الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم تتبع من سلك الثنايا فأدرك ربيعة بن رفيع وهو غلام ويقال له ابن الدغنة وهى أمه غلبت على اسمه دريد بن الصمة فأخذ بخطام جمله وهو يظن انه امرأة وذلك انه كان فى شجار له فأناخ به فاذا شيخ كبير واذا هو دريد بن الصمة ولا يعرفه الغلام فقال له دريد ماذا تريد بى قال أقتلك قال من أنت قال انا ربيعة ابن رفيع السلمى ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا فقال بئس ما سلحتك أمك خذ سيفى هذا من مؤخر الرحل ثم اضرب به وارفع عن العظام واخفض عن الدماغ فانى كذلك كنت أضرب الرجال ثم اذا أتيت أمك فأخبرها انك قتلت دريد بن الصمة فرب والله يوم منعت فيه نساءك فزعم بنو سليم ان ربيعة قال لما ضربته فوقع تكشف فاذا عجانه وبطون فخذيه مثل القرطاس من ركوب الخيل أعراء فلما رجع ربيعة الى أمه أخبرها بقتله اياه فقالت أمه والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثا كذا فى الاكتفاء* وفى رواية قتله الزبير بن العوّام قالت عمرة بنت دريد ترثى أباها
قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوا
…
فظل دمعى على السربال ينحدر
لولا الذى قهر الاقوام كلهمو
…
رأت سليم وكعب كيف تأتمر
قال ابن هشام ويقال اسم الذى قتل دريدا عبد الله بن قنيع بن اهبان بن ربيعة*
سرية أبى عامر الاشعرى الى أوطاس
وفى شوّال هذه السنة كانت سرية أبى عامر الاشعرى الى أوطاس وهو عمّ أبى موسى الاشعرى وقال ابن اسحاق ابن عمه والاوّل أشهر وأوطاس واد معروف فى ديار هوازن بين حنين والطائف* روى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من حنين عقد لواء ودفعه الى ابى عامر الاشعرى وأمّره على جمع من الصحابة منهم أبو موسى الاشعرى وسلمة بن الاكوع والزبير بن العوّام وبعثه فى آثار من توجه قبل أوطاس من فرّار هوازن يوم حنين فأدرك بعض المنهزمين فناوشوه القتال فرمى أبو عامر بسهم فقتل فأخذ الراية أبو موسى الاشعرى ففتح الله عليه وهزمهم الله ويزعمون أنّ سلمة بن دريد هو الذى رمى أبا عامر وذكر ابن هشام عمن يثق به أنّ أبا عامر الاشعرى لقى يوم أوطاس عشرة اخوة من المشركين فحمل عليه أحدهم فحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه الى الاسلام ويقول اللهم اشهد عليه فقتله أبو عامر ثم جعلوا يحملون عليه رجلا بعد رجل ويحمل أبو عامر ويقول ذلك حتى قتل تسعة وبقى العاشر فحمل على أبى عامر وحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه الى الاسلام ويقول اللهم اشهد عليه فقال الرجل اللهم لا تشهد علىّ فكف عنه أبو عامر فأفلت ثم أسلم بعد فحسن اسلامه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رآه قال هذا شريد أبى عامر كذا فى الاكتفاء* وعن ابن اسحاق وغيره من أصحاب السير لما قال عاشر الاخوة اللهم لا تشهد علىّ أمسك عنه أبو عامر يظنّ أنه أسلم فقتل ذلك الرجل أبا عامر وبعد ذلك أسلم وحسن اسلامه وكان النبىّ صلى الله عليه وسلم يقول له شريد أبى عامر* وعن أبى موسى الاشعرى أنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عامر الى أوطاس وبعثنى معه فلما لقينا العدوّ وقاتلناه رمى رجل من بنى جشم بسهم فى ركبة أبى عامر فأثبته فيها فانتهيت اليه أى عمّ من رماك فأشار الى رجل فقصدته ولحقته فلما رآنى ولى هاربا فتبعته وهو يهرب وجعلت أقول له ألا تستحيى ألا تثبت فكف عن الهرب فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته فرجعت ثم قلت لابى عامر قتل الله صاحبك الذى رماك بالسهم فقال لى انزع منى هذا السهم فنزعته من ركبته فخرج منه الماء أو قال الدم مثل الماء فلما رأى ذلك أبو عامر يئس من حياته وقال يا ابن أخى أقرئ النبىّ صلى الله عليه وسلم منى السلام وقل له يستغفرلى واستخلفنى أبو عامر فمكث يسيرا ثم توفى رحمة الله عليه ووقع فتح أوطاس بيدى فرجعت ثم دخلت على النبىّ صلى الله عليه وسلم فى بيته وهو على سرير مرمّل أى منسوج من ليف وما عليه فراش قد أثر رمال السرير فى ظهره وجنبيه فأخبرته بخبر أبى عامر وقوله قل له يستغفرلى فدعا بماء وتوضأ
وفى رواية صلى ركعتين ثم رفع يديه فرأيت بياض ابطيه وقال اللهم اغفر لعبيدك أبى عامر واجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك فقلت ولى فقال اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما والتوفيق بين الروايتين أن يقال انّ الرجل الذى قاله محمد بن اسحاق لم يكن قاتلا حقيقيا لابى عامر بل كانت له شركة فى قتله والله أعلم* وذكر ابن هشام انه رمى أبا عامر يومئذ أخوان من بنى جشم بن معاوية فأصاب أحدهما قلبه والاخر ركبته فقاتلاه وولى الناس أبو موسى الاشعرى فحمل عليهما فقتلهما وذكر ابن اسحاق ان القتل استحرّ فى بنى رباب وزعموا ان عبد الله بن قيس الذى يقال له العوراء وهو أحد بنى وهب بن رباب قال يا رسول الله هلكت بنو رباب فزعموا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم اجبر مصيبتهم وخرج مالك بن عوف عند الهزيمة فوقف فى فوارس من قومه على ثنية من الطريق وقال لاصحابه قفوا حتى تمضى ضعفاؤكم وتلحق أخراكم فوقف هنالك حتى مرّ من كان لحق بهم من منهزمة الناس* قال ابن هشام وبلغنى أنّ خيلا طلعت ومالكا وأصحابه على الثنية فقال لاصحابه ماذا ترون قالوا نرى أقواما عارضى رماحهم أغفالا على خيلهم قال هؤلاء الاوس والخزرج فلا بأس عليكم منهم فلما انتهوا الى أصل الثنية سلكوا طريق بنى سليم فقال لاصحابه ماذا ترون قالوا نرى قوما واضعى رماحهم بين آذان خيلهم طويلة بوادّهم قال هؤلاء بنو سليم ولا بأس عليكم منهم فلما سلموا سلكوا بطن الوادى ثم اطلع فارس فقال لاصحابه ماذا ترون قالوا نرى فارسا طويل البادّوا ضعا رمحه على عاتقه عاصبا رأسه بملاءة حمراء قال هذا الزبير بن العوّام وأحلف باللات والعزى ليخالطنكم فاثبتوا له فلما انتهى الزبير الى أصل الثنية أبصر القوم فصمد لهم فلم يزل يطاعنهم حتى أزاحهم عنها* وروى أنّ المسلمين قد كانوا أخذوا سبايا يوم حنين وأوطاس وكانوا يستكرهون نساء السبى اذ كنّ ذوات أزواج فاستفتوا فى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الاية وهى والمحصنات من النساء الا ما ملكت أيمانكم يريد ما ملكت أيمانهم من اللاتى سبين ولهنّ أزواج كفار فهنّ حلال للسابين والنكاح مرتفع بالسبى لقول أبى سعيد رضى الله عنه أصبنا سبايا يوم أوطاس ولهنّ أزواج فكرهنا أن نقع عليهنّ فسألنا النبىّ صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الاية فاستحللناهنّ واياه عنى الفرزدق بقوله
وذات حليل أنكحتها رماحنا
…
حلال لمن يا بنى بها لم تطلق
وقال أبو حنيفة رحمه الله لو سبى الزوجان لم يرتفع النكاح ولم يحلّ للسابى كذا فى أنوار التنزيل وأمر النبىّ صلى الله عليه وسلم فى سبايا حنين وأوطاس لا توطأ حامل من السبى حتى تضع حملها ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة فسألوا عن العزل قال ليس من كل الماء يكون الولد واذا أراد الله أن يخلق شيئا لم يمنعه شئ* وفى الاكتفاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ان قدرتم على بجاد رجل من بنى سعد بن بكر فلا يفلتنكم وكان قد أحدث حدثا فلما ظفر به المسلمون ساقوه وأهله وساقوا معه الشيماء ابنة الحارث بن عبد العزى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فعنفوا عليها فى السياق فقالت للمسلمين اعلموا أنى أخت صاحبكم من الرضاعة فلم يصدّقوها حتى أتوابها الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله انى أختك قال وما علامة ذلك قالت عضة عضضتنيها فى ظهرى وأنا متورّكتك فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فبسط لها رداءه وأجلسها عليه* وفى رواية ودمعت عيناه وخيرها وقال ان أحببت فأقيمى عندى محبة مكرمة وان أحببت أن أمتعك وترجعى انى قومك فعلت فقالت بل تمتعنى وتردّنى الى قومى فأسلمت فمتعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وردّها الى قومها فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاما يقال له مكحول وجارية فزوّجت الغلام