الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما بَعْدَ حَمْدِ الله الدائم البقاء، الذى لا يلحقه الفناء، فقد وصل لحضرتنا الشريفة كتابكم المنبئ بما أثر في الخواطر، ووقع موقعا في القلوب والضمائر، من ارتحال ولد أخيكم بريسبى مملكة بودين ولد الجناب السلطانى لى كنط والكنطيس دى فلندرت من هذه الدار الفانية، وانتقاله إلى الدار الباقية، وشربه كأس المنية، الذى تذوقه جميع البرية، في التاريخ الذى بينتم وإعلامكم بذلك عالى جنابنا، لما ثبت لديكم من محبتنا، فلم تأخذوا من مصابه إلا حظكم، ومن الأسف عليه إلا نصيبكم، لأنكم أحباؤنا، فما يسركم يسرنا، وما يكدركم يكدرنا، وليخفف عنكم ما حدث من رزئه كون هذه الحياة السارية في الجسوم، إنما هى مستعارة لا تدوم، وتنقضى لأجل معلوم، فلا حدث حادث بعد هذا بناحيتكم، ودامت السلامة من كل آفة لساحتكم، ولا زالت دولتكم بعين الاعتبار ملحوظة، ولا برحت عهود المحبة بيننا وبينكم محفوظة، وختم في 28 من ذى القعدة عام 1308".
مع البابا
وأوفد على رئيس أساقفة النصرانية وحبرهم الأعظم البابا ليون الثالث عشر، سفارة يرؤسها القائد عبد الصادق الريفى، وفى معيته العلامة أبو العباس أحمد السكردودى أحد أعيان كتاب الحضرة الشريفة، وبرفقتهما "البدرى خوسى لرجونادى" الراهب الإسبانى بقصد تهنئته بعيده الخمسينى، وإليك نص الظهير الصادر في ذلك بعد البسملة والحوقلة والاستفتاح.
"إلى المحب المعظم، المحترم المفخم، رئيس أساقفة الملة النصرانية الجالس على كرسى الحوارية، لقضاء الدعاوى الدينية، الذى اشتهر علمه وانتشر، البابا ليون الثالث عشر.
أما بعد حَمْدِ الله الذى لا إله إلا هو العلى العظيم، فمن المعلوم عند الناس، والخاص والعام من الأجناس، أن أسلافنا المقدسين ملوك المغرب كان بينهم
وبين الرهبان البابا ليون رؤساء الرهبنة الفرنسيسكنية مزيد المحبة، والمودة والصحبة، حتى إنهم كانوا أعطوهم الحرية وإباحة السكنى حيث النصارى، وكانوا يعاملونهم ويعينوهم على أمور دينهم، ونحن بحول الله على آثار أسلافنا رحمهم الله في معاملتهم بذلك، واقتضى نظرنا الشريف إعلامكم أيها المحب بهذا لما ينهى من محاسنكم وفضلكم إلينا، ويتلى من شهرة وصفكم بالخير والحق والعلم لدينا، وبمزيد محبتكم وبمزيد صحبتكم في المحبة المفخمة، سلطانة دولة إسبانيا المعظمة، وأن نعطوكم أمارة ودليلا على محبتنا ومودتنا، ونوجه لكم سفيرا من شريف حضرتنا كما يوجه سائر ملوك الدول سفراءهم لعندكم برومة ليحضروا عيدكم، ويهنوا جانبكم بما من به الله القادر عليكم من بلوغ فقاهتكم إلى خمسين سنة.
فاخترنا لذلك خديمنا الأرضى الأنجد الأنصح القائد عبد الصادق بن أحمد الريفى، وعززناه بكاتبنا الأرضى الأنبل الطالب أحمد الكردودى، وعينا لمرافقتهما الأساقفى البدرى خوسى لرجونادى كبير الرهبان الصبنوليين الذى هو عزيز عندنا لأنه رافق غير مرة سفراءنا للدولة الصبنيولية المحبة.
ونحن على يقين من أنكم تقابلون سفيرنا المذكور، ومن معه بمثل ما تقابل به مجادتكم سفراء الأجناس المحبين من الاعتناء والبرور، في الورود والصدور، وتصدقونه فيما يذكره لكم عنا من المحبة والمودة، ودمتم في سرور وهناء، ملحوظين بعين الاعتبار والاعتناء، وختم في 12 من ربيع الثانى عام 1305".
وحيث أتينا على كثير من علائقه السياسية مع ملوك الدول ورؤسائها بين التفصيل والإجمال، ناسب أن نذيل على ذلك ببعض الظهائر الشارحة لما كان يقع مع نواب تلك الدول من الأخذ والرد والمراجعة والمباحثة تتميا للفائدة وإظهارًا لما خفى، وبيانا لمكانة المترجم السياسية.
ونص أولها وهو يتعلق بدعوى مغربية على حكومة الجزائر بعد الحمدلة والصلاة والطابع الصغير.
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله.
وبعد فقد اشتكى علينا مرابط اسمه ديدى الفيلالى بأنه كان قافلا من تلمسان في شعبان الفارط في رفقة وباتوا بماكورة من بلاد أولاد نهار من إيالة الرومى، فهجم عليهم قرب العشاء نحو ثلاثين من اللصوص وضربوهم بالبارود، وقتلوا من أهل الرفقة رجلا من دادس وجرحوا سبعة ونهبوا جميعها حتى الثياب كانوا ينزعونها من ظهور أهلها ما عدَا البهائم فلم يأخذوها، والذى ضاع له ست وستون مائة ريال عينا، وسلعة قيمتها خمسمائة ريال وثمانون ريالا، ولولده الصديق مائتان وعشرون ريالا، ولأخيه البشير ثمان عشرة مائة ريال، ولرجل من أعراب تزيمى كان مضافا له خمسون ريالا.
واشتكى على حكامهم وعلى خديمنا القائد بوشتى بن البغدادى، وكتب لهم أيضا فجعلوا يواعدونه بالبحث عن المفسدين وبالكتب لوالى الجزائر ونحو ذلك، فلم يحصل على طائل، وهذه دعوى كبيرة لا تكاد تخفى عليهم لاسيما مع تكلم البارود والقتل والجرح، ولا شك أن أهل المحل هم المؤاخذون بما يقع فيه منهم أو من غيرهم، لأنه في عهدتهم.
وعليه فنأمرك بالكلام مع باشادورهم في هذه القضية ليأمر حكامهم بالغرم له ولمن معه في جميع ما ضاع لهم، والسلام في 6 صفر الخير عام 1294".
ونص الثانى وهو متعلق بيهودى متفرنس:
"خليفة خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فإن يهوديا من مكناسة الزيتون اسمه مير بن موشى كوهين تعدى طوده وحده واستعمل في الترامى على الناس والجسارة عليهم جهده، وصدرت منه
أفعال شنيعة، وأمور فظيعة، وصار يتهدد على الناس بالحديد ويبدئ في الهجوم عليهم ويعيد، ومن جملة ذلك أنه هجم على محتسب مكناس، ودخل عليه للمحل المعد للأحكام المخزنية هو ويهودى آخر، وتهدد عليه وأغلظ له في القول وسبه وسب أصحابه وذلك بمرأى ومسمع من جماعة الناس، حسبما تراه في الشهادة طيه، فانظر هذه الأفعال الصادرة من اليهود، ومع ذلك يتظلمون ويتشكون بعدم وقوع الحق لهم وعليه فنأمرك أن تعرف باشدور الفرنصيص بذلك وتكلمه بكفه وتأديبه على تجاسره على الحاكم المذكور، فإن الإغضاء عنه يجرئ أمثاله على التجاسر على الحكام، ويؤدى إلى انحلال عرى الإحكام والسلام في 26 جمدى الثانية عام 1297".
ونص الثالث في مكافأة فرنسا لبعض المغاربة بأوسمة:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله.
وبعد: وصل كتابك بأن نائب الفرنصيص كتب لك بأن وزير الأمور البرانية بدولته أخبر البريزدان راى البوبلكان بما صدر من عامل الدار البيضاء وكبيرى مرساها من الاعتناء، والوقوف في إنقاذ بحرية البابور الفرانصيصى الذى حرث من الغرق، فوجه البريزدان المذكور نيشانا من الذهب للعامل المذكور، ونيشانين فضة لكبيرى المرسى مجازاة على ذلك حسبما في كتابه الذى وجهت مع نسخة مما أجبته به، وصار ذلك بالبال وها النياشين المذكورة تصلك فادفعها لهم، والسلام في 19 من ذى الحجة الحرام عام 1298".
ونص الرابع في قضية المخالط لنائب إسبانيا:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد بلغ لعلمنا الشريف أن رجلا مديونيا صهرا لعامل مديونة تجرأ فبدا له فابتنى قصرا وبداخله دارا بالساحل بأولاد جرار قرب مرسى هنالك بينها وبينه نحو ربع ساعة، وبينهما وبين مرسى الدار البيضاء ثلاث ساعات، وحيث كان البناء في ذلك المحل لم يعهد من أحد ويحصل منه الإضرار بالمرسى من وجوه لا تخفاك مع كون الساحل محرما لا يشغل ببناء، ولا بنزول ولا بنحو ذلك حسبما هو معروف عند كل أحد، فأصدرنا أمرنا الشريف بهدم ذلك البناء وإعفاء أثره، ثم ذكر لنا أن ذلك الصهر له مخالطة مع قنصل إسبانيا بالدار البيضاء، فكتبنا لخليفة العامل هنالك وأسندنا له أمور الهدم وفق ما صدر للمديونى ليكون على بصيرة فيما يعرض من الكلام مع ذلك القنصو، وأعلمناك لتكون على بال، وتتكلم مع الباشادور هنالك في القضية والسلام في 29 محرم الحرام عام 1299".
ونص الخامس في شأن ورود أمير روسى للمغرب وما قوبل به من الإجلال والتكريم.
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد: وصل كتابك بأن خديمنا عامل طنجة كتب لك بما في كتابه الذى وجهت من أن باشدور إسبانيا استكتبه لحضرتنا الشريفة بأن ولد سلطان الموسك، ورد على يده قاصدا التوجه لحضرتنا العالية بالله، وذكرت أن لا خبر عندك به من وجهة أخرى، وأنه ورد عليك هو وزوجته واستفهمته عن المقصود من وروده، فذكر أنه ورد بقصد الجولان، وتلمحت منه أنه يريد زيارة جنابنا الشريف وأشرت بمقابلته بما يقابل به أبناء الملوك أمثاله، فقد ورد وتلقى له كبراء الجيش والعسكر وعامل البلد عند دخوله، وقوبل بما ينبغى أن يقابل به، وأكرم هو وزوجته.
وطلب التوجه للجزائر على آزمور، والدار البيضاء، والرباط، ومكناس، وفاس، ووجدة، فسوعد ومكن من مكاتيب لعمال المحال المذكورة والقبائل التي يمر عليها بالكون على بال منه، والقيام بشئونه مؤنة وعلفا وحراسة حتى يخرج من ترابهم وتوجه بسلام، والسلام في 27 صفر عام 1299".
ونص السادس في قضية إسبانى:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد: وصل كتابك بأن باشدور إسبانيا ورد عليك بتقييد تضمن أناسا من الذين ضربوا الصبنيولى الهالك زيادة على العشرة الذين قبض عليهم أخونا مولاى إسماعيل محمد بن قاسم لتكتب بالقبض عليهم، وطلب منك بيانًا بأسماء هؤلاء العشرة فأجبته بأن من ليس في تقييده من العشرة المشار إليهم يسرح، فأجابك بأن لا يسرح أحد منهم ذاكرًا أن الولاة ما قبضوا عليهم حتى ثبت عندهم أنهم من الفاعلين وبأن يقبض على الأناس الذين زاد حيث ثبت عندهم أنهم من الفاعلين أيضا، ودار بينك وبينه في القضية ما شرحته، من كونه لا يقبل الشهادات التي بلغه أن الولاة يجعلونها بفاس، ليدافعوا عن أنفسهم حيث لم يفعلوا ما وجب عليهم من القبض على الفاعلين في وقته، ومن أن دولته تعين عليها طلب جعل القونص هناك ليحكم على من ورد منهم من تلك الناحية والتوصل بما في شروطهم الذى من جملته سانط كروز، وافترق معك على غير خاطره.
ثم وجه لك على وجه السر ذاكرًا أن دواء هذه الدعوى هو أن تكتب له بما في النسخة التي وجهت من زجر الفاعلين، وعزل العاملين وعقوبتهما بأداء
عشرين ألف ريال لهم، ويكون ذلك عاجلا من عند المخزن من غير طلب منهم لذلك، ليجد ما يدافع به، وصار جميع ما ذكرته بالبال.
فأما ما أجابك به الباشدور عن تسريح من ليس في تقييده من العشرة الذين قبض عليهم أخونا مولاى إسماعيل مع محمد بن قاسم من عدم تسريح أحد منهم ذاكرًا أن الولاة لم يقبضوا عليهم، حتى ثبت عندهم أنهم من الفاعلين، فأولئك الولاة لم يتحقق عندهم حينئذ تمييز الفعال من غيرهم، وإنما ألزمنا نحن القبض على كل من تأتى لهم قبضه ممن يظهر أنهم حضروا فيما وقع، حتى يقع البحث والاستفسار، ومن تحققت براءته من ذلك الفعل يسرح، ومن لا فلا.
وأما عدم فعل الولاة ما وجب عليهم من القبض على الفاعلين، فقد قدمنا لك بيان عذرهم عن عدم التعجيل بقبضهم وهو فراغ المحل من الجيش والعسكر، وفرار الحاركين منهما من الحركة، وحصول الإرهاب والإرعاب بذلك للناس، واشتغال أهل الإرجاف وسفلة الناس بكثرة القيل والقال في جانب المخزن بما لا ينبغى، وطيشهم وتشوفهم للفساد، حتى إن بنى حسن والبرابر جعلوا أشياخ الربيع وألغوا خلائف عمالهم ولم يلتفتوا إليهم، وهموا بالمكر بهم، فأمسك الولاة بسبب ذلك عن القبض على الفاعلين المشار إليهم خشية أن تنشا عنه الفتنة من أولئك المرجفين، ويفضى الأمر إلى ما هو أعظم من ذلك، لكون أهل المغرب مجانين لا يبالون ولا يتفكرون في عواقب ما يفعلون، مع غيبة المخزن بسوس، ويتسع الخرق ويلومهم المخزن على عدم التأنى في قبضهم، إذا لم يكن عندهم علم وقتئذ بحلولنا بمراكش.
والذى زادهم تخوفا وإحجاما عن القبض عليهم عاجلا هو ما عزروا به على حيلولتهم بين اليهود والنصرانى الصبنيولى الذى كان تخاصم مع اليهودى الجزار بحارة يهود فاس، ولطخ بقضيته ولد اب محمد حتى أدى ذلك لدفع ريال 250 للنصرانى المذكور جبرا لخاطره.
وأما جعل القونص بالمحل المشار إليه، فما أجبته به من كون مطلب جعله لا خصوصية له فيه، وليس له فيه سوى فتح الباب لطلب غيرهم مثله، مع أن المحبة الكائنة بين الجانبين لا تقتضى ذلك، هو غاية ما يجاب به على أنه لا ضرر علينا فيه نعم أسلافنا قدسهم الله كانوا يتوقون منه لئلا يقع له ما وقع لهذا النصرانى، وإلا فجعله بذلك المحل يكون وسيلة لجعلنا نظيره عندهم يقف على حقوقنا، حتى لا يقع ضياع فيها كهذه القضية التي كان لنا الحق فيها حسبما تقدم لك شرحه، وانقلب بالترهات والتلونات، وصار علينا.
وأما سانط كروز فقد كتبنا لك في شأنها صحبة المهندس الموجه لك بما في النسخة الواصلة إليك طيه،. فالعمل عليه، وأما العدد المذكور من الريال الذى أشار الباشادور بإعطائه لهم في فصل هذه القضية فكثير جدًا لوقوع الفصل برفعه على يدك في قضيتى النصرانيين المقتولين على وجه الحرابة حياة سيدنا رحمه الله وفى مدتنا، على أن هذا لم يمت كذلك، ولما لا يخفاك ما صاروا عليه اليوم من المساواة والعناد في كل شئ فيصير العرف عندهم في الدية عشرين ألفا بعد ما كانت بخمسة آلاف، وفى هذا ما جاوز الحد في الضرر على أن أولئك ماتوا على وجه الحرابة بالحديد بخلاف هذا.
فتنبه، فالنظر في العواقب من الواجب المتعين وحتى إن كان لابد من الزيادة فتكون على وجه السر مناسبة للعدد الواقع به الفصال سابقا في قضيتى النصرانيين المشار إليهما، والمبيضة المذكورة التي وجهت هلا علق الفصال المذكور فيها على تصديق قولهم أو على ورود من توجه من حضرتنا الشريفة لتحقيق القضية أو على توجيه أحد من قبلك على يد الباشادور، يحقق ذلك، وعلى كل حال فالفصال الذى ظهر لنا هو ما بيناه لك والحاضر بصيرة، والله يعينك والسلام في 9 من ذى العقدة الحرام عام 1299".
ونص السابع في طلب نائب إيطاليا سجن محتسب طنجة وعزله:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: وصل كتابك بأن محتسب طنجة قبض على ولد امرأة عجوز مستخدمة بدار الطليان في والده الدلال الفار بما بيده من حوائج الناس، فذهبت تلك المرأة عند المحتسب وأعلمته بأنها مطلقة من ذلك الرجل، وكافلة لولدها، وأبوه لا يعرفه في شئ، وطلبت منه أن لا يؤاخذه بما هرب به والده ويطالب به ضامنه، فأمر بسجنها فبلغ ذلك للباشادور المذكور، فقام وقعد ووجه لك ترجمانه ذاكرا أنه إن لم يسجن المحتسب ينزل السنجق ويقطع العلاقات الرسمية، فأجبته بأن لا قدرة لك على ذلك لكونه في خدمة المخزن، والذى يتأتى لك هو عزله ورفع القضية لحضرتنا الشريفة فقبل ذلك، وأشرت للعامل بعزله وتعيين من يقوم مقامه ريثما تعلمنا ثم ورد عليك الباشادور بعد ذلك وأكد في سجن المحتسب ودار بينك وبينه ما شرحته إلى أن قبل منك أن تجعل له ذلك كتابة فأجبته بأن يكتب لك لتجيبه فكتب فأجبته بما في النسخة التي وجهت مع كتابه لك، وأشرت بالتأمل في كتابه لكونه لازال طالبا سجن المحتسب، وإن لم يسجن يقطع المعاملة وفيما ادعاه من عدم إعطاء الحق وما أجبته به من أننا موجودون لإعطائه، وصار جميع ما ذكرته وما تضمنه كتاب المذكور ونسخة جوابك له بالبال.
أما فعلك ذلك لسد الذريعة وتسكين الروعة فجميل وسديد لكن لا يخفاك أن الجرائم متفاوتة ومتباينة، وكذلك الأدب وكل جريمة لها أدب يناسبها وتعتبر فيها المراتب والخطط وأمر التولية والعزل مهم، فلا ينبغى الازدراء به والتلاعب، ويحتاج فيه إلى كثرة الكلام والمدافعة والمراجعة حتى ييأسوا، أو إذا وقع ونزل به أمر يكون على مقتضاه بعد مشقة وجهد جهيد.
كما يحتاج فيه في بعض الأحيان إلى عزل مقابله كقضية الزمرانى بالصويرة وقونص الفرنصيص حياة سيدنا رحمه الله وإلا فإذا كان كل من عرض لخادمه أو حارسه أو لامرأة أجنبية عنه كهذه شئ مع حاكم من الحكام يعزل الحاكم بسببه، فإن الخرق يتسع على الولاة وتفسد عليهم ما هو جار من الأحكام على مقتضاه وما هو جار على خلافه، وكلهم يتشوفون لمثل ما أراده المذكور ويطلبون المساواة فيه معه، ولهم الحق في ذلك، وفى ذلك من فساد النظام في جميع المدن والمراسى والبلدان ما لا يخفى، على أن مساعدتهم على مثل ذلك لا تتأتى.
وعليه فتأمل في القضية وانظر فيها بعين الاعتبار والإنصاف، وفاوض فيها بعض الأجناس الذين تأمن إشارتهم، وإن أشاروا باعتذار المحتسب للباشادور وبإبقائه بمحله فافعل، وإن أشاروا بعزله وتأتت لك ملاطفة الطليان في إبقائه بمحله إلى أجل ولو إلى الوقت الذى يكون فيه بحضرتنا العالية بالله ويقع الكلام معه في شأنه فافعل وإلا فوجهه لحضرتنا العالية بالله غير مهان، والله يعينك والسلام في 21 من شوال عام 1297".
ونص الثامن في ذلك أيضا:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: وصل كتابك جوابا عما أجبناك به عن قضية محتسب طنجة مع باشادور الطليان، وذكرت أنه لا يمكنك نقض ما جعلته معه كتابة وإن لم يقتض نظرنا الشريف قبوله نوجه من قبلنا من ينقضه، ويفاصل قضايا الطليان، وأنك كنت طلبت مثل هذا من سيدنا الوالد قدسه الله حين وقع لك شنآن مع النجليز والصبنيول، فوجه العاجى وفاصل القضيتين.
وعلمنا ما ذكرته من أنك ما أجبت عن القضية المذكورة حتى تفاوضت مع باشادور إسبانيا لكونه ممن تؤمن إشارته وأطلعت على ذلك نائب النجليز فاستحسنه لكون الطلب المشار إليه جار على مقتضى الشرط الثالث من شروط إسبانيا والنجليز والمحتسب صدر منه تنقيص بالقول في الباشادور، ولا يقع خرق ولا ازدراء بالولاة بإعطاء الحق في القضية ولو كان يقع ذلك بإعطائه لقيل وقع لإسبانيا بإعطائهم الحق بعزل حاكمى مليلية وسبتة، وأنك لا تتخلق بأخلاقهم أو تتبع أغراضهم إلا إذا لم تجد سبيلا ويعظم الأمر، لأنك لا تريد أن تكون على يدك فتنة، ولو أن تقيها بنفسك وصار ذلك بالبال.
فأما توجيه من بفاصل قضايا الطليان فالكفاية في الله ثم فيك فمثلك لا يعدل عنه إلى غيره، أعاذك الله ويسر للمسلمين على يدك كل خير، ودفع عنهم كل ضير.
نعم نريدك أن تجرد لنا قضايا الطليان المذكورة عن آخرها في تقييد وتوجيه لحضرتنا العالية بالله.
وأما ما ذكرته من أنك لا تتخلق بأخلاقهم
…
إلخ، فإنا لا نظن بك إلا الخير والتخلق بأخلاق الشريعة والسنة النبوية، والسعى في صلاح الدين قلبا وقالبا وحتى إن رددنا عليك في شئ فإنما هو بحسب ما يظهر لنا، ومرادنا بذلك التوسعة عليك والتلقين، وإلا فليس من رأى كمن سمع.
فكن تراجع وتكرر المراجعة، فإن تكرارها منتج للمصلحة والخير، وأما كونك لا تريد أن تكون على يدك فتنة فهو كذلك بحول الله، وما ذلك على الله بعزيز.
وأما المحتسب فسنجيبك عنه بعد بما يشرح الله الصدر إليه، والله غالب على أمره والسلام في 4 ذى العقدة الحرام عام 1297".
ونص التاسع في قضايا إيطالية:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد وجهنا كاتبنا الطالب محمد الصنهاجى للغرض الذى طلبه باشادور الطليان وأمرناه بالكلام معك في بعض القضايا كقضية اليهودى الذى مات بنتيفة وزعم ولده ما زعم لدى الباشادورات هناك، حتى طلبوا عزل العامل.
وكقضية المحتسب بطنجة مع المرأة التي عمد إلى ولدها وسجنه كفافا عن والده السمسار الذى فر بمتاع الناس، وما زعمت المرأة صدوره منه مما لم يرضه الباشادور لمنصبه، حتى طلب سجنه بعد ما عزل.
وكقضية اليهودى عمار مع كاتبنا الفقيه الصفار، الذى زعم لدى الباشادور المذكور أن الصفار لما وجده بالبلغة الصفراء الشبيهة بنعال المسلمين في محل بأعتابنا الشريفة لم يعهد وصول اليهود إليه بالنعال، أمر برفعه ورميه على الأرض، وسبه وامتهانه ولتحقيق أمرهن لك وتقرير الواقع لك في التي وقعت منها هنا بجنبه، وما دار في غيرها زيادة في التوسعة والاطلاع على ما هو نظرنا والمستحسن عندنا من أوجه فصال القضايا المشار إليها الذى لا يترتب عليه هضم بجانب المخزن ولا غموز، ولا ارتكاب شئ في الدين لا يجور، فخذ بيده، فيما توجه بقصده، وبصره فيه فإن المدار في ذلك كله عليك لأنك أدرى بتلك الشعاب، ولا تخفى عليك فيها جادة الصواب، فقد أبليت فيما هو أعظم منها البلاء الحسن، وخرج أمره على وجه مستحسن.
فقف في هذه كذلك، واصرف إليها عنان ذكائك ودهائك، حتى تخرج على وجه جميل سالم مما ذكر، ويذهب عمار بخفى حنين، عاثرا في ذيل الكذب
والمين؛ والله تعالى يأخذ بيدك ويجعل عنايته من مددك، حتى تصير جميع الأمور المتعسرة، لديك متيسرة، والسلام في 25 قعدة الحرام عام 1297".
ونص العاشر في بعثة الفقهاء الموجهين لتصفح رسوم الدعاوى الإيطالية.
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: وصل كتابك بأن الطلبة الثلاثة الذين عينهم القاضى مولاى محمد رحمه الله لتصفح رسوم دعاوى الطليان وردوا لطنجة في السادس عشر من شهر تاريخه فوجهتهم للباشادور وأعلمته بورودهم، فأجابك بأنه لما كان بحضرتنا الشريفة وعد بأنه حيث يصل لطنجة يجدهم بها، وهذه شهران ونصف وهو بطنجة وأنه كان أعلم مخزنه بما وعد به من حضرتنا العلية بالله، ولا يريد المخالطة مع الطلبة الواردين حتى يرد عليه جواب مخزنه بما يكون عليه عمله، واستثنى في كلامه أنه يطلب الفصال مثل ما وقع مع الفرنسيس والنجليز، وأنك تركت الطلبة المذكورين هناك حتى تنظر بم يرد عليه الجواب.
فقد توجه كتابنا الشريف للقاضى المذكور بانتخاب الطلبة المشار إليهم، والتعجيل بتوجيههم لطنجة بقصد ذلك والباشادور المذكور بحضرتنا الشريفة في الوعد المذكور، والمدة التي يمكن وصول الباشادور فيها من حضرتنا الشريفة لطنجة، هى التي توصل الرقاص لفاس، ويتيسر فيها سفر الطلبة لطنجة، ولا تزيد وتنقص إلا بقليل.
وإذا وقع عذر للرقاص في الطريق أو للقاضى في تعيين الطلبة فذلك أمر غيبى خارج عن طوق البشر، ومقدوره، والعاقل لا يجهل هذا وتاريخ كتاب القاضى مولاى محمد في القضية حكم يقضى به نعم من أراد تعكيس الأمور فلا
يعجزه ما يدافع به ويعتذر ويقول، فعرفه بذلك ولا يعوزك ما تجيبه به زيادة على ذلك.
وأما الفصال الواقع مع من ذكر فقد قرر له وشرح شرحا كافيا رافعا للشك والإبهام وهو بحضرتنا الشريفة، ولك أيضا في جوابنا الشريف عن كتابك في قضية محمد أحم القلعى، ففيه كفاية ولا يخفاك أن الدعاوى على قسمين: معاملة رسومية ومخزنية، أما الرسومية فلا حكم فيها ولا كلام ولا فصل لا معه ولا مع غيره بسوى الحكم والفصل المجعول معه فيها بحضرتنا الشريفة، وهو إحضار المواجب وتصفحها، وتمييز الصحيح منها والقريب من الصحة، والباطل في تقييد كل نوع على حدته، وتبيين أسماء الغرماء وما على كل واحد منهم من المال في ذلك التقييد ليوم عمالهم بإلزامهم فصال ما كان صحيحا من تلك الرسوم أو قريبا من الصحة، والقبض على من امتنع منهم من الفصال وبيع متاعه وأداء ما عليه من ثمنه، وكفى بك حجة فإن ما لا يحصى من الدعاوى تفاصل على يدك بذلك، وعندك نسخ من تقاليد ما وقع به الفصل منهم فيها ونظائرها عندنا وعند الباشادورات المتكلمين عليها ومن جملتهم هذا الباشادور، وهذا وجه مفروغ منه.
وأما المخزنية فهى بحسب الوفق والتراضى والمكايسة لا مساواة فيها ولا جبر، كدعاوى القتل والنهب والحدادة التي طلب الباشادور المساواة مع الفرنصيص في فصالها أو ما علم أن الفرنصيص أبطل عددا من الدعاوى وسامح فيها هو منها من قبل الحدادة في ستين ألف ريال على أنه لم يخرج معه فيما هو منها من قبل الرسوم عن حكمها المذكور، وحتى لو فرضنا الخروج عنه فلمصلحتنا ومصلحة رعيتنا لكون همنا وشغلنا كله في النظر في مصالحها وما يعود نفعه وخيره عليها والدفاع عنها، أفيفعل هو كذلك بقبض العشرة ويؤجل في عشرة ويسامح في الستين.
على أن الذى قبضه المذكور ليس من قبل الحدادة بل من قبل الدعاوى الواقع الفصال فيها على يداكار وكذلك النجليز، مما ترتب له من الدعاوى سابقا بالشرط المذكور حسبما في النسخ من تقاييد دعاويهما الموجهة لك سابقا المشتملة على الفصل المذكور، وهذا الفصال الواقع مع الباشادور الطليانى وأعطى به خط يده قد ارتضاه غيره كالنجليز والمركان الذى طلب من جانبنا العالى بالله تكليف الطلبة المشار إليهم بتصفح رسوم دعاويهم كما يتصفحون رسوم دعاوى الطليان، وقد قدمنا لك أمرنا الشريف بتكليفهم بذلك.
والحاصل فلا تقبل منه في فصال دعاوى إلا ما وقع به الاتفاق معه بحضرتنا الشريفة وارتضاه وأعطى به خط يده، وهو ما ذكر أعلاه من تصفح الطلبة الرسوم إلخ، وإن أبى إلا غير ذلك فحز منه خط يده بإبايته وأعلمنا، والطلبة المذكورون يشرعون في تصفح رسوم المركان إذا لم يقبل الطليان ذلك وحزت منه خطه بعدم قبوله والسلام في 26 من شوال عام 1299".
ونص الحادى عشر في قضية تجارية مع الانجليز:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: وصل كتابك بأن نائب النجليز ذكر لك أن بعض تجار الوندريز لهم ديون على التاجر محمد بن عزوز الفاسى الذى كان يتجر بالوندريز تزيد على خمسة وعشرين ألف ريال، وطلب منك فصال دعواه إما أن يوجه نصف الدراهم حالا ويعطى الضامن في الباقى وإما أن يأتى لطنجة لمقابلة صاحب دعواه على مقتضى الشروط حسبما في كتابه الذى وجهت، وذكرت أنك لم تجد سبيلا إلى المدافعة عن ابن عزور لكونك لم تسمع عنه في مدة تجارته ما يكدر لا في تجارته ولا في دينه، وهو كذلك أصلحك الله ورضى عنك، وقد أحضر المذكور وأُمر بما
ذكر، فذكر أن الكنانيش المتضمنة للحسابات التي بينه وبين أولئك التجار بالصويرة وطلب التوجه لها بقصد جمعها والسفر بها من هناك لطنجة بقصد مقابلة صاحب دعواه، فسوعد وأزعج للسفر وهو على جناحه، والسلام في 24 من شوال الأبرك عام 1297".
ونص الثانى عشر في شأن تملك الأجانب الأرض والدور:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فمن جملة ما عثرنا عليه في مكاتيب باشدور النجليز لك التي وجهت أن الأجناس ما وافقوا رعاياهم على أداء الصاكة في الأبواب وغيرها إلا بشرط أن تكون لهم الدور والأرضون حسبما في الشروط، وغير خاف ما يقضى إليه الإذن لهم في شراء ما ذكر من اختلاط دورهم بدور المسلمين في المدن والمراسى وفساد الدين والملة بسبب ذلك، واتساع الخرق على الراقع، وقد كانوا يطلبون ذلك في حياة سيدنا رحمه الله فيدافع ويعالج أمر ذلك على يدك، فكن كذلك الآن، واجعل أمر معالجته ومدافعتهم عنه من أهم الأمور وآكدها أصلحك الله وسددك والسلام في 25 من شوال عام 1298".
ونص الثالث عشر فيما يتعلق بخروج الأجانب لحاجة طلبا لديونهم:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فإن البوزيادى أحد عمال حاحة أخبر مسترعيا بخروج نصرانى اسمه التاجر بروم النجليزى من السويرة قاصدا بلادهم زاعما أن له بذمم أناس من إخوانه ديونا من المال والجرصة، مع أنه لا يعلم أن له على أحد من إخوانه شيئا،
لأن ذمم أهل حاحة خربت هذه مدة وطلب كفهم عنهم كاليهود وإن كانت لهم دعوى على أحد منهم فرضا يوجهون وكيلهم على يدك برسم الدعوى واصلا ليدنا من المدعى عليه ليحضره للفصال ويقف بنفسه تبيينا للصدق من ضده، وتحريا لسلامة الفريقين.
وعليه فنأمرك لذلك، وليكن عملك عليه على أن قبيلة حاحة الآن لا يسلكها عاقل ولا يسأل أهلها سائل لأن المسغبة بلغت فيها حدها حتى حرجت صدور أهلها وضاقت البلاد عنهم وهلكت مواشيهم ونفذ قوتهم، واشتدت فاقتهم، فلا ترى بها إلا من القترة بادية على وجهه، والفقر بين عينيه فعلى الرفاق اليوم يخشى سلوكها أخرى الفرادى.
فلا بد أشع هذا الاسترعاء والعاقل يحذر على نفسه قبل حصول الداء على إن إخوان الشاكى هم أعظم جبالة حاحة، وإن كانت حاحة كلها جبالا فهى كلا شئ بالنسبة لإخوان الشاكى مع زيادة عدم جريان الأحكام فيهم على مقتضاها وكون الخاطر بها مخاطرا لإحراجهم بنفاد ما عندهم، حتى صار الاغتيال لقلوبهم مخاطرا وسبع الغلاء في وجوههم كاشرا.
والسلام في 5 قعدة الحرام عام 1299".
ونص الرابع عشر في القبض على كرتيس الإنجليزى المشار له سابقا المتعاطى للتجارة مع قبائل سوس بغير إذن:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فكرتيس النكليزى الخارج ببابور القوت بالسواحل السوسية شارعا في بيعه لفساد تلكم القبائل، وكتبنا لك في شأنه سالفا قد وقع القبض عليه الآن،
وهو ونصرانى آخر على يد ابن عمنا مولاى الكبير بن محمد بن سليمان، ووصيفنا الطالب بوعزى السريفى أحد خلائف سوس، وخديمنا القائد محمد بن الطاهر الدليمى قائد الارحى، فأمرناهم بدفعه لعامل تزنيت يوجهه لخليفة أكادير يوصله لعامل السويرة يمكنه بيد قونصوهم، بعد أخذ خط يده بتوصله به، والاسترعاء عليهم بأنهم إن عادوا لمثل ذلك فأصيبوا في أموالهم أو نفوسهم، فدركهم على رءوسهم وخسارتهم بهم خاصة ومصيبتهم عليهم قاصرة وأعلمناك لتكون على بال من ذلك فتعلم به الباشادور وتسترعى عليه بنحو ما شرح صدره، والسلام في 29 جمدى الثانية عام 1300".
ونص الخامس عشر في القبض على صاحبى المذكور وتوجيه الأقوات لسوس وإنشاء مرسى بها: "خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد أخبر خديمنا القائد أحمد بن محمد العبوبى السرغينى أن كرطيس وجه صحبة صاحبيه الحاج محمد بوشيخه الصويرى والجيلانى بن على الصويرى كتابا لقبيلة اصبويا ومستى بأن يشدوا عضده ويقفوا في كلمتهم معه ويحفظوا ما تركه بالزريبة المدورة بالحجر التي كان جعلها بمرسى اركسيس حتى يقدم عليهم بحرا، فقبض عليهما وأحصى ما بتلك الزريبة ووجه لحضرتنا الشريفة زمامه الواصلة إليك نسخة منه طيه، فأمرناه بتوجيه المسجونين المذكورين لأخينا مولاى عثمان يجعلهما بالسجن، وبحيازة ما تضمنه الزمام المذكور على وجه الكطربنض.
وأعلمناك لتكون على بال من ذلك وتعجل بما قدمناه لك من اكتراء مركب وتوجيهها لمرسى اركسيس واسقة للألف خنشة من الشعير، ومثلها من البشنة من
مرسى الجديدة ومرسى الدار البيضاء الصادر أمرنا الشريف لخدامنا الأمناء بهما بأن يشترى كل منهم نصف العدد المذكور ويوجه معه نائبه يبيعه بالمحل المذكور يدًا بيد لا بالطلق بالثمن الذى يجعلونه له على نسبة ما اشترى به وما صبر عليه، بحيث لا يربح فيه المخزن شيئا زائدا على رأس ماله الذى دفعه فيه، ولا تقع له خسارة في شئ منه كما تعجل أيضا بأمور المرسى المراد إنشاؤها هناك المتقدم لك الكتب في شأنها، وتجعل ذلك كله من أهم الأمور وآكدها، وتصرف إليه وجه الاعتناء لينقطع به التشوف لتلك المراسى، وتحصل السعة للقبائل المجاورين لها لكونهم لا زالوا في غاية الاضطرار للقوت وغيره.
وقد أمرنا خديمنا العبوبى بأن يعجل لتيسير محل صين متصل بمحل نزوله باركيس لوضع القوت المذكور فيه وجعل العسة عليه والوقوف مع نائب الأمناء المذكورين في بيعه مناجزة، وأعلمناك لتكون على بال، وأيضا فلابد أخبرنا بما كان من أمر ما اشتهرته من الاسترعاء على الذاهبين لنواحى سوس افتياتا وهل كتب في تواريخهم وظهر له أثر أم لا، لنكون على بال من الكلام فيه أو عدمه مع الدول، والسلام في 10 رمضان المعظم عام 1300".
ونص السادس عشر في إبطال دعوى قانونية اتجاره مع سوس:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: وصل كتابك بأن باشادور النجليز كان تكلم معك في شأن كرطيس زيادة على ما في كتابه الذى وجهت من أن كبانية سوس أخبرت دولتهم بأن إنزال كرطيس القوت بمرسى اركسيس كان بموافقة وصيفنا بوعزة السريفى، وأن المتوجه من حضرتنا الشريفة لتلكم النواحى عام أول لم يتعرض لكون تلك التجارة مخالفة للقانون، وقال لكرتيس فيما ضاع له هناك حيث أنزله على الوجه المذكور، وأن
الحاج حمدان والجيلانى نائبى كبانيتهم اللذين وجهتهما لسوس يقبضان ديونهما وقبض عليهما لا درك عليهما يوجب قبضهما، حيث هما عند أمر الكبانية وأنه يطلب تسريحهما فلم يقبل منه ذلك، وأجبته عنه بما شرحته، فأكد في البحث فيما تقول على المذكورين، ذاكرًا أنه إذا لم يصدر البحث فيه يتبدل نظر دولته في كون نزول كرتيس هناك خارجا عن القانون حسبما في كتابه المذكور وطلبت أمرنا به وإعلامك بما ينتجه لتجيبه به.
أما خروج كرتيس بمرسى اركسيس وإنزاله القوت بها فلم يكن بموافقة بوعزة السريفى قطعا وإنما كان بموافقة فساد قبيلة آيت بوعمران كالسباعى وأضرابه، وبنفس خروجه ووضعه القوت بها طير لنا الإعلام بذلك السريفى، فأمرناه بالاحتيال عليه وقبضه وتوجيهه للصويرة على يد عامل آكدير، ولما سمع أعيان آيت بوعمران وكبراؤهم بخروجه توجهوا لعنده وطالبوه بإذننا الشريف له فيه، فاستظهر لهم بكتاب مزور بأننا أذنا له في جلب القوت وبيعه لتلك القبائل فسكتوا عليه.
وبحثوا في ذلك الكتاب فألفوه مزورا وهموا بالفتك به، بمن معه، فخشى السريفى من درك ذلك لتأكيدنا عليه في عدم النداء في القبيلة بترك التعرض له وعدم مسه بسوء، فظنوا أن ذلك بإذننا وتأخروا عن الإيقاع به وبمن معه، وطير لنا الإعلام بذلك، فأصدرنا أمرنا الشريف له ولقبيلة آيت بوعمران بالضرب على أيدى أولئك الفساد المجتمعين عليه والقبضى عليه وتوجيهه لعامل الصويرة على يد عامل آكدير، ووجهنا من حضرتنا الشريفة الموجه المشار إليه وأمرناه بالاحتيال عليه حتى يحصله.
ولما سمع بقدومه فرّ للبابور حتى يذهب ويرجع للبر، فكان من جملة احتيال الموجه عليه حتى حصله قوله كن مظمئن البال، وهذا بعد أن قدمنا لك
الإعلام وللباشادور بخروجه ووضعه للقوت بتلك المرسى، وبما عزم عليه آيت بوعمران من الفتك به، وأمرناك بالاسترعاء على الباشادور، فوجهت لحضرتنا الشريفة نسخة من استرعائك عليه، وأخرى مما كتبت به للتاجر فلمنك ليجعله بالكازيطة بالوندريز، وذكرت أن الباشادور أجابك بأنه غير موافق على فعل كرتيس، وأشار بإلزام أولئك الناس بالإتيان به للصويرة، وفهمت من كلامه أن هذا الأمر خاص بأوامر المخزن، وأنهم لا يكونون حراسا لسواحل سوس التي هى من هذه الإيالة حتى يمنعوا نزول الكطربنض فيها.
وأن المخزن يجعل الحراس مثل ما هو في غير تلك السواحل، ومن عثر عليه هناك مشتغلا بالكطربنض أو غيره فيحار الكطربنض ويدفع المشتغل به لقونصوه، ليجرى عليه الحكم الواجب يمقتضى الشروط، ومكاتيبك بذلك مع مكاتيب الباشادور ونائبه بعدم موافقتهما على توجه كرطيس لتلك السواحل السوسية، وتكليفهما قونصوهم بالصويرة بالاسترعاء عليه تحت اليد.
والحاصل فادعاء كرتتيس موافقة السريفى له على إنزال القوت باركسيس وإشارة الموجه له بما ذكر واضح البطلان، لا يحتاج إلى بحث ولا إلى إقامة دليل وبرهان، ومراده بالادعاء بذلك ستر خرقه للشروط بالخروج للمرسى المذكورة وتعاطيه التجارة بغير إذن المخزن، والتلبيس على الكبانية، وتغطية تضييعه لمتاعها ببيعه بالطلق لأناس بلغت فيهم الفاقة والخصاصة حدها لا ترضى ذمتهم في قيراط، فإن المخزن الذى له الحكم عليهم لم يبع لهم بالطلق، وإنما باعه لهم يدا بيد.
وحتى لو فرضنا أن السريفى له في ذلك وكذلك الموجه، فإن وسق القوت للمراسى المستخدمة لا يكون إلا بإذننا الشريف لا بإذن الولاة وأحرى المراسى الغير المستخدمة التي بطرف الإيالة ومن أذن له في الإتيان لهناك قبل أن ينزل وأما
المذكوران فيهما اللذان حثا كرطيس على التوجه لسواحل سوس، وطمعاه ودلياه بغرور وتوسطا بينه وبين فساد آيت بوعمران ولاقياه معهم وتوجها معه، وكان يبيع الكطربنض على يديهما، ولم يقتصرا عليه، بل حرضا غيره من التجار وطمعاه حتى توجه لتلك السواحل ولم يحصل على طائل ومشتغلان بالخوض في أمر المعادن التي بتلكم السواحل، وهذا هو موجب القبض عليهما، والباشادور ودولته لا يوافقان على تسريحهما حيث هما على هذا الوصف.
وعلى كل حال فقد قبلنا شفاعة الباشادور -في تسريحهما على شرط ضمانته أن لا يعودا لما كانا عليه من إدخال الكطربنض والخوض في أمر المعادن والسعى في الغيار بين الدولتين، وأن لا يتوجها لتلكم الناحية وإن وقع ونزل وتوجها لها يقبض عليهما ولا يتكلّم فيهما الباشادور، والسلام في 7 ربيع الثانى عام 1301".
ونص السابع عشر في شأن سلوك قنصل البلجيك بالبيضاء:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد فقد وصلنا كتابك جوابا عما كتبنا لك به في شأن اشتغال قونص البلجيك بالدار البيضاء بإدخال الناس في الحماية، وذكرت أنك كلمت باشدوره في ذلك وتغير منه وكتب للقونص المذكور بالتوبيخ على ما صدر منه وأمره بالوقوف عند حده، وترك الخوض فيما لا ينبغى له، وذكر لك أن الأناس المذكورين ليسوا في الحماية ولا يقبلهم، وأن مخالطتهم مع الترجمان من جملة مخالطة الرعية على العادة، وصار ذلك بالبال أصلحك الله ورضى عنك والسلام في 7 جمدى الأولى عام 1296".
ونص الثامن عشر في مطالب سفير أميركا مع أجوبتها:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله.
وبعد: وصل جوابك عما كتبناه لك في شأن دعوى سرقة دار نائب الماركان بأنك استكتبت فيها الباشدورات 4 الذين سميت لدولهم لتكتب في شأنها لدولة المذكور، فكتبوا لدولهم على وفق مرادك عدا باشدور الألمان تأخر عن الكتابة لدولته للمصلحة التي تبينت، فقد أصبت في مباشرتك لذلك معهم أعانك الله، وبأنك تحققت أن صاحب الدعوى مراده الضرر لبحثه في الدعاوى التي لا بال لها المبينة بطرتة، وادعائه أن عدم تيسير ما يطلبه من ذلك كله إهانة له ولجنسه، ومن جملة ما يطلبه ما قدمت الكتب به لجانبنا العالى بالله من الإنعام على دولته بتسريح وسق الثيران كغيرها من الدول المنعم عليها بذلك، فأما ما يحاوله من المضرة فوقاية الله تقى شره، وعنايته سبحانه تكفى أمره، وأمر كل ذى سعاية في الإضرار والإذاية.
وأما دعوى المسجون الذى عند المديونى فقد كتبنا له ببيان موجب قبضه عليه، وهل تقدمت له مخالطة مع خليفته كما زعم أم لا، وعلى فرض أنها تقدمت له فهل كان قبضه عليه في حالها أو حتى افترقا ولم تبق بينهما مخالطة ليظهر ما يكون في ذلك.
وأما دعواه التي بالعرايش فبينها لنا ليقع البحث فيها، وإن ألفيت ثابتة بموجب تفصل.
وأما دعوى غنم عبد الله الشبلى فقد كتبنا لخديمينا عاملى الغرب ببيان موجب حيازتها وبردها له إن لم يكن موجب لها.
وأما عدم تيسير أخينا مولاى إسماعيل والعمال الأمور التي كتب لهم عليها فقد أصابوا في ذلك لأنهم لا إذن عندهم في مكاتبته ومباشرة الأمور لا معه ولا مع غيره، وإنما الإذن عند العمال في الكتابة لك فيما لهم من الدعاوى بإيالاتهم، وحيث خالف القانون في ذلك وهو الكتب لك بتلك الأمور لتكتب لهم أو لحضرتنا الشريفة بها وكتب لهم هو في شأنها فذاك جزاؤه.
وأما الإنعام على دولته بتسريح وسق الثيران، فقد كنا وجهنا لك ظهرا به طى جوابنا الشريف لك عن ذلك الموجه لك في مهل جمادى الأولى الفارطة على يد خدامنا أمناء مرسى الجديدة، وها نظيره يصلك طيه فادفعه له إن لم يصلك الأول، وإلا فرده إن وصلك، وبأنك غير متساهل في أمر هذا النائب لتخبرك بورود مكاتيب له من دولته تعده فيها بتوجيه ما ذكرته للوقوف على دعاويه أخذ الله بيدك، وجعل إعانته وعنايته من عددك، وبأنك تطلب من الله أن يكفى شره وشر غيره فأقول اللهم آمين آمين آمين والسلام في 3 جمدى الثانية عام 1300".
وهذه الدعاوى المبينة بطرة الظهير الأصلى:
"دعوى مسجون عند المديونى هذه نحو الأربع سنين كانت له مخالطة مع خليفة نائب المركان بالدار البيضاء. 1
ودعوى للنائب المذكور بالعرايش كتبت بفصالها مرارا وذكر الآن أنها لا زالت لم تفصل. 1
وشفاعته في عبد الله الشبلى المعروف بشوبية الملازم باب داره مدة تقرب من السنتين الذى ذكرت أن غنمه حيزت بغير سبب وكتبت في شأنه لحضرتنا الشريفة ولعمال الغرب مرارا. 1
وأمور كتب عليها لأخينا مولاى إسماعيل وللعمال فلم ييسروها له". 1/ 4
ونص التاسع عشر في إباحة وسق الثيران من المغرب لأميركا وشروطها الأربع:
"يعلم من كتابنا هذا أسمى الله قدره. وأعز أمره. وجعل في الصالحات طيه ونشره. أننا أنعمنا على دولة الماركان بتسريح وسق ستة آلاف رأس من الثيران في كل سنة لعسكرهم ومراكبهم مثل ما أنعمنا به على بعض الأجناس، على أن يؤدوا في صاكتها مثل ما يؤديه غيرهم وهو خمسة ريال لكل رأس، وعلى شرط أن يكون وسقها من مرسى طنجة، وعلى شرط أنه إن كملت السنة وبقى لهم شئ من الستة آلاف يلغون وسقه ويتركونه أصلا في السنين التي بعدها، وعلى شرط أن يسقوا ذلك لعسكرهم ومراكبهم لا لتجارهم يبيعون ويشترون فيه، فنأمر خدامنا أمناء مرسى طنجة أن يسرحوا لهم وسق ذلك على الشروط المذكورة والسلام في 4 جمادى الثانى عام 1300".
وقد كان بعض الأجناس تقدم للحضرة الشريفة بطلب هذا الوسق، فوجهت الاستشارة في ذلك لخواص الأمة من أهل فاس علمائها وتجارها ومرابطيها وغيرهم، فأجاب كل بما أداه إليه نظره حسبما أفصح عن ذلك هذا الظهير الشريف الصادر لباشا فاس جوابا عن كتابه في المسألة وهو العشرون مما سبق:
"وصفينا الأرضى الأنجح الطالب عبد الله بن أحمد وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد: فقد وصل جوابك عما أصدرناه استشارة لأهل فاس، فيما استظهرنا المساعدة عليه لبعض الأجناس.
من تطليق وسق ما طلبوه على ما قرر لكم من الشروط، التي اعتبار المصلحة فيها بقيد الاختبار منوط، شارحا ما ظهر منهم عند عرضهم عليهم من الاضطرار الدال على تخليص مناهلهم من كدر الاغترار، ومعلما بتوجيه الرسمين المضمن أحدهما لجواب كل عصبة من طوائفهم المتيامنة،
والآخر لجواب أهل الزاوية الكبرى مع الزراهنة، مع تقييد في ذلك خاص لعلماء فاس إلى آخره فأما تقييد العلماء فوصل، وبإقبال نظرنا السديد اتصل، وقد أدوا فيه الواجب تذكيرا ونصحا، وصدعوا من الحق بما شيدوا به في منهج الهداية صرحا.
وأما الرسمان فطولع بهما علمنا الشريف كذلك. واستوعب النظر فيهما بطرق الاستقراء ما هنالك. فأعربا عن مضمن المشهود عليهم بوجه يستوفيه ومزر حكم اهتمامهم بنتيجة الاستشارة فأما أهل
…
فقد أحسنوا في إشارتهم بأن يكون وسق ما أشير له من المراسى فقط، دون المدن والبوادى مع عدم التمكين من
…
. لأحد وأدوا بذلك واجب النصيحة، عن عزائم صحيحة، ولا غرابة في ذلك، إذ ليس من رأى كمن سمع، فجزاهم الله خيرا، وكذلك المرابطون والتجار مع من خص إحضاره من أهل الحومات الذين نَحَوْا نحو أهل
…
مع استظهار المرابطين نصب وكيل بالمراسى، وعدم الضرب على يده وزيادة التجار عدم التمكين من الحيوان مطلقا، واستدراك البعض منهم تحديد ما يوسق من الحب بمقدار لا يجاوز حده، وتنبيه الحاج أحمد المراكشى على تقييد التسوق في أشهر العام، بحيث يكون غير مجحف بالرعية فجزى الله الجميع خيرا. وعاملهم بمقتضى نياتهم سرا وجهرا.
وأما الشرفاء العلويون ومن بعدهم من أهل النسبة مع المقدم الرامى ومن تلاهم من الأمين المقرى، والحاج أحمد الرايس وأرباب البصر ومن نحا نحوهم في رد الأمن إلينا فيما أبدينا استظهاره والموافقة والاقتصار عليه من نتيجة استشاره، فقد أدوا في ذلك من الواجب بعضه. حيث لم يشيروا بمقتضى سبر الأمر مع مسهم نبضه.
وأما أهل زرهون. فمن قبيل هؤلاء غير أنهم معذورون. إذ لم يبلغوا مبلغهم في الذكاء. والحدق والدهاء.
على أننا ما زلنا ولا نزال بحول الله نصرف العوارض ما أمكن بنظر الرعاية والمصالح، ونذود عن الرعاية عقربها بسماك رامح، والله نسأل أن يجرينا على ما تعودناه من المعونة والإمداد، ويغنينا عن أقيستى التدبير والاستعداد، آمين.
وها جواب العلماء عما كتبوه يصلك صحبته والسلام في الثانى والعشرين من رمضان المعظم عام ثلاثة وثلاثمائة وألف".
وقد كان جواب العلماء يقضى بعدم الإسعاف والإسعاد مع تفويضهم له وتصريحهم بأنه: ليس لهم بين يديه كلام، ولا لهم مع وجود عزته جواب ولا خصام، وأين عقول سائر الرعية من عقله، وذكاؤها من ذكائه ونبله، وأمضاه منهم نحو الستة عشر منهم، وهو أولهم أبو محمد جعفر الكتانى، وأبو عبد الله حميد بنانى، والمولى عبد الهادى الصقلى، وأبو العباس ابن الخياط، وأبو عبد الله محمد ابن رشيد العراقى، والفقيه المختار بن عبد الله وغيرهم وجوابهم بخطوطهم بخزانتنا.
فلما اتصل جوابهم بصاحب الترجمة بعث لهم بالجواب عن ذلك بما نصه وهو الظهير الحادى والعشرون:
"الفقهاء الأرضين المبرزين من القضاة والعلماء بفاس، الحماة الهداة الذين للعامة من مصباح مشكاتهم اقتباس، وفر الله جمعكم، وصان من كدر الحوادث نبعكم، وشكر سعيكم، وأدام لصالح العمل هديكم، وسلام الله عليكم ورحماته، وتحياته وبركاته.
أما بعد: فقد وصل ما قيدتموه فيما استشرتم فيه من تسريح ممنوع الوسق وذكر أن الحيوان لبعض الأجناس المقررة لكم شروطه المبنية من الاختبار والاحتياط على أساس، ناهجين في ذلك منهج حكم الكتاب وصحيح الأخبار، على سبيل
[صورة]
جواب علماء فاس لمولاى الحسن في قضية الوسق
الإطلاق الذى لا يخلو فيه لقيود المصلحة اعتبار، مستظهرين كون منعهم من ذلك إن اقتضاه النظر أولى من الإسعاد، ولو أفضى لعقد مدة تنقضى لتمام حصول القوة والاستعداد، لصدور ذلك منكم عن عقائد أمسك الإيمان زمامها، وعزائم جردت بيد التوكل حسامها، فأوريتم بذلك زنادا، وناجيتم به في مسرح الضمائر مرادا.
إذ هو في الحقيقة إفصاح منكم بالواجب، وصاع بأمر الله الذى ليس للعزائم عنه حاجب، فقمتم فيه بلازم الوظيف، وتخلصتم ببثه من وعيد الكتمان المقرر بالذكر المحكم والحديث الشريف، وأديتم بذلك واجب النصيحة التي هى عنوان صدق العقيدة، وعضد الإيمان الذى به يمنح المفاز مقليده.
على أن النصيحة شرط في البيعة وفرض على كل مسلم، فكل قلب خلا من كوكبها المنير مظلم، لما أخرجه الشيخان عن جرير، قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أبايعك على الإسلام فشرط على والنصح لكل مسلم
…
إلخ. وقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الطبرانى "من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ومن لم يصبح ويمس ناصحا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منهم"، وتنبيهكم على الحمل على مراجعة الدين، والتفصى مما ينافى سنة سيد المرسلين، أتيتم فيه بحق التذكير والموعظة، وطرد سوام التوانى عن الهمم المستيقظة.
إذ التساهل في اتباع السنة رأس المهالك، وداعية النوائب التي تضيق بها المسالك، لقوله صلى الله عليه وسلم لكل عمل شرة ولكل شرة فترة، فمن كانت شرته إلى سنتى فقد اهتدى، ومن كانت شرته إلى غير ذلك فقد هلك، على أن من صلح فبهداية الله، ومن أساء فذلك في الحقيقة ابتلاء بطريق العدل من مولاه، فكلا العملين بإلهامه وتوفيقه، وكل يعمل على شاكلته وطريقه، لقوله تعالى:{فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [سورة الشمس الأية 8]. ولقوله صلى الله عليه وسلم: فيما أخرجه الطبرانى: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له، من خلقه الله لواحدة من المنزلتين وفقه لعملها".
وإننا لمزيد عنايتنا بالرعية وشفقتنا عليهم لنتحمل السهر لتنام أجفانهم، ونرضى بطول الكد لتستريح في الآجل ولدانهم، ولا نأْلوا في إرادة الخير بهم جهدا، وإقامة معالم السنة فيهم هديا ورشدا، حيث استودعنا الله إياهم، واسترعانا صغراهم وجلاهم.
وفيما أخرجه الإمام مسلم: ما من أمير يلى أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم وبنصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة. فلا نهمل في تدبيرهم نصحا ولا نهمل بحول الله ما يثمر لهم نجحا، ويمرد لهم من قوارير العزة صرحا.
وقد أخذتم في اهتمامكم بالمتعين، إحكاما لعمل وظيفكم المعتاد وأداء لما طوقتموه من شد عضد الهداية والإرشاد.
هذا ولما كانت المصلحة في هذا الوقت اقتضت ما استشرناكم فيه، وأوجبت بطريق النظر تسكين ما ينافيه، قدمناه ريثما تقترن طوالع العزم إن شاء الله في بروج سعده، ويأتى الله بالفتح من عنده، وما زلنا ولا نزال بحول الله نصرف العوارض ما أمكن بنظر الرعاية والمصالح، ونذود عن جانب الرعية عقربها بسماك رامح، والله نسأل أن يجرينا على ما تعودناه من المعونة والإمداد، ويغنينا بتدبيره عن أقيسة التدبير والارتصاد، والسلام في 22 من رمضان عام 1303".
وقد أحسن في تأييد ما فعله المترجم العلامة الحسن بن عبد الرحمن السملالى في كتابه الفتوحات الوهبية، في سيرة مولانا الحسن السنية، وأبدى في ذلك فِكْرَةَ اقتصادِىٍّ ماهر إذ يقول: فمن تأمل ما عمله أمير المسلمين من موافقته لبعض أجناس النصارى على ما طلبه منه من تسوق الحبوب، وذكر أن المباح من الحيوان ومساعدته له مدة محدودة بثلاثة أشهر في السنة على شرط الخصب بعد بذل جهده نصره الله في المدافعة خمس سنين فأكثر، ومخالفة رأى من أشار له بالمنع تأمل منصف مريد لجماعة المسلمين خيرا وجد ما عمله نصره الله أسد الآراء
وأصوبها وأنجحها وأصلح لأهل الإسلام وأنفع بكل اعتبار بل ببعض اعتبار يكون واجبا لمصلحة عامة لما فيه من جبر ما نقصه العدو من شقيق الروح الذى هو المال بالخرابات التي لا تعود على من استعملها إلا بالندامة، ولا ترجع لفائدة، والمال هو الذى تقوم به الدول ولا غنى للمملكة عنه والمسلمون لا سبب لهم يردون به ما خرج من يدهم إلا بذلك، وذلك يخلف ويعوض في كل سنة عادة عودها الله لخلقه.
فأنثى الحيوان منها ما تلد مرتين في السنة وهى النعجة والمعزة ومنها ما تلد مرة وهى البقرة.
والحبوب تخلف كل سنة إلا في المسغبة وهى قليلة، ومع قلتها لا تعم، فإذا أجدبت جهة تخصب أخرى دعوة سيّد البشر صلى الله عليه وسلم لأمته بقوله: دعوت ربى أن لا تصيب أمتى سنة عامة فأعطانيها، فالعاقل من يدفع ما يخلف ويعوض فيما لا يخلف ولا يعوض إلا من الخارج، إذ لا معادن للمسلمين ولا للعدو المجاورين لهم، وإنما يجلبون الذهب والفضة من السودان أو في البحر في المحل البعيد الموضع الذى يقال له "لفرن" وفى عدم سعى المسلمين في رد ما خرج من يدهم من المال الذى هو أعز الأشياء وأعظمها ضرر كبير على أهل الإسلام وذويه ونفع كبير لأهل الكفر
…
إلخ.
ولما أبيح لفرنسا وسق قدر من القمح إغاثة للمجاورين من أهل وهران كتب سفراء الانجليز والطليان والألمان يطلبون مثل ذلك لهم حسبما جاء في هذا الظهير المرسل لبركاش في جوابهم وهو الثانى والعشرون:
"وبعد فإن نواب الأجناس الثلاثة النجليز والطليان والألمان، كتبوا يطلبون تسريح وسق قدر من القمح لتجار رعاياهم كما سرح للفرنصيص، متمسكين بشرط التساوى في الإنعامات ذاكرين أن ما أنعم به على الفرنصيص لم يخرج على
الوجه الذى نفذناه به من إغاثة المضطرين له من إيالة وهران المجاورة وإنما تصرف فيه التجار، وبعد وصوله لوهران صرفوه لمرسيلية وربحوا فيه ربحا طائلا.
وقد أجيبوا بالمدافعة عن ذلك بما مضمنه أننا إنما سرحناه للفرنصيص للضرورة الفادحة، وإغاثة الجار المضطر، وحيث وسق في البحر لم يبق لنا عليه سبيل، وإن ذكروا أن لنا عليهم سبيلا في ذلك فليبينوه ويبينوا وجه الكلام مع الفرنصيص في ذلك ليكون معه الكلام، فإن ثبت الحق على الفرنصيص فلا كلام لهم معنا، وإن ثبت علينا فيظهر ما يكون على أن الأجناس المحبين عندنا في الإنعامات سواء، كل من حصلت له الضرورة مثل هؤلاء، واستغاث بنا نغيثه بما تيسر لنا إن كان الخير موجودًا ولا يحصل بذلك الضرر للرعية.
وزيد للنجليز في جوابه بأنا إنما أقدمنا على ذلك اعتمادا على إشارته لأننا نوافق إشارته ونستحسنها لاسيما في أمور البحر، وأعلمناك لتكون على بصيرة وتعرف كيف تدافعهم عن ذلك بالتى هى أحسن، وقد كنت شافهت حضرتنا العالية بالله بما رتبته من وجوه التفصى منهم في ذلك، فاعمل جهدك حتى تدافعهم عن طلب ذلك بما أمكن، والله يعينك وتصلك المكاتيب التي كتبوها لك في هذه القضية ووجهوها لحضرتنا العالية بالله".
وكما أباح الوسق من المغرب سوغ جلب الأقوات إليه لما اضطر أهل سوس لذلك واشتدت فاقتهم، فكتب للنائب بركاش بالكلام مع سفراء الدول في الإذن لتجارهم في جلب القوت لمرسى أكادير ووضعه بها بعد أن يؤدوا صاكته لأمناء مرسى الصويرة لكون المصلحة اقتضت أن يكون التعشير بها لا بآكدير حيث لا موازين بها ولا ديوانة للتعشير، وبأن تكون صاكة ذلك عشرة في المائة لا خمسة في المائة، لأن ذلك مخصوص بما يجلب للصويرة ويوضع فيها، ومما أصدره لبركاش في هذا الشأن وهو الثالث والعشرون مما سبق:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فإن الأجل المجعول للتجار في جلب القوت لآكدير وهو ستة أشهر حان انصرامه وفصل الدراس لازال بعيدا، وأهل القطر السوسى لازالوا مضطرين للقوت، فاقتضى نظرنا الشريف لأجل ذلك التوسعة عليهم إلى الفصل المشار إليه بزيادة ثلاثة أشهر للتجار على الأجل المذكور المجعول لهم يجلب ذلك لآكدير بالصاكة المعتادة التي يعطونها عليه، وهى عشرة في المائة، وعليه فنأمرك أن تعلم الباشادورات بذلك ليعلموا به تجارهم والسلام في متم جمادى الأولى عام 1300".
ونص الرابع والعشرين فيما كتبه للنائب المذكور مما يتعلق بإشارة بعض السفراء إلى استنهاض الهمم للحرث والزرع:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد وصلنا كتابك في شأن ما تكلم به معك باشادورات النجليز والصبنيول والفرنسيس والطليان وإشارتهم بالحض على العمال في إعانة الرعايا على الحرث واستنهاضهم لها بكل الوجوه وتسليف الزريعة لمن ضعف عنها لما بلغهم من قلة الحرث في هذه السنة في البكرى، ووصل كتاب من كتب لك منهم في ذلك وصار مضمن ذلك بالبال، فجازهم على لساننا على تنبيههم واهتمامهم بالمصالح العائدة بالخير على البلاد والعباد، ونحن بصدد ذلك إن شاء الله، وسنأمر العمال أهل الجد والفائدة بذلك ونؤكد عليهم فيه لما في ذلك من مصالحنا ومصالح رعيتنا والسلام في 2 ربيع الثانى عام 1296".
وشبيه بهذا في شفقته على رعاياه ورحمته بهم ما أصدره في شأن المكترين للأراضى المخزنية ونصه وهو الخامس والعشرون:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد اشتكى الحارثون ببلادات المخزن التي بدكالة على يد عمالهم بتضررهم من أداء جميع الكراء الواجب عليهم فيها معجلا وطلبوا التوسعة عليهم في بعضه فساعدناهم لادعائهم الضعف، وعليه فنأمرك أن تجعل معهم سددا في أدائه منجما عند كل فريضة قدر معلوم يؤدونه إلى انتهائه بحول الله والسلام في 9 صفر الخير عام 1304".
ونص السادس والعشرون فيما يتعلق برفض أصحاب السفن قبول (الورديات) بمرسى العرائش:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد تشكى خديمنا الطالب محمد بن على العرائشى بأن المراكب التي تنزل الصبورة بساحل المرسى امتنع أصحابها من قبول الورديات للحضور على ما ينزلونه ولا يخفى أن روجناهم في المحل البعيد من السعة فيه عرضة للآفات، فنأمرك أن تتكلم مع النواب بأن يلزموا خلائفهم بالعرائش بأن يقبلوا حضور الورديات على ما يطرحونه بذلك المحل ليبعدوا من التغرير بأنفسهم ومن فتح باب الكطربنض والسلام في 11 صفر عام 1294".
ونص السابع والعشرين في إبطال ما يسمى (الكرنتينة) أى الحجر الصحى وقد صدر هذا الظهير حاد اللهجة:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد عددنا لك الكتب في إبطال ما بلغنا من أمر الكرنطيلة التي أحدثتموها هناك على يد النصارى، ثم إنه لم يظهر منك أثر للتنفيذ حتى رجع المخازنية الذين كنا وجهناهم مع المال فأخبروا أنهم حصروا عن الدخول للمدينة وأقاموا هناك مدة، وحيزت منهم مكاتبنا الشريفة وتصرف فيها النصارى بالشق والتبخير وغير ذلك، ورجعوا من هناك من غير دخول.
وما كنا نظن أن يبلغ بك مساعدة النصارى هذا المبلغ حتى تمكنهم من التحكم علينا في بلادنا والتصرف في مكاتيبنا، ومنع أصحابنا من تبليغ أوامرنا الشريفة، حتى أفضى بك الحال إلى تفريق الأوامر على المراسى بمساعدتهم على تحكمهم، فساعدك من استهواه ذلك وأنف منه من عنده مسكة من عقل وامتنع، ورد الأمر لعلى جنابنا فأمرناه بعدم القبول وحتى حيث ظهرت لك مساعدتهم بطنجة فما كان ينبغى لك أن تأمر به في غيرها من المراسى، وتحيلهم على استئذان جانبنا العالى بالله فإنها أقرب منا ونحن أعرف بما نقرهم عليه، وما نمنعهم منه.
وقد طالعنا ما أجبت به من الأعذار الغير المقبولة والأقوال المعلولة ولا يقبل منك عذر في ذلك ولا يلتفت فيه لما ذكرت من اضطرار الضعفاء لما يجلبونه من القوت فإن رزق المسلمين بيد الله يأتيهم من حيث كتبه الله لهم من أبوابه الواسعة، وعليه فبوصول كتابنا هذا إليك افسخ ما عقدته في ذلك من غير توقف ولا مشاورة، وقد أمرنا المخازنية الحملة بأن يدخلوا بمجرد وصولهم ولا يتوقفوا في ذلك على إذن ولا غيره والسلام في 24 شوال الأبرك عام 1295".
ونص الثامن والعشرين في شأن التدليس والتحييل الذى يقع في التعشير على الصادر والوارد من السلع:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته. .
وبعد: فقد بلغنا أنه كثر وسق العدد الكثير في مرسى العدوتين من الحنابل والزرابى والبطانيات والبلغة ونحوها لمرسى طنجة اعتمادا على ما في الشروط، من أن ما يوسق من مراسى الإيالة بعضها لبعض، لا يعطى عنه أعشار لكن كان ذلك مع القله أما الآن فتفاحش جدا، مع أن مقصود واسقيه به وهران كما كثر ورود المراكب من بر النصارى موسوقة بالأتوات لبعض المراسى، ومعها بطائق أمناء طنجة بأنها دفعت أعشارها بطنجة حتى إنه ورد لمرسى لعدوتين قريبا خمسة مراكب وأربع بابورات من بر النصارى موسوقة بالأقوات ولم يعشر فيها حتى الثلث، زاعمين أنها عشرت بطنجة.
مع أنه لا ينزل بالمرسى من المراكب وإنما ينزل أصحابها من المراكب ويصحبون بطائق الأمناء بأنها أدت هناك وفى بطاقة واحدة منها نحو الثمان عشرة مائة خنشة، مع أن ما في الشروط ما مضمنه من أنزل سلعة في مرسى وعشرها ولم يجد فيها بيعا وأراد وسقها لا يعطى عليها شيئا آخر، وكذلك إذا أراد إنزالها بمرسى أخرى لا يعطى عليها، وهؤلاء لا ينزلونها أصلا حتى قل مدخول بعض المراسى بسبب ذلك، وفيه من التلبيس والتخليط ما لا يخفى، وعليه، فنأمرك أن تتكلم مع نواب في هذه المفسدة واسع في حسم مادتها بترتيب ذلك على أن تعشر كل سلعة في المرسى التي وسقت فيها أو وضعت وينسد باب التدليس في ذلك والخيانة، واجعل ذلك من أهم أمورك حتى يرتب أحسن ترتيب والسلام في 15 محرم الحرام عام 1296".
ونص التاسع والعشرين في قضيتى اليهود ومسألة محمى:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: وصل كتابك بأن يهود دمنات أخبروا من أشاع هناك عند النواب أن عاملهم بعد ما توجه له أمرنا الشريف في شأنهم جدد عليهم ما كانوا يشتكون منه وزاد على ما كان عليه معهم.
كما شاع هناك أيضا أن يهود فاس أمروا من قبل عاملها بخلع النعال، ومن كان منهم محميا يلبس الكسوة الإفرنجية ليتميز بها.
وأشيع أيضا ثمة أن الوجدى أهين وضرب من أناس من طرف المخزن، وبعد ما قبض الفاعلون به ذلك سرحوا في الحين بإذن من جانب المخزن، وإلى الآن لم يأتك ذلك على وجه الشكاية
…
إلخ ما ذكرته وصار بالبال.
أما ما ذكرته في شأن يهود دمنات فلم يبلغنا من غير الذين منهم هنا المتقدم لك الإعلام بأنهم بعد ما حازروا الظهير برفع جميع ما تضرروا به من العامل الذى وجهت لك نسخة منه مع نسخ مما كتب به لعاملهم ولقاضى دمنات وأمين مستفادها في شأنهم، وعين للتوجه معهم الوصيف البشير بن بريك الحبشى، ونحن بمكناسة الزيتون تغيبوا، وكان ذلك آخر العهد بهم، ولو كان حقا ما تشكوا به من العامل ثانيا لكتب به من كلفناهما بأمرهما زيادة على العامل، وهما قاضى دمنات وأمين مستفادها وبمجرد دعوى أولئك اليهود هنا بذلك عينا من يتوجه معهم لعند عاملهم زيادة على الوجه المذكور، ولا زالوا يترددون ولم يتمحض توجههم من عدمه وإن تمحض عدمه يحاز منهم الظهير المشار إليه ويوجه به المعين لجامعتهم مع المكاتيب في القضية للعامل وغيره.
وأما يهود فاس فقد كان وقع بينهم وبين قاضى فاس الجديد شنآن على حكمه على بعضهم بالسجن حتى يتفاصل مع خصمه في حق ثبت له عليه وتسريحهم المحكوم عليه بذلك من يد أعوانه، وعلى منعه بعض المحتمين منهم من الدخول عليه بنعليه لمحل الشرع، ولما قبض باشاهم على الواقع منهم ذلك ورد أهلهم لحضرتنا الشريفة بمكناس يتكلمون عليهم، فألفوا أعيان تجارهم وأساقفتهم بحضرتنا العالية بالله فتشفعوا فيهم لجانبنا المعتز بالله فقبلنا شفاعتهم فيهم، وسرحوا بعد أن شرط عليهم التوفية بالعهود وترك ما يؤدى إلى إضرار المسلمين بهم كلبس النعال، فقبلوا ذلك وأشهد عليهم به.
فإذا به لما حللنا بفاس ظهر من بعضهم ما يخالف ذلك من لبس النعال في المحال المعظمة التي يخلعها فيها المسلمون فكلموا بأن لا يخلعها من كان منهم متزييا بزى النصارى لابسا لباسهم، ومن كان لابسا لباس اليهود فيخلعها، فامتثل من لا حماية لهم وخلعوها، وغيرهم ترددوا في ذلك حسبما قدم لك الإعلام به.
وأما ما وقع للوجدى فلا خبرة لنا به إلى أن ورد كتابك به، وقد وقع البحث فيه فتبين أن الواقع فيه هو أن وصيفا من الوصفان العساكرية منحاشا لكبير العسكر كان مارا في ازدحام الناس بالرصيف ليلة عيد الأضحى وهو راكب على بغلة محمولا عليها كبشان في شوارى، وكان محاديا له الوجدى، فعلقت كساه بقرن أحد الكبشين اللذين بالشوارى وتمزقت ووقع الهرج بينه وبين الوصيف على ذلك، فقال المارون بتلك الطريق للوصيف إن هذا الرجل صاحب الفرنصيص فسبه، وسب الفرنصيص غشمية منه فرفعه الوجدى لعامل المدينة فرباه وسجنه ثم وقعت الشفاعة فيه للعامل فسرحه فبلغ لكبير العسكر أن الوجدى لازال لم يسامحه فرده للسجن، وبقى به أياما حتى سرحه الوجدى على يده، ووصفان السوادن لا يخفاك أنهم لا يفهمون الخطاب فضلا عن أن يعرفوا الصواب، وأنهم بمنزلة العجماوات والسلام في 3 المحرم فاتح عام 1302".
ونص الثلاثين في قضية سليمان بن قدور المشاغب بالحدود وابن عمه قدر ابن حمزة:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: وصل كتابك مخبرا بأنه وصلك من شارل اكار كتاب في شأن سليمان بن قدور يخبرك فيه بأن دولته كلفته بعلاج داء المذكور، وأنه أخبرك بأنه كتب لحضرتنا العالية بالله في شأن من ذكر على وجه السر ووجه لك نسخة مما كتب به وأنه طلب منك أن تكتب لحضرتنا الشريفة إعانة له على ذلك الدواء، ووجهت كتابه لك مع النسخة المذكورة وأشرت بأنه ظهر لك أنهم حيث عينوا الدواء وطلبوا المساعدة على درء ما يتولد منه الضرر فلا بأس بذلك، لأنه إذا لم تقع مساعدة وحصل من ذلك عيب لم يبق ما يدافعون به وصرنا من ذلك على بال.
فالدواء الذى طلبه اكار هو الكتب لقدور بن حمزة وسليمان بن قدور مباشرة بأن يأتيا في الأمان ويواعدان بالبرور والإكرام ومزيد الإحسان، والكتب لهما بذلك مباشرة لا يناسب لما فيه من خروجهما عن طورهما ومن حل عرى الترهيب، والذى يظهر في علاج ذلك الداء هو أن يكتب الظهيران الشريفان للشريف المذكور بالترغيب والترهيب والوعد والوعظ والأمان ويتحمل لهما من قبلنا وبكون سليمان بن قدور يرجع لمكانته عندنا من غير زيادة ولا نقصان، بشرط الوقوف عند الشرط المشترط عليه قبل من كونه يسكن مع إخوانه بالحوز كما هم الآن به، ويترك التوجه للغرب قطع عدوتى الرباط ويشتغل بما يعينه، وأنه إذا ظهرت مخايل الغدر والهروب والتهور وانطماس البصيرة، أو تلبس بما يناقض العهد فإنه يعامل بما يناسب بعد بحول الله وقوته، حتى يكون الإتيان به مبنيا على أساس صحيح، وأن قدور بن حمزة يأتى في الأمان ويواعد بالبرور والإكرام على
نحو الشروط المذكورة، غير أن سليمان بن قدور لا عهد له ولا ميثاق، ولا عقل له سفيه طائش، ومجيئه على يد الشريف المذكور قبل هو من جملة الأسباب المانعة من القبض عليه زيادة على ما كان يخشى توقعه من تمرد أقاربه وتشيطنهم بالصحراء، فإذا ورد بهذا الاعتناء وهذه الأبهة يزداد في حمقه وطيشه أكثر من المرة الأولى التي كنا معه فيها كمربى الطفل الأبله.
وربما يتركنا حتى نكون عنه في شغل ويعلم الاستغراق فيه كهذه الحركة التي فر فيها، ويتحين خروج ضال من إخوانه هنالك لكونهم كالدجاجيل لا ينقطعون من تلكم الصحارى ويفر لكونه يتلون ويتقلب وينقض عهده في كل مرة وتكون له هذه ثالثة ثلاثة: الأولى في حياة سيدنا رحمه الله والثانية والثالثة في مدتنا والمؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين.
وكل من سمع بأن ذلك السفيه يفعل ذلك مع جنابنا العالى بالله يظن بالجانب بحسب الظاهر الغفلة وعدم التيقظ وغير ذلك مما لا يناسب، مع أنه لو اطلع على باطن الأمر من كونه يؤتى به في الذمة والأمان والوساطة بالشفاعات ونحو ذلك مما يقضى بغض الطرف عنه مع تركه لحثالته أوباش قرابته للشيطنة بالصحراء ينظرون من يسمعون عنه، لم يظن ذلك الظن السيئ ويعرف الأمر بحقيقته.
والدولة إذا صدر منه شئ في هذه المرة الثالثة لا تعذر ويكون لها الحق علينا لكونها صبرت وقابلت بما يناسبها فهى مجازاة بما يجازى به أمثالها العظام فنحتاج إلى أن نسلك في إتيانه سبيلا لا تنبنى عليه تلك المفاسد، ولاسيما وقد عرف حاله وغدره.
وقد بلغنا أنه أراد أن يتشيطن في الحدادة، فكتبنا لأولئك القبائل وبصرناهم في أمره، وأعلمناهم بأنه هرب من حضرتنا العالية بالله ولم يتوجه عن إذن كما
[صورة]
ظهير للحاج عبد الله حصار في استيفاء الجزية من يهود الدار البيضاء
يموه ويقول لهم، وعرفناهم بأنه فتان وبأن من تبعه تلحقه الدعوى وترهقه البلوى، وواعدناهم مع ذلك على تحصيله بالدراهيم الكثيرة.
ولما بلغه ذلك وتحقق به انتقل إلى هذه الإيالة وأكثر المكاتبة مع البعض من قبائلها ويطمعهم بالكيل، فطفق كل من كتب له كتابا يوجهه لحضرتنا العالية بالله، ومضمن تلك المكاتب لا يصدر إلا من أحمق فتان.
فكتبنا لهم فيه بما يتعين حتى صاروا منه على بال، ولما ضاق عنه الفضاء، بلغنا أنه يريد التعلق بمن يأتى به لحضرتنا العالية بالله في الأمان فغضضنا عنه الطرف قصدا حتى يذعن، ويكون بحيث إذا أتى يأتى تائبا مذعنا مطأطئ الرأس ملتزما الجلوس عند حده والاشتغال بما يعنيه، فإذا بك كتبت في شأنه بما كتب به اكار.
وعليه فإن كان الشريف المذكور يأتى به على الشروط المذكورة فتحمل به، وبما يكون له من البرور وكذا لابن عمه المرابط الطالب قدور بن حمزة على الشروط المذكورة التي فيها صلاح الدولتين، وكان قيدًا لازما في مجيئهما حسبما بعضه مذكور في مكاتبهم في شأنه، ولا يريان بحول الله منا حينئذ إلا ما يسرهما.
والظهيران المشار إليهما يصلانك طى هذا مفتوحين لتطالعهما وتدفعهما لاكار يدفعهما للشريف المذكور لقضاء الغرض بهما على يد اكار وما ذكره في كتابه من أنه يتكلف لمن يأتى به من عند الدولة، فهم مجارون عليه بالخير غير أن مثل من ذكر لا يحتاج له إلى ذلك، ويكفى فيه نحو خمسمائة ريال والسلام 15 قعدة عام 1298".
ونص الحادى والثلاثين فيما أصدره في جزية اليهود:
"خديمنا الأرضى الحاج عبد الله حصار، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد:
فنأمرك أن تستوفى من يهود أهل الدار البيضاء جزية هذه السنة المباركة فقد حل أجل قبضها منهم، وما قبضته ادفعه لأمين المستفادات هناك على العادة والسلام 15 جمادى الثانية عام 1294".
ونص الثانى والثلاثين فيما أصدره في شأن قبض الزكاة:
"خديمنا الأرضى الحاج محمد بن سعيد السلاوى، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد: فإن الزكاة ركن من أركان الدين، أمر بها سبحانه عباده في كتابه الذى شرع فيه الشرائع وصانه وزكاه فقال تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وأوعد مانعها بعذابه الأليم. فقال في كتابه الحكيم: {
…
وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34)} [التوبة: 34]. وقال صلى الله عليه وسلم: بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. الحديث. وقال صلى الله عليه وسلم: "تأتى الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها تطأه بأخفافها وتأتى الغنم على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقا تطأه بأظلافها وتنضحه بقرونها".
وقال سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه: لو منعونى عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلهم على منعها.
وعليه فنأمرك أن تستوفى من إيالتك ما أوجب الله عليهم من الزكاة التي هى معلومة بالضرورة من الدين وجاحدها لم يدخل في ربقة الإسلام وشعار
[صورة]
ظهير مولاى الحسن للحاج محمد بن سعيد
المسلمين، وأن تقوم على ساق الجد في حملهم على أدائها فورا، وأن لا تقبل من أحد في التعجيل عذرا، لأنها من حقوق الله التي تجب إليها المبادرة بقدر الإمكان، ولا سيما هى من أعظم دعائم الإسلام وأجل الأركان والسلام في 20 شوال الأبرك عام 1304".