينة المنصور]

- ‌[تكريت]

- ‌[وادي الفرس]

- ‌[قزل خان]

- ‌[الغرابي]

- ‌[البلاليق]

- ‌[الخانوقة]

- ‌[القيّارة]

- ‌[المصايد]

- ‌[حمّام علي]

- ‌ الموصل

- ‌[بادوش]

- ‌[الموصل القديمة أو أسكي موصل]

- ‌[تل موس]

- ‌[عين زال]

- ‌[صفيّة]

- ‌[الرميلة]

- ‌[المتفلتة]

- ‌[أزناوور]

- ‌[نصيبين]

- ‌[قره دره]

- ‌[دنيسر]

- ‌[مشقوق]

- ‌[دده قرخين]

- ‌[العطشان الطويل]

- ‌[أصلان جايي]

- ‌[مرج ريحان]

- ‌[الرها]

- ‌[سروج]

- ‌[الجبجيلي]

- ‌[البيرة]

- ‌[الكرموش]

- ‌[ساجور]

- ‌[الباب]

- ‌[حلب]

- ‌[بستان حسين باشا القازوقجي]

- ‌[بستان آغا زاده]

- ‌فصل

- ‌[مسجد الخضر]

- ‌[جامع القلعة]

- ‌[مقام إبراهيم الأسفل]

- ‌[جبانة الصالحين]

- ‌[قرنبيا]

- ‌[باب الأربعين]

- ‌[خان تومان]

- ‌[سرمين]

- ‌[معرّة النعمان]

- ‌[كتف العاصي]

- ‌[خان شيخون]

- ‌[الرّستن]

- ‌الكنى 32

- ‌[حمص]

- ‌[حسية]

- ‌[شمسين]

- ‌[النبك]

- ‌[بريج]

- ‌[قارّة]

- ‌[القطيّفه]

- ‌[دمشق]

- ‌[زيارة المراقد]

- ‌[طبقات أهل دمشق]

- ‌[معالم دمشق]

- ‌[خان ذي النون]

- ‌[خان دله]

- ‌[المزيريب]

- ‌[المفرق]

- ‌[الزرقاء]

- ‌[البلقاء]

- ‌[خان الزبيب]

- ‌[زيزي]

- ‌[القطراني]

- ‌[الأحسا]

- ‌[معّان]

- ‌[عنزه]

- ‌[معّان أيضا]

- ‌[العقبة]

- ‌[جغيمان]

- ‌[المدورة]

- ‌[ذات حج]

- ‌[تبوك]

- ‌[المغر]

- ‌[الأخيضر]

- ‌[المعظم]

- ‌[الدار الحمرا]

- ‌[العلى]

- ‌[الحجر: ديار ثمود]

- ‌[آبار الغنم]

- ‌[البئر الجديد]

- ‌[هديّة]

- ‌[الفحلتين]

- ‌[العقبة السوداء، الشربة، العلم السعدي]

- ‌[وادي القرى]

- ‌[المدينة المنورة]

- ‌[ذو الحليفة]

- ‌[بين جبلين]

- ‌[الجديدة]

- ‌[بدر]

- ‌[الحمراء]

- ‌[الصفراء]

- ‌[القاع]

- ‌[رابغ]

- ‌[المستورة]

- ‌[خليص]

- ‌[الأميال السبعة]

- ‌[قديد]

- ‌[عسفان]

- ‌[مكة المكرمة]

- ‌[الفحلتين]

- ‌[العلى]

- ‌[دمشق]

- ‌[حلب]

- ‌[معان]

الفصل: ‌ ‌المؤلف وكتابه ‌ ‌الفصل الأول سيرته ‌ ‌أسرته: منذ عهود غابرة لا يعلم مبتدأها، نشأت

‌المؤلف وكتابه

‌الفصل الأول سيرته

‌أسرته:

منذ عهود غابرة لا يعلم مبتدأها، نشأت على كهف ذي صخور وحجارة في ضفة دجلة اليسرى، قرية صغيرة عرفت بالدور، وسرعان ما زهت هذه القرية وازدهرت بمن سكنها من قبائل العرب، حتى عرفت بدور عربايي، أو دور العرب، تمييزا لها عن قرى أخرى كانت تحمل اسم الدور أيضا. «1» وشهدت البلدة ذروة عزها في الحقبة التي انتقلت فيها الخلافة العباسية إلى سرّ من رأى، حيث لم تبعد هذه الحاضرة الفخمة عنها غير ثلاثين كيلومترا أو أقل، وبنمو سرّ من رأى واتساعها الهائل، أضحت (الدور) معدودة ضمن ضواحيها، وكثيرا ما ورد اسمها، في أخبار القرن الثالث الهجري (9 م) بوصفها جزءا من معالم الحاضرة نفسها «2» وعرفت يومذاك ب (دور سرّ من رأى) .

ونبغ فيها، في القرون التالية، عدد من أهل العلم والحديث، الذين لقوا من أهلها العناية والرعاية، واسترعى وجود هذه الحركة العلمية فيها اهتمام بعض أمراء الدولة، فأنشأ أحدهم مدرسة علمية فخمة ومسجدا عند ضريح الإمام محمد الدوري، الذي يظن أنه محمد بن موسى بن جعفر «وكان شيخا ظريفا يتعاهد الصوفية وأصحاب الحديث» وتوفي بعد سنة 300 بقليل. «3» وما تزال بقايا هذه المدرسة العلمية موجودة حتى اليوم، تذكّر الناس بما كان

ص: 5

للبلدة من شأن علمي خطير في تلك العهود. «1» ولم تعدم البلدة، حتى في عهود التأخر التي رانت على البلاد، تميزها برعاية الحركة العلمية، فوردت إشارات مهمة إلى وجود «جوامع قديمة» و «معاهد علمية» «2» فيها، حتى عرفها بعضهم «بقرية العلماء» . «3»

إلّا أن ظروفا متنوعة قاسية أدّت إلى أن تفقد البلدة رونقها وعزّها، فأخذ بعض أسرها بالنزوح عنها إلى بغداد. ويذكر عبد الرحمن حلمي، وهو مؤرخ بغدادي دوري الأصل، إن من تلك الظروف «تحول النهر عنها، وبقاء أراضيهم لا يصعدها الماء غير صالحة للزرع والحراثة» . كما يذكر أنّ ما دعا أهلها إلى هجرها «ما لحقها أيضا من مظالم الحكام» فضلا عن غارات العشائر عليها وعلى ما يليها، إلى حد أنه «لم تبق حرفة لمحترف» «4» ، ولا يحدّد هذا المؤرخ، الذي وضع تاريخه في أواخر القرن الثالث عشر الهجري (19 م) زمن حدوث تلك الهجرة، ومن الراجح عندنا أنها بدأت بالحدوث منذ أوائل القرن التاسع الهجري (15 م) واستمرت حتى القرن الثاني عشر (18 م) . ويفهم مما ذكره الرحّالة الفرنسي تافرنييه الذي مرّ بالبلدة في منتصف القرن السابع عشر الميلادي، أنها لم تكن في أيامه إلا «مزارا» يؤمه الناس لزيارة ضريح دفينها الإمام محمد الدوري من أجل الدعاء والنذور» . «5»

ص: 6

وفي بغداد اختار الدوريون النازحون إليها الإقامة في أقصى جانبها الغربي، بين علاوي الحلة وسوق العجمي «1» مؤلفين هناك محلة صغيرة نسبت إليهم «2» وتدريجيا، أمست هذه المحلة موئلا لكلّ أسرة دورية آثرت أن تقيم في بغداد على مدى القرون الثلاثة الأخيرة.

وكانت من الأسر العريقة في بلدة الدور، أسرة نبيلة تنتمي إلى السلالة العباسية، ولذا فقد اشتهرت بآل الخليفة «3» ثم عرفت بآل مدلل، نسبة إلى جد لها يدعى محمد بن الحسين، ويعرف بالمدلل، وهو لقب يدل على ما كانت عليه الأسرة في أيامه من عزّ وتقدير.

وعلى الرغم من عدم معرفتنا بتاريخ الأسرة في هذه الحقبة إلا أنّنا نرجح أن يكون محمد المدلّل هذا قد عاش في أواخر القرن الثامن الهجري (14 م) ، ولا نعلم ما إذا كان هو أول من أقام في (الدور) أم أن أسرته كانت موجودة فيها منذ عهد سابق وأن تلقب الأسرة كلها- فيما بعد- بلقبه (المدلّل) وربما رجح الرأي الأول، والله أعلم.

وعلى أية حال، فقد أنجب محمد ولدا سماه أحمد أو حمد. وأنجب الأخير ولدا دعاه علي، على اسم أبي جده، وكان لعلي ولد سماه حسينا، على اسم أبي جده أيضا، ويظهر أنه عاش في النصف الأول من القرن العاشر الهجري (6 م) ، وولد لحسين ولد دعاه بناصر الدين، «4» ولأمر ما، ربما اتصل بما ذكرناه من تدني الأحوال المعيشية والزمنية في (الدور) ، غادر ناصر الدين هذا موطن آبائه وأجداده في أواخر القرن المذكور، ميمما شطر مدينة

ص: 7

السلام بغداد. وكان أول ما فعله فيها، أن وثّق لدى نقيب أشرافها نسب أسرته، فكان على النحو الآتي:

ناصر الدين بن الحسين بن علي بن حمد بن محمد المدلل بن الحسين بن علي بن عبد الله ابن الحسين بن علي أبي بكر بن الفضل بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن اسحاق ابن جعفر بن أحمد بن الموفق طلحة بن جعفر بن محمد بن الرشيد بن محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي. «1»

وقد صادق النقيب والقاضي والمفتي وسائر العلماء على صحة هذا النسب ووضعوا تواقيعهم عليه، وبذلك أيضا وضعوا بداية مرحلة جديدة لتاريخ هذه الأسرة.

أقام ناصر الدين هذا في الكرخ ببغداد، مما دل على وجود محلة الدوريين في هذا الجانب منذ ذلك الحين على الأقل، وولد له فيها ولد ذكر سماه مرعي، فولد لهذا بدوره حسين، وقد عرف الأخير ب (الملا) مما دل على أنه كان يعمل بمهنة تعليمية دينية، ويظهر أنه حاز، وراثة أو اكتسابا، ثروة لا بأس بها، لكنه أنفقها كلها على مستلزمات مركزه الاجتماعي بوصفه رئيس عشيرته ومقدمها. يقول عبد الله السويدي «أما أبي حسين فكان من الأخيار الأجواد، ذا عقل رصين وشجاعة وبراعة، كبير قومه وعشيرته، يرجع أمرهم إليه.. وكان ذا مال غزير صرفه كله على الفقراء والضيوف والضعاف حتى افتقر آخر عمره، فكان يبيع من متاع البيت ويصرفه على الفقراء والضعاف حتى مات مدينا» . «2»

ص: 8