الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم انتخب للإمامة بمسجد القصبة الإمامية المعروف اليوم بجامع القصبة فكان الإمام الراتب به، ثم أخر عنها، وولى مكانه سيدنا الجد المولى على بن محمد بن عبد الملك بن زيدان، وسبب ذلك أن السلطان العادل مولانا سليمان جاء يوما للمسجد المذكور بقصد أداء فرضه جماعة فيه، فاتفق أن الإمام الراتب تخلف لعذر وكان الجد المذكور من الملازمين المواظبين على الجماعة، فأمر مولانا سليمان بإقامة الصلاة على الجد وأمره بالتقدم فامتثل وأم، ومن ذلك الوقت صيره الإمام الراتب به، ثم لما علم المترجم بالواقع أبدى أعذارا مقبولة أباحت له التخلف، فعين إماما راتبا بالضريح الإسماعيلى، رحم الله الجميع بمنه.
الآخذون عنه: أخذ عنه السيد محمد بن العباس آتى الترجمة في المحمدين في جماعة، ولم أقف على وفاته.
92 - إدريس بن الطيب بن اليمانى بن أحمد بو عشرين
.
حاله: من بيت علم وديانة وفضل وصيانة، قال في "خمائل الورد والنسرين": إن بنى العشرين من الخلف الصالح الأنصارى الذين ظهروا بأرض المغرب وشاع فضلهم وظهرت آثارهم من الخير والصلاح وشعائر الدين ونشر العلوم الشرعية، قال: والذى تحقق عندنا في أول استقرارهم بالديار المغربية أن انتقالهم لهذه العدوة كان من عدوة الأندلس، وأن أولهم الذى خرج من الأندلس هو أبو الحجاج يوسف البياسى، وكان من سادات زمانه علما ودينا وضخامة قدر وجلالة جاه، قال: والذى رويناه عن بعض الأثبات الثقات المعمرين الأخباريين من أهل مكناسة وذكرته للشيخ العلامة الكاتب سيدى اليمانى رحمه الله في حكاية ذكرتها في "الجيش العرمرم" فلما عرضت عليه ذلك الذى نذكره الآن أقره وصدق الذى حكاه لى، والذى حدث به ذلك المحدث المذكور، هو أن انتقالهم كان من تونس إلى تلمسان، ثم إلى فاس، ثم إلى سلا، ثم إلى جبال الزبيب، ثم إلى مكناس، فلما ذكرت ذلك للفقيه المرحوم سيدى اليمنى، قال: ذلك صحيح، إلا
أن الذى أعرفه أن الانتقال من تونس إنما كان إلى فاس لا إلى تلمسان ثم إلى فاس. انتهى. وقد زيف ما يخالف هذا مما قاله صاحب وفيات الأعيان في ترجمة البياسى.
وكان المترجم فقيها أديبا كاتبا مجيدا وجيها استوزره السلطان سيدى محمد ابن عبد الرحمن بعد وفاة والده السيد الطيب صبيحة يوم السبت تاسع عشر شعبان عام ست وثمانين ومائتين وألف وذلك بالحضرة المراكشية، فقام بأعباء الوزارة أتم قيام مع الجد والحزم والنصح في الأعمال والإخلاص لجانب الأمير والمأمور.
وقد كان رحل إلى الحج قيد حياة والده، وذلك عام تسع -بتقديم التاء على السين وسبعين بتقديم السين على الموحدة- ومائتين وألف فأدى فريضة الحج وزار قبر خير الأنام، وتاقت نفسه للجوار فاشترى داره الشهيرة بالمدينة المنورة، ثم آب للديار المغربية، ثم أعاد الرحلة إلى الحج فاتح عام أربعة وتسعين بأهله وذويه، وأقام بمكة إلى فاتح عام سبعة وتسعين، وفيه رحل لطيبة الطيبة بقصد الجوار فطاب له بها المثوى والقرار.
وفى فاتح اثنين وثلاثمائة وألف دخل مصر والآستانة العظمى لمعالجة ألَمٍ ألَمَّ به فلقى من السلطان عبد الحميد ورجال دولته تكرمة وإجلالًا، ثم عاد إلى المدينة.
ثم في فاتح سنة ثلاث وثلاثمائة وألف رجع إلى الديار المغربية لصلة رحم قرابته وقضاء بعض مهماته، فوجد السلطان بالثغر الرباطى فأجله واعتنى بشأنه ورافق جنابه العلى إلى الحضرة المكناسية، فراوده وألح عليه في المقام على وَظِيفِه فاعتذر واستعفى وأبى إلا العود لجوار المصطفى، فساعده الإسعاد بالمساعدة وعاد لمدينة خير رسول معرضا عن كل ما يثبطه ويلهيه، وأقبل على عبادة ربه حتى أتاه اليقين.