المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قولهُ: (خلاف ما اقتضاهُ كلامُ ابنِ الصلاحِ) (1)، أي: فإنَّهُ - النكت الوفية بما في شرح الألفية - جـ ١

[برهان الدين البقاعي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌البقاعي وكتابه النكت

- ‌طلبه للعلم

- ‌شيوخه:

- ‌تلامذته:

- ‌مصنفاته

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌نقد العلماء له والكلام عليه:

- ‌وفاته:

- ‌دراسة كتاب " النكت الوفية بما في شرح الألفية

- ‌نشأة علم مصطلح الحديث وتطوره حتى زمن البقاعي

- ‌وصف النسخ المعتمدة فِي التحقيق

- ‌منهج التحقيق

- ‌صور المخطوطات

- ‌أَقْسَامُ الْحَدِيْثِ

- ‌أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيْثِ

- ‌الْمُسْتَخْرَجَاتُ

- ‌مَرَاتِبُ الصَّحِيْحِ

- ‌ نَقْلُ الْحَدِيْثِ مِنَ الكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ

- ‌القِسْمُ الثَّانِي: الْحَسَنُ

- ‌(القِسْمُ الثَّالِثُ: الضَّعِيْفُ)

- ‌ المرفوع

- ‌المسند

- ‌المتصل والموصول

- ‌الموقوف

- ‌المقطوع

- ‌المرسل

- ‌الْعَنْعَنَةُ

- ‌تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالإِرْسَالِ، أَو الرَّفْعِ وَالوَقْفِ

- ‌التدليس

- ‌الشَّاذُّ

- ‌المنكر

- ‌الاعتبار والمتابعات والشواهد

- ‌زيادات الثقات

- ‌الأفراد

- ‌المعلل

- ‌المضطرب

- ‌المُدْرَجُ

- ‌الموضوع

- ‌المقلوب

- ‌تنبيهات

- ‌معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد

الفصل: قولهُ: (خلاف ما اقتضاهُ كلامُ ابنِ الصلاحِ) (1)، أي: فإنَّهُ

قولهُ: (خلاف ما اقتضاهُ كلامُ ابنِ الصلاحِ)(1)، أي: فإنَّهُ لما ذكرَ مِنْ أينَ تؤخذُ الزيادةُ على الصحيحِ فقالَ: إمّا بالتنصيصِ على صحتها مِنَ الكتبِ المشهورةِ، أو بوجودها في كتابٍ اشترطَ مصنِّفهُ الصحةَ، ثمَّ قالَ: وكذلكَ ما يوجدُ في الكتبِ المخرجةِ على كتابِ البخاريِّ ومسلمٍ، مِنْ تتمةٍ لمحذوفٍ، أو زيادةِ شرحٍ في كثيرٍ مِنْ أحاديثِ الصحيحينِ، قالَ: وكثيرٌ مِنْ هذا موجودٌ في الجمعِ بين الصحيحينِ للحميديِّ، فظاهرُ هذا أَنَّ ما وقعَ فيهِ منَ الزياداتِ محكومٌ بصحتهِ.

هذا كلامُه في " الشرحِ الكبيرِ " وهو كذلكَ. ولا مناقشةَ على (2) ابنِ الصلاحِ (3) فيهِ؛ لأنَّهُ جارٍ على ما أصلَ منْ أَنَّ زياداتِ المستخرجاتِ صحيحةٌ، وما في " الجمعِ " للحميديِّ منها، وإنما يناقشُ في الأصلِ كما مضى، فيبطل الفرعُ بإبطالهِ.

قولهُ:

‌مَرَاتِبُ الصَّحِيْحِ

37 -

وَأَرْفَعُ الصَّحِيْحِ مَرْويُّهُمَا

ثُمَّ البُخَارِيُّ، فَمُسْلِمٌ، فَمَا

38 -

شَرْطَهُمَا حَوَى، فَشَرْطُ الجُعْفِي

فَمُسْلِمٌ، فَشَرْطُ غَيْرٍ يَكْفي

39 -

وَعِنْدَهُ التَّصْحِيْحُ لَيْسَ يُمْكِنُ

فِي عَصْرِنَا، وَقَالَ يَحْيَى: مُمْكِنُ

ثمَ قالَ: (اعلمْ أَنَّ درجاتِ الصحيحِ)(4) عبارةُ ابنِ الصلاحِ في السابعِ منَ الفوائدِ المتعلقةِ بالصحيحِ: ((وإذا انتهى الأمرُ في معرفةِ الصحيحِ إلى ما خَرَّجهُ الأئمةُ في

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 125.

(2)

((على)) لم ترد في (ف).

(3)

في (ك) بدل: ((على ابن الصلاح)) ((عليه)).

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 125.

ص: 154

تصانيفهم الكافلةِ ببيانِ ذلكَ كما سبقَ ذكرهُ، فالحاجةُ ماسةٌ إلى التنبيهِ على أقسامهِ باعتبارِ ذلكَ (1) / 37أ /:

فأولها: صحيحٌ أخرجهُ البخاريُّ ومسلمٌ جميعاً.

الثاني: صحيحٌ انفردَ بهِ البخاريُّ، أي: عنْ مسلمٍ.

الثالثُ: صحيحٌ انفردَ بهِ مسلمٌ، أي عن البخاريِّ

)) إلى آخرهِ.

ثمَّ قالَ: ((وأعلاها: الأولُ وهوَ الذي يقولُ فيهِ أهلُ الحديثِ كثيراً: صحيحٌ متفقٌ عليهِ. يطلقونَ ذلكَ، وَيَعنونَ بهِ اتفاقَ البخاريِّ ومسلمٍ، لا اتفاق الأمّةِ عليهِ، لكنَّ اتفاقَ الأمةِ عليهِ لازمٌ مِنْ ذلكَ، وحاصلٌ معهُ؛ لاتفاقِ الأمّة على تلقي ما اتفقا عليهِ بالقبولِ، وهذا القسمُ جميعهُ مقطوعٌ بصحتهِ (2)

)) (3) إلى آخرهِ (4).

قولهُ: (والرابعُ: ما هوَ على شرطهما)(5) إنْ قيلَ: ما وجهُ تأخيرِ هذا عما أخرجهُ أحدهما؟ قيلَ: الذي أخرجهُ أحدهما تلقّتهُ الأمةُ بالقبولِ، بخلافِ ما كانَ على شرطهما، ولم يخرجاه، وإنْ كانَ قد يعرضُ للمفوقِ (6) ما يجعلهُ فائقاً، كأنْ يتفقا على حديثٍ غريبٍ، ويخرجُ مسلمٌ مثلاً، أو غيرُه حديثاً يبلغُ مبلغَ التواترِ، فلا

(1) ينظر في تعقب العلماء لابن الصلاح في هذا: نكت الزركشي 1/ 24، ونكت ابن حجر 1/ 363، وبتحقيقي: 164، وتوجيه النظر 1/ 290.

(2)

ينظر عن مسألة إفادة أحاديث الصحيحين لليقين أو الظن: نكت الزركشي 1/ 276، ومحاسن الاصطلاح: 101، ونكت ابن حجر: 1/ 371 وبتحقيقي: 172 - 173.

(3)

معرفة أنواع علم الحديث: 96 - 97.

(4)

من قوله: ((قوله: مراتب الصحيح

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 125.

(6)

جاء في حاشية (أ): ((اسم مفعول مِنْ فاق)).

ص: 155

شكَّ في أرجحيتهِ، ولا يقدحُ (1) في قولنا: ما اتفقا عليهِ أعلى؛ لأنَّهُ باعتبارِ الإجمالِ (2).

قولهُ: (ما هو صحيحٌ عندَ غيرهما)(3)، أي: باستيفاءِ الشروطِ التي ذَكرَها في حدِّ الصحيحِ، وأوردَ على هذا خمسةَ أقسامٍ أُخَرَ:

أولها: المتواترُ فيكونُ أعلى الأقسامِ.

الثاني: المشهورُ الذي فَقَدَ بعضَ شروطِ التواترِ.

الثالثُ: ما اتفقَ عليهِ الستةُ، وبعدَ هذا ما اتفقا عليهِ إلى آخر السبعةِ التي ذكروها.

الرابعُ مما أوردَ - وهوَ الحاديَ عشرَ -: ما فَقَدَ شرطاً، كالاتّصالِ مثلاً عندَ منْ يعدهُ صحيحاً.

الخامسُ - وهو الثاني عشرَ -: ما فَقَدَ تمامَ / 37 ب / الضبطِ، ونحوه مما ينزله إلى رتبةِ الحسنِ عندَ منْ يُسمّيهِ صحيحاً.

قالَ شيخُنا: ((ولا يردُ منها إلا المشهورُ، وهوَ إيرادُ الحافظِ صلاحِ الدينِ العلائيِّ، وأنا متوقفٌ في رتبتهِ، هل هي قبل (4) ما اتفقا عليهِ أو بعدهُ؟ وأما المتواترُ فلا يردُ؛ لأنَّهُ لا يشترطُ فيهِ عدالةُ الراوي، وكلامنا في الصحيحِ الذي سبقَ تعريفهُ، سَلّمنا ورودَهُ، ولا يوجدُ متواترٌ إلا وهو فيهما، أو في أحدهما.

(1) في (ف): ((ولا يقع)).

(2)

قال الزركشي في النكت 1/ 256 - 257: ((ويدل لذلك أنهم قد يقدمون بعض ما رواهُ مسلم على ما رواه البخاري لمرجح اقتضى ذلك، ومن رجح كتاب البخاري على مسلم إنما أراد ترجيح الجملة على الجملة لا كل واحد واحد من أحاديثه على كل واحد من أحاديث الآخر)).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 126.

(4)

لم ترد في (ك).

ص: 156

وأمّا ما أخرجهُ الستةُ وهوَ إيرادُ الحافظِ علاءِ الدينِ مغلطاي، فلا يردُ أيضاً؛ لأنَّهُ قسمٌ، لا قسيمٌ، فإنَّ ما أخرجاهُ لا يخلو إمّا أنْ ينفردا بهِ، أو يوافقَهما عليهِ غيرُهما، فهو حينئذٍ قسمٌ مندرجٌ تحتهُ، وتلكَ الأقسامُ متباينةٌ من كلِ وجهٍ، فلا يردُ عليها إلا ما كانَ مبايناً لكلٍ منها. قال: وعلى طريقِ التنَزلِ فكانَ ينبغي أنْ يقالَ: ما أخرجهُ الستةُ، ثمَّ ما أخرجوهُ إلَاّ واحداً منهم، وكذا ما أخرجهُ الأئمةُ الذينَ التزموا الصحةَ، ونحو هذا إلى أنْ تنتشرَ الأقسامُ، فتكثرَ حتى يعسرَ حصرها)).

قلتُ: الذي يظهرُ لي - ولم أفهمْ غيرَهُ بعدَ محاورةٍ كبيرةٍ (1) من شيخنا - أَنَّ هذا واردٌ؛ لأنَّ قولَنا: ما أخرجهُ الستةُ، ثمَّ ما أخرجوهُ إلا واحداً وِزَان (2) قولنا ما أخرجهُ الشيخانِ، ثمَّ ما أخرجهُ أحدُهما، وقولنا: ما أخرجهُ الشيخانِ دونَ ما اتفقَ عليهِ الستةُ، وزان قولنا: ما أخرجهُ أحدُ الشيخينِ دونَ ما اتفقا عليهِ، واللهُ أعلمُ.

لكن قالَ شيخنا (3) في " النكتِ ": ((منْ لم يشترطْ / 38 أ / في كتابهِ الصحيحَ لا يزيدُ تخريجهُ للحديثِ قوةً، نعم ما اتفقَ الستةُ على توثيقِ رواتهِ، أولى بالصحةِ مما اختلفوا فيهِ، وانِ اتفقَ عليهِ الشيخانِ))، وكلامهُ غيرُ مسلمٍ، أولاً وآخراً، أما أولاً؛ فلأنَّ أصحابَ السننِ، وإنْ لم يشترطُوا الصحيحَ، فإنّ لركونِ نفوسِ الأمةِ إليهم، وطمأنينتها بهم (4) وقعاً عظيماً، يفيدُ ما أخرجوه في كتبهم قوةً إذا صحَّ سندُهُ لجلالتهم في النفوسِ، والقطعِ بإمامتهم، معَ كونِ كتبهم مبوبة، فهم فيما أخرجوهُ فيها في معرضِ الاحتجاجِ بهِ، وأمّا آخراً؛ فلأنَّ إجماعهم على توثيقِ الرجالِ لايعادُ؛ لاتفاقِ

(1) في (ك) و (ف): ((كثيرة)).

(2)

هكذا في جميع النسخ.

(3)

في (ف): ((الشيخ)).

(4)

((بهم)) لم ترد في (ف).

ص: 157

الأمة على صحةِ المتونِ، واللهُ أعلمُ. (1)

وأما الاثنانِ الآخرانِ فلا يردانِ، لأنَّ الكلامَ في الصحيحِ الذي سبقَ تعريفهُ. وفائدةُ هذا التقسيمِ تظهرُ عندَ الترجيحِ.

قولهُ: (لأنَّ النسائيَّ)(2) قلتُ: هما أخرجا منْ أجمعَ على ثقتهِ إلى حينِ تصنيفهما، والنسائيُّ ضعف بعدَ وجودِ الكتابينِ، فلا يقدحُ ذلكَ؛ لأنهما لم (3) يلتزما أنَّهُ لا يأتي أحدٌ (4) بعدهما يخالفُ في ذلكَ (5)، فقالَ شيخنا:((تضعيفُ النسائيِّ إن كَانَ باجتهادهِ، أو نقلهِ عنُ معاصرٍ، فيأتي قولكَ هذا، وإن كانَ ينقلُ عن متقدمٍ فلا، قالَ: والواقعُ في نفس الأَمرِ أَنَّ نقلَ التضعيفِ موجودٌ عن منْ تقدمَ على عصرِهما، ويُمكنُ أَنْ يُجابَ عنِ ابنِ طاهرٍ بأنَّ ما قالهُ هوَ الأصلُ الذي يُبنى عليهِ أمرهما، وَقد يخرجانِ عنهُ لمرجح يقومُ مقامهُ)).

قوله: (هذا حاصلُ كلامهِ)(6) قالَ شيخنا: / 38ب/ ((كلامهُ أبسطُ مِنْ هذا، وهوَ أنَّهُ عمد إلى الزهري لكثرةِ أصحابه، فجعلهم خمسَ طبقاتٍ:

(1) من قوله: ((لكن قال شيخنا في النكت ..... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 126.

(3)

((لم)) لم ترد في (ك).

(4)

في (ك): ((أحدهما)).

(5)

وحتى لو كان تضعيف النسائي في محله، فإن هذا لا يقدح في الصحيحين؛ لأن حديث الضعيف ليس كله خطأ، وإنما فيه الصحيح والخطأ، والشيخان ينتقيان من أحاديث من في حفظه شيء، مما عُلم أن هذا الراوي لم يخطأ فيه، بل هو من صحيح حديثه وذلك بالموازنة والمقارنة، والنظر الثاقب، والاطلاع الواسع، وليس ذلك لكل أحد. وانظر في ذلك: صيانة صحيح مسلم: 96، وشرح مسلم للنووي 1/ 25، وهدي الساري: 550 و557

و562 - 563، وراجع تعليقنا على شرح التبصرة 1/ 126، وكتابي أثر علل الحديث:19.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 127.

ص: 158

الأُولى: مَنْ طالت ملازمتهُ لهُ، بل ما انفكَّ عنهُ حتى كانَ يُزَامله على الراحلةِ في السفرِ، وَيلازمهُ في الحضر مع الإتقانِ التامِّ.

الثانيةُ: مَنْ هم دونَ هؤلاءِ في الإتقانِ، وَالملازمةِ.

الثالثة: مَنْ لم يلازم أَصلاً، أَو إلا يسيراً مع إتقانٍ، وَلكنهُ دونَ إتقانِ منْ قبلهُ.

الرابعةُ: مَنْ يطلقُ عليهِ اسمُ الصدقِ، ولم يَسلمْ مِنْ غوائلِ الجرحِ.

الخامسةُ: الضعفاءُ.

فالبخاريُّ يخرجُ حديثَ الطبقةِ الأولى، وعن أعيانِ الطبقةِ الثانيةِ، وإنْ أخرجَ عنِ الثالثةِ فيقلُّ جداً، ويتلابقُ فيهِ بحيثُ إنَّهُ لا يسوقهُ مساقَ الكتابِ بحدثنا، وأخبرَنا، بل يقولُ: روى فلانٌ، وقالَ فلانٌ، وتابعهُ فلانٌ، ونحوَ ذَلِكَ، قالَ: وهذا مما رُجِّحَ بهِ البخاريُّ على مسلمٍ؛ فإنَّ مسلماً يخرجُ حديثَ الطبقةِ الأولى إنْ وجدَ، ثمَّ حديث الثانيةِ كاملاً، ثمَّ عن أعيانِ الثالثةِ، ثمَّ يقلُّ جداً عن الرابعةِ، ويؤخرُ حديثهمْ، فيجعلهُ على وجهِ المتابعةِ، لكنهُ يسوقُ الكلَّ مساقاً واحداً بحدّثنا وأخبرنا، فلا يميزه إلا عارفٌ بالفنِ بأمورٍ خارجيةٍ. قالَ: وأيضاً فإنَّ (1) البخاريَّ إذا أخرجَ عن منْ تكلمَ في حديثهِ أقلّ جداً مما يخرجُ عنهُ، وأكثرهم منْ مشايخهِ، أو مَن قَرُبَ منهم، فيغلبُ على الظنِّ أنَّهُ أطلعَ (2) على صحةِ ذَلِكَ الخبرِ الذي يخرجهُ عن أحدهم بأمورٍ خارجيةٍ / 39 أ / ومسلمٌ بخلافِ ذَلِكَ، قالَ: ويأتي في كلامِ الحازميِّ أيضاً ما تقدمَ في كلامِ ابنِ طاهرٍ مِنْ أَنَّ هذا الذي قررهُ هوَ الأصلُ، وقد يخرجانِ عنهُ لمصلحةٍ يرَيانها)) (3).

(1)((فإن)) لم ترد في (ف).

(2)

في (ف): ((أطلق)).

(3)

شروط الأئمة الخمسة: 57 - 60، وانظر: شرح علل الترمذي 2/ 613 - 614.

ص: 159

قوله: (إذا كانَ طويلَ الملازمةِ)(1)، أي: لأنَّ طولَ ملازمتهِ تجبرُ وهنه؛ لأنَّهُ يعرفُ بذلكَ صحيحَ حديثِ منْ لازمهُ مِنْ سقيمهِ، ويسمعُ الحديثَ الواحدَ منه مراراً كثيرةً، فتصيرُ له ملكةٌ قويةٌ بحديثهِ (2).

قلتُ: قولهُ: (كحمادِ بنِ سلمةَ)(3) قالَ المصنفُ في " الشرحِ الكبيرِ " بعدَ كلامِ ابنِ طاهر، ثم قالَ:((فإنْ كانَ للصحابي راويانِ فصاعداً فحسنٌ، وإنْ لم يكنْ له إلا راوٍ واحدٌ، وصحَّ ذَلِكَ الطريقُ إلى ذَلِكَ الراوي أخرجاه، إلا أَنَّ مسلماً أخرجَ حديثَ قومٍ تركَ البخاريُّ حديثهم لشبهةٍ وقعتْ في نفسهِ، كحمادِ ابنِ سلمةَ، وسهيلِ بنِ أبي صالحٍ، وداودَ بنِ أبي هندٍ (4)، وأبي الزبيرِ (5) والعلاءِ بنِ عبدِ الرحمانِ (6)، وغيرهم)).

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 127.

(2)

زاد في (ك): ((والله أعلم)).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 127.

(4)

قال ابن حبان في " الثقات " 6/ 278 - 279: ((وكان داود من خيار أهل البصرة من المتقنين في الروايات إلا أنه كان يهم إذا حدث من حفظه، ولا يستحق الإنسان الترك بالخطأ اليسير يخطيء، والوهم القليل يهم حتى يفحش ذلك منه؛ لأن هذا مما لا ينفك منه البشر، ولو ما كنا سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك جماعة من ثقات الأئمة؛ لأنهم لم يكونوا معصومين من الخطأ، بل الصواب في هذا ترك من فحش ذلك منه، والاحتجاج بمن كان منه ما لا ينفك منه بشر)). وانظر: تهذيب الكمال 2/ 430.

(5)

قيل لشعبة: مَالَكَ تركت حديث أبي الزبير؟ قال: ((رأيته يزن ويسترجح في الميزان)) قال ابن حبان في الثقات 5/ 352: ((ولم ينصف من قدح فيه؛ لأن من استرجح في الوزن لنفسه لم يستحق الترك من أجله)) وانظر: الجرح والتعديل 8/ 87 - 89، وتهذيب الكمال 6/ 503 - 505.

(6)

انظر: الجرح والتعديل 6/ 467 - 468، والثقات لابن حبان 5/ 247.

ص: 160

والبخاريُّ لَما تكلمَ في هؤلاءِ بما لا يزيلُ العدالةَ والثقةَ تركَ إخراجَ حديثهم استغناءً بغيرهم، فتكلموا في سُهيلِ بنِ أبي صالحٍ في سماعهِ مِنْ أبيهِ، فقيلَ: صحيفةٌ (1)، وتكلموا في حمادٍ بأنَّهُ أدخلَ في حديثهِ ما ليس منهُ، وعندَ مسلمٍ ما صحَّ هذا التكلمُ، فأخرجَ أحاديثهم؛ لإزالةِ الشبهةِ عندهُ.

وقالَ شيخُنا في " تهذيبِ التهذيبِ " بعدَ أَنْ نقلَ عن جماعةٍ مِنَ الأئمةِ الثناءَ العظيمَ على حمادٍ بالعلمِ، والثقةِ، والتصلّبِ في السنةِ، والدينِ، والولايةِ حتى إنَّه لو قيلَ له: إنَّكَ /39 ب/ تموتُ غداً ما قدر أن يزيد في العملِ شيئاً، وأنَّهُ أثبتُ الناسِ في ثابتٍ حتى قالَ ابنُ معينٍ: منْ خالفَ حمادَ بنَ سلمةَ في ثابتٍ، فالقولُ قولُ حمادٍ (2). وقالَ ابنُ حبانَ:((كانَ منَ العبادِ المجابي الدعوة، ولم يُصِبْ مَنْ جَانَبَ حديثَهُ. واحتجَّ في كتابهِ بأبي بكرِ بنِ عياشٍ، فإنْ كانَ تركهُ إياهُ لما كانَ يخطئُ، فغيرهُ منْ أقرانِه مثلُ الثوري وشعبةَ كانوا يخطئونَ؛ فإنْ زعمَ أَنَّ خطأهُ قد كثرَ حتى (3) تغيرَ، فقد كانَ ذَلِكَ في أبي بكرِ بنِ عياشٍ موجوداً، ولم يكنْ مِنْ أقرانِ حمادِ بنِ سلمةَ بالبصرةِ مثلهُ في الفضلِ، والدينِ، والنسكِ، والعلمِ، والكتبةِ، والجمعِ، والصلابةِ في السنةِ، والقمعِ لأهلِ البدعِ)) (4). وقد (5) عرَّضَ ابنُ حبانَ بالبخاريِّ لمجانبتهِ حماد بنِ سلمةَ، واعتذرَ أبو الفضلِ بنُ طاهرٍ عن ذَلِكَ لما ذكرَ أَنَّ مسلماً أخرجَ أحاديثَ أقوامٍ تركَ البخاريُّ حديثهم، قالَ: وكذلكَ حمادُ بنُ سلمةَ إمامٌ كبيرٌ مدحهُ الأئمةُ، وأطنبوا لما تكلمَ بعضُ منتحلي المعرفةِ أَنَّ بعضَ الكَذَبَةِ أدخلَ في حديثهِ ما ليسَ منهُ، لم يخرجْ عنهُ البخاريُّ معتمداً عليهِ، بل استشهدَ بهِ في مواضعَ؛

(1) انظر: الثقات 6/ 417 - 418، وميزان الاعتدال 2/ 243.

(2)

تهذيب التهذيب 3/ 12 وما بعدها.

(3)

في الثقات: ((من))، وفي (ف):((حين)).

(4)

الثقات 6/ 216 - 217.

(5)

عاد الكلام هنا لابن حجر.

ص: 161

ليبيّنَ أنَّهُ ثقةٌ، وأخرجَ أحاديثَهُ التي يرويها مِنْ حديثِ أقرانهِ كشعبةَ، وحماد بنِ زيد، وأبي عوانةَ، وغيرهم ومسلمٌ اعتمدَ عليهُ؛ لأنَّهُ رأى جماعةً مِنْ أصحابهِ القدماءِ والمتأخرينَ لم يختلفوا عليهِ.

وقالَ الحاكمُ: ((لم يخرجْ مسلمٌ لحمادِ بنِ سلمةَ في الأصولِ إلا منْ حديثهِ عن ثابتٍ، وقد خرَّجَ لهُ في الشواهدِ عن طائفةٍ)).

وقالَ البيهقيُّ (1): هوَ أحدُ أئمةِ المسلمينَ، إلا أنَّهُ (2) / 40أ / لما كبرَ (3) ساءَ حفظهُ، فلذا تركهُ البخاريُّ، وأما مسلمٌ فاجتهدَ، وأخرج مِنْ حديثهِ عن ثابتٍ ما سمعَ منهُ قبلَ تغيّرهِ، وما سوى حديثهِ عن ثابتٍ لا يبلغُ اثني عشرَ حديثاً أخرجه في الشواهدِ، ثمَّ قالَ شيخُنا: وهوَ كما قالَ ابنُ المديني: منْ تكلمَ في حمادِ ابنِ سلمةَ فاتهموهُ في الدّينِ (4)، واللهُ أعلمُ.

قولهُ: (قالَ: إنَّهُ أودعهُ)(5) عبارةُ ابنِ الصلاحِ كما مضى: ((أودعهُ ما ليسَ في واحدٍ مِنَ الصحيحينِ)).

وقال في "النكتِ": ((ليسَ كذلكَ، فقدَ أودعهُ أحاديثَ مخرجةً في الصحيحِ، وهماً منه في ذلكَ، وهي أحاديثُ كثيرةٌ، منها حديثُ أبي سعيدٍ الخدريِّ مرفوعاً: ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآنِ .. )) الحديث رواهُ الحاكمُ (6) في مناقبِ

(1) لم ترد في جميع النسخ وأثبته من " تهذيب التهذيب ".

(2)

جاء في حاشية (أ) من خطّ البقاعي: ((بلغ الله به المأمول شهاب الدين الحمصي الشافعي قراءة بحث وتنقيب وتنقير، كتبه مؤلفه إبراهيم البقاعي)).

(3)

جاء في حاشية (أ): ((كبر في السن وكبر في القدر)).

(4)

هذا القول راجع لابن عدي؛ إذ ذكر ذلك في الكامل 3/ 64، وانظر: تهذيب التهذيب 3/ 12 - 15، وأثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء: 20 - 21.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 128.

(6)

المستدرك 1/ 127 وقد قالَ عقبه: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)).

ص: 162

أبي سعيدٍ الخدري، وقد أخرجهُ مسلمٌ في "صحيحه"(1) وقد بينَ الحافظ أبو عبد اللهِ الذهبيُّ في " مختصرِ المستدركِ "(2) كثيراً منَ الأحاديثِ التي أخرجها في "المستدركِ"، وهي في الصحيحِ (3))) (4).

قولهُ: (وليسَ ذلكَ منهم بجيدٍ)(5) قالَ (6): بل قد (7) أجادوا وأصابوا؛ لأنَّ الحاكمَ استعملَ كلمة: ((مثل)) فيما هوَ أعمُّ مِنْ أَن يكونَ حقيقةً، أو مجازاً في الأسانيدِ، أو في المتونِ، دلَّ على ذلكَ صنيعهُ فإنَّهُ تارةً يقولُ: على شرطهما، وتارةً يقولُ: على شرطِ البخاريِّ، وتارةً: على شرطِ مسلمٍ، وتارةً: صحيح الإسنادِ، ولا يعزهُ إلى شرط واحد منهما، وأيضاً فلو كانَ مقصودُهُ بكلمةِ:((مثل)) معناها الحقيقي، حتى يكونَ المرادُ احتجَّ بغيرها ممن فيهمَ منَ الصفاتِ (8) منَ العدالةِ وسائرِ الشروطِ مثل ما في الرواةِ الذينَ خرَّجا عنهم، لم يقلْ قطُ: على شرطِ /40ب/ البخاريِّ، فإنَّ شرطَ مسلمٍ دونهُ، فما كانَ على شرطهِ (9) فهو على شرطهما؛ لأنَّهُ حوى شرطَ مسلمٍ وزادَ، وكأنَّ المصنِّفَّ يقولُ: لأي شيءٍ حمل ابنُ الصلاحِ، ومن تبعهُ كلمةَ:((مثل)) في كلامِ الحاكمِ على أحدِ معنييها، وهو المجازيُ حتى يكونَ

(1) صحيح مسلم 8/ 229 (3004)(72).

(2)

انظر على سبيل المثال لا الحصر: " تلخيص المستدرك " 1/ 10 و 422 و 497 و 528 و 530 و 546.

(3)

من قوله: ((قلت: قوله: كحماد بن سلمة .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(4)

التقييد والإيضاح: 29 - 30.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 128.

(6)

جاء في حاشية (أ): ((أي: ابن حجر)).

(7)

لم ترد في (ك) و (ف).

(8)

عبارة: ((من الصفات)) لم ترد في (ك).

(9)

جاء في حاشية (أ): ((أي: البخاري)).

ص: 163

الرواةُ أعيانَ الرواةِ الذينَ رويا عنهم، وجعلوها (1) خارجةً مخرجَ ما في قولكَ: مثلُكَ لا يفعلُ كذا، أي: أنتَ.

وقد علمت دليلَ ما قالوه، قالَ -أي: ابنُ حجرٍ (2) -: ((ووراءَ ذَلِكَ كله، أَن يُروَى إسنادٌ ملفقٌ مِنْ رجالهما، كأنْ يُقالَ: سماكٌ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ. فسماكٌ على شرطِ مسلمٍ فقطْ، لم يخرجْ له البخاريُّ، وعكرمةُ انفردَ بهِ البخاريُّ، والحقُّ أَنَّ هذا ليسَ على شرطِ واحدٍ منهما، وأدقُّ مِنْ هذا أَنْ يرويا عن أناسٍ

ثقاتٍ، ضُعِّفُوا في أناسٍ مخصوصينَ مِنْ غيرِ حديثِ الذينَ ضُعِّفُوا فيهم، فيجيءُ عنهم حديثٌ مِنْ طريقِ منْ ضُعِّفُوا فيهِ برجالٍ كلهم في أحدِ الكتابينِ، أو فيهما، فنسبتهُ أنَّهُ على شرطِ منْ خرجَ لهُ غلطٌ، كأنْ يُقالَ في هشيمٍ، عنِ الزهري، كل مِنْ هشيمٍ والزهريِّ أخرجا له، فهو على شرطِهما، فيقال: بل ليسَ على شرط واحدٍ منهما؛ لأنهما إنما أخرجا لهشيمٍ مِنْ غيرِ حديثِ الزهري فإنَّهُ ضعِّفَ فيهِ؛ لأنَّهُ كان رحلَ إليهِ، فأخذَ عنهُ عشرينَ حديثاً فلقيهُ صاحبٌ لهُ - وهو راجعٌ - فسألهُ: رَوِّنِيهِ، وكانَ ثمَّ ريحٌ شديدةٌ، فذهبتْ بالأوراقِ مِنْ يدِ الرجلِ فصارَ هشيمٌ يُحدِّثُ / 41 أ / بما علقَ منها بذهنهِ مِنْ حفظهِ، ولم يكن أتقنَ حفظَها؛ فوهمَ في أشياءَ منها؛ ضُعِّف في الزهريِّ بسببها (3)، وكذا همامٌ (4) ضعيفٌ في ابنِ جريجٍ، مع أَنَّ كلاً

(1) في (ف)((وجعلوا)).

(2)

عبارة: ((أي: ابن حجر)) لم ترد في (ك) و (ف).

(3)

هذه القصة ساقها الخطيب في " تاريخ بغداد " 14/ 87، والذهبي في " ميزان الاعتدال " 4/ 308 وقال الذهبي:((هو لين في الزهري)). وانظر: أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء: 20.

(4)

وهو همام بن يحيى بن دينار العوذي المحملي البصري. انظر: تهذيب الكمال 7/ 425 (7197)، وميزان الاعتدال 4/ 309.

ص: 164

منهما (1) أخرجَ (2) له (3)، لكن لم يخرجا له عن ابنِ جريجٍ شيئاً، فعلى منْ يعزو (4) إلى شرطهما، أو شرطِ أحدهما أَنْ يسوقَ ذَلِكَ السندَ بنسقِ (5) ما (6) رتبهُ بهِ مَنْ نسبهُ إلى شرطهِ، ولو في موضعٍ مِنْ كتابهِ، فيكون حينئذٍ معَ أمننِا مِنْ ضعفِ رواتهِ، قد أَمِنَّا مِنْ وجودِ علّةٍ فيهِ أو قادحٍ منَ القوادحِ؛ فإنَّ الراوي قد يكونُ ضعيفاً في راوٍ ثقة في غيرهِ كما تقدّمَ، ومن إغفالِ هذا القيدِ أُتي الحاكمُ، وغيرُه ممنْ خرجوا على شرطهما فهوَ مزلّةٌ عظيمةٌ، واللهُ الموفقُ (7).

قولهُ: (صرحَ في خطبةِ كتابهِ)(8) عجبٌ معَ قولهِ: (ويحتملُ أَنْ يرادَ

) (9) إلى آخرهِ، فإنَّ الصريحَ ما لا يحتملُ غيره، كذا قيلَ، وليسَ كذلكَ، فإنَّ الذي لا يحتملُ غيرَ ما ذكرَ لهُ هو النصُّ، وأما الصريحُ فهوَ الظاهرُ، لكنَّ الاحتمالَ الآخرَ لا يعتدُّ بهِ (10)، والعذرُ (11) عنِ المصنفِ أنَّهُ رأى الحملَ على الحقيقةِ - أي: في المثلِ (12) - هو الأصلُ، وجعلَ غيرهُ كالعدمِ (13).

(1) جاء في حاشية (أ): ((أي: البخاري ومسلم)).

(2)

في (ف): ((أخرجا)).

(3)

جاء في حاشية (أ): ((أي: لهمام)).

(4)

في (ف): ((لم يعزو)).

(5)

لم ترد في (ك).

(6)

لم ترد في (ف).

(7)

من قوله: ((فيكون حينئذٍ مع أمننا من ضعف

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(8)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 128 - 129، وانظر: المستدرك 1/ 3.

(9)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 129 وتعليقنا عليه.

(10)

عبارة: ((لكن الاحتمال الآخر لا يعتد به)) لم ترد في (ف).

(11)

من قوله: ((كذا قيل وليس كذلك

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(12)

عبارة: ((أي: في المثل)) لم ترد في (ك) و (ف).

(13)

جاء في حاشية (أ): ((وهو أن يراد بالمثل العين)).

ص: 165

وعبارتهُ في " النكتِ " سالمةٌ مِنْ مثلِ هذا، فإنَّه قال - بعد أن قررَ ما فهمهُ ابنُ دقيقِ العيدِ، والذهبي عنِ الحاكمِ -:((ولكنْ ظاهرُ كلامِ الحاكمِ المذكورِ - يعني: ما نقلهُ عن خطبةِ "المستدركِ" (1) - يخالفُ ما فهموه عنهُ، واللهُ أعلمُ (2))) (3).

قولهُ: (وفيهِ نظرٌ)(4) وجهُ النظرِ أنا إذا سلمنا أَنَّ الضميرَ في مثلها يعودُ على الأحاديثِ، لا يلزمُ منهُ أَنَّ المماثلةَ لا تحصلُ إلَاّ /41ب/ بالروايةِ عن أعيانِ الرواةِ الذينَ أخرجا لهم، أو أحدهما، بل تكفي المماثلةُ، أي: الموازاةُ في الصحةِ.

قلتُ: قوله: (وقد بينتُ المثليةَ في " الشرحِ الكبيرِ ")(5) عبارتهُ فيهِ:

((ثمَّ ما المرادُ بالمثلية عندهما، أو عندَ غيرهما، فقد يكونُ بعضُ منْ لم يخرج عنهُ في " الصحيحِ" مثل منْ خرجَ عنهُ فيهِ، أو أعلى منهُ عند غيرِ الشيخينِ، ولا يكونُ الأمرُ عندهما على ذلكَ، فالظاهرُ أنَّ المعتبرَ وجودُ المثليةِ عندهما، ثم المثليةُ عندهما تعرفُ إمّا بتنصيصِهما على أَنَّ فلاناً مثلُ فلانٍ، أو أرفعُ منهُ، وقَلَّ ما يوجدُ ذلكَ، وإمّا بالألفاظِ الدالةِ على مراتبِ التعديلِ، كأنْ يقولا في بعضِ مَنِ احتجا بهِ: ثقةٌ، أو ثبتٌ، أو صدوقٌ، أو لا بأسَ بهِ، أو غير ذلكَ مِنْ ألفاظِ التوثيقِ، ثمَّ وجدنا عنهما أنهما قالا ذلكَ أو أعلى منهُ في بعضِ منْ لم يحتجا بهِ في كتابيهما، فيستدلُ بذلكَ على أنَّهُ عندهما في رتبةِ من احتجا بهِ؛ لأنَّ مراتبَ الرواةِ معيارُ معرفتها ألفاظُ التعديلِ والجرحِ. ولكنْ هنا أمرٌ فيهِ غموضٌ لا بدَّ مِنَ الإشارةِ إليهِ، وذلكَ أنهم لا يكتفونَ في

(1) جملة اعتراضية مِنَ البقاعي رحمه الله.

(2)

من قوله: ((وعبارته في النكت

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(3)

التقييد والإيضاح: 30.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 129.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 129.

ص: 166

التصحيحِ بمجردِ حالِ الراوي في العدالةِ والاتصالِ، مِنْ غيرِ نظرٍ إلى غيرهِ، بل ينظرونَ في حاله معَ منْ رَوَى عنه، في كثرةِ ملازمتهِ له، أو قلتها، أو كونه مِنْ بلدهِ ممارساً لحديثهِ، أو غريباً منْ بلدِ منْ أخذَ عنهُ، وهذهِ أمورٌ تظهرُ بتصفّحِ كلامهم، وعملهم في ذلكَ (1)، واللهُ تعالى أعلمُ)).

قوله:

39 -

وَعِنْدَهُ التَّصْحِيْحُ لَيْسَ يُمْكِنُ

فِي عَصْرِنَا، وَقَالَ يَحْيَى: مُمْكِنُ

/ 42أ / لما ذكرَ أصحَّ كُتبِ الحديثِ، والصحيحَ الزائدَ على " الصحيحينِ "، والمستخرجاتِ، ثمَّ ما يتعلقُ بذلكَ منَ المراتبِ، أشعرَ بانحصارِ الصحيحِ في ذَلِكَ؛ فأشعرَ بسدِّ بابِ التصحيحِ في هذه الأزمنةِ فصرحَ بهِ.

قالَ شيخُنا: ((وهذا - أي ردُّ الشيخِ عليهِ، أي: العراقيِّ على ابنِ الصلاحِ (2) - غيرُ جيدٍ، لأنَّهُ دفعٌ غيرُ مستندٍ إلى دليلٍ، ودعَوَى لا برهانَ عليها، والذي ينبغي أَنَّ تبرزَ علةُ كلِ قولٍ، ويبرهنَ على رجحانِ أحدهما، فأقولُ (3) وباللهِ التوفيقِ: مقدمةُ عبارةِ ابنِ الصلاحِ: ((لأنَّهُ ما مِنْ إسنادٍ مِنْ ذَلِكَ إلا وتجدُ في رجالهِ من اعتمدَ في روايتهِ على ما في كتابهِ عرياً عما يشترطُ في الصحيحِ مِن الحفظِ، والضبطِ، والإتقانِ؛ فإنَّ الأمرَ إذاً في معرفةِ الصحيحِ (4) والحسنِ إلى الاعتمادِ على ما نصَّ عليهِ أئمةُ الحديثِ في تصانيفهم المعتمدةِ المشهورةِ التي يؤمنُ فيها لشُهرتها منَ التغييرِ والتحريفِ، وصارَ معظمُ المقصودِ بما يتداولُ مِنَ الأسانيدِ خارجاً عن ذَلِكَ إبقاء

(1) من قوله: ((قلت: قوله: وقد بينت المثلية

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(2)

من قوله: ((لما ذكر أصح كتب الحديث

)) إلى هنا لم يرد في (ك)، والجملة الاعتراضية لم ترد في (ف).

(3)

كتب ناسخ (أ): ((أي: ابن حجرٍ)).

(4)

من قوله: ((من الحفظ والضبط)) إلى هنا لم يرد في (ف).

ص: 167

سلسلةِ الإسنادِ التي خصتْ بها هذه الأمةُ)) (1). انتهى (2).

يمكنُ أنْ يكونَ احترزَ بقولهِ مجرد اعتبارِ الأسانيدِ عنِ المتواترِ، فإنَّهُ يجزمُ بالحكمِ بصحتهِ بالأسانيدِ، معَ ما انضمَّ إليها منَ القرائنِ التي أفادتِ القطعَ بصدقِ نقلتهِ، لا بالأسانيدِ فقط. وقولُ الشيخِ (3):(عريا عن الضبطِ، والإتقانِ)(4) قاصرٌ عن قولِ ابنِ /42 ب/ الصلاحِ: ((عرياً عما يشترطُ في الصحيحِ من الحفظِ، والضبطِ، والإتقانِ))، فقولهُ:((في الصحيحِ)) يفهمُ أنَّهُ لا يمنعُ الاستقلالَ بالجزمِ بالحكمِ بالحسنِ لكنَّ قولهُ عقبهُ: ((فآلَ الأمرُ -إذن- في معرفةِ الصحيحِ والحسنِ إلى الاعتمادِ على ما (5) نصَّ عليهِ أئمةُ الحديثِ

)) (6) إلى آخره، يمنعُ هذا المفهومَ ويوضحُ أَنَّ مرادهُ بالصحيحِ هنا المحتجُ بهِ.

وقوله: (مِنَ الحفظِ

) (7) إلى آخره، قال شيخنا: ((كنتُ أظنهُ مجردَ خطابه ثم ظهرَ لي أنَّهُ يشيرُ بذلكَ إلى أَنَّ الضبطَ الذي قدمهُ في حدِّ الصحيحِ ضبطان:

ضبطُ صدرٍ، وضبطُ كتابٍ، فأشارَ إلى الأولِ بالحفظِ، وإلى الثاني بالضبطِ، والإتقانُ يتعلقُ بكلٍ منهما، وهوَ إشارةٌ إلى تمامِ الذي ذكرناه في الحدِّ، واقتصرَ هو في الحدِّ على ذكرِ الضبطِ، وأرادَ بهِ الشيئينِ (8)؛ لأنَّ الحدودَ يناسبها الإيجاز من تشبيه لا نسلمُ (9) أنهُ ما من إسنادٍ

إلى آخره؛ لأنَّ هذا النفيَ يحتاجُ إلى استقراءٍ تامٍ،

(1) معرفة أنواع علم الحديث: 83، وتعليقنا عليه.

(2)

من قوله: ((مقدمة عبارة ابن الصلاح .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(3)

جاء في حاشية (أ): ((أي: العراقي)).

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 129.

(5)

لم ترد في (ك).

(6)

معرفة أنواع علم الحديث: 83.

(7)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 129.

(8)

جاء في حاشية (أ): ((أي: الحفظ والضبط)).

(9)

عبارة: ((من تشبيه لا نسلم)) غير مقروءة في (ك).

ص: 168

وأنى يكونُ ذلكَ، وأيضاً ففي الأحاديثِ ما هوَ مسلسلٌ بالحفاظِ، لكن يدفعُ هذا بأنَّهُ لا يردُ عليهِ إلَاّ حديثٌ ليسَ محكوماً بصحتهِ إجمالاً، ولا تفصيلاً، ورجال سنده كلهم ثقاتٌ، وهذا لا يوجدُ، ومن ادّعى الوجودَ فليبينْ، فنسلمُ حينئذٍ تمامَ استقراءِ ابنِ الصلاحِ، ولا نسلمُ تعذرَ التصحيحِ، فإنَّ شروطَ الصحيحِ التي أحدها الضبطُ ليست مقصودةً لذاتها في شخصٍ معينٍ، وإنما المقصودُ حصولُ معانيها في السندِ، فالمقصودُ منَ الضبطِ الوثوقُ بأنَّ هذا سمعَ هذا الحديثَ مثلاً / 43 أ / من شيخهِ، وهو ممن يصحُ تحمله وأداؤهُ، وهذا حاصلٌ إنْ شاء اللهُ تعالى، أما إذا كانَ ضابطاً فلا بأسَ، وإلا فليسَ الاعتمادُ على قوله، إنما الاعتمادُ على من ضبطَ سماعهُ، وأثبتهُ في طبقةِ السماعِ، أو على خطهِ مثلاً، وتصحيحُ الشيخِ الضابط لهُ؛ فإنّ قولَ الضابطِ الثقةِ الذي أثبته: هذا سمعَ (1) الكتابَ الفلانيَّ مثلاً من فلانٍ، قائمٌ مقامَ قولِ بعضِ الحفاظِ فيما عنعنهُ المدلسُ:

هذا الحديثُ سمعهُ هذا المدلسُ من شيخهِ، وإذا وجدَ ذلكَ فلا نزاعَ في الحكمِ باتصالهِ وصحتهِ إنْ كانَ شيخُ المدلسِ ومن فوقه من رجالِ الصحيحِ، فليكن ضبطُ مثبتِ الطبقةِ لهذا العري كذلكَ، ويوضحُ لكَ (2) ذلكَ إخراجُ البخاريِّ في صحيحهِ عمنْ تكلمَ فيهِ من مشايخهِ؛ لمعرفته صحة ما يخرجهُ عنه بأمورٍ خارجيةٍ عرفها بكثرةِ ممارستهِ لحديثِ ذلكَ الشيخِ، ومنِ ادّعى فرقاً فليبينْ. قالَ: وهذا عامٌ في الكتبِ المشهورةِ، والأجزاءِ المنثورةِ، وتختصُ الكتبُ الستةُ (3) المشهورةُ كأبي داودَ مثلاً بأنا لا نحتاجُ فيها إلى إسنادٍ خاصٍ منا إلى مصنفيها، فإنّهُ تواترَ عندنا أنَّ هذا الكتابَ تصنيفُ أبي داودَ مثلاً حتى لو أنكرَ ذلكَ منكرٌ، حصلَ لطلابِ هذا الفنِ

(1) في (ك): ((أسم)).

(2)

لم ترد في (ك).

(3)

لم ترد في (أ) و (ك).

ص: 169

منَ الاستخفافِ بعقلهِ، ما يحصلُ لو قالَ: لم يكنْ في الأرضِ بلدٌ تسمى بغداد، وعنِ الإمامِ نجمِ الدينِ الزاهديِّ من أئمةِ الحنفيةِ (1) - أنّهُ قالَ في " القِنيةِ " (2):((إنّ الكتبَ المشهورة لا يُحتاجُ فيها إلى إسنادٍ خاصٍ، بل يقطعُ بنسبتها إلى من اشتهرت /43ب/ عنهُ)).

وفي الركنِ الثاني وهو المقضي بهِ من البابِ الخامسِ من القسمِ الأولِ من كتابِ " تبصرةِ الحكامِ " لابنِ فرحون المالكيِّ (3) الجزمُ بذلكَ. ونقلهُ عن سلطانِ العلماءِ الشيخِ عز الدّينِ بنِ عبدِ السلامِ (4) عن اتفاقِ العلماءِ قالَ: ومنِ اعتقدَ أن الناسَ اتفقوا على الخطأ في ذلكَ، فهو أولى بالخطأ منهم. وقد رجعَ الشرعُ إلى أقوالِ الأطباءِ في صورٍ، وليست كتبهم في الأصلِ إلا عن قومٍ كفارٍ. ولكن لما بَعُدَ

(1) وهو نجم الدين أبو الرجا مختار بن محمود بن محمد الغزميني الخوارزمي الفقيه الحنفي المعروف بالزاهدي له مصنفات عديدة منها: شرح القدوري، والفرائض، وزاد الأئمة. توفي سنة

(658)

هـ. انظر: تاريخ الإسلام وفيات 658/ 370، وهدية العارفين 6/ 423.

(2)

قال حاجي خليفة في كشف الظنون 2/ 1357: ((قال المولى تركلي: ((والقنية وإن كانت فوق الكتب الغير معتبرة وقد نقل عنها بعض العلماء في كتبهم لكنها مشهورة عند العلماء بضعف الرواية وأن صاحبها معتزلي ذكر في أولها أنه استصفاها من منية الفقهاء لأستاذه بديع ابن أبي منصور العراقي وسماها قنية المنية لتتمم الغنية ورقم أسامي الكتب والمفتين بأول حروفها .... )).

(3)

وهو القاضي برهان الدين إبراهيم بن علي بن محمد بن أبي القاسم فرحون بن محمد بن فرحون اليعمري المدني المالكي من مصنفاته تسهيل المهمات في شرح جامع الأمهات، وكشف النقاب الحاجب على مختصر ابن الحاجب. توفي سنة (799 هـ). انظر: ذيل التقييد لأبي الطيب 1/ 435، وشذرات الذهب 6/ 357، وهدية العارفين 5/ 18.

(4)

وهو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم الحسن بن محمد بن مهذب السلمي عز الدين الفقيه الشافعي صاحب المصنفات العديدة منها أمالي في تفسير القرآن، والإمام في أدلة الأحكام، توفي سنة (660 هـ). انظر: تاريخ الإسلام وفيات 660/ 416، وهدية العارفين 5/ 580.

ص: 170

التدليسُ فيها جازَ. ونُقلَ نحو ذلكَ عن ابنِ الصلاحِ، والضميريِّ، والعراقيِّ. قالَ القرافيُّ: وعلى هذا تحرمُ الفتيا منَ الكتبِ الغريبةِ التي لم تشتهرْ حتى تتظافرَ عليها الخواطرُ، ويُعلمَ صحةُ ما فيها، وسوّى ابنُ فرحونَ بينَ الكتبِ المشهورةِ، وبينَ الحواشي التي بخطِّ من يوثقُ بهِ، وما فيها موجودٌ في الأمهاتِ، وعزا ذلكَ إلى عملِ العلماءِ في اعتمادهم عليها. وقالَ: وذلكَ موجودٌ في كلامِ القاضي عياضٍ، والقاضي أبي الأصبغِ بنِ سهلٍ، وغيرهما. انتهى ما في " التبصرةِ " (1). فلا يحتاجُ حينئذٍ إلى اعتبارِ رجالِ الإسنادِ الذي يرادُ تصحيحهُ إلا من أبي داودَ فصاعداً. وأولئكَ يوجدُ فيهمُ الضابطونَ المتقنونَ الحفّاظُ بكثرةٍ. قالَ: وإلى كونِ المصنّفاتِ المشهورةِ تواترتْ نسبتُها إلى مصنّفيها نظر ابن الصلاح في تحريرهِ الحكمَ بصحةِ ما نصَّ أحدُ الأئمةِ في مصنفهِ المشهورِ على تصحيحهِ، وهذا واضحٌ من قولهِ:((فآلَ الأمرُ إذن في معرفةِ الصحيحِ والحسنِ إلى الاعتمادِ على ما نصَّ عليهِ أئمةُ الحديثِ في تصانيفِهم المعتمدةِ المشهورةِ التي يؤمن فيها؛ لشهرتها من التغييرِ والتحريفِ)) (2) فنلزمهُ من هنا بالمصيرِ إلى ما قلنا من إمكانِ التصحيحِ. أو بالفرقِ، فنقولُ: الإسنادُ الذي وَصلَ إلينا بهِ قولُ ذلكَ المصنفِ: هذا حديثٌ صحيحٌ، هوَ الذي وصلَ إلينا بهِ جميع ذلكَ الكتابِ، فإمّا أنْ نعتبرَهُ في كلِ فردٍ فرد (3) من أحاديثهِ، وأحكامهِ على بعضِ الأحاديثِ بالصحةِ، وإمّا أنْ لا نعتبرَهُ أصلاً، ويكونَ الاعتمادُ في جزمِنا بنسبتهِ إلى مصنفهِ ما حصلَ من شهرتهِ، ولا فرقَ في هذا بينَ الأحاديثِ والحكمِ عليها، واللهُ الموفقُ.

(1) من قوله: ((وعن الإمام نجم الدين الزهدي

)) إلى هنا لم يرد في (ك)، ومن قوله:((وفي الركن الثاني)) إلى هنا لم يرد في (ف).

(2)

معرفة أنواع علم الحديث: 83.

(3)

لم ترد في (ك).

ص: 171

وقولهُ: ((فإنّا لا نتجاسرُ على جزمِ الحكمِ بصحتهِ)) (1) يقتضي أنَّهُ لا يمنعُ أن يقالَ هذا صحيحٌ فيما أظنُّ وما أشبهَ ذلكَ مما يشعرُ بالترددِ. وقولُ الشيخِ (2):

((فقد صحّحَ غيرُ واحد .. )) (3) إلى آخرهِ لا ينهضُ دليلاً على ابنِ الصلاحِ فَأنعِمْ تأمّلَ هذا الفصلَ فإنّهُ من النفائسِ، واللهُ أعلمُ.

قولهُ: (كأبي الحسنِ بنِ القطانِ)(4) قالَ الشّيخُ في "النكتِ ": ((فَمِنَ المعاصرينَ / 44 أ / لابنِ الصلاحِ أبو الحسنِ عليُّ بنُ محمدِ بنِ عبدِ الملكِ بنِ القطانِ (5) - أي: الفاسي - صاحبُ كتابِ "بيانِ الوهمِ والإيهامِ " وقد صحّحَ في كتابهِ المذكورِ عدّةَ أحاديثَ، منها حديثُ ابنِ عمرَ:((أنّهُ كان يتوضأُ ونعلاهُ في رجليهِ، ويمسحُ عليهما، ويقولُ: كذلكَ كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يفعلُ)) (6) أخرجهُ أبو بكرٍ البزارُ (7) في "مسندهِ"، وقالَ ابنُ القطانِ: إنّهُ حديثٌ صحيحٌ (8)، ومنها حديثُ

(1) معرفة أنواع علم الحديث: 83.

(2)

يعني العراقي.

(3)

شرح التبصرة والتذكرة1/ 130.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 130.

(5)

توفي في سنة (628 هـ)، وانظر في ترجمته: سير أعلام النبلاء 22/ 306، وتذكرة الحفاظ 4/ 1407.

(6)

بيان الوهم والإيهام (1569) و (2432).

(7)

لم أقف عليه في المطبوع من مسند البزار، وسرد سنده ابن القطان في بيان الوهم والإيهام 5/ 222 إذ قالَ:((قال أبو بكر البزار: حدثنا إبراهيم بن سعيد، قال: حدثنا روح بن عبادة، عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر)) فذكره، وقال:((قال-أي البزار-: هذا حديث لا نعلمه رواه عن نافع إلَاّ ابن أبي ذئب، ولا نعلم رواه عنه إلَاّ روح، وإنما كان يمسح عليهما؛ لأنَّه توضأ من غير حدث، وكان يتوضأ لكل صلاة من غير حدث، فهذا معناه عندنا انتهى كلام البزار. وقد سلم صحة الحديث، وذلك ما أردنا)).

(8)

بيان الوهم والإيهام 4/ 125 و5/ 222.

ص: 172

أنسٍ: ((كانَ أصحابُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ينتظرونَ الصلاةَ فيضعونَ جُنُوبَهم، فمنهم من ينامُ، ثمَّ يقومُ إلى الصلاةِ)) رواه هكذا قاسمُ بنُ أصبغَ وصححه ابنُ القطانِ، فقال: وهو كما ترى صحيحٌ (1). وتوفي ابنُ القطانِ هذا وهوَ على قضاءِ سِجِلْماسةَ (2) من المغربِ سنةَ ثمانٍ وعشرينَ وست مئة (3)، ذَكرهُ ابنُ الأبار في " التكملةِ ".

وممن صحّحَ أيضاً من المعاصرينَ له الحافظُ (4) ضياءُ الدينِ محمدُ بنُ عبدِ الواحد المقدسيُّ، فجمعَ كتاباً سمّاه "المختارة "(5) التزمَ فيهِ الصحةَ، وذكرَ فيهِ أحاديثَ لم يُسبقْ إلى تصحيحها، فيما أعلمُ، وتوفي الضياءُ المقدسيُّ في السنةِ التي ماتَ فيها ابنُ الصلاحِ سنةَ ثلاثٍ وأربعينَ وست مئةٍ (6)، وصحّحَ الحافظُ زكيُ الدينِ عبدُ العظيمِ بنُ عبدِ القويِ المنذريُّ حديثاً في جزءٍ له جمعَ فيهِ ما وردَ فيهِ:((غفرَ لهُ ما تقدّمَ من ذنبهِ، وما تأخّرَ))، وتوفي الزكي عبدُ العظيمِ سنةَ ستٍ وخمسينَ وست مئةٍ (7)، ثمّ صحّحَ الطبقةُ التي تلي هذهِ أيضاً، فصححَ أيضاً (8) الحافظُ شرفُ الدينِ عبدُ المؤمنِ بنُ خلفٍ / 44ب / الدمياطيُّ حديثَ جابرٍ مرفوعاً:((ماءُ زمزمَ لما شُرِبَ له)) في جزءٍ جَمعهُ في ذلكَ، أوردَهُ من روايةِ عبدِ الرحمانِ بنِ أبي الموّال، عن

(1) بيان الوهم والإيهام 5/ 589 (2806) وسرد إسناد قاسم بن أصبغ.

(2)

بكسر أوله وثانيه، وسكون اللام، وبعد الألف سين مهملة: مدينة في جنوب المغرب في طرف بلاد السودان، بينها وبين فاس عشرة أيام. مراصد الاطلاع 2/ 694.

(3)

انظر: تاريخ الإسلام وفيات (628): 321.

(4)

في (ف): ((الحفاظ)).

(5)

جاء في حاشية (أ): ((أي: الأحاديث)).

(6)

انظر: تاريخ الإسلام وفيات 643/ 208 - 214.

(7)

انظر: تاريخ الإسلام وفيات 656/ 268 - 170.

(8)

لم ترد في (ف).

ص: 173

محمدِ بنِ المنكدرِ، عن جابرٍ، ومن هذه الطريقِ رواهُ البيهقيُّ في " شُعبِ الإيمانِ "(1)، وإنما المعروفُ روايةُ عبدِ اللهِ بنِ المؤملِ، عنِ أبي الزبير (2)، كما رواهُ ابنُ ماجه (3)، وضعفهُ النوويُ، وغيره من هذا الوجهِ، وطريقُ ابنِ عباسٍ (4) أصحُّ من طريقِ جابرٍ، ثمَّ صححت الطبقةُ التي تلي هذهِ وهم شيوخُنا، فصَحّحَ الشيخُ تقيُ الدينِ السبكيُّ حديثَ ابنِ عمرَ في الزيادةِ في تصنيفهِ المشهورِ كما أخبرني بهِ، ولم يزلْ ذلكَ دأبُ من بلغَ أهليةَ ذلكَ منهم، إلا أنَّ منهم من لا يقبلُ ذاكَ منهم، وكذا كانَ المتقدمونَ ربما صحّحَ بعضُهم، فأُنكِرَ عليهِ تصحيحُهُ، واللهُ أعلمُ (5))) (6).

قولهُ: (حُكْمُ الصَّحِيْحَيْنِ والتَّعلِيْق)(7) عطفهُ ((التعليقَ)) من عطفِ الخاصِّ على العامِ، وصرّحَ بهِ؛ لأنَّ الصحة والضعفَ يتجاذبانهِ، فمنْ حيثُ ضمهُ إلى

(1) شعب الإيمان (4128)، وأخرجه من هذا الطريق أيضاً الخطيب في " تاريخ بغداد " 10/ 166.

(2)

في (أ) و (ف): ((ابن المنكدر)) والمثبت من مصادر التخريج.

(3)

سنن ابن ماجه (3062)، وأخرجه أيضاً: ابن أبي شيبة (14137)، والطبراني في

" الأوسط "(849)، والبيهقي 5/ 148، والخطيب في " تاريخ بغداد " 3/ 179 من طريق عبد الله بن مؤمل، به.

وأخرجه: الطبراني في " الأوسط "(3815) من طريق حمزة الزيات، والبيهقي 5/ 202 من طريق إبراهيم بن طهمان، كلاهما عن أبي الزبير، به.

وانظر: التلخيص الحبير 2/ 570 - 571 (1076).

(4)

حديث ابن عباس أخرجه: الدارقطني 2/ 289، والحاكم في " المستدرك " 1/ 473 من طريق سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.

(5)

من قوله: ((والله أعلم. قوله: كأبي الحسن بن القطان .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(6)

التقييد والإيضاح: 23 - 24.

(7)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 134.

ص: 174

الصحيحِ يظنُّ بهِ الصحةَ، ومن حيثُ قطعهُ وسوقهُ غير مساقِ الكتابِ يظنُّ بهِ غيرُ ذلكَ.

قولهُ: (واقطعْ بصحةٍ لما)(1) قالَ شيخُنا: لو قالَ: ((الذي)) موضع ((لما)) كانَ أرشق.

قلتُ: لا يقالُ: قوله: (وقيلَ ظناً)(2) غيرُ متوارد معَ (واقطع بصحة)(3) على محلٍ واحدٍ؛ لأنَّ القطعَ في نفسِ الحديثِ، والظن في مفاده وما تضمنهُ من المعنى، ويشهدُ لذلكَ قولُ ابنِ الصلاحِ إنَّهُ مقطوعٌ بصحتهِ (4)، والعلمُ اليقينيُ النظريُ واقعٌ بهِ (5) فَجَعَلَهُما دعوتينِ:

الأولى: ترجعُ إلى الصحةِ.

والثانيةُ: إلى المفادِ بالخبرِ / 45أ /؛ لأنَّ من المفادِ بالخبرِ الذي أسنداهُ نسبتهُ إلى من عُزِيَ إليه، وليسَ المرادُ بالصحةِ إلا هذا، وهو مطابقةُ هذهِ النسبةِ للواقعِ، وهذا هو المرادُ من قولهم:((العلمُ النظريُ واقعٌ بهِ بغيرِ شكٍ)) (6)؛ لأنَّ مدلولَ ألفاظِ المتنِ تارةً تكونُ نصاً (7) صريحاً في المعنى لا يحتمل غيره، وتارةً لا تكون، فلو كان المرادُ غيرَ صحةِ النسبةِ إلى القائلِ لفصلُوا، فقالوا: يفيدُ العلمَ إنْ كانَ صريحاً (8) في المرادِ، وإلاّ لم يفدْ، والله أعلمُ (9).

(1) التبصرة والتذكرة (40).

(2)

التبصرة والتذكرة (40).

(3)

التبصرة والتذكرة (40).

(4)

جاء في حاشية (أ): ((أي بصحة نسبتهِ إلى من عزي إليه)).

(5)

انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 97.

(6)

معرفة أنواع علم الحديث: 97.

(7)

((نصاً)) لم ترد في (ف).

(8)

في (أ): ((نصاً)).

(9)

من قوله: ((قلت: لا يقال قوله: وقيل ظناً .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

ص: 175

قوله: (مضعف)(1) صفةٌ لبعضٍ، أي: في الصحيحينِ بعضُ شيءٍ من الحديثِ، والأثر مضعفٍ قد ذكرَ فيهما، ولو قيلَ:((مضعفاً)) بالنصبِ لطرقه احتمالُ أنْ يكونَ المعنى رَوَى حالَ كونهِ منبهاً (2) على ضعفهِ (3).

قولهُ: (ولهما بلا سندٍ أشيا .. )(4) إلى آخرهِ، يَدُلُّكَ على أنَّ مرادَهُ التعليقُ قرينة قولهِ:((فإنْ يجزم فصحح))، ويدخلُ في هذا من غيرِ احتياجٍ إلى تقديرِ محذوفِ ما حذفا جميع سندهِ، كأن يقالَ: وقالَ فلانٌ كذا وكذا، ويُذكَر شيءٌ من مَقولِ ذلكَ الرجل، أو يقالُ: وقالَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم كذا. ويدخلُ فيهِ معَ تقديرِ ما قطعَ سندهُ مما يليهما، وذكرَ بعضه من الأثناء فحينئذٍ يكونُ المرادُ بلا سندٍ كاملٍ (5).

قولهُ: (بأنَّهُ لا يفيدُ في أصلهِ إلا الظنَّ)(6) يعني: بأصلهِ الصحيح من حيثُ هو قبلَ احتفافهِ بتلقّي الأمةِ، أو غيرهِ منَ القرائنِ فإذا سُلمَ ذلكَ، صار الصحيحُ المتلقّى بالقبولِ (7) والصحيحُ المجردُ سواء في الأرجحيةِ، وهذا مما لا يكونُ (8).

(1) انظر: التبصرة والتذكرة (42).

(2)

جاء في حاشية (أ): ((وما نبه على ضعفه لا البخاري ولا مسلم)).

(3)

وهذا احتمال وإن ورد غير لازم، وانظر: تعليقنا على متن الألفية.

(4)

التبصرة والتذكرة (42).

(5)

من قوله: ((قوله: ولهما بلا سند أشيا

)) إلى هنا، جاء في (ك) بعد قوله:((ولا في شيءٍ من حاله)) وما في (أ) و (ف) أصحّ؛ لأنه جاء على الترتيب.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 134. وهي عبارة ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث: 97.

(7)

لم ترد في (ك).

(8)

من قوله: ((قوله: بأنه لا يفيد في أصله .... )) إلى هنا، جاء في (ك) بعد قوله:((أو هيئة يزول بها الإشكال، والله أعلم)) وما في (أ) أصحّ؛ لأنه جاء على الترتيب.

ص: 176

قولهُ: (لأنَّ ظنّ من هوَ معصومٌ)(1) /45 ب/، أي: هذهِ الأمةُ معصومةٌ فيما أجمعت عليهِ. قالَ شيخُنا: ((إنما أجمعوا على الحكمِ بصحتهِ، بمعنى أنّهُ ليسَ فيهِ ما يضعفُ بهِ، بسببِ فقدِ شرطٍ من شروطِ الصحيحِ، بل جميعُ ما فيهِ جامعٌ للشرائطِ في الظاهرِ، وهذا لا يقتضي القطعَ بالصحةِ، بمعنى أنَّ رواتَهُ لم يَهِمْ (2) أحدٌ منهم في نفسِ الأمرِ مثلاً، وهو حينئذٍ من خبرِ الآحادِ الذي احتفَّ بالقرائنِ، فيفيدُ العلمَ النظريَّ؛ لأنّهُ لا نزاعَ في أنّهُ أرجحُ من صحيحٍ لم يحصل له هذا التلقي، واللهُ أعلمُ.

وعلى تقديرِ تسليم أنّهُ مقطوعٌ بصحتهِ ينبغي استثناءُ ما يتنافى مفهوماه، كما استثنى ما ضَعّفهُ بعضُ الحفّاظِ، لأنَّ الصحيحَ في نفسِ الأمرِ لا يقعُ فيهِ الاختلافُ، إلا أنْ يقالَ: التعارضُ إنما هو بالنسبةِ إلى أفهامنا في حيّز الاختيارِ (3). وقد يظهرُ للمجتهدِ نفسهِ (4) في غيرِ ذلكَ الوقتِ أو لغيرهِ وجهُ الجمعِ وعلى تقديرِ أنْ لا يظهرَ، فيحتملُ أنْ (5) يكونَ ذلكَ لإسقاطِ بعضِ الرواةِ لفظةً، أو هيئةً، يزولُ بها الإشكالُ، واللهُ أعلمُ)).

قولهُ: (لا يخطىءُ)(6) مُسلّمٌ، وهي لم يخطئُ ظنها (7) في الموافقةِ على صحتهِ بمعنى أنّهُ مُستجمعٌ للشرائطِ في الظاهرِ، فأفادَ تلقّيهم لَهُ (8) بالقبولِ وجوبَ

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 135، وهي عبارة ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث:97.

(2)

جاء في حاشية (أ): ((من وهم يهم)).

(3)

في (ف): ((الاعتبار)).

(4)

لم ترد في (ك).

(5)

زاد بعدها في (ك): ((لا)).

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 135.

(7)

لم ترد في (ك).

(8)

لم ترد في (ف).

ص: 177

العملِ بما في الصحيحينِ مُطلقاً من غيرِ نظرٍ فيهِ بخلافِ ما في غيرِهما، فإنّهُ لا يُعملُ بهِ حتى يُنظرَ فيهِ، وتوجدَ فيهِ شروطُ الصحيحِ.

قولهُ: (ابنُ طاهرٍ المقدسي)(1) حُكِيَ عن ابنِ الملقنِ أنَّهُ قالَ: ((وأغربَ ابنُ طاهرٍ فنقلَ / 46 أ / في كتابهِ " صفوةِ التصوفِ " الإجماعَ أيضاً على ما كانَ على شرطِهما)) (2).

قوله: (المحققونَ، والأكثرونَ)(3) قلتُ: تتمةُ كلامِ النوويِّ (4): لأنَّ أخبارَ الآحادِ لا تفيدُ إلا الظنَّ، ولا يلزمُ من إجماعِ الأمةِ على العملِ بما فيها إجماعُهم على أنَّهُ مقطوعٌ بأنَّهُ من كلامِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قالَ: وقدِ اشتدَّ إنكارُ ابنِ برهانَ الإمامِ على من قالَ بما قالهُ الشيخُ، وبالغَ في تغليطهِ. قالَ الشّيخُ (5) في " النكتِ ":((وقد عابَ الشيخُ عزُ الدينِ بنُ عبدِ السلامِ على ابنِ الصلاحِ هذا، وذكرَ أنَّ بعضَ المعتزلةِ يرونَ أنَّ الأمةَ إذا عَملتْ بحديثٍ اقتضى ذلك القطعَ بصحتهِ، قال: وهو مذهبٌ رديءٌ)) (6)، قالَ بعضُ أصحابِنَا: وقالَ ابنُ كثيرٍ - بعدَ أن نَقلَ كلامَ ابنِ الصلاحِ -: ((وهذا جيدٌ))، ثمَّ نقلَ كلامَ النوويِّ، وقالَ:((قلتُ: وأنا معَ ابنِ الصلاحِ فيما عوَّلَ عليهِ، وأرشدَ إليهِ)) (7) وقالَ شيخُنا: ((كلامُ النوويِّ (8) مسلّمٌ من جهةِ الأكثرينَ، وأمّا

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 135.

(2)

من قوله: ((فأفاد تلقيهم له بالقبول

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 135.

(4)

انظر: التقريب مع التدريب 1/ 132.

(5)

جاء في حاشية (أ): ((أي: العراقي)).

(6)

التقييد والإيضاح: 41 - 42.

(7)

اختصار علوم الحديث 1/ 126، وبتحقيقي:95.

(8)

من قوله: ((قلت: تتمة كلام النووي .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

ص: 178

المحققونَ فلا، فقد وافقَ ابنَ الصلاحِ محققونَ أيضاً منهم: الأستاذُ أبو إسحاقَ الإسفراييني، والقاضي أبو بكر بنُ فورك)) (1).

قولهُ: (ولما ذكرَ ابنُ الصلاحِ أنّ ما أسنداهُ)(2)، أي: أو أحدهما، فإنَّ عبارةَ ابنِ الصلاحِ عقبَ ما تقدّمَ من نقلِ الشيخِ عنهُ:((والأمةُ في إجماعِها معصومةٌ من الخطأ، ولهذا (3) كان الإجماعُ المبني (4) على الاجتهادِ حجةً مقطوعاً بها، وأكثرُ إجماعاتِ العلماءِ كذلكَ. وهذهِ نكتةٌ نفيسةٌ نافعةٌ، ومن فوائدِها: القولُ بأنَّ ما انفردَ بهِ البخاريُّ، أو مسلمٌ /46ب/ مُندرجٌ في قبيلِ ما يقطعُ بصحتهِ؛ لتلقّي الأمةِ كلَّ واحدٍ من كتابيهما بالقبولِ على الوجهِ الذي فصّلناهُ من حالهما فيما سبقَ سوى أحرفٍ .. )) (5) إلى آخره.

قوله: (سوى أحرفٍ يسيرةٍ)(6) قالَ في "النكتِ": ((قد أجابَ عنها العلماءُ بأجوبةٍ، ومعَ ذلكَ فليست بيسيرةٍ، بل هي مواضع كثيرةٌ، وقد جمعتُها في تصنيفٍ مع الجوابِ عنها (7))) (8).

(1) انظر: التقييد والإيضاح: 42.

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 135.

(3)

بعد هذا في (ف): ((ولما)).

(4)

في (ف): ((المبتني)).

(5)

معرفة أنواع علم الحديث: 97، وعلقت هناك بقولي:((هي ليست باليسيرة، فقد بلغت انتقادات الدارقطني وحده (218)، وهذا فيما سوى ما انتقده أبو مسعود الدمشقي، وأبو الفضل بن عمار، وأبو علي الجياني .. )).

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 135، وهي عبارة ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث:97.

(7)

من قوله: ((قوله: ولما ذكر ابن الصلاح

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(8)

التقييد والإيضاح: 42.

ص: 179

قولهُ: (كالدارقطني)(1) قالَ شيخُنا: ((الدارقطني ضَعّفَ من أحاديثِهما مئتينِ وعشرةً، يختصُ البخاريُّ بثمانينَ، واشتركا في ثلاثينَ، وانفردَ مسلمٌ بمئةٍ (2). قالَ: وقد ضعفَ غيره أيضاً غيرَ هذهِ الأحاديثِ)). وقالَ النوويُّ في خطبةِ " شرحِ صحيحِ البخاري ": ((إنَّ ما ضُعّفَ من أحاديثِهما مبنيٌ على عللٍ ليست بقادحةٍ)) (3)، قالَ: فكأنَّهُ مالَ بهذا إلى أنّهُ ليسَ فيهما ضعيفٌ. وكلامه في خطبةِ " شرحِ مسلمٍ " يقتضي تقريرَ قولِ من ضعّفَ (4). قال شيخُنا: ((وأظنُّ هذا بالنسبةِ إلى مقامِ الرجلينِ، وأنّ

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 135.

(2)

اختلفت هذه الإحصائية قليلاً في كلام ابن حجر في هدي الساري: 506 إذ قال: ((وعدة ما اجتمع لنا من ذلك مما في كتاب البخاري وإن شاركه مسلم في بعضه مئة وعشرة أحاديث منها ما وافقه مسلم على تخريجه وهو اثنان وثلاثون حديثاً، ومنها ما انفرد بتخريجه وهو ثمانية وسبعون حديثاً)) فذكر هنا أن ما تفرد بتخريجه البخاري ثمانية وسبعين حديثاً في حين نقل المؤلف أنها ثمانون، وأن ما اشترك بتخريجه مع مسلم اثنان وثلاثون في حين ذكر المؤلف عنه أنها ثلاثون، وكذلك فإنه لم يذكر عدد الأحاديث التي تفرد بتخريجها مسلم.

(3)

نقل ابن حجر كلام النووي في هدي الساري: 505 إذ قال: ((وقال في مقدمة شرح البخاري: فصل قد استدرك الدارقطني على البخاري ومسلم أحاديث فطعن في بعضها، وذلك الطعن مبني على قواعد لبعض المحدّثين ضعيفة جداً مخالفة لما عليه الجمهور من أهل الفقه والأصول وغيرهم فلا تغتر بذلك)).

(4)

ونص كلام النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 27: ((وقد استدرك جماعةٌ على البخاري ومسلم أحاديث أخلا بشرطهما فيها، ونزلت عن درجة ما التزماه، .... وقد ألف الإمام الحافظ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في بيان ذلك كتابه المسمى بالاستدراكات والتتبع وذلك في مئتي حديث مما في الكتابين، ولأبي مسعود الدمشقي عليهما استدراك أكثره على الرواة عنهما، وفيه ما يلزمهما، وقد أجيب عن كل ذلك أو أكثره

))، وعبارة: ((وقد أجيب عن كل ذلك أو أكثره

)) مشعرة أن الإمام النووي لا يزال على رأيه المتقدم الذي نقله ابن حجر من أنها اعتراضات لا يطعن فيها على البخاري ومسلم وأن ما اعترض عليهما قد رد كله أو أكثره، لا كما ذهب إليه البقاعي من أنه يدفع عن البخاري ويقرر على مسلم وكما سيأتي.

ص: 180

الشّيخَ يدفعُ عنِ البخاريِ، ويقررُ على مسلمٍ)).

قوله: (لا يحتمل مخرجاً)(1)، أي: لا يكونُ له مكانٌ يحتملُ أنْ يخرجَ منهُ، فيمشي بينَ الناسِ، وذلكَ كنايةٌ عن تقبلهِ، والإقبالِ على العملِ بهِ، والإذعانِ له (2).

قوله: (الإسراءُ)(3) تجوزٌ عنِ المعراجِ؛ فإنَّ الحديثَ المشارَ إليهِ لم تذكرْ فيهِ قصةُ الإسراءِ، وكأنّه ذكره (4) باعتبارِ معناه اللغوي، وهو مطلقُ السيرِ بالليلِ.

قولهُ: (والآفةُ فيهِ من شَرِيكٍ)(5) قالَ شيخُنا: ((الحديثُ (6) هو عن أنسٍ: ((أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم جاءهُ ثلاثةُ نفر قبل أنْ يُوحَى إليه، وهوَ / 47أ / نائمٌ في المسجدِ الحرامِ، فقالَ أولُهم: أيّهم هوَ؟ فقالَ أوسطُهم: هوَ خيرهُم، فقالَ آخرُهم: خذوا خيرَهم، فكانت تلكَ الليلةُ فلم يَرَهم حتى أتوهُ ليلةً أخرى فيما يرى قلبهُ، وتنامُ عينهُ، ولا ينامُ قلبه، وكذلكَ الأنبياءُ تنامُ أعينُهم، ولا تنامُ قلوبُهم، فلم يكلّموهُ حتى احتملوهُ، فَوضعُوهُ عندَ بئرِ زمزم، فتولاهُ منهم جبريلُ، فشقَّ جبريلُ ما بينَ نحرِه إلى لبتهِ (7)، قالَ: ثمَّ عرجَ بهِ

)) الحديث (8).

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 135.

(2)

من قوله: ((قوله: لا يحتمل مخرجاً .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 136.

(4)

((ذكره)) لم ترد في (ف).

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 136.

(6)

جاء في حاشية (أ): ((في آخر البخاري في باب ما جاءَ في قول الله: ((وكلم الله موسى تكليما)).

(7)

زاد بعدها في (ك) و (ف): ((حتى)).

(8)

رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر، أخرجها: البخاري في " صحيحهِ "4/ 232 (3570) و9/ 182 (7517) وفي " خلق أفعال العباد "، له: 26 و69، ومسلم في " صحيحه " 1/ 102 (162)(262).

ص: 181

فأنكرَ في هذا الحديثِ ذكرَ المعراجِ، وشقَ الصدرِ قبلَ الوحي.

والجوابُ: أنَّ الحديثَ لم يتضمنْ ذلكَ؛ فإنَّ قوله: ((ثم جاءوا)) لا مانعَ من أنْ يكونَ زمنُ المجيءِ الثاني بعدَ تلكَ الليلةِ بدهرٍ طويلٍ، أوحيَ إليهِ في أثنائهِ، وليسَ في الحديثِ ما يُعينُ أنَّ المجيءَ الثاني كان (1) في تلكَ الليلةِ، أو الليلةِ التي تليها (2)، وأما شقُّ الصدرِ فعلى تقديرِ تسليمِ أنّ ذلكَ قبلَ الوحي، فلا مانعَ منهُ، فقد شُقَّ صدرُهُ الشريفُ خمسَ مراتٍ في بلادِ بني سعدٍ، وهوَ في حدودِ الثلاثِ سنينَ، وعندَ المراهقةِ لما فَقَدهُ جدُّهُ عبدُ المطلبِ، وطافَ بالبيتِ، وتوسّلَ في ردّهِ عليهِ وأنشدَ تلكَ الأبياتِ الدالية التي فيها رد راكبي محمداً، وعندَ الإسراءِ بروحهِ في المنامِ، وعند الإسراءِ بالروحِ والجسدِ في اليقظةِ، والخامسةُ أظنها عندَ البعثِ. وشَقُّ الصدرِ في حديثِ الإسراءِ في كتابِ البخاريِّ من روايةِ شريكٍ أيضاً (3) / 47 ب /.

قوله: (عن أبي زميل)(4) هو بضمِ الزاي، واسمه سماكُ بنُ الوليدِ الحنفيُّ، ليسَ بهِ بأسٌ (5)(6).

وقوله: (هذا حديثٌ موضوعٌ لا شكَ في وضعهِ)(7) قالَ شيخنا: ((أمّا عكرمةُ فلا شكَّ في ثقتهِ وإمامتهِ، وأمانتهِ، والتجاسرُ على الحكمِ عليهِ بأنّهُ يضعُ شديدٌ لا سيّما وما قالهُ يمكنُ أنْ يوجهَ بأنها بنتٌ أخرى اسمها أمُّ حبيبةَ، لكنْ يعكر

(1) لم ترد في (ك).

(2)

انظر: فتح الباري 13/ 587 عقب (7517).

(3)

انظر: فتح الباري 13/ 588 عقب (7517).

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 136.

(5)

من قوله: ((وشق الصدر في حديث الإسراء .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(6)

انظر: التقريب (2628).

(7)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 136.

ص: 182

عليهِ قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في جوابِ ذلكَ: ((نعم)) (1)، أو بأنّهُ أرادَ أن يجددَ نكاحَ أمِّ حبيبةَ أمِ المؤمنينَ رضي الله عنها؛ لكونِ النكاحِ الأولِ كانَ بغيرِ إرادته، ويغبرُ في (2) وجههِ.

قولهُ: (عندي)(3) وعلى تقديرِ عدمِ توجيههِ بوجهٍ واضح، فالذي ينبغي أن يقالَ في حقِّ عكرمةَ: وَهمَ في حديثهِ، أخطأَ، خالفهُ الحفّاظُ، ونحو ذلكَ من العباراتِ، ولا يقدحُ ذلكَ في مطلقِ حفظهِ، ولا في شيءٍ من حالهِ.

قوله: (وقد أفردتُ كتاباً)(4) قالَ شيخُنا: ((هذا الكتابُ لم يبيضْ، وعُدمَت مسودتُه)) (5)(6).

قولُهُ: (بعدَ مقدمةِ الكتابِ)(7) احترزَ بهِ عن قوله في المقدمةِ: وقالت عائشةُ رضي الله عنها (8): ((أَمَرنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن نُنْزِلَ الناسَ منازلهم)) (9).

(1) الحديث هو ما رواه عكرمة بن عمار، عن أبي زميل، عن ابن عباس، قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان، ولا يقاعدونه، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث أعطنيهنَّ، قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان، أزوجكها. قال: نعم .. الحديث، وهو في صحيح مسلم 7/ 171 (2501). وانظر في توجيه الإيرادات الواردة حول الحديث في شرح صحيح مسلم 8/ 247 عقب (2501) للنووي.

(2)

جاء في حاشية (أ): ((أي: عليه بعض غبار)).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 136.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 137.

(5)

النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر 1/ 380، وبتحقيقي:180.

(6)

من قوله: ((قوله: وقد أفردت كتاباً

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(7)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 137.

(8)

عبارة: (رضي الله عنها) لم ترد في (ك).

(9)

مقدمة صحيح مسلم 1/ 6 ط فؤاد، و1/ 5 ط الإستانبولية والحديث أخرجه أحمد في الزهد

(90)

، وأبو داود (4842)، وأبو يعلى (4826)، وابن خزيمة كما في إتحاف المهرة=

ص: 183

قوله: (وفيهِ)(1)، أي: في مُسلمٍ (2) مواضعُ أُخَرُ يسيرةٌ، قال شيخُنا:((عدتُها، اثنا عشرَ فهي بالموضعِ الذي ما ذكرهُ إلا تعليقاً ثلاثةَ عشرَ (3). قالَ: وقد بيَّنها الرشيدُ العطارُ في "الغررِ المجموعةِ " وحررتُها في الكلامِ على مقدمةِ "شرحِ مسلمٍ")). انتهى.

وبخطِّ بعضِ أصحابنا عن ابنِ كثيرٍ: أنها أربعةَ عشرَ (4)، وأنَّ أبا عليٍّ الغساني ذكرها. انتهى.

وكذا عَدَّها الشيخُ في " النكتِ " أربعةَ عشرَ (5) فقالَ: ((فيها بعدَ حديث أبي الجهيمِ، وقالَ مسلمٌ في البيوعِ (6): ((ورَوَى الليثُ بنُ سعدٍ، حدّثني جعفرُ بنُ ربيعةَ، عن عبدِ الرحمانِ بنِ هرمزَ، عن عبدِ اللهِ بنِ كعبِ / 48 أ / بن مالكٍ، عن كعبِ بنِ مالكٍ: أنَّه كانَ لهُ مالٌ على عبدِ اللهِ بنِ أبي حدردَ الأسلميِّ .. )) الحديثَ، وقالَ في الحدودِ (7): ((وَرَوَى الليثُ أيضاً عن عبدِ الرحمانِ بنِ خالدِ بنِ مسافرٍ، عن

= 17/ 574 (22821) والحاكم في معرفة علوم الحديث: 48، وأبو نعيم في المسند المستخرج على صحيح مسلم (57) من طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب، عن عائشة رضي الله عنها، به.

وقد صحح هذا الحديث الحاكم في معرفة علوم الحديث، وابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث: 410 والصواب أن إسناده ضعيف لانقطاعه فإن ميمون بن أبي شبيب لم يدرك عائشة رضي الله عنها. انظر تعليقي على الذيل على صحيح ابن خزيمة (3300).

(1)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 137.

(2)

عبارة: ((أي في مسلم)) لم ترد في (ك).

(3)

انظر: النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 344، وبتحقيقي: 150وتعليقي عليه.

(4)

انظر: اختصار علوم الحديث 1/ 121، وبتحقيقي:89.

(5)

التقييد والإيضاح: 33.

(6)

صحيح مسلم 5/ 31 (1558)(21).

(7)

صحيح مسلم 5/ 116 (1691)(16).

ص: 184

ابنِ شهابٍ بهذا الإسنادِ مثله)). وهذان الحديثانِ (1) قد رَوَاهما مسلمٌ قبلَ هذينِ الطريقينِ متصلاً، ثمَّ عقبهما لهذينِ (2) الإسنادينِ المعلقينِ فعلى هذا ليسَ في كتابِ مسلمٍ - بعدَ المقدمةِ - حديثٌ معلقٌ، لم يوصلْهُ إلَاّ حديث أبي الجهيمِ المذكورِ، وفيهِ بقيةُ أربعةَ عشرَ موضعاً رواهُ متصلاً، ثمَّ عقبهُ بقولهِ: ورواهُ فلانٌ، وقد جَمَعها الرشيدُ العطارُ في " الغُررِ المجموعةِ "، وقد بينّتُ ذلكَ كلَّهُ في كتابٍ جمعتهُ فيما تُكُلِمَ فيهِ من أحاديثِ الصحيحينِ بضعفٍ، أو انقطاعٍ، واللهُ أعلمُ (3))) (4).

قولهُ: (وهذا ليسَ من بابِ التعليقِ)(5) قالَ شيخُنا (6): ((بلى، قد ذَكرَهُ أصحابُ "الأطرافِ" في المعلقِ)) (7).

قلتُ: واستدلاله (8) على ذلكَ (9) بأنَّهُ قد يقعُ في السندِ مَن ليسَ مِن شرطهِ، يكفي في ردِ إطلاقهِ (10)، ما قالَهُ - بعدَهُ في شرحِ قولهِ:((فإنْ يجزمْ)) - من أنَّ المعلقَ تارةً يكونُ صحيحاً، وتارةً يكونُ غيرَ صحيحٍ بالذي جزمَ بهِ، لا مانعَ من إدخالهِ في مقصودِ الكتابِ، واللهُ أعلمُ (11).

(1) بعد هذا في التقييد: ((الأخيران)).

(2)

في " التقييد والإيضاح ": ((بهذين)).

(3)

من قوله: ((قال: وقد بينها الرشيد العطار .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(4)

التقييد والإيضاح: 33.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 137.

(6)

لم ترد في (ك).

(7)

تحفة الأشراف 8/ 310 (11130).

(8)

كتب ناسخ (أ) تحتها: ((أي: العراقي)).

(9)

جاء في حاشية (أ): ((أي: على أنَّه ليس من باب التعليق)).

(10)

لم ترد في (ف).

(11)

من قوله: ((قلت: واستدلاله على ذلك

)) إلى هنا لم يرد في (ك)، وعبارة:((بالذي جزم به، لا مانع من إدخاله في مقصود الكتاب)) لم ترد في (ف).

ص: 185

قالَ: وكذا ذَكُروا فيهِ قولَه: حُدِّثتُ عن فلانٍ، وهو في قوةِ قولهِ: حَدَّثَني مُحدثٌ عن فلانٍ، وإذا كانَ كذلكَ؛ فهوَ مما فيهِ مبهمٌ، لا منَ التعليقِ.

قولهُ: (فإنْ يجزم فصحح)(1) قالَ في " الشرحِ الكبيرِ " كقولهِ في المغازي: قالَ أبو هريرةَ: ((صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم)) (2). انتهى.

لكن ليسَ ذلكَ - وإن حُكِمَ بصحتهِ - من نمطِ الصحيحِ المسندِ فيهِ؛ لأنَّه وَسَمَ كتابه بـ" الجامعِ المسندِ الصحيحِ ". نبّهَ عليهِ ابنُ كثيرٍ (3). واعترضَ بعضُهم بأنَّ البخاريَّ ربما جَزَمَ بالشيءِ ولا يكونُ صحيحاً، كقولهِ في كتابِ التوحيدِ في بابِ {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء} (4) إثرَ حديثِ أبي سعيدٍ (( .. الناسُ يصعقونَ يومَ القيامةِ، فإذا أنا بموسى)) قالَ: وقالَ الماجشونُ: /48ب/ عن عبدِ اللهِ بنِ الفضلِ، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرةَ:((فأكونُ أولَ مَن بُعثَ)) (5) قالَ: ورَدَّ البخاريُّ على نفسه بنفسهِ، فذكر في أحاديثِ الأنبياءِ حديثَ الماجشونِ هذا عن عبدِ اللهِ بنِ الفضلِ، عنِ الأعرجِ، عن أبي هريرةَ (6)، وكذا رواهُ مسلمٌ (7)، والنسائيُّ (8) ثمَّ قالَ: قالَ أبو مسعودٍ: إنما يُعرفُ عن الماجشونِ، عن ابن الفضلِ، عن الأعرجِ، ذكرهُ الشيخُ في " النكتِ " (9) وقالَ: ((إنَّ ذلكَ لا يُظنُّ بالبخاريِّ، فلا يمكنُ أنْ يجزمَ

(1) التبصرة والتذكرة (42).

(2)

صحيح البخاري 5/ 147 عقب (4137).

(3)

اختصار علوم الحديث: 1/ 122 وبتحقيقي: 90.

(4)

هود: 7.

(5)

صحيح البخاري 9/ 154 (7428).

(6)

" صحيح البخاري " 4/ 193 (3414).

(7)

" صحيح مسلم " 7/ 100 (2373)(159).

(8)

في " الكبرى "(11461) وفي التفسير، له (478).

(9)

انظر: التقييد والإيضاح 35 - 36.

ص: 186

بشيءٍ إلا وهو صحيحٌ عندهُ. وقولُ البخاريِّ في التوحيدِ: وقالَ الماجشونُ

إلى آخرهِ صحيحٌ عندهُ بهذا السندِ، وكونهُ رواهُ في أحاديثِ الأنبياءِ متصلاً، فجعلَ مكانَ أبي سلمةَ الأعرجَ، لا يدلُ على ضعفِ الطريقِ التي فيها أبو سلمةَ، ولا مانعَ من أنْ يكونَ عندَ الماجشونِ في هذا الحديثِ إسنادانِ، وأنَّ شيخَهُ عبدَ اللهِ بنَ الفضلِ سَمعهُ من شيخينِ: من الأعرجِ، ومن أبي سلمةَ، فرواهُ مرةً عن هذا، ومرةً عن هذا. ويكونُ الإسنادُ الذي وَصَلَهُ بهِ البخاريُّ أصحَّ منَ الإسنادِ الذي علّقهُ بهِ، ولا نحكمُ على البخاريِّ بالوهمِ، والغلطِ، بقولِ أبي مسعودٍ الدمشقيِّ: إنَّه إنما يعرفُ عن الأعرجِ، فقد عرفهُ البخاريُ عنهما، وَوَصلهُ مرةً عن هذا، وعلّقهُ مرةً عن هذا؛ لأمرٍ اقتضى ذَلِكَ، فما وُصِلَ إسنادُهُ صحيحٌ، وما عَلّقهُ وجزمَ بهِ يُحكمُ له أيضاً بالصحةِ، واللهُ أعلمُ (1))) (2).

قولهُ: (واتصالهِ من موضعِ التعليقِ)(3)، أي: فقد يكونُ غيرُ متصلٍ.

قالَ البخاريُّ: وقالَ طاووس: قال معاذٌ: ائتوني بعرضِ ثيابٍ خميص، أو لبيس أهون عليكم، وخيرٌ لأصحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم (4) في المدينةِ. فطاووس لم /49أ/ يسمعْ من معاذٍ (5)؛ ولهذهِ العلةِ ونحوها لا ينبغي الاحتجاجُ بهِ، إلاّ إذا نظرَ الإسنادُ من المعلقِ عنه إلى منتهاهُ، فوجدَ صحيحاً، وقد توهمَ بعضُ الفقهاءِ أنَّهُ محكومٌ بصحتهِ مطلقاً، فيقولونَ في تصانيفهم: أخرجه البخاريُّ تعليقاً جازماً بهِ. وهذا كما وقعَ لهم في الاحتجاجِ بما سكتَ عليهِ أبو داودَ، لقولهِ: إنَّ ما سَكتُّ عليهِ صالحٌ.

(1) من قوله: ((قوله: فإن يجزم فصحح .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(2)

التقييد والإيضاح: 38.

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 138.

(4)

لم ترد في (ف).

(5)

انظر: علل الحديث لابن المديني: 88. وقد تسهل بعض العلماء في هذا الانقطاع خاصة لاهتمام طاووس بفقه معاذ حتى قال الشافعي: ((طاووس عالم بأمر معاذ، وإن كان لم يلقه)) نصب الراية 2/ 247.

ص: 187

وخفيَ عليهم أنَّهُ يريدُ بـ (صالحٍ) أعمَّ منَ الصلاحيةِ للاعتبارِ، أو الاحتجاجِ (1)، وأشدُّ من هذا أنْ يكونَ إنما سكتَ عليهِ في الموضعِ الذي نقلوهُ منهُ؛ لتبيينهِ حاله في موضعٍ آخرَ، ووراءَ ذلكَ (2) كله أنَّهُ يحتجُ بالضعيفِ إذا لم يجد في البابِ غيرَهُ على طريقةِ الإمامِ أحمدَ، فإنَّ ذلكَ عندهُ أولى من رأي الرجالِ (3).

قوله: (فهذا ليسَ من شرطهِ)(4)، أي: لأنَّهُ لا يحتجُ ببهزٍ؛ لأنَّهُ لما أبرزَهُ جزمَ، فقالَ:((وقال بهزٌ)) (5)، لصحةِ

(1) كلام البقاعي هنا تحقيق جد، وانظر بلا بد في شرح التبصرة والتذكرة 1/ 162 هامش (4) و1/ 163 هامش (3)، والله الموفق.

(2)

في (ف): ((هذا)).

(3)

هذا نظر جيد من البقاعي رحمه الله إذ لا يستفاد من سكوت أبي داود في تقوية الأحاديث، وذلك لعدة أمور يطول المقام في سردها، منها: اختلاف روايات سنن أبي داود، ففي بعض الروايات من أقوال أبي داود ما ليس في الأخرى، ثم إن أبا داود قد يضعف الحديث بالراوي، فإذا جاء هذا الراوي بحديث آخر يسكت أحياناً؛ لأنه تقدم الكلام عليه عنده، ثم إن أبا عبيد الآجري في سؤالاته ينقل كثيراً من تضعيف أبي داود لبعض الأحاديث، وهو قد سكت عنها في سننه.

وقد أطال الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصلاح 1/ 432 - 445 وبتحقيقي: 226 - 237 في بحث هذه المسألة، وذكر أمثلة كثيرة من الأحاديث الضعيفة التي سكت عنها أبو داود.

فينبغي التنبيه على: أن سكوت أبي داود لا يستفيد منه كل أحد، فقد قال الحافظ ابن حجر في النكت 1/ 439:((فلا ينبغي للناقد أن يقلده في السكوت على أحاديثهم، ويتابعه في الاحتجاج بهم، بل طريقه: أن ينظر: هل لذلك الحديث متابع، فيعتضد به، أو غريب، فيتوقف فيه؟)).

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 138، وهي عبارة ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث:96.

(5)

" صحيح البخاري " 1/ 78 عقب (277). وقد وصله عبد الرزاق (1106)، وأحمد 5/ 3 و4، وأبو داود (4017)، وابن ماجه (1920)، والترمذي (2769)

و (2794)، والنسائي في " الكبرى "(8972)، والحاكم 4/ 179، وأبو نعيم في

" الحلية " 7/ 121، والبيهقي 1/ 199، والخطيب في " تأريخه " 3/ 261.

وقال اللكنوي في ظفر الأماني: 164: ((هو حديث حسن مشهور)).

ص: 188

الإسنادِ (1) منه إليه، ولما طواهُ في السندِ، مرَّضَ، فقالَ:((ويذكرُ عن معاويةَ بنِ حيدةَ: لاتهجرْ إلَاّ في البيتِ)) (2)، فمعاويةُ جدُّ بهزٍ، فهوَ بهزُ بنُ حكيمِ بنِ معاويةَ.

واعتُرضَ على ابنِ الصلاحِ في ضمهِ حديثَ جرهدَ (3) إلى حديثِ بهزٍ، بأنَّ حديثَ جرهدَ صحيحٌ.

قالَ الشيخُ في " النكتِ ": ((وعلى تقدير صحتهِ (4) ليسَ عليهِ ردٌّ؛ لأنَّهُ لم ينفِ صحته مطلقاً، بل كونه من شرطِ البخاريِّ، فإنَّهُ لما مثَّل بهِ وبحديثِ بهزٍ قال: فهذا

(1) كتب ناسخ (أ) تحتها: ((أي: من البخاري)).

(2)

صحيح البخاري 7/ 41 عقب (5201).

(3)

وهو قول البخاري: ((باب ما يذكر في الفخذ، ويروى عن ابن عباس، وجرهد، ومحمد ابن جحش، عن النبي صلى الله عليه وسلم: الفخذ عورة)).

وهو في " صحيح البخاري " 1/ 103 عقب (370).

وحديث ابن عباس أخرجه: أحمد 1/ 275، والترمذي (2796)، والطحاوي في " شرح المعاني " 1/ 474، والبيهقي 2/ 228 من طريق أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس،

مرفوعاً. وسنده ضعيف؛ لضعف أبي يحيى القتات.

وحديث جرهد أخرجه: عبد الرزاق (1115) و (1988)، والحميدي (857)، وابن أبي شيبة (26692)، وأحمد 3/ 478 و479، والدارمي (2650)، والبخاري في

" تأريخه الكبير " 2/ 229 (2354)(ط دار الكتب العلمية)، وأبو داود (4014)، والترمذي (2795)، والطحاوي في " شرح المشكل "(1701) و (1702) وفي " شرح معاني الآثار "، له 1/ 475، وابن حبان (1710)، والطبراني في " الكبير "(2138) إلى (2151)، والدارقطني 1/ 224، والبيهقي 2/ 228. وحديثه مضطرب جداً؛ قال ابن عبد البر في " الاستيعاب " 1/ 255 متحدثاً عن جرهد:((لا تكاد تثبت له صحبة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((الفخذ عورة))، وقد رواه غيره جماعة. وحديثه مضطرب)).

وانظر فيه: بيان الوهم والإيهام 3/ 338 (1082) و (1083) فقد أطال النفس فيه، ونصب الراية 1/ 241 - 242، وأثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء: 243 - 246.

(4)

في التقييد: ((وعلى تقدير صحة حديث جرهد)).

ص: 189

قطعاً ليسَ من شرطهِ (1)، على أنا لا نُسلّمُ أيضاً صحته؛ لما فيهِ من الاضطرابِ في إسنادهِ، فقيلَ: عن زرعةَ بنِ عبدِ الرحمانِ بن جرهد، عنْ أبيهِ، عنْ جدهِ.

وقيلَ: عن زرعةَ، عن جده، ولم يذكرْ أباهُ.

وقيلَ: عن أبيهِ، عن النبيِ صلى الله عليه وسلم، لم يذكر جدهُ.

وقيلَ: عن زرعةَ /49ب/ بنِ مسلمِ بنِ جرهدَ، عن أبيه، عن جدهِ.

وقيلَ: عن زرعةَ بنِ مسلمٍ، عن جدهِ، ولم يذكرْ أباهُ.

وقيلَ: عن ابنِ جرهدَ، عن أبيهِ، ولم يسمَّ.

وقيلَ: عن عبدِ اللهِ بنِ جرهد، عن أبيه. وقد أخرجهُ أبو داود وسكتَ عليهِ (2)، والترمذيُّ من طرقٍ، وحسنهُ، وقالَ في بعضِ طرقهِ:((وما أرى إسنادَهُ بمتصلٍ)) (3)، وقالَ البخاريُّ في " صحيحهِ ":((حديثُ أنسٍ أسندُ، وحديثُ جرهدَ أحوطُ)) (4).

قولهُ: (استعمالها في الضعيفِ أكثرُ)(5) وكذا تعبيرُ ابنِ الصلاحِ بقولهِ: ((لأنَّ مثلَ هذهِ العباراتِ تستعملُ في الحديثِ الضعيفِ أيضاً)) (6) يدفعُ الاعتراضَ بأنَّ البخاريَّ قد يخرجُ ما صحَّ بصيغةِ التمريضِ، كقولهِ في بابِ الرُّقَى بفاتحةِ الكتابِ:((ويذكرُ عنِ ابنِ عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم)) (7) في الرقى بفاتحةِ الكتابِ معَ أنَّهُ أسندَ

(1) معرفة أنواع علم الحديث: 96.

(2)

سنن أبي داود (4014).

(3)

الجامع الكبير (2795).

(4)

انتهى كلام العراقي من التقييد 40 - 41، وقول البخاري هو في " صحيحه " 1/ 103.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 139.

(6)

معرفة أنواع علم الحديث: 94.

(7)

صحيح البخاري 7/ 170.

ص: 190

الحديثَ في البابِ بعده، ولفظه:((فانطلقَ رجلٌ، فقرأَ بفاتحةِ الكتابِ إلى أنْ قالَ: فقالَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أحقَّ ما أخذتُم عليهِ أجراً كتابُ اللهِ)) (1) ونبّهَ المصنفُ (2) في "نكتهِ"(3) على أنَّ البخاريَ قد يصنعُ ذلكَ لغرضٍ آخرَ غير الضعفِ، كما إذا ذَكَرَ الخبرَ بالمعنى لوجودِ الخلافِ في جوازِ الروايةِ بالمعنى، وكما إذا اختصرَهُ للخلافِ في جوازِ ذلكَ.

وخبرُ ابنِ عباسٍ ليسَ فيهِ التصريحُ عنِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالرقيةِ بفاتحةِ الكتابِ، وإنما فيهِ تقريرُهُ على ذلكَ، ونسبةُ ذلكَ إليهِ (4) صريحاً تكونُ نسبةً معنويةً، ويؤيدُ ذلكَ أنَّ البخاريَّ علّقَ بعضَهُ في الإجازةِ، في بابِ ما يُعطَى في الرقيةِ بفاتحةِ الكتابِ / 50أ / بلفظهِ، فعبَّرَ بصيغةِ الجزمِ فقالَ:((وقالَ ابنُ عباسٍ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم (5): إنَّ (6) أحقَّ ما أخذتُم عليهِ أجراً كتابُ اللهِ)) (7)، قالَ المصنِّفُ:((على أنَّهُ يجوزُ أنْ يكونَ الموضعُ الذي ذكرهُ البخاريُّ بغيرِ إسنادٍ عنِ ابنِ عباسٍ مرفوعاً حديثاً آخرَ في الرقيةِ بفاتحةِ الكتابِ، غيرَ الحديثِ الذي رواهُ، كنحوِ ما وقعَ في حديثِ جابرٍ المذكورِ بعدهُ)) (8)، يعني: مما اعتُرضَ بهِ على ابنِ الصلاحِ، وهوَ قولهُ: ويذكرُ عن جابرٍ أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم ردَّ على المتصدقِ (9) صدقتهُ، مع أنَّه صحيحٌ، ولفظهُ: ((دبَّر رجلٌ عبداً

(1) صحيح البخاري 7/ 170 (5737).

(2)

جاء في حاشية (أ): ((أي: العراقي)).

(3)

التقييد والإيضاح: 37.

(4)

جاء في حاشية (أ): ((أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم)).

(5)

عبارة: ((عن النبي صلى الله عليه وسلم)) لم ترد في النسخ الخطية، وأثبتها من صحيح البخاري.

(6)

كلمة: ((إن)) لم ترد في صحيح البخاري.

(7)

صحيح البخاري 3/ 121.

(8)

التقييد والإيضاح: 37.

(9)

صحيح البخاري 3/ 159.

ص: 191

ليسَ له ملكٌ غيرَهُ، فباعهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من نعيمِ بنِ النحامِ)) (1).

قالَ الشيخُ: ((هو بغيرِ لفظِ بيعِ العبدِ المدبرِ، بل الظاهرُ أنَّ البخاريَّ لم يُرد بردِّ الصدقةِ حديثَ جابر المذكورِ في بيعِ المدبر، بل حديث جابرٍ في الرجلِ الذي دخلَ، والنّبيُّ صلى الله عليه وسلم يخطبُ، فأَمرَهم فتصدَّقوا عليهِ، فجاءَ في الجمعةِ الثانيةِ، فأمرَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالصدقةِ، فقامَ ذلكَ المتُصدّقُ عليهِ، فتصدّقَ بأحدِ ثوبيهِ، فردّهُ عليهِ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم، وهو حديثٌ ضعيفٌ، رواهُ الدارقطنيُّ (2))) (3).

ومنَ الاعتراضاتِ قولُه في بابِ ذكرِ العشاءِ والعتمةِ: ((ويذكرُ عن أبي مُوسى: كنا نتناوبُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم عندَ صلاةِ العِشاءِ، فأعتمَ بها)) (4). وقال في بابِ فضلِ العِشاءِ: ((حدّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، قال: حدَّثَنا أبو أسامةَ، عن بريد (5)، عنِ أبي بردةَ، عن أبي موسى، قال: كنتُ أنا، وأصحابي الذين قدموا /50ب/ معي في السفينةِ نزولاً في بقيعِ بطحانَ، والنّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالمدينةِ، فكانَ يتناوبُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم عندَ صلاةِ العشاءِ، كلّ ليلةٍ نفرٌ منا، فوافقنا النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولهُ بعضُ الشغلِ في بعضِ أمرهِ، فأعتمَ بالصلاةِ حتى ابهارّ الليلُ)) (6).

(1) الحديث أخرجه: أحمد 3/ 301 و370 و371 و390، والبخاري 3/ 91 (2141) و3/ 109 (2230) و9/ 91 (7186)، وأبو داود (3955) و (3956)، والترمذي (1219) من طرق عن جابر، به.

(2)

سنن الدارقطني 2/ 13 - 14 وفيه حديث جابر في الصلاة عند دخول المسجد في الجمعة، ولم يذكر فيه قصة الصدقة، وهذه القصة وردت في حديث أبي سعيد الخدري الذي أخرجه أحمد 3/ 25، وأبو داود (1675)، وابن ماجه (1113)، والترمذي (511).

(3)

التقييد والإيضاح: 37 - 38.

(4)

صحيح البخاري 1/ 147 - 148.

(5)

في نسخة (أ) و (ف): ((عن بريد بن أبي بردة))، والمثبت من " صحيح البخاري ".

(6)

صحيح البخاري 1/ 148 (567)، وانظر: التقييد والإيضاح: 36.

ص: 192

فتحررَ أنَّ مرادَ ابنِ الصلاحِ أنّا إذا وجدنا عندَ البخاري حديثاً مذكوراً بصيغةِ التمريضِ، ولم يذكرْهُ في موضعٍ آخرَ من كتابهِ مسنداً، أو تعليقاً مجزوماً بهِ لم نحكمْ عليهِ بالصحةِ، لا أنا نحكمُ بضَعفهِ بمجرد ذلكَ (1)(2).

قوله: (يُشعرُ بصحةِ أصله .. )(3) إلى آخره، عبارةُ ابنِ الصلاحِ بعدهُ:

((ثمَّ إنَّ ما يتقاعدُ من ذلكَ عن شرطِ الصحيحِ قليلٌ (4)، يوجدُ في كتابِ البخاريِّ في مواضعَ من تراجمِ الأبوابِ، دونَ مقاصدِ الكتابِ وموضوعهِ، الذي يشعرُ بهِ اسمهُ الذي سماه بهِ وهوَ " الجامعُ المسندُ الصحيحُ المختصرُ من أمورِ سيدِنا (5) رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وسننهِ، وأيامهِ ".

وإلى الخصوصِ الذي بينّاهُ يرجعُ مطلقُ قولهِ: ((ما أدخلتُ في كتابِ الجامعِ إلاّ ما صحَّ)) وكذلكَ مطلقُ قولِ الحافظِ أبي نصرٍ الوائلي السجْزي (6) أجمعَ أهلُ العلمِ الفقهاءُ وغيرُهم: أنَّ رجلاً لو حلفَ بالطلاقِ أنَّ جميعَ ما في كتابِ البخاري مما رُويَ عنِ النبي صلى الله عليه وسلم قد صحَّ عنه، ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالهُ، لاشكَّ فيهِ، أنَّهُ لا

(1) معرفة أنواع علم الحديث: 94.

(2)

من قوله: ((واعترض على ابن الصلاح في ضمه حديث جرهد

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(3)

التبصرة والتذكرة (43).

(4)

قال ابن حجر في نكته 1/ 324، وبتحقيقي: 135: ((أقول: بل الذي يتقاعد عن شرط البخاري كثير، ليس بالقليل، إلا أن يريد بالقلة قلة نسبية إلى باقي ما في الكتاب، فيتجه، بل جزم أبو الحسن بن القطان بأن التعاليق التي لم يوصل البخاري إسنادها، ليست على شرطه

)) إلى آخر كلامه، فانظره، فإنه بحث ماتع.

(5)

لم ترد في معرفة أنواع علم الحديث.

(6)

السجزي -بكسر السين وسكون الجيم -: نسبة إلى سجستان على غير قياس.

انظر: الأنساب 3/ 246.

ص: 193

يحنثُ (1)، والمرأةُ بحالها في حِبالتهِ (2)، وكذلكَ ما ذكرهُ أبو عبدِ اللهِ الحميديُّ في كتابهِ "الجمع /51أ / بينَ الصحيحينِ" من قولهِ:((لم نجد منَ الأئمةِ الماضينَ مَن أفصحَ لنا في جميعِ ما جمعهُ بالصحةِ إلا هذين الإمامينِ)) (3) فإنما المرادُ بكلِ ذلكَ مقاصدُ الكتابِ، وموضوعُه، ومتونُ الأبوابِ، دونَ التراجمِ، ونحوها؛ لأنَّ في بعضها ما ليسَ من ذلكَ قطعاً، مثلَ قولِ البخاريِّ:((بابُ ما يذكرُ في الفخذِ)) (4) .. إلى آخرهِ. وقولهُ في أولِ بابٍ من أبوابِ الغسلِ: ((وقالَ بهزٌ)) (5)

إلى آخرهِ، فهذا قطعاً ليس من شرطهِ؛ ولذلكَ لم يوردْهُ الحُميديُ في " جمعهِ بينَ الصحيحينِ "، فاعلمْ ذلكَ، فإنَّهُ مهمٌ خافٍ)) (6) ذكرَ هذا في الفائدةِ السادسةِ منَ النوعِ الأولِ.

قالَ شيخُنا: ((وقدِ (7) اعتبرتُ ما في البخاري من هذا فوجدتهُ يفصِّلُ، فإذا أوردَ نحوَ هذا في مقامِ الاحتجاجِ، وسكتَ عليهِ، فإنَّهُ يكونُ محتجاً بهِ صحيحاً، أو حسناً لذاتهِ كحديثِ بهز، أو لغيرهِ كقولهِ: ويُذكرُ عن عليٍّ: ((الدَّيْنُ قبلَ

(1) الحنث: الخلفُ في اليمين، حنث في يمينه حنثاً: لم يبرَّ فيها. لسان العرب 2/ 151.

(2)

جاء في حاشية (أ): ((أي: في عصمته)).

أقول: الحبالة --بالكسر -: هي ما يصاد بها من أي شيء كانت، والجمع: حبائل، ومنه: ما روي: ((النساء حبائل الشيطان)) أي: مصايده، والمرادُ هنا: في عصمته، انظر النهاية 1/ 333، ولسان العرب 11/ 136.

(3)

انظر: الجمع بين الصحيحين: 73 - 74.

(4)

صحيح البخاري 1/ 103.

(5)

صحيح البخاري 1/ 78. وانظر تعليقنا على معرفة أنواع علم الحديث: 95 - 96.

(6)

انتهى كلام ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث: 94 - 96.

(7)

من قوله: ((إلى آخره عبارة ابن الصلاح بعده .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

ص: 194

الوصيةِ)) (1) لا يُروَى عن عليٍّ إلَاّ من طريقِ الحارثِ، وهوَ ضعيفٌ اتفاقاً، لكن قُوِّيَ بالإجماعِ، فصارَ حسناً لغيرهِ، فهوَ منحطُّ الرتبةِ عن شرطهِ، فإذا كانَ ضعيفاً نبهَ عليهِ. هذا فعلهُ دائماً.

قوله: (دونَ التراجمِ ونحوها)(2) عبارةُ ابنِ الصلاحِ هنا: ((وما ذكرناهُ من الحكمِ في التعليقِ المذكورِ، فذلكَ فيما أوردهُ منهُ أصلاً ومقصوداً، لا فيما أوردهُ في معرضِ الاستشهادِ، فإنَّ الشواهدَ يحتملُ فيها ما ليسَ من شرطِ الصحيحِ، معلقاً كان أو موصولاً)) (3) وقد مضى ما نُقلَ عنهُ في القولةِ قبلها.

قالَ الشيخُ في " النكتِ ": ((وما ذكرهُ الوائليُّ - أي: منَ الحلفِ / 51ب / بالطلاقِ على نفي الشكِ عن صحةِ ما في البخاريِّ - (4) لا يقتضي أنّهُ لا يشكُّ في صحتهِ، ولا أنَّهُ مقطوعٌ بهِ؛ لأنَّ الطلاقَ لا يقعُ بالشكِ، وقد ذكرَ المصنِّفُ هذا في "شرحِ مسلمٍ"(5) لهُ، فإنَّهُ حَكَى عن إمامِ الحرمينِ أنَّهُ لو حلفَ إنسانٌ بطلاقِ امرأتِهِ:

(1) صحيح البخاري 4/ 6، وقال ابن حجر في الفتح 5/ 462 عقب (2749):((هذا طرف من حديث أخرجه: أحمد 1/ 79 و131 و144، والترمذي (2094) و (2095)، وغيرهما من طريق الحارث، وهو الأعور، عن عليّ بن أبي طالب قال:((قضى محمد صلى الله عليه وسلم أنّ الدين قبل الوصية، وأنتم تقرؤن الوصية قبل الدين .. ))، وهو إسناد ضعيف، لكن قال الترمذي:((إنّ العمل عليه عند أهل العلم)). وكأنّ البخاري اعتمد عليه لاعتضاده بالاتفاق على مقتضاه، وإلاّ فلم تجر عادته أن يورد الضعيف في مقام الاحتجاج به. وانظر بلا بد كتابنا: أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء: 40.

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 139.

(3)

معرفة أنواع علم الحديث: 148.

(4)

ما بين الشارحتين جملة تفسيرية توضيحية من البقاعي رحمه الله.

(5)

انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 1/ 20 - 21.

ص: 195

إنَّ ما في كتابِ البخاري ومسلمٍ مما حكمنا بصحتهِ من قولِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، لما ألزمتُهُ الطلاقَ، ولا حنثتهُ؛ لإجماعِ علماءِ المسلمينَ على صحتهما، ثمَّ قالَ الشيخُ أبو عمرٍو (1): ولقائلٍ أنْ يقولَ: إنَّهُ لا يحنثُ، ولو لم يجمعِ المسلمونَ على صحتهما؛ للشكِّ في الحنثِ، فإنَّهُ لو حلفَ بذلكَ في حديثٍ ليسَ هذهِ صفتهُ لم يحنثْ، وإنْ كانَ راويهِ فاسقاً، فعدمُ الحنثِ حاصلٌ قبلَ الإجماعِ، فلا يضافُ إلى الإجماعِ، ثمَّ قالَ -: والجوابُ أنَّ المضافَ إلى الإجماعِ هوَ القطعُ بعدمِ الحنثِ ظاهراً، وباطناً.

وأمّا عندَ الشكّ فمحكومٌ بهِ ظاهراً، معَ احتمالِ وجودهِ باطناً، فعلى هذا يحملُ كلامُ إمامِ الحرمينِ، فهوَ الأليقُ بتحقيقهِ.

وقالَ النوويُّ في "شرحِ مسلمٍ"(2): ما قالهُ الشيخُ في تأويلِ كلامِ إمامِ الحرمينِ في عدمِ الحنثِ فهوَ بناء على ما اختارهُ الشيخُ، وأما على مذهبِ الأكثرينَ، فيحتملُ أنَّهُ أرادَ أنَّه لا يحنثُ ظاهراً، ولا يستحبُّ له التزامُ الحنثِ حتى يستحبَّ له الرجعةُ، كما إذا حلفَ بمثلِ ذلكَ في غيرِ الصحيحينِ فإنّا لا نحنثهُ، لكن تستحبُ له الرجعةُ احتياطاً؛ لاحتمالِ الحنثِ، وهو احتمالٌ ظاهرٌ، قالَ: وأمَّا الصحيحانِ فاحتمال الحنثِ فيهما في غايةِ الضعفِ، فلا يستحبُّ له الرجعةُ (3)؛ لضعفِ احتمالِ موجبها (4))) (5).

قولهُ: (وإن يكن أولُ الإسنادِ حذفَ)(6) إلى آخرهِ، نَصَبَ ((تعليقاً)) إما على نزعِ الخافضِ، أي: عُرفَ بالتعليقِ، أو إنَّهُ /52أ / ضَمَّنَ ((عُرفَ)) معنى ((سمي)

(1) جاء في حاشية (أ): ((هو ابن الصلاح)). ولا يزال الكلام للعراقي.

(2)

شرح صحيح مسلم 1/ 21.

(3)

في شرح صحيح مسلم: ((المراجعة)).

(4)

من قوله: ((قوله: دون التراجم ونحوها

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(5)

التقييد والإيضاح: 39.

(6)

التبصرة والتذكرة (44).

ص: 196

فكأنهُ قال: سمي تعليقاً، ولايصحُ نصبهُ على الحالِ، ومسألةُ التعليقِ ذَكَرها ابنُ الصلاحِ في الفرعِ الرابعِ من فروعٍ أتبعها بالمرسلِ والمنقطعِ

والمعضلِ، فقال:((التعليقُ الذي يذكُرهُ أبو عبدِ اللهِ الحُميديُّ صاحبُ " الجمعِ بينَ الصحيحينِ "، وغيرُهُ من المغاربةِ في أحاديثَ منْ " صحيح (1) البخاري " قطع إسنادَها، وقد استعملهُ الدارقطنيُّ (2) مِن قبلُ صورتُه صورةُ الانقطاعِ، وليسَ حكمُهُ حكمَهُ - أي: المعلق (3) - ولا خارجاً (4) مما (5) وجد ذلكَ فيهِ منهُ من قبيلِ الصحيحِ (6) إلى قبيلِ الضعيفِ، وذلكَ لما عرفَ من شرطهِ وحكمهِ (7) على ما نبهنا عليهِ (8) في الفائدةِ السادسةِ من النوعِ (9) الأولِ - يعني: ما ذكرتُهُ عنه آنفاً - (10)، ولا التفاتَ إلى أبي محمدِ بنِ حزمٍ الظاهريِّ الحافظِ في ردِّهِ (11) ما أخرجهُ البخاريُّ (12) من حديثِ أبي عامرٍ .. إلى آخرهِ، من جهةِ أنَّ البخاريَّ أوردهُ قائلاً فيهِ: ((قالَ هشامُ بنُ عمارٍ

))

(1) في (ف): ((حديث)).

(2)

انظر: الإلزامات: 151 و 283.

(3)

جملة توضيحية من البقاعي، ولم ترد في (ف).

(4)

جاء في حاشية (أ): ((أي: ولا خرج الذي)).

(5)

في (أ) و (ك): ((ما)).

(6)

زاد بعدها في (ف): ((إلى قبيل الصحيح)).

(7)

انظر بلابد تعليقنا على معرفة أنواع علم الحديث: 149 هامش (5).

(8)

كتب ناسخ (أ) تحتها: ((أي: الصحيح)).

(9)

في المعرفة: ((الفرع)).

(10)

جملة توضيحية من البقاعي.

(11)

انظر: المحلى 9/ 59.

(12)

صحيح البخاري 7/ 138 (5590).

ص: 197

وساقهُ بإسنادِهِ، فزعمَ ابنُ حزمٍ أنَّهُ منقطعٌ فيما بينَ البخاري وهشامٍ (1)، وجعلهُ جواباً عن الاحتجاجِ بهِ على تحريمِ المعازفِ)) (2) إلى آخره.

قال الشيخُ في " النكتِ ": ((اعترضَ عليهِ بأنَّ شرطَ البخاريِّ أنْ سمى كتابهُ بالمسندِ الصحيحِ، والصحيحُ هو ما فيهِ منَ المسندِ دونَ مالم يسندهُ، وهذا الاعتراضُ يؤيدهُ قولُ ابنِ القطانِ في "بيانِ الوهمِ والإيهامِ": ((إنَّ البخاريَّ فيما يعلّقُ من الأحاديثِ في الأبوابِ غيرُ مبالٍ بضعفِ رواتها، فإنها غيرُ معدودة فيما انتخبَ، وإنما يعدُّ من ذلكَ ما وصلَ الأسانيدَ بهِ، فاعلمْ ذلكَ)) (3). انتهى.

ثمَّ قالَ: ((والجوابُ أنَّ المصنفَ إنما يحكمُ بصحتها إلى مَن علّقها عنه إذا ذكرهُ بصيغةِ الجزمِ)) (4). أي: / 52ب / لأنَّ ابنَ الصلاحِ أحالَ على ما قال في الفائدةِ السادسةِ، وعبارتهُ هناكَ:((ما أسندهُ البخاريُّ، ومسلمٌ في كتابيهما بالإسنادِ المتصلِ، فذلكَ الذي حكما بصحتهِ بلا إشكالٍ، وأمَّا الذي حُذفَ من مبتدأ إسنادهِ واحدٌ، أو أكثرُ، وأغلبُ ما وقعَ ذلكَ في كتابِ البخاريِّ (5)، وهو في كتابِ مسلمٍ

(1) قال العراقي في التقييد: 90: ((إنما قال ابن حزم في المحلى: هذا حديث منقطع لم يتصل فيما بين البخاري وصدقة بن خالد. انتهى. وصدقة بن خالد هو شيخ هشام بن عمار في هذا الحديث، وهذا قريب إلا أن المصنف لا يجوز تغيير الألفاظ في التصانيف، وإن اتفق المعنى)).

(2)

معرفة أنواع علم الحديث: 145 - 146.

(3)

التقييد والإيضاح: 90.

(4)

التقييد والإيضاح: 90.

(5)

قال ابن حجر في هدي الساري: 659: ((فجملة ما في الكتاب من التعاليق ألف وثلاث مئة وواحد وأربعون حديثاً، وأكثرها مكرر، مخرج في الكتاب أصول متونه، وليس فيه من المتون التي لم تخرج في الكتاب، ولو من طريق أخرى إلا مئة وستون حديثاً)).

أقول: ولابن حجر كتاب فريد في بابه، وصل فيه التعاليق التي في صحيح البخاري سماه: تغليق التعليق، ولخصه ابن حجر نفسه في هدي الساري من صفحة 21 إلى 98.

ص: 198

قليلٌ جداً (1)، ففي بعضه نظرٌ، وينبغي أنْ نقولَ: ما كانَ من ذلكَ، ونحوه بلفظٍ فيهِ جزمٌ، وحكمٌ بهِ على من علقهُ عنهُ، فقد حكمَ بصحتهِ عنهُ (2))) إلى آخرِ كلامهِ في بيانِ حكمِ ذلكَ، وحكمِ الممرضِ. وهذا تصريحٌ منه مما لا يتوجه معهُ عليهِ هذا الاعتراضُ (3).

قولهُ: (من أولِ إسنادِ البخاريِّ أو مسلمٍ)(4) مثالٌ لكونهِ في ذكرِ أحكامِ الصحيحينِ وتعليقهما، وإلاّ (5) فالتعليقُ لا يختصُّ بهما، بل متى وجدنا شخصاً ذكرَ حديثاً، أو أثراً، وحذفَ إسنادهُ، أو بعضه مما يليهِ، سميناهُ تعليقاً، وقد علّقَ

(1) بلغت ثلاثة مواضع فقط، وصل اثنان منها في صحيحه، ثم لما احتاج تكرارها علقها، فلم يبق فيه غير حديث واحد غير موصول، وهو حديث أبي الجهيم بن الحارث:((أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جملَ .. )) الحديث؛ إذ علقهُ مسلم بلفظِ: ((روى الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمان بن هرمز، عن عمير مولى ابن عباس: أنّه سمعه يقول: أقبلتُ أنا وعبد الرحمان بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي الجهيم)). صحيح مسلم 1/ 194 (369).

وهذا الحديث وصله أحمد 4/ 169 من طريق أخرى، وهي طريق الحسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن الأعرج.

ومن طريق الليث وصله: البخاري 1/ 92 (337)، وأبو داود (329)، والنسائي 1/ 165، وفي " الكبرى "، له (307)، وابن خزيمة (274)، وأبو عوانة 1/ 307.

فائدة: جميع من وصل الحديث ذكر: عبدالله بن يسار، وانفرد مسلم بقوله: عبد الرحمان بن يسار. وانظر: التقييد والإيضاح: 32 - 33، ونكت ابن حجر 1/ 344 - 353، وبتحقيقي: 149 - 156.

(2)

معرفة أنواع علم الحديث: 92 - 93.

(3)

من قوله: ((ومسألة التعليق ذكرها ابن الصلاح .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 141.

(5)

من قوله: ((لكونه في ذكر أحكام .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

ص: 199

أبو داودَ (1)، وغيرهُ.

قولهُ: (إذا قاء فلا يفطر)(2) وكقولهِ في الطبِ (3): وقالَ عبادُ بنُ منصورٍ، عن أيوبَ، عن أبي قلابةَ، عن أنسٍ: أنَّ النبيَ صلى الله عليه وسلم ((أذنَ لأهلِ بيتٍ من الأنصارِ أنْ يرقوا من الحمة)) (4)، وكقولهِ في هجرةِ (5) النبي صلى الله عليه وسلم: وقالَ عبدُ اللهِ بنُ يزيدٍ، وأبو هريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:((لولا الهجرةُ لكنتُ امرءاً منَ الأنصارِ)).

قولهُ: (وقد تقدمَ)(6)، أي: في شرحِ الأبياتِ قبلَ هذهِ (7).

قولهُ: (من قطع الاتصالَ)(8) هو كذلكَ من حيثُ أنَّ تعليقَ الطلاقِ سببٌ لقطعِ العصمةِ، على تقديرِ فعلِ المعلقِ عليهِ، فهو قاطعٌ للعصمةِ في بعضِ الصورِ،

(1) انظر على سبيل المثال: سنن أبي داود (88) و (180) و (237) و (723) و (1236) و (4960).

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 142، والحديث في صحيح البخاري 3/ 42 عقب (1937) ولفظه:((وقال لي يحيى بن صالح، حدثنا معاوية بن سلام، حدثنا يحيى، عن عمر بن الحكم ابن ثوبان، سمع أبا هريرة رضي الله عنه: ((إذا قاء فلا يفطر)) هذا الحديث هكذا لفظه من صحيح البخاري (الطبعة الأميرية) والفتح، وعمدة القارى 11/ 35. وفي تحفة الأشراف 10/ 287 حديث (14265) رقم له برقم التعليق (خت). ولكن ليس فيه عنده ((لي)) وصنيع الإمام المزي في تحفة الأشراف يرقم برقم التعليق لما ليس فيه:((لي)) وما صدره البخاري بعبارة: ((لي)) فيعده موصولاً. ولعل الإمام العراقي قلد المزي في ذلك.

(3)

صحيح البخاري 7/ 166 (5719) و (5720) و (5721).

(4)

جاء في حاشية (أ): ((أي: ذات السموم)).

(5)

صحيح البخاري 5/ 71.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 142.

(7)

من قوله: ((قوله: إذا قاء فلا يفطر .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(8)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 142، والعبارة في الأصل هي لابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث: 149، وقد اعترض عليه في ذلك، انظر: نكت الزركشي 2/ 55، ومحاسن الاصطلاح: 162، ونكت ابن حجر 2/ 603 وبتحقيقي:375.

ص: 200

هذا وجهُ الشبهِ، وهو كافٍ؛ إذ لا تلزمُ المساواةُ من كلِّ جهةٍ، وإنْ كانَ بتعليقِ الجدارِ أشبهُ فهدمُ / 53أ / ما تشعبَ من الجدارِ شبيهٌ بحذفِ بعضِ السندِ، والخشب الذي يُحملُ عليهِ في زمانِ التعليقِ شبيهٌ بذلكَ الإسنادِ المحذوفِ، فإنَّه اتصالٌ فيهِ خفاءٌ بالنسبةِ إلى ما كان في الموضعين، واللهُ أعلمُ.

قوله: (ولم أجد)(1) إلى آخره، لم أدرِ ما حملهُ على ذكرِ هذا بالنسبةِ إلى وسطِ الإسنادِ وآخرهِ فإنَّ لكلِ سقطٍ اسماً يخصهُ، كالعضلِ والقطعِ والإرسالِ، كما يأتي إن شاءَ اللهُ تعالى.

وأمّا ما لم يجزمْ بهِ، فعدمُ وجدانهِ له لا يقدحُ في تسميتهِ تعليقاً.

قلتُ: قالَ في " الشرحِ الكبيرِ ": ((فيقولونَ ذكرهُ البخاريُّ تعليقاً مجزوماً أو تعليقاً ممرضاً، واللهُ أعلمُ)) (2).

قوله: (ذكرهُ في الأطرافِ)(3) اعلمْ أنَّ المزيَّ وقعَ له فيه (4) وهمٌ في الأطرافِ بجعلهِ متنَ هذا السندِ: أنَّهُ كانَ على أمِ كلثومٍ بنتِ النبي صلى الله عليه وسلم ثوبُ حريرٍ (5)، وليسَ هذا متنهُ، ولو كانَ متنه لم يكن فيهِ دلالةٌ على مسِّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 142، والعبارة لابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث:149.

(2)

من قوله: ((قلت: قال في الشرح الكبير .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 142، وانظر تحفة الأشراف 1/ 390 حديث (1533) والإمام المزي واهم في تعيين هذا المعلق. وقد ناقشهُ الحافظ ابن حجر في النكت الظراف

1/ 390، ولو أردت نقله ومناقشته لطال بي المقام. وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري

(10/ 291 عقب (5836)): ((ذكره المزي في الأطراف أنه أراد بهذا التعليق - وليس هذا مراد البخاري - فلو كان هذا الحديث مراده لجزم به، لأنه صحيح عنده على شرطه)).

(4)

في (أ) و (ك): ((منه)).

(5)

صحيح البخاري 7/ 194.

ص: 201

أحدٍ منَ الرجالِ له، وإنما مسه (1) حي بمنديل حريرٍ، فجعلَ أصحابُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يعجبونَ من لينهِ، فقالَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم ((لمناديلُ سعدِ بنِ معاذٍ في الجنةِ ألينُ من هذا)) (2) أو كما وردَ.

وكذا استعملهُ النوويُّ في غيرِ المجزومِ فقالَ في " الرياضِ " بعدَ أنْ أوردَ حديثَ عائشةَ رضي الله عنها: ((أُمرْنا أنْ نُنْزِلَ الناسَ منازلهم)): ((وقد ذكرهُ مسلمٌ في "صحيحهِ" (3) تعليقاً، فقالَ: وذكرَ عن عائشةَ قالت: ((أمرنا)))) (4). قال الشيخُ في "النكتِ": ((وكذا فعلَ غيرُ واحدٍ من الحفاظِ، يقولونَ: ذكرهُ البخاريَ تعليقاً مجزوماً، أو تعليقاً غير مجزومٍ بهِ، إلا أنَّه يجوزُ أنَّ هذا الاصطلاحَ يتحددُ، فلا لومَ على / 53 ب / المصنِّفِ في قولهِ: إنَّهُ لم يجدهُ.

قولهُ: (في حذفِ كل الإسنادِ)(5) سيأتي في المعضلِ أنَّ ابنَ الصلاحِ قال: ((وقولُ المصنفين: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كذا، من قبيلِ المعضلِ (6))) (7).

قوله: (ولم يذكرِ المزيُّ)(8) هذا في "الأطرافِ" هو فائدةٌ زائدةٌ (9)، لا تصلحُ أنْ تكونَ رداً لشيء من كلامِ ابنِ الصلاحِ؛ فإنَّ عدمَ ذكرِ المزيِّ له، لا يدلُ

(1) في (ف): ((متنه)).

(2)

صحيح البخاري 8/ 163 (6640).

(3)

مقدمة صحيح مسلم 1/ 6، ط. فؤاد، و1/ 5، ط. الإستانبولية وقد تقدم تخريجه.

(4)

رياض الصالحين: 174 حديث (360).

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 143، وعبارته:((ولو حذف الإسناد)).

(6)

من قوله: ((وكذا استعمله النووي في غير المجزوم .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(7)

معرفة أنواع علم الحديث: 138 بتصرف شديد.

(8)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 143.

(9)

لم ترد في (ك).

ص: 202

على كونهِ غيرَ تعليقٍ، فإنَّه ليس من شرطهِ؛ لأنَّ موضوعَ كتابهِ الأسانيدُ، يبينُ ما فيها منِ اختلافٍ، وغيرِه.

قوله: (فكذي عنعنةٍ)(1) ليس كذلكَ، بل المعتمدُ في ما (2) قالهُ ما حققهُ الحافظُ الخطيب (3) من أنها ليست كعن؛ فإنَّ الاصطلاحَ فيها مختلفٌ، فبعضُ أهلِ الفنِّ يستعملُها في السماعِ دائماً، كحجاجِ بنِ موسى المصيصي (4) الأعورِ، فإنَّه لا يقولُ فيما سمعهُ من مشايخهِ إلا: ((قالَ فلانٌ، دائماً، وبعضُهم يعكسُ، فلا يستعملُها إلَاّ فيما لم يسمعهُ دائماً، وبعضُهم يستعملُها تارةً هكذا، وتارةً هكذا، كالبخاري، فلا يحكمُ عليها بحكمٍ مطَّردٍ، بل من كانَ كحجاجٍ حملت في عبارتهِ على السماعِ أبداً، ومن عكس ذلكَ حملناها على الانقطاعِ أبداً، ومن كانَ كالبخاري، أو لم نعلمْ حالَهُ لا نحكمُ عليهِ بشيء حتى نعلمَ حقيقةَ الحالِ في الواقعِ بحسبِ كلِ مكانٍ، وهكذا ذكر استعملها أبو قرةَ موسى بنُ طارقٍ في كتابهِ " السننِ في السماعِ " لم يذكرْ سواها فيما سمعَهُ من شيوخه في جميعِ الكتابِ، فمن كانَ كحالهِ، حملناها في كلامهِ على السماعِ، وإلاّ فَصَّلْنا.

وقد عرفَ بتحقيقِ هذا المقامِ منع قولهِ: ((فلهُ حكمُ الاتصالِ)) (5) قالَ بعضُ أصحابنا: قالَ شيخُنا حافظُ العصرِ: والذي / 54أ / ظهرَ لي بالاستقراءِ من صنيعِ

(1) التبصرة والتذكرة (45) و (46).

(2)

لم ترد في (ك).

(3)

جاء في حاشية (أ): ((أي: البغدادي)) انظر: الكفاية: 408.

(4)

كذا في (أ) و (ف) وتدريب الراوي: ((حجاج بن موسى)) ولم أقف على ترجمته والذي وقفت على ترجمته هو حجاج بن محمد المصيصي الأعور. انظر: سير أعلام النبلاء 9/ 447، والتقريب:(1135).

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 143.

ص: 203

البخاريِّ أنَّهُ لا يأتي بهذهِ الصيغةِ إلا إذا كان المتنُ ليسَ على شرطهِ في أصلِ موضوعِ كتابهِ، كأنْ يكونَ ظاهرهُ الوقفَ، أو في السندِ من ليسَ على شرطهِ في الاحتجاجِ (1)، فمن أمثلةِ الأولِ قوله في كتابِ النكاحِ، في بابِ ما يحلُّ من النساءِ وما يحرمُ: قال لنا أحمدُ بنُ حنبلٍ: حدّثَنا يحيى بنُ سعيدٍ، هوَ القطانُ، فذكرَ عن ابنِ عباسٍ قالَ: ((حرمَ من النسبِ سبعٌ، ومنَ الصهرِ سبعٌ

)) الحديثَ (2).

فهذا من كلامِ ابنِ عباسٍ، فهوَ موقوفٌ، وإنْ كانَ يمكنُ أن يُتلمح لهُ ما يلحقهُ بالمرفوعِ.

ومن أمثلتهِ قوله في المزارعةِ: قال لنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ: حدّثَنا أبانُ العطارُ، فذكرَ حديثَ أنسٍ:((لا يغرسُ مسلمٌ غرساً)) .. الحديثَ (3) فأبانُ ليسَ على شرطهِ، كحمادِ بنِ سلمةَ، وعبّر في التخريجِ لكلٍ منهما بهذهِ الصيغةِ لذلكَ.

قولهُ: (يلي النوعَ الحاديَ عشرَ)(4) هو المعضلُ (5).

قولهُ: (وبلغني عن بعضِ المتأخرينَ)(6) هو ابنُ القطانِ (7).

قولهُ: (المتصلُ من حيثُ الظاهرُ)(8) إلى آخرهِ، مُسلّمٌ في:((قالَ لنا)) ونحوها، فإنَّ ظاهرها الاتصالُ بالنظرِ إلى اللفظِ، ومن حيثُ احتمالُها للإجازةِ يطرقُها احتمالُ الانفصالِ، وأمّا ((قالَ)) المجردةُ عن ضميرِ المتكلمِ، فهي بعكسِ هذا،

(1) أورد الحافظ نحو هذا الكلام في مقدمة تغليق التعليق 2/ 10.

(2)

صحيح البخاري 7/ 13 عقب (5105) ولفظة: ((الحديث)) لم ترد في (ف).

(3)

صحيح البخاري 3/ 135 (2320).

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 143.

(5)

من قوله: ((قال بعض أصحابنا: قال شيخنا .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 143، وهي عبارة ابن الصلاح في المعرفة:148.

(7)

انظر: نكت ابن حجر 2/ 600 وبتحقيقي: 372.

(8)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 144.

ص: 204

ظاهرُها الانفصالُ، ولها حكمُ الاتصالِ من حيثُ احتمالُها لهُ، وبقيةُ ما نَقلَ ابنُ الصلاحِ عن بعضِ المتأخرينَ وقالَ:((متى رأيتَ البخاريَّ يقولُ: وقالَ لي فلانٌ، وقال لنا فلانٌ، فاعلمْ أنَّه إسناد لم يذكرهُ للاحتجاجِ بهِ، وإنما ذكرهُ للاستشهادِ بهِ، وكثيراً ما يعبرُ المحدّثونَ بهذا اللفظِ عما جرى بينهم في المذاكراتِ، والمناظراتِ، وأحاديثُ المذاكرةِ قلَّ ما يحتجونَ بها)) /54ب/ قال (1): ((وما ادّعاهُ على البخاري مخالفٌ لما قالهُ مَن هوَ أقدمُ منهُ، وأعرفُ منه (2) بالبخاريِّ، وهوَ العبدُ الصالحُ أبو جعفر بنُ حمدانَ النيسابوريُّ (3)، فقد رُوِّينا عنهُ أنَّه قالَ: كلُّ ما في (4) البخاري: ((قال لي فلانٌ)) فهوَ عرضٌ ومناولةٌ)) (5).

قولهُ: (قال القعنبي)(6) كذا بعدهُ في كلامِ ابنِ الصلاحِ: ((رَوَى أبو هريرةَ كذا، وكذا ما أشبهَ ذلكَ من العباراتِ، فكلُ ذلكَ حكمٌ منهُ (7) على مَن ذكرهُ عنهُ بأنَّهُ قد قالَ ذلكَ، ورواهُ، فلن يستجيزَ إطلاق ذلكَ إلَاّ إذا صحَّ عندهُ ذلكَ عنه، ثمَّ إذا كانَ الذي علّقَ الحديثَ عنهُ دونَ الصحابةِ، فالحكمُ بصحتهِ يتوقفُ على اتصالِ الإسنادِ بينهُ، وبينَ الصحابي)) (8)، أي: على الشرطِ الذي تقدمَ في الصحيحِ من الثقةِ والضبطِ

إلى آخرِ الشروطِ، ليحترزَ بذلكَ عن مثلِ

(1) جاء في حاشية (أ): ((أي: ابن الصلاح)).

(2)

لم ترد في (أ) و (ك).

(3)

هو الحافظ أبو جعفر أحمد بن حمدان الحيري النيسابوري الإمام ت (311) هـ.

انظر: تأريخ بغداد 4/ 115، وسير أعلام النبلاء 14/ 299، والوافي بالوفيات 6/ 360.

(4)

في (ف): ((ما قال)).

(5)

معرفة أنواع علم الحديث: 148 - 149، وهذا حكاه الذهبي عن الحاكم: عن ابنه أبي عمرو عنه. سير أعلام النبلاء 14/ 300.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 144.

(7)

جاء في حاشية (أ): ((أي المعلق)).

(8)

معرفة أنواع علم الحديث: 93 - 94.

ص: 205

بهزٍ، وأنظاره ممن أبرزه، وليسَ على شرطهِ. وكلامه هذا فيه تسويغٌ للتصحيحِ الذي منعهُ، فتأملهُ. (1)

قوله (2): (مخالفٌ لكلامهِ الذي قدمناه عنه)(3)، أي: نقلاً عن التفريعاتِ. (4) وإنما حملهُ على عدهِ مخالفاً، ظنه أنَّ التعليقَ عندَ ابنِ الصلاحِ خاصٌ بالبخاري، ومسلمٍ، وليسَ كذلكَ. وإنما اقتصرَ على ذكرِهما؛ لأنَّهُ في بحثِ الصحيحِ، فليسَ في كلامهِ اختلافٌ، فإنْ قالَ (5): عفانٌ مثلاً تعليقٌ بالنسبةِ إلى غيرِ من أخذَ عنهُ، بل وبالنسبةِ إلى من أخذَ عنهُ إذا عرفَ أنَّه لم يسمع ذلكَ (6) الحديثَ منهُ. وعبارةُ ابنِ الصلاحِ واضحةٌ في ذلكَ من السادسِ من التفريعاتِ المذكورةِ / 55أ / فإنَّهُ قالَ:((مثالُ ذلكَ قولُه (7): قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كذا)) (8) إلى أنْ قالَ: ((وهكذا إلى شيوخِ شيوخهِ)) فرد المحتملِ من كلامهِ إلى الصريحِ أولى من حملهِ على التناقضِ (9)، واللهُ أعلمُ.

وقولهُ: (حدثَ عنه في مواضعَ من صحيحهِ متصلاً)(10) إنما يسلّمُ بالنسبةِ إلى القعنبي، وأما عفانُ فليسَ عندهُ عنهُ (11) بلا واسطةٍ إلا موضعٌ واحدٌ، اختلفَ فيهِ

(1) من قوله: ((وبقية ما نقل ابن الصلاح

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(2)

جاء في حاشية (أ): ((أي: العراقي)).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 144.

(4)

عبارة: ((أي: نقلاً عن التفريعات)) لم ترد في (ك).

(5)

جاء في حاشية (أ): ((أي: ابن الصلاح)).

(6)

لم ترد في (ك).

(7)

جاء في حاشية (أ): ((أي: المعلق)).

(8)

معرفة أنواع علم الحديث: 93.

(9)

من قوله: ((وعبارة ابن الصلاح واضحة

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(10)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 144.

(11)

لم ترد في (ك).

ص: 206

على رواةِ البخاري: فبعضهم يقولُ فيهِ: ((حدثنا عفانُ)) وبعضهم يقولُ: ((قالَ عفانُ)) (1) وأخرجَ عنه بالوسائطِ كثيراً (2)(3).

قولهُ: (وعلى هذا)(4) الإشارةُ إلى قولِ ابنِ الصلاحِ: ((قال القعنبيُّ: قالَ عفانُ)) (5) بالنسبةِ إلى من أخذَ عنهما.

قولهُ: (وقالَ فلانٌ وهو تدليسٌ)(6) غيرُ صحيحٍ، وقد تقدّمَ الانفصالُ عن ذلكَ بتفصيلِ الخطيبِ.

قوله: (وكذلكَ مسلم)(7) غيرُ صحيحٍ، فإنَّ مسلماً لا يستعملُ ((قالَ)) (8) فيما يرويهِ عن شيوخهِ، قالَ الشّيخُ في " النكتِ ": ((وهو مردودٌ عليهِ

- أي: ابنِ منده - (9)، ولم يوافقهُ عليهِ أحدٌ علمتُه، والدليلُ على بطلانِ كلامه أنَّه ضمَّ مع البخاريِّ مسلماً في ذلكَ، ولم يقل مسلمٌ في " صحيحهِ " بعدَ المقدمةِ عن أحدٍ من شيوخه: قالَ فلانٌ، وإنما رَوَى عنهم بالتصريحِ، فهذا يدلُّك على توهينِ كلامِ ابنِ

(1) وقع هذا في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال: ((قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة .... )) فقد ورد في صحيح البخاري بصيغة: ((حدثنا عفان)) وورد في تحفة الأشراف بصيغة: ((قال عفان)) قال ابن حجر في النكت: ((وقع في رواية أبي ذر عن شيوخه الثلاثة: حدثنا عفان، وكذا في سماعنا من طريق أبي الوقت)). تحفة الأشراف مع النكت الظراف (10472).

(2)

عبارة: ((وأخرج عنه بالوسائط كثيراً)) لم ترد في (ك).

(3)

انظر على سبيل المثال: صحيح البخاري 9/ 117 (7290).

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 144.

(5)

معرفة أنواع علم الحديث: 93.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 145 وهو كلام ابن منده.

(7)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 145 وهو كلام ابن منده أيضاً.

(8)

لم ترد في (ك).

(9)

ما بين الشارحتين جملة توضيحية من البقاعي.

ص: 207

منده، لكنْ سيأتي في النوعِ الحاديَ عشرَ ما يدلكَ على أنَّ البخاريَّ قد يذكرُ الشيءَ عن بعضِ شيوخهِ، ويكونُ بينهما واسطةٌ)) (1)، وقال في الموضعِ المذكورِ:((ويشكلُ على ما ذكرهُ المصنفُ - أي: من أنَّ ما عبرَ فيهِ البخاريُّ عن شيخٍ له بـ ((قالَ)) فهوَ متصلٌ - (2) أنَّ / 55ب / البخاريَّ قال في "صحيحهِ" في كتابِ الجنائزِ، في بابِ ما جاءَ في قاتلِ النفسِ: وقالَ حجاجُ بنُ منهالٍ: حدثنا جريرُ بنُ حازمٍ، عنِ الحسنِ، حدثنا جندبُ في هذا المسجدِ، فما نسيناهُ .. الحديثَ (3). فحجاجُ بنُ منهالٍ أحدُ شيوخِ البخاريِّ، قد سمعَ منهُ أحاديثَ، وقد علّقَ عنهُ هذا الحديثَ، ولم يسمعهُ منهُ، وبينهُ وبينهُ واسطةٌ، بدليلِ أنَّه أوردهُ في بابِ ما ذكر عن بني إسرائيلَ، فقالَ: حدثنا محمدٌ، حدثنا حجاج، حدثنا جرير، عنِ الحسنِ حدثنا جندب .. فذكرَ الحديثَ (4)، فهذا يدلُّ على أنَّهُ لم يسمعهُ من حجاجٍ، وهذا تدليسٌ. فلا ينبغي أنْ يحملَ ما علّقه عن شيوخهِ على السماعِ منهم، ويجوزُ أنْ يقالَ: إنَّ البخاريَّ أخذَه عن حجاجِ بنِ منهالٍ بالمناولةِ، أو في حالِ المذاكرةِ، على الخلافِ الذي ذكرهُ ابنُ الصلاحِ، وسمعه ممن سمعهُ منهُ، فلم يستحسنِ التصريح باتصالهِ بينهُ وبينَ حجاجٍ، لما وقعَ من تحمّلهِ، وقد صحَّ

عنه (5) بواسطةِ الذي حدّثهُ بهِ عنهُ، فأتى بهِ في موضعٍ بصيغةِ التعليقِ، وفي موضعٍ آخرَ بزيادةِ الواسطةِ. وعلى هذا فلا يُسمَّى ما وقعَ منَ البخاريِّ على هذا التقديرِ تدليساً)). (6) انتهى. وسيأتي في التدليس عن الخطيبِ جوابٌ آخرُ.

(1) التقييد والإيضاح: 34.

(2)

ما بين الشارحتين جملة توضيحية من البقاعي.

(3)

صحيح البخاري 2/ 120 (1364).

(4)

صحيح البخاري 4/ 208 (3463).

(5)

في التقييد: ((عنده)).

(6)

التقييد والإيضاح: 91.

ص: 208

قال الشيخُ (1): ((وعلى كلِّ حالٍ فهوَ محكومٌ بصحتهِ؛ لكونهِ أتى بهِ (2) بصيغةِ الجزمِ، كما تقدّمَ فيما قاله ابنُ حزمٍ في حديثِ البخاريِّ عن هشامِ بنِ عمارٍ بحديثِ المعازفِ: مِن أنَّه ليسَ متصلاً عندَ البخاريِّ يمكنُ أنْ يكونَ البخاريُّ أخذَهُ عن هشامٍ مناولةً، أو في المذاكرةِ؛ فلم يصرّح فيهِ بالسماعِ)) (3).

وقولهُ: (إنَّهُ لا / 56أ / يصحُّ، وإنَّهُ موضوع)(4) مردودٌ عليهِ، فقد وَصَلهُ غيرُ البخاريِّ من طريقِ هشامِ بنِ عمارٍ، ومن طريقِ غيرهِ، فقالَ الإسماعيليُّ:

إلى آخرهِ (5)، واختلفَ في محمدٍ شيخِ البخاري في حديثِ جندبَ، فقيلَ: هو محمدُ بنُ يحيى الذهليُّ، وهوَ الظاهرُ، فإنَّهُ رَوَى عن حجاجِ بنِ منهالٍ، والبخاريُّ عادتهُ لا ينسبهُ إذا رَوَى عنهُ، إمّا لكونهِ من أقرانهِ، وإمّا لما جرى بينهما، وقيلَ: هو محمدُ بنُ جعفرَ السمنانيُّ. ثمَّ قالَ: وقد يجابُ عن المصنفِ بما ذَكرهُ هنا عقبَ الإنكارِ على ابنِ حزمٍ، وهوَ قولهُ:((والبخاري قد يفعلُ مثلَ ذلكَ؛ لكونِ ذلكَ الحديثِ معروفاً من جهةِ الثقاتِ عن ذلكَ الشخصِ الذي علّقهُ عنهُ، وقد يفعلُ ذلكَ، لكونهِ قد ذكرَ الحديثَ في موضعٍ آخرَ من كتابهِ متصلاً، وقد يفعلُ ذلكَ لغيرِ ذلكَ من الأسبابِ التي لا يصحبُها خللُ الانقطاعِ)) (6). انتهى.

فحديثُ النهي عن المعازفِ من بابِ ما هوَ معروفٌ من جهةِ الثقاتِ عن هشامٍ كما تقدمَ، وحديثُ جندبَ من بابِ ما ذكرهُ في موضعٍ آخرَ من كتابهِ

مسنداً. (7)

(1) يعني: العراقي.

(2)

لم ترد في (ف).

(3)

التقييد والإيضاح: 91.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 146 بتصرف والكلام عائد لابن حزم في المحلى 9/ 59.

(5)

جاء في حاشية (أ): ((تقدم))، وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 146.

(6)

معرفة أنواع علم الحديث: 147.

(7)

من قوله: ((قال الشيخ في النكت

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

ص: 209

قوله: (وأخطأ في ذلكَ من وجوه)(1)، أي: منها قولهُ: ((لم يتصلْ ما بينَ البخاريِّ، وصدقةَ بنِ خالدٍ)) (2) وإنما حقُّ العبارةِ على مراده ما بينَ البخاريِّ وبينَ هشامٍ، لكن هذا على تقديرِ أَنْ تكونَ هذه عبارةُ ابنِ حزمِ، والذي نقل ابنُ الصلاحِ عنهُ في التفريعاتِ في فنِّ المعضلِ أَنَّهُ قالَ:((منقطع فيما بينَ البخاريِّ، وهشامٍ)) (3) وَاللفظُ الذي ذَكرهُ الشيخُ عزاهُ إلى "المحلى"، وجعلهُ اعتراضاً على ابنِ الصلاحِ، فقالَ:((إنما قالَ ابنُ حزمٍ في " المحلى": هذا حديثٌ منقطعٌ فذَكَرهُ، ثم قالَ: وصدقةُ بنُ خالدٍ هو شيخُ هشامِ / 56ب / بنِ عمارٍ في هذا الحديثِ، وهذا قريبٌ إلَاّ أَنَّ المصنِّفَ (4) لا يجوّزُ تغييرَ (5) الألفاظِ في التصانيفِ، وإنِ اتفقَ المعنى)) (6). انتهى.

وَيمكنُ أنْ يكونَ ابنُ حزمٍ عبَّر بما ذَكرهُ ابنُ الصلاحِ في غيرِ "المحلى"(7).

الثاني: حكمُهُ عليهِ بعدمِ الاتصالِ، وقد وُصِلَ من طرقٍ، والمدارُ في الصحة على الاتصالِ بالثقاتِ، لا على الاتصالِ من جهةِ البخاري، وفي صحيحهِ قال بعضُ أصحابنا: قالَ ابنُ كثيرٍ: ((رواهُ أحمدُ في "مسندهِ" (8)، وأبو داودَ في "سننهِ"(9)، وخرجهُ البَرْقانيُّ في "صحيحهِ"، وغيرُ واحدٍ مسنداً متصلاً إلى هشامِ بنِ

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 146.

(2)

أي: ابن حزم، وقوله في المحلى 9/ 59.

(3)

معرفة أنواع علم الحديث: 146.

(4)

جاء في حاشية (أ): ((أي: ابن الصلاح)).

(5)

في (ف): ((تفسير)).

(6)

التقييد والإيضاح: 90.

(7)

من قوله: ((لكن هذا على تقدير

)) إلى هنا لم يرد في (ك).

(8)

مسند الإمام أحمد 5/ 342 - ومن طريقه أبو داود (3688) - من طريق مالك بن أبي مريم، عن عبد الرحمان بن غنم، عن أبي مالك.

(9)

سنن أبي داود (4039) من طريق بشر بن بكر، عن عبد الرحمان بن يزيد بن خالد، عن عطية بن قيس، عن عبد الرحمان بن غنم الأشعري، عن أبي مالك، به.

ص: 210

عمارٍ)) (1)، وقالَ ابنُ عبدِ الهادي:((ورواهُ الطبرانيُّ (2) عن موسى بنِ سهلِ الجوني البصري، عن هشامٍ)) (3).

الثالث: قوله: (ولا يصحُّ في هذا البابِ شيءٌ)(4) وقد صحَّ.

قولهُ: (لا يصحبها خللُ الانقطاعِ)(5) قالَ الشيخُ في "النكتِ ": ((وقد اعترضَ على المصنِّفِ (6) بأنَّ حديثَ جندبَ الذي ذَكرهُ في الجنائزِ صحبهُ خللُ الانقطاعِ، بأنَّهُ لم يأخذهُ عن حجاجٍ، والجوابُ عنِ المصنِّفِ: أنَّهُ لا يصحبها خللُ الانقطاعِ في الجملةِ، بأنْ يكونَ الحديثُ معروفَ الاتصالِ، إمّا في كتابهِ في موضعٍ آخرَ، كحديثِ جندبَ، أوفي غيرِ كتابهِ، كحديثِ أبي مالكٍ الأشعريِّ، فإنَّهُ إنما جزمَ بهِ حيثُ علمَ اتصالهُ، وصحتهُ في نفسِ الأمرِ، كما تقدّمَ، واللهُ أعلمُ)) (7).

قوله: (وقالَ الطبرانيُّ في "مسندِ الشاميينَ")(8) قالَ في " النكتِ " بعدَ هشامِ بنِ عمارٍ، حدّثَنا صدقةُ بنُ خالدٍ:((وقالَ أبو داودَ في "سننهِ" (9): حدّثَنا

عبدُ الوهابِ بنُ نجدةَ، حدّثَنا بشرُ بنُ بكرٍ (10)؛ كلاهما -يعني: صدقةَ وبشرَ- (11)

(1) اختصار علوم الحديث 1/ 124، وبتحقيقي:93.

(2)

في المعجم الكبير (3417).

(3)

من قوله: ((والمدار في الصحة .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 146.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 146، وهي عبارة ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث:147.

(6)

جاء في حاشية (أ): ((أي على ابن الصلاح)).

(7)

التقييد والإيضاح: 92.

(8)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 146، وانظر: مسند الشاميين 1/ 334 (588).

(9)

سنن أبي داود (4039).

(10)

في (أ): ((بكير)) وهو تصحيف، والصواب ما أثبته من سنن أبي داود، وتحفة الأشراف (12161)، والتقييد الإيضاح.

(11)

ما بين الشارحتين جملة اعتراضية من البقاعي.

ص: 211