الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وموسى وعيسى ومحمد ومحمد المهدى سابع النطقاء وبالبابكية اذ تبع طائفة منهم بابك بن عبد الكريم الحرمى فى الخروج بأذربيجان وبالمحمرة للبسهم الحمرة فى أيام بابك وبالاسماعيلية لاثباتهم الامامة لاسمعيل بن جعفر الصادق وهو أكبر أبنائه* وفى الملل والنحل لمحمد بن عبد الكريم الشهرستانى لهم ألقاب كثيرة على لسان كل قوم فبالعراق يسمون الباطنية والقرامطة والمزدكية وبخراسان التعليمية والملحدة وهم يقولون نحن اسماعيلية لانا نميز عن فرق الشيعة بهذا الاسم وبهذا الشخص* وفى هذه السنة قتل أبو سعيد الجبانى رأس القرامطة قتله مملوك له صقلبى راوده فى الحمام ثم خرج فاستدعى قائدا من أصحاب الجبانى فقال السيد يطلبك فلما دخل قتله وخرج فطلب آخر فقتله حتى قتل أربعة من رؤسائهم واستدعى الخامس فلما دخل فطن لذلك فأمسك بيد الخادم وصاح الناس وصاح النساء فقتلوه* وفى سنة ثلاث وثلثمائة توفى حافظ زمانه أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائى أحد الاعلام ومصنف السنن فى صفر وله ثمان وثمانون سنة وكان يقوم الليل ويصوم يوما ويفطر يوما وفيها مات أبو على محمد بن عبد الله الجبائى البصرى شيخ المعتزلة* وفى سنة سبع وثلثمائة مات محدّث الموصل أبو يعلى محمد بن على بن المثنى الموصلى الحافظ صاحب المسند وله سبع وتسعون سنة وفيها انقض كوكب واشتدّ ضوءه وعظم وتفرّق ثلاث فرق وسمع عند انقضاضه مثل صوت الرعد الشديد ولم يكن فى السماء غيم والله تعالى أعلم كذا فى الكامل* وفى سنة تسع وثلثمائة قتل حسين بن منصور الحلاج ببغداد بأمر المفتين وحكم الحاكم على الزندقة والحلول وكان قد سافر الى الهند وتعلم السحر كذا فى دول الاسلام*
ترجمة حسين بن منصور الحلاج
وفى الكامل فى هذه السنة قتل الحسين بن منصور الحلاج الصوفى فى ذى القعدة وأحرق بالنار وكان ابتداء حاله انه كان يظهر الزهد والتصوّف ويظهر الكرامات ويخرج للناس فاكهة الشتاء فى الصيف وفاكهة الصيف فى الشتاء ويمدّيده الى الهواء ويعيدها مملوءة دراهم على كل درهم مكتوب قل هو الله أحد ويسميها دراهم القدرة ويخبر الناس بما أكلوا وبما صنعوا فى بيوتهم ويتكلم بما فى ضمائرهم فافتتن به خلق كثير اعتقدوا فيه الحلول وبالجملة فانّ الناس اختلفوا فيه اختلافهم فى المسيح عليه السلام فمن قائل انه حل فيه جزء الهىّ ويدعى فيه الربوبية ومن قائل انه ولى الله تعالى وانّ الذى يظهر منه من جملة كرامات الصالحين ومن قائل انه مشعبذ وممجرق وساحر وكذاب ومتكهن والجنّ تطيعه فتأتيه بالفاكهة فى غير أوانها وكان قد قدم من خراسان الى العراق وسار الى مكة فأقام بها فى الحجر لا يستظل تحت سقف شتاء ولا صيفا وكان يصوم الدهر فاذا جاء العشاء أحضر له القوم كوزماء وقرصا فيشربه ويعض من القرص ثلاث عضات من جوانبه فيأكلها ويترك الباقى فيأخذونه ولا يأكل شيئا آخر الى الغد آخر النهار* وكان شيخ الصوفية يومئذ بمكة عبد الله المغربى فأخذ أصحابه الى زيارة الحلاج فلم يجدوه فى الحجر وقيل قد صعد الى جبل أبى قبيس فصعد اليه فرآه قائما على صخرة حافيا مكشوف الرأس والعرق يجرى منه الى الارض فأخذ أصحابه وعاد ولم يكلمه وقال هذا يتصبر ويتقوّى على قضاء الله تعالى وسوف يبتليه الله بما يعجز عنه صبره وقوّته وعاد الحسين الى بغداد وأما سبب قتله فانه نقل عنه عند عوده الى بغداد الى الوزير حامد بن العباس وزير المقتدر أنه أحيى جماعة وأنه يحيى الموتى وانّ الجنّ يخدمونه ويحضرون عنده ما يشتهى وأنه قدّموه على جماعة من حواشى الخليفة المقتدر بالله وأن نصر الحاجب قد مال اليه فالتمس حامد الوزير من المقتدر بالله أن يسلم اليه الحلاج وأصحابه فدفع عنه نصر الحاجب فألح الوزير فأمر المقتدر بتسليمه اليه فأخذه وأخذ معه جماعة من أصحابه فيهم انسان يعرف بالشمرىّ قيل انهم يعتقدون انه اله فقرّرهم حامد
فاعترفوا بأنه قد صح عندهم أنه اله وأنه يحيى الموتى وقابلوا الحلاج على ذلك فأنكر وقال أعوذ بالله أن أدّعى الربوبية والنبوّة وانما أنا رجل أعبد الله عز وجل فأحضر حامد القاضى أبا عمرو والقاضى أبا جعفر بن البهلول وجماعة من وجوه الفقهاء والشهود واستفتاهم فقالوا لا نفتى فى أمره بشئ الا أن يصح عندنا ما يوجب قتله ولا يجوز قبول قول من يدّعى عليه ما ادّعاه الا ببينة أو اقرار وكان يخرج الحلاج الى مجلسه ويستنطقه فلا يظهر منه ما تكرهه الشريعة المطهرة وطال الامر على ذلك وحامد الوزير مجدّ فى أمره وجرى له قصص يطول شرحها وفى آخرها انّ الوزير رأى له كتابا حكى فيه انّ الانسان اذا أراد الحج ولم يمكنه أفرد من داره بيتا لا يلحقه شئ من النجاسات ولا يدخله أحد فاذا حضرت أيام الحج طاف حوله وفعل ما يفعله الحاج بمكة ثم يجمع ثلاثين يتيما ويصنع أجود طعام يمكنه ويطعمهم فى ذلك البيت ويخدمهم بنفسه فاذا فرغوا كساهم وأعطى كل واحد منهم تسعة دراهم فاذا فعل ذلك كان كمن حج فلما قرئ هذا الكتاب على الوزير قال القاضى أبو عمرو للحلاج من أين لك هذا قال من كتاب الاخلاص للحسن البصرى قال له كذبت يا حلاج الدم سمعناه بمكة وليس فيه هذا فكتب القاضى ومن حضر المجلس باباحة دمه فأرسل الوزير الفتاوى الى الخليفة فاستأذن فى قتله وسلمه الوزير الى صاحب الشرطة فضربه ألف سوط فما تأوّه ثم قطع يده ثم رجله ثم يده ثم رجله ثم قتل وأحرق بالنار فلما صار رمادا ألقى فى الدجلة ونصب الرأس ببغداد وأرسل الى خراسان لانه كان له بها أصحاب وأقبل بعض أصحابه يقولون انه لم يقتل وانما ألقى شبهه على دابة وانه يجىء بعد أربعين يوما وبعضهم يقول لقيته بطريق النهروان وأنه قال له لا تكونوا مثل هؤلاء البقر الذين يظنون أنى ضربت وقتلت* وفى حياة الحيوان نقلا عن تاريخ ابن خلكان رسم المقتدر بتسليمه الى محمد بن عبد الصمد صاحب الشرطة فتسلمه بعد العشاء خوفا من العامّة أن تنزعه من يده ثم أخرجه يوم الثلاثاء لست بقين من ذى القعدة سنة سبع وثلثمائة عند باب الطاق واجتمع خلق كثير فأمر به فضربه الجلاد ألف سوط فما استعفى ولا تأوّه ثم قطع أطرافه الاربعة وهو ساكن لا يضطرب ثم حز رأسه وأحرقت جثته وألقى رماده فى دجلة ونصب الرأس ببغداد ثم حمل وطيف به فى النواحى والبلاد وجعل أصحابه يعدون أنفسهم برجوعه بعد أربعين يوما واتفق أن زاد دجلة تلك السنة زيادة وافرة فادّعى أصحابه انّ ذلك بسبب القاء رماده فيها وادّعى بعض أصحابه انه لم يقتل وانما ألقى شبهه عند قتله على عدوّله* وذكر الشيخ الامام عز الدين بن عبد السلام المقدسى فى مفاتيح الكنوز انه لما أتى به ليصلب ورأى الخشب والمسامير ضحك ضحكا كثيرا ثم نظر فى الجماعة فرأى الشبلى فقال له يا أبا بكر أما معك سجادة قال بلى قال افرشها لى ففرشها فتقدّم وصلى ركعتين فقرأ فى الاولى بفاتحة الكتاب ومن بعدها ولنبلونكم بشئ من الخوف الاية ثم قرأ فى الثانية بفاتحة الكتاب ومن بعدها كل نفس ذائقة الموت ثم ذكر كلاما كثيرا ثم تقدّم أبو الحارث السياف ولطمه لطمة هشم وجهه وأنفه فصاح الشبلى ومزق ثيابه وأغشى على أبى الحسن الواسطى وعلى جماعة من المشايخ وكان الحلاج يقول اعلموا ان الله قد أباح لكم دمى فاقتلونى ليس للمسلمين اليوم أهم من قتلى وقد اضطرب الناس فى أمره اضطرابا متباينا فمنهم من يعظمه ومنهم من يكفره* وقد ذكر الامام قطب الوجود حجة الاسلام فى كتاب مشكاة الانوار فصلا طويلا فى أمره واعتذر عن اطلاقاته كقوله أنا الحق وما فى الجبة الا الله وحملها كلها على محامل حسنة وقال هذا من فرط المحبة وشدّة الخوف والوجل وهو كقول القائل أنا من أهوى ومن أهوى أنا* نحن روحان حللنا بدنا* وحسبك هذا مدحة وتزكية وكان ابن شريح اذا سئل عنه يقول هذا رجل قد خفى علىّ حاله وما أقول فيه شيئا وهذا شبيه بكلام عمر بن