الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأبو بكر وحرب والربيع* وأما قاضيه فأبو ادريس الخولانى وعلى مصر سعيد بن يزيد الاسدى وأما أميره على مصر فمسيلمة بن مخلد ثم توفى فولى عوضه سعيد بن يزيد الازدى* وأما حاجبه فخصى اسمه فتح وهو أوّل من اتخذ الخصيان ولم يحج فى أيام خلافته*
(ذكر خلافة معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبى سفيان القرشى الاموى)
* يكنى أبا ليلى وكان لقبه الراجع الى الحق أمه أم هاشم بنت أبى هاشم بن عتبة بن عبد شمس* وفى مورد اللطافة أمه أم خالد بويع له بالخلافة يوم موت أبيه منتصف شهر ربيع الاوّل من سنة أربع وستين وهو ابن عشرين سنة على خلاف وكان خيرا من أبيه فيه دين وعقل فأقام فى الخلافة أربعين يوما وقيل أقام فيها خمسة أشهر وأياما وخلع نفسه ثم لما خلع نفسه صعد المنبر فجلس طويلا ثم خطب خطبة بليغة مشتملة على الثناء على الله والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم ثم ذكر نزاع جدّه معاوية هذا الامر من كان أولى به منه ومن غيره ثم ذكر أباه يزيد وخلافته وتقلد أمرهم لهوى كان أبوه فيه وسوء فعله واسرافه على نفسه وكونه غير خليق للخلافة على أمة محمد واقدامه على ما أقدم من جراءته على الله وبغيه واستحلاله حرمة أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اختنقته العبرة فبكى طويلا ثم قال وصرت أنا ثالث القوم والساخط علىّ اكثر من الراضى وما كنت لأتحمل آثامكم ولا يرانى الله جلت قدرته متقلدا أو زاركم وألقاه بتبعاتكم فشأنكم أمركم فخذوه ومن رضيتم به فولوه فقد خلعت بيعتى من أعناقكم والسلام فقال له مروان بن الحكم وكان تحت المنبر أسنة عمرية يا أبا ليلى فقال اغد عنى فو الله ما ذقت حلاوة خلافتكم أفأ تجرّع مرارتها ثم نزل فدخل عليه أقار به وأمه فوجدوه يبكى فقالت له أمه ليتك كنت حيضة ولم أسمع بخبرك فقال وددت والله ذلك ثم قال ويلى ان لم يرحمنى ربى ثم انّ بنى أمية قالوا لمعلمه عمر المقصوص أنت علمته هذا ولقنته اياه وصددته عن الخلافة وزينت له حب علىّ وأولاده وحملته على ما وسمنا به من الظلم وحسنت له البدع حتى نطق بما نطق وقال ما قال فقال والله ما فعلته ولكنه مجبول ومطبوع على حب علىّ فلم يقبلوا منه ذلك وأخذوه ودفنوه حيا حتى مات* وتوفى معاوية بن يزيد فى جمادى الاخرة بعد خلع نفسه بأربعين ليلة وقيل تسعين وكان عمره ثلاثا وعشرين سنة وقيل احدى وعشرين وقيل ثمانية عشر وقيل عشرين سنة ويقال لما احتضر قيل له الا تستخلف فأبى وقال ما أصبت من حلاوتها شيئا فلم أتحمل مرارتها* وفى سيرة مغلطاى وصلى عليه الوليد بن عتبة ليكون له الامر من بعده فلما كبر طعن فمات قبل تمام الصلاة ولم يعقب ذكر ذلك كله فى حياة الحيوان وكان نقش خاتمه الدنيا غرور وصلى عليه مروان بن الحكم* وفى دول الاسلام الوليد بن عقبة بن أبى سفيان ودفن الى جنب أبيه*
(ذكر خلافة عبد الله ابن الزبير بن العوّام بن خويلد بن اسد بن عبد العزى بن قصى)
* ويكنى أبا بكر ويكنى أيضا أبا خبيب أمه أسماء ذات النطاقين بنت أبى بكر الصدّيق وهو أول مولود ولد للمهاجرين بالمدينة بعد الهجرة وكان قد صحب النبىّ صلى الله عليه وسلم وهو صبى وحفظ عنه أحاديث فمات النبى صلى الله عليه وسلم وله ثمان سنين بل تسع كذا وقع فى دول الاسلام ومورد اللطافة والرياض النضرة وغيرها يعنى ذكر خلافة عبد الله بن الزبير بعد خلافة معاوية بن يزيد بن معاوية وهو الانسب بالتاريخ وأما فى حياة الحيوان وبعض كتب التواريخ فذكرت خلافة ابن الزبير بعد خلافة عبد الملك بن مروان فقال وهو السادس فخلع وقتل* وفى حياة الحيوان بويع لابن الزبير بالخلافة بمكة لسبع بقين من رجب سنة أربع وستين فى أيام يزيد بن معاوية* وفى سيرة مغلطاى بويع عبد الله بن الزبير فى رابع جمادى الاخرة بالحجاز وما والاه انتهى وبايعه أهل العراق ومصر وبعض أهل الشأم وبايع خلق كثير من العرب الضحاك بن قيس الفهرى وولى دمشق فقدم اليه مروان بن الحكم مع
خدمه وحواشيه وانضم اليه عبيد الله بن زياد وقد هرب من نيابة العراق خوفا من القتل لما فعل بالحسين ثم التقى الضحاك ومروان وكان المصاف بتل راهط بمرج دمشق فقتل خلق كثير وقتل الضحاك وفى الرياض النضرة بويع ابن الزبير بالخلافة سنة أربع وستين وقيل سنة خمس وستين بعد موت معاوية بن يزيد واجتمع على طاعته أهل الحجاز واليمن والعراق وخراسان وحج بالناس ثمانى حجج وفى البحر العميق أقام عبد الله بن الزبير الحج للناس سنة ثلاث وستين قبل أن يبايع له فلما بويع له حج ثمانى حجج متوالية* وذكر صاحب الصفوة فى صفته انه كان اذا صلى كأنه عود من الخشوع قاله مجاهد وكان اذا سجد يطوّل السجود حتى ينزل العصافير على ظهره لا تحسبه الا جذعا قال يحيى بن ثابت الجذع أصل الشىء والجذعة القطعة من الجبل ونحوه* قال ابن المنكدر لو رأيت ابن الزبير يصلى كأنه غصن شجرة تصفقه الريح* وعن عمرو بن قيس عن أمّه قالت دخلت على ابن الزبير بيته وهو يصلى فسقطت حية من السقف على ابنه ثم تطوّقت على بطنه وهو نائم فصاح أهل البيت ولم يزالوا بها حتى قتلوها وابن الزبير يصلى ما التفت ولا عجل ثم فرغ بعد ما قتلت الحية فقال ما بالكم قالت زوجته رحمك الله أرأيت ان كنا هنا عليك يهون عليك ابنك* وفى المختصر الجامع بويع لابن الزبير بمكة لسبع بقين من رجب سنة أربع وستين بعد أن أقام الناس بغير خليفة جماديين وأياما من رجب وبايعه أهل العراق وبايعه أهل حمص وولى ابن الحارث قنسرين وولى مصر عبد الرحمن بن عتبة بن أبى اياس وولى عبيدة بن الزبير المدينة فقدمها فأخرج منها بنى أمية فى ولاية مروان بن الحكم فخرج مروان وبنو أمية الى الشأم وأتت ابن الزبير البيعة من الامصار ما خلا فلسطين فانّ حسان بن مالك بن نجدل كان بها مخالفا على ابن الزبير وولى أخاه مصعب البصرة وولى عبد الله بن مطيع الكوفة فوثب المختار بن أبى عبيد الثقفى على الكوفة فأخذها ووجه ابن سميط الى البصرة فقتله مصعب وسار الى المختار فقتله أيضا فى سنة سبع وستين وبنى عبد الله ابن الزبير الكعبة وأدخل فيها الحجر وجعل لها بابين وساواهما مع الارض يدخل من أحدهما ويخرج من الاخر وخلقوا داخل الكعبة وخارجها وهو أوّل من خلقها وكساها القباطى* وفى دول الاسلام نقض ابن الزبير الكعبة وبناها جديدا وأحكمها ووسعها بما أدخل فيها من الحجر وعلاها وعمل لها بابين وساواهما بالارض وفعل هذا لما حدثته خالته عائشة زوج النبىّ صلى الله عليه وسلم انه قال لولا انّ قومك حديث عهد بالكفر لنقضت الكعبة وأدخلت فيها ستة أذرع من الحجر ولجعلت لها بابين بابا يدخل الناس منه وبابا يخرجون منه ولا لصقت بابها بالارض ففعل ذلك ابن الزبير* وفى شفاء الغرام ولى مكة عبد الله بن الزبير بعد أن لقى فى ذلك عناء شديدا سببه ان أهل المدينة لما طردوا منها عامل يزيد عثمان بن محمد بن أبى سفيان وغيره من بنى أمية الا ولد عثمان بن عفان بعث اليهم يزيد مسلم بن عقبة المرى ويسمى مسرفا باسرافه فى القتل بالمدينة وبعث معه اثنى عشر ألفا فيهم الحصين بن نمير السكونى وقيل الكندى ليكون على العسكران عرض لمسلم موت فانه كان عليلا فى بطنه الماء الاصفر فأمر يزيد مسرفا اذا بلغ المدينة أن يدعو أهلها الى طاعة يزيد ثلاثة أيام فان أجابوه والا قاتلهم فاذا ظهر عليهم أباحها ثلاثا ثم يكف عن الناس ويسير الى مكة لقتال ابن الزبير* وفى حياة الحيوان فى سنة ستين دعا ابن الزبير الى نفسه بمكة وعاب يزيد بشرب الخمر واللعب والتهاون بالدين وأظهر ثلمه ومنقصته فبايع ابن الزبير أهل تهامة والحجاز فلما بلغ ذلك يزيد ندب له الحصين بن نمير السكونى وروح بن ريباع الجذامى وضم الى كل واحد جيشا واستعمل على الجميع مسلم بن عقبة المرى وجعله أمير الامراء ولما ودّعهم قال يا مسلم لا تردّن أهل الشأم عن شئ يريدونه بعدوّهم واجعل طريقك
على المدينة فان حاربوك فحاربهم فان ظفرت بهم فأبحها ثلاثا فسار مسلم حتى بلغ المدينة فنزل الحرّة بظاهر المدينة بمكان يقال له حرّة واقم فخرج أهل المدينة وعسكروا بها وأميرهم عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة بن أبى عامر الراهب فدعاهم مسلم ثلاثا فلم يجيبوه فقاتلهم فغلب أهل المدينة وانهزموا وقتل أمير المدينة عبد الله بن حنظلة وسبعمائة من المهاجرين والانصار وقتل منهم معقل الاشجعى وعبد الله بن يزيد المازنى مع عبد الله بن حنظلة الغسيل وهؤلاء من الصحابة ودخل مسلم المدينة وأباحها ثلاثة أيام وذلك فى آخر سنة ثلاث وستين* وفى شفاء الغرام قتل من أولاد المهاجرين ثلثمائة نفر وجماعة من الصحابة وكانت الوقعة بمكان يقال له حرّة واقم كما سبق لثلاث بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وستين من الهجرة ثم سار مسلم الى مكة لقتال ابن الزبير ولما كان بالمشلل مات ودفن بثنية المشلل ثم نبش وصلب هناك وكان يرمى كما يرمى قبر أبى رغال دليل أبرهة المدفون بالمغمس والمشلل على ثلاثة اميال من قديد بينهما خيمتى أم معبد وقيل مات بثنية هرشى بفتح أوّله وسكون ثانيه مقصورة على وزن فعلى هضبة ململمة فى بلاد تهامة لا تنبت شيئا على ملتقى طريقى الشأم والمدينة وهى من الجحفة يرى منها البحر والطريق من جنبتيها كذا فى معجم ما استعجم* قال الشاعر
خذا بطن هرشى أوقفاها فانه
…
كلا جانبى هرشى لهنّ طريق
ومات مسلم بن عقبة بعد أن قدّم على عسكره الحصين بن نمير فسار الحصين بالعسكر حتى بلغ مكة لاربع بقين من المحرّم سنة أربع وستين وقد اجتمع على ابن الزبير أهل مكة والحجاز وغيرهم وانضم اليه من انهزم من أهل المدينة وكان قد بلغه خبر أهل المدينة وما وقع لهم مع مسلم هلال المحرم سنة أربع وستين مع المسور بن مخرمة فلحقه منه أمر عظيم واعتدّ هو وأصحابه واستعدوا للقتال وقاتلوا الحصين أياما وتحصن ابن الزبير وأصحابه فى المسجد حول الكعبة وضرب أصحاب ابن الزبير فى المسجد خياما ورفافا يكتنون بها من حجارة المنجنيق ويستظلون بها من الشمس وكان الحصين بن نمير على أبى قبيس وعلى الاحمر وكان يرميهم بالحجارة وتصيب الحجارة الكعبة فوهنت* وفى الوفاء حاصر مكة أربعة وستين يوما جرى فيها قتال شديد ودقت الكعبة بالمجانيق يوم السبت ثالث ربيع الاوّل وأخذ رجل قبسا فى رأس رمح فطارت به الريح فاحترق البيت* وفى أسد الغابة فى هذا الحصر احترقت الكعبة واحترق فيها قرن الكبش الذى فدى به اسمعيل بن ابراهيم الخليل وكان معلقا فى الكعبة ودام الحرب بينهم الى ان فرّج الله عن ابن الزبير وأصحابه بوصول نعى يزيد بن معاوية ومات يزيد فى منتصف ربيع الاوّل سنة أربع وستين وكان وصول نعيه ليلة الثلاثاء لثلاث مضين من شهر ربيع الاخر سنة أربع وستين وكان بين وقعة الحرّة وبين موته ثلاثة أشهر وقال القرطبى دون ثلاثة أشهر وبلغ نعيه ابن الزبير قبل ان يبلغ الحصين وبعث الى الحصين من يعلمه بموت يزيد ويحسن له ترك القتال ويعظم عليه أمر الحرم وما أصاب الكعبة فمال الى ذلك وأدبر الى الشام لخمس ليال خلون من ربيع الاخر سنة أربع وستين بعد ان اجتمع بابن الزبير فى الليلة التى تلى اليوم الذى بلغه فيه نعى يزيد وسأل ابن الزبير أن يبايع له هو ومن معه من أهل الشام على أن يذهب معهم ابن الزبير الى الشام ويؤمّن الناس ويهدر الدماء التى كانت بينه وبين أهل الحرم فأبى ابن الزبير ذلك* وفى حياة الحيوان تحصن منه ابن الزبير بالمسجد الحرام ونصب الحصين المنجنيق على أبى قبيس ورمى به الكعبة المعظمة فبيناهم كذلك اذ ورد الخبر على الحصين بموت يزيد بن معاوية فأرسل الى ابن الزبير يسأله الموادعة فأجابه الى ذلك وفتح الابواب واختلط العسكران يطوفان بالبيت فبينا الحصين يطوف ليلة بعد العشاء اذ استقبله ابن الزبير فأخذ الحصين بيده وقال له سرّ اهل لك فى الخروج معى الى الشام فأدعو الناس الى بيعتك فان أمرهم