الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عظيم من حجر، والمسافة عشرة أميال تقريبا.
[مرج ريحان]
وتليها مرحلة مرج ريحان بفتح الميم وسكون الراء فجيم. وريحان هو النبت المعروف، وفيه عين ماؤها في غاية العذوبة. والمسافة اثنا عشر فرسخا ونصف وأقمنا في هذه المرحلة يوما لتستريح الدواب.
[الرها]
ويليها مرحلة الرها، بضم الراء. وهي بلدة «1» طيبة التربة معتدلة الهواء عذبة الماء، ذات بساتين وأشجار كثيرة الفواكه والثمار. أهلها ذوو أخلاق رضية، ومكارم سمية، بها (52 ب) الدين ظاهر، والعلم زاهر، والصلاح ذائع، والخير شائع، عمر ها الله بالخيرات، وحفظها بأنواع المسرات.
دخلناها يوم الأربعاء العشرين من جمادى الأولى «2» ، وخيمنا في ميدان الجريد «3» في ظاهرها، وكان فيها بقية طاعون فانقطعت ونحن هناك والحمد لله تعالى. دخلنا يوم الخميس داخل البلد، وتفرجنا على أسواقها وخاناتها وحماماتها وبيوتها، فإذا هي أحسن
بلاد الإسلام مساكن وساكنا، ودخلنا مدرسة الوزير واليها أحمد باشا حمّال أو غلي «1» ، وفيها جامع حسن البناء وبستان زاهية زاهرة، [و] ما في المدرسة عيب سوى مدرسها. وشاهدنا العين المسماة بعين خليل الرحمن، فإذا هي بحيرة ماء فيها سمك كثير، يزعم أهل تلك الناحية أن هذه العين نبعت حين ألقي سيدنا إبراهيم الخليل في النار «2» . ورأيت تمثالين يزعمون أنهما على صورة المنجنيق الذي ألقي فيه (سيدنا) «3» إبراهيم- على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء الصلاة والسلام- والذي ذكره القاضي البيضاوي في التفسير «4» وغيره: أن المكان الذي ألقي فيه سيدنا إبراهيم (53 أ) كوثا بلدة في إقليم بابل والله تعالى أعلم.
وصلينا الجمعة في جامع المدرسة المذكورة، واجتمعنا بخطيبه العالم الصالح الناسك محمد أفندي، فأكرمنا غاية الإكرام، واحترمنا نهاية الاحترام، وجلس معنا متأدبا أدب التلميذ مع شيخه، وسألنا الدعاء، وفّقه الله لصالح الأعمال، وسلك به أحسن الأحوال آمين.
وجاء إلى زيارتنا ونحن في المخيم عالم الرها وفريدها وفاضلها ووحيدها، العلامة بالإجماع، والفهامة بلا دفاع، سيدي حسن أفندي المنصوري المعروف بحليم زاده، المدرس بمدرسة كاتب العربية، فجلس معنا متأدبا متواضعا، والتمس منا أن ننقل له مذاكراتنا مع علماء العجم فنقلناها، وهو مصغ متأدب غاية الأدب، وسألنا الدعاء، حفظه الله من كل بلاء. وثاني يوم زيارته لنا قصدنا زيارته في مدرسته فأكرمنا وأعزنا، وجرت بيننا عبارة
القاضي البيضاوي الواقعة على قوله تعالى وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ، فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ
«1» حيث قال «2» : والتغليب للإيجاز انتهى. وكنت أنا (53 ب) السائل فأخرج حواشي شيخي «3» زاده وغيرها فتكلموا عليها، فأوردت على ذلك إيرادات سلمها، وهذا الموضع تكلم عليه جميع محشّي البيضاوي، فمنهم من تمحل له جوابا، ومنهم من استشكله حتى إن سنان باشا في حواشيه «4» وسعدي أفندي «5» والشهاب الخفاجي «6» قالوا: إن هذه العبارة من مشكل هذا الكتاب. قلت: وهذا هو الواقع، فقد رأيت لعلماء العجم نحو أربعة عشر جوابا كلها منظور فيها، ولعلماء الروم نحو سبعة أجوبة منظور فيها، والله تعالى أعلم وسيأتي الكلام عليه أيضا. ثم سألته عن عبارة الملا عصام «7» في حواشي البيضاوي على قول البيضاوي في قوله تعالى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ
«8» حيث قال البيضاوي «9» : أكد