الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لجنازته رنة عظيمة لم يتخلف عنها أحد من الوجهاء والأعيان ولفيف الناس، وكان الذى تولى الصلاة عليه هو نقيب الأدراسة الفقيه سيدى المختار الشبيهى، والذى تولى وضعه في قبره هو عمنا الفقيه مولاى عبد القادر رحم الله الجميع.
121 - الجيلانى بن عزوز الرحالى من ذرية الشيخ أبى محمد رحال الكوش دفين زمران
.
حاله: كان رحالا جوالا بحاثا عن الصالحين وأهل المقامات والأسرار وقورا مهابا ملحوظا بعين الإجلال والإكبار عند الخاص والعام، فقيها نزيها، قدوة مرجوعا إليه في العلوم الفلكية ومتعلقاتها من تسطير الرخامات وغير ذلك، وله معرفة تامة بعلم الأسماء والأوفاق وسر الحرف وله إلمام بالنحو والفقه كثير الأذكار لا ينام الليل قط، كثير التهجد، ألوف للغرباء كثير البذل والمعروف لهم غريب الأحوال مسموع الكلمة عند رجال الدولة ذو همة عالية، ونفس آبية.
أخبرنى من وثقت بخبره ممن كان يركن إليه ويسارره أنه لقيه ذات يوم خارجا من المسجد فأخرج له من تحته سبيكة ذهب وقال له: من يكون له علم بصنع هذا، كيف يطمع في أغنياء الوقت؟.
ومما هو معروف بالاستقرار من حاله أنه كان مهما وجد امرأة أو رجلا يبيع رملا أو بقلا أو غير ذلك مما هو من هذا القبيل يبادر لشراء ذلك منهم بأجمعه بما يطلبونه فيه من الثمن، ولم يكن له فيه أرَب، ويقول مثل هؤلاء ما حملهم على تعاطى هذا السبب الدنى عند الناس إلا الحاجة وعلو الهمة عن السؤال فهم أولى بالصدقة من غيرهم يعنى والصدقة الخفية هى المقصودة من شراء ذلك منهم.
وكان يلزم الأغنياء الإحسان إلى الضعفاء فيعطونهم وهم كارهون ولا يعصون له أمرا خصيصة خصه الله بها.
121 - من مصادر ترجمته: إتحاف المطالع في موسوعة أعلام المغرب 8/ 2789.
وكان يشترى أمعاء الشاه ويطعمها الكلاب، حيث إن في كل ذى كبد رطبة صدقة، وكان يلبس الثياب الرفيعة الغالية الثمن تارة والخشن الذى لا يلبسه إلا أهل الكد والفلاحين، ويقول لمن رأى من حاله الإنكار عليه: تبدوا واخشوشنوا فإن الرفاهية لا تدوم، وهو حديث نبوى أخرجه أبو الشيخ في السنن وابن شاهين في الصحابة، والطبرانى في الكنى، وعنه أبو نعيم في المعرفة عن القعقاع بن أبى حدرد مرفوعا:"تمعددوا واخشوشنوا واحلولقوا وانتضلوا وامشوا حفاة" ورواه أبو الشيخ والطبرانى في الكبير عن عبد الله بن أبى حدرد مرفوعا وأبو الشيخ عن أبى هريرة والرامهرمزى في الأمثال عن رجل من أسلم، وأبو حفص العكبرى عن بلال بن أبى حدرد.
قال الحافظ السيوطى في الجامع الكبير: الحديث مرسل لأن القعقاع لا صحبة له وفيه عبد الله بن سعيد ضعيف بمرة. انتهى.
ونحوه قول السخاوى مداره على عبد الله بن سعيد، وهو ضعيف.
ومن عجيب أخباره أيضا ما شافهى به الفقيه القاضى أبو العباس أحمد بن يوسف الناصرى وكان من أخص الناس به أن الفقيه السيد العباس الصريدى وكان ممن شارك المترجم في مصاهرة الباشا عبد الله بن أحمد، كان ملازما لذكر بعض الأسماء فبينما هو كذلك ذات يوم وقف جنى أمامه على بعد فأفزعه ذلك باطنا وصار هذا عمل الجنى معه في أوقات الذكر إلا أنه في كل يوم يزداد منه قربا فتحصن الصريدى منه بإدارة الكتب التي عنده بنفسه فلم تغن عنه شيئا وصار الجنى إذا قرب منه نفخ في وجهه فيسقط بعض شعر لحيته فاشتد على الصريدى الأمر في ذلك فذهب لصاحب الترجمة وشكا له ذلك فأمره أن يرجع لمحله وأن يوجه له آنية، ففعل فكتب له في الآنية وأمره بمحوها وأنه إذا حضر الجنى فليملأ فاه من مائها وليمجه أمام الجنى فلما فعل ذلك صار الجنى يضمحل قدامه إلى أن فنى بالكلية واستراح منه الصريدى المذكور.