الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيادات الثقات
(1)
قولُهُ:
178 -
وَاقْبَلْ زِيَادَاتِ الثِّقَاتِ مِنْهُمُ
…
وَمَنْ سِوَاهُمْ فَعَلَيْهِ المُعْظَمُ
179 -
وَقِيْلَ: لَا، وَقِيْلَ: لَا مِنْهُمْ، وَقَدْ
…
قَسَّمَهُ الشَّيْخُ، فَقَالَ: مَا انْفَرَدْ
180 -
دُوْنَ الثِّقَاتِ ثِقَةٌ خَالَفَهُمْ
…
فِيْهِ صَرِيْحَاً فَهُوَ رَدٌّ عِنْدَهُمْ
181 -
أَوْ لَمْ يُخَالِفْ، فَاقْبَلَنْهُ، وَادَّعَى
…
فِيْهِ الخَطِيْبُ الاتِّفَاقَ مُجْمَعَا
182 -
أَوْ خَالَفَ الاطْلَاقَ نَحْوُ ((جُعِلَتْ
…
تُرْبَةُ الارْضِ)) (2) فَهْيَ فَرْدٌ نُقِلَتْ
183 -
فَالْشَّافِعِيْ وَأَحْمَدُ احْتَجَّا بِذَا
…
وَالوَصْلُ والارْسَالُ مِنْ ذَا أُخِذَا
184 -
لَكِنَّ في الإرْسَالِ جَرْحاً فَاقْتَضَى
…
تَقْدِيْمَهُ وَرُدَّ أنَّ مُقْتَضَى
185 -
هَذَا قَبُولُ الوَصْلِ إذْ فِيْهِ وَفِيْ
…
الجَرْحِ عِلْمٌ زَائِدٌ لِلْمُقْتَفِيْ
(1) انظر في زيادات الثقات:
معرفة علوم الحديث: 130، ومعرفة أنواع علم الحديث: 176، وجامع الأصول 1/ 103، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 225 - 231، والتقريب: 71 - 72، ورسوم التحديث: 82، والمنهل الروي: 58، والخلاصة: 56، ونظم الفرائد: 370، واختصار علوم الحديث 1/ 190 وبتحقيقي: 145، والشذا الفياح 1/ 193، ومحاسن الاصطلاح: 90، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 262، وتنقيح الأنظار: 159، ونزهة النظر: 49، والمختصر: 171، وفتح المغيث 1/ 199، وألفية السيوطي: 53 - 54، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 96، وفتح الباقي 1/ 250، وتوضيح الأفكار 2/ 16، وشرح شرح نخبة الفكر: 315، واليواقيت والدرر 1/ 410، وقواعد التحديث: 107، ولمحات في أصول الحديث: 292، وأثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء:363.
(2)
بجعل همزة القطع في ((الأرض)) همزة وصل ((الارض)) وتحريك اللام ليستقيم الوزن (وهو من ضرورات الشعر).
قولُهُ: (منهم)(1) تقديرهُ: منهم عليهم، أي: اقبلْ زياداتِ الثقاتِ الكائنةَ من أحدِهم عَلَى نفسهِ، بأنْ حدّثَ بحديثٍ مرةً ناقصاً، ومرةً زادَ فيهِ.
(ومنْ سواهم)، أي: واقبلها أيضاً منْ سوى أنفسهم من الثقاتِ بأن يحدّثَ بهِ ثقةٌ عَلَى كيفيةٍ، فيحدّث بهِ ثقةٌ آخرُ فيزيدُ عليهِ.
(وقيلَ: لا منهم) أي: وقيل: لا تقبلُ الزياداتُ من الثقةِ عَلَى نفسهِ.
قولُهُ: (فِيهِ صريحاً)(2) يعني: منافياً منافاةً صريحةً بأنْ لا يمكنُ الجمعُ، فلو قَالَ:((وَهُوَ منافٍ)) عوض ((فيهِ صريحاً)). لكان أصرحَ وأحسنَ.
قولُهُ: (فَهي فردٌ)(3) لَوْ نصبهُ لكان (4) أحسنَ، ويكون التقديرُ: فَهي نُقِلتْ / 154 ب / فِي حالِ كونها حديثاً فرداً.
قولُهُ: (والوصلُ والإرسال منْ ذا أخذا)(5) الإشارة بـ ((ذا)) إِلَى أصلِ هَذَا النوعِ، وَهُوَ زياداتُ الثقاتِ، لا إِلَى تفصيلِ ابنِ الصلاحِ، ولأجلِ هَذَا أعادَ اسم الإشارةِ؛ فإنهُ كَانَ يمكنهُ أنْ يقولَ:((مِنْهُ أخذا)).
قولُهُ: (وردَّ أنَّ مقتضى
…
) (6) إِلَى آخرهِ، صعبُ التركيبِ، تقديرهُ - واللهُ أعلمُ -: ورُدَّ هَذَا البحثُ بأنَّ مقتضاهُ عكسُ القضيةِ، وَهُوَ أَنَّهُ يقتضي قبولَ الوصلِ؛ لأنَّ فِيهِ علماً زائداً عَلَى الإرسالِ للذي قلتم إنَّهُ جرحٌ، والجرحُ إنما يقدّمُ عَلَى التعديلِ؛ لأنهُ فِي الغالبِ يكونُ فيه علمٌ زائدٌ عَلَى التعديل، فلما وُجِدَتْ فِيهِ (7) العلة
(1) التبصرة والتذكرة (178).
(2)
التبصرة والتذكرة (180).
(3)
التبصرة والتذكرة (182).
(4)
في (ب) و (ف): ((كان)).
(5)
التبصرة والتذكرة (183).
(6)
التبصرة والتذكرة (184).
(7)
جاء فِي حاشية (أ): ((أي: في الوصل)).
التي قُدّمَ منْ أجلها مقابلهُ (1) قُدّمَ هُوَ.
قولُهُ: (الألفاظِ فِي المتونِ)(2) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((زياداتُ الألفاظِ الفقهيةِ فِي الأحاديثِ)) (3).
قولُهُ: (ابْن سريج)(4) بالمهملةِ والجيمِ، وَهُوَ الإمامُ أبو العباسِ، أحدُ أئمةِ الشافعيةِ (5).
قولُهُ: (سواءٌ تعلقَ بِهَا حكمٌ
…
) (6) إِلَى آخرهِ، مقابلُ كلِّ جملةٍ منْ هذهِ قولٌ مفصلٌ بحسبِ مَا يليقُ بكلِّ واحدةٍ مِنْهَا، فمقابلُ الأولى: قول إنها لا تقبلُ إلا إنْ تعلّقَ بِهَا حكمٌ شرعيٌّ. والثانيةُ: أنَّ شرطَ القبولِ أنَ لا تُغيّرَ حكماً ثابتاً (7)، وهكذا إِلَى الآخرِ. وقولُ ابْنِ طاهرٍ:((لا خلافَ نجدهُ .. )) إِلَى آخرهِ (8)، أي: لا نجدُ أحداً منْ أهلِ الفنّ إلا وقد قَبِلَ زيادةَ الثقاتِ، ولو فِي مكانٍ منَ الأماكنِ، فهم مُجمِعونَ بهذا الاعتبارِ بالفعلِ، ولكنّهم مختلِفونَ فِي التفاصيلِ؛ فتجدُ هَذَا يقبلُ فِي مكانٍ لا يقبلُ فيهِ الآخرُ، / 155 أ / ويقبلُ فِي آخرَ غيره، ومنْ تأمّلَ تصرّفَهم حقَّ التأمُّلِ عَلِمَ أنهم لا يحكمونَ فِي هَذِهِ المسألةِ بحكمٍ كليٍّ، ولكنّهم دائرون فِي أفرادِها مَعَ
(1) جاء في حاشية (أ): ((وهو الإرسال)).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 262.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 176.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 262.
(5)
انظر: سير أعلام النبلاء 15/ 493.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 262.
(7)
في (ف): ((ثانياً)).
(8)
تمام قول ابن طاهر: ((لا خلاف تجده بين أهل الصنعة أن الزيادة من الثقة مقبولة)). شرح التبصرة والتذكرة 1/ 263.
القرائنِ، فتارةً يرجّحونَ الوصلَ، وتارةً الإرسالَ، وتارةً روايةَ منْ زادَ، وتارةً روايةَ منْ نقصَ، ونحو ذلكَ، وهذا هُوَ المعتمدُ، وَهُوَ فِعلُ جَهابذةِ النقدِ وأعلامِهم.
قولُهُ: (لا يجوزُ عليهمُ الوهمُ)(1) قالَ الآمديُّ: ((إذا دارَ الأمرُ بينَ أنْ يوهمَ مَنِ ادّعى وجودَ شيءٍ، ومَنِ ادّعى عدمَهُ، فتُوهيمُ مُدّعي العدمِ، أو الساكتِ عَن الوجودِ أقربُ)).
قُلتُ: لأنّهُ يمكنُ الاعتذارُ عنهُ بأنّ (2) جزمَهُ بالعدمِ مستنِدٌ إِلَى الخفاءِ، وأمّا مُدّعى الوجودِ فتوهيمُهُ يؤدي إِلَى تكذيبهِ، والفرضُ أَنَّهُ ثقةٌ.
قولُهُ: (فيما إذا روياهُ)(3) أي: من زادَ ومنْ نقصَ، سواءٌ كانا شخصينِ، أو أكثرَ، فالضميرُ للفريقينِ.
قولُهُ: (لا ممنْ رواهُ ناقصاً)(4) أي: لأنَّ روايتَهُ ناقصاً أورثتْ شكَّاً ما فِي تلكَ الزيادةِ؛ لأنَّ أصلَ الحديثِ متفقٌ عليهِ عندَ مَنْ زادَ، ومَنْ نقصَ، والزيادة فِي صورةِ المختلفِ فِيهِ، وهذا القولُ قادحٌ فيما سلفَ منْ حكايةِ الاتفاقِ عَلَى قبولِ الزيادةِ من الثقةِ.
قولُهُ: (وتقبل من غيرهِ)(5) أي: لأنّ روايةَ الشخص لهُ ناقصاً إنْ (6) أورثتْ شكَّاً فِي روايتهِ لَهُ مرةً أخرى بزيادةٍ، منْ حيثُ إنَّ الإنسانَ مطبوعٌ عَلَى تحسينِ حالهِ، وإِشهار علمهِ (7)، فاقتصارهُ عَلَى النقصِ يورثُ شكَّاً فِي الزيادةِ، لَمْ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 263.
(2)
في (ب): ((بل)).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 263.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 263.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 263.
(6)
لم ترد في (ف).
(7)
في (ب): ((أمره)).
يورثْ (1) شكاً فيما إذا / 155 ب / كانتِ الزيادةُ منْ غيرهِ؛ لأنَّ تلكَ العلةَ لا تتمشَّى فِيهِ.
قولُهُ: (إنْ كانتِ الزيادةُ مغيرةً)(2) أي: لأنَّ المحدّثَ يحكِي لفظَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإذا حكاهُ عَلَى صفةٍ لَمْ تُقبلْ حكايتُهُ لَهُ عَلَى مَا يخالفُها، واللهُ أعلمُ.
قولُهُ: (إلَاّ إذا أفادتْ حكماً)(3) قلتُ: لأنّ الأحكامَ مدارُ الحديثِ، والراوي ثقةٌ، فلا وجه للردِّ، واللهُ أعلم. فأمّا إذا كانتْ زيادةً لفظيةً، كتأكيدٍ لشيءٍ، أو إطنابٍ فِي مختصرٍ، ونحو ذلكَ؛ فإنها تردُّ.
قُلتُ: لأنهُ تصرفٌ فِي اللفظِ، وليسَ ذلكَ منْ وظيفتهِ، ويشبهُ أنْ يكونَ هَذَا قَوْلَ مَنْ يمنعُ الروايةَ بالمعنى، واللهُ أعلم. والقولُ السادسُ: نقيضُ هَذَا: وَهُوَ أنها إنْ كانتْ زيادةً لفظيةً قُبلتْ.
قلتُ: لأنَّ ذَلِكَ راجعٌ إِلَى التصرفِ فِي الألفاظِ المترجمةِ عنِ المعاني، وذلكَ جائزٌ عَلَى الأصحِّ، واللهُ أعلم. وإنْ كانتْ معنويةً أفادتْ معنىً وحكماً لَمْ تقبلْ.
قُلتُ: لأنَّ روايتهُ مرةً بدونها أورثتْ شكَّاً فيها، ويحتاطُ فِي المعاني ما لا يحتاطُ فِي الألفاظِ، واللهُ أعلم.
قولُهُ: (اتفاق العلماءِ عليهِ)(4) قلتُ لشيخِنا: لِمَ لا يكونُ الحكمُ فِي هَذَا أيضاً معَ القرائنِ؟ فقالَ: لأنّ هذهِ الزيادةَ فِي حكمِ خبرٍ مفردٍ، فلا مدخلَ للقرينة فيها بالنسبةِ إِلَى بقيةِ الخبرِ. فَقُلْتُ: فماذا نفعلُ (5) في كلامِ الشَّافِعِيّ رحمه الله فِي
(1) في (ف): ((تورث)).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 264.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 264.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 264.
(5)
في (ف): ((يفعل)).
قوله: ((ومتى خالفَ مَا وصفتُ أضرَّ ذَلِكَ بحديثهِ)) (1) ومن جملتهِ أنْ يخالفَ بالزيادةِ؟ فقالَ: كلامهُ هناكَ فِي شخصٍ مَا علمنا حالَهُ، بل نريدُ أنْ نعلمَ حالَهُ منْ هَذَا التفتيشِ، وأمّا هنا فالمسألةُ مفروضةٌ فيمن عُلمتْ ثقتُهُ وأمانتُهُ وحفظُهُ منْ غيرِ / 156 أ / حديثهِ المبحوثِ عنهُ (2).
قولُهُ: (مَا يقعُ بينَ هاتينِ المرتبتينِ)(3) حدٌ صحيحٌ لَوْ سكتَ عليهِ.
قولُهُ: (مثلُ زيادةِ .. )(4) إِلَى آخرهِ، ليسَ بجيدٍ؛ فإنهُ يدخلُ فِي كلٍ من القسمينِ الماضيينِ؛ فإنَّ اللفظةَ الَّتِي لم يذكرْها سائرُ مَن رَوَى ذلكَ الحديثَ يصلحُ أنْ تكونَ منافيةً، وأنْ لا تكونَ منافيةً أصلاً.
قولُهُ: (من المُسْلِمِين)(5) هَذَا الحديثُ أخرجهُ الشيخانِ (6).
قولُهُ: (فذكرَ أبو عيسى الترمذيُّ (7) أنَّ مالكاً انفردَ .. ) (8) إِلَى آخرهِ، ليسَ كذلكَ، فلفظُ الترمذيِّ:((لا يقولُ فِي هَذَا الحديثِ: ((من المُسْلِمِين)) كبيرُ أحدٍ غيرُ مالكٍ)) (9). فهوَ كما تراهُ لَمْ ينفِ مَنْ دونَ ذلكَ: لأنّ قولَهُ: ((كبيرُ أحدٍ)) ينحل إِلَى
(1) الرسالة فقرة (1273).
(2)
سؤاله لشيخه يوحي أنه يرى أن ليس في المسألة قاعدة مطردة إنما ينظر -بالإضافة لما تقدم- إلى القرائن الحافة بالحديث ورواته ويقرر بعد ذلك قبول الزيادة أو ردها. وانظر في تفصيل هذه المسألة كتابنا أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء: 372 - 373.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 265.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 265.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 265.
(6)
صحيح البخاري 2/ 161 (1504)، وصحيح مسلم 3/ 68 (984).
(7)
الجامع الكبير 2/ 54 عقب (676).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 265.
(9)
جامع الترمذي 2/ 54 عقب (676)، وانظر ما سيأتي من قول البقاعي فالذي في جامع =
أحدٍ كبيرٍ. هكذا قالَ شيخُنا. ولم أرَ هَذَا اللفظَ فِي الترمذيِّ، ولا فِي "العللِ" الَّتِيْ بآخرهِ، عَلَى أَنَّهُ لا يصلحُ اعتراضاً عَلَى ابْن الصلاح؛ فإنهُ قَالَ:((انفردَ منْ بينِ الثقاتِ)) يعني: أَنَّهُ لَمْ يروِها من الثقات غيرُهُ، وإلا لَمْ يكنْ لقولهِ:((منْ بَيْن الثقاتِ)) كبيرُ فائدةٍ، وكانَ حذفُه أخصرَ، وأدلَّ عَلَى الإطلاقِ، وبهذا يندفعُ أيضاً اعتراضُ الشيخِ فِي " النكتِ " بمثلِ ذلكَ في قوله:((وكلامُ الترمذيِّ هَذَا ذَكَرَهُ فِي " العلل " (1) التي فِي آخرِ " الجامع "، ولم يصرّحْ بتفرّدِ مالكٍ بِهَا مطلقاً، فَقَالَ: ((ورُبَّ حديثٍ إنما يستغربُ لزيادةٍ تكونُ فِي الحديثِ، وإنما يصحُّ إذا كانتْ الزيادةُ ممن يعتمدُ عَلَى حفظهِ، مثل مَا رَوَى مالكُ بنُ أنسٍ
…
فذكرَ الحديثَ، ثُمَّ قَالَ: وزادَ مالكٌ فِي هَذَا الحديثِ ((من المسلمينَ)) ورَوَى أيوبُ السختيانيُّ وعبيدُ اللهِ بنُ عمرَ وغيرُ واحدٍ من الأئمةِ هَذَا الحديثَ عنْ نافعٍ، عَن ابنِ عُمرَ، ولم يذكروا فيهِ:((من المُسْلِمِين)) وقد رَوَى بعضُهمْ / 156 ب / عَن نافعٍ مثلَ روايةِ مالكٍ ممن لا يعتمدُ عَلَى حفظهِ)). انتهى كلامُ الترمذيِّ. فلم يذكرِ التفرّدَ مطلقاً عن مالكٍ، وإنما قيّدهُ بتفرّدِ الحافظِ كمالكٍ، ثمَّ صرّحَ بأنَّهُ رواهُ غيرُهُ، عن نافعٍ ممن لم يعتمدْ على حفظهِ، فأسقطَ المصنفُ آخرَ كلامهِ، وعلى كلِّ تقديرٍ فَلَمْ ينفردْ مَالِكٌ (2) بهذه الزيادةِ، بل تابَعَهُ عَلَيْهَا جماعةٌ منَ الثقاتِ: عُمَر بن نافعٍ .. إِلَى آخرِ كلامهِ، ثُمَّ قَالَ: فأمّا روايةُ ابنهِ عُمَرَ فأخرجهاُّ البخاري فِي "صحيحهِ"(3) من رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بنِ جعفر، عَن عُمَرَ بن نافعٍ، عَن أبيهِ، فقالَ فِيهِ:((منَ المُسْلِمِين))، - قَالَ العلامة شمسُ الدينِ بنُ حسّانَ:((وهو فِي أَبِي داود (4)
= الترمذي: ((روى مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث أيوب. وزاد فيه من المسلمين. ورواه غير واحد عن نافع ولم يذكر فيه: من المسلمين)).
(1)
العلل آخر الجامع 6/ 253.
(2)
((مالك)) لم ترد في (ب) وهي من (أ) و (ف) والتقييد.
(3)
صحيح البخاري 2/ 161 (1503).
(4)
سنن أبي داود (1612).
والنسائيِّ (1))). انتهى. (2) - وأمّا رِوَايَةُ الضحاكِ بْن عُثْمَانَ: فأخرَجَها مُسْلِمٌ فِي "صحيحهِ"(3) من رِوَايَةِ ابنِ أبي فديك، قَالَ: أخبرنا الضحاكُ، عَن نَافِعٍ، وَقَالَ فِيهِ أيضاً:((من المُسْلِمِين)). وأمّا روايةُ كثيرِ بنِ فرقد: فأخرَجَها الدارقطنيُّ فِي "سننهِ"(4) والحاكمُ فِي " المستدركِ "(5) من رِوَايَة الليثِ بنِ سعدٍ، عَن كثيرِ بنِ فرقد، عَن نافعٍ، فقالَ فيها أيضاً:((منَ المُسْلِمِين))، وَقَالَ الحاكمُ بعد تخريجهِ:((هَذَا حديثٌ صحيحٌ عَلَى شرطهما، ولم يخرجاه)). انتهى. وكثيرُ بنُ فرقد احتجَ بهِ البخاريُّ، ووثقهُ ابْنُ معينٍ وأبو حاتمٍ (6). وأمّا روايةُ يونسَ بنِ يزيدَ: فأخرجها أبو جَعْفَر الطحاويُّ فِي " بيانِ المشكل "(7) من روايةِ يَحْيَى بن أيوبَ، عَنْ يونس بن يزيدَ، أنَّ نافعاً أخبرهُ، فذكر فيهُ:((منَ المسلمينَ)) - قَالَ ابنُ حسان: ((وَهُوَ عندَ الدارقطنيِّ وأبي داودَ)). انتهى (8) -. وأمّا روايةُ المعلّى بنِ إسماعيلَ: فأخرجها ابنُ حبانَ فِي " صحيحهِ "(9) / 157 أ /، والدارقطني فِي " سننهِ"(10) منْ روايةِ أرطاةِ بن
(1) سنن النسائي 5/ 48، وهي كذلك في "شرح مشكل الآثار"(3426)، وصحيح ابن حبان (3303)، وسنن الدارقطني 2/ 139، و"السنن الكبرى" للبيهقي 4/ 162، و"شرح السنة" للبغوي (1594).
(2)
ما بين الشارحتين جملة اعتراضية من البقاعي؛ لزيادة تخريج الزيادة.
(3)
صحيح مسلم 3/ 69 (984)(16).
(4)
سنن الدارقطني 2/ 140.
(5)
1/ 410، وكذلك أخرجها: البيهقي 4/ 162، وابن عبد البر في " التمهيد " 14/ 319.
(6)
انظر: الجرح والتعديل 7/ 210، وتهذيب الكمال 6/ 160 (5541).
(7)
"شرح مشكل الآثار"(3427)، وهي كذلك فِي:"شرح معاني الآثار" 2/ 44، و"التمهيد" لابن عبد البر 14/ 319.
(8)
ما بين الشارحتين جملة اعتراضية من البقاعي، وكلمة ((انتهى)) لم ترد في (ف).
(9)
صحيح ابن حبان (3293).
(10)
سنن الدارقطني 2/ 140.
المنذرِ، عَن المعلى بن إسماعيل، عَن نافعٍ، فَقَالَ فِيهِ:((عنْ كلِّ مسلمٍ))، وأرطاة وثّقه أحمد بن حنبلٍ، ويحيى بنُ معينٍ وغيرُهما (1)، والمعلى بن إسماعيل، قَالَ فيهِ أبو حاتم الرَّازِي:((ليسَ بحديثهِ بأسٌ، صالحُ الحديثِ لَمْ يرو عَنْهُ غيرُ أرطاة (2))) وذكرهُ ابن حبان فِي " الثقات "(3). وأمّا رِوَايَةُ عبدِ اللهِ بن عُمَرَ: فأخرجها الدارقطنيُّ فِي " سننهِ "(4) منْ روايةِ رَوْحٍ، وعبد الوهاب، فرقهما، كلاهما عنْ عَبْد الله بن عُمَر، عَن نافعٍ، فَقَالَ فِيهِ:((عَلَى كلِّ مُسْلِم))، وقد رواه أبو مُحَمَّد ابن الجارود فِي " المنتقى"(5) فقرنَ بينه وبين مالكٍ، فرواهُ منْ طريقِ ابن وهبٍ، قال: حَدَّثَنِي عبيدُ اللهِ بنُ عُمَر (6) ومالكٌ، وَقَالَ فيهِ:((منَ المُسْلِمِين)). وأمّا الاختلاف فِي زيادتها عَلَى عبيد الله بن عمرَ وأيوب، فَقَدْ ذكرتهُ فِي شرحِ الترمذي (7)، واللهُ أعلم (8))). انتهى كلامُ " النكت " (9). قَالَ ابنُ حسان:((و (10) أورده بالزيادةِ الحاكمُ والدارقطنيُّ والطحاويُّ، وبدونها مُسْلِمٌ)). وللزيادة شاهدٌ، وَهُوَ حديثُ ابْن عَبَّاس: ((فرضَ
(1) انظر: تهذيب الكمال 1/ 162.
(2)
الجرح والتعديل 8/ 332.
(3)
الثقات 7/ 493.
(4)
سنن الدارقطني 2/ 140، وهي في " مصنف عبد الرزاق "(5765)، ومسند أحمد 2/ 114.
(5)
المنتقى (356).
(6)
هكذا في النسخ الخطية، وهكذا في المنتقى كلا الطبعتين، والذي يقتضيه السياق:((عبد الله ابن عمر)) وكذا جاء في التقييد.
(7)
تفصيلها في تحقيقنا لمعرفة أنواع علم الحديث: 179 - 182.
(8)
التقييد والإيضاح: 111 - 113.
(9)
عبارة: ((انتهى كلام النكت)) لم ترد في (ف).
(10)
الواو لم يرد في (ب) و (ف).
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زكاةَ الفطرِ طهرةً للصائم منَ اللغوِ والرفثِ)) أخرجهُ أبو داود (1) والحاكمُ (2) والدارقطنيُّ (3). ووجه الدلالةِ منهُ: أنَّ الكافرَ لا طهرةَ لهُ.
قولُهُ: (فهذهِ الزيادةُ)(4) يعني: ((وتربتها طهوراً)). (تفرّدَ (5) بِهَا أبو مالكٍ)، ليسَ كذلكَ، فإنهُ إنْ أرادَ أنّ غيرهُ خالفهُ عنْ ربعيّ، لَمْ يصحَّ لهُ (6)؛ لأنَّهُ ما رَوَى هَذَا الحديثَ عَن ربعيٍّ / 157 ب / غيرُهُ، وإنْ أرادَ أَنَّهُ انفردَ بهذهِ اللفظةِ، و (7) لَمْ توجدْ عندَ أحدٍ ممن رَوَى هَذَا الحديثَ، فليسَ كذلكَ، فَقَدْ رَوَى أحمدُ فِي " مسندهِ " هَذَا الحديثَ منْ حديثِ عليٍّ رضي الله عنه بلفظِ:((وجعلَ ترابها لنا طهوراً)) (8)، فَلَمْ يبقَ إلاّ ما قَالَ الشيخُ فِي " نكته " (9):((إنْ تفردهُ بِهَا بالنسبةِ إِلَى حديثِ حذيفةَ، كما رواهُ مسلمٌ (10) منْ روايةِ أَبِي مالكٍ، عنْ ربعي، عنهُ، قال: وقد اعترضَ عَلَى المصنفِ بأنهُ يحتملُ أنْ يريدَ بالتربةِ الأرضَ منْ حيثُ هِيَ أرضٌ، لا التراب، فلا يبقى فيهِ زيادةٌ، ولا مخالفة لمنْ أطلقَ فِي سائرِ الرواياتِ (11).
(1) في سننه (1609).
(2)
في المستدرك 1/ 409.
(3)
فِي سننه 2/ 138.
وأخرجه أيضاً: ابن ماجه (1827)، والبيهقي 4/ 163.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 266.
(5)
في (أ) و (ب): ((انفرد)) والمثبت من (ف) وهو الموافق لما في شرح التبصرة والتذكرة.
(6)
في (ف): ((به)).
(7)
لم ترد في (ب).
(8)
عند أحمد في " المسند " 1/ 98 و158.
(9)
التقييد والإيضاح: 114.
(10)
صحيح مسلم 2/ 63 - 64 (522)(4).
(11)
المعترض هو العلامة مغلطاي كما جاء في النكت لابن حجر 2/ 701 وبتحقيقي: 476.
والجواب: أنَّ فِي طرقهِ (1) التصريحَ بالترابِ، كما فِي روايةِ البيهقيِّ:((وجعلَ ترابها لنا طهوراً (2))).)) هكذا قَالَ الشيخُ. ومتى جوّزنا طروقَ الاحتمالِ المذكورِ للأولِ جازَ فِي الثاني؛ فإنَّ التربةَ والترابَ واحدٌ، والأحسنُ منعهُ منْ أصلهِ؛ لأنهُ ينحلّ إِلَى أنَّ أرضَ الأرضِ طهورٌ، وَهُوَ تقديرٌ يجلّ عنهُ كلامُ آحادِ البلغاء، فكيفَ بمن أُعطِيَ جوامعَ الكلمِ (3) صلى الله عليه وسلم (4).
قولُهُ: (وسائر الروايات)(5) أي: روايات حديثِ حذيفةَ لا غيره؛ فإنهُ وردتْ كما تقدّمَ منْ حديثِ عليٍّ رضي الله عنه، قَالَ الشيخُ فِي " النكت " (6):((وذلك فيما رواهُ أحمد فِي "مسندهِ" (7) منْ روايةِ عبدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بْن عقيل، عنْ مُحَمَّدِ ابْن عَلِيٍّ الأكبرِ (8)، أَنَّهُ سمعَ عليَّ بنَ أَبِي طالب رضي الله عنه (9) يقولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أُعطيتُ مالمْ يُعطَهُ أحدٌ منَ الأنبياء
…
)) فذكرَ الحديثَ، وفيه:((وجعل التراب لِي طهوراً))، وهذا إسنادٌ حسنٌ (10) / 158 أ / وقد رواهُ البيهقيُّ أيضاً
(1) في التقييد: ((في بعض طرقه)).
(2)
السنن الكبرى 1/ 213.
(3)
في (ف): ((الكلام)).
(4)
((صلى الله عليه وسلم)) لم ترد في (ب).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 266.
(6)
التقييد والإيضاح: 114.
(7)
مسند الإمام أحمد 1/ 98 و158.
(8)
وهو المشهور بمحمد بن الحنفية.
(9)
((رضي الله عنه)) لم ترد في (ب) وهي من (أ) و (ف) والتقييد.
(10)
وهذا منه رحمه الله على رأي من حسن الرأي فِي عبد الله بن محمد بْن عقيل، وهو رأي البخاري وتلميذه الترمذي، فقد قال البخاري:((مقارب الحديث))، وقال الترمذي:
((صدوق))، إلا أن آخرين ضعفوه منهم مالك بن أنس، ويحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، =