الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكن بأسباب متينات الهدى
…
نكبها الله ثنيات الردى
وعن عبد الله بن قرط الثمالى قال لما خرج خالد من عين التمر مقبلا الى الشام كتب الى المسلمين مع عمرو ابن الطفيل بن عمرو الازدى وهو ابن ذى النور* أما بعد فانّ كتاب خليفة رسول الله أتانى بالمسير اليكم وقد شمرت وانكمشت وكأن قد أظلت عليكم خيلى ورجالى فابشروا بانجاز موعد الله وحسن ثواب الله عصمنا لله واياكم باليقين وأثابنا أحسن ثواب المجاهدين والسلام عليكم*
كتاب خالد الى أبى عبيدة
وكتب معه الى أبى عبيدة أما بعد فانى اسأل الله لنا ولك الا من يوم الخوف والعصمة فى دار الدنيا من كل سوء وقد اتانى كتاب خليفة رسول الله يأمرنى بالمسير الى الشأم وبالقيام على جندها والتولى لامرها والله ما طلبت ذلك قط ولا أردته اذ وليته فأنت على حالك التى كنت عليها لا نعصيك ولا نخالفك ولا نقطع دونك أمرا فأنت سيد المسلمين لا ننكر فضلك ولا نستغنى عن رأيك تمم الله بنا وبك من احسان ورحمنا واياك من صلىّ النار والسلام عليك ورحمة الله* قال فلما قدم علينا عمرو بن الطفيل وقرأ كتاب خالد على الناس وهم بالجابية ودفع الى أبى عبيدة كتابه فقرأه قال بارك الله لخليفة رسول الله فيما رأى وحيا الله خالدا قال وشق على المسلمين أن ولى خالدا على أبى عبيدة ولم أره على احد أشق منه على بنى سعيد بن العاص وانما كانوا متطوّعين حبسوا انفسهم فى سبيل الله حتى يظهر الله الاسلام فأما ابو عبيدة فانا لم نتبين فى وجهه ولا فى شئ من منطقه الكراهة لامر خالد* وعن سهل بن سعد أنّ أبا بكر كتب الى أبى عبيدة أما بعد فانى قد وليت خالدا قتال العدوّ بالشام فلا تخالفه واسمع له وأطع أمره فانى لم أبعثه عليك أن لا تكون عندى خيرا منه ولكنى ظننت أن له فطنة فى الحرب ليست لك أراد الله بنا وبك خيرا والسلام*
اغارة خالد على بنى تغلب
ثم انّ خالدا خرج من عين التمر حتى أغار على بنى تغلب والنمر بالبشر فقتلهم وهزمهم وأصاب من أموالهم طرفا قال وانّ رجلا منهم ليشرب من شراب له فى جفنة وهو يقول
* الاعللانى قبل جيش أبى بكر
…
لعل منايانا قريب وما ندرى*
فما هو الا أن فرغ من قوله اذ شدّ عليه رجل من المسلمين فضرب عنقه فاذا رأسه فى الجفنة* وعن عدى ابن حاتم قال أغرنا يعنى مع خالد على أهل المصيخ واذا رجل من النمر يدعى حرقوص بن النعمان حوله بنوه وبينهم جفنة من خمروهم عليها عكوف يقولون له ومن يشرب هذه الساعة فى أعجاز الليل فقال اشربوا شرب وداع فما أرى أن تشربوا خمرا بعدها أبدا هذا خالد بالعين وقد بلغه جمعنا وليس بتاركنا ثم قال
الا فاشربوا من قبل قاصمة الظهر
…
وقبل انتقاص القوم بالعسكر الدثر
وقيل منايانا المصيبة بالقدر
…
بحين لعمرى لا يزيد ولا يحرى
فسبق اليه وهو فى ذلك بعض الخيل فضرب رأسه فاذا هو فى جفنته فأخذنا بناته وقتلنا بنيه* وفى كتاب سيف قال ولما بلغ غسان خروج خالد على سوى وانتسافها واغارته على مصيخ بهراء وانتسافها اجتمعوا بمرج راهط وبلغ ذلك خالدا وقد خلف ثغور الشام وجنودها مما يلى العراق فصار بينهم وبين اليرموك صمد لهم فخرج من سوى بعد ما رجع اليها بسبى بهراء فنزل علمين على الطريق ثم نزل الليث حتى صار الى دمشق ثم مرج الصفر فلقى عليه غسان وعليهم الحارث بن الايهم فانتسف عسكرهم ونزل بالمرج أياما وبعث الى أبى بكر بالأخماس ثم خرج من المرج حتى نزل مياه بصرى فكانت أوّل مدينة افتتحت بالشام على يدى خالد فيمن معه من جنود العراق وخرج منها فوافى المسلمين بالواقوصة* وعن غير سيف أنّ خالدا أغار على غسان فى يوم فصبحهم فقتل وسبى وخرج على أهل الغوطة حتى أغار عليهم فقتل ما شاء وغنم ثم انّ العدوّ دخلوا دمشق فتحصنوا وأقبل أبو عبيدة وكان بالجابية مقيما حتى نزل معه بالغوطة فحاصر أهل دمشق*
عدّة الجيش الذى دخل الشام مع خالد
وعن قيس بن أبى حازم قال كان خرج مع خالد من بجيلة وعظيمهم أحمس نحو من
مائتى رجل ومن طى نحو من مائة وخمسين قال وكان معنا المسيب بن نجيبة فى نحو من مائتى فارس من بنى ذبيان وكان خالد فى نحو من تلثمائة من المهاجرين والانصار فكان أصحابه الذين دخلوا معه الشام ثمانمائة وخمسين رجلا كلهم ذونية وبصيرة لانه كان يقحم أمورا يعلمون انه لا يقوى على ذلك الاكل قوىّ جلد فأقبل بنا حتى مرّ بأروكة فأغار عليها وأخذ الاموال وتحصن منه أهلها فلم يبارحهم حتى صالحهم* قال ومرّ بتدمر فتحصنوا منه فأحاط بهم من كل جانب وأخذهم من كل مأخذ فلم يقدر عليهم فلما لم يطقهم ترحل عنهم وقال لهم حين أراد أن يرتحل فيما يروى عن عبد الله بن قرط والله لو كنتم فى السحاب لاستنزلناكم وظهرنا عليكم ما جئناكم الا ونحن نعلم انكم ستفتحون علينا وان أنتم لم تصالحونا هذه المرّة لارجعنّ اليكم لو قد انصرفت من وجهى هذا ثم لا أرحل عنكم حتى أقتل مقاتلتكم وأسبى ذراريكم فلما فصل قال علماؤهم واجتمعوا انا لا نرى هؤلاء القوم الا الذين كنا نتحدّث انهم يظهرون علينا فافتحوا لهم فبعثوا الى خالد فجاء ففتحوا له وصالحوه* وعن سراقة بن عبد الاعلى أن خالدا فى طريقه ذلك مرّ على حوران فهابوه فتحرز أكثرهم منه وأغار عليهم فاستاق الاموال وقتل الرجال وأقام عليهم أياما فبعثوا الى ما حولهم ليمدّوهم فأمدّوهم من مكانين من بعلبك وهى أرض دمشق ومن قبل بصرى وبصرى مدينة حوران وهى من أرض دمشق أيضا فلما رأى المددين قد أقبلا خرج وصف بالمسلمين ثم تجرّد فى مائتى فارس فحمل على مدد بعلبك وهم أكثر من ألفين فما وقفوا حتى انهزموا ودخلوا المدينة ثم انصرف يوجف فى أصحابه وجيفا حتى اذا كان بحذاء مدد بصرى وانهم لاكثر من ألفين حمل عليهم فما ثبتوا له فواقا حتى هزمهم فدخلوا المدينة وخرج أهل المدينة فرموا المسلمين بالنشاب فانصرف عنهم خالد وأصحابه حتى اذا كان من الغد خرجوا اليه ليقاتلوه فعجزوا وأظهره الله عليهم فصالحوهم* وعن عمرو بن محصن حدّثنى علج من أهل حوران كان يتشجع قال والله لخرجنا اليهم بعد ما جاءنا مدد أهل بعلبك وأهل بصرى بيوم فخرجنا وانا لاكثر من خالد وأصحابه بعشرة أضعافهم وأكثر فما هو الا أن دنونا منهم فثاروا فى وجوهنا بالسيوف كأنهم الاسد فانهزمنا أقبح الهزيمة وقتلونا أشر القتلة فما عدنا نخرج اليهم حتى صالحناهم ولقد رأيت رجلا منا كنا نعدّه بالف رجل قال لئن رأيت أميرهم لا قتلته فلما رأى خالدا قيل له هذا خالد أمير القوم فحمل عليه وانا لنرجو لبأسه أن يقتله فما هو الا أن دنا منه فضرب خالد فرسه فأقدمه عليه ثم استعرض وجهه بالسيف فأطار قحف رأسه ودخلنا مدينتنا فما كان لنا هم الا الصلح حتى صالحناهم* وعن قيس بن أبى حازم قال كنت مع خالد حين مرّ بالشام فأقبل حتى نزل بقناة بصرى من أرض حوران وهى مدينتها فلما نزلنا واطمأننا خرج الينا الدرنجال فى خمسة آلاف فارس من الروم فأقبل الينا وما يظنّ هو وأصحابه الا أنا فى أكفهم فخرج خالد فصفنا ثم جعل على ميمنتنا رافع بن عميرة الطائى وعلى ميسرتنا ضرار بن الازور وعلى الرجال عبد الرحمن بن حنبل الجمحى وقسم خيله فجعل على شطرها المسيب بن نجيبة وعلى الشطر الاخر رجلا كان معه من بكر بن وائل ولم يسمه وأمرهما خالد حين قسم الخيل بينهما أن يرتفعا من فوق القوم عن يمين وشمال ثم ينصبا على القوم ففعلا ذلك وأمرنا خالد أن نزحف الى القلب فزحفنا اليهم والله ما نحن الاثمانمائة وخمسون رجلا وأربعمائة رجل من مشجعة من قضاعة استقبلنا بهم يعبوب رجل منهم فكنا ألفا ومائتين ونيفا قال وكنا نظنّ انّ الكثير من المشركين والقليل عند خالد سواء لانه كان لا يملأ صدره منهم شىء ولا يبالى بمن لقى منهم لجراءته عليهم فلما دنوا منا شدّوا علينا شدّتين فلم نبرح ثم انّ خالدا نادى بصوت له جهورى شديد عال فقال يا أهل الاسلام الشدّة الشدّة احملوا رحمكم الله عليهم فانكم ان قاتلتموهم محتسبين بذلك وجه الله فليس لهم أن يواقفوكم ساعة* ثم انّ خالدا شدّ عليهم فشددنا معه فو الله