المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌112 - التهامى أبو الفتح بن المرابط البركة السيد حمادى بن عبد الواحد المطيرى الحمادى المكناسى - إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس - جـ ٢

[ابن زيدان السجلماسي]

فهرس الكتاب

- ‌87 - إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل

- ‌88 - إدريس المعروف بإدريس الأنور والأزهر والتاج والمثنى

- ‌89 - إدريس بن السلطان العادل المولى سليمان بن السلطان

- ‌90 - إدريس بن العلامة السيد التهامى أجانا

- ‌91 - إدريس بن الطيب بن محمد بن حم بن إدريس

- ‌92 - إدريس بن الطيب بن اليمانى بن أحمد بو عشرين

- ‌93 - إدريس بن أحمد بن التهامى مسامح

- ‌94 - إدريس بن أحمد الخطابى الزرهونى

- ‌95 - إدريس بن أحمد بن محمد البخارى المدعو البرنوصى المكناسى النشأة والدار والأقبار

- ‌96 - إدريس بن المكى البخارى

- ‌97 - إدريس بن الحاج حفيد برادة الفاسى

- ‌98 - إدريس بن القائد محمد بن أحمد الفيضى الأصل المكناسى الدار والأقبار

- ‌99 - إدريس بن شيخ الجماعة القراء في وقته الأستاذ البركة السيد اليزيد

- ‌100 - إدريس الوزير بن محمد بن إدريس العمراوى بن محمد بن إدريس ابن محمد بن إدريس

- ‌101 - إدريس بن الحاج بوعزة الميسورى

- ‌102 - إدريس الأمرانى بن عبد السلام بن محمد فتحا بن عبد الله

- ‌103 - الأمين: العطار دفين جبل زرهون

- ‌104 - إسماعيل: أبو النصر بن الشريف بن على الينبوعى السجلماسى الحسنى السلطان

- ‌ مدينة المهدية

- ‌ مدينة العرايش:

- ‌ مدينة طَنجة

- ‌105 - أيويس:

- ‌(حرف الباء)

- ‌106 - بوسلهام بن على بن المؤذن الخلطى البوجنونى الأصل المكناسى

- ‌107 - بو عزة بن العربى بن بوعزة المدعو الفشار، السفيانى الأصل، المكناسى النشأة والدار والقرار والإقبار

- ‌108 - بلقاسم بصرى وهو ابن محمد بن بلقاسم بن محمد الطيب

- ‌109 - بو بكر المراكشى الأصل

- ‌(حرف التاء)

- ‌110 - التهامى بن عبد العزيز المرى

- ‌111 - التهامى الغياثى

- ‌112 - التهامى أبو الفتح بن المرابط البركة السيد حمادى بن عبد الواحد المطيرى الحمادى المكناسى

- ‌113 - التهامى: ابن المهدى المزوار المكناسى النشأة والدار

- ‌114 - التهامى بن الطيب أمغار المكناسى الأصل والإقبار

- ‌115 - التهامى أجانا المكناسى الأصل والدار

- ‌116 - التهامى البورى نسبا الدرعى منشأ

- ‌117 - التهامى بن عبد القادر المركشى المدعو بابن الحداد المكناسى النشأة والدار والإقبار

- ‌(حرف الجيم)

- ‌118 - الجيلانى بن الهاشمى بن محمد بن الجيلانى بن محمد -فتحا

- ‌119 - الجيلانى بن حم البخارى المكناسى النشأة والدار

- ‌120 - الجيلانى المدعو القصعة البخارى المكناسى

- ‌121 - الجيلانى بن عزوز الرحالى من ذرية الشيخ أبى محمد رحال الكوش دفين زمران

- ‌122 - الجيلانى بن الباشا حَمُّ بن الجيلانى البخارى المكناسى الأصل والنشأة، والدار والإقبار

- ‌حرف الحاء

- ‌123 - الحسن السلطان أبو على بن السلطان سيدى محمد بن السلطان مولاى عبد الرحمن بن السلطان

- ‌الكلام على بقية علائقه السياسية

- ‌مع فرنسا

- ‌مع إسبانيا

- ‌مع إيطاليا

- ‌مع إنجلترا:

- ‌مع ألمانيا:

- ‌مع الدولة العثمانية:

- ‌مع البرتقال

- ‌مع أميريكا:

- ‌مع البلجيك

- ‌مع البابا

- ‌مؤتمر مدريد ووفقه

- ‌ضربه السكة الحسنية

- ‌اهتمامه بالمعادن وخوضه فيها

- ‌سعيه لإدخال الفنون العصرية للمملكة المغربية وإرساله وفود الطلبة للديار الأوربية

- ‌قيامه بصيانة حصون الثغور المغربية وجلب ما تحتاج إليه من المقومات الحربية واستخدام المتخرجين في الهندسة من البعثة المغربية

- ‌استعداده البحرى

- ‌ضبط أوقاته وتقسيم أيامه وترتيب نظام مملكته وذكر رجال دولته

- ‌كيفية ترتيب الملاقاة

- ‌كيفية تعمير المشور

- ‌الهيئة الرسمية وما تتألف منه

- ‌قواد الجيش العامل

- ‌قواد الحناطى البرانيين

- ‌قواد الحناطى الداخليين

- ‌ركوب السلطان للألعاب الرياضية على الخيل بنفسه

- ‌اللباس الرسمى

- ‌كيفية إجراء الأحكام المخزنية بدار المخزن

- ‌كيفية ورود سفراء الدول على السلطان

- ‌كيفيه دخول ممثلى الدول من السفر

- ‌كيفية تقديم هديته للسلطان

- ‌زيارة السلطان للأولياء

- ‌حركة السلطان من بلد إلى أخرى

- ‌كيفية نصب الافراك ومراكز المستخدمين والجيوش

- ‌كيفية خروج السلطان يوم السفر

- ‌كيفية نهوض السلطان من المحلة

- ‌كيفية مسير السلطان في السفر

- ‌كيفية دخول السلطان للمحلة

- ‌خروجه للأحكام في السفر

- ‌كيفية تموين المحلة

- ‌كيفية تفريق المؤنة اليومية على المحلة

- ‌كيفية وصول الجناب السلطانى إلى المحل المقصود

- ‌العادة في الولائم السلطانية

- ‌كيفية العقيقة

- ‌نزهة شعبانة

- ‌العادة في الجنائز

- ‌مشيخته:

- ‌بناءاته:

- ‌ما خلفه من الأولاد رحمه الله

- ‌الشريفات من نسائه

- ‌الحرائر منهن

- ‌المطلقات منهن

- ‌وفاته:

الفصل: ‌112 - التهامى أبو الفتح بن المرابط البركة السيد حمادى بن عبد الواحد المطيرى الحمادى المكناسى

(حرف التاء)

* * *

‌110 - التهامى بن عبد العزيز المرى

.

حاله: فقيه جليل عالم فاضل مبجل، تولى النيابة عن قاضى مكناسة السيد محمد الطيب بن محمد بصرى ووقفت على رسم مسجل عليه محلى فيه بالشريف وبالأوصاف المذكورة بتاريخ منتصف شوال عام مائتين وألف.

‌111 - التهامى الغياثى

.

حاله: علامة مدرس نفاع، لم أقف له على ترجمة غير أنه كان بقيد الحياة في جمادى الأولى عام تسعة وأربعين ومائة وألف من جملة مدرسى الأعظم كما بقائمة المرتب الشهرى للعلماء المدرسين في ذلك العصر.

‌112 - التهامى أبو الفتح بن المرابط البركة السيد حمادى بن عبد الواحد المطيرى الحمادى المكناسى

.

حاله: علامة مشارك مطلع نحرير، أديب أريب، نقاد محدث متقن متضلع، تولى خطة القضاء أو لا بمكناس ثم مراكش، وقفت على رسم مسجل عليه مدة توليته بمكناس بتاريخ ثلاث وثلاثين ومائتين وألف، محلى فيه بالعالم الناسك البركة الخطيب البليغ القدوة المدرس المحقق الحجة، ونص شكله التهامى ابن محمد المطيرى الحمادى.

وكان شيخ الحديث في مجلس السلطان المولى عبد الرحمن، ثم اصطفاه للقراءة معه سفرًا وحضرًا يظعن بظعنه ويقيم بإقامته، ثم وجهه بين يديه لفاس فعاجلته المنية.

110 - من مصادر ترجمته: إتحاف المطالع في موسوعة أعلام المغرب 7/ 2520.

ص: 103

وأصله من بنى مطير القبيلة البربرية المشهورة من فخذ يقال لهم آيت حمادى، منازلهم الآن قرب فاس.

مشيخته: أخذ عن العلامة إدريس بن زين العابدين العراقى، والشيخ الطيب ابن كيران وأجازاه عامة ودونك نصوص إجازتيهما له ومن خطوطهما نقلت:

"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد وآله. الحمد لله الذى جعل حبل الإسناد. من أوثق الصلة بين الله والعباد. والصلاة والسلام على أجل واسطة. وأتم رابطة. مولانا محمد المختار. وعلى آله وأصحابه الأخيار.

أما بعد: فإن المتمسك بهذا الاستدعاء الفقيه الألمعى النبيه. الأديب الأريب النزيه. السالك الإدراك المتثبت أبا عبد الله السيد محمد التهامى بن المرابط البركة السيد حمادى ألهمه الله رشده، ممن لزم الجثو بين أيدينا في مجالس العلوم. واقتنص في إشراك فهمه من إملائنا شوارد الفهوم. برهة واسعة من الزمان. كان فيها المجلى عن الأقران. حتى حصل بحمد الله على علم وافر. ويمن في حسن الملكة ظاهر.

ثم لما أراد الرجوع إلى مسقط رأسه. الذى هو مناط لمثمر غرسه. وكان الإسناد من الدين ولولاه لقال من شاء ما شاء، طلب من هذا العبيد المظلوم لنفسه أن يجيزه. وينصف بعامل الانتساب إبريزه. وإنى وإن لم أكن لذلك بأهل. ولا ممن أحرز في مجاله الخصل. لكن مقابلة الرغبة بالإسعاف. كما قيل من شيم الأشراف.

فأقول: قد أجزت السيد المذكور. وفقنا الله وإياه للسعى المشكور. فيما قرأه على وفى غيره من كل ما تصح لى روايته عن أشياخى المعتبرين من منقول ومعقول ومنظوم ومنثور إجازة تامة. مطلقة عامة. بالشرط المعتبر. عند أئمة

ص: 104

الحديث والأثر. وعليه بشكر الله على ما أولاه من العلم، لأن الشكر مناط الزيادة وليتق الله في السر والعلانية، لأن العمل ثمرة العلم والله ولى الهداية. في المبدأ والنهاية.

وكتب أفقر العبيد لرحمة رب العالمين. إدريس بن على زين العابدين. حلاه الله بصفات اليقين. العراقى الحسينى أحسن الله حاله. وجعل إلى الفردوس مآله".

"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. حمدًا لمن رفع الذين أُتوا العلم درجات. وجعل نفوسهم تسرح من رياضه في حدائق نضرات. وأذاقهم حلاوة التحقيق فهاموا طربًا بما حصرت فيه اللذة الدنيوية من العلوم والإدراكات. وصلاة وسلاما تامين على سيدنا محمد أعلم من أسند عنه الحكماء والرواة. وعلى آله الأمجاد السراة. وصحابته الأنجاد الهداة.

وبعد: فإنه لما تقرر لدى أولى الحجَا. واشتهر اشتهار الزبرقان في الدُّجَى. أن أنفس ما تنفق فيه نفائس الأعمار. وأبهج ما تلهج فيه الألسنة وتعمل فيه عوامل الأفكار هو إنشاء حقائق العلوم. والارتقاء إلى دقائق الفهوم.

العلم نورِ مبين

به اللبيب تحلى

فقل لمن في سواه

غلا وعنه تخلى

شتان ما بين ليل

داج وصبح تجلى

العلم نور مبين يستضاء به

وخطة ما لها في الحسن من مثل

فاملأ جرابك منه غير مكترث

بما يراه أخو كبر وذو خجل

ولما مَن المولى الكريم. من فضله العميم. على كاتبه العبد الضعيف بصرف آونة من عنفوان الشباب الوريق الوريف. اقتطاف نبذة من أزهاره. واستطلاع

ص: 105

شئ من أنواره. وورود مورد عذب من موارده. واقتناص بعض من شواذه وشوارده. جرتنى الأقدار إلى إملاء بعض الدروس. إسعافا لطلاب عطشى الأكباد غرثى النفوس. فتصديت لا عن أهلية منى لذلك المنصب الوسيم. ولكن إذا اقشعرت البلاد وصوح نبتها رعى الهشيم.

ثم إن المستدعى في الأوراق قبله الطالب الأرشد. الأنجب الأسعد. أبا عبد الله السيد محمد التهامى بن محمد الحمادى. بلغه الله أمله وأسبغ عليه جلائل الأيادى. كان ممن لزمنى مدة. وأعد للأخذ عنى عدة. فحضرنى في مجالس منقول ومعقول. وفروع وأصول. وآلات ومقاصد. ومباحث وفوائد. وحصل بتوفيق الله على ما يسر له من فهم وعلم. وظفر بما أتيح له من حفظ وقسم. وبدت آثار رشده وهدايته ولاحت معالم تحصيله ونجابته. ولذلك أسعفته فيما التمس من الإجازة تبركا بطريق السلف وإيثارًا للاتباع. وإن كنت أقول المدار اليوم على إظهار ما وصل إليه الباع. فهو الشاهد لك أو عليك. والحجة القاطعة لديك فأقول: قد أجزت الطالب المذكور فيما رويت أو دريت إجازة تامة. مطلقة شاملة عامة. بشرط التثبت والتحرى. وأن يقول فيما لا يدريه لا أدرى. فإنها مما يكمل وليست مما يزرى. ولقد أجاد من قال:

ومن كان يهوى أن يرى متصدرا

ويكره لا أدرى أُصيبت مقاتله

وذكر ابن عبد البر في مقدمة التمهيد أن الإمام مالك بن أنس سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنين وثلاثين لا أدرى، واشتهر عنه في كتب الأصول أنه سئل عن أربعين فقال في ست وثلاثين لا أدرى والله يرشدنا وإياه إلى سواء السبيل. وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى الكريم. وعلى آله وصحبه أفضل الصلوات وأزكى التسليم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

ص: 106

وكتب عبيد ربه سبحانه وتعالى محمد الطيب بن عبد المجيد شهر بابن كيران. لطف الله به وعامله في الدارين بجزيل الإحسان".

وقد أخبرنى من وثقت بخبره من أهل العلم أنه أخذ عن السيد أحمد بن التاودى بن سودة ومن في طبقته والله أعلم.

الآخذون عنه: منهم أبو المواهب عبد الكبير بن المجذوب الفاسى الفهرى المتوفى بالطاعون ثامن عشرى رمضان عام خمسة وتسعين ومائتين وألف، والقاضى أبو زيد عبد الرحمن البريبرى الكبير الرباطى المتوفى عاشر شوال عام ثلاثة وتسعين ومائتين وألف، والأخوان القاضى الأعدل أبو عيسى المهدى بن سودة المرى وأبو حفص عمر المتوفى في متم ربيع الأول سنة خمس وثمانين ومائتين وألف، والمحدث الأشهر سيدى الوليد العراقى المولود سنة تسع بتقديم المثناة ومائتين وألف كما وجد بخط يده المتوفى في ربيع الثانى عام خمسة وستين ومئتين وألف، والعلامة السيد محمد بن عبد القادر الكردودى، وأخو المترجم السيد محمد، ومحشى ميارة السيد الطالب بن حمدون بن الحاج، وأجاز عامة للثلاثة الأخيرين باستدعاء منهم له وقفت على نص ذلك الاستدعاء ودونك لفظه:

"حمدا لمن أطلع في سماء العلم للرواية والدراية شموسا وأقمارا، وعينهم لافتضاض الأبكار من غوانى الأفكار حتى أجرى من ينابيع حكمهم بحورًا وأنهارًا، وأهلنا للارتشاف من خلاصة رضابهم المغنى عن أحلى الضرب، حتى أسعدوه بالإرشاد نحو لمحة من فنون علمهم المزرية بشذور الذهب، وصلاة وسلاما على يتيمة الدهر، الجامع لأشتات الفضائل والفخر، المصطفى المختار، المجيز من استجازه دون إنكار، وعلى آله الأتقياء الأبرار، وأصحابه الأجلة الأخيار، وبعد: فالمطلوب من إحسان شيخنا قاضى القضاة ومن إليه المرجع في حل المشكلات الثقة الحجة، السالك من مناهج الدين أوضح محجة، الحافظ الضابط الثبت، الحسن

ص: 107

النعت والسمت، العلامة الدراكة المشارك، الذى لم يعقبه عن دائرة التحقيق متدارك، الإمام الذى به في كل فن يقتدى، النجم الذى هو ضياء في مشكلات العلوم وهدى، العلم الفرد الذى قصرت عن إدراك شأوه الجموع. العالم الذى انتصبت له في الخافقين أعلام الثناء المرفوع. إمام الفصحاء، وحامل راية البلغاء.

هو البحر لا بل دون ما علم البحر

هو البدر لا بل دون طلعته البدر

هو النجم لا بل دونه النجم رتبة

هو الدر لا بل دون منطقه الدر

هو الكامل الأوصاف في العلم والتقى

فطاب به في كل ما قطر الذكر

ذى الخلال التي تكل عن الحصر. والخصال التي يعترف له بها نبهاء العصر. الجامع لأوصاف الجمال وجمال الأوصاف. الحائز لأصناف المحاسن ومحاسن الأصناف. ذى السر الواضح السامى. أبى الفتح سيدى محمد التهامى بن العارف الأكبر. الولى الأشهر. الذى يحدو بمحاسنه الحاضر والبادى أبى المواهب سيدى حمادى الحمادى.

مذ أبصرت عينى محاسنه

وشاهدت منه الجمال الجميل

حملت قلبى من محبته

ما لم يكن يحمل قبل جميل

كيف لا وهو الفصيح الذى إن تكلم أجزل وأوجز، وأسكت ابن السكيت وابن العميد ببلاغته وأعجز، وأخمد نباهة قتيبة وابن قتيبة في علم اللغة والغريب.

وأما السنة والكتاب، فقد أبدى فيهما ملكة مالك وابن شهاب. ولم يشك سامع أنه ابن القاسم أو ابن إدريس. إن توجه لعلوم الفقه بالفتوى والتدريس. بيد أنه هذب بتنبيهاته الحسان كل مختلطة من مقدمات المهرة الأعيان، وإذا تعرض للتصريف. أو انتحى للنحو الجليل. خلته معاذا الهَّراء العفيف. وابن أحمد الخليل. يتصرف في بديع الإنشاء. بما يشاء.

ص: 108

إن هز أقلامه يوما ليعملها

أنساك كل كمى هز عامله

غير أن كلامه في الألباء يسرى مسرى كئوس الصهباء لو قرطت بيواقيته آذان ابن عبد الحميد أصبح في صناعته غير حميد، والحريرى وابن خاقان لما اهتديا إلى جمع المقامات وقلائد العقيان، ما برز في موطن بحث إلَّا برز على الأقران، ولا أجرى جياد علومه إلى غاية إلا كانت مطلقة العنان. إيه وفيه جرى. كل الصيد في جوف الفرا. ضم إلى علمه العمل ووصل مما أراد إلى أقصى أمل، فهو الرئيس الذى به المفاخر تحمد كعبة المجد والوفا والسخا والدين والحلم والفخار المؤيد جرت في بحر محاسنه سفن الأذهان، فلم تدرك قراره، وعجز النظراء والبلغاء أن يخوضوا آثاره.

سما في أهله طفلا وكهلا

وأحرز كل مكرمة حقيقة

فبالإكرام وإلا كبار حقا

ترى أبدا سيادته حقيقة

ولكن لا يستغرب من التبر الذهب، ومن معادنها الدرر، والسبط لا بد أن يقفو الأثر.

وهل ينبت الخطى إلا وشيجه

وتغرس إلا في منابتها النخل

أن يمن بالإجازة على المتمسكين بأذيالكم والمترددين صباحا ومساء على مجالسكم والمقبلين ثرى نعلكم وأقدامكم المسندين لحماكم المنيع واللائذين بجنابكم الأعز الرفيع محمد بن عبد القادر بن أحمد الكلالى الحسنى الشهير بالكردودى، والفقيهين الأجلين أخيكم سيدى محمد وسيدى محمد الطالب بن العلامة سيدى حمدون بن عبد الرحمن بن الحاج السلمى المرداسى، ونحن وإن لم نكن لذلك أهلا فاقبلوا ذلك منًّا منكم وفضلا، عسى أن يهب علينا من نفحاتكم العظمى ما نستوجب به من الله مزيد الرحمى.

ص: 109

ولسنا لذا أهلا ولكن فضلكم

به نرتقى والمرء يسمو بكم قدرا

وتكون تلك الأجازة من سيدنا محققة مصرحة القرينة مطلقة على الشرط المعتبر في الأداء عند أهل الأثر، شاملة للمعقول والمنقول في كل حكم محصل أو معدول، جامعة للأصول والفروع في نوع المفردات والجموع، ليحصل لنا الدخول في حماكم العظيم، والتشبث بجانبكم الأعز الكريم، ونظفر بالمنى والنجاح ونتشبه وإن لم نكن مثلهم فالتشبه بالكرام رباح، دران رشحت ذلك بذكر من تحملت عنه العلم من الأئمة الأكابر الذين افتخرت بهم على الأوائل والأواخر، كان ذلك تمام الأمنية وإنما الأعمال بالنية، وحاشاك أن تمد إليك الأيدى فتردها خلوًا، وأنت الحائز لكل الفضائل والفواضل، أخا صنوا أو يقرع فضلك فلا تفتح بابك، ولا تسدل على المعتقين أطنابك وغير مستغرب إقبالكم على أمثالنا وإعطاء من لاذ بكم البغية والمنى:

ولا غرو أن يعطى المنى لائذ بكم

ويلقاه وجه السعد متضح البشر

وفضلكم يغشى المطيع وغيره

كما تمطر الأمطار بالترب والصخر

ويعلم الله أن النفس لا تسمح بهذا الأمر لسواكم ولا تبوح بمرامها إلا لعلاكم:

بقيت بقاء الدهر يا كهف أهله

وهذا دعاء للبرية شامل

وصلى الله على سيدنا محمد خاتم أنبيائه ومبلغ أنبائه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما".

شعره: من ذلك قوله مادحا شيخه سيدى إدريس بن زين العابدين العراقى كما بنص استدعائه الإجازة منه:

ص: 110

ما كل ربة ملك جل بلقيسا

ولا الذى يخرق العادات تأسيسا

لا تحسبن الهدى بحسن بادية

فكم ترى من وضى فاق إبليسا

وكم حكيم ولكن ليس ذا حكم

ويدعى أنه بجهله عيسى

وكم أجوب بشوق كاد ينشرنى

على أحظى بمن ما حام تدليسا

فما ظفرت وهب أنى سمعت به

فذاك أشبه بالعنقاء إن قيسا

حتى تبسمت الآمال عن شنب

كسا الليالى ترصيعا وتجنيسا

فإذ أنا بابن زيان الذى شرفت

به المعالى العراقى الحبر إدريسا

دامت لنا طلعة النحرير في وهج

وزاده الله تأييدا وتقديسا

وقوله مادحا شيخه ابن كيران وموريا باسمه في استدعائه الإجازة منه:

أكرم به لوذعيا عز تمثيلا

ومفردا فاق إجمالا وتفصيلا

لا عيب فيه سوى من قد ألم به

ينال فخرا وتأييدا وتبجيلا

قد طيب الدهر من طيب اسمه كرما

فدام في مفرق الأيام إكليلا

وقوله مادحا العلامة أبا العباس أحمد بن التاودى بن سودى بمناسبة ختمه المختصر الخليلى عام ثمانية عشر ومائتين وألف بفاس القرويين:

حنانيك نبه غائبا يرقب السعدا

بطلعة سلمى أو بجارتها سعدى

وما زال يستشفى الغرام بطيفها

فما منحت إلا التأرق والصدا

فها عرفها ناجى الفؤاد ولم يبن

يصافحنا مما به أخجل الوردا

وكنت أخال الحلم حتى تبينت

فأبدت ذكاء في دجى جمعت ضدا

وحورا وريعا والقواضب والقنا

بناعم خوط يغضب السمر والأسدا

ص: 111

وجيد منصى لا لتزداد بهجة

ولكن ليبدى حسنه أيما وردا

وطرف كحيل فاتر دون حاجب

أزج فحيم يرهب العادى الوردا

ومن عجب طعن الجفون وهل سرى

طعان جفون دون أسيافها قدا

وفرع أثيث حالك بذوائب

ثلاث يغشى متنها رائقا جعدا

عجبت له يغرى مسامع قرطها

حديث خدام في خداه لها رأدا

وبالغرة الغرا تردى تولهى

بوجنته حتى انثنت خلتى رشدا

فقلت لها رحماك يا روح مهجتى

بصب رهين في جمالك لم يفدا

وكم جاب من فرط الجوى ولواعج

من الشوق صحصاح الفلا الغور والنجدا

وكم لعجت منه الحوائج والحشا

ولولا صبيب الغور أنضجت الجلدا

وكم طلق الغمض الثلاث جفونه

طلاق الحسام العضب يوم الوغى غمدا

وكاد الهوى العذرى ينحو بعطفه

إلى نحو عرف العطف منك فهل أبدا

فقالت فأبدت منه أنفس جوهر

فما خلت إلا أنها نثرت عقدا

هنيئا وطب نفسا بدانى احتفالنا

ودونك بعد البين من وصلنا ودا

رشفنا كئوسا من معين رضابها

فآونة صهبا وآونة شهدا

ولا عيب فيها غير أن إزارها

وثير كما بالخير قد وشحت بردا

ومما أثار للفؤاد أنينه

رنين جمال أو سوار علت زندا

وقد خضبت رخص البنان بعندم

تمثل دمعى رأد بينونة الغيدا

وأعجب منه ظنها فتبسمت

بأى نظام خلته الجوهر الفردا

بذات أقاح كان طى لنشرها

ورثنا الذى أبدى الشر ود له فقدا

ص: 112

فأعزز بها من منحه بين بضة

رداح وبين جنة قد حوت خلدا

ولا عاذل واش ينم بولينا

عدا الأعطرين المسك إذ ذاك والندا

كأنا وأفنان الرياض وزهرها

همام يحلى جنده الدر والنقدا

كان الربى إذ خدد النهر خدها

بعذب فرات ناضر طيب الوردا

أكف علاها الوشم أو طرس بارع

يسجله أو أرقم رائد بيدا

كأن الغضا والبان في حركاتها

بأيدى الصبا صب يميس بها وجدا

ولما تلت أوتارنا آية الهنا

وباحت بتحليل العناق ولا حدا

وشى بالذى نلنا بالبلابل غبطة

فصاحت على الأدواح تلتمس الرصدا

فسل لذاك الصبح صلت جبينه

وأفضت إليها الشمش من رمضها جندا

كأن سناه طلعة الحبر أحمد بـ

ـن سودة في أفق العلا صافحت سعدا

ولاحت على وجه الخوافق فانثنى

صقيل الردى من بعد عمته السودا

كما بدت الغراء للدين غرة

فبان ذكاء لا كنار علت طودا

فأعشى عيون الملحدين شعاعها

وأمست ممضاة الجفون به رمدا

وأصبح هذا الدهر يزهو مطاولا

على صدره إذ حله فاقد ندا

وحق له بالجهبذ المرى الذى

أشاد سنام المجد من بعد ما هدا

ومن بان في أفق المكارم مذ نشا

هلالا ولكن لا أفول ولا أردا

ومن لم يزل متن الثريا نعاله

وما فوقها الجوزاء من تحته مهدا

ومن عز بعض من حسان خلاله

فعز فأضحى في براعته فردا

ولا عجب من نقطة اليم والحيا

ولا سيما إن كان صيبه جودا

ص: 113

وما ذاك إلا من عذول معنف

يرى حصر أوصاف السميذع والحدا

ولم يدر إن أربت على المزن والحصا

ومن لى برد المزن أو حصرها عدا

وهب حصرها ما كان ضرك لو سرى

بك الفكر في آياته الألف والأحدا

وهل يجحد الشمس المنيرة نورها

سوى مائن أو من يرى الطعن واللحدا

رويدك هل ما قد كفاك فإنه ابـ

ـن فخر سرى أسس الفخر والمجدا

وكعبة سؤدد وذروة عزة

وبحر يموج بالعلوم وبالأسدا

وبدر سبيل الدين والحق والتقى

وطود الهدى ما أنفك رائده يهدا

وأفضل ذى حلم وصفح ورأفة

وكان بأمر الله منصلتا جلدا

وخير إمام قلد العدل في الورى

ومن قد تولى فيهم الحل والعقدا

حلاحل من بالأرض شرقا ومغربا

ومصقعهم من فاخر الفخر والسعدا

له ضِئضِئٌ (1) قد طاب فرعا ومحتدا

ولا زال يسمو ما سما ووفى جدا

بدور سماء كلما انقض واحد

بدا مثله أو فائق أثره سردا

فدمتم سراة الناس يا آل مرة

ولا زلتم فيهم مثقفة ملدا

ولا زال نجل التاودى محمد

سماء سحاب تمطر العلم والأجدا

لعمرك قد أحيا موات قلوبنا

حيا علمه الوبل الذى لم يزل رغدا

فعاد غشاها من صداء جهالة

نضيرا وغض العطف يحكى لنا الجدا

وقلد أجياد العقول فرائدا

منضدة في سلك لفظ له أندى

فما الغانيات ما الرحيق معتقا

وما الطير في أفنانه ينشد الرصدا

(1) الضِّئضِئُ: الأصل.

ص: 114

إلى أن قال:

عشيرتنا قد تمم الدهر ودنا

بيوم وصال من خليل وفى وعدا

فظلنا وهذا اليمن والسعد خادم

وهذى سرادق الْهَنَا خيمت جدا

فمن منح ما أسلف الدهر مثلها

فلله ربى أُدمن الشكر والحمدا

جزى بجزيل الجود والطول والولا

أئمتنا من منهم بان أو أودى

حماة حريم الدين من جنف الهوى

ومن بذلوا في حمل أعبائه الجهدا

أراحهم في رحب خير جنانه

بخير جوار الخاتم الرسل والأهدا

عليه صلاة الله ما قال منشد

حنانيك نبه غائبا يرقب السعدا

وقوله:

هم بالذى سكن الوجود بسره

ودع السوى في حبه وتجرد

وأقم على النفس الحدود فإن أبت

فجزاؤها من سجنها لا تفتدى

وقوله:

أتطمع في الحياة بغير موت

ويعجبك الثناء وفيه داء

وأقبح ما ترى من ذا وذاك

غرام ليس يتبعه سخاء

إذا ما البخل أصبح عند قوم

فقد أمسى بأرضهم البلاء (1)

نثره: من ذلك قوله في استدعائه الإجارة من شيخه سيدى إدريس بن زين العابدين العراقى المذكور:

"الحمد لله الذى زان نوع البشر بإجازة أفراس فكره في مجال المعانى.

(1) في هامش المطبوع: "البيت للإمام الشافعى".

ص: 115

وأكمل مزاياه من بين سائر جنسه بترجمان البيان وعنوان المبانى. فلم ينفك مقتنصا ظباء الفرائد. ومعربا عن عرب العين الخرائد. إلى أن بدت رافلة في حلل الطروس وحلى السطور. شاهدة ببراعة القدرة وبداعة المقدور.

وأشهد أنه الله الذى جل ثناؤه. وكمل سناه وسناؤه، وعمت رحمته وآلاؤه. وعذب لأوليائه لأواؤه.

وأشهد أن سيدنا محمدا عبده المحلى بحلى الفضائل والفواضل. والموشح بوسيم الوسائل. وسرى المسائل. الصادع بأحكام الأحكام المعنوية والحسية. والمفسر حديث أسرار الحضرة القدسية. أعظم الحائزين قصبات السبق في ميادين الكمالات. وأفخم الفائزين بروائع الخلال وجوامع المقالات صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الذين حملوا لنا راية الفروع والأصول. وظفروا بقصارى الأدب ونهاية الوصول. صلاة وسلاما دائمين صادقين بلا مين.

وبعد: فإن أنفس ما تنافست فيه نفائس الأفكار. واصطفته على حسان حور الأبكار. وماست به طربا. وهويته منى واربا. واستطابته شذى وريا، وفاخرت به طلعة الثريا، وفيه عذب رشف كئوس المنية. وبه تمت الخلال السنية. وتحققت الحقائق. وكشفت البراقع عن وجوه الدقائق. وشيدت أركان المراقى. وميز بين السافل والراقى. وفى فضله تقاعست الألسنة. واستحوذ عليها فتور وسنة. فنون العلم التي ناهيك في علو شأنها. وعزة تدرها وسلطانها. أن منها ما عرف إيحاء. وما كان أنحاء. وما تفق عن ذى الأصول الجليلة وما هو إلى الكل وسيلة. بيد أن بعض القلوب جبل على الغبطة. وذلك أفلح مطلوب وأنجح خطة. وكيف لا وقد قرن الله تعالى شهادته بشهادة أهله. وجعل سبحانه البينونة بين إدراكه وجهله. كما جاء أنهما في غاية المباينة. وليس الخير كالمعاينة. وبعض الأفئدة طبع عليه بطابع الحسد. وأفصح بذلك عنوان الجسد. فعمل بموجبه ومقتضاه. وآثر

ص: 116