المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تجدد في جناب هذه الزيادة، وقد صادفت الدولة فيها من - إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس - جـ ٢

[ابن زيدان السجلماسي]

فهرس الكتاب

- ‌87 - إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل

- ‌88 - إدريس المعروف بإدريس الأنور والأزهر والتاج والمثنى

- ‌89 - إدريس بن السلطان العادل المولى سليمان بن السلطان

- ‌90 - إدريس بن العلامة السيد التهامى أجانا

- ‌91 - إدريس بن الطيب بن محمد بن حم بن إدريس

- ‌92 - إدريس بن الطيب بن اليمانى بن أحمد بو عشرين

- ‌93 - إدريس بن أحمد بن التهامى مسامح

- ‌94 - إدريس بن أحمد الخطابى الزرهونى

- ‌95 - إدريس بن أحمد بن محمد البخارى المدعو البرنوصى المكناسى النشأة والدار والأقبار

- ‌96 - إدريس بن المكى البخارى

- ‌97 - إدريس بن الحاج حفيد برادة الفاسى

- ‌98 - إدريس بن القائد محمد بن أحمد الفيضى الأصل المكناسى الدار والأقبار

- ‌99 - إدريس بن شيخ الجماعة القراء في وقته الأستاذ البركة السيد اليزيد

- ‌100 - إدريس الوزير بن محمد بن إدريس العمراوى بن محمد بن إدريس ابن محمد بن إدريس

- ‌101 - إدريس بن الحاج بوعزة الميسورى

- ‌102 - إدريس الأمرانى بن عبد السلام بن محمد فتحا بن عبد الله

- ‌103 - الأمين: العطار دفين جبل زرهون

- ‌104 - إسماعيل: أبو النصر بن الشريف بن على الينبوعى السجلماسى الحسنى السلطان

- ‌ مدينة المهدية

- ‌ مدينة العرايش:

- ‌ مدينة طَنجة

- ‌105 - أيويس:

- ‌(حرف الباء)

- ‌106 - بوسلهام بن على بن المؤذن الخلطى البوجنونى الأصل المكناسى

- ‌107 - بو عزة بن العربى بن بوعزة المدعو الفشار، السفيانى الأصل، المكناسى النشأة والدار والقرار والإقبار

- ‌108 - بلقاسم بصرى وهو ابن محمد بن بلقاسم بن محمد الطيب

- ‌109 - بو بكر المراكشى الأصل

- ‌(حرف التاء)

- ‌110 - التهامى بن عبد العزيز المرى

- ‌111 - التهامى الغياثى

- ‌112 - التهامى أبو الفتح بن المرابط البركة السيد حمادى بن عبد الواحد المطيرى الحمادى المكناسى

- ‌113 - التهامى: ابن المهدى المزوار المكناسى النشأة والدار

- ‌114 - التهامى بن الطيب أمغار المكناسى الأصل والإقبار

- ‌115 - التهامى أجانا المكناسى الأصل والدار

- ‌116 - التهامى البورى نسبا الدرعى منشأ

- ‌117 - التهامى بن عبد القادر المركشى المدعو بابن الحداد المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌(حرف الجيم)

- ‌118 - الجيلانى بن الهاشمى بن محمد بن الجيلانى بن محمد -فتحا

- ‌119 - الجيلانى بن حم البخارى المكناسى النشأة والدار

- ‌120 - الجيلانى المدعو القصعة البخارى المكناسى

- ‌121 - الجيلانى بن عزوز الرحالى من ذرية الشيخ أبى محمد رحال الكوش دفين زمران

- ‌122 - الجيلانى بن الباشا حَمُّ بن الجيلانى البخارى المكناسى الأصل والنشأة، والدار والإقبار

- ‌حرف الحاء

- ‌123 - الحسن السلطان أبو على بن السلطان سيدى محمد بن السلطان مولاى عبد الرحمن بن السلطان

- ‌الكلام على بقية علائقه السياسية

- ‌مع فرنسا

- ‌مع إسبانيا

- ‌مع إيطاليا

- ‌مع إنجلترا:

- ‌مع ألمانيا:

- ‌مع الدولة العثمانية:

- ‌مع البرتقال

- ‌مع أميريكا:

- ‌مع البلجيك

- ‌مع البابا

- ‌مؤتمر مدريد ووفقه

- ‌ضربه السكة الحسنية

- ‌اهتمامه بالمعادن وخوضه فيها

- ‌سعيه لإدخال الفنون العصرية للمملكة المغربية وإرساله وفود الطلبة للديار الأوربية

- ‌قيامه بصيانة حصون الثغور المغربية وجلب ما تحتاج إليه من المقومات الحربية واستخدام المتخرجين في الهندسة من البعثة المغربية

- ‌استعداده البحرى

- ‌ضبط أوقاته وتقسيم أيامه وترتيب نظام مملكته وذكر رجال دولته

- ‌كيفية ترتيب الملاقاة

- ‌كيفية تعمير المشور

- ‌الهيئة الرسمية وما تتألف منه

- ‌قواد الجيش العامل

- ‌قواد الحناطى البرانيين

- ‌قواد الحناطى الداخليين

- ‌ركوب السلطان للألعاب الرياضية على الخيل بنفسه

- ‌اللباس الرسمى

- ‌كيفية إجراء الأحكام المخزنية بدار المخزن

- ‌كيفية ورود سفراء الدول على السلطان

- ‌كيفيه دخول ممثلى الدول من السفر

- ‌كيفية تقديم هديته للسلطان

- ‌زيارة السلطان للأولياء

- ‌حركة السلطان من بلد إلى أخرى

- ‌كيفية نصب الافراك ومراكز المستخدمين والجيوش

- ‌كيفية خروج السلطان يوم السفر

- ‌كيفية نهوض السلطان من المحلة

- ‌كيفية مسير السلطان في السفر

- ‌كيفية دخول السلطان للمحلة

- ‌خروجه للأحكام في السفر

- ‌كيفية تموين المحلة

- ‌كيفية تفريق المؤنة اليومية على المحلة

- ‌كيفية وصول الجناب السلطانى إلى المحل المقصود

- ‌العادة في الولائم السلطانية

- ‌كيفية العقيقة

- ‌نزهة شعبانة

- ‌العادة في الجنائز

- ‌مشيخته:

- ‌بناءاته:

- ‌ما خلفه من الأولاد رحمه الله

- ‌الشريفات من نسائه

- ‌الحرائر منهن

- ‌المطلقات منهن

- ‌وفاته:

الفصل: تجدد في جناب هذه الزيادة، وقد صادفت الدولة فيها من

تجدد في جناب هذه الزيادة، وقد صادفت الدولة فيها من الصواب حسن الإفادة، وذلك دليل على حسن السيرة والسياسة وأنك سلكت من طريق التدبير ما شهدت به الفراسة.

ولا شك أن الرئيس في الدولة بمنزلة المصباح وروح القوم هو سلطانهم، ولا تتحرك الجسوم إلا بالأرواح، ومعلوم أنه لا يقوم في كل أمر إلا من هو أعرف به وأنسب، وتقدمه أحسن فيه وأصوب، ولا يخفى أن الرياسة شجرة تبقى ناعمة ما دامت في محلها، ومرتبة عظيمة توصف بحسب صفات أهلها.

وبسبب هذا الفرح تتجدد زيادة المحبة والاتصال، ودوام الخير بغير انفصال، لأن التهنئة بين الدول حقوقها مؤكدة، وتقتضى بين أهل المجاورة مزيد المراعاة المجددة، ودمتم مخصوصين بمزيد الاعتبار رافلين في حلل الأفراح والتهانى في الإيراد والإصدار وختم في 10 جمدى الأولى عام 1303".

‌مع إسبانيا

وفى شهر ربيع النبوى سنة 1294 وجه المترجم خديمه أبا عبد الله محمد فتحا بن خديمه عبد الله بن أحمد سفيراً لدولة الإصبان مع أفر (د لمقابلة الملك لما نزل بسبتة، فقوبلوا من الأمير والمأمور بكل تجلة وإكرام حسبما وقفت على بسط ذلك وشرحه في كتاب وجهه السفير لوالده ودونك لفظه:

"الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما، سيدنا ووالدنا العلامة الأجل، الباشا الرئيس الأفضل، سيدى الحاج عبد الله بن أحمد رعاك الله، وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: فقد قدمنا لسيادتك أننا ركبنا البحر بقصد التوجه لسبتة يوم الاثنين الثالث من شهر التاريخ، وقد نالنا حين الركوب من أنواع المشقة والامتحان ما

ص: 390

يكفر الله به الأوزار لعظم البحر ذلك اليوم مما فيه من تراكم الأمواج والهيجان، ومن كون ذلك المحل محل اجتماع البحرين الصغير والكبير، وقد أدركنا ركوبا في البحر خمس ساعات.

ولما دخلنا مرصة سبتة صحبة باشادور إصبانيا وترجمانه، وجدنا حاكمها متلقيا لنا بشاطئ البحر، وقابلنا بغاية الفرح بعد ما وجه لنا نائبه للبابور مقابلا أيضا بالترحيب نيابة عنه، ومنه نزلنا من البحر ووطئنا الأرض ونحن ذاهبون، وأعيان البلد معنا والعساكر مصطفة، والموسيقى نجدها في كل محل نصل إليه، زيادة على ما خرج من المدفع حتى وصلنا لدار الحاكم التي بها نزولنا، فأطلعنا لأماكن فاخرة عديدة مزينة بأنواع الفرش الرفيعة، وبديع الأثاث الفخيمة، وجلس معنا الحاكم، وصار أعيان البلد والعساكر يسلمون علينا كل واحد على انفراده منفردا، وقابلناهم بما يناسب، وأتانا بالأطعمة والأشربة المختلفة الألوان، ولا يمر ربع ساعة إلا ويقول لترجمانه قل له: إن قدومه علينا لا يوازيه شئ، وإن الفرح والسرور الذى حصل لنا بقدومه لا يكيف ونحن نقابله بما يناسب المقام.

وبتنا تلك الليلة فلما أصبح يوم الثلاثاء الرابع من شهرنا قدم سلطانهم يعنى ظهرت من البعد مراكبه، وحصل المرصة في الساعة العاشرة ونصف، وبقى في البحر إلى الساعة الواحدة بعد الزوال لأن الوقت الذى وصل فيه كانت وقت أكله، وما وسعه النزول في ذلك الوقت.

وفى الوقت المذكور دخل المدينة وذهب يتطوف بأماكن البلد ويزور مواضع زيارتهم ووقف على حدود بلادهم، ورجع في الساعة الرابعة ونصف، ودخل المحل فأخذ يلبس ثياب زينته وأمر بعد هذا بملاقتنا معه، وكانت ملاقتنا معه بالمحل الذى نحن نازلون به لأنه به نزل هو أيضا لكبره، وكان الفاصل بيننا وبينه، ولقينا

ص: 391

بكمال الترحب والفرح والسرور، وقد قابلته بما يناسب مقامه، وأمليت عليه وأملى على ما نشافهك به بحول الله.

وقد أخرت الشرح للاختصار، ولكون الطرس لا يسعه وللتلذذ به عند ملاقاتك، ولما أردنا الملاقاة جاء عندنا الشريف سيدى الحاج عبد السلام ولد سيدى الحاج العربى الوزانى وتأدب معنا وأعطى لمقام المخزنية ما يناسبها لتلاقيه مع سلطان إصبانية، لأنه كان قدم لسبتة تبلنا بقصد الملاقاة معه، فمنعه باشادور إصبانية، وحاكم سبتة وقالا له: الصواب الذى يلائم السنن المخزنى هو أن تذهب عند باشادور سلطان الحضرة الشريفة، وهو الذى يلاقيك بالسلطان، ويعرفك به، فحينئذ أذعن وأتى، وحيث وقعت الملاقاة طلبت الإذن من سلطان إصبانيا بتعريفه بمن كان واقفا معنا، فأذن فعرفته أولا بالشريف سيدى عبد السلام من كونه رجلا خيرا عندنا، وأن دارهم عندنا دار ولاية وصلاح، وثانيا بالطلبة، وثالثا بقائدى المائة، وهما القائد الجيلانى، والقائد الحنفى بعد أن أمرته بجعله عمامة، ورحب بالجميع وسأل عن القائدين هل هما قائدا الخيل أو الرجلى؟ فأجبته بأنهما قائدا الخيل.

وقد كنت قدمت لك أن العدد الذاهب معنا لسبتة أحد عشر، ثم انتخبنا من العدد المذكور القائدين المذكورين والطالبين وأربع خدمة: بلال، والسيد محمد بن عبد الحفيظ، ورروق، وصالح الجزار، الكل بإشارة السيد محمد بركاش.

ولما فض مجلس الملاقاة ذهب سلطان إسبانية لمحل مأكولاتهم ومشروباتهم وقت المغرب، فأرسل علينا لنكل معه فذهبت ومعى الشريف المذكور والطالبان، ولما فرغنا من الأكل خرج وطاف بأماكن عسكره بسبتة، بعد ذلك ركب البحر بين العشاءين على نية ذهابه لقالص ليكون به صبيحة يوم الأربعاء فإذا بالأقدار لم تساعد بأن هاج عليه البحر هيجانا ما تقدمت لنا رؤيته، وبات على ظهره بالمرصة،

ص: 392

ولا زال به إلى الآن وحتى الآن كمّا كنا على نية الرجوع لطنجة بحرًا في اليوم المذكور، فإذا به رأينا ما رأينا، وتأنّينا فإذا بالأمواج قد تراكمت وتكاثرت، وأخبر من له خبرة بمعرفة البحر وبفصول هيجانه أن هذا الشهر هو مارس لا يزيده إلا عتوًّا، وقد تحيرنا وانقطعت حيلنا ولم يبق إلا أن أقول ما قلته لك لما كنت معك برباط الفتح وطلبت منك التوجه لصلة الرحم مع والدتى وغلقت على جميع الأبواب وما أجبت إلا بقولى: هذه رحلة ألهمنا المولى سبحانه ونظرتك الفعالة لأن نوجه على قائد المحادة فأرسلنا عليه وجاء وطلبنا منه أن ينظر لنا بهائم توصلنا لتطوان إن أصبح البحر على حاله يوم الخميس، فقال: إن له فرسين إن أردتهما فعلى الرأس والعين وليس له سواهما، ونحن مفتقرون لنحو العشرة، فتحيرنا أيضا ولم نجد سبيلا إلى الركوب في البحر ولا إلى الذهاب في البر، فقلت ما قاله الإمام الشاذلى: انقطعت آمالنا وعزتك إلا منك، وخاب رجاؤنا وحقك إلا فيك وأنشدت البيتين: إن أبطلت غارة الأرحام

إلخ.

فيسر الله بأن خرج القائد المذكور، وتلاقى مع بعض أحبائه، بأن أشاروا عليه بكراء بهائم، فاكترى لنا العدد الذى يخصنا من سبتة إلى تطوان، وهو عشرة بريالين لكل بهيمة والكل بالبرادع.

ومن علامات الإذن التيسير بلغ الشريف سيدى عبد السلام الوزانى الخبر باننا ما وجدنا إلا البهائم ذوات البرادع وهو ذاهب معنا منحنى ببغلته وركب هو على فرس، وكتبنا للقائد السيد أحمد الخضر بأن يهيئ لنا البهائم التي توصلنا إلى طنجة، وحليناه بما يناسب أن يحلى به من كونه محل الوالد، وأنه لولا محبته فينا واعتناؤه بجانبنا ما كتبنا له، وها نحن على نية الخروج من سبتة يوم الخميس قاصدين المبيت بتطوان في الساعة العاشرة، ومن تطوان إلى طنجة وهو يوم الجمعة بحول الله، وفى رفقتنا الباشادور، ويوم السبت يكون خروجنا من طنجة إن شاء

ص: 393

الله قاصدين حضرتكم، وإن وقع نخبركم، ومروره يكون على طريق العرايش على الساحل وموجب مسيرنا بهذه الطريق هو ما بالطريق الأخرى من كثرة الوحل الذى لا نستطيعه.

ولا تسأل عما حل بنا بسبب مفارقتكم والغيبة عنكم، سيما لما حللنا بسبتة لعدم المجانس والموافق في الدين، نسأل الله سبحانه أن يكمل رجاءنا بالاجتماع بسيادتكم عما قريب. إنه سميع مجيب.

ومن تتمة فرح حاكم سبتة بنا هو أنه كل ليلة يأتى ومعه رؤساء العسكر وأعيان المدينة من التجار وغيرهم ورهيبهم وموسيقاتهم ومن يعرف ضرب السنتير يقال له بلغتهم ابيانو نساء ورجالا، ويشتغلون بأنواع الطرب إلى وقت النوم، ونطلب من سيادتك صالح الدعاء والسلام في 5 ربيع الأنور عام 1294.

ومنه فإن محل ما قدر لك من أن الإياب يكون برا إذا بقى البحر على ما هو عليه من الهيجان وإلا فإن ركض البحر وسكن فإن الرجوع يكون فيه بحول الله محمد بن عبد الله لطف الله به".

وفى السنة 1294 وجه السيد عبد السلام بن محمد السويسى عامل الرباط سفيرا لأسبانيا ردا لزيارة باشادورها الموفد على الحضرة السلطانية.

ثم بعث بعد هذا لدولة الإصبان أيضا بالحاج عبد الكريم بريشة سفيرا في مسائل سوس حسبما جاء في هذا الكتاب الوزيرى شكرا على ما لقى من الحفاوة والاعتناء:

"المحب الذكى الألمعى النبيه الكبير دلبيكة دأرمخوا وزير الأمور الخارجية بالدولة الصبليونية الفخيمة بعد مزيد السؤال. ومحبة أن تكونوا بخير في جميع الأحوال. فقد ورد على حضرة سيدنا العالية بالله خديم سيدنا الأرضى الأنجد

ص: 394

السيد الحاج عبد الكريم بريشة وأنهى للجناب الشريف ما قابله به الحبيب الأفحم سلطانكم المعظم الفخيم من الاعتناء والبرور في الورود والصدور ومقابلتك له أنت بمثل ذلك ووقوفك معه وقوف الأحباء النصحاء الأصدقاء وبالغ في الثناء عليك بالجميل، وقد سرت الحضرة الشريفة بذلك واستدلت به على محبتكم للدولة الشريفة وسعيكم في الخير لها ووقوفكم في أغراضها المولوية وأثنى عليك مولانا نصره الله بالجميل وبالغ في مجازاتك بالخير فكان ذلك سببا وداعيا لمراسلتك ثم حمل الخديم المذكور ما يشافهك به وهاهو يرد عليك بقصد ذلك وختم في 20 شعبان المبارك عام 1299".

وما جاء في الكتاب السلطانى لنائب طنجة ونصه بعد الحمدلة والصلاة والطابع:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله، وبعد وصل كتابك بأن خديمنا الأمين الحاج عبد الكريم بريشة كتب لك في مدريد بما في كتابه الذى وجهت ثم ورد خليفة باشدور إسبانيا من ذلك المحل وأخبرك بأن الخديم المذكور بخير وأنه عن قريب يرد فقد ورد بحر المخيم محلتنا السعيدة بمرسى ماسا وشافه بما فعله في الغرض وبين له ما يكون فيه وتوجه من المرسى المذكورة لمباشرته في الثامن عشر من شعبان الفارط والساحل السوسى وكوشطته أوقف على عينهما إيقاف تحقق وتدقيق وسترد عليك صورة ذلك صحبة بعض من حققوه ووقفوا بالفعل على عينه وحينئذ يقع الفصل بالفعل في ذلك والله المستعان والسلام في 8 من رمضان عام 1299".

ثم بعد هذا وجه لها في القضايا نفسها سفارة أخرى تشتمل على القائد بوشتى بن البغدادى والكاتب مولاى أحمد البلغيثى والحاج محمد بركاش ولد

ص: 395

النائب ووالد باشا الرباط الحالى ونص كتاب بعثه في ذلك للنائب بعد الحمدلة والصلاة والطابع:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله وبعد وصل جوابك عن توجيه كاتبنا مولاى أحمد البلغيثى وخديمنا القائد بوشتى بن البغدادى لدولة اسبانيا. بأن الباشادور أشار بالرجوع لسوس والبحث في سواحله من أكادير إلى الطرفايا لران وجد محل موافق للشرط وحصلت الموافقة عليه يقيد بخطوط الأيدى والنظر فيه للدولتين وإن وقع الخلاف يقيد ويضع كل واحد خط يده بما تحقق عنده والنظر فيه للدولتين أيضا. وذكرت أن إشارته بذلك موافقة لما تضمنه الشرط الثامن أنه لابد من اتفاق وكلاء الجانبين على المحل. وأنه كتب بذلك كله لدولته ووجه لها نسخة من الكتاب الوارد عليه من حضرتنا العالية بالله ونسخة كتابنا الشريف لسلطانهم الموجهة له وحين يرد له جوابها يظهر هل لابد من توجيه المذكورين لها أو حتى يتوجه المعينون جميعا لسوس ويقع الخلاف بينهم على عين المحل، وأن اكودير الرجيلة وإن كان محققا بالقرائن أنه هو محلهم، فلابد من وقوف المعينين من الجانبين عليه ومشاهدتهم لتلك القرائن، وإن حصلت الموافقة عليه يقيدونها بخطوط أيديهم جميعا، ويرد النظر في ذلك للدولتين.

وإن وقع خلاف فيه أو عين الصبنيوليون غيره يضع كل فريق خط يده بما ثبت عنده ويرد النظر للدولتين أيضا مع صور ذلك كله، وصار ذلك بالبال.

فأما ما أشار به الباشدور من الرجوع لسوس والبحث فهو الأولى والمتعين والمطابق للشرط المذكور، وبه 1 أمرنا المعينين من قبلنا قبل توجههم من هنا وبعده 2 ووجهنا لهم ظهيرا لعمال القبائل المجاورين لتلك السواحل بتنفيذ الظهر والمئونة لهم وحراستهم والأخذ بأيديهم وكتبنا 3 لهم بذلك أيضا في أواخر رجب ووجهنا

ص: 396

لك نسخة من كتابنا لهم به وأجبناك به أيضا عن كتابك المؤرخ بالثانى عشر من شعبان المتضمن لطلب الدولة المساعدة عليه 4 وبأننا جددنا الكتابة به للمعينين ولما بلغنا توجه المذكورين لطنجة بقصد التوجه لأصبانيا جددنا لك الكتب به في أواخر شعبان، وحيث كتب به الباشدور لدولته فإن رجعت إليه ينفذ وإن أذنت للمشار إليهما في التوجه لعندها يتوجهان. وأما ما ذكرته في شأن اكودير الرجيلة فهو المراد والسلام في 4 من رمضان عام 1300".

ونص آخر:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله.

وبعد: وصل جوابك بأنك وجهت على ولدك الحاج محمد أصلحه الله لتوجهه مع كتابنا مولاى أحمد البلغيثى وخديمنا الفائد بوشتى بن البغدادى لمدريد، وتكلفه بما أمرنا به أن تعين توجيه المذكورين له وذكرت أن وزير الأمور البرانية لا محالة يعلم الباشدور بالكتاب الموجه له مع من ذكر المشار بكتمه عنه، وأن إخفاءه عنه مع ما هو عليه من المحبة والوقوف في القضية يؤثر فيه وظهر لك أن لا بأس بإعلامه به، وبأنه نسخة مما ورد له لكونه أولى من إعلام الغير، وصار بالبال.

فأما ما ذكرته من توجيه ولدك مع المذكورين للمحل المذكور إن تعين توجيههما له فالعمل عليه، وأما ما أشرت إليه من عدم إخفاء الكتب للوزير المذكور عن الباشدور فقد كان عليه عمل بريشة حتى كان منه في شأن الباشدور ادوارد ما كان من نقله ولذلك أمرناك بكتمه عن هذا احترازًا من مثل ذلك.

والحاصل فقد رددنا لك النظر في ذلك فما اقتضته المصلحة فيه من كتمه عنه أو إعلامه به امض عليه والسلام في 5 رمضان عام 1300".

ص: 397

وإليك نصوص بعض الوثائق الراجعة لمسائل مراسى سوس تتميما لما أسلفناه في الكلام على حركات المترجم، أولها بعد الحمدلة والصلاة والطابع الكريم بداخله.

الحسن بن محمد الله وليه ومولاه:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد وصلنا كتابك بأنك بعد ما كتبت لنا بما كتبت به دولة الصبنيول لباشا دورها في شأن الهرج الواقع بجزر كنارية لأجل مكينسى النجليزى أخبرك الباشدور أنه وردت له مكاتيب أُخر من دولته بأن الأمر قد ضاق في ذلك، وأنه تعين التعجيل بفتح مرسى هنالك قبل عموم الضرر لتلك النواحى، بحيث إذا لم نعجل بذلك فإنه يحصل الضرر الفادح لمرسى الصويرة وللمغرب كله، ونكلم معك بذلك كلاما مجملا من غير تفصيل، وأنك بعد ذلك كنت تتكلم مع خليفة الفرانصيص فأخبرك أن عندهم المكاتيب من دولتهم بالتكلم في أمر سوس ذاكرين أنه لا يمكن لجنس أن يستغل تلك النواحى بدون أعشار وهم يؤدون الأعشار في المراسى، ففهمت من كلامه أن فرانصة تكلمت مع إسبانيا في ذلك، ولأجله أجمل الباشدور في كلامه ولم يفصل، وأنك تخبرت على وجه السر بكتاب توجه للفرانصيص من فرقة آيت باعمران يطلبون التجارة منه معهم، كما تخبرت بأن ابن هاشم كتب له بالمخاطبة في شأن المخالطة فلم يساعد على ذلك إلى آخر ما ذكرته، وصار منا على بال.

فأما فتح المرسى هناك فيحتاج إلى تأويل وأمور مهمة لكون أولئك الناس ليسوا على ما ينبغى، وانظر قضية النصرانى النبريال المقتول هنالك مع ما يصدر لمن ينزل بوادى نون من إسبانيا من الأسر حتى نفديهم منهم بالمال، وعلى كل حال أما الصبنيول في هذا المعنى فقد أجبناك عنه في غير هذا، وأما الفرنصيص فبصره

ص: 398

وأعلمه بأنا لم نسكت للنجليز على مكينسى بل لا زال الكلام معهم في ذلك وقد تكلمنا مع باشادورهم حيث كان بحضرتنا العالية بالله في شأن من ذكر والمحل الذى نزل به فادعى أن ذلك المحل خارج عن إِيالتنا، فلم نقبل منه ذلك ورددناه عليه بما كنا وجهنا لك نسخة منه ومن جملته الاسترعاء على نزول المذكور هناك بغير إذننا، وتعرفه مع قبائل إيالتنا افتياتا وجعل الدرك عليه في كل ما ينشأ عن نزوله بناحية مراكش من الضرر والخسارات لا في الرعية ولا في الديوانات ولا في غير ذلك، لمخالفته للشروط والقوانين وفى كل ما يقع له ولمن معه لا في أبدانهم ولا في أمتعتهم لنزولهم هناك من غير إذن ولا درك فيه لا على المخزن ولا على قبائل تلك الناحية.

والتأكيد عليه في الكلام مع دولته في غلق أبواب المضرة التي فتحها مكينسى بإنهاضه من تلك الناحية ونحن على نية توجيه من يتكلم مع دولتهم حيث يجيب الباشادور إن لم يحصل على طائل، وأعلمه أيضا بأنا نسوس الرعية هناك بقصد تأليفهم للمفاوضة معهم في أمر تلك المرسى، ولا زال المخازنية غائبين عندهم وصبره بأن لا يحدث أمرًا هناك، ولا يتكلم في أمر سوس حتى نكون هناك بالحوز لكونه قريبا من سوس، وحينئذ يكون كلامه معنا في ذلك لا مع الرعية، وهذا إذا بقى مكينس هنالك، وإلا فمئونة كفيت وأنت أيضا أشر علينا بما يظهر لك في توجيه باشادور لدولة النجليز بقصد الكلام في ذلك وبما يظهر لك في أمر قبائل سوس جهاراً علانية بطرد مكينسى، واجعل هذا الأمر من أهم الأمور عندك، وكن عند الظن بك ولابد واستعن بالله ثم ببعضهم من هناك على هذا الغرض.

وإن ذكروا لك آكدير فأعلمهم بأن آكدير دشرة على حجرة ملتفة بالغابة وسط قبيلة اذاوتنان، وهم جبالة لا تنالهم الأحكام ولا يحصل لهم به الغرض، لأن حكمه حكم الصويرة والمقصود عندهم أن يكون المحل وسط سوس كآيت

ص: 399

باعمران أو اكلو وأما افنى فهو الباب الذى يقبض فيه المستفاد وهو طرفا الجبل والبحر وكل مرة يتجاسرون فيه على الأمناء، ويكثر الرد لهم معه ويثبتون لهم المنقاد وأظن أن صورة آكدير لا تخفاهم من الكارطة، وحتى إن أردت تحقيق ذلك بتوجيه صورته نوجه مهندسا لهناك حتى يخطه ومحله علوا من الجبل والمساحة بينه وبين البحر ومن هو دائر به جوارا من القبائل ألى غير ذلك وتوجه لك والسلام في 22 رمضان عام 1297".

الثانى وجه للنائب بركاش صحبة المهندس:

"وبعد فحيث كنا بالقطر السوسى أمرنا المهندسين بالتوجه من آكدير إلى أسك مع سواحل القطر المذكور، وتقييد ما فيها من البناء القديم والحادث العربى منه والعجمى، فرجعوا وذكروا أنهم لم يجدوا بناء قديما منسوبا للنصارى عدا محل لا بناء فيه أصلا فوق وادى أصك بينه وبين البحر خمس دقائق يسمى برج الرومى، وآخر فوق برج الرومى المشار إليه ساعة وربع، وبين البحر نصف ساعة يسمى سوس الرومى، فيه طلل بناء عفا بعض أثر تحويطه وبقى بعضه مع بعض أثر برج وأتوا بصورة الجميع، وها هى تصلك صحبة أحد ممن باشر ذلك بنفسه وعاينه زيادة في البيان فعرف الباشدور بذلك وأطلعه على الصورة المذكورة، وإذا سلم ذلك فأعلمنا وكذلك إن لم يسلمه ليوجه من يجدد البحث عن المحل المقصود عندهم مما وراء أصك الى رأس جوبى إن لم يسلم الباشادور ذلك والسلام في 4 ذى القعدة عام 1299".

الثالث بعد الحمدلة والصلاة والطابع الكريم:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله وسلام عليكم ورحمة الله.

ص: 400

وبعد: وصل جوابك بأنك أجبت باشادور إسبانيا كتابة بما في النسخة التي وجهت من أن جانبنا العالى بالله موجود للوفاء بالشرط الثامن من شروط المهادنة وفق أمرنا الشريف، وتذاكرت معه فيما أمرناك به من أن تأنيهم وتربصهم في توجيه المهندسين من الجانبين حتى يرد المهندسون الآخرون الموجهون من حضرتنا الشريفة لتحقيق محل مسامت لجزر كنارية أخبرته من له خبرة بتلك الناحية، وذكر أنه هو سانط كروز بكينية، فأخبرك بأن الوقت ضاق ولم يبق الكرطيل عندهم إلا نحو أربعة أيام، وأن طلب التأنى والتربص في توجيه المهندسين غير محتاج إليه، ولا ينبغى ذكره كتابه حيث كان مذكوراً في الشروط.

مع أنه ريثما يوجه جوابك المذكور لدولته ويرد له الجواب عنه وتكتب لحضرتنا الشريفة يكون أولئك الموجهون لتحقيق المحل المذكور وردوا لحضرتنا الشريفة، وصار ذلك بالبال والسلام في 8 ربيع الأول عام 1300".

الرابع بعد الحمدلة والصلاة والطابع:

"خديمنا الأرضى، الطالب محمد بركاش، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله

وبعد: وصل كتابك وبطيه كتاب باشادور إسبانيا لك، وعلمنا ما تضمنه من طلبه تحديد المحل المعين لهم لصيادة الحوت عوضا عن السانط كروز، وأن يكون الموجهون لذلك من طرف المخزن كالخديم بن البغدادى، وذكرت أنك استأنيته في ذلك فتعلل بما شرحته وصار ذلك بالبال، فالأولى هو تأخير ذلك إلى أن نكون بالحوز بحول الله لكونه الآن متعذرا بما هو واقع بين قبائل تلك الناحية من الفتنة والهرج، حتى إنهم هجموا على عمالهم وأكلوا دورهم.

ص: 401

وعليه فعرف الباشادور بذلك وتلطف في مباشرة أمر تأخير ذلك معه إلى الوقت المشار إليه، ولابد وان أبى إلا اقتحام مشقة تنفيذ ذلك الآن ولم يقبل عذرا فيه، فأعلمنا لينفذ ويؤمر الخديم بوشتا بن البغدادى وبعض المهندسين بالتوجه مع المعينين من قبلهم لتحديد المحل المعين لهم لذلك والسلام في 14 قعدة عام 1301".

ثم وجه صاحب الترجمة سفارة أخرى لإسبانيا يرأسها القائد عبد الحميد الرحمانى، ومعه الفقيه الكاتب السيد العباس الفاسى، والحاج العربى بريشة وإليك ما راج في هذه السفارة لمدريد في عشرى حجة الحرام متم عام 1308 من مطالب المغرب وأجوبة إسبانيا عنها ومن مطالب دولة الإصبان وأجوبة الحضرة الشريفة عنها:

المطلب الأول -تأخير قدوم الكبلير رلاندى لمراكشة بقصد استيطانها.

أجابت عنه الدولة المذكورة بأنها مساعدة على زيادة ثمان سنين في الأجل المضروب لذلك زيادة على السبع سنين المنصرمة بعد تمام الأجل المزيد على يد السويسى رحمه الله، إلا أن إمضاء ذلك مقيد بثلاثة شروط:

الشرط الأول: عدم مساعدة أحد من الأجناس على مثل ذلك أصلا وإلا فلهم طلب المساواة.

الشرط الثانى: تعجيل فصال دعاويكم بموجب الحق على مقتضى الشروط والتفويض للنائب السيد الحاج محمد الطريس في حسم مادتها، وإصدار الأمر الشريف للعمال بأن يكونوا ينفذون ما يكتب لهم به من ذلك وشبهه، وذكرتم أن النائب المذكور لو كان مفوضا له لما احتاج أحد من نواب الأجناس للحضرة الشريفة ولا إلى الذهاب إليها في شأن الدعاوى.

ص: 402

الشرط الثالث: تنبيه عمال المدن والبوادى التي لا قوانص لكم بها على أن يكونوا يفاصلون كل دعوى رفعها لهم أحد من رعية الصبنيول وذوى حمايتهم على وجه الحق، بحيث لا يحتاج إلى رفع الدعوى لنائبهم، ليتكلم هو فيها حينئذ بل العامل ينصف ويفاصل من أول الأمر.

أجابت الحضرة الشريفة عن الشرط الأول الذى هو عدم مساعدة أحد من الأجناس

إلخ، بأن العقلاء أمثالكم لا يخفى عليهم أن طلب الشئ يحق إذا توفر فيه أمران، أحدهما أن يكون صدر لأجل علة يسلمها ويقتضيها نظر الصلاح، والثانى أن يكون الحاصل بالطلب مصلحة جارية على حسن النظام ليس فيها ضرر على جانب الطالب ولا على جانب المطلوب، فإذا كان الطلب مبنيا على هذين الأمرين حسنت المساعدة عليه، لأن مصلحتها تابعة لمصلحته، وعدم مساعدة أحد من الأجناس ولو كانت غير متأنية حيث ذلك من جملة الشروط المنعقدة معهم، لكن إذا ظهر التماس العذر وقبوله من حضرته الشريفة فذاك واضح ومساواتكم له أمرها مسلم نعم أنتم أولى وأحق عند الحضرة المولوية بالله بمراعاة حق المحبة وقبول العذر وحسن الموافقة والألفة، والذى تعتقده وتستحقه منكم الحضرة الشريفة أنه لا يصدر الطلب من جانبكم إلا عن جميل لأجل جميل على وجه جميل.

وعن الشرط الثانى: وهو تعجيل فصال دعاويكم بأن فصال دعاويكم لا يقع تعطيل فيه لكونها عند الحضرة الشريفة من أهم الأمور وآكدها، نعم لا يخفى على العقلاء أمثالكم أن مطلق قضية من القضايا بين خصمين حاضرين لا يتأتى الفصل بينهما فيها إلا بعد أن يؤمر كل واحد منهما بإحضار الحجة على مقاله فيها، ويضرب له الأجل لذلك، وبعد إحضارها تصفح ويقع الحكم في القضية بما يقتضيه الحق فيها، ولو وقع الحكم فيها بينهما قبل ذلك لوقع الحيف والظلم لأحدهما، سيما إذا كانت القضية من قبل دولة عظيمة والمدعى عليه غير حاضر،

ص: 403

فلا بد من الكتب لعامل المدعى عليه بإحضاره لمقابلة الدعوى ومن البحث فيها من خارج وحيمحذ يقع الحكم عليه بما يقتضيه الحق، وإن كان له مقال مؤيد بحجة مسلمة فذاك وهذا هو موجب عدم التعجيل في فصل بعض الدعاوى.

كما أجابت أعزها الله عن التفويض للطريس بأنه مفوض له في فصل الدعاوى التي لا يحتاج فيها إلى مراجعة الدولة، وبأن الأمر صدر بذلك للعمال قبل وممد بهم الآن تأكيدا وجدد تجديدًا، نعم بعض النواب الذى بينه وبينهم تفاقم يمتنع من الكتب لهم ويكتب للحضرة الشريفة في جميع أموره، ودليل ذلك كون هذا البعض يكتب لها بتوجيه سفيره للحضرة الشريفة، إذ كان بصدده ونحو ذلك من الأمور التي لا يحتاج فيها النائب المذكور إلى تفويض.

وعن الشرط الثالث الذى هو تنبيه عمال المدن والبوادى التي لا قوانص لكم بها على أن يكونوا يفاصلون الدعاوى التي يرفعها لهم من ذكر بأنها أصدرت لهم الأمر بذلك.

المطلب الثانى -طلب الأذن لحرابة الصبنيوليين الذين بالحضرة الشريفة في التوجه لحالهم للاستغناء عنهم لتعلم العسكر ما فيه كفاية.

أجابت عنه الدولة المحبة بأنها تساعد على ذلك بمجرد سفر غيرهم من الحرابة الذين هم بالحضرة المولوية من أجناس آخرين.

وأجابت الحضرة الشريفة بأن مساعدتها على ذلك من دلائل محبتها وصداقتها وسعيها في الخير لهذه الإيالة وذلك هو الظن بها والمعروف منها وبأنها تطلب من وزير الأمور البرانية الكبير فلان أن يجارى الدولة المحبة على ذلك على لسانها بأتم الجزاء.

المطلب الثالث -إلزام حاكم مليلية التخلى عما زاده في حدادتهم من أرض بنى شيكر وإبقاء الحدود على أصلها.

ص: 404

[صورة]

شروط الحدود المليلية

ص: 405

أجابت عنه الدولة المحبة بأن علامات الحدود القديمة لازالت موضوعة في أماكنها المعلومة المعينة لها بموافقة الجانبين لم يحدث فيها تبديل ولا تغيير، وتطلب من الحضرة الشريفة إصدار الأمر العالى بالله للمعينين للوقوف على تمييز الحدادة بوضع خطوط أيديهم على الرسم المتضمن بيانها حالا لأنهم تعللوا من عدم الإذن الشريف لهم في وضع خطوط أيديهم عليه.

وكما تطلب كف قبائل الريف عن الدخول متسلحين للحدادة حذرا من الفتنة وإخراج المسلمين في الأرض المحرمة بالحدادة، حيث يمكن ذلك لوقوع الاتفاق على عدم سكنى أحد فيها من الجانبين كما بالشروط.

أجابت الحضرة الشريفة بأن يضعوا خطوط أيديهم على رسم الحدادة، كما أصدرته لعمال قبائل الريف بكف إخوانهم عن الدخول للحدادة متسلحين، وبأن يخرجوا المسلمين الساكنين بالأرض المحرمة بالحدادة وقت إمكان، وتأتى ذلك لهم.

كما أجابت أيدها الله عما أشارت به الدولة المحبة فيما تنحسم به مادة أهل الدين الجديد من النجليز من أن الشروط تعطى السكنى لسائر الأجناس بأى بلد شاء، وما لم يحدثوا في القوانين شيئًا وهو أعظم ضررًا من الإحداث في القوانين، ومن أن لمولانا دام علاه تعريف باشادورهم بذلك ليأمرهم بالخروج من أرضنا وإلا فإن دهمتهم مصيبة فدركهم على أنفسهم ولا حجة لكبرائهم في الكلام عليهم لتقدم الاسترعاء بأنها مجزية بخير على الإشارة بذلك الدالة على محبتها وصداقتها، وبأنها أمرت بالكلام مع باشادورهم بذلك".

كما عقد مع إسبانيا اتفاقا على حدود مليلة المشار لها في مسائل السفارة الرحمانية وهذا نص ذلك من أصله العربى بعد الحمدلة:

"هذه شروط الحدادة الدائرة بمليلية الواقعة بتاريخ 15 رمضان عام 1308

ص: 406

على يد المكلفين من قبل الحضرة الشريفة أعزها الله، ومن قبل دولة الصبنيول الفخيمة الواضعين أسماءهم أسفله ليقع رسم الحدادة التي رسموا في 26 ينيه سنة 1862 الموافق 28 حجة سنة 1278:

فحضرة سلطان مراكش وحضرة سلطانة أسبانيا كلفوا المفوضين وهم من جانب حضرة سلطان مراكش القائد العربى بن حميد الشركى، والقائد حمان السعيدى، ومن جانب حضرة الكتولك الجنرال البر كادرضون خوسى ميرليس كنساليس، والكماندنط دلخينروس دون اليحيوسوسى اى فرناندس دلاماسة، والكبطان داسطاد ومايوردون، وخوان ببكاسر كنالس.

ولما أظهر بعضهم لبعض أمر التفويض وقع بينهما الفصال على وفق ما بالفصول التي سنذكرها:

فعلى جهة الشمال من عرصة محمد اقدور اشرقى بواد فرخانة، لأن في تلك المحل طاحت كورة المدفع الذى خرجوه من برج ببطرية الكبير على فصال الثانى من شروط 24 غشت 1859 موافق 24 محرم بالحدادة مقسومة على جهتين، الجهة الأولى لقنت، الثانية بجهة النورط.

وعدد المواضع ما بين السور وامليلية مطروس 2900 فالمضروب المذكور من قدور له درج من جهة الشرق مع إبرة البوصلة راسمة السنة درج 1705 بين النرط والغرب، لئلا يقع الخلاف في هذه الخدمة بالتفويض من الجانبين تفاطلوا برشم المواضع كل مضرب بالنمر، والذى له من شاطئ البحر جناب إلى جهة النرط وعلى ذلك حدود الأرض السبنيولية هكذا، فمن عرصة قدور اشرقى وهو النمر الاثنا عشر له من دج 55/ 22 وعدده مع برج بيطورية الكبير إلى جهة الشرق عند سيدى ورياش وعدده مطروس 460 الموضع الإحدى عشر له من درج 12/ 280

ص: 407

وعدده مطروس 280 بينه وبين المضرب العشرة الذى هو عن شمال واد سيدى ورياش وهكذا إلى البحر كما ذكرها

المضرب العاشر عن شمال واد سيدى ورياش له من درج 88/ 288 وعدده مطروس 280

المضرب التاسع بوادى سيدى اورياش له من درج 30/ 13 وعدده مطروس 446

المضرب الثامن من طريق مزوجة وفرخانة له من درج 245 وعدده من مطروس 480

المضرب السابع في أرض حد كهولة من درج 245 وعدده من مطروس 480

المضرب السادس في كدية طاسدية برشاون له من درج 33/ 193 وعدده من مطروس 285

المضرب الخامس عن قريب عرصة لحسن له من درج 2/ 19 وعدده من مطروس 763

المضرب الرابع بواد سيدى محمد له من درج 40/ 275 وعدده من مطروس 880

المضرب الثالث بكدية خربت اكديش له من درج 40/ 112 وعدده من مطروس 1100

المضرب الثانى بكدية أولاد العرب له من درج 81/ 176 وعدده في مطروس 960

ص: 408

المضرب الأول في رمل شاطئى البحر مقابل برج صبط باوبرة. ومن مضرب الثانى عشر بعرصة قدور اشرقى الحدادة مع برج ليطورية الكبير لهما من درج 05/ 77 وعدده من مطروس 600 بينه وبين:

المضرب الثالث عشر بكدية بن عمر اروياش له من درج 6/ 188 وعدده من مطروس 886

المضرب الرابع عشر بالواد الغارق له من درج 15/ 191 وعدده من مطروس 950

المضرب الخامس عشر بكدية الصباب له من درج 10/ 196 وعدده من مطروس 760

المضرب السادس عشر بكدية روسطز وغردله من درج 45/ 164 وعدده من مطروس 700

المضرب السابع عشر من جرف البحر فوق المرسى الحمرة إلى الحجر الأحمر. انتهت الحدود المذكورة في 15 رمضان عام 1308

خديم المقام العالى بالله العربى بن حميدة الشرقى وفقه الله، خديم المقام العالى بالله محمد بن العربى السعيدى وفقه الله"

ثم يلى ذلك الإمضاءات مندوبى أسبانيا ثم الختم بطابع اسبانى.

وإليك نصوص بعض الوثائق فيما كان يجرى من الكلام والمذاكرات على حدود مليلية ونص الأول بعد الحمدلة والصلاة والطابع الكريم:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله.

ص: 409

وبعد: فقد أجبناك في غير هذا عن مطلبى باشدور اصبنيول بما تظهره له من التلطف والمدافعة بالتى هى أحسن، وأنت اعمل جهدك في ذلك وكن عند الظن بك في مدافعته وتأخيره عنهما بكل ما أمكنك، إذ لا يخفاك ما ينشأ عن ذلك من الهرج والفتنة وتشويش قلوب المسلمين

وإن ظهر لك شئ يكون فيه إعانة لك على المدافعة والتأخر فأعلمنا به لنرى فيه، ثم إذا لم يمكن دفاع وقطعت منهم الخير بالكلية وأيست من رجوعهم عن ذلك فأجبه عن أبراج حدود مليلية بأن البلاد سلمت لهم على حدودها وما أخرناهم عن البناء فيها إلا رغبة في طول الهناء للجانبين، وتوقيا مما يجلب موجبات الشنآن بين الدولتين المحبتين، وإلا فالأرض المسلمة لهم يفعلون فيها ما شاءوا، ودرك ما ينشأ عن ذلك محسوب عليهم وحال قبائل الريف معروف عندهم، وعدم استقامتهم وامتثالهم مشهور في جميع الآفاق، وهو يرى كيف دافعوهم عن عمل الجير والآجر والقرمود بإزاء حصنهم كما زعم في دعواه، فكيف بالبناء.

وما علينا إلا أن نأمرهم بالتخلى لهم عن بلادهم وتخليتهم وما يريدون فيها ونكفهم عن الشر ما أمكننا، وأما المحل الذى قرب وادى نون فقد بحثنا الجوار عنه ومن له خبرة بذلك واعتناء وولوع بالأخبار والتواريخ، فأخبرنا على وجه التحقيق أن المحل المذكور قريب من الصحراء الغير الممكن فيها الأحكام، ويسمى بالعجمية صانطكروز لبكنيا وهو الذى كان بيد الصبنيول قبل هذه لمدة بنحو المائتين سنة يصطادون فيه السمك والأمر فيها سهل إن لم يصدر لهم من أهله حرج، فنتأمل في ذلك ونسلمه لهم على شروطه ومنهم إليه بحيث لا تكون علينا عهدة ولا درك فيما يلحقهم من الجيران ومن أعانهم من المتطوعين غير المخزن، وعلى كل حال فقد عرضنا عليك نظرنا في هذا لتنظر فيه وتتأمله ولا تبدى منه إلا ما ظهر لك

ص: 410

مصلحته بعد التثبت ومراجعتنا فيه والله يعينك ويرشدك ويسددك والسلام في 4 ذى القعدة عام 1293"

ونص الثانى:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله.

وبعد: فقد بلغنا أن الحاكم الذى كان بمليلية عام أول ونقل منها أعيد للولاية بها، وجعل يوجه لجوارها من قلعية بقصد الدخول في الحماية، وطلب منهم بناء بيوت خارج البلد لغرض لها وجعلها محلا لبيع مشروباتهم بينها وبين البلد قدر رمى الرامى بالبندقية وجعل يبنى خارج البلد وينقل لها المدافع والبارود الكثير ويخرق القوانين ويقبل من يريد الركوب في البحر من غير تسريح عامله، والمعهود عدم قبول أحد إلا بالتسريح، إذ ربما يكون مريد الركوب تعلقت به حقوق من قتل أو نهب أو سرقة وعامله أدرى بأفعاله وقد وجه هذا الحاكم على عامل أولاد ستوت بقصد الكلام معه في سوق الحلفاء من هناكم فنأمرك أن تتكئ مع نائب دولته بإلزامه الوقوف عند الشروط والقوانين الجارية، ولا يحدث أمراً ليس بمعهود هناكم والسلام في شعبان الأبرك عام 1298".

ونص الثالث:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله.

وبعد: وصل كتابك بأن باشدور اسبانيا أعاد الشكاية بما قدمت الإعلام به لحضرتنا الشريفة، من إضرار أهل الريف بأهل بادس والنكرر ومليلية، وذكر أن السبب في ذلك هو خديمنا القائد زيان الورياغلى حسبما في كتابه الذى وجهت،

ص: 411

وذكرت أنه يطلب قائدا على تلك النواحى مع ما يكفيه من الجيش، وأنك خشيت أن يصدر من أهل الريف مع جوارهم ما يكدر الخواطر حيث العامل المذكور هو الساعى في الإفساد، وطلب الدواء النافع لذلك وصار ذلك بالبال.

فأما إضرار أهل الريف بأهل المحال المذكورة لم نرضه، وقد تكدر الخاطر عليهم من أجله فإنا لا نوافق على ما فيه خرق وضرر لمطلق الناس، وأحرى لهذه الدولة المحبة غير أنه لما وجد الحال أهل تلكم النواحى رفعوا لنا شكايتهم بجوارهم أهل الحصون المذكورة قبل أن توجه شكايتهم المتضمنة لسرقة حمار وربطة من الجلد ليهودى من مليلية وضرب العسة بالبارود التي جعلها حاكم مليلية على المسلمين الذين يختفون ليسرقوا اليهود الحاملين للبضائع من مليلية.

بحثنا من وجدهم الحال بحضرتنا الشريفة من هداية الريف عن ذلك، فأجابوا بأن حاكم مليلية جاد في التحزب برعاع مزوجة وبنى شيكر الذين لا يسعون في خير بين المسلمين والنصارى، وأراد أن يدفع لهم بلاد الحدود يحرثونها بالمنفعة وإسكانهم بالدور التي أدخلت في الحدود الصبنيولية، وأن أرباب تلك الدور لما سمعوا بذلك أصابتهم الغيرة وإن رأوهم يتصرفون فيها لا محالة تقع الفتنة بينهم وبينهم، وهذا زائد على ما تشكو به قبل من كونه يبنى الحصون والأبراج بالحدادة ويستميل فساد القبيلة إليه حسبما قدمناه لك، وأن بقيوة وبنى يطفت مشتغلون بإخراج البقر للنصارى من النكور وبادس.

وحيث منعهم العامل المذكور من ذلك ولم يساعدهم عليه رماه حاكم مليلية بما ذكر، والدليل على براءته منه طلبه من الأمين الطالب محمد بن أحمد العسرى أن يتكلم مع حاكم مليلية بكف حاكم جزيرة النكر عن المخالفة مع رعاع الناس وأجلافهم، لا سيما الرجل منهم المسمى بعبد الله المشتغل بالخوض وإيقاد نار الفتن

ص: 412

بالبلاد وإنزال النصارى للمحال التي لا أمان فيها حسبما تراه في كتابه وكتاب الأمين المذكور طيه.

إذ لو كان يسعى في الفساد كما ذكر حاكم مليلية لما طلب شيئًا من ذلك كما أجابوا عن الأقوات بأنها لا تقطع لهناكم ومن وجدوه يتعاطى ذلك يضربون على يده، وعن العسة بأن تلكم القبائل يفرضونها على اعظامهم كل عظم يأتى بما ينوبه منها ويمكث بها أياما هناكم، ثم ينصرف ويخلفه آخر، وعلى هذا عملهم فيها، وأن النصارى ضربوهم بثلاث كورات وبمائة وثمانين بندفة.

وحيث كان الأمر كما ذكر تعين علينا توجيه ثقتين من جانبنا العالى بالله يحققان ذلك وهما: خديمانا العربى بن الحسن الشركى، والج أحمد بن أحمد بن التهامى البقالى التطوانى للبحث في ذلك والشهادة بما يتلقونه من أهل تلكم النواحى من خبر ما ذكر.

وكذلك بما يرونه ولا نكره إن تكلم الباشدور يأذن لكبير مليلية والنكور وبادوس في الملاقاة مع الموجهين المذكورين بقصد المشافهة والتحاقق فيما عندهم من ذلك والمفاوضة فيما يحسم مادة الشنآن بين الجانبين، ويديم الهدنة والسكينة بينهما، وقد أذنا لهم فيها إن توافقوا معهم عليها لما في الإذن لهم فيها بعد جوابك لنا من التطويل، وأمرنا عمال بنى ورياغل القائد زيان والج حدوا والج على بالقدوم على حضرتنا الشريفة صحبة الموجهين المشار إليهما، ليكون الكلام معهم في ذلك بحول الله.

وأما ما طلبه الباشدور من توجيه قائد لتلك الناحية مع ما يكفيه من الجيش، فقد أصدرنا أمرنا الشريف لخديمنا الج محمد الفرجانى آغا عسكر العرايش بأن يتوجه لجنادة بجميع عسكر الثغر المذكور وينزل بها مقدمة حتى ننظر في ذلك والسلام في 14 من ذى الحجة الحرام عام 1298".

ص: 413

ونص الرابع:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله.

وبعد: وصل كتابك بأن باشادور إسبانيا كتب لك بما في كتابه الذى وجهت من أن حاكم مليلية كتب له بأن عامل بنى بو كافر امتنع من رد مسجون له فر من مليلية وبرح في الأسواق بأن كل من دفع مسجونا هاربا من هناك يقتل وتؤخذ أمتعته، وكذلك من لم يقتل النصارى الذين يتجاورون الحدادة، فأجبته عن ذلك بما في النسخة التي وجهت ووعدته بالكتابة لناحية الريف بالسؤال عن ذلك، وإطلاع علمنا الشريف بالواقع وكتبت لأحد أمناء مليلية بما في النسخة التي وجهت وطلبت إصدار أمرنا الشريف للعامل المذكور برد المسجون الهارب على مقتضى الشروط وإبطال التبريح المشار إليه وصار ذلك بالبال.

وقد أحسنت فيما فعلته في ذلك كله، وأصبت في صرف وجه الاعتناء لعلاج ذلك الداء، سددك الله. نعم، كان بلغنا ذلك قبل وأصدرنا أمرنا الشريف للعامل المذكور بما ذكر ولغيره من خدامنا عمال قلعية وأمنائهم بالبحث عن النصرانى المذكور، ودفعه لحاكمه على يد الأمناء، ووجهنا من يقف حتى يدفع له.

ومن جملة من أمر بذلك من العمال المذكورين: وصيفنا الطالب عبد الله بن أحمد فأجاب بما تقف عليه في كتابه طيه من تكليفه بعض المرابطين الخمليشيين المسموعين الكلمة بتلك الناحية بالبحث عنه ورده لحاكمه على يد الأمناء المشار إليهم.

وأما نداء العامل المذكور فقد بلغنا أن سببه ترامى الحاكم المذكور على إخوانه وقبضه عليهم في النصرانى الذى فر له ومن جملة من قبض عليهم أخوه، وأنه وقع من القبيلة لامن العامل لكون الأنفة من فعل الحاكم المذكور ذلك بإخوانهم

ص: 414

حملتهم على النداء بذلك، وها نحن آخذون في البحث ثم إن صح أن العامل هو الذى أمر بذلك يؤدب بحول الله لأنه لم يرتكب هينا، وهذا مصداق ما أجبت به باشادورهم من أن أصل ذلك من حاكم مليلية لارتكابه الأمور التي ينشأ عنها الشنآن كتوجه الفساد من أهل الريف لإسبانيا، وقبولهم في مليلية وتعرضه على أهل الجرائم، ووعده لأهل الريف بالحرث داخل حدادتهم وغير ذلك من الأمور المفضية للهرج والمشاحنة تولى الله أمرنا وكفانا بحوله وقوته والسلام في 2 محرم عام 1300".

هذا وإن لصاحب الترجمة علائق ومراسلات مع إسبانيا غير ما تقدم، وقد تداولت بينه وبين ملوكها الرسائل الودية ككتاب الفنس الثانى عشر إليه معلما باقترانه بالأميرة النمسوية مارى كريستين زوجه الثانية، وجواب الحضرة الشريفة عن ذلك بالتهنئة مع إيفاد سفارة للقيام بذلك نيابة عن جلالتها.

ولما ولدت المذكورة بنتًا بعث كتابًا ثانيا منبئا بذلك فأجابته الجلالة الحسنية بالتهنئة والاستبشار بذلك. ولما تزوجت أخته الأميرة "مرياد لبس" بابن عمها الأمير "لويس فرندود بيرة" أرسل كتابا معلنا بذلك مجدداً فيه المودة المتواصلة، فأجابه المترجم على ذلك بما ينبغى أن يجاب به.

ومن ذلك إهداء الملك المذكور للحضرة الشريفة علامة الافتخار وإرساله "إدوارد رمية يانكوس" سفيرا وواسطة بين الدولتين وجواب المترجم له عن كل من العلامة والسفارة بحول الأولى محل القبول والكرام، ومقابلة الثانية بما ينبغى من المبرة والاعتناء والمسرة.

ومن ذلك كتاب المترجم للملك المذكور بالشكر له ولدولته، وأعيان رجاله وأمته، على ما صدر منهم في مال الصلح من الصبر والمجاملة واستيفائه على وجه التقاضى وحسن المعاملة، وختمهم ذلك بأحسن ختام، بالإذن في نهوض أمنائهم

ص: 415

من المراسى قبل استيفاء الواجب من بعضها على التمام. وأن ذلك حقق للحضرة الشريفة ما كانت تسمعه عن المحبة وكمال الاتصال بين أسلافها الكرام، مثل سيدى محمد بن عبد الله وغيره.

ولما مات الملك الفنس الثانى عشر المذكور بعث بالتعزية فيه للحكومة الإسبانية وكتب لزوجه الملكة مارى بالتعزية فيه والتهنئة بتبوئها مكانه، لأنها عينت وصية على العرش بعده ونص ذلك بعد البسملة والحوقلة والاستفتاح والطابع:

"إلى المحبة المعظمة، المحترمة المفخمة. سلطانة دولة إسبانيا الفخيمة السلطانة دنى مرية كريسطينة.

أما بعد حمدِ الله الذى لا يروعه الحمام المرقوب ولا يبغته الأجل المكتوب. فقد بلغ لشريف علمنا أن المحب المعظم الصاحب المحترم. سلطان إسبانيا السلطان الفنس الثانى عشر مات وانتقل من هذه الدار. إلى دار المقام والقرار. فحصل لنا من الأسف على مصابه ما الله أدرى به. لأنكم أحباؤنا وجيراننا فما يسركم يسرنا. وما يكدركم يكدرنا. ونحب الخير التام لكم. ودوام صلاح نظامكم.

وبمجرد بلوغ ذلك لشريف علمنا قبل سماعنا بتوليتك في محلة طيرنا الكتب لدولتكم على العموم بالتعزية. في مصابه والتسلية. وأشرنا عليهم بالتثبت في هذا الأمر العظيم. حتى يسند الأمر فيه لأهله ويجرى على السنن المستقيم، والمقصود عندنا بذلك هو بقاء الملك في داركم. وانتظامه وتشييد فخاره بكم. لأنكم أهله ومستحقون له ومحله، وقد تحقق ذلك القصد والحمد لله وهان علينا بعض مصابه بما بلغنا من حيازتكم لمكانته ورتبته وجلوسكم على سرير مملكته، فليرنا لكم هذا المسطور على المخصوص في مصيبته، ودمتم محفوظين في سربكم، ممتعين بحزبكم. وختم في 17 من ربيع الأول عام 1303".

ص: 416

ولما وضعت الملكة المذكورة حملها من المتوفى وكان قد تركها حاملاً منه، وبويع المولود وسمى بالفنس ليون الثالث عشر وهو الملك الحالى كتبت إليه بذلك فأجابها بتهنئة الدولة به والتمنى له. وكذلك كاتبها جوابا عن كتابها في التعريف بمقام (حسنى ديزد وكستيليو) باشدورها الجديد.

وكذلك كاتب الملك الحالى الفنس الثالث عشر جوابا عن كتابه للحضرة الشريفة في شأن ورود بعثة الهندسة الحربية الأسبانية كما يأتى بحول الله عند الكلام على التنظيمات الحربية. كما كتبه في جمادى الأولى 1311 بإبداء الأسف على الحادثة الواقعة بين أهل مليلية وقبيلة قلعية والوعد بالنظر فيها. وتدارك قضيتها وتلافيها.

ثم لم يلبث أن قدم على حضرته الشريفة القبطان جنرال (ارسينيو مرطينس دكمبوس) سفيراً مفوضا لتتميم أمر الواقع من تلك القبائل الريفية في حدود مليلية فعومل في تتميم ذلك بالتسهيل حتى تممه وانقلب راجعا بعقد في ذلك الشأن حسبما جاء في جواب المترجم المؤرخ بثانى رمضان 1311 على الكتاب الملوكى الذى جاء به السفير.

وكان قد وقع الفصال في قضية أهل الريف مع مليلية على أربع ملايين من الريال أخرج منها من بيت مال مراكش ستمائة ألف ريال ودفعت لأمناء الجديدة ليدفعوها لنائب إسبانيا واستكمل الباقى في الدولة العزيزية.

وكل الظهائر المذكورة موضوعاتها التي كان المترجم يبعث بها لدولة الأسبان محفوظة ببعض مجموعات خزانتنا.

ص: 417