الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ستين بجانب الانبار فلما أصبح وصل قرابغا المذكور بمن معه من عساكر التتار فاقتتلوا فانكسر مقدّم التتار ووقع أكثرهم فى الفرات* وكان قرابغا قد أكمن جماعة من عسكره فخرج الكمين وأحاط بعسكر الخليفة فقتلوا عسكر الخليفة ولم ينج منهم الا من طوّل الله فى عمره وأضمرت البلاد الخليفة المستنصر وعدم فى الوقعة ولم يعلم له خبر الى يومنا هذا* وقد اختصر ناقصة المستنصر وبيعته من خوف التطويل* وفى دول الاسلام فى سنة تسع وخمسين وستمائة تجمع فى أوّلها خلق من التتار من الذين بالجزيرة وغيرهم فأغاروا على حلب وساقوا الى حمص عند ما سمعوا بقتل السلطان الذى كسرهم فالتقاهم صاحب حمص الملك الاشرف وصاحب حماة وحسام الدين الجوكندار وعدّتهم ألف وأربعمائة فارس والتتار فى ستة آلاف فحمل المسلمون حملة صادقة فكان لهم النصر ووضعوا السيف فى الكفرة حتى حصدوا أكثرهم وانهزم مقدّمهم بيدو باسوء حال والعجب انه ما قتل من المسلمين سوى رجل واحد* وفى سنة ستين وستمائة فى رمضان أخذت التتار الموصل بعد حصار تسعة أشهر أخذوها بخديعة وطمنوا الناس حتى خربوا السور ثم وضعوا السيف فى الخلق تسعة أيام ثم قتلوا صاحبها الصالح اسمعيل بن بدر الدين لؤلؤ وفيها وقع الحرب بين هولاكو وبين ابن عمه بركه صاحب مملكة القفجاق فانكسر هولاكو وقتلت أبطاله*
(خلافة الحاكم بأمر الله أبى العباس أحمد بن محمد بن الحسن بن على الفتى بن الراشد بالله منصور بن المسترشد الفضل بن المستظهر أحمد بن المقتدى عبد الله بن الامير محمد الذخيرة الهاشمى العباسى)
* أمير المؤمنين أوّل خلفاء مصر من بنى العباس قدم الى مصر فى يوم الخميس السادس والعشرين من صفر سنة ستين وستمائة فأنزله الظاهر بيبرس الصالحى النجمى البند قدارى بالبرج الكبير من قلعة الجبل ورتب له من الرواتب ما يكفيه فأقام على ذلك الى ثامن المحرّم سنة احدى وستين وستمائة فعقد له الملك الظاهر مجلس البيعة بالايوان من القلعة وحضر الوزير والقضاة والامراء وأرباب الدولة وقرئ نسب الحاكم هذا على قاضى القضاة وشهد عنده جماعة فأثبته ثم مدّ يده فبايعه بالخلافة ثم بايعه السلطان ثم الوزير ثم الاعيان على طبقاتهم وخطب له على المنبر وكتب السلطان الى النوّاب والى ملوك الاقطار أن يخطبوا باسمه ثم أنزله السلطان الى مناظر الكبش فأسكنه بها الى ان مات* وفى دول الاسلام فعند ذلك قلد السلطنة للملك الظاهر ومن الغد خطب الحاكم بأمر الله المذكور خطبة أوّلها الحمد لله الذى أقام لال العباس ركنا وظهيرا*
هلاك هولاكو
وفى أيامه فى سنة أربع وستين وستمائة مرض طاغية المغول هولاكو بن تولى بن جنكيزخان الذى أباد الامم ببغداد وحلب وكان ذا سطوة وهيبة شديدة وحزم ودهاء وخبرة بالحروب مات على دينه بعلة الصرع بمراغة وبنوا على قبره قبة بقلعة تلا وقام بعده ابنه أبغا وفى رجب سنة خمس وستين وستمائة مات صاحب مملكة القفجاق بركه بن نوشى بن جنكيزخان وقام بعده منكوتمر ابن أخيه* وفى سنة ست وستين وستمائة مات صاحب الروم ركن الدين كيقباد بن السلطان كيخسرو بن كيقباد السلجوقى وكان هو وأبوه من تحت أوامر التتار فقتلوه فى هذه السنة وله نحو من ثلاثين سنة* وفى سنة اثنتين وسبعين وستمائة مات بالروم الصدر القونوى وببغداد خواجا نصير الطوسى* وفى سنة أربع وسبعين وستمائة نازلت التتار فى ثلاثين ألفا البيرة فكبسهم أهل البيرة وأحرقوا المجانيق فترحلوا بعد حصار تسعة أيام وفى سنة ست وسبعين وستمائة فى رجبها مات شيخ الاسلام شيخ الشافعية القدوة الزاهد العلم محيى الدين يحيى بن شرف الدين النووى وله خمس وأربعون سنة ونصف وله سيرة مفردة فى علومه وتصانيفه ودينه ويقينه وورعه وزهده وقناعته باليسير وتعبده وتهجده وخوفه من الله تعالى وقبره بنوى يزار*
وقعة التتار فى حمص
وفى سنة ثمانين وستمائة كانت وقعة حمص أقبلت التتار كالسيل وعدّوا الفرات وانجفل
الخلق وتهيأ السلطان بدمشق فنازل الرحبة ثلاثة آلاف وجاء منكو تمر بن هولاكو بمائة ألف من ناحية حلب وخرج الجيش المنصور مع السلطان المنصور وحضر الى خدمته سنقر الاشقر فاحترمه السلطان وحضر أيدمش السعدى والحاج ازدمر فكان المصاف شمالى حمص فى رجب بكرة الخميس وكان الجيش المنصور يقارب خمسين ألف راكب فاستظهر العدوّ أوّلا وكسروا الميسرة واضطربت الميمنة وثبت السلطان أيده الله بمن حوله من أبطال المسلمين وبقى المصاف الى بعد العصر وثبت الفريقان وكثر القتل وأشرف الاسلام على خطة صعبة ثم تناجى الكبار مثل بيسرى وسنقر الاشقر وعلاء الدين طيبرس وأيدمش السعدى وأمير سلاح بكتاش وطرنطاى المنصورى ونائب الشام لاجين وحملوا على التتار عدّة حملات الى أن جرح منكو تمر فاشتغلت التتار فقيل انّ الجارح له ازدمر ساق وخرق فى التتار الى عند مقدّمهم منكوتمر وطعنه برمحه فاستشهد ازدمر رحمه الله ونزل النصر وركب المسلمون أقفية التتار واستجرّ بهم القتل وبقى السلطان واقفا فى نحو ألف فارس عند الماء وقد رجعت التتار الذين كسروا الميسرة فمرّوا بالسلطان والكوسات تضرب فلما جاوزوه حملت الخاصكية عليهم فانهزموا لا يلوون وذهبت فرقة على سلمية وفرقة على الرستن بأسوء حال ثم نزل السلطان بعد هوىّ من الليل مؤيدا مظفرا ولله المنة وزينت البلاد وعاشت العباد ووصل خبر النصر بكرة بعد أن عاين أهل دمشق من نصف الليل الى بكرة سكرات الموت وتودّعوا من أولادهم وأحبابهم فان عدوّهم كانوا كفارا لا يبقون على مسلم لو ملكوا واستشهد نحو المائتين منهم ازدمر وسيف الدين الرومى وشهاب الدين توتل وناصر الدين الكاملى وعز الدين بن النصرة وهلك متكوتمر من تلك الطعنة ومات أخوه الطاغية أبغا بعد شهرين وكان كافرا سفاكا للدماء مات بهمدان وله نحو من خمسين سنة وتملك بعده أخوه الملك أحمد الذى أسلم* وفيها مات بالموصل الامام شيخ الوقت موفق الدين أحمد بن يوسف الكواشى الزاهد المفسر وله سبعون سنة* وفى أوّل سنة احدى وثمانين وستمائة مات منكو تمر بن هولاكو عاش ثلاثين سنة وكان ذا شجاعة واقدام وكفر نفس وجرآءة على الله وعلى عباده تمرّض من جرحه واعتراه صرع حتى هلك* وفى سنة ثلاث وثمانين وستمائة مات صاحب خراسان والعراق وأذربيجان والروم أحمد بن هولاكو بن تولى بن جنكيزخان وكان قد دخل به الاحمدية النار بين يدى هولاكو فوهبه لهم وسماه أحمد فأسلم وهو صبى وتسلطن بعد أبغا وراسل السلطان الملك المنصور فى الصلح عاش بضعا وعشرين سنة قتله أرغون بن أبغا وملك البلاد بعده* وفيها توفى صاحب حماة الملك المنصور محمد بن الملك المظفر الايوبى وكانت دولته اثنتين وأربعين سنة وأمه هى غازية أخت السلطان الملك الصالح أيوب وتملك بعده ابنه الملك المظفر* وفى سنة سبع وثمانين وستمائة توفى بمصر الزاهد القدوة الشيخ ابراهيم بن معصار الجعبرى وله ثمان وثمانون سنة وشيخ الاطباء علاء الدين على بن أبى الحزم بن النفيس الدمشقى صاحب التصانيف بمصر وكان من أبناء الثمانين* وفى سنة تسعين وستمائة مات أرغون بن أبغا ملك التتار وكان ظلوما غشوما مات على كفره شابا وكان مقداما شجاعا جبارا شديد القوى يصفّ ثلاثة أفراس ويقف الى جنب أوّلها ويطفر فى الهواء فيركب الثالثة وهو والد قازان وخربنده* وفى سنة ثلاث وتسعين وستمائة مات كنجتو بن هولاكو طاغية التتار تسلطن بعد موت أرغون فى سنة تسعين ومالت طائفة الى بيدو ابن أخيه فملكوه ووقع الخلف بينهم ثم قوى بيدو وقاد الجيوش فالتقى الجمعان فقتل كنجتو واستقل بيدو بالممالك فخرج عليه نائب خراسان غارى بن أرغون وجمع الجيوش وطلب الملك* وفى سنة أربع وتسعين وستمائة دخل