الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى كسرى والمجوس وعلى الترك الذين لا يعلمون وعلى من سواهم من الامم كلها وذلك انكم كنتم تعملون بكتاب ربكم وسنة نبيكم الذى كان أمره رشدا وفعله هدى فلما بدّلتم وغيرتم ذلك أطمع فيكم قوما والله ما كنا نعبأ بهم ولا نخاف ان نبتلى بهم وقد ساروا اليكم حفاة عراة جياعا قد اضطرّهم الى بلادكم قحط المطر وجدوبة الارض وسوء الحال فسيروا اليهم فقاتلوهم عن دينكم وعن بلادكم وعن أبنائكم وعن نسائكم وانا شاخص عنكم وممدّكم بالخيول والرجال وقد أمرت عليكم أمراء فاسمعوا لهم وأطيعوا ثم خرج حتى أتى دمشق فقام فيها مثل هذا المقام وقال فيها مثل هذا المقال ثم خرج حتى أتى حمص ففعل مثل ذلك ثم أتى انطاكية فأقام بها وبعث الى الروم فحشدهم اليه فجاءه منهم مالا يحصى عدده ونفر اليه مقاتلتهم وشبانهم وأتباعهم وأعظموا دخول العرب عليهم وخافوا ان يسكنوا ملكهم ثم أقبل أبو عبيدة حتى مرّ بوادى القرى ثم أخذ على الحجر أرض صالح النبى عليه السلام ثم على ذات المنار ثم على زبراء ثم ساروا الى ماب بعمان فخرج عليهم الروم فلم يلبثهم المسلمون ان هزموهم حتى دخلوا مدينتهم فحاصروهم فيها وصالح أهل ماب عليها فكانت أوّل مدائن الشأم صالح أهلها*
كتاب أبى عبيدة الى أبى بكر
ثم سار أبو عبيدة حتى اذا دنا من الجابية أتاه آت فأخبره أنّ هرقل بانطاكية وأنه قد جمع لكم من الجموع ما لم يجمعه أحد كان قبله من آبائه لاحد من الامم قبلكم فكتب أبو عبيدة الى أبى بكر الصدّيق لعبد الله أبى بكر خليفة رسول الله من أبى عبيدة بن الجرّاح سلام عليك فانى أحمد اليك الله الذى لا اله الا هو أمّا بعد فانا نسأل الله أن يعز الاسلام وأهله عزا مبينا وأن يفتح لهم فتحا يسيرا فانه بلغنى أنّ هرقل ملك الروم نزل قرية من قرى الشأم تدعى انطاكية وأنه بعث الى أهل مملكته فحشدهم اليه وأنهم نفروا اليه على الصعب والذلول وقد رأيت أن أعلمك ذلك فترى فيه رأيك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته* فكتب اليه أبو بكر أمّا بعد فقد بلغنى كتابك وفهمت ما ذكرت فيه من أمر هرقل ملك الروم فامّا منزله بانطاكية فهزيمة له ولاصحابه وفتح من الله عليك وعلى المسلمين وأمّا حشده أهل مملكته وجمعه لكم الجموع فان ذلك ما قد كنا وكنتم تعلمون أنه سيكون منهم ما كان قوم أن يدعوا سلطانهم ويخرجوا من مملكتهم بغير قتال ولقد علمت والحمد لله أن قد غزاهم رجال كثير من المسلمين يحبون الموت حب عدوّهم الحياة يحتسبون من الله فى قتالهم الاجر العظيم ويحبون الجهاد فى سبيل الله أشدّ من حبهم أبكار نسائهم وعقائل أموالهم الرجل منهم عند الهيج خير من ألف رجل من المشركين فالقهم بجندك ولا تستوحش لمن غاب عنك من المسلمين فان الله تعالى ذكره معك وأنا مع ذلك ممدّك بالرجال بعد الرجال حتى تكتفى ولا تريد أن تزداد والسلام عليك* وبعث هذا الكتاب مع دارم العبسى وكتب يزيد بن أبى سفيان الى أبى بكر أمّا بعد فانّ هرقل ملك الروم لما بلغ مسيرنا اليه ألقى الله الرعب فى قلبه فتحوّل ونزل انطاكية وخلف امراء من جنده على جند الشأم وأمرهم بقتالنا وقد تسيروا لنا واستعدّوا وقد نبأنا مسالمة الشأم أنّ هرقل استنفر أهل مملكته وأنهم جاؤا يجرون الشوك والشجر فمرنا بأمرك وعجل علينا فى ذلك برأيك نتبعه نسأل الله النصر والصبر والفتح وعاقبة المسلمين والسلام عليك وبعث بهذا الكتاب مع عبد الله بن قرط الثمالى* وكتب أبو بكر معه بهذا الكتاب أمّا بعد فقد بلغنى كتابك تذكر فيه تحوّل ملك الروم الى انطاكية والقاء الله الرعب فى قلبه من جموع المسلمين فانّ الله تبارك وتعالى وله الحمد قد نصرنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب وأيدنا بملائكته الكرام وان ذلك الدين الذى نصرنا الله فيه بالرعب هو هذا الدين الذى ندعو الناس اليه اليوم فو ربك لا يجعل الله المسلمين كالمجرمين ولا من يشهد أنه لا اله غيره كمن يعبد معه آلهة أخرى ويدين بعبادة آلهة شتى فاذا لقيتهم فانبذ اليهم بمن معك وقاتلهم فانّ الله لن يخذلك وقد نبأنا الله أنّ الفئة القليلة مما تغلب الفئة الكثيرة باذن الله وأنا مع ما هنالك ممدّكم بالرجال فى
أثر الرجال حتى تكتفوا ولا تحتاجوا الى زيادة انسان ان شاء الله تعالى والسلام* ولما ردّ أبو بكر عبد الله بن قرط بهذا الكتاب الى يزيد قال له أخبره والمسلمين أنّ مدد المسلمين آتيهم مع هاشم بن عتبة وسعيد بن عامر بن جذيم فخرج عبد الله بكتابه حتى قدم به على يزيد وقرأه على المسلمين فتباشروا وفرحوا وان أبا بكر دعا هاشم بن عتبة وبعثه فى ألف من المسلمين فسلم على أبى بكر وودّعه ثم خرج من غده فلزم طريق أبى عبيدة حتى قدم عليه فسر المسلمون بقدومه وتباشروا به وبلغ سعيد بن عامر بن جذيم أن أبا بكر يريد أن يبعثه فلما أبطأ ذلك عليه ومكث أياما لا يذكر له ذلك أتاه فقال يا أبا بكر والله لقد بلغنى أنك كنت أردت أن تبعثنى فى هذا الوجه ثم رأيتك قد سكت فما أدرى ما بدا لك فىّ فان كنت تريد أن تبعث غيرى فابعثنى معه وان كنت لا تريد أن تبعث أحدا فانى راغب فى الجهاد فأذن لى رحمك الله كيما ألحق بالمسلمين فقد ذكر لى أنّ الروم جمعت لهم جمعا عظيما فقال أبو بكر رحمك الله أرحم الراحمين يا سعيد فأمر بلالا فنادى فى الناس أن انتدبوا أيها المسلمون مع سعيد بن عامر الى الشأم فانتدب معه سبعمائة رجل فى أيام فلما أراد سعيد الشخوص جاء بلال فقال يا خليفة رسول الله ان كنت انما أعتقتنى لله تعالى لا ملك نفسى وأتصرف فيما ينفعنى فخل سبيلى حتى أجاهد فى سبيل ربى فانّ الجهاد أحب الىّ من المقام* قال أبو بكر فان الله يشهد انى لم أعتقك الا له وانى لا أريد منك جزاء ولا شكورا فهذه الارض ذات الطول والعرض فاسلك أىّ فجاجها أحببت فقال كأنك أيها الصدّيق عتبت علىّ فى مقالتى ووجدت فى نفسك منها قال لا والله ما وجدت فى نفسى من ذلك وانى لا أحب ان تدع هواك لهواى ما دعاك هواك الى طاعة ربك قال فان شئت أقمت معك قال امّا اذ هواك فى الجهاد فلم اكن لامرك بالمقام وانما اردتك للاذان ولأجدن لفراقك وحشة يا بلال ولا بدّ من التفرق فرقة لا التقاء بعدها حتى يوم البعث فاعمل صالحا يا بلال وليكن زادك من الدنيا ما يذكرك الله ما حييت ويحسن لك به الثواب اذا توفيت فقال له بلال جزاك الله من ولىّ نعمة ومن أخ فى الاسلام خيرا فو الله ما أمرك لنا بالصبر على الحق والمداومة على العمل بالطاعة ببدع وما كنت لأؤذن لاحد بعد النبىّ صلى الله عليه وسلم وخرج بلال مع سعيد بن عامر وكان أبو بكر أمر سعيد بن عامر مع توابعه وهم اكثر من خمسين رجلا أن يلحق بيزيد بن ابى سفيان فلحق به وشهد معه وقعة العربة والدثنة* وقدم على ابى بكر حمزة بن مالك الهمدانى فى جمع عظيم زها الف رجل أو اكثر فلما رآى ابو بكر عددهم وعدّتهم سرّه ذلك فقال الحمد لله على صنعه للمسلمين ما يزال الله تعالى يرتاح لهم بمدد من انفسهم يشدّ به ظهورهم ويقصم به ظهور عدوّهم ثم قال حمزة لابى بكر علىّ امير دونك قال نعم ثلاثة امراء قد أمرناهم فأيهم شئت فكن معه فلما لحق بالمسلمين سألهم اى الامراء افضل وأيهم كان افضل عند النبىّ صلى الله عليه وسلم صحبة فقيل له ابو عبيدة بن الجرّاح فجاءه فكان معه* قال عمرو ابن محصن لم يكن ابو بكر رضى الله عنه يسأم توجيه الجنود الى الشأم وامداد الامراء الذين بعثهم بالرجال بعد الرجال ارادة اعزاز الاسلام واذلال اهل الشرك* وعن ابى سعيد المقبرى قال لما بلغ أبا بكر جمع الاعاجم لم يكن شئ أعجب اليه من قدوم المجاهدين عليه من ارض العرب فكانوا كلما قدموا عليه سرح الاوّل فالاوّل فقدم عليه فيمن قدم ابو الاعور السّلمى فبعثه ابو بكر فسار حتى قدم على ابى عبيدة وقدم على ابى بكر معن بن يزيد بن الاخنس فى رجال من بنى سليم نحو مائة فقال ابو بكر لو كان هؤلاء اكثر مماهم أمضيناهم فقال عمر والله لو كانوا عشرة لرأيت لك أن تمدّبهم اخوانهم اى والله وأرى ان نمدّهم بالرجل الواحد اذا كان ذا اجزاء وغناء فقال حبيب بن مسلمة الفهرى عندى نحو من عدّتهم رجال من ابناء القبائل ذو ورغبة
فى الجهاد فأخرجنا وهؤلاء جميعا يا خليفة رسول الله فقال له امّا الان فاخرج بهم جميعا حتى تقدم بهم على اخوانهم فخرج فعسكر معهم ثم جمع اصحابه اليهم ثم مضى بهم حتى