الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عليه وسلم فى هذين* وفى الاكتفاء ولما توفى رسول الله وارتفعت الرنة عليه وسجته الملائكة دهش الناس كما روى عن غير واحد من الصحابة وطاشت عقولهم وأقمحوا واختلطوا فمنهم من خبل ومنهم من أصمت ومنهم من أقعد الى الارض فكان عمر ممن خبل فجعل يصيح ويقول انّ رجالا من المنافقين يزعمون أنّ رسول الله توفى وانه والله ما مات ولكنه ذهب الى ربه كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع اليهم بعد أن قيل قد مات والله ليرجعنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رجع موسى فليقطعنّ أيدى رجال وأرجلهم زعموا أنّ رسول الله مات* فأمّا عثمان ابن عفان فأخرس حتى يذهب به ويجاء ولا يتكلم الا بعد الغد وأقعد علىّ فلم يستطع حراكا وأضنى عبد الله بن أنيس ولم يكن فيهم أثبت وأحزم من أبى بكر والعباس* وفى رواية لما مات عليه السلام اختلفوا فى أنه هل مات أم لا* قال أنس لما توفى النبى صلى الله عليه وسلم بكى الناس فقام عمر بن الخطاب فى المسجد خطيبا فقال لا أسمعنّ أحدا يقول انّ محمدا قد مات ولكنه أرسل اليه كما أرسل الى موسى ابن عمران فلبث عن قومه أربعين ليلة والله لارجو أن يقطع أيدى رجال وأرجلهم يزعمون أنه قد مات* قال عكرمة ما زال عمر يتكلم ويوعد المنافقين حتى أزيد شدقاه فقال العباس انّ رسول الله يأسن كما يأسن الناس وانه قد مات فادفنوا صاحبكم* روى عن عائشة أنّ أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسخ منازل بنى الحارث من الخزرج بعوالى المدينة بينه وبين منزل النبىّ صلى الله عليه وسلم ميل قالت حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فيمم نحو رسول الله وهو مغشى بثوب حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله وبكى ثم قال بأبى أنت وأمى والله لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة الاولى التى كتبت عليك فقدمتها* وعن ابن عباس أنّ أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس فأقبل الناس الى أبى بكر وتركوا عمر فقال أبو بكر من كان منكم يعبد محمدا فانّ محمدا قد مات ومن كان منكم يعبد الله فانّ الله حىّ لا يموت قال تعالى وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل الى قوله الشاكرين قال والله لكانّ الناس لم يعلموا انّ الله أنزل هذه الاية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها الناس كلهم فما أسمع بشرا من الناس الا يتلوها* وفى حياة الحيوان عن الواقدى عن شيوخه انهم قالوا لما شك فى موت النبىّ صلى الله عليه وسلم وضعت أسماء بنت عميس يدها بين كتفيه فقالت توفى رسول الله فقد رفع الخاتم من بين كتفيه وكان هذا الذى عرف به موت النبىّ صلى الله عليه وسلم* وروى عن أمّ سلمة أنها قالت وضعت يدى على صدر رسول الله يوم مأت فمرّ بى جمع آكل الطعام وأتوضأ ما تذهب ريح المسك من يدى*
(ذكر بيعة أبى بكر)
* قال ابن اسحاق لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم انحاز هذا الحىّ من الانصار الى سعد بن عبادة فى سقيفة بنى ساعدة واعتزل علىّ بن أبى طالب والزبير بن العوّام وطلحة بن عبيد الله فى بيت فاطمة وانحاز بقية المهاجرين الى أبى بكر وانحاز معهم أسيد بن حضير فى بنى عبد الاشهل فأتى آت الى أبى بكر وعمر فقال انّ هذا الحىّ من الانصار مع سعد بن عبادة فى سقيفة بنى ساعدة قد انحازوا اليه فان كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا الناس قبل أن يتفاقم أمرهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيته لم يفرغ من أمره قد أغلق دونه الباب أهله قال عمر لابى بكر انطلق بنا الى اخواننا هؤلاء من الانصار حتى ننظر ما هم عليه فانطلقا يؤمّانهم فلقيهما رجلان صالحان منهم عويمر بن ساعدة ومعن بن عدى فذكرا لهما ما تمالأ عليه القوم وقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين قالوا نريد اخواننا هؤلاء من الانصار فقالا فلا عليكم أن لا تقربوهم يا معشر المهاجرين اقضوا آمركم قال عمر والله لنأتينهم فانطلقا حتى أتياهم فى سقيفة بنى ساعدة فاذا بين ظهرانيهم رجل مزمّل فقال عمر من هذا فقالوا سعد بن عبادة فقال ما له فقالوا وجع
فلما جلسا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الاسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا وقد دفت دافة من قومكم قال عمر يريدون أن يجتازونا من أصلنا ويغصبونا الامر فلما سكت خطيبهم قال أبو بكر أما ما ذكرتم من خير فيكم فأنتم له أهل ولن يعرف هذا الامر الا لهذا الحىّ من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم وأخذ بيد عمر وأبى عبيدة بن الجرّاح وهو جالس بينهما فقال قائل من الانصار وهو الخباب بن المنذر أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش فى الصحاح الجذل أصل الحطب العظام والجذل المحكك الذى ينصب فى العطن لتحتك به الابل الجربى ومنه قول الخباب بن المنذر الانصارى أنا جذيلها المحكك* وفى نهاية ابن الاثير فى حديث السقيفة قول الخباب أنا جذيلها المحكك هو تصغير جذل وهو العود الذى ينصب للابل الجربى لتحتك به وهو تصغير تعظيم أى انا ممن يستشفى برأيه كما تستشفى الابل الجربى بالاحتكاك بهذا العود المحكك وهو الذى كثر الاحتكاك به وقيل أراد به شديد البأس صلب المكسر كالجذل المحكك* وفى النهاية أيضا العذق بالفتح النخلة وبالكسر العرجون بما فيه من الشماريخ وفى حديث السقيفة أنا عذيقها المرجب تصغير العذق النخلة وهو تصغير تعظيم* وفى الصحاح الترجيب التعظيم والترجيب أيضا أن يدعم الشجرة اذا كثر حملها لئلا تنكسر أغصانها انتهى* قال عمر فكثر اللغط وارتفعت الاصوات حتى تخوّفت الاختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسطها فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعه الانصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة فقلت قتل الله سعد بن عبادة* وذكر موسى بن عقبة انهم لما توجهوا الى سقيفة بنى ساعدة أراد عمر أن يتكلم فزجره أبو بكر فقال على رسلك فستكفى الكلام ان شاء الله ثم تقول بعدى ما بدا لك فتشهد أبو بكر وأنصت القوم ثم قال هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق فدعا صلى الله عليه وسلم الى الاسلام فأخذ الله بنوا صينا وقلوبنا الى ما دعانا اليه فكنا معشر المهاجرين أوّل الناس اسلاما ونحن عشيرته وأقاربه وذو ورحمه فنحن أهل النبوّة وأهل الخلافة وأوسط الناس انسابا فى العرب ولدتنا العرب كلها فليست منها قبيلة الا لقريش فيها ولادة ولن تعرف العرب ولا تصلح الا على رجل من قريش هم أصبح الناس وجوها وأبسط ألسنا وأفضل قولا فالناس لقريش تبع فنحن الامراء وأنتم الوزراء وهذا الامر بيننا وبينكم قسمة الابلمة وأنتم معشر الانصار اخواننا فى كتاب الله وشركاؤنا فى الدين وأحب الناس الينا وأنتم الذين آووا ونصروا وأنتم أحق بالرضا بقضاء الله والتسليم لفضيلة ما أعطى الله اخوانكم من المهاجرين وأحق الناس أن لا تحسدوا على خير آتاهم الله اياه فأنا أدعوكم الى أحد هذين الرجلين عمر بن الخطاب وأبى عبيدة عامر بن الجرّاح ووضع يديه عليهما وكان قائما بينهما فكلاهما قد رضيته للقيام بهذا الامر ورأيته أهلا لذلك فقال عمر وأبو عبيدة لا ينبغى لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون فوقك يا أبا بكر أنت صاحب الغار مع رسول الله وثانى اثنين وأمرك رسول الله حين اشتكى فصليت بالناس فأنت أحق الناس بهذا الامر قالت الانصار والله لا نحسدكم على خير ساقه الله اليكم وما خلق الله قوما أحب الينا ولا أعزّ علينا منكم ولا أرضى عندنا هديا ولكنا نشفق بعد اليوم فلو جعلتم اليوم رجلا منكم فاذا مات أخذنا رجلا من الانصار فجعلناه فاذا مات أخذنا رجلا من المهاجرين فجعلناه فكنا كذلك أبدا ما بقيت هذه الأمة بايعناكم ورضينا بذلك من أمركم وكان أجدر أن يشفق القرشى ان زاغ أن ينقض عليه الانصارى وأن يشفق الانصارى ان زاغ أن ينقض عليه القرشى فقال عمر لا ينبغى هذا الامر ولا يصلح الا لرجل من قريش ولن ترضى العرب الا به ولن تعرف العرب الامارة
الا له ولن تصلح الا عليه والله لا يخالفنا أحد الا قتلناه فقام الخباب بن المنذر من بنى سلمة فقال منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب دفت علينا منكم دافة أرادوا أن يخرجونا من أصلنا ويختصوا من هذا الامر وان شئتم كرّرناها جذعة فكثر القول حتى كادت الحرب تقع بينهم وأوعد بعضهم بعضا ثم ترادّ المسلمون وعصم الله دينهم فرجعوا بقول حسن وسلموا الامر وعصوا الشيطان* وفى أسد الغابة عن رزين بن حبيش عن عبد الله قال كان رجوع الانصار يوم سقيفة بنى ساعدة بكلام قاله عمر قال أنشدكم بالله أمر أبو بكر أن يصلى بالناس قالوا اللهمّ نعم قال فأيكم تطيب نفسه أن يزيله عن مقامه الذى أقامه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا كلنا لا تطيب أنفسنا نستغفر الله وكان عمر بن الخطاب أوّل من بايعه فوثب عمر فأخذ بيد أبى بكر وقام أسيد بن حضير الاشهلى وبشر بن سعد أبو النعمان بن بشير يستبقان ليبايعا أبا بكر فسبقهما عمر فبايع ثم بايعا معا ووثب أهل السقيفة يبتدرون البيعة وسعد بن عبادة مضطجع يوعك فازدحم الناس على أبى بكر فقال رجل من الانصار اتقوا سعدا لا تطئوه فتقتلوه فقال عمرو هو مغضب قتل الله سعدا فانه صاحب فتنة* فلما فرغ أبو بكر من البيعة رجع الى المسجد فقعد على المنبر فبايعه الناس حتى أمسى وشغلوا عن دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان آخر الليل من ليلة الثلاثاء مع الصبح* وفى أسد الغابة كانت بيعة أبى بكر فى السقيفة يوم وفاة رسول الله ثم كانت بيعة العامّة من الغد وتخلف عن بيعته علىّ وبنو هاشم والزبير بن العوّام وخالد بن سعيد بن العاص وسعد بن عبادة الانصارى ثم انّ الجميع بايعوا بعد موت فاطمة بنت رسول الله الاسعد بن عبادة فانه لم يبايع أحدا الى أن مات وبيعتهم بعد ستة أشهر من موت فاطمة على القول الصحيح وقيل غير ذلك* وذكر موسى بن عقبة أنّ رجالا من المهاجرين غضبوا فى بيعة أبى بكر منهم على بن أبى طالب والزبير بن العوّام فدخلا بيت فاطمة بنت رسول الله فجاءهما عمر بن الخطاب فى عصابة من المهاجرين والانصار فيهم أسيد بن حضير وسلمة ابن سلامة ابن وقش الاشهليان وثابت بن قيس بن شماس الخزرجى فكلموهما حتى أخذ أحد القوم سيف الزبير فضرب به الحجر حتى كسره ثم قام أبو بكر فخطب الناس واعتذر اليهم وقال والله ما كنت حريصا على الامارة يوما قط ولا ليلة ولا سألتها الله قط سرّا ولا علانية ولكنى أشفقت من الفتنة ومالى فى الامارة من راحة ولقد قلدت أمرا عظيما مالى به طاقة ولا يد الا بتقوية الله ولوددت أن أقوى الناس عليها مكانى اليوم فقبل المهاجرون منه وقال علىّ والزبير ما غضبنا الا انا أخرنا عن المشورة وانا لنرى أنّ أبا بكر أحق الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه لصاحب الغار وثانى اثنين وانا لنعرف له شرفه وسنه ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حىّ* وعن أنس بن مالك قال لما بويع أبو بكر فى السقيفة وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر فقام عمر وتكلم قبل أبى بكر فحمد الله وأثنى عليه وتكلم بكلمات ثم قال فى آخره انّ الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله ثانى اثنين اذهما فى الغار فقوموا فبايعوه فبايع الناس أبا بكر بيعة العامّة بعد بيعة السقيفة ثم تكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بالذى هو أهله ثم قال أمّا بعد أيها الناس فانى قد وليت عليكم ولست بخيركم فان أحسنت فأعينونى وان أسأت فقوّمونى الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوىّ عندى حتى أريح عليه حقه ان شاء الله والقوىّ فيكم ضعيف عندى حتى آخذ الحق منه ان شاء الله لا يدع قوم الجهاد فى سبيل الله الا ضربهم الله بالذل ولا تشيع الفاحشة فى قوم الاعمهم الله بالبلاء أطيعونى ما أطعت الله ورسوله فاذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم قوموا الى صلاتكم يرحمكم الله* وذكر غير ابن عقبة أنّ أبا بكر قام فى الناس
بعد مبايعتهم اياه يقيلهم