الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا باب سقط عليه النجاف والبنيان فلا نستطيع أن نحركه حتى نصبح فننظر اليه من أين أتى فرجعت وتركت البابين مفتوحين فلما أصبحت غدوت عليهما فاذا الحجر الذى فى زاوية المسجد مثقوب واذا فيه أثر رباط الدابة فقلت لاصحابى ما حبس هذا الليلة الباب الاعلى نبىّ وقد صلى الليلة فى مسجدنا هذا فقال قيصر لقومه يا معشر الروم ألستم تعلمون ان بين عيسى وبين الساعة نبىّ بشركم به عيسى ابن مريم ترجون أن يجعله الله فيكم قالوا بلى قال فان الله قد جعله فى غيركم فى أقل منكم عددا وأضيق منكم بلدا وهى رحمة الله عز وجل يضعها حيث شاء* وفى رواية ان هرقل لما قرأ الكتاب أى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا بدحية وقال له والله انا لنعلم انه نبىّ مرسل وهو الذى كنا ننتظره وقرأنا نعته فى الكتب السماوية وانى أخاف الروم أن يقصدوا هلاكى والا تابعته فاذهب الى رومة فلن بها رجلا اسمه ضفاطر وكان رجلا عظيما من علماء النصارى وكان نظير هرقل فى العلم قال فأخبره بهذا الخبر* وفى رواية كتب اليه هرقل كتابا وقال لدحية ان ضفا طرفى الروم أعظم منى واعتقادهم لكلامه أكثر فانظر ماذا يقول فذهب دحية الى رومة وبلغ ضفاطر كتاب هرقل وأخبره بخبر النبىّ صلى الله عليه وسلم وأوصافه قال ضفاطر والله انه لنبىّ على الحق ونحن وجدناه فى كتابنا بالصفة التى ذكرت وقرأنا اسمه فى التوراة والانجيل ثم دخل ضفاطر بيته ونزع ثيابه السود ولبس ثيابا بيضا وأخذ بيده العصا وذهب الى كنيسة النصارى حين كان فيها جمع من أشرافهم وقال يا معشر الروم اعلموا انه جاءنا كتاب من عند أحمد العربى ودعانا فى ذلك الكتاب الى الحق* وأنا أشهد أن لا اله الا الله وأن أحمد عبده ورسوله* فلما سمعت الروم منه هذا الكلام وثبت عليه بأجمعها فضربته حتى قتلته فرجع دحية الى هرقل وأخبره بما رأى قال له هرقل أما قلت لك انى أخاف من الروم والله ان ضفاطر عند قومه أعظم منى عند هؤلاء القوم واعتقاد أهل الروم لكلامه أكثر من اعتقادهم لكلامى وقد ثبت ان هرقل لما بلغه خبر ضفاطر انتقل من ايليا الى حمص دار ملكه وسلطنته وكانت له هناك دسكرة أى قصر عظيم فأذن لعظماء الروم فى دسكرته ثم أمر بأبوابها فغلقت ثم اطلع فقال يا معشر الروم هل لكم فى الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتابعوا هذا النبىّ فحاصوا حيصة حمر الوحش الى الابواب فوجدوها قد غلقت فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من ايمانهم قال ردّوهم علىّ فقال انى قلت مقالتى آنفا أختبر بها شدّتكم على دينكم فقد رأيت فسجدوا له ورضوا عنه فكان ذلك آخر شأن هرقل* رواه صالح بن كيسان ومعمر عن الزهرى كذا فى البخارى* وفى المنتقى وهرقل عظيم الروم ملك احدى وثلاثين سنة واختلف فى اسلامه* وفى ملكه توفى النبىّ صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم*
(ذكر كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم الى كسرى ملك فارس)
* وهذا هو كسرى برويز بن هرمز بن أنو شروان ومعنى برويز بالعربية المظفر فيما ذكره المسعودى وهو الذى كان غلب الروم فأنزل الله فى قصتهم* ألم غلبت الروم فى أدنى الارض وأدنى الارض فيما ذكره الطبرى هى بصرى وفلسطين وأذرعات من أرض الشام* ذكر الواقدى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة السهمى منصرفه من الحديبية الى كسرى وبعث معه كتابا مختوما وفيه مكتوب* (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسوله وأدعوك بداعية الله عز وجل فانى أنا رسول الله عز وجل الى الناس كافة لانذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين أسلم تسلم فان أبيت فعليك اثم المجوس فلما قرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه ومزّقه وشققه وقال يكتب الىّ بهذا الكتاب
وهو عبدى ثم قال لى ملك هنىء لا أخشى أن أغلب عليه ولا أشارك فيه وقد ملك فرعون بنى اسرائيل ولستم بخير منهم فما يمنعنى أن أملككم وانا خير منه فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ كسرى شقق كتابه قال مزّق الله ملكه) * وفى المنتقى دعا عليه أن يمزّقوا كل ممزّق فقال مزّق كتابى مزّق الله ملكه* وفى رواية قال اللهم مزّق ملكه فانصرف عبد الله عنه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم* وفى نظام التواريخ بلغ برويز فى الملك والتبختر والتنعم الى مرتبة لم يكن أحد من الملوك مثله ثمانيا وعشرين سنه وأعظم الاسباب فى زوال ملكه تمزيق كتاب رسول الله لما كتب الى ملوك الاطراف يدعوهم الى الاسلام* قال ابن هشام فى سيرته بلغنى أنه قال كتب كسرى الى باذان أنه بلغنى أنّ رجلا من قريش خرج بمكة يزعم أنه نبىّ فسر اليه فاستتبه فان تاب والا فابعث الىّ برأسه فبعث باذان كتاب كسرى الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم انّ الله وعدنى أن يقتل كسرى يوم كذا من شهر كذا فلما أتى باذان الكتاب توقف وقال ان كان نبيا فسيكون ما قال فقتل الله كسرى فى اليوم الذى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل على يد ولده شيرويه* وفى المنتقى كتب كسرى الى باذان وهو على اليمن من قبله أن ابعث الى هذا الرجل الذى بالحجاز من عندك رجلين جلدين فليأتيانى به* وفى رواية كتب الى باذان بلغنى أن فى أرضك رجلا تنبأ فاربطه وابعث به الىّ فبعث باذان قهرمانه وهو بانويه وكان كاتبا حاسبا وبعث معه برجل من الفرس يقال له خرخسره وفكتب معهما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما الى كسرى وقال لبانويه ويلك انظر ما الرجل وكلمه وائتنى بخبره فخرجا فلما بلغا الطائف وكان فيه حينئذ جمع من أشراف قريش مثل أبى سفيان وصفوان بن أمية وغيرهما فسألا عن النبىّ صلى الله عليه وسلم فقالوا انه بيثرب فلما سمع أبو سفيان وصفوان بن أمية مضمون كتاب باذان فرحا وقالا مثل كسرى قام بعداوته وقدم بانويه وخرخسره المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قد ما عليه أنزلهما وأمرهما بالمقام أياما ثم أرسل لهما صلى الله عليه وسلم ذات غداة ولما دخلا عليه قال لهما اجلسا فبركا على ركبهما وكلمه بانويه وقال انّ شهنشاه ملك الملوك كسرى كتب الى الملك باذان يأمره أن يبعث اليك من يأتيه بك وقد بعثنى اليك لتنطلق معى فان فعلت كتب فيك الى ملك الملوك بكتاب ينفعك ويكف عنك به وان أبيت فهو ممن قد علمت وهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك وأعطياه كتاب باذان ولما اطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضمون الكتاب وسمع حكايتهم المزخرفة تبسم ودعاهما الى الاسلام* وفى رواية أنهما حين دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كانا قد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما حتى وارت شفاههما فكره النظر اليهما وقال ويلكما من أمركما بهذا قالا أمرنا بهذا ربنا يعنيان كسرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن ربى أمرنى باعفاء لحيتى وقص شواربى* وفى المشكاة عن زيد بن أرقم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لم يأخذ من شار به فليس منا رواه أحمد والترمذى والنسائى وأورد الكرمانى فى مناسكه اثم تطويل الشوارب وعقوبته فقال قال النبىّ صلى الله عليه وسلم من طوّل شاربه عوقب بأربعة أشياء لا يجد شفاعتى ولا يشرب من حوضى ويعذب فى قبره ويبعث الله اليه المنكر والنكير فى غضب انتهى* روى أنهما كانا يتكلمان بالتجلد وترجف بوادرهما من هيبة مجلس رسول الله فقالا له ان لم تأت معنا فاكتب جواب كتاب الملك باذان فقال لهما ارجعا حتى تأتيانى غدا فلما خرجا من عنده قال أحدهما لصاحبه لو مكثنا فى مجلس هذا الرجل أكثر مما جلسنا لخفت على نفسى الهلاك وقال صاحبه وانى أيضا ما لقيت قط مثل ما وقع لى اليوم فى محضر هذا الرجل من الخوف فيعلم أنّ له
شأنا فأتى جبريل عليه السلام الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنّ الله عز وجل قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله فى شهر كذا وكذا ليلة كذا وكذا بعد ما مضى من الليل كذا وكذا ساعة فلما أتيا الى النبىّ صلى الله عليه وسلم من الغد قال انّ ربى قد قتل الليلة ربكما بعد ما مضى من الليل سبع ساعات سلط عليه ابنه شيرويه حتى بقربطنه وكانت تلك الليلة ليلة الثلاثاء العاشرة من جمادى الاولى من السنة السابعة من الهجرة قال اذهبا وأخبرا صاحبكما يعنى باذان بهذا الخبر فقالا هل تدرى ما تقول انا قد نقمنا منك ما هو أيسر من هذا أفنكتب بها عنك ونخبر الملك قال نعم أخبراه ذلك عنى وقولا له انّ دينى وسلطانى سيبلغ ما بلغ ملك كسرى وينتهى منتهى الخف والحافر وقولا له انك ان أسلمت أعطيتك ما تحت يدك وملكتك على قومك من الابناء* وفى الاكتفاء يروى أنّ كسرى رأى فى النوم بعد أن أخبر بخروج النبىّ صلى الله عليه وسلم من مكة ونزوله بيثرب ان سلما وضع فى الارض الى السماء وحشر الناس حوله اذ أقبل رجل عليه عمامة وازار ورداء فصعد السلم حتى اذا كان بمكان منه نودى اين فارس ورجالها ونساؤها ولامتها وكنوزها فأقبلوا فجعلوا فى جوالق ثم دفع الجوالق الى ذلك الرجل فأصبح كسرى تعس النفس محزونا لتلك الرؤيا وذكرها لاساورته فجعلوا يهوّنون عليه الامر فيقول كسرى هذا أمر يراد به فارس فلم يزل مهموما حتى قدم عليه عبد الله بن حذافة بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه الى الاسلام* وفى المنتقى ان كسرى كان اذا ركب ركب أمامه رجلان يقولان له ساعة فساعة أنت عبد ولست برب فيشير برأسه نعم قال فركب يوما فقالا له ذلك ولم يشر برأسه فشكوا الى صاحب شرطته ليعاتبه وكان كسرى قد نام فلما وقع صوت حوافر الدواب فى سمعه استيقظ فدخل عليه صاحب شرطته فقال أيقظتمونى ولم تدعونى أنام انى رأيت انه رقى بى فوق سبع سموات فوقفت بين يدى الله تعالى فاذا رجل بين يديه عليه ازار ورداء وقال لى سلم مفاتيح خزائن أرضى الى هذا فأيقظتمونى قال وصاحب الرداء والازار يعنى به النبىّ صلى الله عليه وسلم* وعن سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال بعث الله ملكا الى كسرى وهو فى بيت من بيوت ايوانه الذى لا يدخل عليه فيه فلم يرع الا به قائما على رأسه فى يده عصا بالهاجرة وفى ساعته التى كان يقيل فيها فقال له يا كسرى أتسلم أو أكسر هذه العصا فقال بهل بهل بالفارسية معناه خل خل وأمهل ولا تكسر فانصرف عنه ثم دعا حرّاسه وحجابه فتغيظ عليهم فقال من أدخل هذا الرجل علىّ قالوا ما دخل عليك أحد ولا رأيناه حتى اذا كان العام القابل أتاه فى الساعة التى أتاه فيها فقال له كما قال له ثم قال له أتسلم أم أكسر هذه العصا فقال بهل بهل فخرج عنه فدعا كسرى حجابه وبوّابيه فتغيظ عليهم فقال لهم كما قال أوّل مرّة فقالوا ما رأينا أحدا دخل عليك حتى اذا كان العام الثالث أتاه فى الساعة التى جاء فيها وقال له كما قال ثم قال أتسلم أو أكسر هذه العصا فقال بهل بهل فكسر العصا ثم خرج فهلك كسرى عند ذلك* وفى الاكتفاء ذكر الواقدى من حديث أبى هريرة وغيره ان كسرى بينما هو فى بيت كان يخلو فيه واذا رجل خرج اليه فى يده عصا فقال يا كسرى ان الله بعث رسولا وأنزل عليه كتابا فأسلم تسلم واتبعه يبق لك ملكك قال كسرى أخر عنى أثرا ما فدعا حجابه وبوّابيه فتوعدهم وقال من هذا الذى دخل علىّ قالوا له والله ما دخل عليك أحد وما ضيعنا لك بابا حتى اذا كان العام المقبل أتاه فقال له مثل ذلك وقال له ان لم تسلم أكسر العصا قال لا تفعل أخر ذلك أثرا ما ثم جاءه العام المقبل ففعل مثل ذلك وضرب بالعصا على رأسه فكسرها وخرج من عنده ويقال ان ابنه قتله تلك الليلة فأعلم الله بذلك رسوله فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رسل باذان اليه ثم أعطى خرخسره منطقة فيها ذهب وفضة كان أهدا
هاله