الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صور المخطوطات
[بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ (1)
وصلّى اللهُ على سيدِنَا محمدٍ وآلهِ وصحبِهِ وسلمَ.
قالَ الشيخُ الإمامُ العالِمُ العَلامَةُ، الحَبْرُ، البحرُ، الفَهَّامَةُ، المحقِقُ، المدَققُ، الرحلةُ، الحافِظُ، الأوحَدُ، الأمَّةُ، المُتقِنُ، الضابطُ، المجاهدُ، المرابطُ، برهانُ الدّينِ، لسانُ المتكلمينَ، عُمدَةُ المفتِينَ، محيي سنةِ سيدِ المرسلينَ، أبو الحسنِ إبراهيمُ - جعلَ اللهُ علمهُ قائداً لهُ إلى جنّاتِ النعيمِ، وخالصاً لوجههِ الكريمِ - البقاعِيُّ الشافعيُّ رضي الله عنه وأرضاهُ-، وجعلَ الجنةَ مثوانا ومثواهُ] (2).
الحمدُ للهِ الذي مَنْ أسندَ إليه ضعيفَ عزمه قوَّاهُ، ومنْ أنزلَ بجنابهِ موضوع قدره علَاّهُ، ومنْ أرسلَ إلى بابهِ صحيحَ عملِهِ قَبِلَهُ وارتضاهُ، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ المتواترُ فضلهُ وآلاهُ، العزيز، فما انقطع إليهِ ذليلٌ إلَاّ وصلهُ ووالاهُ، وأشهدُ أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم (3) عبدهُ الأوَّاهُ، ورسولُهُ المقطوعُ بشرفهِ المشهورُ علاهُ، المرفوعُ مَنْ تابعه، الموقوفُ مَنْ نَاواهُ - صلى الله وسلَّمَ عليه (4) وعلى آلهِ وصحبهِ ومَنْ آواهُ- أتمَ سلامٍ وأزكى صلاةٍ (5).
(1) زاد بعدها في (ك): ((رب زدني علماً يا كريم)).
(2)
ما بين المعكوفتين جاء في أول نسخة (أ)، وجاء في نسخة (ف):((بسم الله الرحمن الرحيم، رب يسر وأعن يا كريم، قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق أبو الحسن إبراهيم بن عمر ابن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي الشافعي، نزيل القاهرة المعزيه، عامله الله بألطافه الجلية والخفية ووالديه وجميع المسلمين، آمين)).
(3)
لم ترد في (ك)، و (ف).
(4)
كلمة: ((وسلم)) لم ترد في (ك).
(5)
ضمن البقاعي رحمه الله خطبة كتابه بعض مفردات من مصطلح الحديث استئناساً وصلة لموضوع كتابه، مما زاد خطبة الكتاب رونقاً وجمالاً، وهو صنيع العراقي في كتابه " شرح التبصرة والتذكرة "، والذي يسمى ببراعة الاستهلال، وسيأتي قريباً إن شاء الله إشارة البقاعي رحمه الله لذلك.
أما بعدُ:
فهذِهِ فوائد ونكتٌ وأبحاثٌ، تتعلقُ بالألفيةِ (1) الحديثيةِ وبشرحِها (2)(3)، - كلاهما لشيخِ الحفاظِ زينِ الدينِ أبي الفضلِ عبدِ الرحيمِ بنِ الحسينِ العراقيِّ، سقى اللهُ عهدهُ وثراهُ - في مصطلحِ أهل الحديثِ.
قيدتُ فيها ما استفدتهُ مِنْ تحقيقِ تلميذهِ (4) شيخِنا شيخِ الإسلامِ حافظِ العصرِ، أبي الفضلِ شهابِ الدينِ، أحمد بنِ عليِّ بن حجرٍ الكنانيِّ العسقلانيِّ، ثمَّ المصريِّ الشافعيِّ، قاضي القضاة بالديارِ (5) / 2أ / المصريةِ أيامَ سماعِي لبحثها عليهِ، باركَ اللهُ في حياتهِ (6)، وأدامَ عُمُومَ النفعِ ببركاتهِ، سميتها:((النكتَ الوفيةَ بما في شرحِ الألفيةِ)).
واعلمْ أنَّ ما كانَ فيها مِنْ بحثي صدّرتهُ في الغالبِ (7) بـ: ((قلتُ)) وختمتهُ بقولِي: ((واللهُ أعلمُ)) (8)، وما نقلتهُ عنْ (9) غيرِ شيخنا مِنْ بعضِ الكتبِ، عزوتهُ إليهِ، وما عدَا ذَلِكَ- وهوَ جلُّ الأمرِ- فهوَ مِنْ كلامِ شيخنا (10)، فإنْ كانَ مِنْ بحثهِ فإني
(1) وهي التبصرة والتذكرة.
(2)
في (أ) و (ف): ((وشرحها)).
(3)
وهو المسمى بشرح التبصرة والتذكرة، وقد حققناه التحقيق الذي يليق بمكانة المؤلف ونفاسة الكتاب، وقد طبع في دار الكتب العلمية عام 2002 في مجلدين ضخمين.
(4)
كلمة: ((تلميذه)) لم ترد في (ك).
(5)
انظر ترجمته في المقدمة.
(6)
وهذا دليل على أن تأليف هذا الكتاب في حياة الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله وهو مما يزيد الثقة بنقول البقاعي عنه.
(7)
عبارة: ((في الغالب)) لم ترد في (ك).
(8)
عبارة: ((وختمتهُ بقولِي: ((واللهُ أعلمُ)))) لم ترد في (ك).
(9)
في (ك): ((من)).
(10)
وهذا مما يقوي أهمية الكتاب، ويدل على نفاسته.
عبّرتُ عنهُ بعدَ انفصالي عنْ مكانِ الدرسِ بحسبِ فهمي، وإنْ كانَ ناقلاً لهُ فإني كتبتُ اسمَ المنقولِ عنهُ مِنْ لفظهِ في الحالِ، وعبّرتُ عنْ مقولهِ كما تقدمَ، فإن ظفرتَ بمخالفةٍ لشيءٍ مِنْ ذَلِكَ عمّنْ (1) هوَ أوثقُ مني، فقدْ علمتَ عذري، وأما (2) الاعتذارُ عنْ شيخنا فهوَ أنَّ النقلَ حالةَ المذاكرةِ قدْ يُتساهلُ فيهِ، واللهُ الموفقُ.
قولهُ: (الحمدُ للهِ الذي قبلَ بصحيحِ النيةِ حسنَ العملِ)(3) إلى آخرها استعملَ فيه (4) أسماءَ أنواعِ الحديثِ لبراعةِ الاستهلالِ (5)، وذكرها بمعانٍ غيرِ معانيها الاصطلاحيةِ أحسنُ وأدخلُ في البراعة مما لو استعملها بالمعاني الاصطلاحية، نحوُ أنْ يقولَ - كما فعلَ بعضُهم -: الحمدُ للهِ الذي منحَ أهلَ الحديثِ خدمةَ السنةِ.
قلتُ: قولهُ: (على مراسيلَ)(6) هوَ جمعُ مرسالٍ، وهيَ الناقةُ السهلةُ السيرِ (7). استعارهُ للإلطاف، واللهُ أعلمُ.
قولهُ: (أسندَ في بابهِ)(8)، أي: على، يقالُ (9): أسندَ في الجبلِ (10)، بمعنى: صعد (11) في سَنَدهِ - بالتحريكِ - وهو أصلهُ، وماعلا عنْ سفحهِ، وأسندتهُ
(1) في (ك): ((ممن)).
(2)
في (ك): ((وإنما)).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(4)
في (أ): ((فيها)).
(5)
انظر عنْ مصطلح براعة الاستهلال: الإيضاح في علوم البلاغة: 242.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(7)
انظر: الصحاح مادة (رسل).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(9)
عبارة: ((في بابه أي: على، يقال)) لم ترد في (ك)، وورد عوضاً عنها عبارة:((قال شيخنا)).
(10)
زاد بعدها في (ك): ((قاص)).
(11)
في (ك): ((استند)).
أنا، قاصرٌ متعدٍ. (1)
قلتُ: قولهُ: (شذَّ)(2)، أي: خرجَ، يُقالُ: شذَّ يَشِذُّ ويَشُذّ شذاً وشذوذاً: نَدَرَ عنِ الجمهورِ، وشذهُ هو لازمٌ متعدٍ. (3)
قولهُ: (جنابهِ)(4) هو الفناءُ والناحية (5).
قولهُ: (مقاطيعَ)(6) مِنْ / 2ب / إضافةِ الشيءِ إلى فاعلهِ، أي: الذينَ قطعهم حبهُ عن مَنْ سواهُ، واللهُ أعلمُ (7).
قولهُ: (فموضوعُهُمْ)(8) استعملهُ بثلاثةِ معانٍ: منطقي وحديثي، والثالث المسوق لهُ الكلامُ، وهوَ أنّ (9) مَنْ وضعَ علماءُ الفنِّ - الذينَ وصلهُمُ اللهُ - (10) رتبتهُ بجرحٍ لا ترتفعُ بعدَ ذَلِكَ، ومَنْ عكسوا حالتهُ، لمْ تزلْ معكوسةً، فلا تنتظمُ، ولا يقبلُ ما يأتي بهِ، وإليهِ أشارَ بمقلوبهم، وفيهِ مِنْ زيادةِ الحسنِ أنّهُ جناسُ
القلب.
(1) ينظر في معنى المسند لغة: لسان العرب مادة (سند)، والتاج مادة (سند).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(3)
الشاذ لغة: المنفرد، وشذ الرجل: إذ انفرد عن أصحابهِ. وكذلك كل شيء منفرد فهو شاذ. ومنهُ شاذ من القياس، وهذا مما يشذ عن الأصول، وكلمة شاذة .... وهكذا.
ينظر: الصحاح مادة (شذّ)، وتاج العروس (شذّ).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(5)
انظر: الصحاح مادة (جنب).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(7)
من قوله: ((في سنده بالتحريك .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(9)
لم ترد في (أ).
(10)
عبارة: ((الذين وصلهم الله)) لم ترد في (ك).
قلتُ: قولهُ: (الفردُ)(1) منْ مَحاسنهِ أنّهُ في سجعهِ التّوحِيدُ ما يأتي لهُ إلَاّ نوعٌ واحدٌ، وهو معنى الوحدانيةِ.
قولهُ: (واكتملَ)(2) أشارَ بالافتعالِ إلى أنّهُ: ما كملَ إلاّ بعلاجٍ كبيرٍ.
قولهُ: (معضلاتِ الأمورِ)(3) سيأتي في فنِّ المعضلِ بيانُ أنّهُ يصحُ أنْ يكونَ بفتحِ الضادِ؛ ليتآخى معَ ما تقدمهُ مِنْ أسماءِ الأنواعِ.
وقولهُ: (فعلمُ الحديثِ خطيرٌ وقعهُ)(4) الفاءُ فيهِ على توهمِ أما، أو تقديرِ شرطٍ، والخطيرُ: الشريفُ والرفيعُ، والوقعُ: المكانُ المرتفعُ منَ الجبلِ، أي: رفيعٌ، أو شريفٌ ارتفاعهُ، والمرادُ أنَّ أثرهُ في العِظمِ كأثرِ الثقيلِ الصلبِ الواقعِ مِنْ علوٍ، واللهُ أعلمُ. (5)
قولهُ (6): (عليهِ مدارُ أكثرِ (7) الأحكامِ) (8) إن قيلَ: إنّما مدارُ الأحكامِ على نفسِ الحديثِ، لا على العلمِ باصطلاحهِ، قيلَ: بل على العلمِ باعتبارِ أنّهُ لا يعرفُ حالَ الحديثِ ليعملَ بهِ إلا بمعرفةِ العلمِ، فهوَ آلةٌ لابدَّ منها، والمتوقفُ على المتوقفِ على الشيءِ متوقفٌ على ذَلِكَ الشيء (9)، والمرادُ بعلمِ الحديثِ في قولهِ:
((فعلمُ الحديثِ خطيرٌ وقعهُ)) ليسَ مجردَ هذا الاصطلاح، بل معَ المشتملِ على أحوالِ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(5)
من قوله: ((قلت: قوله: الفرد .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(6)
زاد بعدها في (ك): ((عن علم الحديث)).
(7)
لم ترد في (ك).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(9)
عبارة: ((والمتوقف على المتوقف .... )) إلى هنا لم ترد في (ك).
الرجالِ، والعللِ، والغريبِ / 3أ /، ونحوِ ذَلِكَ مما يصيرُ بهِ الرجلُ نقاداً
جهبذاً، كما سيأتي في تعريفهِ (1)، ولأهلِ هذا العلمِ اصطلاحٌ يُعبِّرونَ بهِ عن مقاصدهمْ، إذا حكموا على متنٍ منَ المتونِ بشيءٍ.
وهذهِ الألفيةُ في علمِ هذا الاصطلاحِ المنسوبِ إلى أئمةِ علمِ الحديثِ.
قولهُ: (ألَّفْتُها)(2) الأولى: للعددِ، أي: جعلتها ألفاً، وربما يُناقشُ فيهِ بأنَّ كل شطرٍ مِنَ الرجزِ إذا استعملَ هكذا بيتٌ، وقد يجابُ بأنَّ المرادَ ألفٌ مزدوجٌ، واللهُ أعلمُ.
والثانيةُ: بمعنى: صنفتها، أي: ضممتُ صنفاً إلى صنفٍ.
قولهُ: (رأيتهُ كبيرَ الحجمِ)(3)، أي: ظننتُ أنّهُ إذا كَمُلَ يكونُ كبيراً، وإلا فهوَ لمْ يوجدْ منهُ إلا قطعةٌ يسيرةٌ وصلَ فيها إلى الضعيفِ.
قولهُ: (غير مفرطٍ)(4) يجوزُ خفضُ ((غَير)) صفةً لـ ((شرحِ))، ونصبهُ على الحالِ مِنْ ضميرِ المصنّفِ في ((شرعتُ))، أو من ضميرِ الشرحِ في
((متوسطِ))، ولفظةُ ((مفرط)) الأولى رأيتها في بعضِ النسخِ مشددةً مِنَ التفريطِ، والثانيةُ مخففةٌ مِنَ الإفراط، والأحسنُ العكسُ لوجهينِ:
الأولُ: القربُ مِنْ موازنةِ متوسطٍ.
والثاني: أنْ يكونَ تعلقهُ بما كثرَ، فأملَّ، ولا قصرَ، فأخلَّ، على طريقِ اللفِ والنشرِ المرتبِ، أي: غير مبالغٍ في الكلامِ، ولا مسهبٍ فيحصلُ لطالبهِ مللٌ، ولا متهاونٍ بتركِ شيءٍ مِنَ الأنواعِ، فيخلُ ببعضِ المقاصدِ.
(1) عبارة: ((كما سيأتي في تعريفه)) لم ترد في (ك).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 97.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 98.
قوله: (معَ فوائد)(1) حالٌ مِنْ ضميرِ ((متوسط))، أي (2): حال كونِهِ كذا، وحالُ كونهِ مصاحباً لفوائدَ زائدةٍ على شرحِ الكتابِ.
قولهُ:
1 -
يَقُوْلُ رَاجِي رَبّهِ المُقْتَدِرِ
…
عَبْدُ الرَّحيمِ بنُ الحُسيْنِ الأَثَريْ
2 -
مِنْ بَعْدِ حَمْدِ اللهِ ذي الآلاءِ
…
على امْتِنَانٍ جَلَّ عَنْ إحْصَاءِ
3 -
ثُمَّ صَلَاةٍ وسَلامٍ دَائِمِ
…
على نَبِيِّ الخَيْرِ ذِي المَرَاحِمِ
4 -
فَهَذِهِ المَقَاصِدُ المُهِمَّهْ
…
تُوْضِحُ مِنْ عِلْمِ الحدِيْثِ رَسْمَهْ
5 -
نَظَمْتُهَا تَبْصِرَةً لِلمُبتَدِيْ
…
تَذْكِرَةً لِلْمُنْتَهِي والْمُسْنِدِ
6 -
لَخَّصْتُ فيهَا ابْنَ الصَّلاحِ أَجْمَعَهْ
…
وَزِدْتُهَا عِلْمَاً تَرَاهُ مَوْضِعَهْ
7 -
فَحَيْثُ جَاءَ الفِعْلُ والضَّميْرُ
…
لِواحِدٍ وَمَنْ لَهُ مَسْتُوْرُ (3)
8 -
كَـ (قَالَ) أوْ أَطْلَقْتُ لَفْظَ الشَّيْخِ مَا
…
أُرِيْدُ إلَاّ ابْنَ الصَّلاحِ مُبْهَمَا
9 -
وَإِنْ يَكُنْ لاثْنَيْنِ نَحْوُ (الْتَزَمَا)
…
فَمُسْلِمٌ مَعَ البُخَارِيِّ هُمَا
10 -
وَاللهَ أرجُوْ في أُمُوْرِي كُلِّهَا
…
مُعْتَصِمَاً في صَعْبِهَا وَسَهْلِهَا
لا يقالُ: ابتدأ بغيرِ الحمدِ في خطبةِ هذا النّظمِ؛ لأنّهُ يُقال: إن قولَهُ: ((مِنْ بعدِ)) يدفعُ ذَلِكَ، على (4) أنَّ صاحبَ /3ب/ الشرعِ صلى الله عليه وسلم الذي حثّنا على الابتداءِ بالحمدِ، أشارَ لنا إلى أنَّ الابتداءَ بالتعريفِ بالمكتوبِ منهُ، والمكتوب إليهِ، لا يكونُ مخلاً بهِ، فكانَ يرسلُ صلى الله عليه وسلم الكتبَ فيكتبُ في أولها: مِنْ محمدٍ رسولِ الله إلى فلانٍ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 98.
(2)
لم ترد في (ك).
(3)
معنى البيت لا يكتمل إلاّ بالبيت الذي بعدهُ، وهو عَيْبٌ عند العروضيين ويُسَمَّى
بـ ((التضمين)).
(4)
عبارة: ((إنّ قوله ((من بعد)) يدفع ذلك على)) لم ترد في (ك).
يذكر ذَلِكَ قبلَ الحمدِ.
روى الطبراني (1)، وأبو نعيمٍ في "الحليةِ "(2)، عن معاذٍ رضي الله عنه: أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم أرسلَ إليهِ يُعزيهِ بابنهِ: مِنْ محمدٍ رسولِ اللهِ إلى معاذِ بن جبلٍ، سلامٌ عليكَ، فإني أحمدُ إليكَ اللهَ
…
الحديثَ.
وفي "الصحيحينِ"(3) حديثُ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: ((منْ محمدٍ رسولِ اللهِ إلى هرقلَ عظيمِ الرومِ، سلامٌ على منِ اتبعَ الهدى)). (4)
فكان التعريفُ بالمرسلِ والمرسلِ إليهِ قائمٌ مقامَ ما لو دفعَ المرسِلُ الكتابَ إلى المرسَلِ إليهِ مِنْ يدهِ، وقالَ لهُ: هذا كتابي إليكَ، فاقرأهُ، فكما لا يكونُ قولهُ لذلكَ مخلاً بالابتداءِ بالحمدِ، كذلكَ لا تكونُ كتابتهُ في أولِ الكتابِ مخلةً، على أنَّ التسميةَ مِنْ أفرادِ الحمدِ؛ فإنّهُ الثناءُ بالجميلِ، وقد ابتدأ بها قبلَ ذَلِكَ، ولو لمْ يكن كذلكَ كانَ قولهُ:((ربهُ المقتدرِ)) حمداً لما تقدمَ (5).
(1) معجم الطبراني 20/ 129 (324)، وهو حديث موضوع لايصح فإن في سنده مجاشع بن عمرو كذاب (الميزان 3/ 436)، ومن أوهام الحاكم في المستدرك 3/ 273 أنه قال:
((غريب حسن، إلا أن مجاشع بن عمرو ليس مِنْ شرط هذا الكتاب)) فتعقبه الذهبي بقوله: ((ذا من وضع مجاشع)).
(2)
حلية الأولياء 1/ 243 وقال عقبه: ((كل هذه الروايات ضعيفة لا تثبت، فإن وفاة ابن معاذ كانت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، وإنما كتب إليه بعض الصحابة فوهم الراوي، فنسبها للنبي صلى الله عليه وسلم)).
(3)
صحيح البخاري 1/ 5 (7) و1/ 20 (51) و3/ 236 (281) و4/ 22 (2804) و4/ 54 (2940) و4/ 123 (3174) و4/ 66 (2978) و9/ 94 (7196)، وصحيح مسلم 5/ 163 (1773)(74).
(4)
من قوله: ((روى الطبراني
…
)) إلى هنا لم يرد في (ك).
(5)
من قوله: ((على أن التسمية .... )) إلى هنا لم يرد في (ك)، وورد عوضاً عنه عبارة:
((والله أعلم)).
قولهُ: (الأثري)(1) نسبةً إلى الأثرِ (2) وهوَ لغةً: البقيةُ، ويطلقُ على ما يُروى بسندٍ سواءٌ كانَ مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو موقوفاً، وعنْ خطِّ شيخِنا أَنَّ بعضَ الفقهاءِ قصرهُ على الموقوفِ كما سيأتي، انتهى (3).
والمرادُ بهِ علمُ الأثرِ كما يقالُ: الأصولي، والمرادُ بهِ العالمُ بعلمِ الأصولِ، فالمرادُ بالأثرِ في هذهِ النسبةِ جميعُ ما يبحثُ عنهُ في علمِ الحديثِ، تسميةً للشيءِ باسمِ جزءهِ، كالمحدثِ سواءاً.
وأما إذا أطلقَ / 4أ / الأثرُ فهوَ المأثورُ عن الصحابيِ فَمَنْ دونهُ، وكذا الحديثُ خاصٌّ بما أضيفَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقولُ المصنفِ: إنَّ الأثرَ هو الحديثُ (4)، يحملُ على أَنَّ المرادَ علمُ الأثرِ - علمُ الحديثِ (5) - ونسبتهُ للأثرِ دونَ غيرهِ مِنْ براعةِ الاستهلالِ، أي: هذا العلم الذي أنا شارعٌ فيهِ هوَ علمُ الحديثِ والآثارِ.
قولهُ: (مِنْ بعدِ حَمدِ)(6)، أي: إنّما قلتُ هذا البيتَ الذي قدمتهُ في الوضعِ بعدَ أنْ حمدتُ اللهَ تعالى.
(1) التبصرة والتذكرة (1).
(2)
انظر: الأنساب 1/ 81، واللباب 1/ 28.
(3)
قال ابن حجر في نكته 1/ 513، وبتحقيقي: 294: ((هذا وقد وجد في عبارة الشافعي
- رضي الله تعالى عنه - في مواضع، والأثر في الأصل: العلامة والبقية والرواية، ونقل النووي عن أهل الحديث أنهم يطلقون الأثر على المرفوع والموقوف معاً، ويؤيده تسمية أبي جعفر الطبري كتابه " تهذيب الآثار " وهو مقصور على المرفوعات، وإنما يورد فيه الموقوفات تبعاً. وأما كتاب " شرح معاني الآثار " للطحاوي فمشتمل على المرفوع والموقوف - أيضاً - والله تعالى الموفق)). وانظر: الرسالة للإمام الشافعي الفقرات (597) و (1468)، ونكت الزركشي 1/ 417.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 98.
(5)
من قوله: ((نسبة إلى الأثر ..... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(6)
التبصرة والتذكرة (2).
قولهُ: (جلَّ عنَ إحصاءِ)(1) أصلُ هذا أَنَّ العربَ كانتْ إذا تفاخرَ منهمُ اثنانِ، أخذوا حصاً، فكلما ذكرَ واحدٌ منهمْ منقبةً لعشيرتهِ، أو نفسهِ، ألقى حصاةً؛ لأنهم كانوا غالباً لا يكتبونَ (2)، فإذا فرغوا المفاخرة عَدّوا الحصى، فمنْ كانتْ حصاهُ أكثرَ، قضوا لهُ بالفخرِ والسؤددِ.
قلتُ: ومنهُ قولُ الأعشى:
ولستُ بالأكثرِ منهم حصى
…
وإنّما العزةُ للكاثرِ (3)
واللهُ أعلمُ. (4)
قولهُ: (ثمَّ صلاةٍ)(5) عطفَ بـ ((ثمَّ)) المقتضيةِ للترتيبِ معَ المهلَةِ، إشارةً إلى أنّهُ أثنى على اللهِ سبحانهُ زيادةً على ما ذكرَ (6) بينهما، كما كان عليه الصلاة والسلام يفعلُ في خطبهِ (7).
قولهُ: (وسلامٍ دائم)(8) أفردَهُ باعتبارِ الفعلِ، أي: ثمَّ بعدَ تلفظٍ مني دائمٍ بصلاةٍ وسلامٍ، أو ثم صلاةٌ وسلامٌ دائمٌ كلٌ منهما.
قولهُ: (على نبيّ الخيرِ)(9) ذكرَ النّبيَّ دونَ الرسولِ، وإنْ كانتِ الرسالةُ
(1) التبصرة والتذكرة (2).
(2)
في (ك): ((لا يكتبون غالباً)).
(3)
ديوان الأعشى: 94.
(4)
من قوله: ((قلت: ومنه قول الأعشى ..... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(5)
التبصرة والتذكرة (3).
(6)
جملة: ((سبحانه زيادة على ما ذكر)) لم ترد في (ف).
(7)
من قوله: ((زيادة على ما ذكر .... )) إلى هنا لم يرد في (ك) وورد عوضاً عنها كلمة: ((بينهما)) فقط.
(8)
التبصرة والتذكرة (3).
(9)
التبصرة والتذكرة (3).
تستلزمُ النبوةَ؛ لأنَّ الرسولَ يشملُ الرسولَ (1) الملكيَّ والبشريَّ، وإنْ كانَ المقامُ يخصهُ بالبشريِّ، لكنْ لما ذكرَ ((المراحم))، وكانَ الخبرُ ورد بقولهِ:((أنا نبيُّ الرحمةِ))، وفي روايةٍ ((المرحمةِ)) (2)(3) ذكرَ النبيَّ، والمقامُ يعرف /4ب/ أنّهُ الرسولُ المبعوثُ إلى الخلقِ أجمعينَ، وهوَ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلب صلى الله عليه وسلم.
وروايةُ ((الملحمةَ))، قال شيخُنا: رويته في الجزءِ الثاني منَ الأولِ مِنْ "فوائدِ أبي عمرو بنِ السّماكِ"، مِنْ طريقِ الضحاكِ، عنِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما رفعهُ: ((إنَّ اللهَ بعثني مرحمةً وملحمةً
…
... )) الحديثَ (4)(5).
(1) كلمة ((الرسول)) لم ترد في (ف).
(2)
عبارة: ((وفي روايةٍ المرحمةِ)) لم ترد في (ك).
(3)
الذي في " صحيح مسلم " 7/ 90 (2355) من حديث أبي موسى الأشعري، قال: كان النبي (يسمي لنا نفسه أسماء، فقال: ((أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة)).
وهو عند الطيالسي (492)، وابن سعد في " الطبقات " 1/ 104 - 105، وابن أبي شيبة في " المصنف "(31684)، وأحمد 4/ 395 و404 و407، والطحاوي في " شرح المشكل "(1152)، والحاكم في " المستدرك " 2/ 604، والبيهقي في " دلائل النبوة " 1/ 156.
والحديث صحيح ((متفق عليه)) من حديث جبير بن مطعم، وهو مخرج عندي بتوسع في كتاب " شمائل النبي ("(366).
وهو صحيح أيضاً، من حديث حذيفة بن اليمان، عند أحمد 5/ 405، والترمذي في " الشمائل "(367) و (368).
(4)
من قوله: ((ورواية الملحمة .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(5)
أخرجه: ابن عدي في " الكامل " 4/ 327، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " 14/ 302، وابن الجوزي في " الموضوعات " 2/ 237 مِنْ طريق سلام بن سليمان، قال: حدثنا حمزة الزيات، =
قولهُ: (فهذهِ)(1) هذا مقولٌ بقول (2)، والفاءُ فيهِ جوابٌ لشرطٍ محذوفٍ، تقديرهُ: يقولُ فلانٌ مِنْ بعدِ كذا: أيها الطالبُ إنْ كنتَ تبحثُ عن علمِ اصطلاحِ أهلِ الحديثِ الذي لم يَبقَ منهُ إلا رسمٌ دارسٌ، فهذهِ المقاصدُ المهمةُ التي نظمتها مِنْ كتابِ ابنِ الصلاحِ، توضحُ لكَ مِنْ علمِ الحديثِ رسمهُ الذي خفي عليكَ.
قلتُ: قولهُ: (منْ علمِ الحديثِ)(3) هو علمٌ يُبحثُ فيهِ عن سنّةِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم
إسناداً، ومتناً، لفظاً، ومعنى، مِنْ حيثُ القبول والردّ، وما يتبعُ ذَلِكَ مِنْ كيفيةِ تَحمُّلِ
= عن الأجلح بن عبد الله، عن الضحاك، عن ابن عباس، به.
وأخرجه: الدارقطني في " الغرائب والأفراد " كما في " أطراف الغرائب والأفراد "
(2403)
، وقال:((غريب مِنْ حديث الزيات، عن الأجلح بن عبد الله، تفرد به سلام ابن سليمان المدائني عنه)) وسلام هذا هو سلام بن سليمان بن سوار، أبو العباس الثقفي المدائني. قال أبو حاتم:((ليس بالقوي)). وقال ابن عدي: ((منكر الحديث)) وقال أيضاً: ((عامة ما يرويه حسان إلا أنه لا يتابع عليه)). وقال العقيلي: ((في حديثه عن الثقات
مناكير)).
انظر: الضعفاء الكبير 2/ 161، والكامل 4/ 323 - 328، وميزان الاعتدال
2/ 178.
وأخرجه: أبو نعيم في الحلية 4/ 72 مِنْ طريق الحسين بن حفص، قال: حدثنا سفيان، عن أبي موسى اليماني، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس، به.
وقال أبو نعيم: ((هذا حديث غريب مِنْ حديث الثوري، تفرد به الحسن)).
وأبو موسى اليماني مجهول، قال الذهبي: ((ما روى عنه غير الثوري، ولعله إسرائيل بن
موسى، وإلاّ فهو مجهول)).
(1)
التبصرة والتذكرة (4).
(2)
عبارة: ((هذا مقول بقول)) لم ترد في (ك).
(3)
التبصرة والتذكرة (4).
الحديثِ وروايتهِ، وكيفيةِ ضبطهِ وكتابتهِ، وآدابِ راويهِ وطالبهِ، أو يقالُ - وهوَ أخصرُ -: إنه علمٌ يعرفُ منهُ حالُ الراوي، والمروي مِنْ حيثُ الرواية (1).
وموضوعهُ بالذاتِ: الأحاديثُ النبويةُ مِنْ حيث الرواية.
وبالعرضِ: كلّ مروي؛ فإنّهُ يبحثُ فيهِ عن عوارضهِ اللاحقةِ لهُ مِنْ حيثُ الرواية.
وفائدتهُ: معرفةُ ما يقبلُ مِنْ ذَلِكَ ليعملَ بهِ، وما يردُّ ليجتنبَ.
ثمَّ رأيتُ الإمامَ شمسَ الدينِ محمدَ بنَ إبراهيمَ بنِ ساعدٍ الأنصاريَّ المعروفَ بابنِ الأكفانيِّ الشافعيّ قالَ في كتابهِ "إرشاد القاصدِ"(2) الذي تكلمَ فيهِ على أنواعِ العلومِ، وتعاريفها، وما /5أ/ صُنفَ فيها مِنْ محاسنِ الكتبِ:
علمُ الحديثِ الخاص بالروايةِ: علمٌ يشتملُ على نقلِ أقوالِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأفعالهِ، وروايتها، وضبطها، وتحريرِ ألفاظها.
وعلمُ الحديثِ الخاصّ بالدرايةِ: علمٌ تعرفُ منه حقيقةُ الروايةِ، وشروطها، وأنواعها، وأحكامها، وحالُ الرواةِ، وشروطهمْ، وأصنافُ المروياتِ، وما يتعلقُ بها. انتهى.
(1) قال ابن حجر في كتابه " النكت " 1/ 225 وبتحقيقي: 55: ((وأولى التعاريف لعلم الحديث؛ معرفة القواعد التي يتوصل بها إلى معرفة حال الراوي والمروي))، وهذا يتعلق بعلم الحديث درايةً. وانظر تفصيل هذا في البحر الذي زخر 1/ 226، وتدريب الراوي 1/ 40.
(2)
قال العلامة حاجي خليفة في كتابه " كشف الظنون " 1/ 66: ((إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد للشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري الأكفاني السنجاري المتوفي سنة أربع وتسعين وسبعمئة، مختصراً أوله: الحمد لله الذي خلق الإنسان وفضله
…
الخ ذكر فيه أنواع العلوم وأصنافها وهو مأخذ مفتاح السعادة لطاشكبري زادة، وجملة ما فيه ستون علماً منها عشرة أصلية، سبعة نظرية وهي المنطق والإلهي والطبيعي والرياضي بأقسامه، وثلاثة عملية وهي السياسة والأخلاق وتدبير المنْزل وذكر في جملة العلوم أربعمئة تصنيف)).
فحقيقةُ الروايةِ: نقلُ السُّنّةِ ونحوها، وإسنادُ ذَلِكَ إلى منْ عزيَ إليهِ بتحديثٍ، أو إخبارٍ، أو غيرِ ذَلِكَ.
وشروطُها: تَحمُّلُ راويها لما يرويهِ بنوعٍ مِنْ أنواعِ التحمّلِ، مِنْ سماعٍ، أو عرضٍ، أو إجازةٍ بكتابةٍ أو مشافهةٍ، ونحوِ ذَلِكَ.
وأنواعُها: الاتصالُ والانقطاعُ، ونحوهما.
وأحكامها: القبولُ، والردّ.
وحالُ الرواةِ: العدالةُ، والجرحُ.
وشروطهم في التحمّلِ، إنْ كان بالسماعِ، وكانَ الراوي ممنْ يسمعُ، فكونهُ مُصغياً للمسموعِ غَير غافلٍ، ولا مُشتغلٍ بشيءٍ، وإنْ كان ممنْ لا يصحُ سماعهُ، فكونهُ بحيث يمكنُ سماعهُ عادةً، وإنْ كانَ بالإجازةِ، فكونهُ معيناً مثلاً، وفي الأداءِ كونُ الراوي مسلماً عاقلاً خالياً عنْ بدعةٍ هو داعيةٌ إليها، ونحو ذَلِكَ.
وأصنافُ المرويات: المصنفات مِن المسانيدِ، والمعاجمِ، والأجزاءِ، وغيرها، أحاديثَ، وآثاراً، وأشعاراً، وغيرها.
وما يتعلقُ بها هوَ: معرفةُ اصطلاحِ أهلها.
ثمَّ رأيتُ الإمام شمسَ الدينِ محمدَ بنَ يوسف الكرمانيَّ الشافعيَّ قالَ (1) في مقدمةِ شرحهِ للبخاري: ((واعلم أَنَّ علمَ الحديثِ موضوعهُ: ذاتُ رسولِ اللهِ
/ 5ب / صلى الله عليه وسلم مِنْ حيثُ إنّهُ رسولُ اللهِ، وحدُّهُ: هو علمٌ يعرفُ بهِ أقوالُ
رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأفعالهُ، وأحوالهُ، وغايتهُ: هوَ (2) الفوزُ بسعادةِ الدارينِ)) (3).
(1) جاء في حاشية (أ): ((لم يرتض الشيخ كلام الكرماني كما ستراه)).
(2)
لم ترد في شرح الكرماني.
(3)
شرح الكرماني 1/ 12.
وكأنَّ مرادهُ بالعلمِ نفسَ الاطلاعِ على الحديثِ فقطْ، وليسَ موضوعهُ إلا الدين؛ فإنّهُ يبحثُ فيهِ عن عوارضهِ الذاتيةِ، ولمْ يُقيّدِ المعرفة بحيثيةِ النقد، فدخلَ في تعريفهِ الاستنباطُ.
وأما علمُ الاصطلاحِ، فغايتهُ: معرفةُ الصحيحِ مِنْ غيرهِ، واللهُ أعلمُ (1).
قولهُ: (الآلاء)(2) مرادُ الشيخِ بقولهِ: ((وقيلَ)): كذا حكايةُ الخلافِ، لا أَنَّ ما بعد ((قيلَ)) ضعيفٌ.
وحكى النوويُّ (3) أيضاً ألىً مثل نضوٍ (4)، ورخوٍ، وحَكى شيخنا قاضي القضاة إلى مثل حرفِ الجرِّ.
قالَ ابنُ الأثيرِ في " النهايةِ "(5): ((الآلاءُ: النعمُ، واحدها (6): ألىً بالفتحِ والقصرِ، وقدْ تُكسر الهمزة)). انتهى. (7)
(1) من قوله: ((قلت: قوله: من علم الحديث .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(2)
التبصرة والتذكرة (2).
(3)
هو أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، ولد سنة (631) هـ، وتوفي سنة (676) هـ، له مؤلفات نافعة منها: المجموع، والروضة، وشرح صحيح مسلم.
انظر: طبقات الحفاظ للسيوطي: 513.
(4)
في (ك): ((صنو)).
(5)
النهاية 1/ 63.
(6)
في (ف): ((وأصلها)).
(7)
من قوله: ((قال ابن الأثير .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
وأنشدنا (1) في ذَلِكَ شيخنا (2) لابنِ الوردي في أبياتٍ يُعاتبُ فيها ابن الزملكاني:
قالَ: أنا من قلتُ: لا إنَّ مِنْ
…
للابتداءِ أنتَ كذا قالَ: لا
أنا إلى قلت: إلي نعمةٍ
…
وجمعُها الآلاءُ عندَ الملا
أينَ هي النّعمةُ في (3) قاطعٍ
…
بقربهِ ما حَقَّ أنْ يوصلا
قلتُ: وزادَ في "القاموسِ": ((ألْي -بفتحٍ وسكونٍ- كظَبْي، وأُلْو - بضم وسكونٍ - كحُلْوٍ)). وتمثيلُ المصنفِ في صورةِ الفتحِ، وتركُ التنوينِ بقفى ليسَ بجيدٍ؛ فإنَّ قفى مُنَونٌ، فَحقّهُ أَن يقول: كعُلى مثلاً، واللهُ أعلمُ (4).
قولهُ: (تبصرةً)(5) مفعولٌ لأجلهِ.
قولهُ: (المبتدي)(6)، أي: في معرفة الاصطلاحِ، والمنتهي فيهِ، اللذينِ لم يُسنِدَا شيئاً، وتبصرةً للمسندِ / 6أ / المبتدئِ في هذا العلمِ، وتذكرةً للمسندِ المنتهي فيهِ.
وحاصلهُ: أنها تذكرةٌ وتبصرةٌ للمبتدي والمنتهي، سواءٌ كانا مسندينِ أمْ لا؛ لئلا يتوهمَ أَنَّ المسنِدَ لا يصيرُ مسنِداً، حتى يحتوي على فنونِ هذا العلمِ، فلا يكونُ محتاجاً إلى هذهِ " الألفيةِ "(7).
(1) في (ك): ((وأنشد)).
(2)
لم ترد في (ك).
(3)
في (ف): ((من)).
(4)
من قوله: ((في أبيات يعاتب .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(5)
التبصرة والتذكرة (5).
(6)
التبصرة والتذكرة (5)، ولفظه:((للمبتدي)).
(7)
قال السيوطي: ((المسند: وهو من يروي الحديث بإسناده، سواء كان عنده علم بهِ أو ليس لهُ إلاّ مجرد الرواية وأما المحدث فهو أرفع)). تدريب الراوي 1/ 43.
قولهُ: (لخصتُ)(1) إنْ قيلَ: تأكيدهُ بـ ((أجمعَ)) يدلُّ على أنّهُ لم يحذفْ منهُ شيئاً، معَ أنّهُ قد حذفَ كثيراً مِنَ الأمثلةِ والتعاليلِ، قيلَ: حقيقةُ التلخيصِ أنْ يستوفي مقاصدَ الكتابِ الملخصِ بكلامٍ أوجزَ، فربما توهمَ أنّهُ إذا قال ابن الصّلاحِ، أنَّ المرادَ معظمُ كتابهِ (2)، فأكدَّ بـ ((أجمعَ))؛ ليدلَّ على أنّهُ لم يحذفْ مِنْ مقاصدهِ شيئاً، وإنما كانَ يردُ عليهِ لو قالَ: اختصرتُ؛ لأنَّ الاختصارَ أعمُّ مِن التلخيصِ، فتارةً يكونُ اقتصاراً على بعضِ الأصلِ معَ استيفاءِ المقاصدِ كالتلخيصِ، وتارةً مع حذفِ بعضِ المقاصدِ (3)، وتارةً يكونُ موفياً بجميعِ الأصلِ مِنَ المقاصدِ، وغيرها (4) بكلامٍ وجيزٍ، فإذا قالَ: اختصرتُ كانَ متردداً بينَ المعاني الثلاثِ (5)، فإذا أكدَّ بـ ((أجمعَ)) اختص بالثالثِ (6)، وهو أنّهُ لمْ يحذفْ شيئاً مِنْ معانيهِ، لا مقصداً، ولا مثالاً، ولا غيرهما.
قلتُ: هذا العرفُ، وكلامُ أهلِ اللغةِ لا يأباهُ.
قالَ ابنُ فارس في "المجملِ": ((لخّصتُ الشيءَ: إذا بينتهُ في كتابةٍ، أو غيرها)) (7).
وقال الفارابي في "ديوانِ الأدبِ" في بابِ التفعيلِ: ((لخّصَ القصةَ، أي: شرحها)). وقالَ عبدُ الحقِّ (8) في كتابِ " الواعي في حديثِ عليٍّ رضي الله عنه ":
(1) التبصرة والتذكرة (6).
(2)
في (ك): ((ابن الصلاح)).
(3)
عبارة: ((وتارة مع حذف بعض المقاصد)) لم ترد في (ك).
(4)
عبارة: ((من المقاصد وغيرها)) لم ترد في (ك).
(5)
في (ك): ((المعنيين)).
(6)
في (ك): ((الثاني)).
(7)
مجمل اللغة مادة (لخص).
(8)
هو أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمان الإشبيلي، المعروف بابن الخراط، له مصنفات منها: الجمع بين الصحيحين، والأحكام الوسطى، والرقاق، والواعي في حديث علي رضي الله عنه، وغيرها، توفي سنة (581) هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 21/ 198، وشذرات الذهب 4/ 271.
((قعد ليلخّصَ ما التبسَ على غيرهِ، لخّصت الشيءَ تلخيصاً: بينتهُ)).
وقالَ في "القاموسِ"(1): ((التلخيصُ: التبيينُ والشرحُ، والتلخيصُ لَخَصَ (2) البعير لَخْصاً: نظر إلى شحمِ / 6ب / عَينهِ منحُوراً))، وذَلِكَ أَن يشقَّ جلدةَ العينِ فينظرَ أيرى شحماً، أم لا.
وعبارةُ ابنِ القطاعِ (3) في " الأفعالِ "(4): ((لخصَ البعيرَ لخصاً: نظرَ إلى عينهِ بعدَ نحرهِ ممتحناً سِمنهُ، فالمادةُ (5) كما ترى تدورُ على البيانِ أخذاً مِنْ لخص البعير، وتارةً يكونُ بحذفِ الفضولِ، واختصارِ الطولِ، وتقريبِ الألفاظِ؛ ليسهلَ الحفظُ، فيتصرف الذهنُ، فإنَّ الوعي قبلَ الفهمِ، وتارةً يكونُ بفتحِ المقفلِ ونشرِ المطوي، لكنهُ صارَ في العُرفِ مختصاً بالأولِ (6).
وأما الاختصارُ فقالَ في " القاموس ": ((الخصرُ وسطُ الإنسان، وأخمص القدمِ، وما بينَ أصلِ الفوقِ والرِّيشِ)) (7). وقالَ في " المجملِ": ((الاختصارُ في
(1) القاموس المحيط مادة (لخص).
(2)
كتب ناسخ (أ) فوقها: ((خف)) دليل على أنَّ الكلمة مخففة وغير مثقلة.
(3)
هو علي بن جعفر بن علي بن محمد أبو القاسم القطاع السعدي المعروف بابن الصقلي الأديب اللغوي نزيل مصر ولد سنة (433) هـ، وتوفي سنة (515) هـ، له مصنفات منها: الأفعال، وأبنية الأسماء وغيرها.
انظر: سير أعلام النبلاء 19/ 433 - 434، وشذرات الذهب 4/ 45.
(4)
الذي وجدته في كتاب الأفعال 3/ 140: ((ولخصت العين لخصاً ورم ما حولها، والضرع كثر لحمه؛ فلا يكاد اللبن يخرج منه)).
(5)
كتب ناسخ (أ) تحت هذه الكلمة: ((أي: لخص)). لتوضيح المراد وهذا دليل على اهتمام الناسخ.
(6)
كتب ناسخ (أ) تحتها موضحاً: ((أي: التلخيص)).
(7)
القاموس المحيط مادة (خصر).
الكلامِ تركُ فضولهِ، واستيجازُ معانيهِ)) (1). وقالَ في " ديوانِ الأدبِ ":((اختصرَ الكلام إذا أخذَ منهُ ما يردهُ إلى الإيجازِ، واختصرَ الطريقِ إذا أخذ أقرب مآخذه)). وقالَ في " القاموسِ ": ((واختصرَ: حَذَفَ الفضولَ، والطريقَ سلكَ أقربهُ، وفي الحَزِّ (2) ما استأصلهُ، واختصرَ السورة قرأها، وتركَ آية سجدتها لئلا يسجدَ، أو أفردَ آيتها فقرأ بها ليسجدَ فيها، وقرأ آيةً، أو آيتينِ مِنْ آخرِ السورةِ في
الصلاةِ)) (3)، فمادتهُ تدورُ على الدقةِ والتوسطِ، مِنْ خصرِ الإنسانِ وما شاكلهُ، وهذا المعنى (4) تارةً يكون بحذفِ بعضِ الشيءِ مع استيفاءِ معناهُ، أخذاً منِ اختصارِ الطريقِ، وتارةً بالاقتصارِ على البعضِ بعد حذفِ مالا دلالةَ للباقي عليهِ أخذاً مِنِ اختصارِ السورةِ.
وقالَ الإمامُ أبو نصر بنُ الصباغِ (5) في أولِ " الشاملِ ": ((والاختصارُ: إيجازُ اللفظ مِنْ غيرِ إخلال المعنى. واشتقاقُهُ منَ الجمعِ، ولهذا سميتِ المخصرةُ /7أ/ لاجتماعِ المتكيءِ عليها، والخاصرةُ لاجتماع البدنِ عليها، فكأنّهُ يجمعُ معنى الكثيرِ في القليلِ مِن اللفظِ، والاختصارُ محمودٌ؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تَمَدَّحَ بِهِ، فقالَ: ((أُوتيتُ جوامعَ الكلمِ، واختصر لي الكلام اختصاراً)) (6)، وقد أعجزَ اللهُ تعالى العربَ بقولهِ:
(1) مجمل اللغة مادة (خصر).
(2)
في جميع النسخ الخطية ((الجز))، والمثبت من " القاموس المحيط ".
(3)
القاموس المحيط مادة (خصر).
(4)
عبارة: ((وهذا المعنى)) لم تردفي (أ) و (ك).
(5)
هو أبو نصر الصباغ عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد البغدادي، شيخ الشافعية، الفقيه المعروف بابن الصباغ، له تصانيف منها: الشامل، والكامل، وغيرها، توفي سنة (477 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء 18/ 464، وشذرات الذهب 3/ 355.
(6)
ذكره العجلوني في كشف الخفاء 1/ 15 بهذا اللفظ، وقال:((رواه العسكري في الأمثال عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرسلاً بهذا اللفظِ لكن في سنده من لم يعرف)). =
وأخرجه: عبد الرزاق (10163)، ومن طريقه البيهقي في " شعب الإيمان "(5202)
عن معمر، =
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (1) فإنَّهُ أقلُّ لفظاً، وأجمعُ معنى مِنْ قولهم: القتلُ أنفى للقتلِ (2)، ورُويَ عنْ علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، قالَ:((خيرُ الكلامِ، ما قلَّ ودَلَّ، ولم يَطُلْ فَيُمَلَّ)))). انتهى.
وكلامهُ (3) كلهُ راجعٌ إلى المعنى الأولِ مما دارت عليه المادة، وهو الثالث في كلام شيخنا (4).
قولهُ: (عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ المسنديُّ)(5) هو ابنُ محمد بنِ عبدِ اللهِ بن جعفرَ ابنِ اليمانِ بنِ الأخنسِ أبو جعفرَ الجعفيُّ؛ نُسبَ إلى ذَلِكَ؛ لجمعهِ الحديثَ المسندَ، والإمعانِ في تتبعهِ، فإنَّهُ كانَ في وقتِ الطلبِ يتتبعُ المسانيدَ، ولا يرغبُ في المقاطيعِ والمراسيلِ (6)، وقال الحاكمُ:((إنّهُ أولُ منْ جمعَ مسندَ الصحابةِ على التراجمِ بما وراءَ النهرِ)) (7). واليمانُ في نسبهِ هوَ الذي أسلمَ على يدهِ المغيرةُ بنُ بردزبه جدُّ الإمامِ البخاريِّ، وبردزبه: هو الزراعُ بالفارسيةِ.
= عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلفظ:((إنما بعثت فاتحاً، وخاتماً، وأعطيت جوامع الكلم، وفواتحه، واختصر لي الحديث اختصاراً، فلا يهلكنكم المهوكون)). وفيه قصة.
وأخرجه: البيهقي في " شعب الإيمان "(1436) من طريق الأحنف بن قيس، والمقدسي في المختارة (115) من طريق خالد بن عرفطة؛ كلاهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بنحوه.
(1)
البقرة: 179.
(2)
انظر في ذلك: البحر المحيط 2/ 18 - 19.
(3)
كتب ناسخ (أ) موضحاً: ((أي ابن الصباغ)).
(4)
من قوله: ((مما دارت)) إلى هنا لم يرد في (أ) و (ك).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 100.
(6)
انظر: تهذيب الكمال 4/ 270 (3524).
(7)
نقله ابن رجب في شرح علل الترمذي 1/ 344، والحافظ ابن حجر في التقريب (3585).
قولهُ: (ابنَ الصلاحِ)(1)، أي: كتابُ ابنِ الصلاحِ وهوَ الحافظُ العلامةُ تقيُّ الدينِ أبو عَمرٍو عثمانُ بنُ الصلاحِ عبد الرحمانِ بنُ عثمانَ بنِ موسى الكرديُّ الشهرزوريُّ الموصليُّ الشافعيُّ (2)، ولد سنةَ سبعٍ وسبعينَ وخمسِ مئةٍ، وتوفي سادس عشري (3) شهر (4) ربيعِ الآخرِ سنةَ ثلاثٍ وأربعينَ وست مئةٍ.
وقد أخبرني بكتابهِ شِفاهاً الصالحُ الفاضلُ الرحلةُ زينُ الدينِ عبدُ الرحمانِ بن العلامةِ سراجِ الدينِ عمرَ بنِ عبد الرحمانِ المقدسيّ الحنبليّ، عنِ الحافظِ صلاحِ الدينِ خليلِ /7ب/ بنِ كيكلدي العلائي، قالَ: أخبرنا بجميعهِ محمدُ بنُ يوسفَ بنِ المهتارِ، قالَ: أخبرنا بهِ مؤلفهُ الحافظُ العلامةُ تقيُ الدينِ بنُ الصلاحِ سماعاً عليهِ في الخامسةِ مِنْ عمري.
وأخبرنا "بالألفيةِ" نظمهِ وشرحِهَا و" النُكَتِ " عليهِ، وغيرها مِنْ مصنفاتِ الشيخِ: شيخُنا حافظُ عصرهِ قاضي القضاةِ أبو الفضلِ شهابُ الدينِ أحمدُ بن حجرٍ رحمه الله سماعاً عليهِ للألفيةِ، وشرحها في البحثِ غيرَ مرةٍ، وإجازةً لما فاتَ إنْ كانَ، ولغيرهِ عنِ المصنفِ حافظِ عصرهِ زينِ الدينِ عبدِ الرحيمِ بنِ الحسينِ
(1) التبصرة والتذكرة (6).
(2)
انظر: وفيات الأعيان 3/ 243، وسير أعلام النبلاء 23/ 140، وتذكرة الحفاظ 4/ 1430، والعبر 5/ 177، ومرآة الجنان 4/ 84 - 85، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 326، وطبقات الشافعية للإسنوي 2/ 133، والبداية والنهاية 13/ 142، والنجوم الزاهرة 6/ 354، وطبقات الحفاظ: 499، والدارس 1/ 16، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 377، وطبقات الشافعية لابن هداية الله: 220، وشذرات الذهب 5/ 221، والأعلام 4/ 407، وقد فصلنا ترجمته في مقدمتنا لمعرفة أنواع علم الحديث: 11 - 61.
(3)
هكذا في جميع النسخ.
(4)
كلمة: ((شهر)) لم ترد في (أ) و (ك).
العراقيِّ رحمه الله بقراءتهِ عليهِ " للألفيةِ "، ولشرحها، و" للنكتِ على ابنِ الصلاحِ " والباقي إجازةً إنْ لم يكنْ سماعاً.
قلتُ: قولهُ: (بطريق أولى)(1) إضافةٌ بيانيةٌ، أي: طريق هوَ أولى بالدلالةِ على ذَلِكَ مما مضى، فكأنّهُ قالَ بالطريقِ الأولى، وأما قولهم: بطريقِ الأولى فيخلُ لما بطريقِ الدلالةِ، أو الإيضاحِ، أو البيانِ الأولى، مما مضى في الدلالةِ على ذَلِكَ الشيءِ، واللهُ أعلمُ. (2)
قولهُ: (رأيتُ أنْ أجمَعَها هُنا)(3) إنْ قيلَ: كثير مِن الزياداتِ التي هي على هذا النحو لم تذكر هنا، قيلَ: إنّهُ حسنٌ برأي الشيخِ، ووقعَ اختيارهُ على جمعها، فأخذَ يسردُها شيئاً فشيئاً بقولهِ: ومنها ومنها، فذكر ما نشطَ لهُ، ثمَّ تركَ الباقي، اعتماداً على ذكرهِ لهُ - (4) في تضاعيفِ الشرحِ.
قولهُ: (في هامشِ الكتابِ)(5) قالَ في "القاموسِ": ((الهامشُ: حاشيةُ الكتابِ، مُولدٌ)) (6). انتهى.
قلتُ: ومادتهُ تدورُ على الجمعِ. قالَ في " القاموسِ ": ((الهمش الجمعُ ونوعٌ مِنَ الحلبِ والعضِ، وهمشَ كضربَ وعلمَ: أكثرَ الكلامَ)) (7)، وقالَ ابنُ
/ 8أ / القطاعِ: ((همشَ القومُ همشةً وهمشاً: تَحركوا معَ كلامٍ، وهمشوا همشاً
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 101.
(2)
من قوله: ((قلت: هذا العرف .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 101.
(4)
لم ترد في (ك).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 101.
(6)
القاموس المحيط مادة (همش).
(7)
القاموس المحيط مادة (همش).
كذلكَ)) (1)، وقالَ الإمامُ عبدُ الحقِّ:((همشَ القومُ وتهامشوا: تحركوا، ودخلَ بعضهمْ في بعضٍ، والاهتماشُ الحكُّ)). انتهى.
فكأنَّ الحاشيةَ لما جمعتِ الكتابةَ، وأحاطتْ بها مِنْ جوانبها الأربعِ بحيثُ لا يخرجُ منها شيءٌ، ولا يدخلُ فيها شيءٌ سميتْ بذلكَ.
قولهُ: (في الراءِ والزايِ)(2) ونقل أنَّ ابنَ ماهانَ رواهُ الجُذامي -بالجيمِ والذالِ -، واللهُ أعلمُ. (3)
قولهُ: (فحيثُ جاءَ الفعلُ)(4) أي: المُجرد عن ضميرٍ بارزٍ لواحدٍ والضميرُ، أي: وحيثُ جاءَ الضميرُ المجردُ عنِ الفعلِ نحو (5): لهُ، وبهِ، وعنهُ، فالواوُ في قولهِ:((والضميرُ)) للعطفِ لا للحالِ، ومثَّلَ للفعلِ فقط بقولهِ:((كقالَ)).
قولهُ في حكمِ الصحيحينِ والتعليق (6): (لما قد أسندا)(7) ونحوها مما هو قافيةٌ موهمٌ لإرادةِ ابنِ الصلاحِ على أَنَّ ألفهُ (8) للإطلاقِ.
ولإرادةِ الشيخينِ (9) البخاريِّ ومسلمٍ على أَنَّ ألفهُ للتثنيةِ فلا يعرفُ المرادُ منهُ إلا بالقرائن، والقرينةُ في ((أسند)) أَنَّ ابنَ الصلاحِ ليسَ لهُ مسندٌ، بخلافِ ((التزما))،
(1) الأفعال 3/ 352 (همش).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 101.
(3)
من قوله: ((قوله: رأيت أن أجمعها ..... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(4)
التبصرة والتذكرة (7).
(5)
في (ف) و (ك): ((مثل))، وقد أشار إليها ناسخ الأصل بقوله:((في نسخة: مثل)).
(6)
عبارة: ((في حكم الصحيحين والتعليق)) لم ترد في (ك).
(7)
التبصرة والتذكرة (40).
(8)
لم ترد في (ك).
(9)
لم ترد في (ك).