الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السور القرآنية، فذهب ما به وفتح له وذلك له الصعاب وحصل على حظ وافر من المعلومات.
ثم رجع لمكناس بعد وفاة والده حافظا ضابطا متقنا، واشتغل بالإقراء والتدوير والتدريس، وأقر له بالتفوق الفقهاء والقراء المرءوس منهم والرئيس، درس "درس الشاطبية" و"تصوير الهمز" وغير ذلك مما لم يتصدر لتدريسه غيره، ويقال إنه من آل البيت الأطهار حسنى إدريسى والله أعلم، وكان يحترف ببيع الدقيق ولسانه رطب بالتلاوة.
مشيخته: أخذ عن السيد فضول بن عزوز وغيره من علماء الجبل وأساتيذه، وعن السيد العربى بن شمسى.
الآخذون عنه: أخذ عنه شيخنا العرائشى، وقاضى الأحوار أبو العباس الناصرى، والعربى بادو، وجماعة.
وفاته: توفى مطعونا في ثالث رمضان عام خمسة وتسعين ومائتين وألف، وهو يصلى التراويح، يقرأ بحرف حمزة في قوله تعالى إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا وذلك بمسجد ضريح ولى الله سيدى أحمد بن خضراء.
100 - إدريس الوزير بن محمد بن إدريس العمراوى بن محمد بن إدريس ابن محمد بن إدريس
.
ثلاث مرات.
يرفع نسبهم إلى محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل، كان مقام سلفهم بقبيلة رمور من بنى عمر منهم من عهد قيام مغراوة على الأدراسة واختفاء الأدراسة في أغمار القبائل كذا في "الجيش العرمرم".
حاله: كريم السجايا، طويل النجاد، صادق اللهجة، حازم ضابط فقيه، نبيه
أديب لبيب، من أبرع الكتاب وأنبههم، آية في الترسيل وقرض الشعر، صاحب أخلاق حسنة، وأفعال مرضية مستحسنة، سعاء في قضاء حوائج العباد، هين لين مقتصد بشوش.
وجهه مستوزره السلطان سيدى محمد سفيرًا لفرنسا في ثالث عشر قعدة الحرام عام ستة وسبعين ومائتين وألف، وكان وصوله لباريز عشية يوم الأربعاء متم الشهر، وأقام بباريز اثنين وأربعين يوما، وقد ألف في رحلته هذه رحلة سماها "تحفة الملك العزيز بمملكة باريز" وصف فيها ما شاهده في سفره من المنتزهات ودور الآثار والسكك والسلاح والسياسة والنظام والمدن التي دخلها والعوائد والأخلاق التي رآها وصفا كاشفا.
وقال: إن من جملة ما خاطبنا به وزير خارجية فرنسا منذ مقابلته لنا إن جميع مملكة فرنسا ممنونة ومتشكرة بإحسان مولانا السلطان مولانا محمد بإنعامه بهذه السفارة، وهى مبدأ كل خير بيننا فأجبناه بما يطابق كلامه وكِلْنا له بالمدّ الذى كَالَ لَنَا بِهِ.
واتفق أن وجد في سفارته هذه عم السلطان في احتضار، وفى يوم الأحد سادس يوم من يوم الدفن صدر الإذن لهم بمقابلة السلطان بعد الزوال بساعة ونصف، ولما مثلوا بين يديه خاطبه السفير بقوله: بعد أن نهدى أيها السلطان العظيم لمقامكم الرفيع التحية التي تناسب حضرة عظماء الملوك، نعلم جنابكم المعظم أن سيدنا ولى نعمتنا سلطان المغرب أيده الله وأعزه، وجهنى إليكم سفيرًا لنسلم عليكم في اسمه الشريف، ونجدد العهد بدولتكم الفخيمة، ونهنيكم بلسانه العزيز على ما منحكم الله من السلامة ويسر لكم من الجلوس على كرسى ملك أسلافكم العظام، وجمع كلمة الجنس وزوال ما فيها، ونبين لكم ما عنده من السرور نصره الله بذلك على عادة الملوك المتحابين لا سيما مثل سلطنتكم التي لأسلاف سيدنا معها المحبة القديمة والمواصلة الأكيدة، ونقرر لكم ما عنده أعزه
الله من المحبة التي ورثها عن أسلافه والحرص على المحافظة على العهود والمواثيق التي تدوم بها وتتصل وتزيد المواصلة، وهذا كتابه العزيز نتشرف بمناولته لمقامكم متضمن لما ذكرناه، ونحن نرجو من الله أن تكون سفارتنا هذه ووصولنا إليكم زائدًا في عقد المحبة وتوثيقها وتعلية بنائها، وأن لا تزال في المستقبل تتجدد وتنمو وتعظم حتى يكثر نفعها ويعم خيرها على الرعيتين، كما أنا نشكر لحضرتكم هذه المقابلة التي قابلتنا بها الدولة وولاتها منذ خرجنا من بلادنا إلى أن وصلنا لحضرتكم، والبرور تلقونا به، ونذكره دائما، وذلك صدر عن أمركم وعليه نجازيكم بالخير الكثير.
وكلما قرأت فصلا وقفت حتى يقرأ الترجمان عليه ترجمته حتى وصلت ذكر كتاب مولانا نصره الله فأخرجته وناولته إياه فقرب منى حتى قبضه بيده هنيئة وناوله للوزير المذكور خلفه.
ثم أجابه السلطان بقوله: إنه لما بلغنا وفاة مولانا عبد الرحمن رحمه الله تأسفنا عليه غاية كما فرحنا بجلوس مولانا ابنه على التخت، لأن الشئ وقع في محله.
وأما المحبة والمودة فهى عندى أعز من أن يضع ملك يده في يدى أو أضع يدى في يده ولعل سفارتكم تكون سبب الخير بين الدولتين، وكمال الاتصال بين الإيالتين.
وأما ما قابلتكم به رعيتنا من البرور والإكرام فأنا الذى أمرتهم بذلك، وهو واجب علينا في حق كل رجل معتبر يأتى من عند دولة كبيرة سيما دولتكم التي هى أحب الدول عندنا، ولا يأتى تشويش بين الدولتين إلا من عدم المحافظة على الحدود.
وأما المطالب فلا أقصر في قضائها على كمل وجه، وسنأذن للوزير في استماعها منكم والمفاوضة فيها معكم.
قال فأجبته بأن مولانا نصره الله غير مقصر في أمر الحدود، وحريص على إجراء الأمر فيها على القانون المعهود، وإن وقع شئ من رعاع الجيران وسفهاء الناس فعن غير رضا منه أيده الله ولا موافقة له، ولا يزال يسعى في زجر من يسعى في إفساد ما بين الإيالتين بغاية إمكانه، وحيث يسر الله في ثبوت المحبة والمودة فمباشرة أمر ذلك تسهل بحول الله.
فأجاب بأن ذلك هو الظن وهو غاية ما نحب.
قال ثم لما تم الكلام وسكت وسكتنا استأذناه في الانصراف فأذن لنا فانصرفنا.
ثم وجه سفيرا للإصبان وكانت له حظوة ومكانة مكينة، ولا غرابة، فبيتهم من البيوت العريقة في المجد وممن تقدمت لهم خدمات مخزنية، وستأتى ترجمة والده في المحمدين بحول الله.
(شعره) من ذلك قوله
رأيت غزالا بباب أسير
…
يصيد القلوب بلحظ كسير
رمانى بسهم من أجفانه
…
فغادر قلبى لديه أسير
فيا أيها الركب قولوا له
…
إذا ضاع قلبى بماذا أسير
وقوله:
يا راحة القلب مالى
…
عن حسن وجهك راحه
وكيف أبغى سلوا
…
وأنت للقلب راحه
فلا تردى محبا
…
إن مد نحوك راحه
تخذت وجهك روضى
…
وروح قلبى وراحه
بالهجر كلمت قلبى
…
داوى بوصل جراحه
وطال بالصبر شجنى
…
فلتطلقين سراحه
فالبعد عنك عذاب
…
والقرب منك إراحة
وقوله في رجب سنة 1244 لما عزم مخدومه السلطان سيدى محمد على السفر للغرب:
ما لذ لى العيش مذ فارقت حضرتكم
…
كلا ولا طاب لى كأس ولا وتر
بانت حياتى مذ بانت ركائبكم
…
وحال حال فلا عين ولا أثر
أفديه من قمر بالقلب مطلعه
…
والقلب منزلة يحتلها القمر
ركبت بحر الهوى في حبه خطرا
…
وفى محاسنه يستحسن الخطر
كم ليلة هاج أشواقى تذكره
…
واعتادنى المؤلمان الفكر والسهر
تبارك الله ما أحلى شمائله
…
ما العنبر الشحر ما الريحان ما الزهر
وقوله متشوقا لمراكشة الحمراء وأهلها:
ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة
…
بمراكش بين الأحبة ثاويا
وهل أعبرن أم الربيع وأتركن
…
مهامه تامسنا هواء ورائيا
وهل أردن من واد صبرة منهلا
…
ويبدو منار الكتبيين أماميا
وقوله:
ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة
…
بمراكش حيث الغريب عزيز
وهل أردن من واد صبرة منهلا
…
وهل يبدون لى رمرم وجليز
وقوله:
يا سيد الرسل إنى
…
أنزلت رحلى ببابك
وهل يخيب عبيد
…
آوى لظل جنابك
وقوله:
شفاعة خير الرسل أرجو غدا ومن
…
يقول إذا عز الشفيع أنا لها
شفاعته يرجو المسئ وإننى
…
جدير بأمداحى له أن أنالها
وقوله:
هنيئا أبا عبد الإله لك البشرى
…
فهذا زمان السعد قد أظهر البشرا
وهذى رياض الأنس تزهو أريضة
…
وهذى بشارات السعود أتت تترا
فرد من زلال الود غير مكدر
…
وجل برياض الحسن واقتطف الزهرا
فقد وصلت من بعد طول تشوق
…
غزال بليل الشعر قد أطلعت فجرا
سرت وظلام الليل أرخى سدوله
…
وزارت على بعد الديار لنا بدرا
عجبت لشمس زارت البدر في الدُّجَى
…
وعهدى بأن الشمس لا تدرك البدرا
حكت ظبية الوعساء جيدا وناظرا
…
وأزرت بقد الغصن والصعدة السمرا
يشوق منها القرط صوت خلاخل
…
فأرسل للإتيان بالخبر الشعرا
وقد غردت من فوق غصن قوامها
…
حمائم حلى آذنت باللقا جهرا
تريك عقود الدر عند ابتسامها
…
وتسقيك من سلسال ريقتها خمرا
ولا عيب فيها غير سقم جفونها
…
وكفل رداح ثقله أنحل الخصرا
وغير حديث قد حكى السحر رقة
…
له في سويدا قلب سامعه مسرا
فواصل بها وصل السرور ودم على
…
ذرى المجد والعلياء مرتديا فخرا
وخذها كما شاء الوداد خريدة
…
تفوق الذى أعطيت في وصلها مهرا
ودونكها كالروض قد نثر الحيا
…
بأرجائه من دمع ديمته درا
ففتق من صون الكمام أزاهرا
…
فأعبقت الأرجاء من طيبها نشرا
ونادت طيور الشكر فوق غصونها
…
"هنيئا أبا عبد الإله لك البشرى"
وقوله من قصيدة في مدح الشريف مولاى المأمون أخ السلطان مخدومه:
عذر المتيم في عيون العين
…
وفتورهن على الغرام معين
كم من شهيد بين أرجاء الحمى
…
بفتور ألحاظ وسحر جفون
ومسهد من نومهن ومنتش
…
من سكرهن وهائم محزون
لم ألف في زمر الأحبة مسعدا
…
في حبهن سوى عيون عيون
وخشيت من قلبى التقلب في الهوى
…
لما اكتوى فطلبته بضمين
دينى عليهن الوصال وقد وفا
…
شرطى فهلا تركن مطل ديون
يا عاذلى كن عاذرى في حب من
…
قد طال شوقى نحوها وحنينى
لو أبصرت عيناك أقمار البها
…
من فوق كتبان سمت وغصون
ورأيت طعن خناصر بمحاجر
…
من تحت ليل ذوائب وقرون
وشهدت برق مباسم كالدرفى
…
أسلاكه والطلع في العرجون
وشممت عرق مواسم بمباسم
…
لشفاهها كالأرْي (1) والزَّرَجُون (2)
(1) الأرى: العسل - والندى يسقط على الشجر.
(2)
الزرجون: قُضبَان الكَرم - والخمر.
لعذرت من ملك الجمال قياده
…
ولدنت في شرع الهوى بالهون
وعلمت أن لا شئ يفضله سوى
…
مدح الخليفة سيدى المأمون
علم تسربل في العلا حلل الرضا
…
وعلا بتسليم وحسن يقين
وسما به الظن الجميل لرتبة
…
لم يرض قبل صعودها بالدون
عرفت به همم سمت من رخرف
…
فأبان عن سفسافه الوهون
وأتى الرعية حظها من رفقه
…
فإن رهبة حكمه في اللين
عف الضمائر والجوارح فيهم
…
عن نيل مظلمة وكشف ظنون
خلق كأخلاق النسيم لطيفة
…
وشمائل كالروض غب هتون
ومواهب تحكى السحائب عفوها
…
بعطاء لا نزر ولا ممنون
مغناه مغنى للمبيت ولفظه
…
مغن عن التوضيح والتلقين
لم تلقه إلا مشمر ذيله
…
متأهبا للخير غير ضنين
أسنى الدخائر عنده ما يقتنى
…
لعلا العساكر أو أمور الدين
وألذ شئ عنده عرض الجيا
…
د مع السلاح المنتقى المتقون
وقوله يرثى العلامة سيدى حمدون بن الحاج لما توفى وذلك عشية يوم الاثنين سابع ربيع الثانى عام اثنين وثلاثين ومائتين وألف:
حياض المنايا للبرايا مناهل
…
وكل الورى للورد منها نواهل
قضاء من الرحمن حتما على الورى
…
وكل قضاء الله لا شك واصل
فلا بد للأحياء من ورد حوضها
…
كما وردتها في القديم الأوائل
وما هذه الدنيا سوى دار رحلة
…
ولا بد من يوم تشد الرواحل
فيا أيها المغرور والأمل البقا
…
تزود من الدنيا فإنك راحل
ولا تغترر منها بحسن زخارف
…
فكل سوى الله المهيمن باطل
فظاهرها للجاهلين محاسن
…
وباطنها للعارفين رذائل
وما نحن إلا كالجياد بمضمر
…
وتسبق في الميدان منا الأفاضل
رأيت المنايا تنتقى كل سيد
…
لها كل يوم غارة وجحافل
وتردى صميم المجد من فتكاتها
…
كأن لها ثارا عليه تقاتل
(تحامى الرزايا كل خف ومنسم
…
وتلقى رداهن الذرا والكواهل (1)
أما وجدت عنا الخطوب معرجا
…
أما ردها عنا العلا والفواضل
لقد هد ركن الصبر يوم نعوا لنا
…
إمام العلا من في الفضائل كامل
وقلت لا والله ما كنت داريا
…
من الوجد والأحزان ما أنا قائل
أحقا عباد الله حمدون قد قضى
…
لقد ثكلتنا عند ذاك التواكل
نعم قد قضى شيخ الجماعة والتقى
…
وغالته من دون الأنام الغوائل
لقد كورت شمس السيادة بعده
…
وبدر العلا والمجد والعلم آفل
وهد سماء الجود والمجد واعترى
…
بفقدانه أرض القلوب الزلازل
وغاضت بحور العلم بعد طفوحها
…
وعاد رياض النظم والنثر ذابل
وسدت طريق السالكين إلى العلا
…
وعادت طريق المتقنين مجاهل.
رزيته أزرت بكل رزية
…
وفقدانه خطب لعمرى هائل
لئن كان شمسا قد هوى فوراءه
…
هلال بآفاق السيادة كامل
(1) في هامش المطبوع: "البيت الأول لأبى العلا المعرى ضمنه المترجم وأجاد" ..
وذكر سرى بين البرية طيب
…
كما هب ريح عطرته الخمائل
وأوضاع علم يستضاء بنورها
…
ونظم ونثر للمحاسن شامل
فصبرا أبا عبد الإله فإنما
…
بقدر جبيل الخطب تعطى الجلائل
وإن مصاب المسلمين بفقده
…
مصاب عظيم هاج منه البلابل
أحمدون من للمشكلات يبينها
…
إذا قصرت عن فهمهن الأفاضل
ومن لعلوم الدين يتقن درسها
…
فتشرق نورا من ذكاه المسائل
ومن للمعانى والبيان يبينه
…
بعضب لسان للجهالة قاتل
ومن لامتداح المصطفى بمدائح
…
عليها من السحر الحلال دلائل
ومن لذوى المعروف إن عنَّ حادث
…
فيلقاهم بشر لديك ونائل
لقد كنت غوثا للأنام ومنهلًا
…
إذا ما عرتهم من زمان نوازل
وكنت دليل السائرين إلى العلا
…
وبدرا بآفاق الهدى متكامل
وكنت لهذا الدهر زينا وحلية
…
فها جيده من بعد بعدك عاطل
وكنت لذى الحاجات خير وسيلة
…
إذا عدمت في العالمين الوسائل
فأصبحت مقصى في ديار جنيبة
…
وقد عدمت تلك العلا والفضائل
وأضحت ربوع العلم وهى كئيبة
…
خوال ونور العز بعدك حائل
وأصبحت الطلاب بعدك في ظما
…
وقد كدرت للواردين المناهل
وعاثت جيوش الحزن فيهم وحكمت
…
على الرغم في الأحشا الظبا والعوامل
ونار الجوى بين الجوانح أججت
…
وسحب الدموع في الخدود هوامل
فما عيشهم من بعد بعدك صالح
…
ولا في الحياة بعد فقدك طائل