الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(حرف التاء)
* * *
110 - التهامى بن عبد العزيز المرى
.
حاله: فقيه جليل عالم فاضل مبجل، تولى النيابة عن قاضى مكناسة السيد محمد الطيب بن محمد بصرى ووقفت على رسم مسجل عليه محلى فيه بالشريف وبالأوصاف المذكورة بتاريخ منتصف شوال عام مائتين وألف.
111 - التهامى الغياثى
.
حاله: علامة مدرس نفاع، لم أقف له على ترجمة غير أنه كان بقيد الحياة في جمادى الأولى عام تسعة وأربعين ومائة وألف من جملة مدرسى الأعظم كما بقائمة المرتب الشهرى للعلماء المدرسين في ذلك العصر.
112 - التهامى أبو الفتح بن المرابط البركة السيد حمادى بن عبد الواحد المطيرى الحمادى المكناسى
.
حاله: علامة مشارك مطلع نحرير، أديب أريب، نقاد محدث متقن متضلع، تولى خطة القضاء أو لا بمكناس ثم مراكش، وقفت على رسم مسجل عليه مدة توليته بمكناس بتاريخ ثلاث وثلاثين ومائتين وألف، محلى فيه بالعالم الناسك البركة الخطيب البليغ القدوة المدرس المحقق الحجة، ونص شكله التهامى ابن محمد المطيرى الحمادى.
وكان شيخ الحديث في مجلس السلطان المولى عبد الرحمن، ثم اصطفاه للقراءة معه سفرًا وحضرًا يظعن بظعنه ويقيم بإقامته، ثم وجهه بين يديه لفاس فعاجلته المنية.
110 - من مصادر ترجمته: إتحاف المطالع في موسوعة أعلام المغرب 7/ 2520.
وأصله من بنى مطير القبيلة البربرية المشهورة من فخذ يقال لهم آيت حمادى، منازلهم الآن قرب فاس.
مشيخته: أخذ عن العلامة إدريس بن زين العابدين العراقى، والشيخ الطيب ابن كيران وأجازاه عامة ودونك نصوص إجازتيهما له ومن خطوطهما نقلت:
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد وآله. الحمد لله الذى جعل حبل الإسناد. من أوثق الصلة بين الله والعباد. والصلاة والسلام على أجل واسطة. وأتم رابطة. مولانا محمد المختار. وعلى آله وأصحابه الأخيار.
أما بعد: فإن المتمسك بهذا الاستدعاء الفقيه الألمعى النبيه. الأديب الأريب النزيه. السالك الإدراك المتثبت أبا عبد الله السيد محمد التهامى بن المرابط البركة السيد حمادى ألهمه الله رشده، ممن لزم الجثو بين أيدينا في مجالس العلوم. واقتنص في إشراك فهمه من إملائنا شوارد الفهوم. برهة واسعة من الزمان. كان فيها المجلى عن الأقران. حتى حصل بحمد الله على علم وافر. ويمن في حسن الملكة ظاهر.
ثم لما أراد الرجوع إلى مسقط رأسه. الذى هو مناط لمثمر غرسه. وكان الإسناد من الدين ولولاه لقال من شاء ما شاء، طلب من هذا العبيد المظلوم لنفسه أن يجيزه. وينصف بعامل الانتساب إبريزه. وإنى وإن لم أكن لذلك بأهل. ولا ممن أحرز في مجاله الخصل. لكن مقابلة الرغبة بالإسعاف. كما قيل من شيم الأشراف.
فأقول: قد أجزت السيد المذكور. وفقنا الله وإياه للسعى المشكور. فيما قرأه على وفى غيره من كل ما تصح لى روايته عن أشياخى المعتبرين من منقول ومعقول ومنظوم ومنثور إجازة تامة. مطلقة عامة. بالشرط المعتبر. عند أئمة
الحديث والأثر. وعليه بشكر الله على ما أولاه من العلم، لأن الشكر مناط الزيادة وليتق الله في السر والعلانية، لأن العمل ثمرة العلم والله ولى الهداية. في المبدأ والنهاية.
وكتب أفقر العبيد لرحمة رب العالمين. إدريس بن على زين العابدين. حلاه الله بصفات اليقين. العراقى الحسينى أحسن الله حاله. وجعل إلى الفردوس مآله".
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. حمدًا لمن رفع الذين أُتوا العلم درجات. وجعل نفوسهم تسرح من رياضه في حدائق نضرات. وأذاقهم حلاوة التحقيق فهاموا طربًا بما حصرت فيه اللذة الدنيوية من العلوم والإدراكات. وصلاة وسلاما تامين على سيدنا محمد أعلم من أسند عنه الحكماء والرواة. وعلى آله الأمجاد السراة. وصحابته الأنجاد الهداة.
وبعد: فإنه لما تقرر لدى أولى الحجَا. واشتهر اشتهار الزبرقان في الدُّجَى. أن أنفس ما تنفق فيه نفائس الأعمار. وأبهج ما تلهج فيه الألسنة وتعمل فيه عوامل الأفكار هو إنشاء حقائق العلوم. والارتقاء إلى دقائق الفهوم.
العلم نورِ مبين
…
به اللبيب تحلى
…
فقل لمن في سواه
غلا وعنه تخلى
…
شتان ما بين ليل
…
داج وصبح تجلى
العلم نور مبين يستضاء به
…
وخطة ما لها في الحسن من مثل
فاملأ جرابك منه غير مكترث
…
بما يراه أخو كبر وذو خجل
ولما مَن المولى الكريم. من فضله العميم. على كاتبه العبد الضعيف بصرف آونة من عنفوان الشباب الوريق الوريف. اقتطاف نبذة من أزهاره. واستطلاع
شئ من أنواره. وورود مورد عذب من موارده. واقتناص بعض من شواذه وشوارده. جرتنى الأقدار إلى إملاء بعض الدروس. إسعافا لطلاب عطشى الأكباد غرثى النفوس. فتصديت لا عن أهلية منى لذلك المنصب الوسيم. ولكن إذا اقشعرت البلاد وصوح نبتها رعى الهشيم.
ثم إن المستدعى في الأوراق قبله الطالب الأرشد. الأنجب الأسعد. أبا عبد الله السيد محمد التهامى بن محمد الحمادى. بلغه الله أمله وأسبغ عليه جلائل الأيادى. كان ممن لزمنى مدة. وأعد للأخذ عنى عدة. فحضرنى في مجالس منقول ومعقول. وفروع وأصول. وآلات ومقاصد. ومباحث وفوائد. وحصل بتوفيق الله على ما يسر له من فهم وعلم. وظفر بما أتيح له من حفظ وقسم. وبدت آثار رشده وهدايته ولاحت معالم تحصيله ونجابته. ولذلك أسعفته فيما التمس من الإجازة تبركا بطريق السلف وإيثارًا للاتباع. وإن كنت أقول المدار اليوم على إظهار ما وصل إليه الباع. فهو الشاهد لك أو عليك. والحجة القاطعة لديك فأقول: قد أجزت الطالب المذكور فيما رويت أو دريت إجازة تامة. مطلقة شاملة عامة. بشرط التثبت والتحرى. وأن يقول فيما لا يدريه لا أدرى. فإنها مما يكمل وليست مما يزرى. ولقد أجاد من قال:
ومن كان يهوى أن يرى متصدرا
…
ويكره لا أدرى أُصيبت مقاتله
وذكر ابن عبد البر في مقدمة التمهيد أن الإمام مالك بن أنس سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنين وثلاثين لا أدرى، واشتهر عنه في كتب الأصول أنه سئل عن أربعين فقال في ست وثلاثين لا أدرى والله يرشدنا وإياه إلى سواء السبيل. وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى الكريم. وعلى آله وصحبه أفضل الصلوات وأزكى التسليم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
وكتب عبيد ربه سبحانه وتعالى محمد الطيب بن عبد المجيد شهر بابن كيران. لطف الله به وعامله في الدارين بجزيل الإحسان".
وقد أخبرنى من وثقت بخبره من أهل العلم أنه أخذ عن السيد أحمد بن التاودى بن سودة ومن في طبقته والله أعلم.
الآخذون عنه: منهم أبو المواهب عبد الكبير بن المجذوب الفاسى الفهرى المتوفى بالطاعون ثامن عشرى رمضان عام خمسة وتسعين ومائتين وألف، والقاضى أبو زيد عبد الرحمن البريبرى الكبير الرباطى المتوفى عاشر شوال عام ثلاثة وتسعين ومائتين وألف، والأخوان القاضى الأعدل أبو عيسى المهدى بن سودة المرى وأبو حفص عمر المتوفى في متم ربيع الأول سنة خمس وثمانين ومائتين وألف، والمحدث الأشهر سيدى الوليد العراقى المولود سنة تسع بتقديم المثناة ومائتين وألف كما وجد بخط يده المتوفى في ربيع الثانى عام خمسة وستين ومئتين وألف، والعلامة السيد محمد بن عبد القادر الكردودى، وأخو المترجم السيد محمد، ومحشى ميارة السيد الطالب بن حمدون بن الحاج، وأجاز عامة للثلاثة الأخيرين باستدعاء منهم له وقفت على نص ذلك الاستدعاء ودونك لفظه:
"حمدا لمن أطلع في سماء العلم للرواية والدراية شموسا وأقمارا، وعينهم لافتضاض الأبكار من غوانى الأفكار حتى أجرى من ينابيع حكمهم بحورًا وأنهارًا، وأهلنا للارتشاف من خلاصة رضابهم المغنى عن أحلى الضرب، حتى أسعدوه بالإرشاد نحو لمحة من فنون علمهم المزرية بشذور الذهب، وصلاة وسلاما على يتيمة الدهر، الجامع لأشتات الفضائل والفخر، المصطفى المختار، المجيز من استجازه دون إنكار، وعلى آله الأتقياء الأبرار، وأصحابه الأجلة الأخيار، وبعد: فالمطلوب من إحسان شيخنا قاضى القضاة ومن إليه المرجع في حل المشكلات الثقة الحجة، السالك من مناهج الدين أوضح محجة، الحافظ الضابط الثبت، الحسن
النعت والسمت، العلامة الدراكة المشارك، الذى لم يعقبه عن دائرة التحقيق متدارك، الإمام الذى به في كل فن يقتدى، النجم الذى هو ضياء في مشكلات العلوم وهدى، العلم الفرد الذى قصرت عن إدراك شأوه الجموع. العالم الذى انتصبت له في الخافقين أعلام الثناء المرفوع. إمام الفصحاء، وحامل راية البلغاء.
هو البحر لا بل دون ما علم البحر
…
هو البدر لا بل دون طلعته البدر
هو النجم لا بل دونه النجم رتبة
…
هو الدر لا بل دون منطقه الدر
هو الكامل الأوصاف في العلم والتقى
…
فطاب به في كل ما قطر الذكر
ذى الخلال التي تكل عن الحصر. والخصال التي يعترف له بها نبهاء العصر. الجامع لأوصاف الجمال وجمال الأوصاف. الحائز لأصناف المحاسن ومحاسن الأصناف. ذى السر الواضح السامى. أبى الفتح سيدى محمد التهامى بن العارف الأكبر. الولى الأشهر. الذى يحدو بمحاسنه الحاضر والبادى أبى المواهب سيدى حمادى الحمادى.
مذ أبصرت عينى محاسنه
…
وشاهدت منه الجمال الجميل
حملت قلبى من محبته
…
ما لم يكن يحمل قبل جميل
كيف لا وهو الفصيح الذى إن تكلم أجزل وأوجز، وأسكت ابن السكيت وابن العميد ببلاغته وأعجز، وأخمد نباهة قتيبة وابن قتيبة في علم اللغة والغريب.
وأما السنة والكتاب، فقد أبدى فيهما ملكة مالك وابن شهاب. ولم يشك سامع أنه ابن القاسم أو ابن إدريس. إن توجه لعلوم الفقه بالفتوى والتدريس. بيد أنه هذب بتنبيهاته الحسان كل مختلطة من مقدمات المهرة الأعيان، وإذا تعرض للتصريف. أو انتحى للنحو الجليل. خلته معاذا الهَّراء العفيف. وابن أحمد الخليل. يتصرف في بديع الإنشاء. بما يشاء.
إن هز أقلامه يوما ليعملها
…
أنساك كل كمى هز عامله
غير أن كلامه في الألباء يسرى مسرى كئوس الصهباء لو قرطت بيواقيته آذان ابن عبد الحميد أصبح في صناعته غير حميد، والحريرى وابن خاقان لما اهتديا إلى جمع المقامات وقلائد العقيان، ما برز في موطن بحث إلَّا برز على الأقران، ولا أجرى جياد علومه إلى غاية إلا كانت مطلقة العنان. إيه وفيه جرى. كل الصيد في جوف الفرا. ضم إلى علمه العمل ووصل مما أراد إلى أقصى أمل، فهو الرئيس الذى به المفاخر تحمد كعبة المجد والوفا والسخا والدين والحلم والفخار المؤيد جرت في بحر محاسنه سفن الأذهان، فلم تدرك قراره، وعجز النظراء والبلغاء أن يخوضوا آثاره.
سما في أهله طفلا وكهلا
…
وأحرز كل مكرمة حقيقة
فبالإكرام وإلا كبار حقا
…
ترى أبدا سيادته حقيقة
ولكن لا يستغرب من التبر الذهب، ومن معادنها الدرر، والسبط لا بد أن يقفو الأثر.
وهل ينبت الخطى إلا وشيجه
…
وتغرس إلا في منابتها النخل
أن يمن بالإجازة على المتمسكين بأذيالكم والمترددين صباحا ومساء على مجالسكم والمقبلين ثرى نعلكم وأقدامكم المسندين لحماكم المنيع واللائذين بجنابكم الأعز الرفيع محمد بن عبد القادر بن أحمد الكلالى الحسنى الشهير بالكردودى، والفقيهين الأجلين أخيكم سيدى محمد وسيدى محمد الطالب بن العلامة سيدى حمدون بن عبد الرحمن بن الحاج السلمى المرداسى، ونحن وإن لم نكن لذلك أهلا فاقبلوا ذلك منًّا منكم وفضلا، عسى أن يهب علينا من نفحاتكم العظمى ما نستوجب به من الله مزيد الرحمى.
ولسنا لذا أهلا ولكن فضلكم
…
به نرتقى والمرء يسمو بكم قدرا
وتكون تلك الأجازة من سيدنا محققة مصرحة القرينة مطلقة على الشرط المعتبر في الأداء عند أهل الأثر، شاملة للمعقول والمنقول في كل حكم محصل أو معدول، جامعة للأصول والفروع في نوع المفردات والجموع، ليحصل لنا الدخول في حماكم العظيم، والتشبث بجانبكم الأعز الكريم، ونظفر بالمنى والنجاح ونتشبه وإن لم نكن مثلهم فالتشبه بالكرام رباح، دران رشحت ذلك بذكر من تحملت عنه العلم من الأئمة الأكابر الذين افتخرت بهم على الأوائل والأواخر، كان ذلك تمام الأمنية وإنما الأعمال بالنية، وحاشاك أن تمد إليك الأيدى فتردها خلوًا، وأنت الحائز لكل الفضائل والفواضل، أخا صنوا أو يقرع فضلك فلا تفتح بابك، ولا تسدل على المعتقين أطنابك وغير مستغرب إقبالكم على أمثالنا وإعطاء من لاذ بكم البغية والمنى:
ولا غرو أن يعطى المنى لائذ بكم
…
ويلقاه وجه السعد متضح البشر
وفضلكم يغشى المطيع وغيره
…
كما تمطر الأمطار بالترب والصخر
ويعلم الله أن النفس لا تسمح بهذا الأمر لسواكم ولا تبوح بمرامها إلا لعلاكم:
بقيت بقاء الدهر يا كهف أهله
…
وهذا دعاء للبرية شامل
وصلى الله على سيدنا محمد خاتم أنبيائه ومبلغ أنبائه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما".
شعره: من ذلك قوله مادحا شيخه سيدى إدريس بن زين العابدين العراقى كما بنص استدعائه الإجازة منه:
ما كل ربة ملك جل بلقيسا
…
ولا الذى يخرق العادات تأسيسا
لا تحسبن الهدى بحسن بادية
…
فكم ترى من وضى فاق إبليسا
وكم حكيم ولكن ليس ذا حكم
…
ويدعى أنه بجهله عيسى
وكم أجوب بشوق كاد ينشرنى
…
على أحظى بمن ما حام تدليسا
فما ظفرت وهب أنى سمعت به
…
فذاك أشبه بالعنقاء إن قيسا
حتى تبسمت الآمال عن شنب
…
كسا الليالى ترصيعا وتجنيسا
فإذ أنا بابن زيان الذى شرفت
…
به المعالى العراقى الحبر إدريسا
دامت لنا طلعة النحرير في وهج
…
وزاده الله تأييدا وتقديسا
وقوله مادحا شيخه ابن كيران وموريا باسمه في استدعائه الإجازة منه:
أكرم به لوذعيا عز تمثيلا
…
ومفردا فاق إجمالا وتفصيلا
لا عيب فيه سوى من قد ألم به
…
ينال فخرا وتأييدا وتبجيلا
قد طيب الدهر من طيب اسمه كرما
…
فدام في مفرق الأيام إكليلا
وقوله مادحا العلامة أبا العباس أحمد بن التاودى بن سودى بمناسبة ختمه المختصر الخليلى عام ثمانية عشر ومائتين وألف بفاس القرويين:
حنانيك نبه غائبا يرقب السعدا
…
بطلعة سلمى أو بجارتها سعدى
وما زال يستشفى الغرام بطيفها
…
فما منحت إلا التأرق والصدا
فها عرفها ناجى الفؤاد ولم يبن
…
يصافحنا مما به أخجل الوردا
وكنت أخال الحلم حتى تبينت
…
فأبدت ذكاء في دجى جمعت ضدا
وحورا وريعا والقواضب والقنا
…
بناعم خوط يغضب السمر والأسدا
وجيد منصى لا لتزداد بهجة
…
ولكن ليبدى حسنه أيما وردا
وطرف كحيل فاتر دون حاجب
…
أزج فحيم يرهب العادى الوردا
ومن عجب طعن الجفون وهل سرى
…
طعان جفون دون أسيافها قدا
وفرع أثيث حالك بذوائب
…
ثلاث يغشى متنها رائقا جعدا
عجبت له يغرى مسامع قرطها
…
حديث خدام في خداه لها رأدا
وبالغرة الغرا تردى تولهى
…
بوجنته حتى انثنت خلتى رشدا
فقلت لها رحماك يا روح مهجتى
…
بصب رهين في جمالك لم يفدا
وكم جاب من فرط الجوى ولواعج
…
من الشوق صحصاح الفلا الغور والنجدا
وكم لعجت منه الحوائج والحشا
…
ولولا صبيب الغور أنضجت الجلدا
وكم طلق الغمض الثلاث جفونه
…
طلاق الحسام العضب يوم الوغى غمدا
وكاد الهوى العذرى ينحو بعطفه
…
إلى نحو عرف العطف منك فهل أبدا
فقالت فأبدت منه أنفس جوهر
…
فما خلت إلا أنها نثرت عقدا
هنيئا وطب نفسا بدانى احتفالنا
…
ودونك بعد البين من وصلنا ودا
رشفنا كئوسا من معين رضابها
…
فآونة صهبا وآونة شهدا
ولا عيب فيها غير أن إزارها
…
وثير كما بالخير قد وشحت بردا
ومما أثار للفؤاد أنينه
…
رنين جمال أو سوار علت زندا
وقد خضبت رخص البنان بعندم
…
تمثل دمعى رأد بينونة الغيدا
وأعجب منه ظنها فتبسمت
…
بأى نظام خلته الجوهر الفردا
بذات أقاح كان طى لنشرها
…
ورثنا الذى أبدى الشر ود له فقدا
فأعزز بها من منحه بين بضة
…
رداح وبين جنة قد حوت خلدا
ولا عاذل واش ينم بولينا
…
عدا الأعطرين المسك إذ ذاك والندا
كأنا وأفنان الرياض وزهرها
…
همام يحلى جنده الدر والنقدا
كان الربى إذ خدد النهر خدها
…
بعذب فرات ناضر طيب الوردا
أكف علاها الوشم أو طرس بارع
…
يسجله أو أرقم رائد بيدا
كأن الغضا والبان في حركاتها
…
بأيدى الصبا صب يميس بها وجدا
ولما تلت أوتارنا آية الهنا
…
وباحت بتحليل العناق ولا حدا
وشى بالذى نلنا بالبلابل غبطة
…
فصاحت على الأدواح تلتمس الرصدا
فسل لذاك الصبح صلت جبينه
…
وأفضت إليها الشمش من رمضها جندا
كأن سناه طلعة الحبر أحمد بـ
…
ـن سودة في أفق العلا صافحت سعدا
ولاحت على وجه الخوافق فانثنى
…
صقيل الردى من بعد عمته السودا
كما بدت الغراء للدين غرة
…
فبان ذكاء لا كنار علت طودا
فأعشى عيون الملحدين شعاعها
…
وأمست ممضاة الجفون به رمدا
وأصبح هذا الدهر يزهو مطاولا
…
على صدره إذ حله فاقد ندا
وحق له بالجهبذ المرى الذى
…
أشاد سنام المجد من بعد ما هدا
ومن بان في أفق المكارم مذ نشا
…
هلالا ولكن لا أفول ولا أردا
ومن لم يزل متن الثريا نعاله
…
وما فوقها الجوزاء من تحته مهدا
ومن عز بعض من حسان خلاله
…
فعز فأضحى في براعته فردا
ولا عجب من نقطة اليم والحيا
…
ولا سيما إن كان صيبه جودا
وما ذاك إلا من عذول معنف
…
يرى حصر أوصاف السميذع والحدا
ولم يدر إن أربت على المزن والحصا
…
ومن لى برد المزن أو حصرها عدا
وهب حصرها ما كان ضرك لو سرى
…
بك الفكر في آياته الألف والأحدا
وهل يجحد الشمس المنيرة نورها
…
سوى مائن أو من يرى الطعن واللحدا
رويدك هل ما قد كفاك فإنه ابـ
…
ـن فخر سرى أسس الفخر والمجدا
وكعبة سؤدد وذروة عزة
…
وبحر يموج بالعلوم وبالأسدا
وبدر سبيل الدين والحق والتقى
…
وطود الهدى ما أنفك رائده يهدا
وأفضل ذى حلم وصفح ورأفة
…
وكان بأمر الله منصلتا جلدا
وخير إمام قلد العدل في الورى
…
ومن قد تولى فيهم الحل والعقدا
حلاحل من بالأرض شرقا ومغربا
…
ومصقعهم من فاخر الفخر والسعدا
له ضِئضِئٌ (1) قد طاب فرعا ومحتدا
…
ولا زال يسمو ما سما ووفى جدا
بدور سماء كلما انقض واحد
…
بدا مثله أو فائق أثره سردا
فدمتم سراة الناس يا آل مرة
…
ولا زلتم فيهم مثقفة ملدا
ولا زال نجل التاودى محمد
…
سماء سحاب تمطر العلم والأجدا
لعمرك قد أحيا موات قلوبنا
…
حيا علمه الوبل الذى لم يزل رغدا
فعاد غشاها من صداء جهالة
…
نضيرا وغض العطف يحكى لنا الجدا
وقلد أجياد العقول فرائدا
…
منضدة في سلك لفظ له أندى
فما الغانيات ما الرحيق معتقا
…
وما الطير في أفنانه ينشد الرصدا
(1) الضِّئضِئُ: الأصل.
إلى أن قال:
عشيرتنا قد تمم الدهر ودنا
…
بيوم وصال من خليل وفى وعدا
فظلنا وهذا اليمن والسعد خادم
…
وهذى سرادق الْهَنَا خيمت جدا
فمن منح ما أسلف الدهر مثلها
…
فلله ربى أُدمن الشكر والحمدا
جزى بجزيل الجود والطول والولا
…
أئمتنا من منهم بان أو أودى
حماة حريم الدين من جنف الهوى
…
ومن بذلوا في حمل أعبائه الجهدا
أراحهم في رحب خير جنانه
…
بخير جوار الخاتم الرسل والأهدا
عليه صلاة الله ما قال منشد
…
حنانيك نبه غائبا يرقب السعدا
وقوله:
هم بالذى سكن الوجود بسره
…
ودع السوى في حبه وتجرد
وأقم على النفس الحدود فإن أبت
…
فجزاؤها من سجنها لا تفتدى
وقوله:
أتطمع في الحياة بغير موت
…
ويعجبك الثناء وفيه داء
وأقبح ما ترى من ذا وذاك
…
غرام ليس يتبعه سخاء
إذا ما البخل أصبح عند قوم
…
فقد أمسى بأرضهم البلاء (1)
نثره: من ذلك قوله في استدعائه الإجارة من شيخه سيدى إدريس بن زين العابدين العراقى المذكور:
"الحمد لله الذى زان نوع البشر بإجازة أفراس فكره في مجال المعانى.
(1) في هامش المطبوع: "البيت للإمام الشافعى".
وأكمل مزاياه من بين سائر جنسه بترجمان البيان وعنوان المبانى. فلم ينفك مقتنصا ظباء الفرائد. ومعربا عن عرب العين الخرائد. إلى أن بدت رافلة في حلل الطروس وحلى السطور. شاهدة ببراعة القدرة وبداعة المقدور.
وأشهد أنه الله الذى جل ثناؤه. وكمل سناه وسناؤه، وعمت رحمته وآلاؤه. وعذب لأوليائه لأواؤه.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده المحلى بحلى الفضائل والفواضل. والموشح بوسيم الوسائل. وسرى المسائل. الصادع بأحكام الأحكام المعنوية والحسية. والمفسر حديث أسرار الحضرة القدسية. أعظم الحائزين قصبات السبق في ميادين الكمالات. وأفخم الفائزين بروائع الخلال وجوامع المقالات صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الذين حملوا لنا راية الفروع والأصول. وظفروا بقصارى الأدب ونهاية الوصول. صلاة وسلاما دائمين صادقين بلا مين.
وبعد: فإن أنفس ما تنافست فيه نفائس الأفكار. واصطفته على حسان حور الأبكار. وماست به طربا. وهويته منى واربا. واستطابته شذى وريا، وفاخرت به طلعة الثريا، وفيه عذب رشف كئوس المنية. وبه تمت الخلال السنية. وتحققت الحقائق. وكشفت البراقع عن وجوه الدقائق. وشيدت أركان المراقى. وميز بين السافل والراقى. وفى فضله تقاعست الألسنة. واستحوذ عليها فتور وسنة. فنون العلم التي ناهيك في علو شأنها. وعزة تدرها وسلطانها. أن منها ما عرف إيحاء. وما كان أنحاء. وما تفق عن ذى الأصول الجليلة وما هو إلى الكل وسيلة. بيد أن بعض القلوب جبل على الغبطة. وذلك أفلح مطلوب وأنجح خطة. وكيف لا وقد قرن الله تعالى شهادته بشهادة أهله. وجعل سبحانه البينونة بين إدراكه وجهله. كما جاء أنهما في غاية المباينة. وليس الخير كالمعاينة. وبعض الأفئدة طبع عليه بطابع الحسد. وأفصح بذلك عنوان الجسد. فعمل بموجبه ومقتضاه. وآثر