المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أجنبيين، أحدهما في ترجمتي اقتداء بعلماء الحديث، كالجلال الحافظ عبد - النفحة المسكية فى الرحلة المكية

[السويدي]

فهرس الكتاب

- ‌المؤلف وكتابه

- ‌الفصل الأول سيرته

- ‌أسرته:

- ‌طفولته وصباه:

- ‌متاعب الدرس:

- ‌استقراره الاجتماعي:

- ‌دوره في الحياة العامة:

- ‌شهرته العلمية:

- ‌الفصل الثاني دوره في الحياة الفكرية

- ‌شيوخه وإجازاته العلمية:

- ‌مؤلفاته:

- ‌أولا- في علوم القرآن:

- ‌ثانيا: في الحديث الشريف:

- ‌ثالثا: في علم الكلام (العقائد) :

- ‌رابعا: في الأذكار والأخلاق الدينية:

- ‌خامسا: في الردود:

- ‌سادسا: في اللغة:

- ‌سابعا- في النحو:

- ‌ثامنا- في الأدب:

- ‌مقامة أدبية

- ‌تاسعا- في البلاغة:

- ‌عاشرا- في التاريخ:

- ‌حادي عشر- في الرحلات:

- ‌ثاني عشر- في الشعر:

- ‌ثالث عشر- في موضوعات أخرى:

- ‌شخصيته العلمية:

- ‌شعره:

- ‌الفصل الثالث رحلته

- ‌زمن تأليف النفحة المسكية

- ‌منهجه:

- ‌1- ضبطه لأسماء الأعلام الجغرافية:

- ‌2- بحثه في أسباب تسمية الأعلام الجغرافية:

- ‌3- عنايته بالجغرافية الطبيعية:

- ‌أ- الجبال والتلال:

- ‌ب- السهول:

- ‌ج- الأنهار ومصادر المياه:

- ‌د- المناخ:

- ‌4- عنايته بالجغرافية الاقتصادية:

- ‌ا- وصفه للنبات:

- ‌ب- وصفه لطرق المواصلات:

- ‌5- عنايته بجغرافية المدن:

- ‌ا- معاييره في تصنيف المدن:

- ‌ب- وصفه للمدن القديمة:

- ‌ج- وصفه المدن القائمة:

- ‌6- عنايته بالجغرافية البشرية:

- ‌7- اهتمامه بالجوانب الثقافية:

- ‌وصف النسخ المعتمدة

- ‌منهجنا في التحقيق:

- ‌[المقدمه]

- ‌في الترجمة

- ‌[الرحلة]

- ‌[تل كوش]

- ‌[نهر الحسيني]

- ‌[حمارات]

- ‌[الفرحاتية]

- ‌[المحادر]

- ‌[مهيجير]

- ‌[العاشق]

- ‌[مدينة المنصور]

- ‌[تكريت]

- ‌[وادي الفرس]

- ‌[قزل خان]

- ‌[الغرابي]

- ‌[البلاليق]

- ‌[الخانوقة]

- ‌[القيّارة]

- ‌[المصايد]

- ‌[حمّام علي]

- ‌ الموصل

- ‌[بادوش]

- ‌[الموصل القديمة أو أسكي موصل]

- ‌[تل موس]

- ‌[عين زال]

- ‌[صفيّة]

- ‌[الرميلة]

- ‌[المتفلتة]

- ‌[أزناوور]

- ‌[نصيبين]

- ‌[قره دره]

- ‌[دنيسر]

- ‌[مشقوق]

- ‌[دده قرخين]

- ‌[العطشان الطويل]

- ‌[أصلان جايي]

- ‌[مرج ريحان]

- ‌[الرها]

- ‌[سروج]

- ‌[الجبجيلي]

- ‌[البيرة]

- ‌[الكرموش]

- ‌[ساجور]

- ‌[الباب]

- ‌[حلب]

- ‌[بستان حسين باشا القازوقجي]

- ‌[بستان آغا زاده]

- ‌فصل

- ‌[مسجد الخضر]

- ‌[جامع القلعة]

- ‌[مقام إبراهيم الأسفل]

- ‌[جبانة الصالحين]

- ‌[قرنبيا]

- ‌[باب الأربعين]

- ‌[خان تومان]

- ‌[سرمين]

- ‌[معرّة النعمان]

- ‌[كتف العاصي]

- ‌[خان شيخون]

- ‌[الرّستن]

- ‌الكنى 32

- ‌[حمص]

- ‌[حسية]

- ‌[شمسين]

- ‌[النبك]

- ‌[بريج]

- ‌[قارّة]

- ‌[القطيّفه]

- ‌[دمشق]

- ‌[زيارة المراقد]

- ‌[طبقات أهل دمشق]

- ‌[معالم دمشق]

- ‌[خان ذي النون]

- ‌[خان دله]

- ‌[المزيريب]

- ‌[المفرق]

- ‌[الزرقاء]

- ‌[البلقاء]

- ‌[خان الزبيب]

- ‌[زيزي]

- ‌[القطراني]

- ‌[الأحسا]

- ‌[معّان]

- ‌[عنزه]

- ‌[معّان أيضا]

- ‌[العقبة]

- ‌[جغيمان]

- ‌[المدورة]

- ‌[ذات حج]

- ‌[تبوك]

- ‌[المغر]

- ‌[الأخيضر]

- ‌[المعظم]

- ‌[الدار الحمرا]

- ‌[العلى]

- ‌[الحجر: ديار ثمود]

- ‌[آبار الغنم]

- ‌[البئر الجديد]

- ‌[هديّة]

- ‌[الفحلتين]

- ‌[العقبة السوداء، الشربة، العلم السعدي]

- ‌[وادي القرى]

- ‌[المدينة المنورة]

- ‌[ذو الحليفة]

- ‌[بين جبلين]

- ‌[الجديدة]

- ‌[بدر]

- ‌[الحمراء]

- ‌[الصفراء]

- ‌[القاع]

- ‌[رابغ]

- ‌[المستورة]

- ‌[خليص]

- ‌[الأميال السبعة]

- ‌[قديد]

- ‌[عسفان]

- ‌[مكة المكرمة]

- ‌[الفحلتين]

- ‌[العلى]

- ‌[دمشق]

- ‌[حلب]

- ‌[معان]

الفصل: أجنبيين، أحدهما في ترجمتي اقتداء بعلماء الحديث، كالجلال الحافظ عبد

أجنبيين، أحدهما في ترجمتي اقتداء بعلماء الحديث، كالجلال الحافظ عبد الرحمن السيوطي رحمه الله، ولما سمعته من لفظ شيخنا العالم النحرير، والجهبذ الشهير تذكرة السلف، وعمدة الخلف، زين الملة والدين، الشيخ حسين نوح الحديثي الحنفي «1» تغمّده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته. ونوح هذا عمّه فنسب إليه، وكفله ورباه فعرف به.

وكان نوح المذكور من العلماء العاملين، والنساك الصالحين، (2 أ) إنه قال ما معناه: إن الحج وأعماله كناية عن الموت وما بعده، فتأهّبه وإيصاؤه كناية عن احتضاره، وخروجه من بيته كناية عن موته، وخروج أحبابه لوداعه كناية عن تشييع جنازته، وغسله للإحرام كناية عن تغسيله بعد موته، ولبسه الإزار كناية عن تكفينه، ووقوفه بعرفة كناية عن موقفه للحساب، ونفره من عرفة كناية عن انقضاء حسابه، إلى آخر ما ذكره، تغمده الله تعالى برحمته.

«2» وثانيهما في السبب الظاهري الذي أوجب هذه الرحلة، ودعا إلى هذه النقلة.

‌في الترجمة

وذلك لأن الحج- كما تقدم- كناية عن الموت، وهو الرحلة الحقيقية، فناسب ذكر ترجمتنا وما وقع لنا في هذه الدار الفانية مما يليق أن يذكر على وجه مختصر قريب من المجمل، لأنه يتعذر الإحاطة بالمفصل. فأقول وأنا الفقير الجاني، أبو البركات عبد الله بن حسين بن مرعي بن ناصر الدين السويدي: عرفت بالسويدي، أما تسميتي بعبد الله فهي وقعت ثانيا في الغرض، لما حدثتني به أمي- رحمها الله تعالى- أنها قالت: سمّاك أبوك يحيى باسم عمّ لك توفّي قبيل ولادتك، وكنت أكره أن تسمّى بذلك تطيرا وتشاؤما، حيث إن صاحب هذا الاسم، وهو عمك، لم يعش مدة طويلة، (2 ب) فسميت بمرتضى، ثم عرض لك مرض شديد بحيث ضعفت وصرت عظاما في جراب، وأنت طفل رضيع،

ص: 64

فدخلت بعض نساء الجيران فرأتك على ذلك الضعف، فقالت: كأنه عبد الله، تريد بعض مجاورينا، وكان نحيفا في غاية النحافة، فغلب عليك هذا الاسم ولزمك، قلت: والحمد لله على ذلك لأن عبد الله أشرف الأسماء على الإطلاق، وذلك لأن الله تعالى خاطب نبيه- صلى الله عليه وسلم في أشرف المقامات بالعبد، فقال في مقام الوحي فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى

، «1» وقال في مقام الدعوة لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ

، «2» وقال في مقام إنزال الكتاب الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ

، وقال في مقام الاسراء «3» سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ

«4» الآية، فلو كان له- صلى الله عليه وسلم اسم أشرف من هذا الاسم لخاطبه به في هذه المقامات الجلية. قال الشاعر:

لا تدعني إلا بيا عبد

فإنه أشرف أسمائي

ويلي عبد الله في الشرف عبد الرحمن، فمحمد فأحمد فإبراهيم.

وأما كنيتي بأبي البركات فقد كناني بها أخي الشيخ الفاضل الشيخ محمد بن الصالح الناسك الشيخ حسين المعروف بابن الغلامي الموصلي، «5» وذلك (عندما) كنا نقرأ شرح هداية الحكمة للقاضي حسين على حاشية اللاري، «6» فجاء (3 أ) في تلك الحاشية:

ص: 65

واعترض عليهم الشيخ أبو البركات البغدادي، (وكنت أدعى في الموصل بالبغدادي)«1» فكناني الشيخ محمد المذكور بذلك. وأما نسبتي إلى السويدي فهي نسبة إلى سويد أبي عمي من الأم، وسببها أن صاحبنا العالم الفاضل، والمحقق الكامل، الشيخ حسين بن عمر الراوي، «2» نسبة إلى راوة «3» قرية من أعمال عانة، «4» لما سافر إلى عانة بقصد زيارة أهله، كان يراسلني، فيكتب في عنوان الكتاب: عبد الله بن أخي أحمد بن سويد، «5» فاستطال ذلك فكتب مرة بدل ذلك كله: عبد الله السويدي، فغلبت هذه النسبة عليّ، وإلا فنحن ندعى بأولاد مرعي جدنا.

وأما أبي حسين فكان من الأخيار الأجواد، ذا عقل رصين وشجاعة وبراعة، كبير قومه وعشيرته، يرجع أمرهم إليه، يستنيرون برأيه، ويهتدون بعقله. وكان ذا مال غزير صرفه كله على الفقراء والضيوف حتى افتقر آخر عمره، فكان يبيع من متاع البيت ويصرفه على

ص: 66

الفقراء والضيفان حتى مات مدينا. وكان له معرفة تامة بأحوال الخيل العتاق، فكان إذا شهد بفرس أنه عتيق، أو أنه هجين، أمضيت شهادته لدى أرباب الخيل، فلم يستطع أحد أن يقول بخلافه.

وأما الدوري (3 ب) ، فهي نسبة إلى الدور (قرية)«1» شرقي دجلة، على شاطئها، فوق سر من رأى، وبها مشهد عظيم يزار ويتبرك به، وله أوقاف وجامع خطبة يقال: إنه مشهد الشيخ محمد الدوري، وقد خرج من هذه القرية علماء وصلحاء لا يحصون، وهي عن مدينة السلام بغداد أربع مراحل، لكن مسقط رأسي بغداد في الجانب الغربي في محلة الكرخ. وولدت ليلا قبيل الفجر عام أربع ومائة وألف، يجمعه حروف غدق. «2» ومات أبي وأنا ابن خمس سنين تخمينا، وخلّف من الأولاد غيري، شقيقي مرعي وموسى، «3» وشقيقتي حليمة، وأخي لأبي محمد، وشقيقته آمنة. (و) مات موسى عام اثنين وثلاثين ومائة وألف «4» في طاعون بغداد، «5» وكذا أمي ماتت بهذا التاريخ بعلة الطاعون رحمهم الله تعالى. وماتت شقيقته آمنة بعد موت أبيها بقليل. والحاصل أنه بعد وفاة أبينا بقينا لحما على وضم، «6» لا حال ولا مال، ولا لبد «7» ولا سند، ولا تالد ولا طريف، ولا ناطق ولا صامت، أيتاما لا كافل لنا ولا مربي، ولا ينظر إلينا أحد ممن كان مغمورا بإحسان أبينا، (4 أ) فبقينا بعد ذلك برهة من الزمن تغزل أمنّا القطن وتنفق علينا منه. وكان عمنا أخو

ص: 67

أبينا لأمه الشيخ العارف العامل، والعالم الكامل، المتلقي سائر الفنون، ولا سيما التصوف، عن مشايخ عظام وعلماء، سيدي الشيخ أحمد ابن سويد الصوفي، «1» غائبا عن البلد في القسطنطنية، فلما سمع بموت أبينا أخيه، شدّ الرحل على الفور، وتوجه إلى مدينة السلام بغداد، فجاءنا ونحن على آخر رمق، فكفلنا وربانا وأحسن تربيتنا، إلّا أن كسوتنا غالبها على أمّنا على طريقتها السابقة، فبعد مجيئه بثلاثة، «2» أرسلنا إلى الكتاب، والشيخ فيه إذ ذاك شيخنا الصالح الناسك الورع التقي العالم العامل الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ محمود، من أهل ما وراء النهر، «3» فختمنا عنده القرآن، وأقرأنا رسالة في التجويد، وتعلمنا عنده الكتابة، رحمه الله رحمة واسعة في الدين والدنيا «4» والآخرة.

ثم أن عمّنا ضمنا إليه ليعلمنا حسن الخط، وكان له خط في غاية الجودة ثلثا ونسخا على قواعده المعلومة عند الكتّاب، فأخذ يعلمنا قواعد الكتابة إلى أن مهرنا بها غاية المهارة، لأنه- رحمه الله تعالى- كان (4 ب) يحرضنا عليها ويحثنا على تعلمها إلى أن بقيت أسود مشقي على ضوء القمر. ثم إنه- رحمه الله أرسلنا إلى الشيخ حسين نوح المتقدم ذكره لتعلم العلم. وكان شيخنا هذا يدرس بالمدرسة العمرية، نسبة إلى والي بغداد إذ ذاك عمر باشا «5» - رحمه الله تعالى- وهو قد بناها لأجل شيخنا المذكور، فهو أول من درّس بها

ص: 68

التدريس العام. وهذه المدرسة على كتف دجلة في الجانب الغربي، «1» شرقي جامع القمرية، بفتح القاف والميم ملاصقة له، فأمرني الشيخ- رحمه الله بحفظ الأجرومية متنا وإعراب أمثلتها، فحفظتها وأتقنتها غاية الإتقان، فكان إذا وقف أحد من الطلبة في إعراب بيت أو مثال، يقول: سلوا الأسد، يعنيني، رحمه الله. هذا وفي أوان اشتغالي كان إخوتي يتعاطون أمور الدنيا، وكانت والدتي- رحمها الله- بلهاء، وكان نساء المحلة يضحكن عليها، يقلن لها: أيش ينفعك العلم، وأنت امرأة أرملة، وابنك الكبير لا يساعدك في شيء؟ فكانت- رحمها الله- تقول: يا ولدي! نحن فقراء، وأنتم أيتام. هب أن عمّك يطعمك فمن يكسوك، وأنا لا أصغي لها، حتى ألحت (5 أ) علي في ذلك وقطعت كسوتها عني، كل هذا نشأ من بلهها وإغراء نساء الجيران إيّاها، وإلّا فهي في حد ذاتها مباركة، رحمة الله عليها. فبقيت أيام الطلب في غاية الاحتياج بحيث إني لا أجد ما أشتري به شمعا أو شيرجا لمطالعة دروسي، وكنت أطالع على ضوء القمر وعلى سرج السوق أيام مبيتي في المدرسة المرجانية «2» وبقيت مدة مديدة ما أكلت لحما، لأني وقت العصر آخذ من بيت

ص: 69

عمي رغيفا من الخبز وأذهب إلى المرجانية إلى ثاني يوم أفعل مثل الأوّل، وكان العشاء «1» عادة يؤكل بعد المغرب، فلذلك ما أكلت لحما هذه المدة. وكان [في] هذا الرغيف بركة كثيرة، فكنت أنا والشيخ حسين الراوي والشيخ محمد العاني «2» والشيخ أحمد الآلوسي «3» نأكل منه وتبقى منه لقيمات. وكذلك أيام كنت بالمدرسة الأصفهانية المسماة اليوم بالمدرسة الأحسائية، «4» وهي على شاطىء دجلة الشرقي، على يسار محكمة القاضي، «5»

ص: 70

[و] وكنت أنا، والشيخ محمد بن عبد الرحمن الأحسائي، والحاج إبراهيم الصديقي، «1» نأكل من هذا الرغيف وتبقى منه لقيمات حتى تجمع عندي لقم كثيرة في الأسبوع. وكنت إذا لبست (5 ب) الثوب لا أخلعه حتى يتمزق لعدم الصابون. وكان يطول شعري كثيرا فلا أجد ما أحلقه به، وكان إذا أصابني الاحتلام أغتسل بالماء البارد أيام الشتاء البارد بالماء البارد البائت، وكنت إذا نمت أيام الشتاء أنام بلا غطاء خشية أن أستغرق في النوم فتفوتني المطالعة. والحاصل وجدت أيام الطلب من المشاق والجوع والسهر والعري والإفلاس ما لا طاقة [لي] به لولا إسعاف الله ولطفه.

وكنت مع هذه المشاق أجد للطلب لذة عظيمة، «2» حتى إني- والله- إذا رأيت أبناء الملوك وأهل الرفاهية أقول في نفسي: هؤلاء لا لذة لهم في حياتهم. وبقيت على هذا الجد والاجتهاد حتى فقت أقراني، ومن كان في الطلب قبلي بسنين، بل ولقد فقت «3» أكثر مشايخي حتى إن بعضهم شرع في القراءة عليّ.

ثم إني سافرت إلى الموصل عام سبع وعشرين ومائة وألف، «4» لتحصيل علم الحكمة والهيئة، فبقيت في الموصل ثلاثة عشر شهرا حتى أكملت جميع الفنون. ومن منن الله تعالى عليّ أيام كنت بالموصل أنّه لما جاء الخريف، وكان الوقت باردا، ولم يكن عندي ما أتغطى به سوى عباءة، وكان لي عادة (6 أ) أني (ما)«5» أنام في ثيابي بل أخلعها وألبس غيرها، ولم يكن عندي غيرها إلا قباء «6» عتيق، فكنت ألبسه وأتغطى بالعباءة، فخطر في بالي ليلة من الليالي كيف يكون حالي إذا دخل كانون وشباط؟ ثم إنّ الله ألهمني أن قلت:

ص: 71

يا عبد الله! أما قرأت العقائد حيث ذكروا أن الشبع والدفء يخلقهما الله عند الأكل واللبس لأنهما يدفعان الجوع والبرد، يمكن أن يشبع الإنسان بلا أكل، ويدفأ بلا لبس، لأن الله هو الفاعل لذلك. فنمت على هذه العقيدة، فرأيت كأن قائلا يقول لي: اقرأ ما على طوقك، فنظرت إلى طوقي فلم أستطع ذلك، فقلت: إني لم أستطع ذلك، فاقرأ أنت ذلك، فقال: مكتوب على طوقك هذه براءة من العزيز الجبار لعبد الله من البرد والحر والنار! فانتبهت وأنا غرقان من شدة الحر. ومن فضله تعالى ما وجدت بردا ولا حرّا مع شدة البرد والحر في تلك السنة، وأنا أرجو من الله أن لا أجد ألما يوم القيامة.

ومما وقع لي أيام الطلب في الابتداء أني ما حفظت الأوجه الخمسة في «لا حول ولا قوة» ، فنمت فرأيت رجلا يلقنني إياها، (6 ب) فانتبهت وأنا أحفظها على الإتقان، وكنت إذ ذاك أقرأ الأجرومية «1» وشرحها. ومما وقع لي أيام حفظي لألفية ابن مالك المسماة بالخلاصة، «2» أني وظفت على نفسي كل يوم «3» حفظ خمسة أبيات، فكنت قبيل المغرب أنظر في الكتاب مرّة واحدة وأطبقه وما في حفظي من وظيفتي شطر بيت، فإذا أصبحت وجدتني أحفظ الأبيات الخمسة. والحاصل أني نلت في الطلب نهاية التعب، وغاية النصب، مع عدم المساعد والمعين والناصر والظهير، حتى حصلت على أكثر الفنون من سائر العلوم، شرعية وعقلية، أصولية وفقهية، ولا سيما العلوم العربية. وبرحلتي إلى الموصل كمّلت جميع الفنون سوى الرّمل والزيج «4» والسحر.

ص: 72

ثم أنه تعالى منّ عليّ بزوجة صالحة موافقة، فصبرت على فقري، وكانت تحرضني على الاشتغال بالعلم، فجاءني- والحمد لله- منها أولاد نجباء صلحاء علماء، يبرون بي، فلا يصدر عنهم عقوق، ولا يقصرون معي في حق من الحقوق، أجلهم وأسنهم أبو الخير عبد الرحمن الشعراني نسبة يكون «1» ، وذلك أني كنت أطالع المنن «2» لسيدي الشيخ عبد الوهاب الشعراني، وذلك بعد أن بنيت بزوجتي (7 أ) بأسبوع أو أقل من ذلك أو أكثر، فرأيت فيها قول الشيخ: وممّا منّ الله به عليّ أن ولدي عبد الرحمن من زوجتي فاطمة لا يخالفني ولا يعقني. هذا معنى ما ذكره الشيخ، واتفق أن اسم زوجتي فاطمة أيضا، فقلت لها: يا فاطمة! انظري إلى ما قال الشيخ، فإن منّ الله علينا بابن لأسمينّه عبد الرحمن، تبركا باسم ابن الشيخ، لأنه عبد الرحمن بن فاطمة، وهذا عبد الرحمن ابن فاطمة، ولأجعلن نسبته الشعراني، نسبة إلى الشيخ الشعراني.

ولد عبد الرحمن هذا في ليلة عشر ذي القعدة، بعد نصف الأربعاء بقليل، عام أربع وثلاثين «3» ومائة وألف، «4» وهو- ولله الحمد- «5» في هذا العصر من أهل الفضل في أكثر الفنون، شرعية وعقلية وعربية، وله مؤلفات في بعض الفنون وحواش متفرقة، وله ديوان شعر، ونظمه في غاية الجودة، وفّقه الله لطاعاته، وأدرّ عليه غيوث مبراته، ورضي عنه رضاء لا ينقطع عدده، ولا ينتهي مدده.

ثم يليه في السّن البنت العفيفة المصونة الساكنة الصالحة العالمة العالمة أم الخير رقية،

ص: 73

والحاصل على تسميتي لها برقية أنّي لما وصلت في شرحي (7 ب) لدلائل الخيرات «1» إلى عدّ أولاده- صلى الله عليه وسلم فنمت فرأيت كأني جالس، مع النبي- صلى الله عليه وسلم وبضعته الطاهرة سيدتي رقية مضطجعة كأنها نائمة، والنبي- صلى الله عليه وسلم يداعبها [و] يقول: من فات مات، مراده- صلى الله عليه وسلم بذلك إيقاظها كي تجلس، فانتبهت وحمدت الله على أن جعلني محرما مع أهل بيته- صلى الله عليه وسلم فنذرت إن جاءتني أنثى لأسمّينّها برقية تبركا باسم بضعة المصطفى- صلى الله عليه وسلم وكانت بنتي رقية إذ ذاك حملا، والحمد لله أن بركة السيدة رقية ظاهرة عليها فإنها قرأت القرآن أربعين «2» وحفظت رسائل التجويد كالمقدمة الجزرية. «3» وقرأت شمائل الترمذي «4» والبخاري والشفاء للقاضي عياض «5» ولها إجازات في سائر كتب الحديث، وحفظت الأوراد والأحزاب، وقرأت شرح بانت سعاد، وقرأت الفقه الشافعي، والفقه الحنفي، وحفظت طرفا من الأجرومية. وهي إلى الآن في جد في طلب العلم، وفقها الله لطاعاته، ورضي عنها رضاء يستدر جميع خيراته، وقد أجزتها جميع ما يجوز لي وعني روايته، (8 أ) ونساء عصرها ممّن هن من أهل الفضل يستجزن منها الحديث. ولدت رابع عشر شوال، ضحى يوم الاثنين من سنة سبع وثلاثين ومائة وألف. «6»

ويليها في السن أبو السعود محمد، وكان سبب تسميته بذلك أني كنت وقت حمله أطالع فضل التسمية بمحمد، فنذرت إن جاء هذا الحمل ذكرا لأسمّينّه محمدا، فجاء- والحمد لله- فسميته محمدا، وكنيته بأبي السعود. والحمد لله- هو اليوم من أهل

ص: 74

الفضل في قراءة القرآن مع تجويده، وفي قراءة النحو والتصريف والفقه والمنطق والاستعارات والعروض ماهر محقّق. وله شعر رائق، ونثر فائق، وصلاح تام، واشتغال عام، وهو إلى الآن في طلب العلوم، وفقه الله لصالح الأعمال، ورضي عنه على مرّ الليالي والأيام، آمين، ولد ضحى رابع عشر محرم الحرام يوم الجمعة من سنة إحدى وأربعين ومائة وألف. «1»

ويليه في السن أبو الفتوح إبراهيم، كنّي بذلك لأنه عام ولادته دفع الله نادر شاه عن بغداد، «2» وإبراهيم هذا صغير الآن، لم يبلغ الحلم، لكنه قرأ القرآن، وشرع بحفظ متن الأجرومية. ولد في ذي القعدة عام 1146. «3»

ويليه في السن سارة، وهي الآن صغيرة، ولدت ضحى يوم (8 ب) الخميس العاشر من محرم سنة. «4» 1150.

ويليها شهاب الدين أحمد، وهو الآن صغير ابن أربع سنين، ولد يوم الأحد، السابع والعشرين من جمادى الآخر سنة «5» 1153 وصفية، وهي الآن رضيعة، ولدت ليلة الجمعة 28 من رجب سنة «6» 1155 ومات لي ابنان عبد الوهاب وحسين، وبنتان زينب وحفصة.

والحمد لله: إنه صار لي جهات «7» ووجه معيشة، ونصبت مدرسا في آستانة «8» قطب العارفين سيدي أبي صالح محيي الدين عبد القادر الجيلي، قدّس سرّه، وصرت- والحمد لله- بحيث يشار إلىّ بالبنان، يوقّرني العامة والأعيان، ويرفع محلي الولاة، وتتمنى رؤيتي القضاة، مسموع الكلمة، نافذ الأمر. سبحانك! لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت

ص: 75

على نفسك. وكل هذا أيها الواقف على هذه الرحلة من بركات العلم وخدمته، فالحمد لله الذي جعلنا «1» بمنه وأكرمنا بإكرامه.

وقد عنّ لي أن أذكر مشايخي وما رويت عنهم وقرأته عليهم، نفعنا الله بهم، فأقول:

أخذت متن الحديث من جماعات أعلام، وأئمة كرام، منهم المحدث الكبير، والعالم الشهير، رحلة «2» المحدثين، وعمدة المحققين، ذو (9 أ) النسب الأعلى، والحسب الأبهى، الزاهد الورع، سيدي أبو الطيب أحمد بن أبي القاسم بن محمد المحمدي المغربي ثم المدني، «3» المنسوب إلى حمزة بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن إبراهيم «4» بن محمد [ذي] النفس الزكية بن عبد الله المحض «5» بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.

ومنهم سيدي وعمي بركة العباد، وعلم الرشاد، مشكاة المعارف الربانية، ومهبط التنزلات الرحمانية، الجامع بين الحقيقة والشريعة، والحائز من الكمالات كل روضة ريعة، «6» سيدي ووالدي الشيخ أحمد بن سويد الصوفي، تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته، آمين. ومنهم سيدي خاتمة المحققين، وسلطان المدققين، الجامع بين المعقول والمنقول، ومخرج الفروع والأصول، البارع في الفنون العربية المقصود في حل الغوامض الأبية، سيدي جمال

ص: 76

الملة والدين الشيخ سلطان بن ناصر الخابوري الجبوري الشافعي، «1» رحمه الله رحمة تدفقت حياضها، وتأنقت رياضها.

ومنهم سيدي السالك مسالك الرشاد، والمتمسك بجميع أحواله بعروة السداد، المتبحر في المعارف الإلهية، والمشار إليه بأنه ذو الرتبة العلية، الصالح الناسك الورع (9 ب) الصوفي، الشيخ محمد بن عقيلة المكي الحنفي. «2»

ومنهم سيدنا الفقيه الصالح، والعالم الناجح، ذو الأخلاق الرضية، والأحوال السنية، سيدي الشيخ علي الأنصاري من بني النجار الأحسائي الشافعي. «3»

وممن أجازنا السيد السند عبد القادر المكي الحارثي. «4»

وممّن أجازنا بالأثبات والسندات، صاحباي العلمان المتبحران الصالحان الناسكان اللذان أخذا من التحقيق أوفر نصيب، وحازا جميع الفنون بالفرض والتعصيب، سيدي ذو التصانيف العديدة، والتحارير المفيدة، الملقب بالسيوطي الصغير، الشيخ أبو بكر جمال الشريعة ابن شيخنا محمد بن عبد الرحمن المفتي ببغداد «5» على المذهب الشافعي، رحمهم

ص: 77

الله. وأبو بكر هذا أخذ عن الفقير، فصار حديثنا مديحا.

وسيدي ذو التحقيق الباهر، والفهم الذي يتوقد توقد النيران في الدياجر، والمحدث الأصولي، أبو محمد الشيخ حسين بن عمر الراوي، الملتجئ إلى الحرم المكي، رحمه الله رحمة واسعة في الدنيا والآخرة، آمين. وهذا الشيخ حسين قد قرأ عليّ فصرنا معه كالشيخ أبي بكر المتقدم.

وممن أجازنا بالأثبات والسندات جماعة كثيرون من أهل العصر، غفر الله لنا ولهم آمين.

ولبست الخرقة، وكانت عرقية، «1» عن شيخنا (10 أ) الشيخ محمد بن عقيلة، أيام إقامته في بغداد عام 1145، وأخذت عنه تلقين الذكر وجميع مسلسلاته التي جمعها في تآليف له، وهي خمسة وأربعون مسلسلا.

وأخذت حديث المصافحة عن العارف بالله، والدّال عليه، الشيخ المرشد، المسلك، مربي المريدين، ومرشد السالكين، سيدي السيد مصطفى البكري الصديقي، «2» سبط الحسنين الأحسنين. وحديث المصافحة هذا هو قوله، صلى الله عليه وسلم: من صافحني أو صافح من صافحني بست أو سبع دخل الجنة. وفي رواية: من صافحني أو صافح من صافحني إلى يوم القيامة دخل الجنة. لا حديث المصافحة المشهور المروي عن أنس، رضي الله عنه، حيث قال: صافحت بكفي هذه كفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما مسّت خزّا ولا حريرا ألين من كفه صلى الله عليه وسلم، إلى آخره. «3» والحاصل أني أروي جميع ما تضمنه ثبت

ص: 78

الشيخ أحمد النخلي «1» المتصل إليّ عنه بواسطة الشيخ حسين الراوي، وبواسطة الشيخ عبد الكريم الشراباتي الحلبي. «2»

وبواسطة الشيخ محمد بن رفة، «3» وبواسطة الشيخ العالم الكبير، والفاضل (10 ب) الشهير، سيدي السيد محمد الطرابلسي، «4» وبواسطة سيدي الشيخ علي الدباغ.

الحلبي. «5» وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ عبد الله بن سالم المكي المشهور بالبصري، «6» المتصل إليّ عنه بواسطة هؤلاء المذكورين. وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ محمد بن سليمان

ص: 79

المغربي «1» المشتمل على كتب كثيرة وطرق ومسلسلات، المتصل إليّ عنه بواسطة الشيخ البصير الشيخ عبد الكريم الشراباتي، عن والده الشيخ أحمد الشراباتي. وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ محمد بن عبد الله المغربي «2» المتصل إليّ عنه بواسطة الشيخ حسين الراوي، والشيخ محمد الطرابلسي، والشيخ عبد الكريم الشراباتي. وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ إبراهيم بن حسن الكوراني «3» بواسطة الشيخ عبد الكريم عن أبيه عن الشيخ إبراهيم المذكور.

وبواسطة الشيخ مصطفى «4» عن شيخ العراق على الإطلاق، شيخنا الشيخ خليل الخطيب البغدادي «5» عن الشيخ إبراهيم. وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ أبي بكر أفندي رئيس الكتاب في الدولة العثمانية «6» المرسل إليه من المدينة المنورة، المتصل إليّ بواسطة الشيخ أحمد بن سويد. وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ عبد الغني النابلسي «7» المتصل إليّ بواسطة

ص: 80

الشيخ عبد الكريم الشراباتي. وجميع «1» (13 أ) ما تضمنه ثبت الشيخ عبد الله الكنكسي «2» المتصل إليّ بواسطة السيد محمد الطرابلسي عن الشيخ أحمد الملوي.

وجميع ما تضمنه ثبت الشيخ علي العقدي، «3» وثبت الشيخ منصور المنوفي «4» وثبت الشيخ عبد الرزاق البشيشي «5» المتصلات إليّ بواسطة الشيخ محمد الطرابلسي عن مؤلفيها، وجميع ما تضمنه كتاب مسلسلات الشيخ محمد بن عقيلة عنه.

واعلم أن السيد محمد الطرابلسي، والشيخ عبد الكريم الشراباتي، والشيخ علي الدباغ، والشيخ محمد الزمار، «6» وهؤلاء كلهم استجازوا مني، واستجزت منهم، فأحاديثنا ورواية بعضنا عن بعض من قبيل حديث المديح.

وقرأت مصطلح الحديث شرح ألفية العراقي له «7» على شيخنا نادرة الدهر، وغرّة جبهة العصر، ذي التآليف التي دلّت على طول الباع، وأنه الذي انعقد عليه الإجماع، سيدي حسين أفندي نظمي زاده. «8» ومن شرح النخبة «9» وبعض شرح ألفية المصطلح للشيخ زكريا

ص: 81

الأنصاري، «1» بقراءة أخينا الشيخ سليمان بن الشيخ أحمد الواعظ ابن تاج العارفين، على شيخنا الشيخ سلطان «2» رحمه الله.

وأخذت الفقه (13 ب) وأصوله والفرائض عن شيخنا الذي عقمت النساء أن يلدن مثله، وانعقد الإجماع على أنه لا أحد يداني فضله، الملقب بالشافعي الصغير، وابن حجر الكبير، سيدنا شيخ الإسلام والمسلمين، وزين الملّة والدين، الشيخ محمد بن عبد الرحمن الرحبي «3» المفتي على المذهب الشافعي ببغداد، رحمه الله رحمه واسعة انتشر عطرها وفاح، وأينعت رياضها في الغدو والرواح، آمين. قرأت عليه شرح المنهج لشيخ الإسلام. «4»

وشرح جمع الجوامع للجلال المحلي، «5» مع مراجعة حاشية شيخ الإسلام «6» وحاشية الشيخ ابن قاسم العبادي «7» المسماة بالآيات البينات. وقرأت عليه شرح المنظومة الرحبية للخطيب الشنشوري. «8» وسمعت عليه طرفا من ابن حجر.

ص: 82

وأخذت علم التفسير عن شيخنا الشيخ حسين أفندي نظمي زاده، قرأت عليه تفسير جزء عم للقاضي البيضاوي. «1» وقرأت على ذلك درسا حاشية المولى عصام الدين «2» مع ما كتب عليها. وحضرت بعض دروس شيخنا الشيخ سلطان في تفسير البيضاوي مع حواشي عصام.

وأخذت علم التجويد والقراءات على عمّي الشيخ أحمد بن سويد، وعلى الإمامين الهمامين، تذكرة الكسائي وأبي عمرو، «3» الحائزين الفنون الجمة، والموجودين رحمة لطلاب الأمة، سيدي السيد درويش (11 أ) العشاقي، «4» وسيدي الشيخ محمد بن محمد المصري، رحمهم الله تعالى رحمة الأبرار، وأسكنهم فسيح جنته دار القرار، أمين.

وقرأت علم الكلام على شيخنا ذي الفنون العديدة، والتصانيف المفيدة، الفتح الموصلي «5» . وقرأت عليه شرح مختصر المنتهى للقاضي عضد الملة والدين «6» . وقرأت عليه أيضا حواشي السيد الشريف «7» على الشرح المذكور. وسمعت طرفا من علم الكلام على شيخنا الشيخ سلطان، وقرأت عليه شرح الورقات «8» ، وقرأت عليه حاشية القليوبي «9»

ص: 83

عليه «1» ، وحواشيه هو على الحاشية.

وأخذت النحو عن شيخنا الشيخ حسين نوح. قرأت عليه الأجرومية، ثم شرحها للشيخ خالد الأزهري «2» ، وبعضا من شرح الأزهرية «3» . وقرأت عليه بعد مدة شرح ألفية ابن مالك للجلال السيوطي بالنهجة المرضية، مع مراجعة حواشيها لشيخ مشايخنا أحمد محمد الأحسائي «4» . وقرأت عليه مغني اللبيب لابن هشام «5» ، وحواشيه للشمني «6» . وعن شيخنا، سيبويه زمانه، الشيخ سلطان، أتممت عليه شرح الازهرية. وقرأت عليه شرح القطر للمصنف «7» ، وسمعت عليه شرح قواعد ابن هشام للشيخ خالد «8» بقراءة بعض الإخوان.

وأخذت علم الصرف عن شيخنا الشيخ حسين «9» المذكور، وعن شيخنا الشيخ سلطان سمع (11 ب) عليه شافية ابن الحاجب «10» وشرحها للنيسابوري «11» بقراءة أخينا الشيخ احمد العاني.

وأخذت المعاني والبيان والبديع على شيخنا حسين أفندي نظمي زاده، قرأت عليه الشرح

ص: 84

المختصر على التلخيص مع مراجعة الشرح المطول «1» وسمعت حصّة منه على شيخنا الشيخ سلطان بقراءة أخينا الشيخ عبد الله الشطيحي «2» . وعلى الشيخ سلطان ألفية المعاني والبيان نظم الجلال السيوطي «3» ، بقراءة أخينا الشيخ محمد بن عبد الرحمن الأحسائي الحنبلي.

وسمعت عليه حصة كبيرة من شرح مقدمة الاستعارات للملا عصام «4» مع قراءة حواشيها للزيباري «5» ، ومراجعة حواشي حفيده «6» بقراءة بعض الإخوان، وقراءة رسائل المنطق، كشروح إيساغوجي «7» لحسام كاتي «8» ، وللفناري «9» مع حاشية قول أحمد «10» ، وشرح الشمسية «11» مع حاشية السيد، وشرح التهذيب للجلال الدواني. «12»

ص: 85

مع حاشية مير أبي الفتح «1» بعضها، على الشيخ العلامة، والحبر الفهامة، جامع المعقول والمنقول، حائز الفروع والأصول، سيدي الشيخ مصطفى أفندي الغلامي «2» ، وبعضها على الشيخ الفتح الموصلي، وبعضها على المحقق المدقق سيدي يوسف أفندي الموصلي «3» .

وأخذت علم الوضع على الشيخ سلطان، وعلى يوسف أفندي وعلى غيرهما.

وأخذت علم آداب البحث عن الشيخ (12 أ) يوسف وغيره.

وأخذت علم الهيئة ورسائل الاسطرلاب وربع المجيّب وذات الكرسي عن البحر الجامع، والغيث الهامع، سيدي سليم أفندي الموصلي «4» .

وأخذت الحساب عن أخينا الشيخ حسين، قرأت عليه بعض شرح الزمزمية، وعن الشيخ سلطان، قرأت عليه وعلى غيره خلاصة الحساب للبهائي «5» .

وأخذت الهندسة عن بعض العصريين. وأخذت أصول الفقه الحنفي عن يوسف أفندي،

ص: 86

سمعت عليه التلويح «1» . وبهذا نختم لما قرأناه ليكون الختام مسكا مع الترجيح.

وقد قدّمنا أن تاريخ الولادة (غدق) ، والتاريخ في هذا الوقت سبع وخمسون ومئة وألف، فقد بلغت الآن من العمر ثلاثة وخمسين عاما، وعلى الله إتمام باقي العمر بالخير.

نسأل حسن الخاتمة والعفو والعافية في الدين والآخرة، آمين. وقد بلغت مؤلفاتي الآن عشرة مؤلفات، وإن منّ الله عليّ بطول العمر خدمت صحيح البخاري بتعليق شرح عليه، وأكملت محاكمتي بين الدماميني والشّمّني «2» الواقعين على مغني اللبيب «3» .

ص: 87