الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الباء
45-
بكّار بْن قُتَيْبَةَ بْن عُبَيْد الله [1] .
وقِيلَ: بكّار بْن قُتَيْبَةَ بن أسد بْن عُبَيْد الله بْن بِشْر بْن أبي بكرة بْن نُفَيْع بْن الْحَارِث.
القاضي أبو بكرة الثَّقفيّ البكْراويّ الْبَصْرِيّ الفقيه الحنفيّ، قاضي ديار مصر.
سمع: رَوْح بْن عُبَادة، وأبا دَاوُد الطَّيالِسيّ، وعبد الله بْن بَكْر السَّهْميّ، ووهب بْن جرير، وسعيد بْن عامر الضُّبَعيّ، وطبقتهم.
وعنه: أبو عَوَانَة فِي مسنده الصّحيح، وعبد الله بْن عتّاب الرَّقّيّ، وأبو الميمون بْن راشد، وأحمد بْن سُلَيْمَان بْن حَذْلَم، والحَسَن بْن عَبْد الملك الحصائري، ومحمد بْن محمد بْن أبي حُذَيْفة، وأحمد بْن محمد المّدِينيّ الحاميّ، وأبو الْعَبَّاس الأصمْ، وخلْق من الدّمشقيّين، فإنّه قدِم إليها فِي الآخر، ومن المصريّين والرّحّالة.
[1] انظر عن (بكار بن قتيبة) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 152، والولاة والقضاة للكندي 505- 514، ومسند أبي عوانة 1/ 7128 313 و 2/ 45، 78، 273، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 130، والولاة والقضاة 215، 221، 224، 226، 231، 475- 476، 505- 515، وولاة مصر 15، 241، 247، 248، 250، 252، 256، والأنساب 2/ 274، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 285- 287، واللباب 1/ 169، ووفيات الأعيان 1/ 279- 282 رقم 116 و 116 ب، والعبر 2/ 44، ودول الإسلام 1/ 164، وسير أعلام النبلاء 12/ 599- 605 رقم 229، والبداية والنهاية 11/ 48، ومرآة الجنان 2/ 185، 186، والوافي بالوفيات 10/ 185، 186 رقم 4668، والنجوم الزاهرة 3/ 18، 19، 47، 48، وحسن المحاضرة 1/ 463، ورفع الإصر للسخاوي 140، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 19، وشذرات الذهب 2/ 158، ومآثر الإنافة 1/ 247، 251، 253، 256، وطبقات الفقهاء لطاش كبرى زاده 47، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 194، وطبقات الأولياء 119 رقم 27، وتاريخ ابن الوردي 1/ 238، وهدية العارفين 1/ 233، وديوان الإسلام 1/ 204، 205 رقم 309.
وكان من القُضاة العادلين.
قَالَ أبو بَكْر بْن المقرئ: نا محمد بْن بَكْر الشّعرانيّ بالقدس، نا أَحْمَد بْن سهل الهَرَويّ قَالَ: كنتُ ساكنًا فِي جوار بكّار بْن قُتَيْبَةَ، فانصرفت بعد العشاء، فإذا هُوَ يقرأ: يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ 38: 26 [1] الآية. ثُمَّ نزلت فِي السَّحَر، فإذا هُوَ يقرأها ويبكي، فعلمت أنّه كان يقرأها من أول اللّيل [2] .
وقَالَ محمد بْن يوسف الكِنْديّ [3] : قدِم بكّار قاضيًا من قِبل المتوكّل فِي جمادى الآخرة سنة ستٍّ وأربعين، فلم يزل قاضيًا، يعنى على مصر إِلَى أن تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة سبعين. وأقامت مصر بلا قاضٍ بعده سبْع سنين، ثُمَّ ولّى خُمَارَوَيْه محمد بْن عَبْدة.
وكان أَحْمَد بْن طولون أراد بكارا على لعن الموفَّق فامتنع، فسجنه إِلَى أن مات أَحْمَد، فأُطِلقَ بكّار، وبقي يسيرًا ومات. فَغُسِّلَ ليلًا، وكَثُرَ النّاس فلم يُدْفَن إِلَى العصر.
قلت: وكان القاضي بكّار عظيم الحُرْمة كبير الشأن. كان ينزل السّلطان ويحضر مجالسه، فذكر الطّحاويّ قَالَ: استعظم بكّار بْن قُتَيْبَةَ قبيح حكم الْحَارِث بْن مسكين فِي قضيّة ابنُ السائح، يعني لمّا حكم عليه الْحَارِث وأخرج من يده دار الفيل، وتوجّه ابنُ السائح إِلَى العراق يغوث على الْحَارِث [4] .
قَالَ الطّحاويّ: وكان الْحَارِث إنّما حكم فيها على مذهب أَهْل المدينة، فلم يزل يُونُس بن عبد الأعلى يكلّم بكّارا ويجسّره حَتَّى جسر وردّ إِلَى ابني السائح ما كان أَخَذَ منهما.
قَالَ الطّحاويّ: ولا أحصي كم كان أَحْمَد بْن طولون يجيء إِلَى مجلس بكّار وهو على الحديث، ومجلسه مملوء بالناس، ويتقدم الحاجب ويقول: لا يتغّير أحد من مكانه، فَمَا يشعر بكّار إلّا وابن طولون إِلَى جانبه، فيقول له: أيّها
[1] سورة ص، الآية 26.
[2]
الولاة والقضاة 506.
[3]
في الولاة والقضاة 506 و 512.
[4]
الخبر ذكره الكندي في ترجمة «الحارث بن مسكين» . (الولاة والقضاة 504) وانظر: 506.
الأمير ألا تركتني كنت أقضي حقّك وأقوم [1] .
ثُمَّ فسد الحال بينهما حَتَّى حبسه، وفعل به ما فعل.
وقِيلَ إنّه صنَّف كتابًا نقض فِيهِ على الشّافعيّ ردّه على أبي حنيفة. وكان يأنس بيونس بْن عَبْد الأعلى، ويسأله عن أَهْل مصر وعُدولهم.
ولما حبسه ابنُ طولون لم يمكنه أن يعزله، لأنّ القضاء لم يكن أمره إليه.
وقِيلَ إنّ بكّارا كان يشاور فِي حكمه وأمره يُونُس بْن عَبْد الأعلى، والرجل الصّالح مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن القاسم. فبَلَغَنا أنّ مُوسَى سأله بكّار: من أَيْنَ المعيشة؟
قَالَ: من وقْفٍ لأبي أتكفّى به.
وقَالَ: أريد أن أسألك يا أَبَا بكرة هَلْ ركِبَك دَيْن بالبصرة؟
قَالَ: لا.
قَالَ: فهل لك ولد أو زَوْجَة؟
قَالَ: ما نكحت قطّ، وما عندي سوى غلامي.
قَالَ: فأكرهك السُّلطان على القضاء؟
قَالَ: لا.
قَالَ: فضربت آباط الإبِل لغير حاجة إلّا لتلي الذّمّة والفُرُوج؟ للَّه عليّ لا عُدْتُ إليك.
فقال بكّار: أقِلني يا أَبَا هارون.
قَالَ: أنت ابتدأت بمسألتي.
ثُمَّ انصرف عَنْهُ ولم يعُد إليه [2] .
وقَالَ الْحَسَن بْن زُولاق فِي ترجمة بكّار: لمّا اعتلَّ ابنُ طولون راسل بكّارًا وقَالَ: أَنَا أردُّك إِلَى منزلك، فأجِبْني.
فقال للرسول: قل له شيخٌ فانٍ وعليلٌ مُدْنَفٌ والملتقى قريب، والقاضي الله. فأبلغ الرَّسُول ابنِ طولون، فأطرق ثُمَّ أقبل يقول: شيخٌ فانٍ وعليلٌ مُدْنَفٌ والملتقى قريب، والله القاضي. ثُمَّ أمر بنقله من السّجن إلى دار اكتريت له،
[1] الولاة والقضاة 508.
[2]
الولاة والقضاة 506، 507.
وفيها كان يُحدّث. فَلَمَّا مات ابنُ طولون قَيِل لبكّار: انصرف إِلَى منزلك.
فقال: الدّار بأُجرة وقد صلُحت لي. فأقام بها [1] .
قَالَ الطّحاويّ: أقام بها بعد ابنُ طولون أربعين يومًا ومات [2] .
ونقل ابنُ خلّكان [3] رحمه الله أنّ ابنُ طولون كان يدفع إِلَى بكّار فِي العام ألف دينار سوى المقرَّر له فيتركها بختمها. فَلَمَّا دعاه إِلَى خلْع الموفَّق من ولاية العهد امتنعَ، فاعتقله وطالبه بجملة الذَّهَب، فَحُمِل إليه بختومه، فكان ثمانية عشر كيسًا، فاستحى أَحْمَد بْن طولون عند ذلك، ثُمَّ أمره أن يسلِّم إِلَى محمد بْن شاذان الجوهريّ القضاء، ففعل، وجعله كالخليفة له. ثُمَّ سجنه أَحْمَد، فكان يُحَدِّث فِي السّجن من طاقة، لأنّ طَلَبَة الحديث سألوا ابنُ طولون فأذِن لهم على هَذِهِ الصورة.
قَالَ ابنُ خلّكان [4] : وكان بكّار بكّاءً تاليًا للقرآن، صالحًا ديّنًا، وقبره مشهور وقد عُرِف باستجابة الدّعاء عنده.
وقَالَ الطّحاويّ: كان على نهايةٍ فِي الحمد على ولايته. وكان ابنُ طولون على نهايةٍ فِي تعظيمه وإجلاله إِلَى أن أراد منه خلع الموفَّق ولعنه، فأبى فَلَمَّا رأى أنّه لا يسلم له منه ما يحاوله ألَّب عليه سُفهاء النّاس، وجعله لهم خصْمًا.
فكان يقعد له من يقيمه مقام الخصوم، فلا يأبى، ويقوم بالحُجّة بنفسه. ثُمَّ حبسه فِي دارٍ، فكان كلّ جمعة يلبس ثيابه وقت الصلاة ويمشي إِلَى الباب، فيقول له الموكّلون به: ارجع.
فيقول: اللَّهمّ أشهد.
قَالَ: ووُلِد سنة اثنتين وثمانين ومائة.
قلت: تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة سبعين، وشهده خلق أكثر ممّن شهِدَ العيد، وصلّى عليه ابنُ أَخِيهِ محمد بن الْحَسَن بْن قُتَيْبَةَ الثّقفيّ [5] .
[1] الولاة والقضاة 514.
[2]
الولاة والقضاة 514.
[3]
في وفيات الأعيان 1/ 279.
[4]
في وفيات الأعيان 1/ 280.
[5]
وقال ابن حبّان: كان ينتحل مذهب أبي حنيفة في الفقه.